الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَعَاطِي
التَّعْرِيفُ:
1 -
التَّعَاطِي لُغَةً: مَصْدَرُ تَعَاطَى، بِمَعْنَى: تَنَاوَل الإِِْنْسَانُ الشَّيْءَ بِيَدِهِ، مِنَ الْعَطْوِ، وَهُوَ بِمَعْنَى التَّنَاوُل (1) . قَال اللَّهُ تَعَالَى:{فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} (2) وَتَفْسِيرُهَا: أَنَّهُ تَنَاوَل آلَةَ الْعَقْرِ، وَجَاءَ فِي تَفْسِيرِهَا أَيْضًا: أَنَّهُ تَنَاوَل الْفِعْل بَعْدَ أَنْ أَعَدَّ لَهُ عُدَّتَهُ، بِأَنْ كَمَنَ لِلنَّاقَةِ فَرَمَاهَا بِسَهْمِهِ، ثُمَّ ضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ حَتَّى قَتَلَهَا (3) .
وَاصْطِلَاحًا: التَّعَاطِي فِي الْبَيْعِ، وَيُقَال فِيهِ أَيْضًا الْمُعَاطَاةُ: أَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَيَدْفَعَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ، أَوْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فَيَدْفَعَ لَهُ الآْخَرُ الثَّمَنَ، مِنْ غَيْرِ تَكَلُّمٍ وَلَا إِشَارَةٍ. وَيَكُونُ التَّعَاطِي فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُعَاوَضَاتِ (4) .
(1) لسان العرب مادة: " عطى ".
(2)
سورة القمر آية / 29.
(3)
تفسير القرطبي 17 / 141، وتفسير الرازي 29 / 54.
(4)
حاشية الدسوقي 3 / 3 المكتبة التجارية بيروت.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْعَقْدُ:
2 -
الْعَقْدُ: عُقُودُ الْبَيْعِ مِنْهَا مَا يَتِمُّ بِاللَّفْظِ (وَهُوَ الصِّيغَةُ) وَهُوَ الإِِْيجَابُ وَالْقَبُول، وَمِنْهَا مَا يَتِمُّ بِالْفِعْل، وَهُوَ التَّعَاطِي (1) .
الْحُكْمُ الإِِْجْمَالِيُّ:
الْبَيْعُ بِالتَّعَاطِي:
3 -
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ إِِلَى: جَوَازِ الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي. وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اشْتِرَاطُ الصِّيغَةِ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ بِجَوَازِ الْمُعَاطَاةِ فِي الْمُحَقَّرَاتِ.
وَلِبَيْعِ الْمُعَاطَاةِ صُورَتَانِ:
الأُْولَى: أَنْ يَتِمَّ التَّعَاطِي مِنْ غَيْرِ تَكَلُّمٍ وَلَا إِشَارَةٍ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ، وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَرَجَّحَ النَّوَوِيُّ الْجَوَازَ بِخِلَافِ الْمَذْهَبِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتِمَّ التَّعَاطِي بِتَكَلُّمِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَيَتِمُّ التَّسْلِيمُ، وَهُوَ تَعَاطٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. وَلَمْ يَعُدَّهُ الْحَنَفِيَّةُ تَعَاطِيًا (2) .
(1) الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري.
(2)
حاشية ابن عابدين 4 / 17 ط العثمانية، وحاشية الدسوقي 3 / 3، والمغني لابن قدامة 3 / 561 - 562، وروضة الطالبين 3 / 337، وحاشية بلغة السالك لأقرب المسالك 2 / 343، ومجمع الأنهر على ملتقى الأبحر 2 / 4، ونهاية المحتاج 3 / 364.
4 -
وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ فِي الاِسْتِدْلَال لِمَشْرُوعِيَّةِ بَيْعِ التَّعَاطِي: إِنَّ اللَّهَ أَحَل الْبَيْعَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفِيَّتَهُ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ إِِلَى الْعُرْفِ، كَمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فِي الْقَبْضِ وَالإِِْحْرَازِ وَالتَّفَرُّقِ. وَالْمُسْلِمُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ وَبِيَاعَاتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ. وَلأَِنَّ الْبَيْعَ كَانَ مَوْجُودًا بَيْنَهُمْ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ، وَإِِنَّمَا عَلَّقَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ أَحْكَامًا، وَأَبْقَاهُ عَلَى مَا كَانَ، فَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ بِالرَّأْيِ وَالتَّحَكُّمِ، وَلَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ - مَعَ كَثْرَةِ وُقُوعِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمْ - اسْتِعْمَال الإِِْيجَابِ وَالْقَبُول، وَلَوِ اسْتَعْمَلُوا ذَلِكَ فِي بِيَاعَاتِهِمْ لَنُقِل نَقْلاً شَائِعًا. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا لَوَجَبَ نَقْلُهُ، وَلَمْ يُتَصَوَّرْ مِنْهُمْ إِهْمَالُهُ وَالْغَفْلَةُ عَنْ نَقْلِهِ؛ وَلأَِنَّ الْبَيْعَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فَلَوِ اشْتُرِطَ لَهُ الإِِْيجَابُ وَالْقَبُول لَبَيَّنَهُ صلى الله عليه وسلم بَيَانًا عَامًّا، وَلَمْ يَخْفَ حُكْمُهُ؛ لأَِنَّهُ يُفْضِي إِِلَى وُقُوعِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ كَثِيرًا وَأَكْلِهِمُ الْمَال بِالْبَاطِل، وَلَمْ يُنْقَل ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ. وَلأَِنَّ النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ فِي أَسْوَاقِهِمْ بِالْمُعَاطَاةِ فِي كُل عَصْرٍ.
وَلَمْ يُنْقَل إِنْكَارُهُ قَبْل مُخَالِفِينَا، فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الإِِْيجَابِ وَالْقَبُول فِي الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ، وَلَمْ يُنْقَل عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ اسْتِعْمَال ذَلِكَ فِيهِ، وَقَدْ أُهْدِيَ إِِلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْحَبَشَةِ
وَغَيْرِهَا، وَكَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ رضي الله عنها (&# x661 ;) . وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَل عَنْهُ: أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟ فَإِِنْ قِيل: صَدَقَةٌ. قَال لأَِصْحَابِهِ: كُلُوا، وَلَمْ يَأْكُل. وَإِِنْ قِيل: هَدِيَّةٌ ضَرَبَ بِيَدِهِ وَأَكَل مَعَهُمْ (2) وَفِي حَدِيثِ سَلْمَانَ رضي الله عنه حِينَ جَاءَ إِِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ فَقَال: هَذَا شَيْءٌ مِنَ الصَّدَقَةِ، رَأَيْتُكَ أَنْتَ وَأَصْحَابَكَ أَحَقَّ النَّاسِ بِهِ. فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأَِصْحَابِهِ: كُلُوا وَلَمْ يَأْكُل ثُمَّ أَتَاهُ ثَانِيَةً بِتَمْرٍ فَقَال: رَأَيْتُكَ لَا تَأْكُل الصَّدَقَةَ وَهَذَا شَيْءٌ أَهْدَيْتُهُ لَكَ، فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: بِسْمِ اللَّهِ، وَأَكَل (3) وَلَمْ يُنْقَل قَبُولٌ وَلَا أَمْرٌ بِإِِيجَابٍ، وَإِِنَّمَا سَأَل لِيَعْلَمَ: هَل هُوَ صَدَقَةٌ أَوْ هَدِيَّةٌ؟ وَفِي أَكْثَرِ الأَْخْبَارِ لَمْ يُنْقَل إِيجَابٌ وَلَا قَبُولٌ، وَلَيْسَ إِلَاّ الْمُعَاطَاةُ، وَالتَّفَرُّقُ عَنْ تَرَاضٍ يَدُل عَلَى صِحَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ الإِِْيجَابُ وَالْقَبُول شَرْطًا فِي هَذِهِ الْعُقُودِ لَشَقَّ ذَلِكَ، وَلَكَانَتْ أَكْثَرُ عُقُودِ الْمُسْلِمِينَ فَاسِدَةً، وَأَكْثَرُ أَمْوَالِهِمْ مُحَرَّمَةً؛ وَلأَِنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 203 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام سأل. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 203 - ط السلفية)، ومسلم (2 / 756 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" سلمان ". أخرجه أحمد (5 / 444 - ط الميمنية) والحاكم (2 / 16 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>الإِِْيجَابَ وَالْقَبُول إِنَّمَا يُرَادَانِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى التَّرَاضِي، فَإِِذَا وُجِدَ مَا يَدُل عَلَيْهِ مِنَ الْمُسَاوَمَةِ وَالتَّعَاطِي قَامَ مَقَامَهُمَا وَأَجْزَأَ عَنْهُمَا؛ لِعَدَمِ التَّعَبُّدِ فِيهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِِْقَالَةُ بِالتَّعَاطِي:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> جَوَّزَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِقَالَةَ الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي، وَقَالُوا: الإِِْقَالَةُ تَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي أَيْضًا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ (2) . . .</p> </p>‌<span class="title">‌الإِِْجَارَةُ بِالتَّعَاطِي:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> جَوَّزَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَقَالُوا: إِنَّمَا هِيَ كَالْبَيْعِ، وَقَدِ اقْتَصَرَتْ عَلَى الْمَنَافِعِ دُونَ الْعَيْنِ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِِذَا دَفَعَ ثَوْبَهُ إِِلَى خَيَّاطٍ أَوْ قَصَّارٍ لِيَخِيطَهُ أَوْ يُقَصِّرَهُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا شَرْطٍ وَلَا تَعْرِيضٍ بِأَجْرٍ، مِثْل أَنْ يَقُول: خُذْ هَذَا فَاعْمَلْهُ، وَكَانَ الْخَيَّاطُ وَالْقَصَّارُ مُنْتَصِبَيْنِ لِذَلِكَ، فَفَعَلَا ذَلِكَ فَلَهُمَا الأَْجْرُ، لأَِنَّ الْعُرْفَ جَارٍ بِذَلِكَ. وَقَال أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ: لَا أَجْرَ لَهُمَا؛ لأَِنَّهُمَا فَعَلَا ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ جَعَل لَهُمَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَبَرَّعَا بِعَمَلِهِ.</p>وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَفِي التَّتَارْخَانِيَّةَ أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 4 / 561 - 562 ط مكتبة الرياض.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 12، و 5 / 4، وحاشية الدسوقي 3 / 155، والمغني لابن قدامة - 4 / 137 الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٠)</span><hr/></div>أَبَا يُوسُفَ سُئِل عَنِ الرَّجُل يَدْخُل السَّفِينَةَ أَوْ يَحْتَجِمُ أَوْ يَفْتَصِدُ أَوْ يَدْخُل الْحَمَّامَ أَوْ يَشْرَبُ مِنْ مَاءِ السِّقَاءِ، ثُمَّ يَدْفَعُ الأُْجْرَةَ وَثَمَنَ الْمَاءِ؟ فَقَال: يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، وَلَا يَحْتَاجُ إِِلَى الْعَقْدِ قَبْل ذَلِكَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> يُفَصِّل الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ التَّعَاطِي بِالنِّسْبَةِ لِكُل مَسْأَلَةٍ فِي مَوْضِعِهَا، وَمِنْ تِلْكَ الْمَوَاطِنِ: الْبُيُوعُ، وَالإِِْقَالَةُ، وَالإِِْجَارَةُ.</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَاوِيذُ</span></p> </p>انْظُرْ: تَعْوِيذَةٌ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الدسوقي 4 / 2، والمغني لابن قدامة 5 / 561، وابن عابدين 4 / 12.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعَبُّدِيٌّ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعَبُّدِيُّ لُغَةً: الْمَنْسُوبُ إِِلَى التَّعَبُّدِ.</p>وَالتَّعَبُّدُ مَصْدَرُ تَعَبَّدَ، يُقَال: تَعَبَّدَ الرَّجُل الرَّجُل: إِِذَا اتَّخَذَهُ عَبْدًا، أَوْ صَيَّرَهُ كَالْعَبْدِ.</p>وَتَعَبَّدَ اللَّهُ الْعَبْدَ بِالطَّاعَةِ: اسْتَعْبَدَهُ، أَيْ طَلَبَ مِنْهُ الْعِبَادَةَ.</p>وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي اللُّغَةِ: الطَّاعَةُ وَالْخُضُوعُ. وَمِنْهُ طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ: إِِذَا كَانَ مُذَلَّلاً بِكَثْرَةِ الْمَشْيِ فِيهِ.</p>وَيَرِدُ التَّعَبُّدُ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا بِمَعْنَى: التَّذَلُّل، يُقَال: تَعَبَّدَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ: إِِذَا خَضَعَ لَهُ وَذَل. وَبِمَعْنَى: التَّنَسُّكُ، يُقَال: تَعَبَّدَ فُلَانٌ لِلَّهِ تَعَالَى: إِِذَا أَكْثَرَ مِنْ عِبَادَتِهِ، وَظَهَرَ فِيهِ الْخُشُوعُ وَالإِِْخْبَاتُ (1) .</p>وَالتَّعَبُّدُ مِنَ اللَّهِ لِلْعِبَادِ: تَكْلِيفُهُمْ أُمُورَ الْعِبَادَةِ وَغَيْرَهَا. وَيُكْثِرُ الْفُقَهَاءُ وَالأُْصُولِيُّونَ مِنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب. مادة: " عبد ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠١)</span><hr/></div>اسْتِعْمَالِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى، كَقَوْلِهِمْ: نَحْنُ مُتَعَبَّدُونَ بِالْعَمَل بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَبِالْقِيَاسِ، أَيْ مُكَلَّفُونَ بِذَلِكَ. وَيَقُولُونَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَعَبَّدًا بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ، أَيْ مُكَلَّفًا بِالْعَمَل بِهِ (1) .</p><font color=#ff0000>2 -</font> وَالتَّعَبُّدِيَّاتُ - فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ - تُطْلَقُ عَلَى أَمْرَيْنِ:</p>الأَْوَّل: أَعْمَال الْعِبَادَةِ وَالتَّنَسُّكِ (2) . وَيُرْجَعُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا بِهَذَا الْمَعْنَى إِِلَى مُصْطَلَحِ (عِبَادَةٌ) .</p>الثَّانِي: الأَْحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي لَا يَظْهَرُ لِلْعِبَادِ فِي تَشْرِيعِهَا حِكْمَةٌ غَيْرُ مُجَرَّدِ التَّعَبُّدِ، أَيِ التَّكْلِيفِ بِهَا، لاِخْتِبَارِ عُبُودِيَّةِ الْعَبْدِ، فَإِِنْ أَطَاعَ أُثِيبَ، وَإِِنْ عَصَى عُوقِبَ.</p>وَالْمُرَادُ بِالْحِكْمَةِ هُنَا: مَصْلَحَةُ الْعَبْدِ مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عِرْضِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عَقْلِهِ. أَمَّا مَصْلَحَتُهُ الأُْخْرَوِيَّةُ - مِنْ دُخُول جَنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْخَلَاصِ مِنْ عَذَابِهِ - فَهِيَ مُلَازِمَةٌ لِتَلْبِيَةِ كُل أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ، تَعَبُّدِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مسلم الثبوت، مطبوع بهامش المستصفى للغزالي. القاهرة، مطبعة بولاق.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموافقات للشاطبي، (طبعة مصورة عن طبعة المكتبة التجارية بالقاهرة بتحقيق الشيخ عبد الله دراز) 2 / 328 هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div><font color=#ff0000>3 -</font> هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي تَعْرِيفِ التَّعَبُّدِيَّاتِ. وَقَدْ لَاحَظَ الشَّاطِبِيُّ فِي مُوَافَقَاتِهِ أَنَّ حِكْمَةَ الْحُكْمِ قَدْ تَكُونُ مَعْلُومَةً عَلَى وَجْهِ الإِِْجْمَال، وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، مَا لَمْ يُعْقَل مَعْنَاهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ. قَال: وَمِنْ ذَلِكَ: طَلَبُ الصَّدَاقِ فِي النِّكَاحِ، وَالذَّبْحُ فِي الْمَحَل الْمَخْصُوصِ فِي الْحَيَوَانِ الْمَأْكُول، وَالْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي الْمَوَارِيثِ، وَعَدَدُ الأَْشْهُرِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي لَا مَجَال لِلْعُقُول فِي فَهْمِ مَصَالِحِهَا الْجُزْئِيَّةِ، حَتَّى يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا. فَإِِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الشُّرُوطَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي النِّكَاحِ، مِنَ الْوَلِيِّ وَالصَّدَاقِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، هِيَ لِتَمْيِيزِ النِّكَاحِ عَنِ السِّفَاحِ، وَأَنَّ فُرُوضَ الْمَوَارِيثِ تَرَتَّبَتْ عَلَى تَرْتِيبِ الْقُرْبَى مِنَ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ الْعِدَدَ وَالاِسْتِبْرَاءَاتِ، الْمُرَادُ بِهَا اسْتِبْرَاءُ الرَّحِمِ خَوْفًا مِنِ اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ، وَلَكِنَّهَا أُمُورٌ جُمَلِيَّةٌ، كَمَا أَنَّ الْخُضُوعَ وَالإِِْجْلَال عِلَّةُ شَرْعِ الْعِبَادَاتِ. وَهَذَا الْمِقْدَارُ لَا يَقْضِي بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ عَلَى الأَْصْل فِيهَا، بِحَيْثُ يُقَال: إِِذَا حَصَل الْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالسِّفَاحِ بِأُمُورٍ أُخَرَ مَثَلاً، لَمْ تُشْتَرَطْ تِلْكَ الشُّرُوطُ. وَمَتَى عُلِمَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ لَمْ تُشْرَعِ الْعِدَّةُ بِالأَْقْرَاءِ وَلَا بِالأَْشْهُرِ، وَلَا مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 308، 318.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٢)</span><hr/></div><font color=#ff0000>4 -</font> هَذَا وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ التَّعَبُّدِيَّاتِ شُرِعَتْ لَنَا لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا اللَّهُ تَعَالَى وَخَفِيَتْ عَلَيْنَا، أَوْ إِنَّهَا شُرِعَتْ لَا لِحِكْمَةٍ أَصْلاً غَيْرَ مُجَرَّدِ تَعَبُّدِ اللَّهِ لِلْعِبَادِ وَاسْتِدْعَائِهِ الاِمْتِثَال مِنْهُمْ، اخْتِبَارًا لِطَاعَةِ الْعَبْدِ لِمُجَرَّدِ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفَ وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ فِيمَا يَعْمَل، بِمَنْزِلَةِ سَيِّدٍ أَرَادَ أَنْ يَخْتَبِرَ عَبِيده أَيَّهمْ أَطْوَعُ لَهُ، فَأَمَرَهُمْ بِالتَّسَابُقِ إِِلَى لَمْسِ حَجَرٍ، أَوِ الاِلْتِفَاتِ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا مِمَّا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ غَيْرُ مُجَرَّدِ الطَّاعَةِ.</p><font color=#ff0000>5 -</font> قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْحِلْيَةِ: أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَوْل الأَْوَّل، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، بِدَلَالَةِ اسْتِقْرَاءِ تَكَالِيفِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كَوْنِهَا جَالِبَةً لِلْمَصَالِحِ دَارِئَةً لِلْمَفَاسِدِ (1) .</p>وَكَذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ فِي مُوَافَقَاتِهِ اعْتَمَدَ الاِسْتِقْرَاءَ دَلِيلاً عَلَى أَنَّ كُل الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُعَلَّلَةٌ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، وَقَال: إِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَحْكَامَهُ مُعَلَّلَةٌ بِرِعَايَةِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ. قَال: وَلَمَّا اضْطُرَّ الرَّازِيَّ إِِلَى إِثْبَاتِ الْعِلَل لِلأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَثْبَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعِلَل بِمَعْنَى الْعَلَامَاتِ الْمُعَرِّفَةِ لِلأَْحْكَامِ. وَذَكَرَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار، على الدر المختار 1 / 301 ط. بولاق الأولى سنة 1272 هـ.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>الشَّاطِبِيُّ مِنَ الأَْدِلَّةِ الَّتِي اسْتَقْرَأَهَا قَوْله تَعَالَى فِي شَأْنِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْل {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَل عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (1) وَفِي الصِّيَامِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (2) وَفِي الْقِصَاصِ {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَْلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (3) وَآيَاتٌ نَحْوُ هَذِهِ (4) .</p>وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِِلَى مِثْل ذَلِكَ ابْنُ الْقَيِّمِ، حَيْثُ قَال: قَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ، وَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِِنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ حُكْمٌ وَاحِدٌ إِلَاّ وَلَهُ مَعْنًى وَحِكْمَةٌ، يَعْقِلُهُ مَنْ يَعْقِلُهُ، وَيَخْفَى عَلَى مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ (5) . وَقَرَّرَ هَذَا الْمَعْنَى تَقْرِيرًا أَوْسَعَ فَقَال: شَرَعَ اللَّهُ الْعُقُوبَاتِ، وَرَتَّبَهَا عَلَى أَسْبَابِهَا، جِنْسًا وَقَدْرًا، فَهُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَأَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَعْلَمُ الْعَالِمِينَ، وَمَنْ أَحَاطَ بِكُل شَيْءٍ عِلْمًا، وَعَلِمَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَأَحَاطَ عِلْمُهُ بِوُجُوهِ الْمَصَالِحِ دَقِيقِهَا وَجَلِيلِهَا وَخَفِيِّهَا وَظَاهِرِهَا، مَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الْبَشَرِ عَلَيْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 5.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 183.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 179.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الموافقات 2 / 6، 7.</p><font color=#ff0000>(5)</font> إعلام الموقعين 2 / 86.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٣)</span><hr/></div>وَمَا لَا يُمْكِنُهُمْ. وَلَيْسَتْ هَذِهِ التَّخْصِيصَاتُ وَالتَّقْدِيرَاتُ خَارِجَةً عَنْ وُجُوهِ الْحِكَمِ وَالْغَايَاتِ الْمَحْمُودَةِ، كَمَا أَنَّ التَّخْصِيصَاتِ وَالتَّقْدِيرَاتِ وَاقِعَةٌ فِي خَلْقِهِ كَذَلِكَ، فَهَذَا فِي خَلْقِهِ وَذَاكَ فِي أَمْرِهِ، وَمَصْدَرُهُمَا جَمِيعًا عَنْ كَمَال عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَوَضْعِهِ كُل شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِ سِوَاهُ وَلَا يَتَقَاضَى إِلَاّ إِيَّاهُ، كَمَا وَضَعَ قُوَّةَ الْبَصَرِ وَالنُّورِ الْبَاصِرِ فِي الْعَيْنِ، وَقُوَّةَ السَّمْعِ فِي الأُْذُنِ، وَقُوَّةَ الشَّمِّ فِي الأَْنْفِ، وَخَصَّ كُل حَيَوَانٍ وَغَيْرَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَيَحْسُنُ أَنْ يُعْطَاهُ مِنْ أَعْضَائِهِ وَهَيْئَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَقَدْرِهِ، فَشَمِل إِتْقَانَهُ وَإِِحْكَامَهُ، وَإِِذَا كَانَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَتْقَنَ خَلْقَهُ غَايَةَ الإِِْتْقَانِ، وَأَحْكَمَهُ غَايَةَ الإِِْحْكَامِ، فَلأََنْ يَكُونَ أَمْرُهُ فِي غَايَةِ الإِِْتْقَانِ أَوْلَى وَأَحْرَى، وَلَا يَكُونُ الْجَهْل بِحِكْمَةِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَإِِتْقَانِهِ كَذَلِكَ وَصُدُورِهِ عَنْ مَحْضِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ مُسَوِّغًا لإِِِنْكَارِهِ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ (1) .</p>وَسَارَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَلِيُّ اللَّهِ الدَّهْلَوِيُّ فِي حُجَّةِ اللَّهِ الْبَالِغَةِ وَقَال: إِنَّ الْقَوْل الآْخَرَ (الآْتِي) تُكَذِّبُهُ السُّنَّةُ وَإِِجْمَاعُ الْقُرُونِ الْمَشْهُودِ لَهَا بِالْخَيْرِ (2) .</p><font color=#ff0000>6 -</font> أَمَّا الْقَوْل الثَّانِي بِوُجُودِ أَحْكَامٍ وَلَوْ عَلَى سَبِيل النُّدْرَةِ قُصِدَ مِنْهَا التَّعَبُّدُ وَالاِمْتِثَال. فَيَدُل عَلَيْهِ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ قوله تعالى: قَوْله تَعَالَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إعلام الموقعين 2 / 120.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حجة الله البالغة 1 / 11.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>{. . . وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَْغْلَال الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (1) أَنَّهُ كَانَ قَدْ جَعَل عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَنَا آصَارًا وَأَغْلَالاً لِتَعَنُّتِهِمْ وَشِقَاقِهِمْ، كَمَا أَلْزَمَ بَنِي إِسْرَائِيل بِأَنْ تَكُونَ الْبَقَرَةُ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِذَبْحِهَا لَا فَارِضًا وَلَا بِكْرًا، وَأَنْ تَكُونَ صَفْرَاءَ.</p>وَأَيْضًا فَإِِنَّ فِي بَعْضِ الاِبْتِلَاءِ وَاسْتِدْعَاءِ الطَّاعَةِ وَالاِمْتِثَال وَالتَّدْرِيبِ عَلَى ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ كَبِيرَةٌ، لَا يَزَال أَوْلِيَاءُ الأُْمُورِ يُدَرِّبُونَ عَلَيْهَا أَنْصَارَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ، وَيَبْذُلُونَ فِي ذَلِكَ الأَْمْوَال الطَّائِلَةَ، لِيَكُونُوا عِنْدَ الْحَاجَةِ مُلَبِّينَ لِلأَْوَامِرِ دُونَ تَرَدُّدٍ أَوْ حَاجَةٍ إِِلَى التَّفَهُّمِ، اكْتِفَاءً وَثِقَةً بِأَنَّ وَلِيَّ أَمْرِهِمْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ بِمَا يُرِيدُ. بَل إِنَّ مَصْلَحَةَ الطَّاعَةِ وَالاِمْتِثَال وَالْمُسَارَعَةِ إِلَيْهِمَا هِيَ الْحِكْمَةُ الأُْولَى الْمُبْتَغَاةُ مِنْ وَضْعِ الشَّرِيعَةِ، بَل مِنَ الْخَلْقِ فِي أَسَاسِهِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِِْنْسَ إِلَاّ لِيَعْبُدُونِ} (2) وَقَال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} (3) . وَقَال:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} (4) وَقَال {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأعراف / 157.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الذاريات / 56.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المائدة / 94.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة محمد / 31.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٤)</span><hr/></div>عَلَيْهَا إِلَاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُول مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ} (1)</p>وَلَكِنْ مِنْ فَضْل اللَّهِ عَلَيْنَا فِي شَرِيعَةِ الإِِْسْلَامِ أَنَّهُ جَعَل غَالِبَ أَحْكَامِهَا تُرَاعِي مَصْلَحَةَ الْعِبَادِ بِالإِِْضَافَةِ إِِلَى مَصْلَحَةِ الاِبْتِلَاءِ، وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ وُجُودِ أَحْكَامٍ لَا تُرَاعِي ذَلِكَ، بَل قُصِدَ بِهَا الاِبْتِلَاءُ خَاصَّةً، وَذَلِكَ عَلَى سَبِيل النُّدْرَةِ.</p>وَفِي هَذَا يَقُول الْغَزَالِيُّ: عُرِفَ مِنْ دَأْبِ الشَّرْعِ اتِّبَاعُ الْمَعَانِي الْمُنَاسَبَةِ دُونَ التَّحَكُّمَاتِ الْجَامِدَةِ، وَهَذَا غَالِبُ عَادَةِ الشَّرْعِ. وَيَقُول: حَمْل تَصَرُّفَاتِ الشَّارِعِ عَلَى التَّحَكُّمِ أَوْ عَلَى الْمَجْهُول الَّذِي لَا يُعْرَفُ، نَوْعُ ضَرُورَةٍ يُرْجَعُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ. وَقَال: مَا يَتَعَلَّقُ مِنَ الأَْحْكَامِ بِمَصَالِحِ الْخَلْقِ مِنَ الْمُنَاكَحَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْجِنَايَاتِ وَالضَّمَانَاتِ وَمَا عَدَا الْعِبَادَاتِ فَالتَّحَكُّمُ فِيهَا نَادِرٌ، وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ وَالْمُقَدَّرَاتُ فَالتَّحَكُّمَاتُ فِيهَا غَالِبَةٌ، وَاتِّبَاعُ الْمَعْنَى نَادِرٌ (2) . وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ فَقَال: يَجُوزُ أَنْ تَتَجَرَّدَ التَّعَبُّدَاتُ عَنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ، ثُمَّ يَقَعُ الثَّوَابُ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى الطَّاعَةِ وَالإِِْذْعَانِ مِنْ غَيْرِ جَلْبِ مَصْلَحَةٍ غَيْرَ مَصْلَحَةِ الثَّوَابِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 143.</p><font color=#ff0000>(2)</font> قواعد الأحكام في مصالح الأنام 1 / 18. القاهرة، المكتبة التجارية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>وَلَا دَرْءِ مَفْسَدَةٍ غَيْرَ مَفْسَدَةِ الْعِصْيَانِ.</p><font color=#ff0000>7 -</font> فَالتَّعَبُّدِيُّ عَلَى الْقَوْل الأَْوَّل: اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِ حِكْمَتِهِ، وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهَا أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، وَلَمْ يَجْعَل سَبِيلاً لِلاِطِّلَاعِ عَلَيْهِ مَعَ ثُبُوتِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ فِي نَفْسِ الأَْمْرِ، أَخْفَى ذَلِكَ عَنْهُمُ ابْتِلَاءً وَاخْتِبَارًا. هَل يَمْتَثِلُونَ وَيُطِيعُونَ دُونَ أَنْ يَعْرِفُوا وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ، أَمْ يَعْصُونَ اتِّبَاعًا لِمَصْلَحَةِ أَنْفُسِهِمْ؟ .