الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا تُتَّخَذُ لِلإِِْبْقَاءِ، كَالَّتِي تُعْمَل مِنَ الْعَجِينِ وَأَشْهَرُ الْقَوْلَيْنِ الْمَنْعُ. وَكَذَا نَقَلَهُمَا الْعَدَوِيُّ وَقَال: إِنَّ الْقَوْل بِالْجَوَازِ هُوَ لأَِصْبَغَ. وَمَثَّل لَهُ بِمَا يُصْنَعُ مِنْ عَجِينٍ أَوْ قِشْرِ بِطِّيخٍ؛ لأَِنَّهُ إِِذَا نَشَفَ تَقَطَّعَ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يَحْرُمُ صُنْعُهَا وَلَا يَحْرُمُ بَيْعُهَا. (1)
وَلَمْ نَجِدْ عِنْدَ غَيْرِهِمْ نَصًّا فِي ذَلِكَ.
سَابِعًا: صِنَاعَةُ لُعَبِ الْبَنَاتِ:
37 -
اسْتَثْنَى أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ وَصِنَاعَةِ التَّمَاثِيل صِنَاعَةَ لُعَبِ الْبَنَاتِ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَقَدْ نَقَل الْقَاضِي عِيَاضٌ جَوَازَهُ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَتَابَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، فَقَال: يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ تَصْوِيرِ مَا لَهُ ظِلٌّ، وَمِنِ اتِّخَاذِهِ لُعَبَ الْبَنَاتِ، لِمَا وَرَدَ مِنَ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ.
وَهَذَا يَعْنِي جَوَازَهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتِ اللُّعَبُ عَلَى هَيْئَةِ تِمْثَال إِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ، مُجَسَّمَةً أَوْ غَيْرَ مُجَسَّمَةٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْحَيَوَانَاتِ أَمْ لَا، كَفَرَسٍ لَهُ جَنَاحَانِ.
وَقَدِ اشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ لِلْجَوَازِ أَنْ تَكُونَ مَقْطُوعَةَ الرُّءُوسِ، أَوْ نَاقِصَةَ عُضْوٍ لَا تَبْقَى الْحَيَاةُ بِدُونِهِ. وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ
(1) فتح الباري 10 / 388، والدسوقي 2 / 337، والخرشي 3 / 303، والقليوبي على شرح المنهاج 3 / 297.
ذَلِكَ. (1)
38 -
وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ لِهَذَا الاِسْتِثْنَاءِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كُنْتُ أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِِذَا دَخَل يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ، فَيَلْعَبْنَ مَعِي. (2)
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ: قَدِمَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكٍ أَوْ خَيْبَرَ، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّتْ رِيحٌ، فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ، فَقَال: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ قَالَتْ: بَنَاتِي. وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهَا جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ، فَقَال: مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسَطَهُنَّ؟ قَالَتْ: فَرَسٌ. قَال: وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟ قَالَتْ: جَنَاحَانِ. فَقَال: فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟ قَالَتْ: أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلاً لَهَا أَجْنِحَةٌ؟ قَالَتْ: فَضَحِكَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ. (3)
وَقَدْ عَلَّل الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ هَذَا الاِسْتِثْنَاءَ لِصِنَاعَةِ اللُّعَبِ بِالْحَاجَةِ إِِلَى تَدْرِيبِهِنَّ عَلَى أَمْرِ تَرْبِيَةِ الأَْوْلَادِ.
(1) فتح الباري 10 / 395، 527، وحاشية الدسوقي 2 / 338، وأسنى المطالب وحاشية الرملي 3 / 226، ونهاية المحتاج 6 / 297، وكشاف القناع 1 / 280.
(2)
حديث عائشة: " كنت ألعب بالبنات. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 526 ط السلفية)
(3)
حديث عائشة: " قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر. . . "، أخرجه أبو داود (5 / 227 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وإسناده صحيح.