الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَطْعُ فِي سَرِقَةِ الصَّلِيبِ:
12 -
لَا قَطْعَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي سَرِقَةِ الصَّلِيبِ وَلَوْ كَانَ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَلَوْ جَاوَزَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا. وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مُنْكَرٌ، فَتُتَأَوَّل الإِِْبَاحَةُ لِلسَّارِقِ بِتَأْوِيل نِيَّةِ الْكَسْرِ نَهْيًا عَنِ الْمُنْكَرِ. قَال فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: بِخِلَافِ الدِّرْهَمِ الَّذِي عَلَيْهِ الصُّورَةُ، فَإِِنَّهُ مَا أُعِدَّ لِلْعِبَادَةِ، فَلَا تَثْبُتُ شُبْهَةُ إِبَاحَةِ الْكَسْرِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يُقْطَعُ بِهِ إِنْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ فِي حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ؛ لِكَمَال الْمَالِيَّةِ وَلِوُجُودِ الْحِرْزِ. أَمَّا إِنْ كَانَ فِي مُصَلَاّهُمْ فَسَرَقَهُ، فَلَا قَطْعَ لِعَدَمِ الْحِرْزِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَعَلَى الأَْوَّل لَوْ كَانَ السَّارِقُ ذِمِّيًّا وَسَرَقَ مِنْ حِرْزٍ فَيُقْطَعُ؛ لأَِنَّ الذِّمِّيَّ لَا تَأْوِيل لَهُ. قَال: إِلَاّ أَنْ يُقَال تَأْوِيل غَيْرِهِ يَكْفِي فِي وُجُودِ الشُّبْهَةِ فَلَا يُقْطَعُ (1) وَيَظْهَرُ أَنَّ مَذْهَبَ الْمَالِكِيَّةِ جَارٍ عَلَى مِثْل مَا قَال ابْنُ عَابِدِينَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ، فَإِِنَّهُ لَا قَطْعَ عِنْدَهُمْ فِي سَرِقَةِ الْخَمْرِ، وَلَوْ سَرَقَهَا ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ فِي سَرِقَةِ الصَّلِيبِ كَذَلِكَ (2) .
وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ فِي سَرِقَةِ الْمُحَرَّمِ مِنْ صَلِيبٍ
(1) ابن عابدين 3 / 198، 199، وفتح القدير / 133، وكشاف القناع 6 / 131.
(2)
الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 336.
وَغَيْرِهِ بَيْنَ حَالَتَيْنِ، فَقَالُوا: إِنْ سَرَقَهُ بِقَصْدِ الإِِْنْكَارِ فَلَا قَطْعَ، وَإِِلَاّ فَالأَْصَحُّ - عَلَى مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ - أَنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ إِنْ بَلَغَ مَكْسُورُهُ نِصَابًا. (1)
إِتْلَافُ الصَّلِيبِ:
13 -
مَنْ كَسَرَ صَلِيبًا لِمُسْلِمٍ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ اتِّفَاقًا. وَإِِنْ كَانَ لأَِهْل الذِّمَّةِ، فَإِِنْ أَظْهَرُوهُ كَانَتْ إِزَالَتُهُ وَاجِبَةً، وَلَا ضَمَانَ أَيْضًا.
وَإِِنْ كَانَ اقْتِنَاؤُهُمْ لَهُ عَلَى وَجْهٍ يُقَرُّونَ عَلَيْهِ، كَالَّذِي يَجْعَلُونَهُ فِي دَاخِل كَنَائِسِهِمْ أَوْ بُيُوتِهِمْ، يُسِرُّونَهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُظْهِرُونَهُ، فَإِِنْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ وَجَبَ رَدُّهُ اتِّفَاقًا. أَمَّا إِنْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ بِذَلِكَ: فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: فِيهِ الضَّمَانُ، بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ فِي ضَمَانِ الْمُسْلِمِ خَمْرَ الذِّمِّيِّ؛ لأَِنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي حَقِّهِمْ كَتَقَوُّمِ الْخَل فِي حَقِّنَا. وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: لَا يَضْمَنُ الْمُسْلِمُ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ لِمُسْلِمٍ وَلَا لِذِمِّيٍّ، وَهَكَذَا إِِذَا أَتْلَفَهُمَا ذِمِّيٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ؛ لأَِنَّهُ سَقَطَ تَقَوُّمُهُمَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَكَذَا فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ؛ لأَِنَّهُمْ تَبَعٌ لَنَا
(1) شرح المنهاج وحاشية القليوبي 4 / 187.