</p>وَعَلَى الْقَوْل الثَّانِي: ابْتَلَاهُمْ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلاً غَيْرَ مُجَرَّدِ الثَّوَابِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الْعِبَادَةُ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> أَصْل الْعِبَادَةِ: الطَّاعَةُ وَالْخُضُوعُ. وَالْعِبَادَاتُ، أَنْوَاعٌ: مِنْهَا الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ. وَكَثِيرٌ مِنْهَا مَعْقُول الْمَعْنَى، بَيَّنَتِ الشَّرِيعَةُ حِكْمَتَهُ، أَوِ اسْتَنْبَطَهَا الْفُقَهَاءُ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} (1) وَقَوْلُهُ فِي شَأْنِ الْحَجِّ {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} (2) وَقَوْل الْفُقَهَاءِ فِي حِكْمَةِ التَّرْخِيصِ فِي الإِِْفْطَارِ فِي السَّفَرِ أَثْنَاءَ رَمَضَانَ: إِنَّهَا دَفْعُ الْمَشَقَّةِ. فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تَعَبُّدِيًّا.</p>وَبَعْضُ أَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ غَيْرُ مَعْقُول<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة العنكبوت / 45.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الحج / 28.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٥)</span><hr/></div>الْمَعْنَى، فَيَكُونُ تَعَبُّدِيًّا، كَكَوْنِ رَمْيِ الْجِمَارِ سَبْعًا سَبْعًا.</p>وَتَكُونُ التَّعَبُّدِيَّاتُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ: اسْتِبْرَاءُ الأَْمَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بَائِعُهَا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ، وَعَادَتْ إِلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ إِقَالَةٍ قَبْل غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي بِهَا (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ حَقُّ اللَّهِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> قَدْ يُقَال فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَْحْكَامِ: إِنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ، كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَكَحَدِّ السَّرِقَةِ وَحَدِّ الزِّنَى. وَيُقَال فِي كَثِيرٍ مِنْهَا: إِنَّهُ لِحَقِّ الإِِْنْسَانِ، كَحَقِّ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالدَّيْنِ وَالضَّمَانَاتِ. وَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ كُل مَا كَانَ مِنْهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ، إِلَاّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ (حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) أَنَّهُ لَا خِيَرَةَ فِيهِ لِلْعِبَادِ، وَلَا يَجُوزُ لأَِحَدٍ إِسْقَاطُهُ، بَل لَا بُدَّ لِلْعِبَادِ مِنْ تَنْفِيذِهِ إِِذَا وُجِدَ سَبَبُهُ، وَتَمَّتْ شُرُوطُ وُجُوبِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ (2) . وَلَيْسَ كُل مَا كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى تَعَبُّدِيًّا، بَل يَكُونُ تَعَبُّدِيًّا إِِذَا خَفِيَ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِيهِ. وَيَكُونُ غَيْرَ تَعَبُّدِيٍّ، وَذَلِكَ إِِذَا ظَهَرَتْ حِكْمَتُهُ.</p>قَال الشَّاطِبِيُّ: الْحِكَمُ الْمُسْتَخْرَجَةُ لِمَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني شرح مختصر الخرقي 7 / 512، 513. ط. ثالثة. القاهرة، دار المنار، 1367 هـ، وشرح جمع الجوامع 2 / 280. مصطفى الحلبي، 1356 هـ، 2 / 280.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموافقات 2 / 318.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>لَا يُعْقَل مَعْنَاهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ فِي التَّعَبُّدَاتِ، كَاخْتِصَاصِ الْوُضُوءِ بِالأَْعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ، وَالصَّلَاةِ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ مِنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَكَوْنِهَا عَلَى بَعْضِ الْهَيْئَاتِ دُونَ بَعْضٍ، وَاخْتِصَاصِ الصِّيَامِ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْل، وَتَعْيِينِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فِي تِلْكَ الأَْحْيَانِ الْمُعَيَّنَةِ دُونَ سِوَاهَا مِنْ أَحْيَانِ النَّهَارِ وَاللَّيْل، وَاخْتِصَاصِ الْحَجِّ بِتِلْكَ الأَْعْمَال الْمَعْرُوفَةِ، فِي الأَْمَاكِنِ الْمَعْلُومَةِ، وَإِِلَى مَسْجِدٍ مَخْصُوصٍ، إِِلَى أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَهْتَدِي الْعُقُول إِلَيْهِ بِوَجْهٍ، وَلَا تَحُومُ حَوْلَهُ، يَأْتِي بَعْضُ النَّاسِ فَيَطْرُقُ إِلَيْهِ بِزَعْمِهِ حِكَمًا، يَزْعُمُ أَنَّهَا مَقْصُودُ الشَّارِعِ مِنْ تِلْكَ الأَْوْضَاعِ، وَجَمِيعُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَنٍّ وَتَخْمِينٍ غَيْرِ مُطَّرِدٍ فِي بَابِهِ، وَلَا مَبْنِيٍّ عَلَيْهِ عَمَلٌ، بَل كَالتَّعْلِيل بَعْدَ السَّمَاعِ لِلأُْمُورِ الشَّوَاذِّ، لِجِنَايَتِهِ عَلَى الشَّرِيعَةِ فِي دَعْوَى مَا لَيْسَ لَنَا بِهِ عِلْمٌ، وَلَا دَلِيل لَنَا عَلَيْهِ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْمُعَلَّل بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ التَّعَبُّدِيَّاتِ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، فَقَدْ يُشْتَبَهُ بِهَا الْمُعَلَّل بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ؛ لأَِنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ التَّعَبُّدِيَّ لَيْسَ لَهُ عِلَّةٌ ظَاهِرَةٌ، فَيَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ لأَِنَّ الْقِيَاسَ فَرْعُ مَعْرِفَةِ الْعِلَّةِ، أَمَّا الْمُعَلَّل بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ فَعِلَّتُهُ مَعْلُومَةٌ لَكِنَّهَا لَا تَتَعَدَّى مَحَلَّهَا، إِذْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 1 / 80.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٦)</span><hr/></div>لَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهَا فِي شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ الأَْصْل. مِثَالُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَل شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ (1) . وَهَذَا حُكْمٌ خَاصٌّ بِهِ، وَعِلَّتُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ أَوَّل مَنْ تَنَبَّهَ وَبَادَرَ إِِلَى تَصْدِيقِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِعَيْنِهَا وَالشَّهَادَةِ لَهُ، بِمُوجِبِ التَّصْدِيقِ الْعَامِّ لَهُ صلى الله عليه وسلم. وَالأَْوَّلِيَّةُ مَعْنًى لَا يَتَكَرَّرُ، فَاخْتَصَّ بِهِ (2) ، فَلَيْسَ ذَلِكَ تَعَبُّدِيًّا، لِكَوْنِ عِلَّتِهِ مَعْلُومَةً.</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْمَعْدُول بِهِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> مَا خَالَفَ الْقِيَاسَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَعْقُول الْمَعْنَى كَتَخْصِيصِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنِكَاحِ تِسْعِ نِسْوَةٍ وَإِِجْزَاءِ الْعَنَاقِ فِي التَّضْحِيَةِ فِي حَقِّ أَبِي بُرْدَةَ هَانِئِ بْنِ دِينَارٍ (3)، وَكَتَقْدِيرِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ.</p>وَقَدْ يَكُونُ مَعْقُول الْمَعْنَى كَاسْتِثْنَاءِ بَيْعِ الْعَرَايَا مِنَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ خَرْصًا (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن النبي صلى عليه وسلم جعل شهادة خزيمة بن ثابت. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 21 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المعتمد لأبي الحسين البصري 2 / 802. دمشق، المعهد الفرنسي، 1384 هـ وإعلام الموقعين لابن القيم 2 / 136. بيروت، دار الجيل، وشرح مسلم الثبوت 2 / 251، والمستصفى 2 / 345.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" إجزاء العناق في التضحية في حق أبي بردة. . " أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 13 ط. السلفية) بنحوه ومثله معلق، ووصله مسلم (3 / 1553 ط. دار عيسى الحلبي) . والنسائي (7 / 222 ط. دار الكتاب) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> المستصفى للغزالي 2 / 327 - 329.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>هـ -‌<span class="title">‌ الْمَنْصُوصُ عَلَى عِلَّتِهِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> أَوْرَدَ الشَّاطِبِيُّ أَنَّ بَعْضَ مَا عُرِفَتْ عِلَّتُهُ قَدْ يَكُونُ تَعَبُّدِيًّا. فَقَال: إِنَّ الْمَصَالِحَ فِي التَّكْلِيفِ ظَهَرَ لَنَا مِنَ الشَّارِعِ أَنَّهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:</p>أَحَدُهُمَا: مَا يُمْكِنُ الْوُصُول إِِلَى مَعْرِفَتِهِ بِمَسَالِكِهِ الْمَعْرُوفَةِ كَالإِِْجْمَاعِ وَالنَّصِّ وَالسَّبْرِ وَالإِِْشَارَةِ وَالْمُنَاسَبَةِ، وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الظَّاهِرُ الَّذِي نُعَلِّل بِهِ، وَتَقُول: إِنَّ الأَْحْكَامَ شُرِعَتْ لأَِجْلِهِ.</p>وَالثَّانِي: مَا لَا يُمْكِنُ الْوُصُول إِلَيْهِ بِتِلْكَ الْمَسَالِكِ الْمَعْهُودَةِ، وَلَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إِلَاّ بِالْوَحْيِ كَالأَْحْكَامِ الَّتِي أَخْبَرَ الشَّارِعُ فِيهَا أَنَّهَا أَسْبَابٌ لِلْخِصْبِ وَالسَّعَةِ وَقِيَامِ أُبَّهَةِ الإِِْسْلَامِ - كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سِيَاقِ قِصَّةِ نُوحٍ:{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِل السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَكُمْ أَنْهَارًا} (1) . فَلَا يُعْلَمُ وَجْهُ كَوْنِ الاِسْتِغْفَارِ سَبَبًا لِلْمَطَرِ وَلِلْخِصْبِ إِلَاّ بِالْوَحْيِ. وَلِذَلِكَ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، فَلَا يُعْلَمُ كَوْنُ الاِسْتِغْفَارِ سَبَبًا فِي حُصُول الْعِلْمِ وَقُوَّةِ الأَْبْدَانِ مَثَلاً، فَلَا يَكُونُ إِِلَى اعْتِبَارِ هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي الْقِيَاسِ سَبِيلٌ، فَبَقِيَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى التَّعَبُّدِ الْمَحْضِ. وَلِذَا يَكُونُ أَخْذُ الْحُكْمِ الْمُعَلَّل بِهَا مُتَعَبَّدًا بِهِ، وَمَعْنَى التَّعَبُّدِ هُنَا: الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا حَدَّ الشَّارِعُ فِيهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة نوح / 11.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموافقات 2 / 314.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌حِكْمَةُ تَشْرِيعِ التَّعَبُّدِيَّاتِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> حِكْمَةُ تَشْرِيعِ التَّعَبُّدِيَّاتِ اسْتِدْعَاءُ الاِمْتِثَال، وَاخْتِبَارُ مَدَى الطَّاعَةِ وَالْعُبُودِيَّةِ. وَقَدْ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ فِي الإِِْحْيَاءِ بِقَوْلِهِ - فِي بَيَانِ أَسْرَارِ رَمْيِ الْجِمَارِ - وَظَّفَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ أَعْمَالاً لَا تَأْنَسُ بِهَا النُّفُوسُ، وَلَا تَهْتَدِي إِِلَى مَعَانِيهَا الْعُقُول، كَرَمْيِ الْجِمَارِ بِالأَْحْجَارِ، وَالتَّرَدُّدِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى سَبِيل التَّكْرَارِ. وَبِمِثْل هَذِهِ الأَْعْمَال يَظْهَرُ كَمَال الرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ، فَإِِنَّ الزَّكَاةَ إِرْفَاقٌ، وَوَجْهُهُ مَفْهُومٌ، وَلِلْعَقْل إِلَيْهِ مَيْلٌ، وَالصَّوْمُ كَسْرٌ لِلشَّهْوَةِ الَّتِي هِيَ آلَةُ عَدُوِّ اللَّهِ، وَتَفَرُّغٌ لِلْعِبَادَةِ، بِالْكَفِّ عَنِ الشَّوَاغِل. وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِي الصَّلَاةِ تَوَاضُعٌ لِلَّهِ عز وجل بِأَفْعَالٍ هِيَ هَيْئَةُ التَّوَاضُعِ، وَلِلنُّفُوسِ السَّعْيُ بِتَعْظِيمِ اللَّهِ عز وجل. فَأَمَّا تَرَدُّدَاتُ السَّعْيِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ وَأَمْثَال هَذِهِ الأَْعْمَال، فَلَا حَظَّ لِلنُّفُوسِ فِيهَا وَلَا أُنْسَ لِلطَّبْعِ بِهَا، وَلَا اهْتِدَاءَ لِلْعُقُول إِِلَى مَعَانِيهَا، فَلَا يَكُونُ فِي الإِِْقْدَامِ عَلَيْهَا بَاعِثٌ إِلَاّ الأَْمْرُ الْمُجَرَّدُ، وَقَصْدُ الاِمْتِثَال لِلأَْمْرِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَمْرٌ وَاجِبُ الاِتِّبَاعِ فَقَطْ، وَفِيهِ عَزْلٌ لِلْعَقْل عَنْ تَصَرُّفِهِ وَصَرْفُ النَّفْسِ وَالطَّبْعِ عَنْ مَحَل أُنْسِهِ. فَإِِنَّ كُل مَا أَدْرَكَ الْعَقْل مَعْنَاهُ مَال الطَّبْعُ إِلَيْهِ مَيْلاً مَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَيْل مُعَيِّنًا لِلأَْمْرِ وَبَاعِثًا مَعَهُ عَلَى الْفِعْل، فَلَا يَكَادُ يَظْهَرُ بِهِ كَمَال الرِّقِّ وَالاِنْقِيَادِ. وَلِذَلِكَ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَجِّ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ: لَبَّيْكَ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>بِحَجَّةٍ حَقًّا، تَعَبُّدًا وَرِقًّا (1) وَلَمْ يَقُل ذَلِكَ فِي صَلَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا.</p>وَإِِذَا اقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى رَبْطَ نَجَاةِ الْخَلْقِ بِأَنْ تَكُونَ أَعْمَالُهُمْ عَلَى خِلَافِ هَوَى طِبَاعِهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ زِمَامُهَا بِيَدِ الشَّرْعِ، فَيَتَرَدَّدُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ عَلَى سُنَنِ الاِنْقِيَادِ وَعَلَى مُقْتَضَى الاِسْتِعْبَادِ، كَانَ مَا لَا يُهْتَدَى إِِلَى مَعَانِيهِ أَبْلَغَ أَنْوَاعِ التَّعَبُّدَاتِ فِي تَزْكِيَةِ النُّفُوسِ، وَصَرْفِهَا عَنْ مُقْتَضَى الطِّبَاعِ وَالأَْخْلَاقِ إِِلَى مُقْتَضَى الاِسْتِرْقَاقِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌طُرُقُ مَعْرِفَةِ التَّعَبُّدِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> لَمْ يُعْرَفْ فِي تَمْيِيزِ التَّعَبُّدِيَّاتِ عَنْ غَيْرِهَا مِنَ الأَْحْكَامِ الْمُعَلَّلَةِ وَجْهٌ مُعَيَّنٌ، غَيْرُ الْعَجْزِ عَنِ التَّعْلِيل بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ الْمُعْتَبَرَةِ، عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي مَبَاحِثِ الْقِيَاسِ مِنْ عِلْمِ الأُْصُول. وَلِذَلِكَ يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: مَا شَرَعَهُ اللَّهُ إِنْ ظَهَرَتْ لَنَا حِكْمَتُهُ، قُلْنَا: إِنَّهُ مَعْقُول الْمَعْنَى، وَإِِلَاّ قُلْنَا: إِنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ (3) . وَإِِلَى هَذَا يُشِيرُ كَلَامُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " لبيك حجا حقا، تعبدا ورقا " أخرجه البزار (كشف الأستار 2 / 13 ط. مؤسسة الرسالة) . وذكره مرفوعا وموقوفا، وقال ابن حجر: وذكر الدارقطني في العلل الاختلاف فيه، وساقه بسنده مرفوعا ورجح وقفه. (التلخيص الحبير 2 / 240 ط المكتبة الأثرية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> إحياء علوم الدين المطبعة التجارية 1 / 274.</p><font color=#ff0000>(3)</font> رد المحتار 1 / 301.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٨)</span><hr/></div>الْغَزَالِيِّ الْمُتَقَدِّمُ آنِفًا، مِنْ أَنَّ الْمَصِيرَ إِِلَى التَّعَبُّدِ نَوْعُ ضَرُورَةٍ يُرْجَعُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ (1) .</p>وَمِنْ هُنَا اخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي اعْتِبَارِ بَعْضِ الأَْحْكَامِ تَعَبُّدِيًّا أَوْ مَعْقُول الْمَعْنَى، فَمَا يَرَاهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ تَعَبُّدِيًّا قَدْ يَرَاهُ الْبَعْضُ الآْخَرُ مُعَلَّلاً بِمَصَالِحَ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ رِعَايَتُهَا. فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ قَال: إِنَّ تَكْرَارَ السُّجُودِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ، أَيْ لَمْ يُعْقَل مَعْنَاهُ، تَحْقِيقًا لِلاِبْتِلَاءِ. وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَقِيل: إِنَّهُ ثُنِّيَ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ، حَيْثُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ مَرَّةً فَلَمْ يَسْجُدْ، فَنَحْنُ نَسْجُدُ مَرَّتَيْنِ (2) .</p>وَكَوْنُ طَلَاقِ الْحَائِضِ بِدْعِيًّا، قِيل: هُوَ تَعَبُّدِيٌّ. قَال الدَّرْدِيرُ: وَالأَْصَحُّ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِتَطْوِيل الْعِدَّةِ؛ لأَِنَّ أَوَّلَهَا مِنَ الطُّهْرِ بَعْدَ الْحَيْضِ (3) .</p>وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ يُمَثِّل بِهَا الْفُقَهَاءُ لِغَيْرِ الْمَعْقُول الْمَعْنَى، كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ الْغَزَالِيِّ. غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يُعَلِّلُونَهُ وَأَمْثَالَهُ مِمَّا وُضِعَ مِنَ الْمَنَاسِكِ عَلَى هَيْئَةِ أَعْمَال بَعْضِ الصَّالِحِينَ، كَالسَّعْيِ الَّذِي جُعِل عَلَى هَيْئَةِ سَعْيِ أُمِّ إِسْمَاعِيل عليه السلام بَيْنَهُمَا. يَقُول تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شفاء الغليل ص 200.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدر وحاشية ابن عابدين 1 / 300.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الشرح الصغير على مختصر خليل 2 / 539. القاهرة، ط. دار المعارف.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>تَذَكُّرُ الْوَقَائِعِ الْمَاضِيَةِ لِلسَّلَفِ الْكِرَامِ، وَفِي طَيِّ تَذَكُّرِهَا مَصَالِحُ دِينِيَّةٌ، إِذْ يَتَبَيَّنُ فِي أَثْنَاءِ كَثِيرٍ مِنْهَا مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنِ امْتِثَال أَمْرِ اللَّهِ، وَالْمُبَادَرَةِ إِلَيْهِ، وَبَذْل الأَْنْفُسِ فِي ذَلِكَ. وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ لَنَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَْعْمَال الَّتِي وَقَعَتْ فِي الْحَجِّ، وَيُقَال بِأَنَّهَا (تَعَبُّدٌ) لَيْسَتْ كَمَا قِيل. أَلَا تَرَى أَنَّا إِِذَا فَعَلْنَاهَا وَتَذَكَّرْنَا أَسْبَابَهَا حَصَل لَنَا مِنْ ذَلِكَ تَعْظِيمُ الأَْوَّلِينَ، وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنِ احْتِمَال الْمَشَاقِّ فِي امْتِثَال أَمْرِ اللَّهِ، فَكَانَ هَذَا التَّذَكُّرُ بَاعِثًا لَنَا عَلَى مِثْل ذَلِكَ، وَمُقَرِّرًا فِي أَنْفُسِنَا تَعْظِيمَ الأَْوَّلِينَ، وَذَلِكَ مَعْنًى مَعْقُولٌ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اقْتِدَاءٌ بِفِعْل هَاجَرَ، وَأَنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ اقْتِدَاءٌ بِفِعْل إِبْرَاهِيمَ عليه السلام، إِذْ رَمَى إِبْلِيسَ بِالْجِمَارِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ (1) .</p>وَابْنُ الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ، سَيْرًا عَلَى خُطَى شَيْخِهِ شَيْخِ الإِِْسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ رَأَى كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ، وَرَدَّ كُل مَا قِيل فِيهِ: إِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ، كَفَرْضِ الصَّاعِ فِي لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ الْمَرْدُودَةِ عَلَى بَائِعِهَا، وَمَا قِيل مِنْ أَنَّ الشَّرِيعَةَ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْمُتَسَاوِيَاتِ، كَأَمْرِهَا بِالْغُسْل مِنْ بَوْل الْجَارِيَةِ وَبِالنَّضْحِ مِنْ بَوْل الصَّبِيِّ، وَسَوَّتْ بَيْنَ الْمُفْتَرِقَاتِ، كَتَسْوِيَتِهَا بَيْنَ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ. فَعَلَّل كُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام لابن دقيق العيد 2 / 75.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٠٩)</span><hr/></div>مَا قِيل فِيهِ ذَلِكَ، وَبَيَّنَ وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِيهِ، وَأَنَّ عِلَّتَهُ مَعْقُولَةٌ، وَيُوَافِقُ الْقِيَاسَ وَلَا يُخَالِفُهُ، وَأَطَال فِي ذَلِكَ (1) .</p>مَا تَكُونُ فِيهِ التَّعَبُّدِيَّاتُ، وَأَمْثِلَةٌ مِنْهَا:</p><font color=#ff0000>15 -</font> يَذْكُرُ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ أَنَّ التَّعَبُّدِيَّاتِ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ فِي أُصُول الْعِبَادَاتِ، كَاشْتِرَاعِ أَصْل الصَّلَاةِ أَوِ الصَّوْمِ أَوِ الاِعْتِكَافِ. وَفِي نَصْبِ أَسْبَابِهَا، كَزَوَال الشَّمْسِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَغُرُوبِهَا لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ. وَفِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ. وَفِي التَّقْدِيرَاتِ الْعَدَدِيَّةِ بِوَجْهٍ عَامٍّ، كَتَقْدِيرِ أَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ، وَتَقْدِيرِ عَدَدِ الْجَلَدَاتِ فِي الْحُدُودِ، وَتَقْدِيرِ أَعْدَادِ الشُّهُودِ.</p>وَذَكَرَ الشَّاطِبِيُّ مِنْ أَمْثِلَةِ وُقُوعِهَا فِي الْعَادَاتِ: طَلَبُ الصَّدَاقِ فِي النِّكَاحِ، وَتَخْصِيصُ الذَّبْحِ بِمَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، وَالْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي الْمَوَارِيثِ، وَعَدَدُ الأَْشْهُرِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ (2) .</p>وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ حَدِيثُ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُل بِفَضْل طَهُورِ الْمَرْأَةِ» (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) إعلام الموقعين: 2 / 3 - 50، 74.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموافقات للشاطبي 2 / 307، 308، وشرح جمع الجوامع 2 / 206.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ بفضل. . . " أخرجه أحمد (5 / 66 ط. المكتب الإسلامي) . وأبو داود (1 / 63 ط عبيد الدعاس) . وقال ابن حجر: إسناده صحيح. (سبل السلام 1 / 49 ط دار الكتاب العربي)</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>قَال صَاحِبُ الْمُغْنِي: مَنْعُ الرَّجُل مِنِ اسْتِعْمَال فَضْلَةِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ تَعَبُّدِيٌّ غَيْرُ مَعْقُول الْمَعْنَى، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَلِذَلِكَ يُبَاحُ لاِمْرَأَةٍ سِوَاهَا التَّطَهُّرُ بِهِ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَغَسْل النَّجَاسَةِ وَغَيْرِهَا؛ لأَِنَّ النَّهْيَ اخْتَصَّ بِالرَّجُل، وَلَمْ يُعْقَل مَعْنَاهُ، فَيَجِبُ قَصْرُهُ عَلَى مَحَل النَّهْيِ. وَهَل يَجُوزُ لِلرَّجُل غَسْل النَّجَاسَةِ بِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْل الْقَاضِي.</p>وَالثَّانِي: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لأَِنَّهُ مَاءٌ يُطَهِّرُ الْمَرْأَةَ مِنَ الْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ، فَيُزِيل النَّجَاسَةَ إِِذَا فَعَلَهُ الرَّجُل كَسَائِرِ الْمِيَاهِ. وَالْحَدِيثُ لَا تُعْقَل عِلَّتُهُ، فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ لَفْظُهُ - (1) أَيِ التَّطَهُّرُ مِنَ الْحَدَثِ لَا غَيْرُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْصْل فِي الأَْحْكَامِ مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيل أَوِ التَّعَبُّدُ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ هَل الأَْصْل فِي الأَْحْكَامِ التَّعْلِيل أَوْ عَدَمُهُ؟ فَذَهَبَ الْبَعْضُ إِِلَى الأَْوَّل، فَلَا تُعَلَّل الأَْحْكَامُ إِلَاّ بِدَلِيلٍ. قَالُوا: لأَِنَّ النَّصَّ مُوجِبٌ بِصِيغَتِهِ لَا بِالْعِلَّةِ. وَنُسِبَ إِِلَى الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ الأَْصْل التَّعْلِيل بِوَصْفٍ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يُمَيِّزُهُ مِنْ غَيْرِهِ. قَال فِي التَّلْوِيحِ: وَالْمَشْهُورُ بَيْنَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الأَْصْل فِي الأَْحْكَامِ التَّعَبُّدُ دُونَ التَّعْلِيل. قَال: وَالْمُخْتَارُ: أَنَّ الأَْصْل فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 1 / 216 ط الثالثة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٠)</span><hr/></div>النُّصُوصِ التَّعْلِيل، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ - أَيْ لِصِحَّةِ الْقِيَاسِ - مِنْ دَلِيلٍ يُمَيِّزُ الْوَصْفَ الَّذِي هُوَ عِلَّةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ قَبْل التَّعْلِيل وَالتَّمْيِيزُ مِنْ دَلِيلٍ يَدُل عَلَى أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ الَّذِي يُرِيدُ اسْتِخْرَاجَ عِلَّتِهِ مُعَلَّلٌ فِي الْجُمْلَةِ (1) .</p>وَذَهَبَ الشَّاطِبِيُّ إِِلَى أَنَّ الأَْمْرَ فِي ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ، قَال: الأَْصْل فِي الْعِبَادَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَلَّفِ التَّعَبُّدُ، دُونَ الاِلْتِفَاتِ إِِلَى الْمَعَانِي، وَالأَْصْل فِي الْعَادَاتِ الاِلْتِفَاتُ إِِلَى الْمَعَانِي.</p><font color=#ff0000>17 -</font> فَأَمَّا أَنَّ الأَْصْل فِي الْعِبَادَاتِ التَّعَبُّدُ، فَيَدُل لَهُ أُمُورٌ مِنْهَا:</p>الاِسْتِقْرَاءُ. فَالصَّلَوَاتُ خُصَّتْ بِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى هَيْئَاتٍ مَخْصُوصَةٍ إِنْ خَرَجَتْ عَنْهَا لَمْ تَكُنْ عِبَادَاتٍ، وَوَجَدْنَا الذِّكْرَ فِي هَيْئَةٍ مَا مَطْلُوبًا، وَفِي هَيْئَةٍ أُخْرَى غَيْرَ مَطْلُوبٍ، وَأَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ مَخْصُوصَةٌ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ، وَإِِنْ أَمْكَنَتِ النَّظَافَةُ بِغَيْرِهِ، وَأَنَّ التَّيَمُّمَ - وَلَيْسَتْ فِيهِ نَظَافَةٌ حِسِّيَّةٌ - يَقُومُ مَقَامَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ الْمُطَهِّرِ. وَهَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ كَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِِنَّمَا فَهِمْنَا مِنْ حِكْمَةِ التَّعَبُّدِ الْعَامَّةِ الاِنْقِيَادُ لأَِوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا الْمِقْدَارُ لَا يُعْطِي عِلَّةً خَاصَّةً يُفْهَمُ مِنْهَا حُكْمٌ خَاصٌّ، فَعَلِمْنَا أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح التلويح على التوضيح لسعد الدين التفتازاني 2 / 376 المطبعة الخيرية، وشفاء الغليل للغزالي ص 200.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>الْمَقْصُودَ الشَّرْعِيَّ الأَْوَّل التَّعَبُّدُ لِلَّهِ بِذَلِكَ الْمَحْدُودِ، وَأَنَّ غَيْرَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ شَرْعًا.</p>وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ التَّوْسِعَةَ فِي التَّعَبُّدِ بِمَا حُدَّ وَمَا لَمْ يُحَدَّ، لَنَصَبَ الشَّارِعُ عَلَيْهِ دَلِيلاً وَاضِحًا، وَلَمَّا لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ كَذَلِكَ - بَل عَلَى خِلَافِهِ - دَل عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ الْوُقُوفُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَحْدُودِ، إِلَاّ أَنْ يَتَبَيَّنَ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ مَعْنًى مُرَادٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَلَا لَوْمَ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ. لَكِنَّ ذَلِكَ قَلِيلٌ، فَلَيْسَ بِأَصْلٍ، وَإِِنَّمَا الأَْصْل مَا عَمَّ فِي الْبَابِ وَغَلَبَ عَلَى الْمَوْضِعِ.</p><font color=#ff0000>18 -</font> ثُمَّ قَال الشَّاطِبِيُّ: وَأَمَّا إِنَّ الأَْصْل فِي الْعَادَاتِ الاِلْتِفَاتُ إِِلَى الْمَعَانِي فَلأُِمُورٍ:</p>الأَْوَّل: الاِسْتِقْرَاءُ، فَنَرَى الشَّيْءَ الْوَاحِدَ يُمْنَعُ فِي حَالٍ لَا تَكُونُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، فَإِِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ جَازَ كَالدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ إِِلَى أَجَلٍ: تَمْتَنِعُ فِي الْمُبَايَعَةِ، وَيَجُوزُ فِي الْقَرْضِ. وَكَبَيْعِ الرُّطَبِ مِنْ جِنْسٍ بِيَابِسِهِ. يَمْتَنِعُ حَيْثُ يَكُونُ مُجَرَّدَ غَرَرٍ وَرِبًا مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَيَجُوزُ إِِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ (كَمَا فِي تَمْرِ الْعَرَايَا أُبِيحَ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ)، وَلِتَعْلِيل النُّصُوصِ أَحْكَامُ الْعَادَاتِ بِالْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (1) وَفِي آيَةِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 179.