الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَلَكِنْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما ذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أُولَئِكَ قَوْمٌ كَانُوا إِِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُل الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ. أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ. (1)
قَال: فَإِِنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَائِزًا فِي شَرِيعَتِهِمْ مَا أَطْلَقَ عَلَى الَّذِي فَعَلَهُ أَنَّهُ شَرُّ الْخَلْقِ، هَكَذَا قَال. لَكِنَّ الأَْظْهَرَ أَنَّهُ ذَمَّهُمْ لِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ، وَلِجَعْلِهِمُ الصُّوَرَ فِي الْمَسَاجِدِ، لَا لِمُطْلَقِ التَّصْوِيرِ، لِيُوَافِقَ الآْيَةَ، (2) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
تَصْوِيرُ صُورَةِ الإِِْنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ فِي الشَّرِيعَةِ الإِِْسْلَامِيَّةِ:
19 -
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ تَصْوِيرِ ذَوَاتِ الأَْرْوَاحِ مِنَ الإِِْنْسَانِ أَوِ الْحَيَوَانِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
20 -
الْقَوْل الأَْوَّل:
إِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ حَرَامٍ. وَلَا يَحْرُمُ مِنْهُ إِلَاّ أَنْ يَصْنَعَ صَنَمًا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ
(1) حديث: " أولئك قوم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 524 - ط السلفية) . ومسلم (1 / 376 - ط الحلبي) .
(2)
فتح الباري 10 / 382 (كتاب اللباس ب 88) ، وأحكام القرآن للجصاص 3 / 372 نشر نظارة الأوقاف بالقسطنطينية سنة 1338 هـ، في تفسير سورة سبأ.
تَعَالَى، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قَال أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (1) وَلِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَْصْنَامِ (2) - وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِالإِِْبَاحَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي حَقِّ سُلَيْمَانَ عليه السلام: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيل وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} (3) قَالُوا: وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} (4) .
وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَقِّ الْمُصَوِّرِينَ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ (5) وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الَّذِينَ يُشَبِّهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ تبارك وتعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا ذَرَّةً (6) قَالُوا: وَلَوْ كَانَ هَذَا عَلَى ظَاهِرِهِ لَاقْتَضَى تَحْرِيمَ تَصْوِيرِ الشَّجَرِ وَالْجِبَال وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ
(1) سورة الصافات / 95 - 96.
(2)
حديث: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 424 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1207 - ط الحلبي) .
(3)
سورة سبأ / 13.
(4)
سورة الأنعام / 90.
(5)
الحديث تقدم تخريجه (ف / 15) .
(6)
حديث: " ومن أظلم ممن ذهب. . . " سبق تخريجه (ف / 15) .