الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
د -
إِفْرَادُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِالصَّوْمِ:
15 -
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَحْمَدَ كَمَا يَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ - إِِلَى كَرَاهَةِ إِفْرَادِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِالصَّوْمِ لِلتَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ (1) .
فَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَال: حِينَ صَامَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَإِِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِل إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ (2) قَال: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِل حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَال النَّوَوِيُّ، نَقْلاً عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْحَدِيثِ: لَعَل السَّبَبَ فِي صَوْمِ التَّاسِعِ مَعَ الْعَاشِرِ أَنْ لَا يَتَشَبَّهَ بِالْيَهُودِ فِي إِفْرَادِ الْعَاشِرِ، وَفِي الْحَدِيثِ إِشَارَةٌ إِِلَى هَذَا. (3)
هَذَا، وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ صَوْمَ عَاشُورَاءَ - وَهُوَ الْعَاشِرُ مِنَ الْمُحَرَّمِ - وَتَاسُوعَاءَ - وَهُوَ التَّاسِعُ مِنْهُ (4) -
(1) فتح القدير 2 / 78 ط الأميرية وعمدة القاري 11 / 119، وكشاف القناع 2 / 339.
(2)
حديث: " فإذا كان العام المقبل - إن شاء الله - صمنا اليوم التاسع " أخرجه مسلم (2 / 798 - ط الحلبي) .
(3)
صحيح مسلم بشرح النووي 8 / 12، 13.
(4)
شرح المحلي على المنهاج 2 / 73، والمغني 3 / 174.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَصُومَ قَبْل عَاشُورَاءَ يَوْمًا وَبَعْدَهُ يَوْمًا. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: نَدْبُ صَوْمِ عَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ وَالثَّمَانِيَةِ قَبْلَهُ (2) . وَتَفْصِيل ر: (صَوْمٌ، وَعَاشُورَاءُ) .
رَابِعًا: التَّشَبُّهُ بِالْفَسَقَةِ:
16 -
قَال الْقُرْطُبِيُّ: لَوْ خُصَّ أَهْل الْفُسُوقِ وَالْمُجُونِ بِلِبَاسٍ مُنِعَ لُبْسُهُ لِغَيْرِهِمْ، فَقَدْ يَظُنُّ بِهِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ أَنَّهُ مِنْهُمْ، فَيُظَنُّ بِهِ ظَنُّ السَّوْءِ فَيَأْثَمُ الظَّانُّ وَالْمَظْنُونُ فِيهِ بِسَبَبِ الْعَوْنِ عَلَيْهِ.
وَلِلتَّفْصِيل ر: (شَهَادَةٌ، فِسْقٌ) .
خَامِسًا - تَشَبُّهُ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ وَعَكْسُهُ:
17 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِِلَى تَحْرِيمِ تَشَبُّهِ النِّسَاءِ بِالرِّجَال وَالرِّجَال بِالنِّسَاءِ. (3)
فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما
(1) فتح القدير 2 / 78 ط الأميرية.
(2)
الشرح الصغير 1 / 691، 692.
(3)
نيل الأوطار 2 / 117 ط دار الجيل، وعمدة القاري 22 / 41 ط المنيرية، وعون المعبود 11 / 156 ط دار الفكر، ونهاية المحتاج 2 / 362، وروضة الطالبين 2 / 263، والزواجز 1 / 144 ط مصطفى الحلبي، والكبائر ص 134 ط المكتبة الأميرية، وكشاف القناع 1 / 283، 2 / 239، وإعلام الموقعين 4 / 402 نشر مكتبة الكليات الأزهرية.