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١١)</span><hr/></div>عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَل أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (1) وَفِي حَدِيثٍ: لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ (2) وَنَحْوُ ذَلِكَ.</p>وَالثَّانِي: أَنَّ أَكْثَرَ مَا عَلَّل اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَادَاتِ بِالْمُنَاسِبِ الَّذِي إِِذَا عُرِضَ عَلَى الْعُقُول تَلَقَّتْهُ بِالْقَبُول، فَفَهِمْنَا مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَصْدَ الشَّارِعِ فِيهَا اتِّبَاعُ الْمَعَانِي، لَا الْوُقُوفُ مَعَ النُّصُوصِ. بِخِلَافِ الْعِبَادَاتِ، فَإِِنَّ الْمَعْلُومَ فِيهَا خِلَافُ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا تَوَسَّعَ مَالِكٌ حَتَّى قَال بِقَاعِدَةِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، وَالاِسْتِحْسَانِ.</p>وَالثَّالِثُ: أَنَّ الاِلْتِفَاتَ إِِلَى الْمَعَانِي فِي أُمُورِ الْعَادَاتِ كَانَ مَعْلُومًا فِي الْفَتَرَاتِ، وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْعُقَلَاءُ، حَتَّى جَرَتْ بِذَلِكَ مَصَالِحُهُمْ، سَوَاءٌ أَهْل الْحِكْمَةِ الْفَلْسَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. إِلَاّ أَنَّهُمْ قَصَّرُوا فِي جُمْلَةٍ مِنَ التَّفَاصِيل، فَجَاءَتِ الشَّرِيعَةُ لِتُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَْخْلَاقِ. وَمِنْ هُنَا أَقَرَّتِ الشَّرِيعَةُ جُمْلَةً مِنَ الأَْحْكَامِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كَالدِّيَةِ، وَالْقَسَامَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَكِسْوَةِ الْكَعْبَةِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ مِنْ مَحَاسِنِ الْعَوَائِدِ وَمَكَارِمِ الأَْخْلَاقِ الَّتِي تَقْبَلُهَا الْعُقُول (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 91.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان " أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 136 ط السلفية) بلفظ: (لا يقضين) ولفظ الباب لابن ماجه (2 / 776 ط عيسى الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الموافقات 2 / 300 - 306.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَ التَّعَبُّدِيِّ وَمَعْقُول الْمَعْنَى:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ صَاحِبِ الْفَتَاوَى التُّمُرْتَاشِيَّةَ أَنَّهُ قَال: لَمْ أَقِفْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِعُلَمَائِنَا فِي هَذَا، سِوَى قَوْلِهِمْ: الأَْصْل فِي النُّصُوصِ التَّعْلِيل، فَإِِنَّهُ يُشِيرُ إِِلَى أَفْضَلِيَّةِ الْمَعْقُول مَعْنَاهُ. قَال: وَوَقَفْتُ عَلَى ذَلِكَ فِي فَتَاوَى ابْنِ حَجَرٍ، قَال: قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ التَّعَبُّدِيَّ أَفْضَل؛ لأَِنَّهُ بِمَحْضِ الاِنْقِيَادِ، بِخِلَافِ مَا ظَهَرَتْ عِلَّتُهُ، فَإِِنَّ مُلَابِسَهُ قَدْ يُفْعَل لِتَحْصِيل فَائِدَتِهِ، وَخَالَفَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَال: لَا شَكَّ أَنَّ مَعْقُول الْمَعْنَى مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ أَفْضَل؛ لأَِنَّ أَكْثَرَ الشَّرِيعَةِ كَذَلِكَ (1) .</p>وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّاطِبِيِّ الأَْخْذُ بِقَوْل مَنْ يَقُول: إِنَّ التَّعَبُّدِيَّ أَفْضَل، وَذَلِكَ حَيْثُ قَال: إِنَّ التَّكَالِيفَ إِِذَا عُلِمَ قَصْدُ الْمَصْلَحَةِ فِيهَا فَلِلْمُكَلَّفِ فِي الدُّخُول تَحْتَهَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:</p>الأَْوَّل: أَنْ يَقْصِدَ بِهَا مَا فُهِمَ مِنْ مَقْصِدِ الشَّارِعِ فِي شَرْعِهَا. وَهَذَا لَا إِشْكَال فِيهِ، وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخَلِّيَهُ مِنْ قَصْدِ التَّعَبُّدِ، فَكَمْ مِمَّنْ فَهِمَ الْمَصْلَحَةَ فَلَمْ يَلْوِ عَلَى غَيْرِهَا، فَغَابَ عَنْ أَمْرِ الآْمِرِ بِهَا. وَهِيَ غَفْلَةٌ تُفَوِّتُ خَيْرَاتٍ كَثِيرَةً، بِخِلَافِ مَا إِِذَا لَمْ يُهْمَل التَّعَبُّدَ. ثُمَّ إِنَّ الْمَصَالِحَ لَا يَقُومُ دَلِيلٌ عَلَى انْحِصَارِهَا فِيمَا عُلِمَ إِلَاّ نَادِرًا، فَإِِذَا لَمْ يَثْبُتِ الْحَصْرُ كَانَ قَصْدُ تِلْكَ الْحِكْمَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 1 / 301.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٢)</span><hr/></div>الْمُعَيَّنَةِ رُبَّمَا أَسْقَطَ مَا هُوَ مَقْصُودٌ أَيْضًا مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ.</p>الثَّانِي: أَنْ يُقْصَدَ بِهَا مَا عَسَى أَنْ يَقْصِدَهُ الشَّارِعُ، مِمَّا اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ.</p>وَهَذَا أَكْمَل مِنَ الْقَصْدِ الأَْوَّل، إِلَاّ أَنَّهُ رُبَّمَا فَاتَهُ النَّظَرُ إِِلَى التَّعَبُّدِ.</p>الثَّالِثُ: أَنْ يُقْصَدَ مُجَرَّدُ امْتِثَال الأَْمْرِ، فُهِمَ قَصْدُ الْمَصْلَحَةِ أَوْ لَمْ يُفْهَمْ.</p>قَال: فَهَذَا أَكْمَل وَأَسْلَمُ.</p>أَمَّا كَوْنُهُ أَكْمَل فَلأَِنَّهُ نَصَبَ نَفْسَهُ عَبْدًا مُؤْتَمَرًا وَمَمْلُوكًا مُلَبِّيًا، إِذْ لَمْ يَعْتَبِرْ إِلَاّ مُجَرَّدَ الأَْمْرِ. وَقَدْ وُكِّل الْعِلْمُ بِالْمَصْلَحَةِ إِِلَى الْعَالِمِ بِهَا جُمْلَةً وَتَفْصِيلاً وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى.</p>وَأَمَّا كَوْنُهُ أَسْلَمَ؛ فَلأَِنَّ الْعَامِل بِالاِمْتِثَال عَامِلٌ بِمُقْتَضَى الْعُبُودِيَّةِ، فَإِِنْ عَرَضَ لَهُ قَصْدٌ غَيْرَ اللَّهِ رَدَّهُ قَصْدُ التَّعَبُّدِ (1) .</p>فَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَتَجَلَّى فِي التَّعَبُّدِيَّاتِ أَكْثَرَ مِمَّا يَظْهَرُ فِيمَا كَانَ مَعْقُول الْمَعْنَى مِنَ الأَْحْكَامِ.</p>وَمَذْهَبُ الْغَزَالِيِّ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ التَّعَبُّدِيَّ أَفْضَل، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فِيمَا تَقَدَّمَ النَّقْل عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ مَا لَا يُهْتَدَى لِمَعَانِيهِ أَبْلَغُ أَنْوَاعِ التَّعَبُّدَاتِ فِي تَزْكِيَةِ النُّفُوسِ (2) .</p>وَفِي حَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: أَنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ فِي الأَْفْضَلِيَّةِ هُمَا عَلَى سَبِيل الإِِْجْمَال، أَمَّا بِالنَّظَرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 373، 474.</p><font color=#ff0000>(2)</font> إحياء علوم الدين بحاشية شرح الزبيدي 4 / 444.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>إِِلَى الْجُزَيْئَاتِ، فَقَدْ يَكُونُ التَّعَبُّدِيُّ أَفْضَل كَالْوُضُوءِ وَغُسْل الْجَنَابَةِ، فَإِِنَّ الْوُضُوءَ أَفْضَل. وَقَدْ يَكُونُ الْمَعْقُول أَفْضَل كَالطَّوَافِ وَالرَّمْيِ، فَإِِنَّ الطَّوَافَ أَفْضَل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَصَائِصُ التَّعَبُّدِيَّاتِ:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> مِنْ أَحْكَامِ التَّعَبُّدِيَّاتِ:</p>أ - أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّ الْقِيَاسَ فَرْعُ مَعْرِفَةِ الْعِلَّةِ، وَالْفَرْضُ: أَنَّ التَّعَبُّدِيَّ لَمْ تُعْرَفْ عِلَّتُهُ، فَيَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ، وَلَا يَتَعَدَّى حُكْمُهُ مَوْضِعَهُ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ قَاعِدَةٍ عَامَّةٍ وَلَا يُعْقَل مَعْنَى الاِسْتِثْنَاءِ، كَتَخْصِيصِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنِكَاحِ تِسْعِ نِسْوَةٍ، وَتَخْصِيصِ أَبِي بُرْدَةَ بِالتَّضْحِيَةِ بِعَنَاقٍ، أَمْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، بَل كَانَ حُكْمًا مُبْتَدَأً، كَتَقْدِيرِ أَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ، وَوُجُوبِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَمَقَادِيرِ الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ وَأَجْنَاسِهَا، وَجَمِيعُ التَّحَكُّمَاتِ الْمُبْتَدَأَةِ الَّتِي لَا يَنْقَدِحُ فِيهَا مَعْنًى، فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا. (2)</p><font color=#ff0000>21 -</font> وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الأَْصْل وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي فُرُوعٍ فِقْهِيَّةٍ، مِنْهَا: رَجْمُ اللُّوطِيِّ، رَفَضَهُ الْحَنَفِيَّةُ، وَأَثْبَتَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) رد المحتار 1 / 300.</p><font color=#ff0000>(2)</font> شرح جمع الجوامع وحاشية البناني 2 / 218، والمستصفى 2 / 326 - 328، 347، وشرح مسلم الثبوت 2 / 250، والمعتمد لأبي الحسين 1 / 795، وإرشاد الفحول للشوكاني ص 222، 223.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٣)</span><hr/></div>وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا يَجْرِي الْقِيَاسُ فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ؛ لأَِنَّ الْحُدُودَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَقْدِيرَاتٍ لَا تُعْرَفُ، كَعَدَدِ الْمِائَةِ فِي حَدِّ الزِّنَى، وَالثَّمَانِينَ فِي الْقَذْفِ، فَإِِنَّ الْعَقْل لَا يُدْرِكُ الْحِكْمَةَ فِي اعْتِبَارِ خُصُوصِ هَذَا الْعَدَدِ، قَالُوا: وَمَا كَانَ يُعْقَل مِنْهَا - أَيْ مِنْ أَحْكَامِ الْحُدُودِ - فَإِِنَّ الشُّبْهَةَ فِي الْقِيَاسِ لاِحْتِمَالِهِ الْخَطَأَ تُوجِبُ عَدَمَ إِثْبَاتِهِ بِالْقِيَاسِ، وَهَذَا كَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ لِكَوْنِهَا جَنَتْ بِالسَّرِقَةِ فَقُطِعَتْ. وَهَكَذَا اخْتِلَافُ تَقْدِيرَاتِ الْكَفَّارَاتِ، فَإِِنَّهُ لَا يُعْقَل كَمَا لَا تُعْقَل أَعْدَادُ الرَّكَعَاتِ.</p>وَأَجَازَ غَيْرُ الْحَنَفِيَّةِ الْقِيَاسَ فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ، لَكِنْ فِيمَا يُعْقَل مَعْنَاهُ مِنْ أَحْكَامِهَا لَا فِيمَا لَا يُعْقَل مِنْهَا، كَمَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ. (1)</p>ب - قَال الشَّاطِبِيُّ: إِنَّ التَّعَبُّدِيَّاتِ مَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةٍ كَالطَّهَارَةِ، وَالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ. وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ النِّيَّةَ فِي بَعْضِهَا فَإِِنَّهُ يَبْنِي عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ الْبَعْضِ مَعْقُول الْمَعْنَى، فَحُكْمُهُ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ أُمُورِ الْعَادَاتِ. أَمَّا صَوْمُ رَمَضَانَ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ، فَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ لَهُمَا تَبْيِيتَ النِّيَّةِ وَلَا التَّعْيِينَ، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ لَوْ نَوَى غَيْرَهُمَا فِي وَقْتِهِمَا انْصَرَفَ إِلَيْهِمَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَفَّ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ قَدِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الموافقات 2 / 329.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>اسْتَحَقَّهُ الْوَقْتُ، فَلَا يَنْصَرِفُ لِغَيْرِهِ، وَلَا يَصْرِفُهُ عَنْهُ قَصْدٌ سِوَاهُ.</p>وَمِنْ هَذَا مَا قَال الْحَنَابِلَةُ فِي غَسْل الْقَائِمِ مِنْ نَوْمِ اللَّيْل يَدَهُ قَبْل إِدْخَالِهَا الإِِْنَاءَ: إِنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ، فَتُعْتَبَرُ لَهُ النِّيَّةُ الْخَاصَّةُ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْ غَسْلِهِمَا نِيَّةُ الْوُضُوءِ أَوِ الْغُسْل؛ لأَِنَّهُمَا عِبَادَةٌ مُفْرَدَةٌ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 1 / 91. الرياض، المكتبة الحديثة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْبِيرٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْبِيرُ لُغَةً: التَّبْيِينُ. يُقَال: عَبَّرَ عَمَّا فِي نَفْسِهِ: أَيْ أَعْرَبَ وَبَيَّنَ وَيُقَال لِمَنْ أَعْرَبَ عَنْ عَيِيٍّ: عَبَّرَ عَنْهُ. وَاللِّسَانُ يُعَبِّرُ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ: أَيْ يُبَيِّنُ. وَالاِسْمُ: الْعِبْرَةُ وَالْعِبَارَةُ وَالْعِبَارَةُ. وَخَصَّهُ أَبُو الْبَقَاءِ الْكَفَوِيُّ بِتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا، وَهُوَ: الْعُبُورُ مِنْ ظَوَاهِرِهَا إِِلَى بَوَاطِنِهَا وَاسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌طُرُقُ التَّعْبِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> هُنَاكَ أَكْثَرُ مِنْ طَرِيقٍ لِلتَّعْبِيرِ عَنِ الإِِْرَادَةِ، فَقَدْ يَكُونُ بِالْقَوْل، وَقَدْ يَكُونُ بِالْفِعْل، وَقَدْ يَكُونُ بِالسُّكُوتِ أَوِ الضَّحِكِ وَالْبُكَاءِ. وَالْفِعْل: إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْمُعَاطَاةِ، أَوْ بِالْكِتَابَةِ، أَوْ بِالإِِْشَارَةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة " عبر "، والكليات كلمة " تعبير " 2 / 103.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: التَّعْبِيرُ بِالْقَوْل:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الأَْصْل فِي التَّعْبِيرِ عَنِ الإِِْرَادَةِ: أَنْ يَكُونَ بِالْقَوْل؛ لأَِنَّهُ مِنْ أَوْضَحِ الدَّلَالَاتِ عَلَى تِلْكَ الإِِْرَادَةِ؛ وَلأَِنَّ الرِّضَا أَوْ عَدَمَهُ أَمْرٌ خَفِيٌّ قَلْبِيٌّ، لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ، فَنِيطَ الْحُكْمُ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ وَهُوَ الْقَوْل، لِذَلِكَ كَانَتِ الصِّيغَةُ أَوِ الإِِْيجَابُ وَالْقَبُول رُكْنًا فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ، سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْعُقُودُ مُعَاوَضَاتٍ: كَالْبَيْعِ وَالإِِْجَارَةِ، أَوْ تَبَرُّعَاتٍ: كَالْهِبَةِ وَالإِِْعَارَةِ، أَوِ اسْتِيثَاقَاتٍ: كَالرَّهْنِ، أَوْ مَا تَكُونُ تَبَرُّعًا ابْتِدَاءً وَمُعَاوَضَةً انْتِهَاءً: كَالْقَرْضِ، أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الْعُقُودِ كَالشَّرِكَةِ وَالْوَكَالَةِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ. (1)</p>وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ:(صِيغَةٌ)</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: التَّعْبِيرُ بِالْفِعْل:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> تَظْهَرُ صُورَةُ التَّعْبِيرِ بِالْفِعْل وَاضِحَةً فِي الْمُعَاطَاةِ، وَذَلِكَ فِي بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ أَوِ التَّعَاطِي. وَصُورَتُهُ: أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ وَلَا قَبُولٍ قَوْلِيَّيْنِ. وَهُوَ مَوْضِعُ خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 262 وما بعدها، 415، 4 / 5 وما بعدها، 171، 339، 483، 502، 508، 5 / 3، والقوانين الفقهية ص 200، 232، 250، 371، 378، ومغني المحتاج 2 / 3 وما بعدها 117، 217، 121، 222، 264، 310، 232، 397، وكشاف القناع 3 / 146، 312، 314، 322، 461، 508، 547، 4 / 62، 298 و 5 / 37.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٥)</span><hr/></div>فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ) إِِلَى صِحَّتِهِ وَانْعِقَادِهِ بِتِلْكَ الصُّورَةِ؛ لأَِنَّ الْفِعْل يَدُل عَلَى الرِّضَا عُرْفًا. وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْبَيْعِ إِنَّمَا هُوَ أَخْذُ مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ بِعِوَضٍ يَرْضَاهُ، فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَوْل، وَيَكْفِي الْفِعْل بِالْمُعَاطَاةِ.</p>وَذَهَبَ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ: إِِلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ بِالْمُعَاطَاةِ، لأَِنَّ الْفِعْل لَا يَدُل بِوَضْعِهِ عَلَى التَّرَاضِي، فَالْمَقْبُوضُ بِهَا كَالْمَقْبُوضِ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ، فَيُطَالِبُ كُلٌّ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَ إِلَيْهِ إِنْ بَقِيَ، أَوْ بِبَدَلِهِ إِنْ تَلِفَ.</p>وَخَصَّ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ (كَابْنِ سُرَيْجٍ وَالرُّويَانِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْكَرْخِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ) جَوَازَ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ بِالْمُحَقَّرَاتِ، وَهِيَ مَا جَرَتِ الْعَادَةُ فِيهَا بِالْمُعَاطَاةِ، كَرِطْل خُبْزٍ وَحُزْمَةِ بَقْلٍ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُعَاطَاةِ، بِشَرْطِ عَدَمِ تَأْخِيرِ الْقَبْضِ لِلطَّالِبِ فِي نَحْوِ: خُذْ هَذَا بِدِرْهَمٍ، أَوْ عَدَمِ تَأْخِيرِ الإِِْقْبَاضِ لِلطَّلَبِ نَحْوِ: أَعْطِنِي بِهَذَا الدِّرْهَمِ خُبْزًا لأَِنَّهُ إِِذَا اعْتُبِرَ عَدَمُ التَّأْخِيرِ فِي الإِِْيجَابِ وَالْقَبُول اللَّفْظِيِّ، فَاعْتِبَارُ عَدَمِ التَّأْخِيرِ فِي الْمُعَاطَاةِ أَوْلَى.</p>قَال الْبُهُوتِيُّ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّأْخِيرَ فِي الْمُعَاطَاةِ مُبْطِلٌ، وَلَوْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ لِضَعْفِهَا عَنِ الصِّيغَةِ الْقَوْلِيَّةِ.</p>وَاعْتَبَرَ الْمَالِكِيَّةُ التَّقَابُضَ فِي الْمُعَاطَاةِ شَرْطَ لُزُومٍ، فَمَنْ أَخَذَ رَغِيفًا مِنْ شَخْصٍ وَدَفَعَ لَهُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>ثَمَنَهُ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ، لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُل. بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ رَغِيفًا وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ، فَيَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ؛ لِعَدَمِ لُزُومِ الْبَيْعِ.</p>وَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ: الإِِْقَالَةَ، وَالإِِْجَارَةَ - إِنْ عُلِمَتِ الأُْجْرَةُ - وَالصَّرْفَ، وَالْهِبَةَ، وَالْهَدِيَّةَ، وَنَحْوَهَا. تَصِحُّ وَتَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي، وَنَصُّوا كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْقَبُول فِي الْعَارِيَّةِ يَصِحُّ بِالْفِعْل كَالتَّعَاطِي، وَأَمَّا الإِِْيجَابُ فَلَا يَصِحُّ بِهِ.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: كُل إِشَارَةٍ فُهِمَ مِنْهَا الإِِْيجَابُ وَالْقَبُول لَزِمَ بِهَا الْبَيْعُ وَسَائِرُ الْعُقُودِ، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ الشَّرِكَةَ تَنْعَقِدُ بِالْفِعْل الدَّال عَلَيْهَا كَمَا لَوْ خَلَطَا مَالَيْهِمَا وَبَاعَا.</p>وَتَمَسَّكَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَصْلِهِمْ، وَهُوَ: عَدَمُ صِحَّةِ الْعَقْدِ بِالْمُعَاطَاةِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ. إِلَاّ الْعَارِيَّةَ، فَإِِنَّهَا تَصِحُّ عِنْدَهُمْ بِلَفْظٍ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ فِعْلٍ مِنَ الآْخَرِ، وَلَا يَكْفِي الْفِعْل مِنَ الطَّرَفَيْنِ إِلَاّ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، كَمَنِ اشْتَرَى شَيْئًا وَسَلَّمَهُ لَهُ فِي ظَرْفٍ، فَالظَّرْفُ مُعَارٌ فِي الأَْصَحِّ. وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ صِحَّةَ الْهِبَةِ بِالْمُعَاطَاةِ.</p>وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى انْعِقَادِ الإِِْجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالإِِْقَالَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ وَالْهِبَةِ بِالْفِعْل كَالتَّعَاطِي، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ الْمَعْنَى، فَجَازَ بِكُل مَا يَدُل عَلَيْهِ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 11 وما بعدها، 502، 508 و 5 / 3 وما بعدها، وحاشية الدسوقي 3 / 3، ومواهب الجليل 4 / 228، 5 / 133، 6 / 53، ومغني المحتاج 2 / 3 وما بعدها، 118، 121، 308، 313، 333، 266، وكشاف القناع 3 / 148 وما بعدها، 250، 462، 508، 555، 4 / 62، 298.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٦)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: التَّعْبِيرُ بِالْكِتَابَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ وَانْعِقَادِهَا بِالْكِتَابَةِ، وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَبُول أَنْ يَكُونَ فِي مَجْلِسِ بُلُوغِ الْكِتَابِ، لِيَقْتَرِنَ بِالإِِْيجَابِ بِقَدْرِ الإِِْمْكَانِ.</p>وَجَعَل الشَّافِعِيَّةُ الْكِتَابَةَ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ، فَتَنْعَقِدُ بِهَا الْعُقُودُ مَعَ النِّيَّةِ. (1)</p>وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ عَقْدَ النِّكَاحِ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) . وَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْغَائِبِ دُونَ الْحَاضِرِ، (2) بِشَرْطِ إِعْلَامِ الشُّهُودِ بِمَا فِي الْكِتَابِ.</p>وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْكِتَابَةِ، لأَِنَّ الْكِتَابَةَ حُرُوفٌ يُفْهَمُ مِنْهَا الطَّلَاقُ، فَأَشْبَهَتِ النُّطْقَ؛ وَلأَِنَّ الْكِتَابَةَ تَقُومُ مَقَامَ قَوْل الْكَاتِبِ، بِدَلِيل أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ مَأْمُورًا بِتَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ، فَبَلَّغَ بِالْقَوْل مَرَّةً، وَبِالْكِتَابَةِ أُخْرَى.</p>وَالْكِتَابَةُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ إِنَّمَا هِيَ الْكِتَابَةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 10، وحاشية الدسوقي 3 / 3، ومغني المحتاج 2 / 5، وكشاف القناع 3 / 148، والأشباه والنظائر لابن نجيم 339، والأشباه والنظائر للسيوطي 308. # (2) ابن عابدين 2 / 365، ومواهب الجليل 3 / 419، ومغني المحتاج 3 / 141، وكشاف القناع 5 / 39.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 2 / 365، ومواهب الجليل 3 / 419، ومغني المحتاج 3 / 141، وكشاف القناع 5 / 39.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>الْمُسْتَبِينَةِ، كَالْكِتَابَةِ عَلَى الصَّحِيفَةِ وَالْحَائِطِ وَالأَْرْضِ، عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُ فَهْمُهُ وَقِرَاءَتُهُ. وَأَمَّا الْكِتَابَةُ غَيْرُ الْمُسْتَبِينَةِ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ وَشَيْءٍ لَا يُمْكِنُ فَهْمُهُ وَقِرَاءَتُهُ، فَلَا يَقَعُ بِهَا الطَّلَاقُ، لأَِنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ بِمَنْزِلَةِ الْهَمْسِ بِلِسَانِهِ بِمَا لَا يُسْمَعُ. وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيَّةُ الْكِتَابَةَ بِالطَّلَاقِ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ، فَتَفْتَقِرُ إِِلَى نِيَّةٍ مِنَ الْكَاتِبِ، وَقَصَرَ الْحَنَفِيَّةُ النِّيَّةَ عَلَى الْكِتَابَةِ الْمُسْتَبِينَةِ غَيْرِ الْمَرْسُومَةِ (أَيْ أَنْ لَا يَكُونَ الْكِتَابُ مُصَوَّرًا وَمُعَنْوَنًا) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ كَتَبَ طَلَاقَهَا بِالصَّرِيحِ وَقَعَ وَإِِنْ لَمْ يَنْوِهِ. وَإِِنْ كَتَبَهُ بِالْكِنَايَةِ فَهُوَ كِنَايَةٌ.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ كَتَبَهُ عَازِمًا عَلَى الطَّلَاقِ بِكِتَابَتِهِ فَيَقَعُ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ مِنْ كِتَابَةِ: هِيَ طَالِقٌ. وَمِثْلُهُ: لَوْ كَتَبَ: إِِذَا جَاءَكَ كِتَابِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَعِنْدَهُمْ قَوْلٌ ثَانٍ: بِأَنْ يُوقَفَ الطَّلَاقُ عَلَى وُصُول الْكِتَابِ، وَقَوَّاهُ الدُّسُوقِيُّ لِتَضَمُّنِ " إِِذَا " مَعْنَى الشَّرْطِ.</p>وَإِِنْ كَتَبَهُ مُسْتَشِيرًا أَوْ مُتَرَدِّدًا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، إِلَاّ إِِذَا أَخْرَجَهُ عَازِمًا، أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ إِخْرَاجِهِ. وَأَمَّا إِِذَا أَخْرَجَهُ - وَهُوَ كَذَلِكَ - مُتَرَدِّدًا أَوْ مُسْتَشِيرًا، أَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ، فَإِِمَّا أَنْ يَصِل إِلَيْهَا، وَإِِمَّا أَنْ لَا يَصِل إِلَيْهَا، فَإِِنْ وَصَل إِلَيْهَا حَنِثَ وَإِِلَاّ فَلَا. وَأَمَّا إِنْ كَتَبَهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَصْلاً حِينَ الْكِتَابَةِ فَيَلْزَمُهُ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٧)</span><hr/></div>الطَّلَاقُ، لِحَمْلِهِ عَلَى الْعَزْمِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: التَّعْبِيرُ بِالإِِْشَارَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ إِشَارَةَ الأَْخْرَسِ الْمُفْهِمَةِ تَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ لِلضَّرُورَةِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَدُل عَلَى مَا فِي فُؤَادِهِ، كَمَا يَدُل عَلَيْهِ النُّطْقُ مِنَ النَّاطِقِ.</p>وَاخْتَلَفُوا فِي إِشَارَةِ غَيْرِ الأَْخْرَسِ. فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) إِِلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهَا فِي الْعُقُودِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِِلَى أَنَّ إِشَارَةَ النَّاطِقِ مُعْتَبَرَةٌ كَنُطْقِهِ - قَالُوا - وَهِيَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنَ الْمُعَاطَاةِ - لأَِنَّهَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَنَّهَا كَلَامٌ. قَال اللَّهُ تَعَالَى:{آيَتُكَ أَنْ لَا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَاّ رَمْزًا} (2) وَالرَّمْزُ: الإِِْشَارَةُ. (3)</p>وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِشَارَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 428، وحاشية الدسوقي 2 / 384، ومواهب الجليل 4 / 58، ومغني المحتاج 3 / 284، وكشاف القناع 5 / 248.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة آل عمران / 41.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 9، وحاشية الدسوقي 2 / 3، ومواهب الجليل 4 / 58، 229، ومغني المحتاج 2 / 7، 3 / 284، وحاشية الجمل 3 / 11، وكشاف القناع 3 / 364، 6 / 453، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 312، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص 343 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌خَامِسًا: التَّعْبِيرُ بِالسُّكُوتِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ سُكُوتَ الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ تَعْبِيرًا عَنْ رِضَاهَا بِالنِّكَاحِ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ. إِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِي. قَال: رِضَاهَا صُمَاتُهَا (1) وَأَخْرَجَ الإِِْمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: الأَْيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا، وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ، وَإِِذْنُهَا سُكُوتُهَا (2)</p>وَأَلْحَقُوا بِالسُّكُوتِ الضَّحِكَ وَالْبُكَاءَ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الْيَتِيمَةُ تُسْتَأْمَرُ فِي نَفْسِهَا، فَإِِنْ صَمَتَتْ فَهُوَ إِذْنُهَا، وَإِِنْ أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا (3) وَلأَِنَّهَا غَيْرُ نَاطِقَةٍ بِالاِمْتِنَاعِ مَعَ سَمَاعِهَا لِلاِسْتِئْذَانِ، فَكَانَ ذَلِكَ إِذْنًا مِنْهَا.</p>وَلَمْ يَعْتَبِرِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ الْبُكَاءَ إِنْ كَانَ مَعَ الصِّيَاحِ وَالصَّوْتِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَا.</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ عُلِمَ مِنْ بُكَائِهَا أَنَّهُ مَنْعٌ لَمْ تُزَوَّجْ.