الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَبْدُوَ مِنْ فِيهِ أَوْ أَنْفِهِ مَا يُؤْذِي جَلِيسَهُ. وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالاً لِئَلَاّ يَتَضَرَّرَ بِذَلِكَ. قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: الْحِكْمَةُ فِي خَفْضِ الصَّوْتِ بِالْعُطَاسِ: أَنَّ رَفْعَهُ إِزْعَاجًا لِلأَْعْضَاءِ. وَفِي تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ: أَنَّهُ لَوْ بَدَرَ مِنْهُ شَيْءٌ آذَى جَلِيسَهُ. وَلَوْ لَوَى عُنُقَهُ صِيَانَةً لِجَلِيسِهِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ الاِلْتِوَاءِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ، وَخَفَضَ أَوْ غَضَّ بِهَا صَوْتَهُ. (1)
حِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّةِ التَّشْمِيتِ:
5 -
قَال ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: مِنْ فَوَائِدِ التَّشْمِيتِ تَحْصِيل الْمَوَدَّةِ، وَالتَّأْلِيفُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَأْدِيبُ الْعَاطِسِ بِكَسْرِ النَّفْسِ عَنِ الْكِبْرِ، وَالْحَمْل عَلَى التَّوَاضُعِ لِمَا فِي ذِكْرِ الرَّحْمَةِ مِنَ الإِِْشْعَارِ بِالذَّنْبِ الَّذِي لَا يَعْرَى عَنْهُ أَكْثَرُ الْمُكَلَّفِينَ. (2)
التَّشْمِيتُ أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ:
6 -
كَرِهَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ التَّشْمِيتَ أَثْنَاءَ الْخُطْبَةِ، (3) وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْجَدِيدِ: أَنَّ
(1) حديث: " كان إذا عطس وضع يده. . . " أخرجه أبو داود (5 / 288 - طبع عزت عبيد دعاس) وجوده ابن حجر في الفتح (10 / 602 - ط السلفية) .
(2)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر 10 / 602.
(3)
ابن عابدين 1 / 551، والشرح الكبير 1 / 386.
الْكَلَامَ عِنْدَ الْخُطْبَةِ لَا يَحْرُمُ، وَيُسَنُّ الإِِْنْصَاتُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّشْمِيتِ وَغَيْرِهِ، وَاسْتَدَل بِمَا رَوَى أَنَسٌ رضي الله عنه قَال: دَخَل رَجُلٌ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَال: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَأَشَارَ النَّاسُ إِلَيْهِ أَنِ اسْكُتْ فَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الثَّالِثَةِ: مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَال: حُبُّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَال: إِنَّكَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ (1) وَإِِذْ جَازَ هَذَا فِي الْخُطْبَةِ جَازَ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ أَثْنَاءَهَا.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ الْقَدِيمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الإِِْنْصَاتَ لِسَمَاعِ الْخُطْبَةِ وَاجِبٌ. لِمَا رَوَى جَابِرٌ رضي الله عنه قَال: دَخَل ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ فَجَلَسَ إِِلَى أُبَيٍّ رضي الله عنه فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، فَسَكَتَ حَتَّى صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَال لَهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ؟ فَقَال: إِنَّكَ لَمْ تَشْهَدْ مَعَنَا الْجُمُعَةَ. قَال: وَلِمَ؟ قَال: لأَِنَّكَ تَكَلَّمْتَ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ، فَقَامَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَدَخَل عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ لَهُ، فَقَال: صَدَقَ أُبَيٌّ (2) وَإِِذَا كَانَ
(1) حديث: " دخل رجل والنبي صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر " أخرجه البيهقي (3 / 221 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ابن خزيمة (3 / 149 - ط المكتب الإسلامي) .
(2)
حديث: " صدق أبي " عن جابر قال: دخل عبد الله بن مسعود المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب أورده الهيثمي في المجمع (2 / 185 - ط القدسي) وقال: " رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط بنحوه، وفي الكبير باختصار، ورجال أبي يعلى ثقات ".