الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اعْتَبَرْنَا الْمَعْنَى فَإِِقَالَةٌ. (1)
ثَالِثًا - تَصْحِيحُ الْعِبَادَةِ إِِذَا طَرَأَ عَلَيْهَا مَا يُفْسِدُهَا:
15 -
مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي تَطْرَأُ عَلَى الْعِبَادَةِ مَا لَا يُمْكِنُ إِزَالَتُهُ أَوْ تَلَافِيهِ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ وَالْحَدَثِ وَالْجِمَاعِ، فَهَذِهِ الأُْمُورُ لَا يُمْكِنُ تَلَافِيهَا، وَهِيَ تُعْتَبَرُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْعِبَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ. هَذَا مَعَ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي التَّفْصِيل فِيهَا بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ، وَبَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَالْجَهْل، وَمَا هُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ.
فَإِِذَا طَرَأَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْعِبَادَةِ فَفَسَدَتْ فِعْلاً - عِنْدَ مَنْ يَعْتَبِرُ ذَلِكَ مُفْسِدًا - فَلَا مَجَال لِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ، وَيَلْزَمُ إِعَادَتُهَا إِنِ اتَّسَعَ وَقْتُهَا، أَوْ قَضَاؤُهَا إِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (إِعَادَةٌ - قَضَاءٌ) .
وَالْكَلَامُ هُنَا إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْعِبَادَةِ مِمَّا يُعْتَبَرُ مِنَ الْمُفْسِدَاتِ مَعَ إِمْكَانِ إِزَالَةِ الْمُفْسِدِ أَوْ تَلَافِيهِ لِتَصِحَّ الْعِبَادَةُ، مِثْل طُرُوءِ النَّجَاسَةِ أَوْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ.
وَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى: أَنَّهُ إِِذَا طَرَأَ عَلَى الْعِبَادَةِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُفْسِدَهَا لَوِ اسْتَمَرَّ وَأَمْكَنَ تَلَافِيهِ وَإِِزَالَتُهُ وَجَبَ فِعْل ذَلِكَ لِتَصْحِيحِ الْعِبَادَةِ.
(1) الأشباه للسيوطي ص 183 - 184، 185 ط عيسى الحلبي.
وَنَظَرًا لِتَعَذُّرِ حَصْرِ مِثْل هَذِهِ الْمَسَائِل لِكَثْرَةِ فُرُوعِهَا فِي أَبْوَابِ الْعِبَادَةِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَيُكْتَفَى بِذِكْرِ بَعْضِ الأَْمْثِلَةِ الَّتِي تُوَضِّحُ ذَلِكَ:
16 -
مَنِ اجْتَهَدَ فِي مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ، وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ اسْتَدَارَ إِِلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إِلَيْهَا، وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ.
وَكَذَلِكَ إِِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ، وَبَانَ لَهُ يَقِينُ الْخَطَأِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ خَبَرٍ عَنْ يَقِينٍ فَإِِنَّهُ يَسْتَدِيرُ إِِلَى جِهَةِ الصَّوَابِ وَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى.
وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَهْل قُبَاءَ لَمَّا بَلَغَهُمْ نَسْخُ الْقِبْلَةِ وَهُمْ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ اسْتَدَارُوا إِلَيْهَا، وَاسْتَحْسَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِعْل أَهْل قُبَاءَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالإِِْعَادَةِ (1) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (اسْتِقْبَالٌ - قِبْلَةٌ - صَلَاةٌ) .
17 -
مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يَابِسَةٌ - وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ - فَأَزَالَهَا سَرِيعًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَال: بَيْنَمَا رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ
(1) الاختيار 1 / 47، وابن عابدين 1 / 291، وجواهر الإكليل 1 / 45، وأسنى المطالب 1 / 139، والمغني 1 / 445. وحديث:" نسخ القبلة " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 506 - ط السلفية) ومسلم (1 / 375 - ط عيسى الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ ذَلِكَ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ قَال: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ؟ . قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا. فَقَال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ جِبْرِيل أَتَانِي، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا. (1)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (نَجَاسَةٌ - صَلَاةٌ) .