</p>وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الضَّحِكِ إِنْ كَانَ بِاسْتِهْزَاءٍ؛ لأَِنَّ الضَّحِكَ إِنَّمَا جُعِل إِذْنًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " رضاها صماتها ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 191 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " الأيم أحق بنفسها. . . ". أخرجه مسلم (2 / 1037 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " اليتيمة تستأمر في نفسها، فإن صمتت. . . " أخرجه الترمذي (3 / 408 ط الحلبي) وقال: حديث حسن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٨)</span><hr/></div>لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا، فَإِِذَا لَمْ يَدُل عَلَى الرِّضَا لَمْ يَكُنْ إِذْنًا.</p>قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْفَتْحِ: وَالْمُعَوَّل اعْتِبَارُ قَرَائِنِ الأَْحْوَال فِي الْبُكَاءِ وَالضَّحِكِ، فَإِِنْ تَعَارَضَتْ أَوْ أَشْكَل احْتِيطَ. (1)</p>وَثَمَّةَ تَفْصِيلَاتٌ وَاسْتِثْنَاءَاتٌ تَفْصِيلُهَا فِي (النِّكَاحِ)</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا</span></p> </p>انْظُرْ: رُؤْيَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 299، وحاشية الدسوقي 2 / 227 وما بعدها، ومغني المحتاج 3 / 150، وكشاف القناع 5 / 46، 47، والأشباه والنظائر لابن نجيم 154 وما بعدها، والأشباه والنظائر للسيوطي 142، 143.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْجِيزٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْجِيزُ لُغَةً: مَصْدَرُ عَجَّزَ. يُقَال: عَجَّزْتُهُ تَعْجِيزًا: إِِذَا جَعَلْتَهُ عَاجِزًا، وَعَجَّزَ فُلَانٌ رَأْيَ فُلَانٍ: إِِذَا نَسَبَهُ إِِلَى خِلَافِ الْحَزْمِ، كَأَنَّهُ نَسَبَهُ إِِلَى الْعَجْزِ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ فِي الاِصْطِلَاحِ الْفِقْهِيِّ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ: نِسْبَةُ الشَّخْصِ إِِلَى الْعَجْزِ. (1)</p>وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا هَذَا اللَّفْظَ إِلَاّ فِي حَالَتَيْنِ:</p>الأُْولَى: تَعْجِيزُ الْمُكَاتَبِ.</p>وَالأُْخْرَى: تَعْجِيزُ الْقَاضِي أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ عَنْ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ.</p>وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ إِجْمَالاً:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: تَعْجِيزُ الْمُكَاتَبِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ مِنْ جَانِبِ السَّيِّدِ، وَهُوَ: أَنْ يَتَعَاقَدَ السَّيِّدُ مَعَ عَبْدِهِ. أَوْ أَمَتِهِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَيْهِ كَذَا مِنَ الْمَال مُنَجَّزًا، أَوْ مُؤَجَّلاً، وَيَكُونُ حُرًّا. فَلَا يَمْلِكُ فَسْخَهَا،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب، مادة:" عجز "، وتبصرة الحكام ص 144.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢١٩)</span><hr/></div>وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيزُ الْمُكَاتَبِ قَبْل عَجْزِ الْمُكَاتَبِ عَنْ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ.</p>أَمَّا إِنْ حَل النَّجْمُ (الْقِسْطُ) فَلِلسَّيِّدِ مُطَالَبَتُهُ بِمَا حَل مِنْ نُجُومِهِ؛ لأَِنَّهُ حَقٌّ لَهُ.</p>فَإِِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْهَا، فَهَل يَحِقُّ لِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ وَتَعْجِيزُ الْمُكَاتَبِ أَمْ لَا؟ .</p>ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: إِِلَى أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَفْسَخَ الْكِتَابَةَ بِنَفْسِهِ، دُونَ الرُّجُوعِ إِِلَى الْحَاكِمِ أَوِ السُّلْطَانِ، إِِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ بَعْدَ حُلُول النَّجْمِ، لِفِعْل ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ذَلِكَ.</p>وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إِلَاّ عَنْ طَرِيقِ الْحَاكِمِ أَوِ السُّلْطَانِ. (1)</p><font color=#ff0000>3 -</font> وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ كَذَلِكَ - وَهُمْ: الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ - إِِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ. كَأَنْ يَقُول: أَنَا عَاجِزٌ عَنْ كِتَابَتِي، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ الصَّبْرُ أَوِ الْفَسْخُ، إِمَّا عَنْ طَرِيقِ الْحَاكِمِ أَوْ بِنَفْسِهِ. كَمَا أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَجِّزَهُ إِِذَا طَلَبَ ذَلِكَ السَّيِّدُ أَوْ وَرَثَتُهُ، بَعْدَ حُلُول النَّجْمِ وَعَدَمِ الْوَفَاءِ بِمَا كُوتِبَ عَلَيْهِ.</p>أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَرَوْنَ: أَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُعَجِّزَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 4 / 159، جواهر الإكليل 2 / 309، ومغني المحتاج 4 / 530، والمغني لابن قدامة 9 / 468.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>نَفْسَهُ إِِذَا كَانَ مُقْتَدِرًا؛ لأَِنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ عِنْدَهُمْ لَازِمٌ مِنَ الطَّرَفَيْنِ.</p>وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (كِتَابَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: عَجْزُ الْمُدَّعِي أَوِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> أَكْثَرُ مَنِ اسْتَعْمَل مِنَ الْفُقَهَاءِ لَفْظَ التَّعْجِيزِ هُمُ الْمَالِكِيَّةُ، حَيْثُ ذَهَبُوا: إِِلَى أَنَّهُ إِِذَا انْقَضَتِ الآْجَال الَّتِي ضَرَبَهَا الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي لإِِِحْضَارِ بَيِّنَتِهِ، وَفَتْرَةُ التَّلَوُّمِ، وَلَمْ يَأْتِ الشَّخْصُ الْمُؤَجَّل بِشَيْءٍ يُوجِبُ لَهُ نَظِرَةً، عَجَّزَهُ الْقَاضِي، وَأَنْفَذَ الْقَضَاءَ عَلَيْهِ، وَسَجَّل، وَقَطَعَ بِذَلِكَ تَبِعَتَهُ عَنْ خَصْمِهِ، ثُمَّ لَا يُسْمَعُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حُجَّةً، وَلَا تُقْبَل مِنْهُ بَيِّنَةٌ إِنْ أَتَى بِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ مُدَّعِيًا أَمْ مُدَّعًى عَلَيْهِ. (1)</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِِلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ يُمْهَل إِِذَا طَلَبَ مُهْلَةً لإِِِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ، وَيُتْرَكُ مَا تُرِكَ؛ لأَِنَّهُ هُوَ الطَّالِبُ لِلْحَقِّ.</p>أَمَّا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يُمْهَل أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ يُحْكَمُ بِتَعْجِيزِهِ، وَيَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الْحَلِفِ، ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي فَيُحْكَمُ لَهُ.</p>أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَيَرَوْنَ: أَنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِنَفْسِ النُّكُول، بَعْدَ أَنْ يُكَرِّرَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. (2) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 1 / 141، والقوانين الفقهية 308.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البدائع 6 / 224، والمجموع التكملة 20 / 158، والمغني لابن قدامة 9 / 79.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٠)</span><hr/></div>الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ. (1)</p>وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(دَعْوَى) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " البينة على من ادعى واليمين على من أنكر " هذا الحديث جزء من حديث أخرجه البيهقي (10 / 252 ط دار المعارف) أوله " لو يعطى الناس بدعواهم لادعى رجال أموال قوم ودماءهم، ولكن البينة. . . إلخ ". (فتح الباري 5 / 283 ط السلفية) . وحسن ابن حجر إسناد الحديث.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْجِيلٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْجِيل: مَصْدَرُ عَجَّل. وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: الاِسْتِحْثَاثُ، وَطَلَبُ الْعَجَلَةِ، وَهِيَ: السُّرْعَةُ. وَيُقَال: عَجَّلْتُ إِلَيْهِ الْمَال: أَسْرَعْتُ إِلَيْهِ، فَتَعَجَّلَهُ: فَأَخَذَهُ بِسُرْعَةٍ وَهُوَ فِي الشَّرْعِ: الإِِْتْيَانُ بِالْفِعْل قَبْل الْوَقْتِ الْمُحَدَّدِ لَهُ شَرْعًا، كَتَعْجِيل الزَّكَاةِ، أَوْ فِي أَوَّل الْوَقْتِ، كَتَعْجِيل الْفِطْرِ. (1)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌الإِِْسْرَاعُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِِْسْرَاعُ: مَصْدَرُ أَسْرَعَ، وَالسُّرْعَةُ: اسْمٌ مِنْهُ، وَهِيَ نَقِيضُ الْبُطْءِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الإِِْسْرَاعِ وَالتَّعْجِيل كَمَا قَال الْعَسْكَرِيُّ: إِنَّ السُّرْعَةَ التَّقَدُّمُ فِيمَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَقَدَّمَ فِيهِ، وَهِيَ مَحْمُودَةٌ، وَنَقِيضُهَا مَذْمُومٌ، وَهُوَ: الإِِْبْطَاءُ. وَالْعَجَلَةُ التَّقَدُّمُ فِيمَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَقَدَّمَ فِيهِ، وَهِيَ مَذْمُومَةٌ، وَنَقِيضُهَا مَحْمُودٌ، وَهُوَ: الأَْنَاةُ. فَأَمَّا قَوْله تَعَالَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب والمصباح المنير مادة: " عجل ". انظر مصطلح: (تأخير) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢١)</span><hr/></div>{وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} (1) فَإِِنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى: أَسْرَعْتُ. (2)</p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ الإِِْجْمَالِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> التَّعْجِيل مَشْرُوعٌ فِي مَوَاضِعَ: كَتَعْجِيل تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ، وَقَضَاءِ الدَّيْنِ. وَغَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي مَوَاضِعَ: كَتَعْجِيل الصَّلَاةِ قَبْل وَقْتِهَا.</p>وَالْمَشْرُوعُ مِنْهُ تَارَةً يَكُونُ وَاجِبًا: كَتَعْجِيل التَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ. وَتَارَةً يَكُونُ مَنْدُوبًا: كَتَعْجِيل الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ. وَتَارَةً يَكُونُ مُبَاحًا: كَتَعْجِيل الْكَفَّارَاتِ، وَتَارَةً يَكُونُ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الأَْوْلَى: كَتَعْجِيل إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ قَبْل الْحَوْل.</p>وَغَيْرُ الْمَشْرُوعِ: مِنْهُ مَا يَكُونُ بَاطِلاً، كَتَعْجِيل الصَّلَاةِ قَبْل وَقْتِهَا.</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْوَاعُ التَّعْجِيل</span></p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: التَّعْجِيل بِالْفِعْل عِنْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ</span></p>أ -‌<span class="title">‌ التَّعْجِيل بِالتَّوْبَةِ مِنَ الذَّنْبِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> تَجِبُ التَّوْبَةُ عَلَى كُل مُكَلَّفٍ عَلَى الْفَوْرِ عُقَيْبَ الذَّنْبِ. وَقَدْ دَلَّتْ عَلَى ذَلِكَ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِِجْمَاعِ الأُْمَّةِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة طه / 84.</p><font color=#ff0000>(2)</font> لسان العرب والمصباح المنير مادة: " سرع " والفروق في اللغة لأبي هلاك العسكري ص 198.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} (1) وقَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ} (2)</p>وَنَقَل الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ: الإِِْجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ تَعْجِيل التَّوْبَةِ، وَأَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ. (3)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّعْجِيل بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ الإِِْسْرَاعُ بِتَجْهِيزِ الْمَيِّتِ إِِذَا تُيُقِّنَ مَوْتُهُ، لِمَا ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا عَادَ طَلْحَةُ بْنُ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَال: إِنِّي لَا أَرَى طَلْحَةَ إِلَاّ قَدْ حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ، فَآذِنُونِي بِهِ، وَعَجِّلُوا، فَإِِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ. (4) وَالصَّارِفُ عَنْ وُجُوبِ التَّعْجِيل: الاِحْتِيَاطُ لِلرُّوحِ؛ لاِحْتِمَالِهِ الإِِْغْمَاءَ وَنَحْوَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ، فَإِِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 17.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأعراف / 201.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية العدوي 1 / 68، والفواكه الدواني 1 / 89، وتفسير القرطبي 5 / 90، 18 / 197 ط دار الكتب المصرية، وإحياء علوم الدين 4 / 7 ط مطبعة الاستقامة بالقاهرة، ودليل الفالحين 1 / 78 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" إني لا أرى طلحة إلا وقد حدث فيه الموت. . . " أخرجه أبو داود (3 / 511 - تحقيق عزت عبيد دعاس) واستغربه البغوي كما في مختصر المنذري (4 / 304 - ط دار إحياء السنة النبوية) وذلك لجهالة بعض رواته.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٢)</span><hr/></div>تُقَدِّمُونَهَا إِلَيْهِ، وَإِِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ. (1)</p>وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُ مَنْ مَاتَ فَجْأَةً أَوْ غَرَقًا. (2)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّعْجِيل بِقَضَاءِ الدَّيْنِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَجِبُ تَعْجِيل الْوَفَاءِ بِالدَّيْنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِهِ وَيَحْرُمُ عَلَى الْقَادِرِ الْمَطْل فِيهِ. فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: مَطْل الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، فَإِِنْ أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ أَيْ فَإِِنْ أُحِيل عَلَى مُوسِرٍ فَلْيَقْبَل الْحَوَالَةَ. (3)</p>قَال ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَتْحِ: الْمَعْنَى: أَنَّهُ مِنَ الظُّلْمِ، وَأَطْلَقَ ذَلِكَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ عَنِ الْمَطْل، وَالْمُرَادُ مِنَ الْمَطْل هُنَا: تَأْخِيرُ مَا اسْتُحِقَّ أَدَاؤُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ. (4)</p> </p>د -‌<span class="title">‌ التَّعْجِيل بِإِِعْطَاءِ أُجْرَةِ الأَْجِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال أَعْطُوا الأَْجِيرَ أَجْرَهُ قَبْل أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 183 - ط السلفية) ومسلم (2 / 652 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 1 / 572، والفواكه الدواني 1 / 330، ومغني المحتاج 1 / 332، وشرح روض الطالب 1 / 298، 299، وكشاف القناع 2 / 84.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" مطل الغني ظلم، فإذا اتبع. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 464 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> فتح الباري 4 / 465 ط رئاسة إدارة البحوث بالسعودية، وتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 4 / 535 ط المكتبة السلفية.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث:" أعطوا الأجير أجره. . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 817 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وحسنه المناوي في الفيض (1 / 563 - ط المكتبة التجارية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>وَالأَْمْرُ بِإِِعْطَائِهِ قَبْل جَفَافِ عَرَقِهِ إِنَّمَا هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ وُجُوبِ الْمُبَادَرَةِ عَقِبَ فَرَاغِ الْعَمَل، إِِذَا طَلَبَ، وَإِِنْ لَمْ يَعْرَقْ، أَوْ عَرِقَ وَجَفَّ. وَذَلِكَ لأَِنَّ أَجْرَهُ عِمَالَةُ جَسَدِهِ، وَقَدْ عَجَّل مَنْفَعَتَهُ، فَإِِذَا عَجَّلَهَا اسْتَحَقَّ التَّعْجِيل. وَمِنْ شَأْنِ الْبَاعَةِ: إِِذَا سَلَّمُوا قَبَضُوا الثَّمَنَ عِنْدَ التَّسْلِيمِ، فَهُوَ أَحَقُّ وَأَوْلَى، إِذْ كَانَ ثَمَنَ مُهْجَتِهِ، لَا ثَمَنَ سِلْعَتِهِ، فَيَحْرُمُ مَطْلُهُ وَالتَّسْوِيفُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ. (1)</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ التَّعْجِيل بِتَزْوِيجِ الْبِكْرِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اسْتَحَبَّ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ التَّعْجِيل بِإِِنْكَاحِ الْبِكْرِ إِِذَا بَلَغَتْ، لِحَدِيثِ: يَا عَلِيُّ: ثَلَاثٌ لَا تُؤَخِّرُهَا: الصَّلَاةُ إِِذَا أَتَتْ، وَالْجِنَازَةُ إِِذَا حَضَرَتْ، وَالأَْيِّمُ إِِذَا وَجَدَتْ لَهَا كُفُؤًا (2) وَاسْتَثْنَوْا ذَلِكَ مِنْ ذَمِّ الْعَجَلَةِ، وَأَنَّهَا مِنَ الشَّيْطَانِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فيض القدير شرح الجامع الصغير 1 / 562 ط المكتبة التجارية الكبرى بمصر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" يا علي، ثلاث لا تؤخرها الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤا " أخرجه الترمذي (3 / 378 - ط الحلبي) وقال: هذا حديث غريب وما أرى إسناده بمتصل. وجهل ابن حجر أحد رواته كما في التلخيص (3 / 186 - ط شركة الطباعة الفنية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفواكه الدواني 1 / 330.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٣)</span><hr/></div>و -‌<span class="title">‌ التَّعْجِيل بِالإِِْفْطَارِ فِي رَمَضَانَ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ: عَلَى أَنَّ تَعْجِيل الْفِطْرِ مِنَ السُّنَّةِ، لِقَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لَا يَزَال النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ (1) وَلِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: لَا تَزَال أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ، وَأَخَّرُوا السُّحُورَ. (2)</p>وَإِِنَّمَا يُسَنُّ لَهُ التَّعْجِيل: إِِذَا تَحَقَّقَ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَعَدَمِ الشَّكِّ فِيهِ؛ لأَِنَّهُ إِِذَا شَكَّ فِي الْغُرُوبِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْفِطْرُ اتِّفَاقًا، وَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ تَعْجِيل الْفِطْرِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ. (3)</p> </p>ز -‌<span class="title">‌ تَعْجِيل الْحَاجِّ بِالنَّفْرِ مِنْ مِنًى:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> يَجُوزُ لِلْحَاجِّ التَّعَجُّل فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} (4) وَلِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَعْمُرَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَال: أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثٌ، فَمَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 198 - ط السلفية) ومسلم (2 / 771 - ط الحلبي) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور " أخرجه أحمد (5 / 172 ط الميمنية) من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، وقال الهيثمي: فيه سليمان بن أبي عثمان، قال أبو حاتم: مجهول.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 114، مواهب الجليل 2 / 397، ومغني المحتاج 1 / 434، وكشاف القناع 2 / 331.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة البقرة / 203.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>تَعَجَّل فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ (1) وَشَرْطُ جَوَازِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) أَنْ يَخْرُجَ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى قَبْل الْغُرُوبِ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَإِِنْ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ لَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِمِنًى، وَرَمَى الْيَوْمَ الثَّالِثَ. وَذَلِكَ لأَِنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِلنَّهَارِ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ اللَّيْل فَمَا تَعَجَّل فِي يَوْمَيْنِ، وَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال " مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهُوَ بِمِنًى، فَلَا يَنْفِرَنْ، حَتَّى يَرْمِيَ الْجِمَارَ مِنْ أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (2)</p>وَلَمْ يُفَرِّقِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي هَذَا الشَّرْطِ بَيْنَ الْمَكِّيِّ وَالآْفَاقِيِّ، وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا، وَخَصُّوا شَرْطَ التَّعْجِيل بِالْمُتَعَجِّل مِنْ أَهْل مَكَّةَ، وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ خُرُوجُهُ مِنْ مِنًى قَبْل الْغُرُوبِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَإِِنَّمَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْخُرُوجِ قَبْل الْغُرُوبِ مِنَ الْيَوْمِ الثَّانِي.</p>وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: لَهُ أَنْ يَنْفِرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ مَعَ الْكَرَاهَةِ، مَا لَمْ يَطْلُعْ فَجْرُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لَمْ يَدْخُل الْيَوْمُ الآْخَرُ، فَجَازَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " أيام منى ثلاث، فمن تعجل في يومين. . . " أخرجه أبو داود (2 / 486 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والحاكم (1 / 464 - ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأثر:" عن ابن عمر. . . " أخرجه مالك (1 / 407 - ط الحلبي) وإسناده صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٤)</span><hr/></div>لَهُ النَّفْرُ، كَمَا قَبْل الْغُرُوبِ.</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَهْل مَكَّةَ هَل يَنْفِرُونَ النَّفْرَ الأَْوَّل؟ فَقِيل: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ. فَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: مَنْ شَاءَ مِنَ النَّاسِ كُلِّهِمْ أَنْ يَنْفِرُوا فِي النَّفْرِ الأَْوَّل، إِلَاّ آل خُزَيْمَةَ، فَلَا يَنْفِرُونَ إِلَاّ فِي النَّفْرِ الآْخَرِ. وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَقُول: لَا يُعْجِبُنِي لِمَنْ نَفَرَ النَّفْرَ الأَْوَّل أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ، وَقَال: أَهْل مَكَّةَ أَخَفُّ، وَجَعَل أَحْمَدُ مَعْنَى قَوْل عُمَرَ (إِلَاّ آل خُزَيْمَةَ) أَيْ: أَنَّهُمْ أَهْل الْحَرَمِ، وَحَمَلَهُ فِي الْمُغْنِي عَلَى الاِسْتِحْبَابِ، مُحَافَظَةً عَلَى الْعُمُومِ. وَكَانَ مَالِكٌ يَقُول فِي أَهْل مَكَّةَ مَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ فَلَهُ أَنْ يَتَعَجَّل فِي يَوْمَيْنِ، فَإِِنْ أَرَادَ التَّخْفِيفَ عَنْ نَفْسِهِ مِمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ أَمْرِ الْحَجِّ فَلَا، فَرَأَى أَنَّ التَّعْجِيل لِمَنْ بَعُدَ قُطْرُهُ. وَقَال أَكْثَرُ أَهْل الْعِلْمِ: الآْيَةُ عَلَى الْعُمُومِ، وَالرُّخْصَةُ لِجَمِيعِ النَّاسِ، أَهْل مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ، سَوَاءٌ أَرَادَ الْخَارِجُ مِنْ مِنًى الْمُقَامَ بِمَكَّةَ، أَوِ الشُّخُوصَ إِِلَى بَلَدِهِ.</p><font color=#ff0000>11 -</font> وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الأَْفْضَلِيَّةِ بَيْنَ التَّعْجِيل وَالتَّأْخِيرِ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) : إِِلَى أَنَّ تَأْخِيرَ النَّفْرِ إِِلَى الثَّالِثِ أَفْضَل، لِلاِقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِِلَى أَنَّهُ لَا تَفْضِيل بَيْنَ التَّعْجِيل وَالتَّأْخِيرِ، بَل هُمَا مُسْتَوِيَانِ.</p>وَنَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ التَّعْجِيل لِلإِِْمَامِ، لأَِجْل مَنْ يَتَأَخَّرُ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>وَأَمَّا ثَمَرَةُ التَّعْجِيل فَهِيَ سُقُوطُ رَمْيِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَمَبِيتُ لَيْلَتِهِ عَنْهُ. (1)</p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: تَعْجِيل الْفِعْل قَبْل وُجُوبِهِ</span></p>أ -‌<span class="title">‌ التَّعْجِيل بِالصَّلَاةِ قَبْل الْوَقْتِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ: عَلَى أَنَّ لِكُل صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَقْتًا مُحَدَّدًا، لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُهَا عَنْهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (2) أَيْ: مُحَتَّمَةً مُؤَقَّتَةً: وَلِحَدِيثِ الْمَوَاقِيتِ الْمَشْهُورِ.</p>وَقَدْ رَخَّصَ الشَّارِعُ فِي تَعْجِيل الصَّلَاةِ قَبْل وَقْتِهَا فِي حَالَاتٍ، مِنْهَا:</p><font color=#ff0000>(1)</font> جَمْعُ الْحَاجِّ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فِي عَرَفَةَ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جَوَازُ الْجَمْعِ لِلْمُسَافِرِ بَيْنَ الْعَصْرَيْنِ (الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ) وَالْعِشَاءَيْنِ (الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) تَقْدِيمًا عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جَوَازُ الْجَمْعِ لِلْمَرِيضِ، جَمْعَ تَقْدِيمٍ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ تَقْدِيمًا، لأَِجْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 185، وحاشية الدسوقي 2 / 49، ومغني المحتاج 1 / 506، وكشاف القناع 2 / 511، والمغني لابن قدامة 3 / 454، 455، والإنصاف 4 / 49، المبدع في شرح المقنع 3 / 254، 255، وتفسير القرطبي 3 / 12، 13 ط دار الكتب المصرية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 103.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٥)</span><hr/></div>الْمَطَرِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرْدِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ جَوَازَهُ بَيْنَ الْعَصْرَيْنِ أَيْضًا.</p><font color=#ff0000>(5)</font> جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ، إِِذَا اجْتَمَعَ الطِّينُ مَعَ الظُّلْمَةِ، عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَجَوَّزَهُ الْحَنَابِلَةُ بِمُجَرَّدِ الْوَحْل، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَصَحَّحَهَا ابْنُ قُدَامَةَ.</p><font color=#ff0000>(6)</font> جَوَازُ الْجَمْعِ لأَِجْل الْخَوْفِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.</p><font color=#ff0000>(7)</font> جَوَازُ الْجَمْعِ لأَِجْل الرِّيحِ الشَّدِيدَةِ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْبَارِدَةِ، عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَصَحَّحَهُ الآْمِدِيُّ. (1)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّعْجِيل بِإِِخْرَاجِ الزَّكَاةِ قَبْل الْحَوْل:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِِلَى جَوَازِ تَعْجِيل إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ قَبْل الْحَوْل فِي الْجُمْلَةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْعَبَّاسَ رضي الله عنه سَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي تَعْجِيل صَدَقَتِهِ قَبْل أَنْ تَحِل، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَلأَِنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ جُعِل لَهُ أَجَلٌ لِلرِّفْقِ، فَجَازَ تَعْجِيلُهُ قَبْل أَجَلِهِ، كَالدَّيْنِ</p>وَلأَِنَّهُ - كَمَا قَال الشَّافِعِيَّةُ - وَجَبَ بِسَبَبَيْنِ، وَهُمَا: النِّصَابُ، وَالْحَوْل: فَجَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا، كَتَقْدِيمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَى الْحِنْثِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 1 / 255، 256، دسوقي 1 / 369، وجواهر الإكليل 1 / 91، 92، 180، ومغني المحتاج 1 / 271، 274، 495، والمجموع 4 / 383، 378، وكشاف القناع 2 / 5 وما بعدها 491، 496، والمغني لابن قدامة 2 / 275، 276.