الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَوَازَ صِنَاعَةِ شَيْءٍ مِنْهَا إِِذَا عُلِمَ أَنَّ الشَّخْصَ الْمَصْنُوعَةَ لَهُ يَعْبُدُ تِلْكَ الصُّورَةَ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَذَلِكَ كَعُبَّادِ الشَّمْسِ أَوِ النُّجُومِ. أَشَارَ إِِلَى ذَلِكَ ابْنُ عَابِدِينَ. وَيُسْتَدَل لِحُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي التَّصْوِيرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِمَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ التَّالِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا.
وَقَدْ نَقَل ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّهُ نَقَل وَجْهًا بِمَنْعِ تَصْوِيرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ؛ لأَِنَّ مِنَ الْكُفَّارِ مَنْ عَبَدَهُمَا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَيَمْتَنِعُ تَصْوِيرُهُمَا لِذَلِكَ. وَوَجَّهَهُ ابْنُ حَجَرٍ بِعُمُومِ قَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ (1) وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ خَلْقًا كَخَلْقِي (2) فَإِِنَّهُ يَتَنَاوَل مَا فِيهِ رُوحٌ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ. غَيْرَ أَنَّ هَذَا مُؤَوَّلٌ وَخَاصٌّ بِمَا فِيهِ رُوحٌ كَمَا يَأْتِي. (3)
(1) حديث: " الذين يضاهون بخلق الله " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 387 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1668 - ط الحلبي) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(2)
حديث: " ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 385 - ط السلفية) . ومسلم (3 / 1671 - ط الحلبي) .
(3)
ابن عابدين 1 / 435، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 1 / 274، وشرح المنهاج للنووي وحاشية القليوبي عليه 3 / 297 ط عيسى الحلبي، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير المالكي 2 / 338 ط عيسى الحلبي، وفتح الباري 10 / 394 ط السلفية.
د -
تَصْوِيرُ النَّبَاتَاتِ وَالأَْشْجَارِ:
16 -
جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ شَرْعًا بِتَصْوِيرِ الأَْعْشَابِ وَالأَْشْجَارِ وَالثِّمَارِ وَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ النَّبَاتِيَّةِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مُثْمِرَةً أَمْ لَا، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَدْخُل فِيمَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ التَّصَاوِيرِ.
وَلَمْ يُنْقَل فِي ذَلِكَ خِلَافٌ، إِلَاّ مَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ رَأَى تَحْرِيمَ تَصْوِيرِ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ دُونَ الشَّجَرِ غَيْرِ الْمُثْمِرِ. قَال عِيَاضٌ: هَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ غَيْرُ مُجَاهِدٍ. قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَأَظُنُّ مُجَاهِدًا سَمِعَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَفِيهِ: فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً (1) ، وَلْيَخْلُقُوا شَعِيرَةً (2) فَإِِنَّ فِي ذِكْرِ الذَّرَّةِ إِشَارَةٌ إِِلَى مَا فِيهِ رُوحُ، وَفِي ذِكْرِ الشَّعِيرَةِ إِشَارَةٌ إِِلَى مَا يَنْبُتُ مِمَّا يُؤْكَل، وَأَمَّا مَا لَا رُوحَ فِيهِ وَلَا يُثْمِرُ فَلَمْ تَقَعِ الإِِْشَارَةُ إِلَيْهِ. (3)
وَكَرَاهَةُ تَصْوِيرِ النَّبَاتَاتِ وَالأَْشْجَارِ وَجْهٌ فِي
(1) المراد بالذرة في الحديث النملة الصغير كما في المصباح المنير.
(2)
حديث: " فليخلقوا ذرة، وليخلقوا شعيرة " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 385 - ط السلفية) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
الأثر عن مجاهد أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (ط الهند بومباي الدار السلفية 1399 هـ) 8 / 507، ونقله عنه الكثير، انظر مثلا: فتح الباري 10 / 395 (كتاب اللباس ب 97)، وانظر أيضا: الطحطاوي على الدر 1 / 273، وشرح المنهاج بحاشية القليوبي 3 / 297، وابن عابدين 1 / 436، وشرح الإقناع للشيخ منصور البهوتي، الرياض، مكتبة النصر الحديثة، 1 / 280، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 338.