18 -
مَنْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ - بِأَنْ أَطَارَتِ الرِّيحُ سُتْرَتَهُ فَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ - فَإِِنْ أَعَادَهَا سَرِيعًا صَحَّتْ صَلَاتُهُ. (2)
وَلَوْ صَلَّى عُرْيَانًا لِعَدَمِ وُجُودِ سُتْرَةٍ، ثُمَّ وَجَدَ سُتْرَةً قَرِيبَةً مِنْهُ سَتَرَ بِهَا مَا وَجَبَ سَتْرُهُ، وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ، قِيَاسًا عَلَى أَهْل قُبَاءَ لَمَّا عَلِمُوا بِتَحْوِيل الْقِبْلَةِ اسْتَدَارُوا إِلَيْهَا وَأَتَمُّوا صَلَاتَهُمْ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (عَوْرَةٌ - صَلَاةٌ) .
19 -
إِنْ خَفَّ فِي الصَّلَاةِ مَعْذُورٌ بِعُذْرٍ مُسَوِّغٍ لِلاِسْتِنَادِ أَوِ الْجُلُوسِ أَوِ الاِضْطِجَاعِ انْتَقَل لِلأَْعْلَى، كَمُسْتَنِدٍ قَدَرَ عَلَى الاِسْتِقْلَال،
(1) البدائع 1 / 221، والدسوقي 1 / 70، والمهذب 1 / 94، وشرح منتهى الإرادات 1 / 153. وحديث أبي سعيد الخدري:" إن جبريل أتاني فأخبرني. . . " أخرجه أبو داود (1 / 426 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 260 - 4 دائرة المعارف العثمانية) وصححه.
(2)
ابن عابدين 1 / 273، والبدائع 1 / 239، والدسوقي 1 / 22، والمهذب 1 / 73، 94، وشرح منتهى الإرادات 1 / 143 - 144، 146.
وَجَالِسٍ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ انْتَقَل وُجُوبًا، فَإِِنْ تَرَكَهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ (1) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (عُذْرٌ - صَلَاةٌ) .
20 -
مَنْ عَلِمَ فِي أَثْنَاءِ طَوَافِهِ بِنَجَسٍ فِي بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ طَرَحَهُ أَوْ غَسَلَهُمَا، وَبَنَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ طَوَافِهِ إِنْ لَمْ يُطِل، وَإِِلَاّ بَطَل طَوَافُهُ لِعَدَمِ الْمُوَالَاةِ. (2)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي (طَوَافٌ) .
21 -
هَذَا، وَمِنْ تَصْحِيحِ الْعِبَادَةِ مَا يَدْخُل تَحْتَ قَاعِدَةِ: بُطْلَانُ الْخُصُوصِ لَا يُبْطِل الْعُمُومَ.
جَاءَ فِي الْمَنْثُورِ: لَوْ تَحَرَّمَ بِالْفَرْضِ مُنْفَرِدًا فَحَضَرَتْ جَمَاعَةٌ، قَال الشَّافِعِيُّ: أَحْبَبْتُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَتَكُونُ نَافِلَةً، وَيُصَلِّي الْفَرْضَ، فَصَحَّحَ النَّفَل مَعَ إِبْطَال الْفَرْضِ.
وَإِِذَا تَحَرَّمَ بِالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ قَبْل وَقْتِهَا ظَانًّا دُخُولَهُ بَطَل خُصُوصُ كَوْنِهَا ظُهْرًا، وَيَبْقَى عُمُومُ كَوْنِهَا نَفْلاً فِي الأَْصَحِّ.
وَإِِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْل أَشْهُرِهِ فَفِي انْعِقَادِهِ عُمْرَةً قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ. (3) وَحَكَاهُ فِي الْمُهَذَّبِ قَوْلاً وَاحِدًا، قَال: لأَِنَّهَا عِبَادَةٌ مُؤَقَّتَةٌ، فَإِِذَا عَقَدَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا انْعَقَدَ غَيْرُهَا مِنْ
(1) ابن عابدين 1 / 511، وجواهر الإكليل 1 / 56، والمنثور في القواعد 1 / 117، وشرح منتهى الإرادات 1 / 272.
(2)
جواهر الإكليل 1 / 174.
(3)
المنثور في القواعد 1 / 113، 114، 115.