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>وَمَنَعَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَقَال: لَا تُجْزِئُ قَبْل مَحَلِّهِ كَالصَّلَاةِ، وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ كَذَلِكَ ابْنُ وَهْبٍ. قَال ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ الأَْقْرَبُ، وَغَيْرُهُ اسْتِحْسَانٌ.</p>وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَفْضَل، خُرُوجًا مِنَ الْخِلَافِ.</p>وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَجُوزُ تَعْجِيل الزَّكَاةِ فِيهَا:</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِِلَى جَوَازِ تَعْجِيل الزَّكَاةِ لِسِنِينَ، لِوُجُودِ سَبَبِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ: مِلْكُ النِّصَابِ النَّامِي. وَقَيَّدَهُ الْحَنَابِلَةُ بِحَوْلَيْنِ فَقَطْ، اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ. فَقَدْ رَوَى عَلِيٌّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَعَجَّل مِنَ الْعَبَّاسِ رضي الله عنه صَدَقَةَ سَنَتَيْنِ (1) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا (2) وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسَلَّفَ مِنَ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ (3) وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، صَحَّحَهُ الإِِْسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَعَزَوْهُ لِلنَّصِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" سأل العباس النبي صلى الله عليه وسلم في تعجيل صدقته " أخرجه أحمد (1 / 104 - ط الميمنية) وأبو داود (2 / 276 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ونوه ابن حجر بتقويته لطرقه. (الفتح 3 / 334 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث علي أخرجه مسلم (2 / 677 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " إن النبي صلى الله عليه وسلم تسلف من العباس صدقة عامين " تقدم تخريجه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٦)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِِلَى عَدَمِ جَوَازِ تَعْجِيل الزَّكَاةِ لأَِكْثَرَ مِنْ عَامٍ، وَذَلِكَ: لأَِنَّ زَكَاةَ غَيْرِ الْعَامِ الأَْوَّل لَمْ يَنْعَقِدْ حَوْلُهَا، وَالتَّعْجِيل قَبْل انْعِقَادِ الْحَوْل لَا يَجُوزُ، كَالتَّعْجِيل قَبْل كَمَال النِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ الْعَيْنِيَّةِ.</p>أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَلَمْ يُجِيزُوا تَعْجِيل الزَّكَاةِ لأَِكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ قَبْل الْحَوْل عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَتُكْرَهُ عِنْدَهُمْ بِشَهْرٍ. (1)</p>وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلَاتٌ تُنْظَرُ فِي الزَّكَاةِ.</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ تَعْجِيل الْكَفَّارَاتِ:</span></p>‌<span class="title">‌تُعَجَّل كَفَّارَةُ الْيَمِينِ قَبْل الْحِنْثِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) : إِِلَى جَوَازِ تَعْجِيل كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَبْل الْحِنْثِ، لِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، إِِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك، ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ. (2)</p>وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ الصَّوْمَ مِنْ خِصَال الْكَفَّارَةِ، وَقَالُوا بِعَدَمِ جَوَازِ التَّعْجِيل بِهِ قَبْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية ابن عابدين 2 / 27، وحاشية الدسوقي 1 / 431، 502، ومواهب الجليل 2 / 360، وشرح روض الطالب 1 / 361، ومغني المحتاج 1 / 416 حاشية الجمل 2 / 296، وكشاف القناع 2 / 265.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" يا عبد الرحمن: إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها. . . " أخرجه البخاري (الفتح 11 / 608 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1274 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>الْحِنْثِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ، كَالصَّلَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ؛ وَلأَِنَّهُ إِنَّمَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَال الْمَالِيَّةِ. وَالْعَجْزُ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْوُجُوبِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِِلَى عَدَمِ جَوَازِ تَعْجِيل كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَبْل الْحِنْثِ؛ لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ لِسَتْرِ الْجِنَايَةِ، وَلَا جِنَايَةَ قَبْل الْحِنْثِ. (1)</p><font color=#ff0000>15 -</font> ثُمَّ إِنَّ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ التَّعْجِيل اخْتَلَفُوا فِي أَيِّهِمَا أَفْضَل: التَّكْفِيرُ قَبْل الْحِنْثِ أَمْ بَعْدَهُ؟ .</p>فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَصَوَّبَهُ الْمِرْدَاوِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِِلَى أَنَّ تَأْخِيرَهَا عَنِ الْحِنْثِ أَفْضَل، خُرُوجًا مِنَ الْخِلَافِ. وَالرِّوَايَةُ الأُْخْرَى عَنْ أَحْمَدَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ: أَنَّ التَّكْفِيرَ قَبْل الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ فِي الْفَضِيلَةِ سَوَاءٌ، وَذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّوْمِ، لِتَعْجِيل النَّفْعِ لِلْفُقَرَاءِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْجِيل كَفَّارَةِ الظِّهَارِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ تَعْجِيل كَفَّارَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية وشرحها بتصرف (4 / 2 ط. الأولى بولاق) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 60 وما بعدها، ومواهب الجليل 3 / 275، وحاشية الدسوقي 2 / 133، وشرح روض الطالب 4 / 245، وكشاف القناع 6 / 243 وما بعدها، والإنصاف 11 / 42 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٧)</span><hr/></div>الظِّهَارِ قَبْل الْعَوْدِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِِلَى جَوَازِ تَعْجِيلِهَا، لِوُجُودِ سَبَبِهَا، وَذَلِكَ كَتَعْجِيل الزَّكَاةِ قَبْل الْحَوْل، وَبَعْدَ كَمَال النِّصَابِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِِلَى أَنَّهَا لَا تُجْزِئُ قَبْل الْعَوْدِ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِِلَى جَوَازِ التَّعْجِيل بِكَفَّارَةِ الظِّهَارِ قَبْل الْعَوْدِ بِهِ، وَذَلِكَ بِالْمَال (وَهُوَ التَّحْرِيرُ وَالإِِْطْعَامُ) لَا بِالصَّوْمِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَوْدِ عِنْدَهُمْ: إِمْسَاكُ الْمُظَاهِرِ مِنْهَا مُدَّةً يُمْكِنُ لِلْمُظَاهِرِ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِيهَا، مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّلَاقِ. وَصُورَةُ التَّعْجِيل فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: أَنْ يُظَاهِرَ مِنْ مُطَلَّقَتِهِ رَجْعِيًّا، ثُمَّ يُكَفِّرَ، ثُمَّ يُرَاجِعَهَا.</p>وَعِنْدَهُمْ صُوَرٌ أُخْرَى.</p>وَالْمُرَادُ بِالْعَوْدِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إِرَادَةُ الْعَزْمِ عَلَى الْوَطْءِ.</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ هُوَ إِرَادَةُ الْوَطْءِ، مَعَ اسْتِدَامَةِ الْعِصْمَةِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْجِيل كَفَّارَةِ الْقَتْل:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> يَجُوزُ تَعْجِيل كَفَّارَةِ الْقَتْل بَعْدَ الْجُرْحِ، وَقَبْل الزُّهُوقِ، وَتُجْزِئُ عَنْهُ، وَذَلِكَ لِتَقَدُّمِ السَّبَبِ، كَتَعْجِيل إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ قَبْل الْحَوْل.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح العناية على الهداية بهامش فتح القدير 4 / 94، ومواهب الجليل 4 / 124، الدسوقي 2 / 446، ومغني المحتاج 3 / 356، وكشاف القناع 5 / 374، وشرح روض الطالب 4 / 246.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ تَعْجِيل التَّكْفِيرِ بِالصَّوْمِ؛ لأَِنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ، فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ، كَالصَّلَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ. (1)</p> </p>د -‌<span class="title">‌ التَّعْجِيل بِقَضَاءِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّل:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَدَاءُ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّل قَبْل حُلُول أَجَلِهِ، لَكِنْ لَوْ أُدِّيَ قَبْلَهُ صَحَّ، وَسَقَطَ عَنْ ذِمَّةِ الْمَدِينِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الأَْجَل حَقُّ الْمَدِينِ، فَلَهُ إِسْقَاطُهُ، وَيُجْبَرُ الدَّائِنُ عَلَى الْقَبُول. (2)</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ التَّعْجِيل بِالْحُكْمِ قَبْل التَّبَيُّنِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> رُوِيَ عَنْ أَبِي مُوسَى الأَْشْعَرِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَال: لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ، كَمَا يَتَبَيَّنُ اللَّيْل مِنَ النَّهَارِ فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَقَال: صَدَقَ.</p>وَهَذَا لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ لَا تَشْهَدْ إِلَاّ عَلَى أَمْرٍ يُضِيءُ لَكَ كَضِيَاءِ هَذَا الشَّمْسِ (3) وَوِلَايَةُ الْقَضَاءِ فَوْقَ وِلَايَةِ الشَّهَادَةِ؛<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 5 / 109، وشرح روض الطالب 4 / 246، وكشاف القناع 5 / 389.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 4 / 171، 5 / 482، ومواهب الجليل 4 / 516، ومغني المحتاج 2 / 116، والمغني لابن قدامة 4 / 339.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " يا ابن عباس، لا تشهد إلا على أمر يضيء لك كضياء هذه الشمس " أخرجه ابن عدي في الكامل (6 / 2213 - ط دار الفكر) والحاكم (4 / 98 - ط دائرة المعارف العثمانية) عن ابن عباس، وأعله الذهبي بضعف أحد رواته.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٨)</span><hr/></div>لأَِنَّ الْقَضَاءَ مُلْزِمٌ بِنَفْسِهِ، وَالشَّهَادَةُ غَيْرُ مُلْزِمَةٍ بِنَفْسِهَا، حَتَّى يَنْضَمَّ إِلَيْهَا الْقَضَاءُ، فَإِِذَا أُخِذَ هَذَا عَلَى الشَّاهِدِ، كَانَ عَلَى الْقَاضِي بِطَرِيقِ الأَْوْلَى.</p>قَال الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي: وَهَذَا فِي مَوْضِعِ النَّصِّ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ النَّصِّ فَلَا؛ لأَِنَّهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ النَّصِّ يُقْضَى بِالاِجْتِهَادِ، وَالاِجْتِهَادُ لَيْسَ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ، فَلَا يَتَبَيَّنُ لَهُ بِهِ الْحَقُّ، كَمَا يَتَبَيَّنُ اللَّيْل مِنَ النَّهَارِ. (1)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 11 / 156، والقوانين الفقهية / 229، 300، وشرح أدب القاضي للصدر الشهيد 1 / 171 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعَدُّدٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعَدُّدُ فِي اللُّغَةِ: الْكَثْرَةُ. وَهُوَ مِنَ الْعَدَدِ: أَيِ الْكَمِّيَّةِ الْمُتَأَلِّفَةِ مِنَ الْوَحَدَاتِ، فَيَخْتَصُّ التَّعَدُّدُ بِمَا زَادَ عَنِ الْوَاحِدِ؛ لأَِنَّ الْوَاحِدَ لَا يَتَعَدَّدُ. (1)</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّعَدُّدِ بِاخْتِلَافِ مُتَعَلِّقِهِ. فَيَكُونُ: جَائِزًا فِي حَالَاتٍ، وَغَيْرَ جَائِزٍ فِي حَالَاتٍ أُخْرَى.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْمُؤَذِّنِينَ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> تَعَدُّدُ الْمُؤَذِّنِينَ جَائِزٌ لِمَسْجِدٍ وَاحِدٍ، لِتَعَدُّدِهِمْ فِي زَمَنِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ، وَيَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَنِ الاِثْنَيْنِ. وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَنْ أَرْبَعَةٍ. وَرُوِيَ: أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) محيط المحيط، ولسان العرب مادة " عد ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٢٩)</span><hr/></div>عُثْمَانَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ مُؤَذِّنِينَ، وَإِِنْ دَعَتِ الْحَاجَةُ إِِلَى أَكْثَرَ كَانَ مَشْرُوعًا. (1)</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ:(أَذَانٌ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْجَمَاعَةِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ: إِِلَى أَنَّهُ إِِذَا صَلَّى إِمَامُ الْحَيِّ، ثُمَّ حَضَرَتْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى كُرِهَ أَنْ يُقِيمُوا جَمَاعَةً فِيهِ عَلَى الأَْصَحِّ. إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مَسْجِدَ طَرِيقٍ، وَلَا إِمَامَ لَهُ، وَلَا مُؤَذِّنَ فَلَا يُكْرَهُ إِقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ. (2) وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنهما عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ الأَْنْصَارِ، فَرَجَعَ وَقَدْ صُلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ بِجَمَاعَةٍ، فَدَخَل مَنْزِل بَعْضِ أَهْلِهِ، فَجَمَعَ أَهْلَهُ فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً. (3) وَقَالُوا: وَلَوْ لَمْ يُكْرَهْ تَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَصَلَّى فِيهِ.</p>كَمَا اسْتَدَلُّوا بِأَثَرٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَال: إِنَّ أَصْحَابَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا إِِذَا فَاتَتْهُمُ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ، صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 1 / 452، وروضة الطالبين 1 / 206، والمغني 1 / 429.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 1 / 265 - 371، وروضة الطالبين 1 / 196، ومواهب الجليل 2 / 85.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: أبي بكرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من بيته ليصلح بين الأنصار. . . " أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (2 / 45 - ط القدسي) واستنكره الذهبي في الميزان (4 / 140 ط الحلبي) لضعف أحد رواته.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>فُرَادَى. قَالُوا: وَلأَِنَّ التَّكْرَارَ يُؤَدِّي إِِلَى تَقْلِيل الْجَمَاعَةِ، لأَِنَّ النَّاسَ إِِذَا عَلِمُوا: أَنَّهُمْ تَفُوتُهُمُ الْجَمَاعَةُ يَتَعَجَّلُونَ، فَتَكْثُرُ الْجَمَاعَةُ.</p>وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يُكْرَهُ إِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ. (1) وَاسْتَدَلُّوا بِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُل صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً، (2) وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه: جَاءَ رَجُلٌ وَقَدْ صَلَّى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فَقَال: أَيُّكُمْ يَتَّجِرُ عَلَى هَذَا؟ (3) فَقَامَ رَجُلٌ فَصَلَّى مَعَهُ وَجَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: فَلَمَّا صَلَّيَا قَال: وَهَذَانِ جَمَاعَةٌ (4) وَلأَِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ، فَاسْتُحِبَّ لَهُ فِعْلُهَا، كَمَا لَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ فِي مَمَرِّ النَّاسِ.</p>وَالتَّفْصِيل: فِي مُصْطَلَحِ: (جَمَاعَةٌ) أَوْ (صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 2 / 180.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمسة وعشرين درجة ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 131 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " أيكم يتجر على هذا؟ فقام رجل فصلى معه ". أخرجه البيهقي (3 / 69 ط دار المعرفة) . والترمذي (1 / 427 ط عيسى الحلبي) واللفظ له، وقال: حديث حسن.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " فلما صليا قال: وهذان جماعة ". أخرجه البيهقي (3 / 69 ط دار المعرفة) بلفظ " اثنان فما فوقهما جماعة ". قال البيهقي: كذلك رواه جماعة عن عليلة وهو الربيع بن بدر وهو ضعيف والله أعلم، وقد روي من وجه آخر أيضا ضعيف.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٠)</span><hr/></div>ج -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْجُمُعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> لَا يَجُوزُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِقَامَةُ جُمُعَتَيْنِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ إِلَاّ لِضَرُورَةٍ، كَضِيقِ الْمَسْجِدِ، لأَِنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ لَمْ يُقِيمُوا سِوَى جُمُعَةٍ وَاحِدَةٍ. (1)</p>وَتَعَدُّدُ الْجُمُعَةِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ جَائِزٌ مُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ أَمْ لَا، فَصَل بَيْنَ جَانِبَيِ الْبَلَدِ نَهْرٌ أَمْ لَا، لأَِنَّ الأَْثَرَ الْوَارِدَ بِأَنَّهُ لَا جُمُعَةَ إِلَاّ فِي مِصْرٍ جَامِعٍ (2) قَدْ أُطْلِقَ، وَلَمْ يُشْتَرَطْ إِلَاّ أَنْ تَقَعَ فِي مِصْرٍ (ر: صَلَاةُ الْجُمُعَةِ) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ كَفَّارَةِ الصَّوْمِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ أَفْسَدَ صَوْمَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ بِالْجِمَاعِ، وَأَنَّهَا لَا تَتَعَدَّدُ بِتَكْرَارِ الْجِمَاعِ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ، كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ إِِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ الإِِْفْسَادُ بِالْجِمَاعِ، بَعْدَ التَّكْفِيرِ مِنَ الأَْوَّل.</p>وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِِذَا أَفْسَدَ أَيَّامًا بِالْجِمَاعِ قَبْل التَّكْفِيرِ مِنَ الأَْوَّل، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 1 / 248، وشرح الزرقاني 3 / 54، والمغني 2 / 334 - 335.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا جمعة إلا في مصر ". أخرجه عبد الرزاق (3 / 167 ط المكتب الإسلامي) ، والبيهقي (3 / 179 ط دار المعرفة) . ضعفه ابن حجر في التلخيص الحبير (2 / 54 ط الأثرية) ، والزيلعي في نصب الراية (2 / 195 ط المجلس العلمي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>وَالْحَنَابِلَةُ: إِِلَى تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ، لأَِنَّ كُل يَوْمٍ عِبَادَةٌ بِرَأْسِهَا، وَقَدْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الإِِْفْسَادُ فَأَشْبَهَ الْحَجِينَ. (1)</p>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: تَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ. وَاخْتَارَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالإِِْفْسَادِ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ، أَمَّا الإِِْفْسَادُ بِالْجِمَاعِ فَتَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ فِيهِ لِعِظَمِ الْجِنَايَةِ. (2) (ر: كَفَّارَةٌ) .</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْفِدْيَةِ بِتَعَدُّدِ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ فِي الإِِْحْرَامِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> إِِذَا ارْتَكَبَ فِي حَالَةِ الإِِْحْرَامِ جِنَايَاتٍ تُوجِبُ كُلٌّ مِنْهَا فِدْيَةً، فَإِِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ صَيْدًا فَفِي كُلٍّ مِنْهَا جَزَاؤُهُ، سَوَاءٌ أَفَعَلَهُ مُجْتَمِعًا، أَمْ مُتَفَرِّقًا. كَفَّرَ عَنِ الأَْوَّل، أَمْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنْهُ. وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. (3) وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَفِيهِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ وَيُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي (فِدْيَةٌ) (وَإِِحْرَامٌ) .</p> </p>و‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الصَّفْقَةِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> تَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ، وَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، وَبِتَفْصِيل الثَّمَنِ، وَبِاخْتِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 1 / 425، وكشاف القناع 2 / 326، والزرقاني 2 / 208.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 2 / 110، وبدائع الصنائع 2 / 101.</p><font color=#ff0000>(3)</font> أسنى المطالب 1 / 523، والمغني 3 / 496، وهناك قول لأحمد بالتداخل.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣١)</span><hr/></div>فَإِِنْ جَمَعَ بَيْنَ عَيْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ، وَيُوَزَّعُ الثَّمَنُ فِي الْمِثْلِيِّ. وَفِي الْعَيْنِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ اثْنَيْنِ يُوَزَّعُ عَلَى الأَْجْزَاءِ، وَفِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْمُتَقَوَّمَاتِ عَلَى الرُّءُوسِ، بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، فَإِِنْ بَطَل الْعَقْدُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا ابْتِدَاءً صَحَّ فِي الآْخَرِ، بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَابِلاً لِلْعَقْدِ وَالآْخَرُ غَيْرُ قَابِلٍ، (1) (ر: عَقْدٌ - تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ) .</p> </p>ز -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْمَرْهُونِ أَوِ الْمُرْتَهِنِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> إِِذَا رَهَنَ دَارَيْنِ لَهُ بِمَبْلَغٍ مِنَ الدَّيْنِ، فَقَضَى حِصَّةَ إِحْدَى الدَّارَيْنِ مِنَ الدَّيْنِ لَمْ يَسْتَرِدَّهَا حَتَّى يَقْضِيَ بَاقِيَ الدَّيْنِ؛ لأَِنَّ الْمَرْهُونَ مَحْبُوسٌ بِكُل الدَّيْنِ. وَكَذَا إِنْ رَهَنَ عَيْنًا وَاحِدَةً عِنْدَ رَجُلَيْنِ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَقَضَى دَيْنَ أَحَدِهِمَا؛ لأَِنَّ الْعَيْنَ كُلَّهَا رَهْنٌ عِنْدَ الدَّائِنَيْنِ، وَأُضِيفَ الرَّهْنُ إِِلَى جَمِيعِ الْعَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ. (2) ر:(رَهْنٌ) .</p> </p>ح -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الشُّفَعَاءِ فِي الْعَقَارِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الشُّفْعَةِ إِِذَا اسْتَحَقَّهَا جَمْعٌ، فَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَأْخُذُونَ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ؛ لأَِنَّ الشُّفْعَةَ مِنْ مَرَافِقِ الْمِلْكِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 2 / 42 - 43، وابن عابدين 4 / 104.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أسنى المطالب 2 / 17، والهداية 4 / 104.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القليوبي 3 / 48.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: يُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، (1) وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُمُ اسْتَوَوْا فِي سَبَبِ الاِسْتِحْقَاقِ، فَيَسْتَوُونَ فِي الاِسْتِحْقَاقِ. ر:(شُفْعَةٌ) .</p> </p>ط -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْوَصَايَا:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> إِِذَا أَوْصَى بِوَصَايَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ قُدِّمَتِ الْفَرَائِضُ مِنْهَا، سَوَاءٌ قَدَّمَهَا الْمُوصِي أَمْ أَخَّرَهَا؛ لأَِنَّ الْفَرِيضَةَ أَهَمُّ مِنَ النَّافِلَةِ، فَإِِنْ تَسَاوَتْ وَقَدَّمَ الْمُوصِي بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ بُدِئَ بِمَا قَدَّمَهُ الْمُوصِي. ر:(وَصِيَّةٌ) .</p> </p>ي -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الزَّوْجَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> تَعَدُّدُ الزَّوْجَاتِ إِِلَى أَرْبَعٍ مَشْرُوعٌ وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (2) وَفِي تَفْصِيل مَشْرُوعِيَّةِ التَّعَدُّدِ وَشُرُوطِهِ وَوُجُوبِ الْعَدْل بَيْنَ الزَّوْجَاتِ يُرْجَعُ إِِلَى (نِكَاحٌ وَقَسْمٌ وَنَفَقَةٌ) .</p> </p>ك -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ أَوْلِيَاءِ النِّكَاحِ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> إِِذَا اسْتَوَى أَوْلِيَاءُ الْمَرْأَةِ فِي دَرَجَةِ الْقَرَابَةِ كَالإِِْخْوَةِ وَالأَْعْمَامِ، يُنْدَبُ تَقْدِيمُ أَكْبَرِهِمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية 4 / 25.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 3.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٢)</span><hr/></div>وَأَفْضَلِهِمْ، فَإِِنْ تَشَاحُّوا وَلَمْ يُقَدِّمُوهُ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ. فَإِِنْ زَوَّجَ أَحَدُهُمْ قَبْل الْقُرْعَةِ بِإِِذْنِهَا، أَوْ زَوَّجَهَا غَيْرُ مَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ صَحَّ. (1) لأَِنَّهُ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، هَذَا رَأْيُ الشَّافِعِيَّةِ. وَلِتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ وَآرَاءِ الْفُقَهَاءِ يُرْجَعُ إِِلَى مُصْطَلَحِ (نِكَاحٌ) (وَوَلِيٌّ) .</p> </p>ل -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الطَّلَاقِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> يَمْلِكُ الزَّوْجُ الْحُرُّ عَلَى زَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ، تَبِينُ بَعْدَهَا الزَّوْجَةُ مِنْهُ بَيْنُونَةً كُبْرَى، لَا تَحِل لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ يَدْخُل بِهَا، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا أَوْ يَمُوتُ عَنْهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} إِِلَى قَوْلِهِ {فَإِِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِل لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} . (2)</p>وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي (طَلَاقٌ) .</p> </p>م -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوِ الْجَانِي:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> إِِذَا قَتَلَتْ جَمَاعَةٌ وَاحِدًا يُقْتَلُونَ جَمِيعًا قِصَاصًا، وَإِِنْ تَفَاضَلَتْ جِرَاحَاتُهُمْ فِي الْعَدَدِ، بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ كُل جِرَاحَةٍ مُؤَثِّرَةً فِي إِزْهَاقِ الرُّوحِ. وَإِِنْ قَتَل وَاحِدٌ جَمَاعَةً يُقْتَل قِصَاصًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 3 / 141.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 229 - 230.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>أَيْضًا، هَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. (1)</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (قِصَاصٌ) (وَجِنَايَةٌ) .</p> </p>ن -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ التَّعْزِيرِ بِتَعَدُّدِ الأَْلْفَاظِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> مَنْ سَبَّ رَجُلاً بِأَلْفَاظٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ أَلْفَاظِ الشَّتْمِ الْمُوجِبِ لِلتَّعْزِيرِ، فَقَدْ أَفْتَى بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ - وَأَيَّدَهُ ابْنُ عَابِدِينَ - بِأَنَّهُ يُعَزَّرُ لِكُلٍّ مِنْهَا؛ لأَِنَّ حُقُوقَ الْعِبَادِ لَا تَتَدَاخَل. وَكَذَا إِنْ سَبَّ جَمَاعَةً بِلَفْظٍ وَاحِدٍ. (2) انْظُرْ مُصْطَلَحَ (تَعْزِيرٌ) .