الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَقُول الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: لَوْ قَال الْعَالِمُ لِجَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ: لَا تَسْمَعُوا الْحَدِيثَ مِنْ فُلَانٍ فَإِِنَّهُ يَخْلِطُ أَوْ لَا تَسْتَفْتُوا مِنْهُ فَإِِنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْفَتْوَى فَهَذَا نُصْحٌ لِلنَّاسِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي الأُْمِّ.
قَال: وَلَيْسَ هَذَا بِغِيبَةٍ إِنْ كَانَ يَقُولُهُ لِمَنْ يَخَافُ أَنْ يَتْبَعَهُ وَيُخْطِئَ بِاتِّبَاعِهِ. (1) وَمِثْلُهُ فِي الْفَوَاكِهِ الدَّوَانِي. (2)
وَيَقُول النَّوَوِيُّ: يَجُوزُ تَحْذِيرُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الشَّرِّ وَنَصِيحَتُهُمْ، وَذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا: جَرْحُ الْمَجْرُوحِينَ مِنَ الرُّوَاةِ لِلْحَدِيثِ وَالشُّهُودِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ بِإِِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، بَل وَاجِبٌ لِلْحَاجَةِ.
وَمِنْهَا: إِِذَا اسْتَشَارَكَ إِنْسَانٌ فِي مُصَاهَرَتِهِ أَوْ مُشَارَكَتِهِ أَوْ إِيدَاعِهِ أَوِ الإِِْيدَاعِ عِنْدَهُ أَوْ مُعَامَلَتِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ، وَجَبَ عَلَيْكَ أَنْ تَذْكُرَ لَهُ مَا تَعْلَمُهُ مِنْهُ عَلَى جِهَةِ النَّصِيحَةِ. (3)
وَفِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ: يُنْكَرُ عَلَى مَنْ تَصَدَّى لِلتَّدْرِيسِ وَالْفَتْوَى وَالْوَعْظِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِ، وَيُشَهَّرُ أَمْرُهُ لِئَلَاّ يُغْتَرَّ بِهِ. (4)
ثَانِيًا: التَّشْهِيرُ مِنْ الْحَاكِمِ:
تَشْهِيرُ الْحَاكِمِ لِبَعْضِ النَّاسِ يَكُونُ فِي الْحُدُودِ أَوْ فِي التَّعْزِيرِ.
(1) مغني المحتاج 4 / 435.
(2)
الفواكه الدواني 2 / 270.
(3)
الأذكار للنووي / 292.
(4)
مغني المحتاج 4 / 211.
أ -
بِالنِّسْبَةِ لِلْحُدُودِ:
7 -
قَال الْفُقَهَاءُ: يَنْبَغِي أَنْ تُقَامَ الْحُدُودُ فِي مَلأٍَ مِنَ النَّاسِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (1)، قَال الْكَاسَانِيُّ: وَالنَّصُّ وَإِِنْ وَرَدَ فِي حَدِّ الزِّنَى، لَكِنَّ النَّصَّ الْوَارِدَ فِيهِ يَكُونُ وَارِدًا فِي سَائِرِ الْحُدُودِ دَلَالَةً، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْحُدُودِ كُلِّهَا وَاحِدٌ، وَهُوَ زَجْرُ الْعَامَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُل إِلَاّ وَأَنْ تَكُونَ الإِِْقَامَةُ عَلَى رَأْسِ الْعَامَّةِ؛ لأَِنَّ الْحُضُورَ يَنْزَجِرُونَ بِأَنْفُسِهِمْ بِالْمُعَايَنَةِ، وَالْغَائِبِينَ يَنْزَجِرُونَ بِإِِخْبَارِ الْحُضُورِ، فَيَحْصُل الزَّجْرُ لِلْكُل. (2)
وَقَال عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِقَامَةُ الْحَدِّ عَلَانِيَةً وَغَيْرَ سِرٍّ، لِيَتَنَاهَى النَّاسُ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. (3)
وَقَال مُطَرِّفٌ: وَمِنْ أَمْرِ النَّاسِ عِنْدَنَا الشَّهْرُ لأَِهْل الْفِسْقِ رِجَالاً وَنِسَاءً، وَالإِِْعْلَامُ بِجَلْدِهِمْ فِي الْحُدُودِ وَمَا يَلْزَمُهُمْ مِنَ الْعُقُوبَةِ وَكَشْفُ وَجْهِ الْمَرْأَةِ. (4)
وَسُئِل الإِِْمَامُ مَالِكٌ عَنْ الْمَجْلُودِ فِي الْخَمْرِ وَالْفِرْيَةِ: أَتَرَى أَنْ يُطَافَ بِهِمْ وَبِشُرَّابِ الْخَمْرِ؟ قَال: إِِذَا كَانَ فَاسِقًا مُدْمِنًا فَأَرَى أَنْ يُطَافَ بِهِمْ،
(1) سورة النور / 2.
(2)
بدائع الصنائع 7 / 60، 61.
(3)
التبصرة بهامش فتح العلي المالك 2 / 269.
(4)
التبصرة 2 / 183.