أَنَّهُ قَال: لَعَنَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَال (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِِلَى كَرَاهَةِ تَشَبُّهِ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ وَعَكْسِهِ. (2)
وَالتَّشَبُّهُ يَكُونُ فِي اللِّبَاسِ وَالْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ وَالتَّصَنُّعِ بِالأَْعْضَاءِ وَالأَْصْوَاتِ. (3)
وَمِثَال ذَلِكَ: تَشَبُّهُ الرِّجَال بِالنِّسَاءِ فِي اللِّبَاسِ وَالزِّينَةِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِالنِّسَاءِ، مِثْل لُبْسِ الْمَقَانِعِ وَالْقَلَائِدِ وَالْمَخَانِقِ وَالأَْسْوِرَةِ وَالْخَلَاخِل وَالْقُرْطِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ لِلرِّجَال لُبْسُهُ. وَكَذَلِكَ التَّشَبُّهُ بِهِنَّ فِي الأَْفْعَال الَّتِي هِيَ مَخْصُوصَةٌ بِهَا كَالاِنْخِنَاثِ فِي الأَْجْسَامِ وَالتَّأَنُّثِ فِي الْكَلَامِ وَالْمَشْيِ. (4)
كَذَلِكَ تَشَبُّهُ النِّسَاءِ بِالرِّجَال فِي زِيِّهِمْ أَوْ مَشْيِهِمْ أَوْ رَفْعِ صَوْتِهِمْ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. (5)
وَهَيْئَةُ اللِّبَاسِ قَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ كُل بَلَدٍ، فَقَدْ لَا يَفْتَرِقُ زِيُّ نِسَائِهِمْ عَنْ زِيِّ رِجَالِهِمْ
(1) حديث: " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 332 - ط السلفية)
(2)
الزواجر 1 / 144، وكشاف القناع 2 / 239، والآداب الشرعية 3 / 540.
(3)
فيض القدير 5 / 269.
(4)
عمدة القاري 22 / 41.
(5)
فيض القدير 5 / 269.
لَكِنْ تَمْتَازُ النِّسَاءُ بِالاِحْتِجَابِ وَالاِسْتِتَارِ. (1)
قَال الإِِْسْنَوِيُّ: إِنَّ الْعِبْرَةَ فِي لِبَاسِ وَزِيِّ كُلٍّ مِنَ النَّوْعَيْنِ - حَتَّى يَحْرُمَ التَّشَبُّهُ بِهِ فِيهِ - بِعُرْفِ كُل نَاحِيَةٍ. (2)
وَأَمَّا ذَمُّ التَّشَبُّهِ بِالْكَلَامِ وَالْمَشْيِ فَمُخْتَصٌّ بِمَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَصْل خِلْقَتِهِ فَإِِنَّمَا يُؤْمَرُ بِتَكَلُّفِ تَرْكِهِ وَالإِِْدْمَانِ عَلَى ذَلِكَ بِالتَّدْرِيجِ، فَإِِنْ لَمْ يَفْعَل وَتَمَادَى دَخَلَهُ الذَّمُّ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ بَدَا مِنْهُ مَا يَدُل عَلَى الرِّضَا بِهِ. (3)
هَذَا وَيَجِبُ إِنْكَارُ التَّشَبُّهِ بِالْيَدِ، فَإِِنْ عَجَزَ فَبِاللِّسَانِ مَعَ أَمْنِ الْعَاقِبَةِ، فَإِِنْ عَجَزَ فَبِقَلْبِهِ كَسَائِرِ الْمُنْكَرَاتِ. (4)
وَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَ زَوْجَتَهُ مِمَّا تَقَعُ فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَال فِي لِبْسَةٍ أَوْ مِشْيَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا، امْتِثَالاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (5) أَيْ بِتَعْلِيمِهِمْ وَتَأْدِيبِهِمْ وَأَمْرِهِمْ بِطَاعَةِ رَبِّهِمْ وَنَهْيِهِمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ. (6)
(1) عمدة القاري 22 / 41.
(2)
نهاية المحتاج 2 / 362.
(3)
فتح الباري 10 / 332، وفيض القدير 5 / 271.
(4)
كشاف القناع 2 / 239.
(5)
سورة التحريم / 6.
(6)
الزواجر 1 / 145 ط مصطفى الحلبي، والكبائر ص 134.