الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَالْمَذْهَبُ عَلَى خِلَافِهِ. (1)
وَقَدِ احْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ (2) فَخُصَّ النَّهْيُ بِذَوَاتِ الأَْرْوَاحِ وَلَيْسَ الشَّجَرُ مِنْهَا، وَبِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ نَهَى الْمُصَوِّرَ عَنِ التَّصْوِيرِ، ثُمَّ قَال لَهُ: " إِنْ كُنْتَ فَاعِلاً فَصَوِّرِ الشَّجَرَ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ قَال الطَّحَاوِيُّ: وَلأَِنَّ صُورَةَ الْحَيَوَانِ لَمَّا أُبِيحَتْ بَعْدَ قَطْعِ رَأْسِهَا - لأَِنَّهَا لَا تَعِيشُ بِدُونِهِ - دَل ذَلِكَ عَلَى إِبَاحَةِ تَصْوِيرِ مَا لَا رُوحَ فِيهِ أَصْلاً. (3) بَل إِنَّ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ جِبْرِيل عليه السلام قَال لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَال فَلْيَقْطَعْ حَتَّى يَكُونَ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ (4) فَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ الشَّجَرَةَ فِي الأَْصْل لَا يَتَعَلَّقُ النَّهْيُ بِتَصْوِيرِهَا. هَذَا مَا يَذْكُرُهُ الْفُقَهَاءُ فِي الاِسْتِدْلَال عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ تَصْوِيرُ الشَّجَرِ وَالنَّبَاتِ وَمَا لَا رُوحَ فِيهِ.
(1) الآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 514.
(2)
حديث: " من صور صورة في الدنيا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 393 - ط السلفية) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
فتح الباري 10 / 394، 395، والطحطاوي على الدر المختار 1 / 274.
(4)
حديث: " مر برأس التمثال فليقطع حتى يكون كهيئة الشجرة " أخرجه أبو داود (4 / 388 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (5 / 115 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقال: حديث حسن صحيح.
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ جِبْرِيل قَال لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِنَّهَا ثَلَاثٌ، لَنْ يَلِجَ عَلَيْكَ مَلَكٌ مَا دَامَ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْهَا: كَلْبٌ، أَوْ جَنَابَةٌ، أَوْ صُورَةُ رُوحٍ " (1) .
هـ -
تَصْوِيرُ صُورَةِ الْحَيَوَانِ أَوِ الإِِْنْسَانِ:
17 -
هَذَا النَّوْعُ مِنَ التَّصْوِيرِ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَتَفْصِيلٌ يَتَبَيَّنُ فِيمَا يَلِي، وَإِِلَى هَذَا النَّوْعِ خَاصَّةً يَنْصَرِفُ قَوْل مَنْ يُطْلِقُ تَحْرِيمَ التَّصْوِيرِ، دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الأَْنْوَاعِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا.
التَّصْوِيرُ فِي الدِّيَانَاتِ السَّابِقَةِ:
18 -
قَال مُجَاهِدٌ قَوْله تَعَالَى فِي حَقِّ سُلَيْمَانَ عليه السلام وَطَاعَةِ الْجِنِّ لَهُ: {يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيل وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ} (2) قَال: كَانَتْ صُوَرًا مِنْ نُحَاسٍ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ. وَقَال قَتَادَةُ: كَانَتْ مِنَ الزُّجَاجِ وَالْخَشَبِ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ. قَال ابْنُ حَجَرٍ: كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا فِي شَرِيعَتِهِمْ، وَكَانُوا يَعْمَلُونَ أَشْكَال الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ مِنْهُمْ عَلَى هَيْئَتِهِمْ فِي الْعِبَادَةِ لِيَتَعَبَّدُوا كَعِبَادَتِهِمْ. وَقَال أَبُو الْعَالِيَةِ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي شَرِيعَتِهِمْ حَرَامًا. وَقَال مِثْل ذَلِكَ الْجَصَّاصُ.
(1) حديث: " إنها ثلاث: لن يلج عليك ملك مادام فيها. . . " أخرجه أحمد (1 / 85 - ط الميمنية) وفي إسناده جهالة. (الميزان للذهبي 4 / 248 - ط الحلبي) .
(2)
سورة سبأ / 13.