</p> </p>س -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الْقُضَاةِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> يَجُوزُ لِلإِِْمَامِ تَعْيِينُ قَاضِيَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، إِلَاّ أَنْ يُشْتَرَطَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْقَضِيَّةِ الْوَاحِدَةِ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنْ خِلَافٍ فِي مَحَل الاِجْتِهَادِ. (3) ر:(قَضَاءٌ) .</p> </p>ع -‌<span class="title">‌ تَعَدُّدُ الأَْئِمَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَنْصِيبُ إِمَامَيْنِ فَأَكْثَرَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ، وَإِِنْ تَبَاعَدَتْ أَقَالِيمُهُمْ. (4) ر:(إِمَامَةٌ عُظْمَى) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 1 / 241، وأسنى المطالب 4 / 17، وحاشية الطحطاوي على الدر المختار 4 / 270.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 186.</p><font color=#ff0000>(3)</font> قليوبي 4 / 298، وحاشية الدسوقي 4 / 134. وهذه من المسائل الإجرائية وقد تغيرت بتغير الزمن (اللجنة) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> روضة الطالبين 10 / 47، والأحكام السلطانية للماوردي ص 9، وحاشية الدسوقي 4 / 134.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعَدِّي</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعَدِّي لُغَةً: الظُّلْمُ، وَأَصْلُهُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ وَالْقَدْرِ وَالْحَقِّ. يُقَال: تَعَدَّيْتُ الْحَقَّ وَاعْتَدَيْتُهُ وَعَدَوْتُهُ أَيْ: جَاوَزْتَهُ. (1) وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ، فَيُسْتَعْمَل بِمَعْنَى: الاِعْتِدَاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ، وَبِمَعْنَى: انْتِقَال الْحُكْمِ إِِلَى مَحَلٍّ آخَرَ، كَتَعَدِّي الْعِلَّةِ، وَالتَّعَدِّي فِي الْحُرْمَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> سَبَقَ أَنَّ التَّعَدِّيَ لَهُ إِطْلَاقَانِ، وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ: الاِعْتِدَاءُ عَلَى الْغَيْرِ، وَهَذَا الْبَحْثُ مَحَل تَفْصِيلِهِ. وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ: انْتِقَال الْحُكْمِ إِِلَى مَحَلٍّ آخَرَ.</p>أَمَّا التَّعَدِّي بِالإِِْطْلَاقِ الأَْوَّل فَهُوَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ حَرَامٌ. وَلِلتَّعَدِّي أَحْكَامُهُ الْخَاصَّةُ: كَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ، وَالأَْطْرَافِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) اللسان والمصباح والمغرب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>وَالتَّعْوِيضِ، وَالْحَبْسِ وَمَا إِِلَى ذَلِكَ، كَمَا سَيَتَبَيَّنُ.</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعَدِّي عَلَى الأَْمْوَال:</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعَدِّي بِالْغَصْبِ وَالإِِْتْلَافِ وَالسَّرِقَةِ وَالاِخْتِلَاسِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> مَنْ تَعَدَّى عَلَى مَال غَيْرِهِ فَغَصَبَهُ، أَوْ أَتْلَفَ مَالاً غَيْرَ مَأْذُونٍ فِي إِتْلَافِهِ شَرْعًا أَوْ سَرَقَهُ أَوِ اخْتَلَسَهُ - تَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمَانِ:</p>أَحَدُهُمَا أُخْرَوِيٌّ. وَهُوَ: الإِِْثْمُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِل} (1) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَاّ بِطِيبِ نَفْسِهِ. (2)</p>وَالآْخَرُ دُنْيَوِيٌّ: وَهُوَ الْحَدُّ أَوِ التَّعْزِيرُ مَعَ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ (3) وَلِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة البقرة / 188.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه " أخرجه الدارقطني (3 / 26 - ط دار المحاسن) من حديث أبي حرة الرقاشي وفي إسناده مقال. وقد أورد ابن حجر في التلخيص شواهد تقويه. (التلخيص 3 / 46 - 47 - ط شركة الطباعة الفنية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " أخرجه أبو داود (3 / 822 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث سمرة بن جندب وأعله ابن حجر في التلخيص بالاختلاف في سماع الحسن عن سمرة. (التلخيص 3 / 53 - ط شركة الطباعة الفنية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٤)</span><hr/></div>السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنهم: لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لَاعِبًا أَوْ جَادًّا، وَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا (1) فَيَجِبُ عَلَى الْمُتَعَدِّي رَدُّ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ إِنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ كَمَا هِيَ، فَإِِنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، أَوْ تَعَدَّى عَلَيْهَا فَأَتْلَفَهَا بِدُونِ غَصْبٍ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِهَا إِنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً، فَإِِذَا انْقَطَعَ الْمِثْل أَوْ لَمْ تَكُنْ مِثْلِيَّةً وَجَبَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا. (2)</p>وَمِثْل مَا تَقَدَّمَ: الْبَاغِي فِي غَيْرِ زَمَنِ الْقِتَال، حَيْثُ يَضْمَنُ الأَْمْوَال الَّتِي أَتْلَفَهَا أَوْ أَخَذَهَا.</p>وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ:(غَصْبٌ، إِتْلَافٌ، ضَمَانٌ، سَرِقَةٌ، اخْتِلَاسٌ، بُغَاةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعَدِّي فِي الْعُقُودِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: التَّعَدِّي فِي الْوَدِيعَةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الأَْصْل فِي الْوَدِيعَةِ: أَنَّهَا أَمَانَةٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي ائْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} ، (3) وَأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ فِي الْوَدِيعَةِ، لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبا أو جادا. . . " أخرجه أبو داود (5 / 273 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (4 / 262 - ط الحلبي) وحسنه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 114، 116، وحاشية الدسوقي 3 / 443، والقوانين الفقهية ص 335، ومغني المحتاج 2 / 277، 282، وكشاف القناع 4 / 78، 106.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 283.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>ضَمَانَ عَلَيْهِ (1) وَلأَِنَّ الْمُسْتَوْدَعَ يَحْفَظُهَا لِمَالِكِهَا فَلَوْ ضُمِنَتْ لَامْتَنَعَ النَّاسُ مِنَ الدُّخُول فِيهَا، وَذَلِكَ مُضِرٌّ، لِمَا فِيهِ مِنْ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا.</p>وَيَضْمَنُ الْوَدِيعُ فِي حَالَيْنِ:</p>الأَْوَّل: إِِذَا فَرَّطَ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ؛ لأَِنَّ الْمُفَرِّطَ مُتَسَبِّبٌ بِتَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهَا.</p>الثَّانِي: أَنْ يَتَعَدَّى الْوَدِيعُ عَلَى الْوَدِيعَةِ، لأَِنَّ الْمُتَعَدِّيَ مُتْلِفٌ لِمَال غَيْرِهِ فَضَمِنَهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ مِنْ غَيْرِ إِيدَاعٍ.</p>وَمِنْ صُوَرِ التَّعَدِّي عَلَيْهَا: انْتِفَاعُهُ بِهَا، كَأَنْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ الْمُودَعَةَ لِغَيْرِ نَفْعِهَا، أَوْ يَلْبَسَ الثَّوْبَ الْمُودَعَ فَيَبْلَى. وَمِنْ صُوَرِ التَّعَدِّي أَيْضًا: جُحُودُهَا. (2)</p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: التَّعَدِّي فِي الرَّهْنِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَكُونُ التَّعَدِّي فِي الرَّهْنِ مِنَ الرَّاهِنِ أَوْ مِنَ الْمُرْتَهِنِ.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ تَعَدِّي الرَّاهِنِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> إِِذَا تَعَدَّى الرَّاهِنُ عَلَى الرَّهْنِ فَأَتْلَفَهُ أَوْ أَتْلَفَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " من أودع وديعة فلا ضمان عليه " أخرجه ابن ماجه (2 / 802 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. وقال ابن حجر في (التلخيص 3 / 97 - ط شركة الطباعة الفنية) : فيه المثنى بن الصباح وهو متروك، وتابعه ابن لهيعة فيما ذكره البيهقي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 4 / 494، 498، والدسوقي 3 / 419 وما بعدها، ومغني المحتاج 3 / 79 وما بعدها، وكشاف القناع 4 / 166 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٥)</span><hr/></div>جُزْءًا مِنْهُ، فَإِِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ قِيمَةِ مَا أَتْلَفَهُ، لِتَكُونَ رَهْنًا إِِلَى حُلُول الأَْجَل.</p>وَأَمَّا تَصَرُّفَاتُ الرَّاهِنِ الَّتِي تَنْقُل مِلْكَ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ، فَإِِنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى إِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ قَضَاءِ الدَّيْنِ. (1)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ تَعَدِّي الْمُرْتَهِنِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِِلَى أَنَّ الرَّهْنَ إِنْ هَلَكَ بِنَفْسِهِ فَإِِنَّهُ يَهْلِكُ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوِ اسْتَهْلَكَهُ الْمُرْتَهِنُ؛ لأَِنَّهُ لَوْ أَتْلَفَ مَمْلُوكًا مُتَقَوِّمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَالِكِهِ، فَيَضْمَنُ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَكَانَ رَهْنًا مَكَانَهُ.</p>وَفَرَّقَ الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ: أَيْ مَا يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ كَبَعْضِ الْمَنْقُولَاتِ، وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ، كَالْعَقَارِ وَالسَّفِينَةِ وَالْحَيَوَانِ، فَأَوْجَبُوا الضَّمَانَ فِي الأَْوَّل - دُونَ الثَّانِي بِشَرْطَيْنِ:</p>الأَْوَّل: أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ، لَا أَنْ يَكُونَ بِيَدِ أَمِينٍ.</p>وَالثَّانِي: أَنْ لَا تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى التَّلَفِ أَوِ الضَّيَاعِ، بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَغَيْرِ تَفْرِيطِهِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 327 - 328، والدسوقي 3 / 242، والقوانين الفقهية ص 329، وروضة الطالبين 4 / 74، 82، وكشاف القناع 3 / 336.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 8 / 3759، 3780، وابن عابدين 5 / 326، والدسوقي 3 / 253 - 254، والفواكه الدواني 2 / 232 - 233، وروضة الطالبين 4 / 96، وكشاف القناع 3 / 341.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِِلَى أَنَّ الرَّهْنَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَأَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إِنْ هَلَكَ بِيَدِهِ، إِلَاّ إِِذَا تَعَدَّى عَلَيْهِ، أَوْ فَرَّطَ فِي حِفْظِهِ.</p>وَعَلَى هَذَا: فَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ لِلرَّهْنِ بِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِ أَوْ تَفْرِيطِهِ فِي حِفْظِهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: التَّعَدِّي فِي الْعَارِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ: عَلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ بِالتَّعَدِّي وَالتَّفْرِيطِ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ، لِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ (1)</p>أَمَّا إِِذَا هَلَكَتْ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ.</p>فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ: إِِلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ إِنْ هَلَكَتْ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ غَيْرِ الْمُغِل ضَمَانٌ، (2) وَلأَِنَّهُ قَبَضَهَا بِإِِذْنِ مَالِكِهَا فَكَانَتْ أَمَانَةً كَالْوَدِيعَةِ، وَهُوَ: قَوْل الْحَسَنِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " على اليد ما أخذت حتى تؤديه " تقدم تخريجه ف / 3.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " ليس على المستعير غير المغل ضمان " أخرجه الدارقطني (3 / 41 - ط دار المحاسن) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وأعله براويين ضعيفين في إسناده.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٦)</span><hr/></div>وَالنَّخَعِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالثَّوْرِيِّ. وَالأَْوْزَاعِيِّ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ.</p>وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ فِي تَضْمِينِ الْمُسْتَعِيرِ: مَا إِِذَا لَمْ يَظْهَرْ سَبَبُ هَلَاكِ الْعَارِيَّةِ، وَكَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، فَإِِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهَا أَوْ ضَيَاعِهَا بِدُونِ سَبَبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.</p>وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِِلَى أَنَّ الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ مُطْلَقًا، تَعَدَّى الْمُسْتَعِيرُ، أَوْ لَمْ يَتَعَدَّ، لِحَدِيثِ سَمُرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ، (1) وَعَنْ صَفْوَانَ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَارَ مِنْهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَدْرَاعًا، فَقَال: أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ قَال: بَل عَارِيَّةً مَضْمُونَةٌ. (2) وَهُوَ: قَوْل عَطَاءٍ، وَإِِسْحَاقَ، وَأَشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: التَّعَدِّي فِي الْوَكَالَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ: عَلَى أَنَّ الْوَكِيل أَمِينٌ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" على اليد ما أخذت حتى تؤديه " تقدم تخريجه ف / 3.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " بل عارية مضمونة " أخرجه أحمد (3 / 401 - ط الميمنية) وحسنه ابن حزم في المحلى (9 / 173 - ط المنيرية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 503، وحاشية الدسوقي 3 / 436، والقوانين الفقهية ص 378، ومغني المحتاج 2 / 267، وكشاف القناع 4 / 70، والمغني 5 / 220.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>وَلَا تَعَدٍّ، لأَِنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الْمَالِكِ فِي الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ، فَكَانَ الْهَلَاكُ فِي يَدِهِ كَالْهَلَاكِ فِي يَدِ الْمَالِكِ، فَأَصْبَحَ كَالْمُودَعِ.</p>وَلأَِنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدُ إِرْفَاقٍ وَمَعُونَةٍ، وَالضَّمَانُ مُنَافٍ لِذَلِكَ وَمُنَفِّرٌ عَنْهُ. أَمَّا إِِذَا تَعَدَّى الْوَكِيل فَإِِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا. (1) وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ (وَكَالَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا: التَّعَدِّي فِي الإِِْجَارَةِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> سَبَقَ الْكَلَامُ عَنِ التَّعَدِّي فِي الإِِْجَارَةِ فِي مُصْطَلَحِ (إِجَارَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَادِسًا: التَّعَدِّي فِي الْمُضَارَبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> الْمُضَارَبَةُ: عَقْدٌ عَلَى الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ بِمَالٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، وَعَمَلٍ مِنَ الْجَانِبِ الآْخَرِ، وَلَا مُضَارَبَةَ بِدُونِهِمَا.</p>ثُمَّ الْمَدْفُوعُ إِِلَى الْمُضَارِبِ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ؛ لأَِنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِأَمْرِ مَالِكِهِ، لَا عَلَى وَجْهِ الْبَدَل وَالْوَثِيقَةِ، وَهُوَ وَكِيلٌ فِيهِ، فَإِِذَا رَبِحَ فَهُوَ شَرِيكٌ فِيهِ، وَإِِذَا فَسَدَتِ انْقَلَبَتْ إِجَارَةً، وَاسْتَوْجَبَ الْعَامِل أَجْرَ مِثْلِهِ، وَإِِذَا خَالَفَ كَانَ غَاصِبًا لِوُجُودِ التَّعَدِّي مِنْهُ عَلَى مَال غَيْرِهِ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 416، 409، وفتح القدير 7 / 49، 52، 73، والقوانين الفقهية ص 333، ومغني المحتاج 2 / 230، وروضة الطالبين 4 / 325، وكشاف القناع 3 / 469، 475، 484، والدسوقي 3 / 282، 390.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مجمع الضمانات ص 303، ومغني المحتاج 2 / 314 وما بعدها، والدسوقي 3 / 517 وما بعدها، وكشاف القناع 3 / 507 وما بعدها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٧)</span><hr/></div>وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (قِرَاضٌ، شَرِكَةٌ) .</p><font color=#ff0000>12 -</font> هَذَا وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَنِ التَّعَدِّي فِي الصَّدَقَةِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالأَْكْل، وَالشُّرْبِ، فِي مُصْطَلَحِ (إِسْرَافٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌سَابِعًا: التَّعَدِّي عَلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> التَّعَدِّي عَلَى الأَْبْدَانِ بِمَا يُوجِبُ قِصَاصًا أَوْ غَيْرَهُ هُوَ: قَتْل الآْدَمِيِّ بِغَيْرِ حَقٍّ، بِأَنْ لَا يَكُونَ مُرْتَدًّا، أَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا، أَوْ قَاتِلاً لِمُكَافِئِهِ، أَوْ حَرْبِيًّا. (وَمِثْلُهُ قَتْل الصَّائِل) .</p>وَالتَّعَدِّي عَلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا: يَكُونُ بِالْمُبَاشَرَةِ أَوْ بِالتَّسَبُّبِ، كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ حُفْرَةً فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَوَقَعَ فِيهِ إِنْسَانٌ. أَوْ بِالسَّبَبِ، كَالإِِْكْرَاهِ عَلَى التَّعَدِّي.</p>وَالتَّعَدِّي بِأَنْوَاعِهِ يُوجِبُ الضَّمَانَ؛ لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهَا يُلْحِقُ ضَرَرًا بِالْغَيْرِ.</p>أَمَّا الْقَتْل مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ - وَهُوَ الْقَتْل بِحَقٍّ - فَلَا ضَمَانَ فِيهِ، كَرَجْمِ الزَّانِي.</p>وَالتَّعَدِّي عَلَى النَّفْسِ يَكُونُ بِالْقَتْل عَمْدًا أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ - عِنْدَ الْجُمْهُورِ - أَوْ قَتْلاً خَطَأً. وَيَجِبُ بِالْقَتْل الْعَمْدِ: الْقَوَدُ، أَوِ الدِّيَةُ. وَيَجِبُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ: الدِّيَةُ فَقَطْ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (جِنَايَةٌ، قَتْلٌ، قِصَاصٌ) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>أَمَّا التَّعَدِّي عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، فَإِِنْ كَانَ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ، أَوِ الدِّيَةُ، وَإِِنْ كَانَ خَطَأً فَفِيهِ الدِّيَةُ. عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(جِنَايَةٌ، جِرَاحٌ، قِصَاصٌ) .</p>وَمِثْل التَّعَدِّي بِإِِتْلَافِ الْعُضْوِ: التَّعَدِّي بِإِِتْلَافِ مَنْفَعَةِ الْعُضْوِ، فَفِيهِ الضَّمَانُ أَيْضًا. (1)</p><font color=#ff0000>14 -</font> وَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَنِ التَّعَدِّي فِي الْعُقُوبَاتِ وَالْقِصَاصِ وَالتَّعْزِيرِ فِي مُصْطَلَحِ:(إِسْرَافٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَامِنًا: التَّعَدِّي عَلَى الْعِرْضِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> التَّعَدِّي عَلَى الأَْعْرَاضِ حَرَامٌ؛ لأَِنَّ الأَْعْرَاضَ يَجِبُ أَنْ تُصَانَ مِنَ الدَّنَسِ، وَقَدْ أَبَاحَ الإِِْسْلَامُ دَمَ مَنِ اعْتَدَى عَلَى الْعِرْضِ، لأَِنَّ حِفْظَ الأَْعْرَاضِ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ، قَال عليه الصلاة والسلام: مَنْ قُتِل دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، (2) وَجْهُ الدَّلَالَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ شَهِيدًا دَل أَنَّ لَهُ الْقَتْل وَالْقِتَال. وَأَنَّ الدِّفَاعَ عَنِ الْعَرْضِ وَاجِبٌ؛ لأَِنَّهُ لَا سَبِيل إِِلَى إِبَاحَتِهِ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ بُضْعُ زَوْجَتِهِ أَوْ غَيْرِهِ. وَمِثْل الدِّفَاعِ عَنِ الْبُضْعِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 369 وما بعدها، والدسوقي 4 / 272 وما بعدها، ومغني المحتاج 4 / 68 وما بعدها، وكشاف القناع 6 / 34 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" من قتل دون أهله فهو شهيد " أخرجه الترمذي (4 / 30 - ط الحلبي) وقال: حسن صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٨)</span><hr/></div>الدِّفَاعُ عَنْ مُقَدِّمَاتِهِ كَالْقُبْلَةِ وَغَيْرِهَا. (1)</p>وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (صِيَالٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَاسِعًا: تَعَدِّي الْبُغَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> مَا يُتْلِفُهُ الْبُغَاةُ - إِِذَا تَحَقَّقَتْ فِيهِمُ الشُّرُوطُ - مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ، يُنْظَرُ إِنْ كَانَ أَثْنَاءَ الْقِتَال فَلَا ضَمَانَ، وَإِِنْ كَانَ فِي غَيْرِ قِتَالٍ ضَمِنُوا النَّفْسَ وَالْمَال، وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ (2) وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ:(بُغَاةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌عَاشِرًا: التَّعَدِّي فِي الْحُرُوبِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> يَجِبُ مُرَاعَاةُ الأَْحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْحُرُوبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، فَلَا يَجُوزُ قِتَال مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُمُ الدَّعْوَةُ، حَتَّى نَدْعُوَهُمْ إِِلَى الإِِْسْلَامِ، عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(دَعْوَةٌ) .</p>وَلَا يَجُوزُ فِي الْحُرُوبِ قَتْل مَنْ لَمْ يَحْمِل السِّلَاحَ مِنَ الصِّبْيَانِ، وَالْمَجَانِينِ، وَالنِّسَاءِ، وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَالرَّاهِبِ، وَالزَّمِنِ، وَالأَْعْمَى - بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ - إِلَاّ إِِذَا اشْتَرَكُوا فِي الْقِتَال، أَوْ كَانُوا ذَا رَأْيٍ وَتَدْبِيرٍ وَمَكَايِدَ فِي الْحَرْبِ، أَوْ أَعَانُوا الْكُفَّارَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، كَمَا لَا يَجُوزُ الاِعْتِدَاءُ عَلَى الأَْسْرَى، بَل يَجِبُ الإِِْحْسَانُ إِلَيْهِمْ.</p>وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ:(جِهَادٌ، جِزْيَةٌ، أَسْرَى) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 4 / 194 - 195.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 125، وكشاف القناع 6 / 165.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌التَّعَدِّي بِالإِِْطْلَاقِ الثَّانِي بِمَعْنَى الاِنْتِقَال:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ تَعَدِّي الْعِلَّةِ:</span></p>الْعِلَّةُ: هِيَ الْمَعْنَى الَّذِي شُرِعَ الْحُكْمُ عِنْدَهُ تَحْصِيلاً لِلْمَصْلَحَةِ. (1)</p><font color=#ff0000>18 -</font> وَهِيَ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُتَعَدِّيَةً، أَوْ قَاصِرَةً وَتُسَمَّى (نَاقِصَةً) .</p>فَالْمُتَعَدِّيَةُ: هِيَ الَّتِي يَثْبُتُ وُجُودُهَا فِي الأَْصْل وَالْفُرُوعِ، أَيْ: أَنَّهَا تَتَعَدَّى مِنْ مَحَل النَّصِّ إِِلَى غَيْرِهِ، كَعِلَّةِ الإِِْسْكَارِ.</p>وَالْقَاصِرَةُ: هِيَ الَّتِي لَا تَتَعَدَّى مَحَل الأَْصْل، كَالرَّمَل فِي الطَّوَافِ، فِي الأَْشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ الأُْولَى، لإِِِظْهَارِ الْجَلَدِ وَالْقُوَّةِ لِلْمُشْرِكِينَ.</p>وَقَدِ اتَّفَقَ الأُْصُولِيُّونَ: عَلَى أَنَّ التَّعْلِيل بِالْعِلَّةِ الْمُتَعَدِّيَةِ صَحِيحٌ؛ لأَِنَّ الْقِيَاسَ لَا يَتِمُّ إِلَاّ بِعِلَّةٍ مُتَعَدِّيَةٍ إِِلَى الْفَرْعِ، لِيُلْحَقَ بِالأَْصْل. (2)</p>وَاخْتَلَفُوا فِي التَّعْلِيل بِالْعِلَل الْقَاصِرَةِ. وَمَحَل تَفْصِيل ذَلِكَ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّعَدِّي بِالسِّرَايَةِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> وَمِثَالُهُ: إِِذَا أَوْقَدَ شَخْصٌ نَارًا فِي أَرْضِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ، أَوْ فِي مَوَاتِ حِجْرِهِ، أَوْ فِيمَا يَسْتَحِقُّ الاِنْتِفَاعَ بِهِ، فَطَارَتْ شَرَارَةٌ إِِلَى دَارِ جَارِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت 2 / 260.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المستصفى 2 / 345، وإرشاد الفحول ص 208 - 209، وجمع الجوامع بحاشية البناني 2 / 241، وفواتح الرحموت 2 / 286.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٣٩)</span><hr/></div>فَأَحْرَقَتْهَا، فَإِِنْ كَانَ الإِِْيقَادُ بِطَرِيقَةٍ مِنْ شَأْنِهَا أَلَاّ تَنْتَقِل النَّارُ إِِلَى مِلْكِ الْغَيْرِ - فَإِِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَإِِلَاّ فَإِِنَّهُ يَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ، سَوَاءٌ كَانَ إِيقَادُ النَّارِ، وَالرِّيحُ عَاصِفٌ، أَمْ بِاسْتِعْمَال مَوَادَّ تَنْتَشِرُ مَعَهَا النَّارُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ. (1) وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ (ضَمَانٌ، إِحْرَاقٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌آثَارُ التَّعَدِّي:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> سَبَقَ أَنَّ التَّعَدِّيَ يَكُونُ عَلَى الْمَال، وَعَلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا، وَعَلَى الْعِرْضِ، وَلِلتَّعَدِّي بِأَنْوَاعِهِ آثَارٌ نُجْمِلُهَا فِيمَا يَلِي:</p><font color=#ff0000>(1)</font> الضَّمَانُ: وَذَلِكَ فِيمَا يَخُصُّ الأَْمْوَال بِالْغَصْبِ وَالإِِْتْلَافِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ، أَوْ فِيمَا يَخُصُّ الْقَتْل بِأَنْوَاعِهِ، إِِذَا صُولِحَ فِي عَمْدِهِ عَلَى مَالٍ، أَوْ عَفَا أَحَدُ الأَْوْلِيَاءِ عَنِ الْقِصَاصِ - وَمِثْل ذَلِكَ الْجِنَايَةُ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ.</p>وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ كُلٌّ فِي بَابِهِ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الْقِصَاصُ: وَيَكُونُ فِي الْعَمْدِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ أَوْ إِتْلَافِهِ مِمَّا فِيهِ الْقِصَاصُ، وَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ:(قَتْلٌ، قِصَاصٌ) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> الْحَدُّ: وَهُوَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ التَّعَدِّي فِي السَّرِقَةِ، وَالزِّنَى، وَالْقَذْفِ، وَمَا إِِلَى ذَلِكَ، وَيُنْظَرُ كُلٌّ فِي مُصْطَلَحِهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الهندية 3 / 459، ومواهب الجليل 6 / 321، وروضة الطالبين 5 / 285، وكشاف القناع 2 / 367، ومجمع الضمانات ص 161.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div><font color=#ff0000>(4)</font> التَّعْزِيرُ: وَهُوَ حَقُّ الإِِْمَامِ يُعَاقِبُ بِهِ الْجُنَاةَ وَيَكُونُ التَّعْزِيرُ: بِالْحَبْسِ أَوْ بِالْجَلْدِ أَوْ بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مُنَاسِبًا. انْظُرْ مُصْطَلَحَ: (تَعْزِيرٌ) .</p><font color=#ff0000>(5)</font> الْمَنْعُ مِنَ الْمِيرَاثِ: وَذَلِكَ كَقَتْل الْوَارِثِ مُوَرِّثَهُ، عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْعَمْدِ وَغَيْرِهِ. انْظُرْ مُصْطَلَحَ:(إِرْثٌ) .