الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ أَتَتَا أَرْضَ الْحَبَشَةِ، فَذَكَرَتَا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَال: أُولَئِكَ إِِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُل الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، ثُمَّ صَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، أُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ (1) فَهَذَا يُفِيدُ تَحْرِيمَ الصُّوَرِ فِي الْمَسَاجِدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الصُّوَرُ فِي الْكَنَائِسِ وَالْمَعَابِدِ غَيْرِ الإِِْسْلَامِيَّةِ:
69 -
الْكَنَائِسُ وَالْمَعَابِدُ الَّتِي أُقِرَّتْ فِي بِلَادِ الإِِْسْلَامِ بِالصُّلْحِ لَا يُتَعَرَّضُ لِمَا فِيهَا مِنَ الصُّوَرِ مَا دَامَتْ فِي الدَّاخِل.
وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ دُخُول الْمُسْلِمِ الْكَنِيسَةَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَتَقَدَّمَ مَا نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه دَخَل الْكَنِيسَةَ بِالْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذَ يَتَفَرَّجُ عَلَى الصُّوَرِ. وَأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَخَذَ عَلَى أَهْل الذِّمَّةِ أَنْ يُوَسِّعُوا أَبْوَابَ كَنَائِسِهِمْ، لِيَدْخُلَهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْمَارَّةُ.
وَلِذَا قَال الْحَنَابِلَةُ: لِلْمُسْلِمِ دُخُول الْكَنِيسَةِ وَالْبِيَعَةِ، وَالصَّلَاةُ فِيهِمَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ.
وَفِي قَوْلٍ آخَرَ لِلْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ: يُكْرَهُ دُخُولُهَا لأَِنَّهَا مَأْوَى الشَّيَاطِينِ.
(1) حديث: " أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح. . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 524 - ط السلفية) ومسلم (1 / 376 - ط الحلبي) .
وَقَال أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ: يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَدْخُل الْكَنِيسَةَ الَّتِي فِيهَا صُوَرٌ مُعَلَّقَةٌ. (1)
رَابِعًا: أَحْكَامُ الصُّوَرِ:
أ -
الصُّوَرُ وَعُقُودُ التَّعَامُل:
70 -
الصُّوَرُ الَّتِي صِنَاعَتُهَا حَلَالٌ - كَالصُّوَرِ الْمُسَطَّحَةِ مُطْلَقًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَالصُّوَرِ الْمَقْطُوعَةِ، وَلُعَبِ الأَْطْفَال، وَالصُّوَرِ مِنَ الْحَلْوَى، وَمَا يَسْرُعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ - عَلَى التَّفْصِيل وَالْخِلَافِ الَّذِي تَقَدَّمَ - يَصِحُّ شِرَاؤُهَا وَبَيْعُهَا وَالأَْمْرُ بِعَمَلِهَا وَالإِِْجَارَةُ عَلَى صُنْعِهَا. وَثَمَنُهَا حَلَالٌ وَالأُْجْرَةُ الْمَأْخُوذَةُ عَلَى صِنَاعَتِهَا حَلَالٌ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ عُقُودِ التَّعَامُل الَّتِي تَجْرِي عَلَيْهَا. وَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَشْتَرِيَ لِمَحْجُورَتِهِ اللُّعَبَ مِنْ مَالِهَا، لِمَا فِيهَا مِنْ مَصْلَحَةِ التَّمْرِينِ كَمَا تَقَدَّمَ.
أَمَّا الصُّوَرُ الْمُحَرَّمَةُ صِنَاعَتُهَا، فَإِِنَّهَا عَلَى الْقَاعِدَةِ الْعَامَّةِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ لَا تَحِل الإِِْجَارَةُ عَلَى صُنْعِهَا، وَلَا تَحِل الأُْجْرَةُ وَلَا الأَْمْرُ بِعَمَلِهَا، وَلَا الإِِْعَانَةُ عَلَى ذَلِكَ. قَال الْقَلْيُوبِيُّ: وَيُسْقِطُ الْمُرُوءَةَ حِرْفَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَالْمُصَوِّرِ. وَشَذَّ الْمَاوَرْدِيُّ فَجَعَل لِلْمُصَوِّرِ أُجْرَةَ الْمِثْل كَمَا فِي تُحْفَةِ الْمُحْتَاجِ.
(1) المغني 7 / 8، والإنصاف 1 / 496، وابن عابدين 1 / 254، والشيخ عميرة البرلسي على شرح المنهاج 4 / 235.