الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي الأَْحْكَامِ، فَلَا يَجِبُ بِإِِتْلَافِهِمَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ، وَهُوَ الضَّمَانُ، فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ فِي الصَّلِيبِ؛ وَلأَِنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، فَالتَّحْرِيمُ ثَابِتٌ فِي حَقِّهِمْ، لَكِنَّا أُمِرْنَا بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لَهُمْ فِيمَا لَا يُظْهِرُونَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الضَّمَانَ نَظَرًا إِِلَى أَصْل التَّحْرِيمِ. وَفِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: إِنَّ الأَْصْنَامَ وَالصُّلْبَانَ لَا يَجِبُ فِي إِبْطَالِهَا شَيْءٌ، لأَِنَّهَا مُحَرَّمَةُ الاِسْتِعْمَال، وَلَا حُرْمَةَ لِصَنْعَتِهَا (أَيْ لَيْسَتْ مُحْتَرَمَةً) وَإِِنَّ الأَْصَحَّ أَنَّهَا لَا تُكْسَرُ الْكَسْرَ الْفَاحِشَ، بَل تُفْصَل لِتَعُودَ كَمَا كَانَتْ قَبْل التَّأْلِيفِ، لِزَوَال الاِسْمِ بِذَلِكَ. وَالْقَوْل الثَّانِي: تُكْسَرُ وَتُرَضَّضُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِِلَى حَدٍّ لَا يُمْكِنُ إِعَادَتُهُ صَنَمًا أَوْ صَلِيبًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ.
وَنَقَل صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ عَنِ الْقَاضِي ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّ الصَّلِيبَ إِنْ كَانَ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ فَلَا يُضْمَنُ إِِذَا كُسِرَ، أَمَّا إِِذَا أُتْلِفَ فَيُضْمَنُ مَكْسُورًا.
وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلِيبِ مِنَ الْخَشَبِ بِأَنَّ الصَّنْعَةَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تَابِعَةٌ؛ لأَِنَّهَا أَقَل قِيمَةً، وَفِي الْخَشَبِ أَوِ الْحَجَرِ هِيَ الأَْصْل فَلَا يُضْمَنُ. فَعَلَيْهِ يُضْمَنُ الصَّلِيبُ الْمَسْتُورُ لِلذِّمِّيِّ إِنْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إِِذَا أَتْلَفَ بِمِثْلِهِ ذَهَبًا بِالْوَزْنِ، وَتُلْغَى صَنْعَتُهُ. قَال الْحَارِثِيُّ: وَلَا
خِلَافَ (1) فِيهِ.
أَهْل الذِّمَّةِ وَالصُّلْبَانِ:
14 -
يَجُوزُ إِقْرَارُ أَهْل الذِّمَّةِ وَالصُّلْحُ مَعَهُمْ عَلَى إِبْقَاءِ صُلْبَانِهِمْ، وَلَكِنْ يُشْتَرَطُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُظْهِرُوهَا، بَل تَكُونُ فِي كَنَائِسِهِمْ وَمَنَازِلِهِمُ الْخَاصَّةِ. وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: إِنَّ الْمُرَادَ بِكَنَائِسِهِمْ كَنَائِسُهُمُ الْقَدِيمَةُ الَّتِي أُقِرُّوا عَلَيْهَا. وَفِي عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه الَّذِي أَخَذَهُ عَلَى نَصَارَى الشَّامِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. هَذَا كِتَابٌ لِعُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ نَصَارَى الشَّامِ: لمَّا قَدِمْتُمْ عَلَيْنَا سَأَلْنَاكُمُ الأَْمَانَ. إِِلَى أَنْ قَالُوا: وَشَرَطْنَا لَكُمْ عَلَى أَنْفُسِنَا أَنْ لَا نُظْهِرَ صَلِيبًا وَلَا كِتَابًا (أَيْ مِنْ كُتُبِ دِينِهِمْ) فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا أَسْوَاقِهِمْ، وَلَا نُظْهِرُ الصَّلِيبَ فِي كَنَائِسِنَا إِلَخْ " وَقَوْلُهُمْ: " فِي كَنَائِسِنَا " الْمُرَادُ بِهِ خَارِجَهَا مِمَّا يَرَاهُ الْمُسْلِمُ. قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: لَا يُمَكَّنُونَ مِنَ التَّصْلِيبِ عَلَى أَبْوَابِ كَنَائِسِهِمْ وَظَوَاهِرِ حِيطَانِهَا، وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ إِِذَا نَقَشُوا دَاخِلَهَا.
وَعَنْ مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ: أَنْ يُمْنَعَ نَصَارَى الشَّامِ أَنْ يَضْرِبُوا
(1) ابن عابدين 5 / 133، وتكملة فتح القدير لقاضي زاده 8 / 284 - 286، وشرح العناية بهامشه 8 / 287، والمغني 5 / 276، وشرح المنهاج بحاشية القليوبي 3 / 33، وكشاف القناع 4 / 78، 116، 132، 133.