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْدِيلٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> لِلتَّعْدِيل فِي اللُّغَةِ مَعْنَيَانِ:</p>أ - التَّسْوِيَةُ وَالتَّقْوِيمُ، يُقَال: عَدَّل الْحُكْمَ وَالشَّيْءَ تَعْدِيلاً: أَقَامَهُ، وَالْمِيزَانَ: سَوَّاهُ فَاعْتَدَل.</p>ب - التَّزْكِيَةُ، يُقَال: عَدَّل الشَّاهِدَ أَوِ الرَّاوِيَ تَعْدِيلاً: نَسَبَهُ إِِلَى الْعَدَالَةِ وَوَصَفَهُ بِهَا. (1) وَمَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ، لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌التَّجْرِيحُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> التَّجْرِيحُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ جَرَّحَهُ، يُقَال: جَرَّحْت الشَّاهِدَ: إِِذَا أَظْهَرَتْ فِيهِ مَا تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ</p>وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنْ ذَلِكَ. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب تاج العروس والمصباح المنير مادة: " عدل "، وروضة الطالبين 3 / 184، وفتح القدير 1 / 210.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تاج العروس مادة:" جرح "، وجامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير 1 / 126.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ تَعْدِيل الشُّهُودِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ إِِلَى أَنَّهُ: يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَطْلُبَ تَعْدِيل الشُّهُودِ إِِذَا لَمْ يَعْلَمْ عَدَالَتَهُمْ، سَوَاءٌ أَطَعَنَ الْخَصْمُ أَمْ لَمْ يَطْعَنْ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَبُول شَهَادَتِهِمْ بِغَيْرِ تَعْدِيلٍ. (1)</p>وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: يَقْبَل الْحَاكِمُ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ الْمُسْلِمِ الظَّاهِرِ الْعَدَالَةِ، وَلَا يَسْأَل عَنْ حَال الشُّهُودِ حَتَّى يَطْعَنَ الْخَصْمُ، لِقَوْل النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام: الْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِلَاّ مَحْدُودًا فِي فِرْيَةٍ (2) .</p>وَاسْتُثْنِيَ مِنْ هَذَا شُهُودُ الْحُدُودِ، وَالْقِصَاصِ فَيُشْتَرَطُ عِنْدَهُ الاِسْتِقْصَاءُ، لأَِنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. (3)</p>وَفِي تَعْدِيل الشُّهُودِ وَرُوَاةِ الْحَدِيثِ تَفْصِيلَاتٌ وَخِلَافٌ تُنْظَرُ فِي (تَزْكِيَةٌ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ تَعْدِيل الأَْرْكَانِ فِي الصَّلَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ: عَلَى وُجُوبِ تَعْدِيل الأَْرْكَانِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 11 / 166 - 167، ومعين الحكام ص 105، وابن عابدين 4 / 372، ومواهب الجليل 6 / 151، وكشاف القناع 6 / 348.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" المسلمون عدول بعضهم على بعض. . . " أخرجه ابن أبي شيبة (6 / 172 - ط الدار السلفية - بمبي) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وإسناده حسن.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 6 / 457، وابن عابدين 4 / 372، ومعين الحكام ص 105.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤١)</span><hr/></div>فِي الصَّلَاةِ، بِمَعْنَى الطُّمَأْنِينَةِ فِيهَا، مِنْ رُكُوعٍ، وَسُجُودٍ وَجُلُوسٍ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَاعْتِدَالٍ مِنَ الرُّكُوعِ، إِلَاّ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ قَالُوا بِالْوُجُوبِ دُونَ الْفَرْضِيَّةِ، عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ - بِمَعْنَى: أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ عَمْدًا، وَتَجِبُ إِعَادَةُ الصَّلَاةِ، لِرَفْعِ الإِِْثْمِ مَعَ صِحَّتِهَا - دُونَ الْفَرْضِ.</p>وَقَال الْجُمْهُورُ: إِنَّ التَّعْدِيل فِي الْمَذْكُورَاتِ وَاجِبٌ، بِمَعْنَى: أَنَّهُ فَرْضٌ وَرُكْنٌ، تَبْطُل الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ، عَمْدًا أَوْ سَهْوًا. (1)</p>وَدَلِيل الْمَسْأَلَةِ حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتُهُ الْمَعْرُوفُ. (2)</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ قِسْمَةُ التَّعْدِيل:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> وَهِيَ: أَنْ تُقْسَمَ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَكَةُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، لَا بِعَدَدِ الأَْجْزَاءِ، كَأَرْضٍ مَثَلاً تَخْتَلِفُ قِيمَةُ أَجْزَائِهَا بِاخْتِلَافِهَا فِي قُوَّةِ الإِِْنْبَاتِ، أَوِ الْقُرْبِ مِنَ الْمَاءِ، أَوْ بِسَقْيِ بَعْضِهَا بِالنَّهْرِ، وَبَعْضِهَا بِالنَّاضِحِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ.</p>فَيَكُونُ ثُلُثُهَا مَثَلاً يُسَاوِي بِالْقِيمَةِ ثُلُثَيْهَا، فَتُقْسَمُ قِسْمَةُ التَّعْدِيل. فَيُجْعَل الثُّلُثُ سَهْمًا وَالثُّلُثَانِ سَهْمًا، إِلْحَاقًا لِلتَّسَاوِي بِالْقِيمَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مراقي الفلاح بحاشية الطحطاوي (135 و 136) ، ومواهب الجليل 1 / 125، ومغني المحتاج 1 / 163 وما بعدها، والمغني 1 / 508.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " المسيء صلاته. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 99 - ط السلفية) ومسلم (1 / 403 - ط الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>بِالتَّسَاوِي فِي الأَْجْزَاءِ. وَيُنْظَرُ التَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (قِسْمَةٌ) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ التَّعْدِيل فِي دَمِ جَزَاءِ الصَّيْدِ فِي الْمَنَاسِكِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِِلَى أَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ الْمِثْلِيِّ عَلَى التَّخْيِيرِ وَالتَّعْدِيل، فَيَجُوزُ فِيهِ الْعُدُول عَنِ الْمِثْل إِِلَى قِيمَةِ الْمِثْل، أَوْ قِيمَةِ الصَّيْدِ، عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، يُرْجَعُ إِِلَى مَوْطِنِهِ.</p>وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} ، (1) أَمَّا غَيْرُ الْمِثْلِيِّ مِنَ الصَّيْدِ فَيَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا، أَوْ يَصُومُ عَنْ كُل مُدٍّ يَوْمًا. (2)</p>أَمَّا بَاقِي الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ، أَوِ ارْتِكَابِ مَنْهِيٍّ، فَفِي جَوَازِ التَّعْدِيل فِيهَا خِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَتَفْصِيلُهُ فِي (إِحْرَامٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة المائدة / 95.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 2 / 214 و 215، والقوانين الفقهية 93، ومغني المحتاج 1 / 529، والمغني 3 / 519.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْذِيبٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْذِيبُ: مَصْدَرُ عَذَّبَ، يُقَال: عَذَّبَهُ تَعْذِيبًا: إِِذَا مَنَعَهُ، وَفَطَمَهُ عَنِ الأَْمْرِ. قَال ابْنُ فَارِسٍ: أَصْل الْعَذَابِ الضَّرْبُ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ ذَلِكَ فِي كُل شِدَّةٍ، يُقَال مِنْهُ: عَذَّبَ تَعْذِيبًا وَالْعَذَابُ: اسْمٌ بِمَعْنَى النَّكَال وَالْعُقُوبَةِ. (1) وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} . (2) وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنْ ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌أ - التَّعْزِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> التَّعْزِيرُ: تَفْعِيلٌ مِنَ الْعَزْرِ، بِمَعْنَى: الْمَنْعِ وَالإِِْجْبَارِ عَلَى الأَْمْرِ، وَأَصْلُهُ النُّصْرَةُ وَالتَّعْظِيمُ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 1 / 192، ولسان العرب، والمصباح المنير مادة:" عذب "، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس 4 / 260.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأحزاب / 30.</p><font color=#ff0000>(3)</font> القاموس والمصباح مادة:" عزر ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: عِبَارَةٌ عَنِ التَّأْدِيبِ دُونَ الْحَدِّ. وَكُل مَا لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ مُقَدَّرٌ شَرْعًا فَمُوجِبُهُ التَّعْزِيرُ.</p>وَالتَّعْذِيبُ أَعَمُّ مِنَ التَّعْزِيرِ مِنْ وَجْهٍ، لأَِنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَكُونُ إِلَاّ بِحَقٍّ شَرْعِيٍّ، بِخِلَافِ التَّعْذِيبِ. فَقَدْ يَكُونُ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا.</p>وَالتَّعْزِيرُ أَعَمُّ مِنْ حَيْثُ مَا يَكُونُ بِهِ التَّعْزِيرُ.</p> </p>‌<span class="title">‌ب - التَّأْدِيبُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> التَّأْدِيبُ مَصْدَرُ أَدَّبَ، مُضَعَّفًا، وَثُلَاثِيُّهُ: أَدَبَ، مِنْ بَابِ ضَرَبَ، يُقَال: أَدَّبْتُهُ أَدَبًا، أَيْ عَلَّمْتَهَ رِيَاضَةَ النَّفْسِ، وَمَحَاسِنَ الأَْخْلَاقِ. وَيُقَال: أَدَّبْتُهُ تَأْدِيبًا مُبَالَغَةً وَتَكْثِيرًا: أَيْ عَاقَبْتَهُ عَلَى إِسَاءَتِهِ، لأَِنَّ التَّأْدِيبَ سَبَبٌ يَدْعُو إِِلَى حَقِيقَةِ الأَْدَبِ. (1)</p>وَالنِّسْبَةُ بَيْنَ التَّعْذِيبِ وَالتَّأْدِيبِ: عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ، يَجْتَمِعَانِ فِي التَّعْزِيرِ، لأَِنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا وَتَأْدِيبًا.</p>وَيَفْتَرِقُ التَّعْذِيبُ عَنِ التَّأْدِيبِ فِي التَّعْذِيبِ الْمَمْنُوعِ شَرْعًا، فَإِِنَّهُ تَعْذِيبٌ، وَلَيْسَ تَأْدِيبًا، وَيَفْتَرِقُ التَّأْدِيبُ عَنِ التَّعَذُّبِ فِي التَّأْدِيبِ بِالْكَلَامِ وَالنُّصْحِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ، فَإِِنَّهُ تَأْدِيبٌ وَلَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ تَعْذِيبٌ.</p> </p>‌<span class="title">‌ج - التَّمْثِيل:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> التَّمْثِيل: مَصْدَرُ مَثَّل. وَأَصْلُهُ الثُّلَاثِيِّ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب المحيط، والمصباح المنير مادة:" أدب ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٣)</span><hr/></div>مَثَل، يُقَال: مُثَلَّثُ بِالْقَتِيل: إِِذَا جَدَعْتَهُ، وَظَهَرَتْ آثَارُ فِعْلِك عَلَيْهِ تَنْكِيلاً وَالتَّشْدِيدُ مُبَالَغَةٌ، وَالاِسْمُ الْمُثْلَةُ - وِزَانُ غُرْفَةٍ - وَالْمَثُلَةُ - بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الثَّاءِ: الْعُقُوبَةُ. (1)</p>وَالنِّسْبَةُ بَيْنَ التَّعْذِيبِ وَالتَّمْثِيل، عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ. فَالتَّعْذِيبُ أَعَمُّ مِنَ التَّمْثِيل، فَكُل تَمْثِيلٍ تَعْذِيبٌ، وَلَيْسَ كُل تَعْذِيبٍ تَمْثِيلاً. وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، لأَِنَّ الآْثَارَ تَدُل: عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ يَتَأَذَّى بِمَا يَتَأَذَّى بِهِ الْحَيُّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّعْذِيبِ بِاخْتِلَافِ الأَْحْوَال وَالأَْسْبَابِ. وَالدَّوَاعِي لِلتَّعْذِيبِ بَعْضُهَا يَرْجِعُ إِِلَى قَصْدِ الْمُعَذِّبِ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِالطَّرِيقِ الْمُبَاشِرِ، أَمْ غَيْرِ الْمُبَاشِرِ.</p>التَّعْذِيبُ فِي الأَْصْل مَمْنُوعٌ شَرْعًا، لِقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا. (2)</p>وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ: هُوَ الإِِْمَامُ، وَلَيْسَ لِلأَْوْلِيَاءِ ذَلِكَ، لأَِنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُمُ التَّجَاوُزُ، أَوِ التَّعْذِيبُ. وَأَمَّا فِي النَّفْسِ، فَالْحَنَابِلَةُ اشْتَرَطُوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير والمغرب في ترتيب المعرب، وتهذيب الأسماء واللغات والمنجد في اللغة مادة:" مثل " ومعجم الفقه الحنبلي 2 / 874.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا ". أخرجه مسلم (4 / 2017 ط الحلبي) في حديث هشام بن حكيم بن حزام.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>حُضُورَ الإِِْمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ، لِلاِحْتِرَازِ عَنِ التَّعْذِيبِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْوَاعُ التَّعْذِيبِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> يَنْقَسِمُ التَّعْذِيبُ إِِلَى قِسْمَيْنِ:</p>الأَْوَّل: تَعْذِيبُ الإِِْنْسَانِ.</p>الثَّانِي: تَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ.</p>وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَنْقَسِمُ: إِِلَى مَشْرُوعٍ، وَغَيْرِ مَشْرُوعٍ، فَالأَْقْسَامُ أَرْبَعَةٌ وَهِيَ:</p><font color=#ff0000>(1)</font> التَّعْذِيبُ الْمَشْرُوعُ لِلإِِْنْسَانِ.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التَّعْذِيبُ غَيْرُ الْمَشْرُوعِ لِلإِِْنْسَانِ.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التَّعْذِيبُ الْمَشْرُوعُ لِلْحَيَوَانِ</p><font color=#ff0000>(4)</font> التَّعْذِيبُ غَيْرُ الْمَشْرُوعِ لِلْحَيَوَانِ</p><font color=#ff0000>7 -</font> أَمَّا الأَْوَّل: فَهُوَ التَّعْذِيبُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ الشَّارِعُ عَلَى وَجْهِ الْفَرْضِيَّةِ، كَالْحُدُودِ، وَالْقِصَاصِ، وَالتَّعْزِيرَاتِ بِأَنْوَاعِهَا. أَوْ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ: كَتَأْدِيبِ الأَْوْلَادِ. أَوْ عَلَى وَجْهِ الإِِْبَاحَةِ، كَالْكَيِّ فِي التَّدَاوِي، إِِذَا تَعَيَّنَ عِلَاجًا فَإِِنَّهُ مُبَاحٌ. وَإِِذَا لَمْ تَكُنِ الْحَاجَةُ لأَِجْل التَّدَاوِي فَإِِنَّهُ حَرَامٌ، لأَِنَّهُ تَعْذِيبٌ بِالنَّارِ، وَلَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَاّ خَالِقُهَا. (2)</p>وَمِنَ الْمَشْرُوعِ رَمْيُ الأَْعْدَاءِ بِالنَّارِ وَلَوْ حَصَل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البدائع 7 / 242، ونهاية المحتاج 7 / 386، والدسوقي 4 / 359، والبحر الرائق 8 / 339.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 6 / 388، والمغني لابن قدامة 1 / 176، ونيل الأوطار 8 / 212، 215، ونهاية المحتاج 8 / 30.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٤)</span><hr/></div>تَعْذِيبُهُمْ بِهَا، وَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ إِمْكَانِ أَخْذِهِمْ بِغَيْرِ التَّحْرِيقِ، لأَِنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ فَعَلُوا ذَلِكَ فِي غَزَوَاتِهِمْ، وَأَمَّا تَعْذِيبُهُمْ بِالنَّارِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ فَلَا يَجُوزُ، لِمَا رَوَى حَمْزَةُ الأَْسْلَمِيُّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَّرَهُ عَلَى سَرِيَّةٍ وَقَال لَهُ: إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا فَأحْرِقُوهُ بِالنَّارِ فَوَلَّيْتُ فَنَادَانِي، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَال: إِنْ وَجَدْتُمْ فُلَانًا فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تَحْرُقُوهُ، فَإِِنَّهُ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَاّ رَبُّ النَّارِ (1)</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (إِحْرَاقٌ 2 125)</p>وَمِنْ أَنْوَاعِ التَّعْذِيبِ الْمَشْرُوعِ: ضَرْبُ الأَْبِ أَوِ الأُْمِّ وَلَدَهُمَا تَأْدِيبًا، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ، أَوِ الْمُعَلِّمِ بِإِِذْنِ الأَْبِ تَعْلِيمًا.</p>وَذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ:</p>لَهُ إِكْرَاهُ طِفْلِهِ عَلَى تَعَلُّمِ الْقُرْآنِ، وَالأَْدَبِ، وَالْعِلْمِ، لِفَرْضِيَّتِهِ عَلَى الْوَالِدَيْنِ، وَلَهُ ضَرْبُ الْيَتِيمِ فِيمَا يَضْرِبُ وَلَدَهُ، وَالأُْمُّ كَالأَْبِ فِي التَّعْلِيمِ، بِخِلَافِ التَّأْدِيبِ، فَإِِنَّهُ لَوْ مَاتَ الصَّبِيُّ بِضَرْبِ الأُْمِّ تَأْدِيبًا فَعَلَيْهَا الضَّمَانُ.</p>وَمِمَّا يُذْكَرُ: أَنَّ ضَرْبَ التَّأْدِيبِ مُقَيَّدٌ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ، وَمَحَلُّهُ فِي الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ، كَمًّا وَكَيْفًا وَمَحَلًّا، فَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى الْوَجْهِ أَوْ عَلَى الْمَذَاكِيرِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إن وجدتم فلانا فأحرقوه بالنار " أخرجه أبو داود (3 / 124 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه ابن حجر في الفتح (6 / 149 - ط السلفية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>يَجِبُ الضَّمَانُ بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ سَوْطًا وَاحِدًا، لأَِنَّهُ إِتْلَافٌ. (1)</p>وَمِنَ التَّعْذِيبِ الْمَشْرُوعِ لِلإِِْنْسَانِ ثَقْبُ أُذُنِ الطِّفْل مِنَ الْبَنَاتِ، لأَِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي زَمَنِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ.</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْذِيبُ الْمُتَّهَمِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْمُتَّهَمَ بِسَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا إِِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:</p>إِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ، فَلَا تَجُوزُ عُقُوبَتُهُ اتِّفَاقًا.</p>وَإِِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَجْهُول الْحَال لَا يُعْرَفُ بِبِرٍّ وَلَا فُجُورٍ، فَهَذَا يُحْبَسُ حَتَّى يَنْكَشِفَ حَالُهُ، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَالْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الأَْئِمَّةِ: أَنَّهُ يَحْبِسُهُ الْقَاضِي وَالْوَالِي، لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، وَأَحْمَدُ، مِنْ حَدِيثِ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ. عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَبَسَ فِي تُهْمَةٍ (2) .</p>وَإِِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَّهَمُ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ، كَالسَّرِقَةِ، وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، وَالْقَتْل، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيَجُوزُ حَبْسُهُ وَضَرْبُهُ، كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الزُّبَيْرَ رضي الله عنه، بِتَعْذِيبِ الْمُتَّهَمِ الَّذِي غَيَّبَ مَالَهُ حَتَّى أَقَرَّ بِهِ. (3) وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: مَا عَلِمْتُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 363.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " حبس النبي صلى الله عليه وسلم في تهمة " أخرجه الترمذي (3 / 28 - ط الحلبي) وقال: حديث حسن.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: أمر النبي صلى الله عليه وسلم الزبير بتعذيب المتهم الذي غيب ماله. أورده ابن عابدين في حاشيته (3 / 195) . ولم نجده فيما بين أيدينا من كتب السنة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٥)</span><hr/></div>أَحَدًا مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ يَقُول: إِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الدَّعَاوَى يَحْلِفُ، وَيُرْسَل بِلَا حَبْسٍ، وَلَا غَيْرِهِ. وَقَال الْبُجَيْرِمِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّرْبَ حَرَامٌ فِي الشِّقَّيْنِ، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ضُرِبَ لِيُقِرَّ، أَوْ لِيَصْدُقَ، خِلَافًا لِمَا تُوُهِّمَ حِلُّهُ إِِذَا ضُرِبَ لِيَصْدُقَ.</p>وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَاخْتَلَفُوا فِيهِ: هَل الَّذِي يَضْرِبُهُ الْوَالِي دُونَ الْقَاضِي، أَوْ كِلَاهُمَا؟ أَوْ لَا يُسَوَّغُ ضَرْبُهُ، عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:</p>أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَضْرِبُهُ الْوَالِي وَالْقَاضِي، وَهَذَا قَوْل طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ، مِنْهُمْ أَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَإِِنَّهُ قَال: يُمْتَحَنُ بِالْحَبْسِ وَالضَّرْبِ، وَيُضْرَبُ بِالسَّوْطِ مُجَرَّدًا.</p>الْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهُ يَضْرِبُهُ الْوَالِي دُونَ الْقَاضِي، وَهَذَا قَوْل بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ.</p>الْقَوْل الثَّالِثُ: أَنَّهُ يُحْبَسُ وَلَا يُضْرَبُ، وَهَذَا قَوْل أَصْبَغَ، ثُمَّ قَالَتْ طَائِفَةٌ، مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَمُطَرِّفٌ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: إِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ. (1)</p> </p><font color=#ff0000>9 -</font> أَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي: وَهُوَ التَّعْذِيبُ غَيْرُ الْمَشْرُوعِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط 9 / 195 و 24 / 51، 70، وابن عابدين 3 / 195، والمدونة 6 / 293، والدسوقي 4 / 345، والزرقاني 8 / 106 - 107، والطرق الحكمية 100 - 104، وحاشية البجيرمي 3 / 73، ونهاية المحتاج 5 / 71.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>لِلإِِْنْسَانِ، فَمِنْهُ تَعْذِيبُ الأَْسْرَى، فَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ عَدَمَ جَوَازِ تَعْذِيبِهِمْ، لأَِنَّ الإِِْسْلَامَ يَدْعُو إِِلَى الرِّفْقِ بِالأَْسْرَى، وَإِِطْعَامِهِمْ، قَال اللَّهُ تَعَالَى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (1) وَفِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ لَا تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ الشَّمْسِ، وَحَرَّ السِّلَاحِ، قِيلُوهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا (2) وَهَذَا الْكَلَامُ فِي أَسَارَى بَنِي قُرَيْظَةَ، حِينَمَا كَانُوا فِي الشَّمْسِ. (3)</p>وَإِِذَا كَانَ هُنَاكَ خَوْفُ الْفِرَارِ، فَيَصِحُّ حَبْسُ الأَْسِيرِ مِنْ غَيْرِ تَعْذِيبٍ، وَإِِذَا رُجِيَ أَنْ يَدُل عَلَى أَسْرَارِ الْعَدُوِّ جَازَ تَهْدِيدُهُ وَتَعْذِيبُهُ بِالْقَدْرِ الْكَافِي، لِتَحْقِيقِ ذَلِكَ، وَدَلِيل ذَلِكَ: مَا رُوِيَ عَنِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ أَمَرَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ بِتَعْذِيبِ مَنْ كَتَمَ خَبَرَ الْمَال، الَّذِي كَانَ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ، وَقَال لَهُ: أَيْنَ كَنْزُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ؟ فَقَال: يَا مُحَمَّدُ، أَنْفَذَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ، فَقَال: الْمَال كَثِيرٌ وَالْمَسْأَلَةُ أَقْرَبُ، وَقَال لِلزُّبَيْرِ: دُونَكَ هَذَا. فَمَسَّهُ الزُّبَيْرُ بِشَيْءٍ مِنَ الْعَذَابِ، فَدَلَّهُمْ عَلَى الْمَال. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الإنسان / 8.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا تجمعوا عليهم حر الشمس وحر السلاح ". أخرجه الواقدي في كتاب المغازي (2 / 514 - نشر مؤسسة الأعلمي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> شرح السير الكبير 3 / 1029، وفتح الباري 1 / 555، والتاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 3 / 353، والنووي شرح صحيح مسلم 13 / 87.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث:" أمر بتعذيب من كتم خبر المال ". أورده ابن عابدين وحاشيته (3 / 195) ولم نجده فيما بين أيدينا من كتاب السنة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٦)</span><hr/></div>لَكِنْ إِِذَا كَانُوا يُعَذِّبُونَ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ يَجُوزُ مُعَامَلَتُهُمْ بِالْمِثْل، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَإِِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْل مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (1) وَقَوْلُهُ أَيْضًا {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (2)</p>قَال الْبَاجِيُّ: لَا يُمَثَّل بِالأَْسِيرِ، إِلَاّ أَنْ يَكُونُوا مَثَّلُوا بِالْمُسْلِمِينَ.</p>وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: قَتْل الأَْسِيرِ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، لَا يُمَثَّل بِهِ، وَلَا يُعْبَثُ عَلَيْهِ. قِيل لِمَالِكٍ: أَيُضْرَبُ وَسَطُهُ؟ فَقَال: قَال اللَّهُ سُبْحَانَهُ {فَضَرْبَ الرِّقَابِ} (3) لَا خَيْرَ فِي الْعَبَثِ. (4)</p> </p><font color=#ff0000>10 -</font> وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّالِثُ: وَهُوَ التَّعْذِيبُ الْمَشْرُوعُ لِلْحَيَوَانِ - فَقَدْ ذَكَرُوا لَهُ أَمْثِلَةً، مِنْهَا:</p>أ - تَعْذِيبُ مَاشِيَةِ الزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ بِالْوَسْمِ - فَقَدْ ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِِلَى جَوَازِهِ، لِمَا رُوِيَ مِنْ فِعْل الصَّحَابَةِ فِي مَاشِيَةِ الزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَا بَأْسَ بِكَيِّ الْبَهَائِمِ لِلْعَلَامَةِ، لأَِنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ. (5)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النحل / 126.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 194.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة محمد / 4.</p><font color=#ff0000>(4)</font> شرح السير الكبير 3 / 1029، وفتح الباري 1 / 555، والتاج والإكليل 3 / 353.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حاشية ابن عابدين 6 / 388 ط الحلبي 1966، والمغني لابن قدامة 3 / 574، ونيل الأوطار 8 / 90 / 92.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>ب - إِلْقَاءُ السَّمَكِ الْحَيِّ فِي النَّارِ لِيَصِيرَ مَشْوِيًّا فَإِِنَّ الْمَالِكِيَّةَ ذَهَبُوا: إِِلَى جَوَازِهِ، وَذَهَبَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: إِِلَى أَنَّ هَذَا الْعَمَل مَكْرُوهٌ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ رَأَى جَوَازَ أَكْلِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ شَيِّ الْجَرَادِ حَيًّا، فَإِِنَّهُ يُجِيزُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، لِمَا أُثِرَ أَنَّ الصَّحَابَةَ فَعَلُوا ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. (1)</p>ج - وَمِنْ ذَلِكَ التَّعْذِيبِ الْجَائِزِ: ضَرْبُ الْحَيَوَانِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُل بِهِ التَّعْلِيمُ وَالتَّرْوِيضُ، وَيُخَاصَمُ الضَّارِبُ فِيمَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، كَمَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ. (2)</p> </p><font color=#ff0000>11 -</font> وَأَمَّا النَّوْعُ الرَّابِعُ: وَهُوَ التَّعْذِيبُ (غَيْرُ الْمَشْرُوعِ) لِلْحَيَوَانِ:</p>فَمِنْهُ: تَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ بِالْمَنْعِ مِنَ الأَْكْل وَالشُّرْبِ، لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُل مِنْ خَشَاشِ الأَْرْضِ. (3)</p>وَمِنْهُ: اتِّخَاذُ ذِي رُوحٍ غَرَضًا، أَيْ هَدَفًا لِلرَّمْيِ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 11 / 41، والحرشي 1 / 93 ط دار صادر بيروت، وحاشية ابن عابدين 6 / 354، ونهاية المحتاج 1 / 132.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 5 / 24.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" دخلت امرأة النار في هرة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 356 - ط السلفية) . وانظر نيل الأوطار 7 / 144.</p><font color=#ff0000>(4)</font> نيل الأوطار 8 / 249.