الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ نَفْعِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَأَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ بَيْتِ الْمَال فَلَيْسَ عِوَضًا وَأُجْرَةً، بَل رِزْقٌ لِلإِِْعَانَةِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَمَنْ عَمِل مِنْهُمْ لِلَّهِ أُثِيبَ. وَكَذَلِكَ الْمَال الْمَوْقُوفُ عَلَى أَعْمَال الْبِرِّ وَالْمُوصَى بِهِ كَذَلِكَ، وَالْمَنْذُورُ كَذَلِكَ، لَيْسَ كَالأُْجْرَةِ. وَيَقُول الْقَرَافِيُّ: بَابُ الأَْرْزَاقِ أَدْخَل فِي بَابِ الإِِْحْسَانِ وَأَبْعَدُ عَنْ بَابِ الْمُعَاوَضَةِ، وَبَابُ الإِِْجَارَةِ أَبْعَدُ مِنْ بَابِ الْمُسَامَحَةِ وَأَدْخَل فِي بَابِ الْمُكَايَسَةِ (1)، ثُمَّ يَقُول: الأَْرْزَاقُ مُجْمَعٌ عَلَى جَوَازِهَا، لأَِنَّهَا إِحْسَانٌ وَمَعْرُوفٌ وَإِِعَانَةٌ لَا إِجَارَةٌ (2) .
انْقِلَابُ التَّطَوُّعِ إِِلَى وَاجِبٍ:
29 -
يَنْقَلِبُ التَّطَوُّعُ إِِلَى وَاجِبٍ لأَِسْبَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْهَا:
أ -
الشُّرُوعُ:
30 -
التَّطَوُّعُ بِالْحَجِّ عِنْدَ جَمِيعِ الْفُقَهَاءِ يَصِيرُ وَاجِبًا بِالشُّرُوعِ فِيهِ، بِحَيْثُ إِِذَا فَسَدَ وَجَبَ قَضَاؤُهُ. وَمِثْل ذَلِكَ: الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (3) .
(1) المكايسة: المغالبة والمسامحة (حاشية الدسوقي 3 / 2) .
(2)
الاختيارات الفقهية ص 184، والمغني 3 / 231، والفروق للقرافي 3 / 3، 4. وحديث:" إنما الأعمال بالنيات. . . " سبق تخريجه (ف 24) .
(3)
البدائع 1 / 226 و 2 / 52، 108، 117، والشرح الصغير 1 / 248، ومغني المحتاج 1 / 448، والمغني 3 / 3.
ب -
التَّطَوُّعُ بِالْحَجِّ مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الإِِْسْلَامِ:
31 -
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: مَنْ أَحْرَمَ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ - مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الإِِْسْلَامِ - وَقَعَ عَنْ حَجَّةِ الإِِْسْلَامِ، وَبِهَذَا قَال ابْنُ عُمَرَ وَأَنَسٌ وَالشَّافِعِيُّ؛ لأَِنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَعَلَيْهِ فَرْضُهُ، فَوَقَعَ عَنْ فَرْضِهِ كَالْمُطْلَقِ. وَلَوْ أَحْرَمَ بِتَطَوُّعٍ وَعَلَيْهِ مَنْذُورَةٌ وَقَعَتْ عَنِ الْمَنْذُورَةِ، وَلأَِنَّهَا وَاجِبَةٌ فَهِيَ كَحَجَّةِ الإِِْسْلَامِ. وَالْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ فِيمَا ذَكَرْنَا لأَِنَّهَا أَحَدُ النُّسُكَيْنِ، فَأَشْبَهَتِ الآْخَرَ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِِلَى: أَنَّهُ إِِذَا نَوَى حَجَّةَ نَفْلٍ - وَلَمْ يَكُنْ قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الإِِْسْلَامِ - وَقَعَ عَمَّا نَوَاهُ؛ لأَِنَّ وَقْتَ الْحَجِّ يُشْبِهُ وَقْتَ الصَّلَاةِ (ظَرْفٌ) وَوَقْتُ الصَّوْمِ (مِعْيَارٌ) فَأُعْطِيَ حُكْمَهُمَا، فَيَتَأَدَّى فَرْضُهُ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ، وَيَقَعُ عَنِ النَّفْل إِِذَا نَوَاهُ.
وَقَال ابْنُ نُجَيْمٍ: لَوْ طَافَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَقَعَ عَنِ الْفَرْضِ.
وَفِي الْبَدَائِعِ: لَوْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ عَلَى فَقِيرٍ، وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ أَجْزَأَهُ عَنِ الزَّكَاةِ اسْتِحْسَانًا.
وَالْقِيَاسُ: أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لأَِنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ مَقْصُودَةٌ، فَلَا بُدَّ لَهَا مِنَ النِّيَّةِ. وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ أَنَّ النِّيَّةَ وُجِدَتْ دَلَالَةً، وَعَلَى هَذَا إِِذَا وَهَبَ جَمِيعَ النِّصَابِ مِنَ الْفَقِيرِ، أَوْ نَوَى تَطَوُّعًا، وَلَوْ أَدَّى مِائَةً لَا يَنْوِي الزَّكَاةَ، وَنَوَى تَطَوُّعًا، لَا تَسْقُطُ زَكَاةُ الْمِائَةِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ الْكُل