الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاجِبٌ فِي الْقَعْدَةِ الَّتِي لَا يَعْقُبُهَا السَّلَامُ؛ لأَِنَّهُ يَجِبُ بِتَرْكِهِ سُجُودُ السَّهْوِ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ فِي قَوْلٍ، وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ: سُنِّيَّةَ التَّشَهُّدِ فِي هَذِهِ الْقَعْدَةِ؛ لأَِنَّهُ يَسْقُطُ بِالسَّهْوِ فَأَشْبَهَ السُّنَنَ.
وَأَمَّا التَّشَهُّدُ فِي الْقَعْدَةِ الأَْخِيرَةِ فِي الصَّلَاةِ فَوَاجِبٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الأَْعْرَابِيِّ: إِِذَا رَفَعْتَ رَأْسَكَ مِنْ آخِرِ سَجْدَةٍ، وَقَعَدْتَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُكَ (1) عَلَّقَ التَّمَامَ بِالْقَعْدَةِ دُونَ التَّشَهُّدِ، فَالْفَرْضُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي هَذِهِ الْقَعْدَةِ هُوَ الْجُلُوسُ فَقَطْ، أَمَّا التَّشَهُّدُ فَوَاجِبٌ، يُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ إِنْ تَرَكَ سَهْوًا، وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ تَحْرِيمًا، فَتَجِبُ إِعَادَتُهَا. (2)
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَفِي قَوْلٍ وَاجِبٌ. (3)
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ
(1) حديث: " إذا رفعت رأسك من آخر سجدة. . . " ذكره صاحب الاختيار (1 / 53 ط دار المعرفة) . ولم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر الحديثية.
(2)
انظر الدر المختار ورد المحتار 1 / 307.
(3)
الاختيار لتعليل المختار 1 / 53، 54، وابن عابدين 1 / 306، 313، والقوانين الفقهية / 70، وجواهر الإكليل 1 / 49، وحاشية الدسوقي 1 / 243، 251، والزرقاني 1 / 205، ونهاية المحتاج 1 / 518، والأذكار / 60، وروضة الطالبين 1 / 261، والمغني 1 / 532، 533، وكشاف القناع 1 / 389، 385.
الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَا يُسَمِّيهِ بَعْضُهُمْ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا وَبَعْضُهُمْ رُكْنًا، تَشْبِيهًا لَهُ بِرُكْنِ الْبَيْتِ الَّذِي لَا يَقُومُ إِلَاّ بِهِ (1)
وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَمَعْنَى الْوُجُوبِ عِنْدَ غَيْرِهِمْ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِِلَى مَظَانِّهِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَالأُْصُول. (2) وَانْظُرْ أَيْضًا:(فَرْضٌ، وَوَاجِبٌ) .
أَلْفَاظُ التَّشَهُّدِ:
3 -
يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ أَفْضَل التَّشَهُّدِ، التَّشَهُّدُ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما، وَهُوَ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ (3) .
وَوَجْهُ اخْتِيَارِهِمْ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ مَا رُوِيَ: أَنَّ حَمَّادًا أَخَذَ بِيَدِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ، وَقَال أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ بِيَدَيَّ وَعَلَّمَنِي، وَأَخَذَ
(1) المراجع السابقة.
(2)
ابن عابدين 1 / 64، 1 / 306، وكشاف القناع 1 / 385.
(3)
حديث: " تعليم النبي صلى الله عليه وسلم التشهد لعبد الله بن مسعود ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 311 ط السلفية) . ومسلم (1 / 301 - 302 ط عيسى الحلبي) .
عَلْقَمَةُ بِيَدِ إِبْرَاهِيمَ وَعَلَّمَهُ، وَأَخَذَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه بِيَدِ عَلْقَمَةَ وَعَلَّمَهُ، وَأَخَذَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَعَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ فَقَال: قُل: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ. . . إِِلَى آخِرِهِ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَال: عَلَّمَنِي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التَّشَهُّدَ - كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ - كَمَا يُعَلِّمُنِي سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ، التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ. . . . (1)
لأَِنَّ فِيهِ زِيَادَةَ وَاوِ الْعَطْفِ، وَإِِنَّهُ يُوجِبُ تَعَدُّدَ الثَّنَاءِ؛ لأَِنَّ الْمَعْطُوفَ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، وَبِهِ يَقُول: الثَّوْرِيُّ، وَإِِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ (2) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ أَفْضَل التَّشَهُّدِ تَشَهُّدُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
وَهَذَا لأَِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَهُ عَلَى
(1) حديث عبد الله بن مسعود: " علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد " كتاب الآثار لمحمد الشيباني (ص 146 - 147 ط المجلس العلمي) . والآثار لأبي يوسف (ص 53 ط الاستقامة) . ويشهد للحديث ما قبله.
(2)
الاختيار لتعليل المختار 1 / 53، والمغني 1 / 534، 535، 541 ط الرياض، وكشاف القناع 1 / 388 ط عالم الكتب.
الْمِنْبَرِ، فَلَمْ يُنْكِرُوهُ، فَجَرَى مَجْرَى الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ، وَكَانَ أَيْضًا إِجْمَاعًا. (1)
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَأَفْضَل التَّشَهُّدِ عِنْدَهُمْ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَيَقُول: قُولُوا: التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ، إِلَاّ أَنَّهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. (2)
وَالْخِلَافُ بَيْنَ الأَْئِمَّةِ هُنَا خِلَافٌ فِي الأَْوْلَوِيَّةِ، فَبِأَيِّ تَشَهُّدٍ تَشَهَّدَ مِمَّا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم جَازَ (3) وَمِنَ النَّاسِ مَنِ اخْتَارَ تَشَهُّدَ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ، وَهُوَ أَنْ يَقُول: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الطَّيِّبَاتُ، وَالصَّلَوَاتُ لِلَّهِ. . . وَالْبَاقِي كَتَشَهُّدِ
(1) القوانين الفقهية / 75، وحاشية الدسوقي 1 / 251 ط دار الفكر، وجواهر الإكليل 1 / 52 دار المعرفة.
(2)
الأذكار / 61، 62، وروضة الطالبين 1 / 263. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما:" كان يعلمنا التشهد. . . " أخرجه مسلم (1 / 302 - 303 ط عيسى الحلبي) .
(3)
ابن عابدين 1 / 313، وحاشية الدسوقي 1 / 251، والزرقاني 1 / 216 ط دار الفكر، والأذكار / 62، وروضة الطالبين 1 / 263 ط المكتب الإسلامي، والمغني 1 / 536.