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٧)</span><hr/></div>وَمِنْهُ: قَطْعُ رَأْسِ الْحَيَوَانِ الْمَذْبُوحِ وَسَلْخُهُ قَبْل أَنْ يَبْرُدَ، وَيَسْكُنَ عَنِ الاِضْطِرَابِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ التَّعْذِيبَ فِي مَوَاضِعَ شَتَّى سَبَقَ ذِكْرُ عَدَدٍ مِنْهَا خِلَال الْبَحْثِ. وَمِنْهَا أَيْضًا: الْجِنَايَاتُ، وَالتَّعْزِيرَاتُ، وَالتَّأْدِيبُ، وَالتَّذْكِيَةُ، وَالأَْسْرُ، وَالسِّيَاسَةُ الشَّرْعِيَّةُ، وَالْجِهَادُ (السِّيَرُ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 5 / 188.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْرِيضٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْرِيضُ: لُغَةً ضِدُّ التَّصْرِيحِ، يُقَال: عَرَّضَ لِفُلَانٍ وَبِفُلَانٍ: إِِذَا قَال قَوْلاً عَامًّا، وَهُوَ يَعْنِي فُلَانًا، وَمِنْهُ: الْمَعَارِيضُ فِي الْكَلَامِ، كَقَوْلِهِمْ: إِنَّ فِي الْمَعَارِيضِ لَمَنْدُوحَةٌ عَنِ الْكَذِبِ. (1)</p>وَهُوَ فِي الاِصْطِلَاحِ: مَا يَفْهَمُ بِهِ السَّامِعُ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ. (2)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌أ - الْكِنَايَةُ</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْكِنَايَةُ: وَهِيَ ذِكْرُ اللَاّزِمِ، وَإِِرَادَةُ الْمَلْزُومِ.</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ: أَنَّ التَّعْرِيضَ هُوَ تَضْمِينُ الْكَلَامِ دَلَالَةً لَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ، كَقَوْل الْمُحْتَاجِ: جِئْتُكَ لأُِسَلِّمَ عَلَيْكَ، فَيَقْصِدَ مِنَ اللَّفْظِ السَّلَامَ، وَمِنَ السِّيَاقِ طَلَبَ الْحَاجَةِ. (3)</p>‌<span class="title">‌ب - التَّوْرِيَةُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> التَّوْرِيَةُ: وَهِيَ أَنْ تُطْلِقَ لَفْظًا ظَاهِرًا (قَرِيبًا)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مختار الصحاح مادة: " عرض ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> تعريفات الجرجاني.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية الطحطاوي 2 / 229، وشرح الزرقاني 3 / 167، والمغرب مادة:" عرض ".</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٨)</span><hr/></div>فِي مَعْنًى، تُرِيدُ بِهِ مَعْنًى آخَرَ (بَعِيدًا) يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ، لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ. (1) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ التَّعْرِيضِ: أَنَّ فَائِدَةَ التَّوْرِيَةِ تُرَادُ مِنَ اللَّفْظِ، فَهِيَ أَخَصُّ مِنَ التَّعْرِيضِ، الَّذِي قَدْ يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهُ مِنَ السِّيَاقِ وَالْقَرَائِنِ، أَوِ اللَّفْظِ، فَهُوَ أَعَمُّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p>يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّعْرِيضِ بِحَسَبِ مَوْضُوعِهِ كَمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: التَّعْرِيضُ فِي الْخِطْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي حُرْمَةِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ لِمَنْكُوحَةِ الْغَيْرِ، وَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، لأَِنَّهَا فِي حُكْمِ الْمَنْكُوحَةِ، كَمَا اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى حُرْمَةِ التَّعْرِيضِ لِمَخْطُوبَةِ مَنْ صُرِّحَ بِإِِجَابَتِهِ وَعُلِمَتْ خِطْبَتُهُ، وَلَمْ يَأْذَنِ الْخَاطِبُ وَلَمْ يُعْرِضْ عَنْهَا. (2) لِخَبَرِ: لَا يَخْطِبُ الرَّجُل عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَتْرُكَ الْخَاطِبُ قَبْلَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْخَاطِبُ (3) ر: مُصْطَلَحَ: (خِطْبَةٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 619، وروضة الطالبين 7 / 30 - 31، والمغني 1 / 658، وحاشية الدسوقي 2 / 219، وشرح روض الطالب 3 / 115، شرح الزرقاني 3 / 167.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 9 / 198 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1029 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، واللفظ للبخاري.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَانِيًا: التَّعْرِيضُ بِخُطْبَةِ الْمُعْتَدَّةِ غَيْرِ الرَّجْعِيَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِِلَى جَوَازِ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ لِلْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ، وَلَمْ نَقِفْ عَلَى خِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِيهَا، إِلَاّ قَوْلاً لِلشَّافِعِيَّةِ، مُؤَدَّاهُ: إِنْ كَانَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ بِالْحَمْل لَمْ يُعَرِّضْ لَهَا، خَوْفًا مِنْ تَكَلُّفِ إِلْقَاءِ الْجَنِينِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ عِنْدَهُمْ. (1) وَاسْتَدَل الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} . (2) لأَِنَّهَا وَرَدَتْ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، كَمَا قَال جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ.</p>وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّعْرِيضِ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ فَسْخٍ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ: إِِلَى أَنَّهُ يَحِل التَّعْرِيضُ لِبَائِنٍ مُعْتَدَّةٍ بِالأَْقْرَاءِ أَوِ الأَْشْهُرِ، وَذَلِكَ لِعُمُومِ الآْيَةِ، وَلاِنْقِطَاعِ سُلْطَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ بَائِنًا بَيْنُونَةً صُغْرَى أَوْ كُبْرَى، أَوْ بِفَسْخٍ، أَوْ فُرْقَةٍ بِلِعَانٍ، أَوْ رَضَاعٍ، فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ. (3) وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ. (4)</p>وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصادر السابقة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 235.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 6 / 203، وقليوبي 3 / 213 - 214، وروضة الطالبين 7 / 30.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المغني 6 / 608، وحاشية الدسوقي 2 / 219.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٤٩)</span><hr/></div>أَحْمَدَ: لَا يَحِل التَّعْرِيضُ لِلْبَائِنِ بِطَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، لأَِنَّ لِصَاحِبِ الْعِدَّةِ الْمُنْتَهِيَةِ أَنْ يَنْكِحَهَا بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ، فَأَشْبَهَتِ الرَّجْعِيَّةَ. (1)</p>وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِِلَى أَنَّهُ لَا يَحِل التَّعْرِيضُ لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ بِنَوْعَيْهِ، لإِِِفْضَائِهِ إِِلَى عَدَاوَةِ الْمُطَلِّقِ. وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الْفَتْحِ " الإِِْجْمَاعَ " بَيْنَ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى حُرْمَةِ التَّعْرِيضِ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ مُطْلَقًا، وَيَجُوزُ التَّعْرِيضُ عِنْدَهُمْ لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَوَطْءِ شُبْهَةٍ. (2)</p>وَجَوَازُ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ لِلْمُعْتَدَّةِ مُرْتَبِطٌ بِجَوَازِ خُرُوجِ الْمُعْتَدَّةِ، فَمَنْ يُجَوِّزُ لَهَا الْخُرُوجَ مِنْ بَيْتِ الْعِدَّةِ، يُجَوِّزُ التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ لَهَا، وَمَنْ لَا يُجَوِّزُ لَهَا الْخُرُوجَ لَا يُجَوِّزُ التَّعْرِيضَ لَهَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (3)</p>‌<span class="title">‌أَلْفَاظُ التَّعْرِيضِ بِالْخِطْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> التَّعْرِيضُ: هُوَ كُل لَفْظٍ يَحْتَمِل الْخِطْبَةَ وَغَيْرَهَا، وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ يَذْكُرُونَ أَلْفَاظًا لِلتَّمْثِيل لَهُ: كَأَنْتِ جَمِيلَةٌ، وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَكَ؟ وَأَنَّ اللَّهَ سَاقَ لَكَ خَيْرًا، رُبَّ رَاغِبٍ فِيكِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 6 / 618، وروضة الطالبين 7 / 30 - 31.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 219.</p><font color=#ff0000>(3)</font> المصدر السابق.</p><font color=#ff0000>(4)</font> نهاية المحتاج 6 / 203، وحاشية الدسوقي 2 / 119، والمغني 6 / 608.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: التَّعْرِيضُ بِالْقَذْفِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ، فَذَهَبَ مَالِكٌ: إِِلَى أَنَّهُ إِِذَا عَرَّضَ بِالْقَذْفِ غَيْرُ أَبٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ - إِنْ فُهِمَ الْقَذْفُ بِتَعْرِيضِهِ بِالْقَرَائِنِ، كَخِصَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النَّظْمِ وَالنَّثْرِ، أَمَّا الأَْبُ إِِذَا عَرَّضَ لِوَلَدِهِ فَإِِنَّهُ لَا يُحَدُّ لِبُعْدِهِ عَنِ التُّهْمَةِ. (1)</p>وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلإِِْمَامِ أَحْمَدَ، لأَِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه اسْتَشَارَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ فِي رَجُلٍ قَال لآِخَرَ: مَا أَنَا بِزَانٍ وَلَا أُمِّي بِزَانِيَةٍ؟ فَقَالُوا: إِنَّهُ قَدْ مَدَحَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، فَقَال عُمَرُ: قَدْ عَرَّضَ لِصَاحِبِهِ، فَجَلَدَهُ الْحَدَّ. (2)</p>وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْقَذْفِ، قَذْفٌ. كَقَوْلِهِ: مَا أَنَا بِزَانٍ، وَأُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ، وَلَكِنَّهُ لَا يُحَدُّ، لأَِنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ لِلشُّبْهَةِ، وَيُعَاقَبُ بِالتَّعْزِيرِ، لأَِنَّ الْمَعْنَى: بَل أَنْتَ زَانٍ. (3)</p>وَالتَّعْرِيضُ بِالْقَذْفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، كَقَوْلِهِ: يَا ابْنَ الْحَلَال، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ بِزَانٍ، وَأُمِّي لَيْسَتْ بِزَانِيَةٍ، فَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِقَذْفٍ وَإِِنْ نَوَاهُ، لأَِنَّ النِّيَّةَ إِنَّمَا تُؤَثِّرُ، إِِذَا احْتَمَل اللَّفْظَ الْمَنْوِيَّ، وَلَا دَلَالَةَ هُنَا فِي اللَّفْظِ وَلَا احْتِمَال، وَمَا يُفْهَمُ مِنْهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح الزرقاني 8 / 87.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 8 / 222.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 191.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٠)</span><hr/></div>مُسْتَنَدُهُ قَرَائِنُ الأَْحْوَال. هَذَا هُوَ الأَْصَحُّ. وَقِيل: هُوَ كِنَايَةٌ، أَيْ عَنِ الْقَذْفِ، لِحُصُول الْفَهْمِ وَالإِِْيذَاءِ. فَإِِنْ أَرَادَ النِّسْبَةَ إِِلَى الزِّنَى فَقَذْفٌ، وَإِِلَاّ فَلَا.</p>وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ حَالَةُ الْغَضَبِ وَغَيْرِهَا. (1)</p>وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الإِِْمَامِ أَحْمَدَ.</p> </p>‌<span class="title">‌رَابِعًا: التَّعْرِيضُ لِلْمُسْلِمِ بِقَتْل طَالِبِهِ مِنَ الْكُفَّارِ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> يَجُوزُ التَّعْرِيضُ لِلْمُسْلِمِ لِقَتْل مَنْ جَاءَ يَطْلُبُهُ لِيَرُدَّهُ إِِلَى دَارِ الْكُفْرِ، (2) لأَِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه قَال لأَِبِي جَنْدَلٍ رضي الله عنه حِينَ رُدَّ لأَِبِيهِ: اصْبِرْ أَبَا جَنْدَلٍ فَإِِنَّمَا هُمُ الْمُشْرِكُونَ، وَإِِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ دَمُ كَلْبٍ (3) يُعَرِّضُ لَهُ بِقَتْل أَبِيهِ.</p> </p>‌<span class="title">‌خَامِسًا - التَّعْرِيضُ لِلْمُقِرِّ بِحَدٍّ خَالِصٍ بِالرُّجُوعِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ: إِِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِالرُّجُوعِ، كَأَنْ يَقُول لَهُ فِي السَّرِقَةِ: لَعَلَّكَ أَخَذْتَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَفِي الزِّنَى: لَعَلَّكَ فَاخَذْتَ أَوْ لَمَسْتَ، وَفِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) روضة الطالبين 8 / 312.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 4 / 264، والمغني 8 / 465 - 466.</p><font color=#ff0000>(3)</font> قول عمر: اصبر أبا جندل. . . أخرجه أحمد (2 / 325 - ط الميمنية) والبيهقي في سننه (9 / 227 - ط دار المعارف العثمانية) من حديث المسور بن مخرمة الزهري، ومروان بن الحكم، وإسناده حسن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>الشُّرْبِ: لَعَلَّك لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ مَا شَرِبْتَ مُسْكِرٌ (1) لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال لِمَنْ أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالسَّرِقَةِ مَا أَخَالُكَ سَرَقْتَ (2) فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، وَقَال لِمَاعِزٍ: لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ. (3)</p>وَفِي قَوْلٍ عِنْدَهُمْ: لَا يُعَرَّضُ لَهُ بِالرُّجُوعِ، كَمَا لَا يُصَرَّحُ.</p>وَفِي قَوْلٍ: يُعَرَّضُ لَهُ، إِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ، فَإِِنْ عُلِمَ فَلَا يُعَرَّضُ لَهُ. (4) وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالإِِْمَامُ أَحْمَدُ: إِِلَى أَنَّ التَّعْرِيضَ مَنْدُوبٌ، لِحَدِيثِ مَاعِزٍ وَتَفْصِيلُهُ فِي الْحُدُودِ. (5)</p> </p>‌<span class="title">‌مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> يَذْكُرُ الْفُقَهَاءُ التَّعْرِيضَ فِي الأَْبْوَابِ الآْتِيَةِ: فِي كِتَابِ النِّكَاحِ، وَالْعِدَّةِ، وَفِي الْحُدُودِ: فِي الْقَذْفِ، وَالرُّجُوعِ عَنِ الإِِْقْرَارِ. وَفِي الْهُدْنَةِ: وَفِي الأَْيْمَانِ فِي الْقَضَاءِ فَقَطْ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني المحتاج 4 / 176.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " ما أخالك سرقت " أخرجه أبو داود (4 / 543 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي أمية المخزومي، وفي إسناده جهالة. (التلخيص لابن حجر 4 / 66 - ط شركة الطباعة الفنية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " لعلك قبلت. . . " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 135 - ط السلفية) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.</p><font color=#ff0000>(4)</font> مغني المحتاج 4 / 176.</p><font color=#ff0000>(5)</font> المغني 8 / 212، وحاشية ابن عابدين 3 / 145.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْرِيفٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْرِيفُ: مَصْدَرُ عَرَّفَ. وَمِنْ مَعَانِيهِ: الإِِْعْلَامُ وَالتَّوْضِيحُ، (وَيُقَابِلُهُ التَّجْهِيل) وَإِِنْشَادُ الضَّالَّةِ، وَالتَّطْيِيبُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَرْفِ (1) أَيِ: الرَّائِحَةِ، كَمَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما (2) فِي قَوْله تَعَالَى:{وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} (3) أَيْ طَيَّبَهَا لَهُمْ. وَالتَّعْرِيفُ: الْوُقُوفُ بِعَرَفَاتٍ. وَيُرَادُ بِهِ أَيْضًا: مَا يَصْنَعُهُ بَعْضُ النَّاسِ فِي بِلَادِهِمْ يَوْمَ عَرَفَةَ، مِنَ التَّجَمُّعِ وَالدُّعَاءِ، تَشَبُّهًا بِالْحُجَّاجِ، وَيُرَادُ بِهِ أَيْضًا: ذَهَابُ الْحَاجِّ بِالْهَدْيِ إِِلَى عَرَفَاتٍ، لِيُعَرِّفَ النَّاسَ أَنَّهُ هَدْيٌ. (4)</p>وَأَمَّا فِي الاِصْطِلَاحِ، فَلِلتَّعْرِيفِ عِدَّةُ إِطْلَاقَاتٍ تَبَعًا لِلْعُلُومِ الْمُخْتَلِفَةِ:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ فَعِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> هُوَ تَحْدِيدُ الْمَفْهُومِ الْكُلِّيِّ، بِذِكْرِ خَصَائِصِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مختار الصحاح، ولسان العرب، والمحيط مادة:" عرف ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> تفسير القرطبي 16 / 231.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة محمد / 6.</p><font color=#ff0000>(4)</font> لسان العرب، والمحيط، ومختار الصحاح، والصحاح في اللغة والعلوم مادة:" عرف "، ودستور العلماء 1 / 315.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>وَمُمَيَّزَاتِهِ. وَالتَّعْرِيفُ الْكَامِل: هُوَ مَا يُسَاوِي الْمُعَرَّفَ تَمَّامَ الْمُسَاوَاةِ، بِحَيْثُ يَكُونُ جَامِعًا مَانِعًا. وَالْحَدُّ وَالتَّعْرِيفُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ: الْجَامِعُ الْمَانِعُ، سَوَاءٌ أَكَانَ بِالذَّاتِيَّاتِ، أَمْ بِالْعَرْضِيَّاتِ. (1)</p>ب -‌<span class="title">‌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> لَمْ نَقِفْ لِلْفُقَهَاءِ عَلَى تَعْرِيفٍ خَاصٍّ لِلتَّعْرِيفِ، وَالَّذِي يُسْتَفَادُ مِنَ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ: أَنَّ اسْتِعْمَالَهُمْ هَذَا اللَّفْظَ لَا يَخْرُجُ عَنِ الْمَعَانِي اللُّغَوِيَّةِ، لَكِنَّهُمْ عِنْدَ الإِِْطْلَاقِ يُرِيدُونَ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيَّ لَدَى الأُْصُولِيِّينَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِِْعْلَانُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الإِِْعْلَانُ خِلَافُ الْكِتْمَانِ، وَالتَّعْرِيفُ أَعَمُّ، مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ قَدْ يَكُونُ سِرًّا، وَقَدْ يَكُونُ عَلَانِيَةً. (2)</p>ب -‌<span class="title">‌ الْكِتْمَانُ أَوِ الإِِْخْفَاءُ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> الْكِتْمَانُ: هُوَ السُّكُوتُ عَنِ الْمَعْنَى، أَوْ إِخْفَاءُ الشَّيْءِ وَسَتْرُهُ، وقَوْله تَعَالَى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} أَيْ يَسْكُتُونَ عَنْ ذِكْرِهِ، فَالتَّعْرِيفُ مُقَابِل الإِِْخْفَاءِ وَالْكِتْمَانِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الصحاح في اللغة والعلوم " عرف "، والباجوري على السلم ص 72.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروق في اللغة / 281.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مختار الصحاح مادة:" خفى " و " كتم " - والفروق اللغة ص 281، والآية من سورة البقرة / 159.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p>يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّعْرِيفِ بِاخْتِلَافِ الْمُعَرَّفِ:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: التَّعْرِيفُ فِي الأَْمْصَارِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> هُوَ قَصْدُ الرَّجُل مَسْجِدَ بَلَدِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ، لِلدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ، فَهَذَا هُوَ التَّعْرِيفُ فِي الأَْمْصَارِ الَّذِي اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ، فَفَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ رضي الله عنهم، مِنَ الصَّحَابَةِ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ، وَالْمَدَنِيِّينَ، وَرَخَّصَ فِيهِ أَحْمَدُ، وَإِِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ لَا يَسْتَحِبُّهُ. هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ. وَكَرِهَهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ، وَالْمَدَنِيِّينَ، كَإِِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَغَيْرِهِمْ.</p>وَمَنْ كَرِهَهُ قَال: هُوَ مِنَ الْبِدَعِ، فَيَنْدَرِجُ فِي الْعُمُومِ، لَفْظًا وَمَعْنًى. وَمَنْ رَخَّصَ فِيهِ قَال: فَعَلَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما بِالْبَصْرَةِ، حِينَ كَانَ خَلِيفَةً لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ، وَمَا يُفْعَل فِي عَهْدِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ لَا يَكُونُ بِدْعَةً.</p>لَكِنْ مَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ: مِنْ رَفْعِ الأَْصْوَاتِ الرَّفْعَ الشَّدِيدَ فِي الْمَسَاجِدِ بِالدُّعَاءِ، وَأَنْوَاعٍ مِنَ الْخُطَبِ، وَالأَْشْعَارِ الْبَاطِلَةِ، مَكْرُوهٌ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَغَيْرِهِ. قَال الْمَرُّوذِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُول: يَنْبَغِي أَنْ يُسِرَّ دُعَاءَهُ، لِقَوْلِهِ:{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِك وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} (1) قَال: هَذَا فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الإسراء / 110.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>الدُّعَاءِ. قَال: وَسَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُول: وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَرْفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالدُّعَاءِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا - تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> ذَهَبَ الأَْئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيِّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِِلَى أَنَّهُ يَجِبُ تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ، سَوَاءٌ أَرَادَ تَمَلُّكَهَا، أَمْ حِفْظَهَا لِصَاحِبِهَا. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَبِهِ قَطَعَ الأَْكْثَرُونَ مِنْهُمْ، وَهُوَ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّعْرِيفُ فِيمَا إِِذَا قَصَدَ الْحِفْظَ أَبَدًا، وَقَالُوا: إِنَّ التَّعْرِيفَ إِنَّمَا يَجِبُ لِتَحْقِيقِ شَرْطِ التَّمَلُّكِ. (2)</p>وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ التَّعْرِيفِ وَمُدَّتِهِ وَمَكَانِهِ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (لُقَطَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا - التَّعْرِيفُ فِي الدَّعْوَى:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ: فِي أَنَّ تَعْرِيفَ الشَّيْءِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ - بِمَعْنَى كَوْنِهِمَا مَعْلُومَيْنِ - شَرْطٌ لِسَمَاعِ الدَّعْوَى، فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ مَا يُعَيِّنُهُمَا وَيُعَرِّفُهُمَا، لأَِنَّ فَائِدَةَ الدَّعْوَى الإِِْلْزَامُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) اقتضاء الصراط المستقيم 2 / 638 الطبعة الأولى، وسنن البيهقي 5 / 117، والمغني والشرح الكبير 2 / 259 ط دار الكتاب العربي - بيروت.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 311، والحطاب 6 / 73، وروضة الطالبين 5 / 409، والمغني 5 / 693.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٣)</span><hr/></div>بِإِِقَامَةِ الْحُجَّةِ، وَالإِِْلْزَامُ فِي الْمَجْهُول غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ. (1)</p>وَفِي كُل ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ، يُذْكَرُ فِي مَوْطِنِهِ فِي مُصْطَلَحِ (دَعْوَى) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 7 / 148، 149، 150، 151، والحطاب 6 / 124، وروضة الطالبين 12 / 8، 9، والمغني 9 / 85.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْزِيرٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْزِيرُ لُغَةً: مَصْدَرُ عَزَّرَ مِنَ الْعَزْرِ، وَهُوَ الرَّدُّ وَالْمَنْعُ، وَيُقَال: عَزَّرَ أَخَاهُ بِمَعْنَى: نَصَرَهُ، لأَِنَّهُ مَنَعَ عَدُوَّهُ مِنْ أَنْ يُؤْذِيَهُ، وَيُقَال: عَزَّرْته بِمَعْنَى: وَقَّرْته، وَأَيْضًا: أَدَّبْته، فَهُوَ مِنْ أَسْمَاءِ الأَْضْدَادِ. وَسُمِّيَتِ الْعُقُوبَةُ تَعْزِيرًا، لأَِنَّ مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَدْفَعَ الْجَانِيَ وَتَرُدَّهُ عَنِ ارْتِكَابِ الْجَرَائِمِ، أَوِ الْعَوْدَةِ إِلَيْهَا</p>وَفِي الاِصْطِلَاحِ: هُوَ عُقُوبَةٌ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ شَرْعًا، تَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ، أَوْ لآِدَمِيٍّ، فِي كُل مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ وَلَا كَفَّارَةَ غَالِبًا. (1)</p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>‌<span class="title">‌أ - الْحَدُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الْحَدُّ لُغَةً: الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا: عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط للسرخسي 9 / 36، وفتح القدير 7 / 119 ط الميمنية، وكشاف القناع 4 / 72 ط المطبعة الشرقية بالقاهرة، والأحكام السلطانية للماوردي ص 224 مطبعة السعادة، ونهاية المحتاج 7 / 72، وقليوبي 4 / 205. قال القليوبي: هذا الضابط للغالب فقد يشرع التعزير ولا معصية، كتأديب طفل وكافر، وكمن يكتسب بآلة لهو لا معصية فيها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٤)</span><hr/></div>شَرْعًا وَجَبَتْ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى كَحَدِّ الزِّنَى، أَوْ لِلْعَبْدِ كَحَدِّ الْقَذْفِ.</p> </p>‌<span class="title">‌ب - الْقِصَاصُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> الْقِصَاصُ لُغَةً: تَتَبُّعُ الأَْثَرِ. وَاصْطِلَاحًا: هُوَ أَنْ يُفْعَل بِالْجَانِي مِثْل مَا فَعَل.</p> </p>‌<span class="title">‌ج - الْكَفَّارَةُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْكَفَّارَةُ لُغَةً: مِنَ التَّكْفِيرِ، وَهُوَ الْمَحْوُ، وَالْكَفَّارَةُ جَزَاءٌ مُقَدَّرٌ مِنَ الشَّرْعِ، لِمَحْوِ الذَّنْبِ. (1)</p><font color=#ff0000>5 -</font> وَيَخْتَلِفُ التَّعْزِيرُ عَنِ الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ وَالْكَفَّارَةِ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا:</p>أ - فِي الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ، إِِذَا ثَبَتَتِ الْجَرِيمَةُ الْمُوجِبَةُ لَهُمَا لَدَى الْقَاضِي شَرْعًا، فَإِِنَّ عَلَيْهِ الْحُكْمَ بِالْحَدِّ أَوِ الْقِصَاصِ عَلَى حَسَبِ الأَْحْوَال، وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ فِي الْعُقُوبَةِ، بَل هُوَ يُطَبِّقُ الْعُقُوبَةَ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا شَرْعًا بِدُونِ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ، وَلَا يُحْكَمُ بِالْقِصَاصِ إِِذَا عُفِيَ عَنْهُ، وَلَهُ هُنَا التَّعْزِيرُ. وَمَرَدُّ ذَلِكَ: أَنَّ الْقِصَاصَ حَقٌّ لِلأَْفْرَادِ، بِخِلَافِ الْحَدِّ.</p>وَفِي التَّعْزِيرِ يَخْتَارُ الْقَاضِي مِنَ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يُنَاسِبُ الْحَال، فَيَجِبُ عَلَى الَّذِينَ لَهُمْ سُلْطَةُ التَّعْزِيرِ الاِجْتِهَادُ فِي اخْتِيَارِ الأَْصْلَحِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التعريفات للجرجاني، وبدائع الصنائع 7 / 33، وحاشية ابن عابدين 2 / 578.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>لاِخْتِلَافِ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ مَرَاتِبِ النَّاسِ، وَبِاخْتِلَافِ الْمَعَاصِي. (1)</p>ب - إِقَامَةُ الْحَدِّ الْوَاجِبِ لِحَقِّ اللَّهِ لَا عَفْوَ فِيهِ وَلَا شَفَاعَةَ وَلَا إِسْقَاطَ، إِِذَا وَصَل الأَْمْرُ لِلْحَاكِمِ، وَثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَكَذَلِكَ الْقِصَاصُ إِِذَا لَمْ يَعْفُ صَاحِبُ الْحَقِّ فِيهِ. وَالتَّعْزِيرُ إِِذَا كَانَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى تَجِبُ إِقَامَتُهُ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ وَالشَّفَاعَةُ إِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ، أَوِ انْزَجَرَ الْجَانِي بِدُونِهِ، وَإِِذَا كَانَ مِنْ حَقِّ الْفَرْدِ فَلَهُ تَرْكُهُ الْعَفْوَ وَبِغَيْرِهِ، وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى، وَإِِذَا طَالَبَ صَاحِبُهُ لَا يَكُونُ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ عَفْوٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَلَا إِسْقَاطٌ. (2)</p>ج - إِثْبَاتُ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لَا يَثْبُتُ إِلَاّ بِالْبَيِّنَةِ أَوِ الاِعْتِرَافِ، بِشُرُوطٍ خَاصَّةٍ. وَعَلَى سَبِيل الْمِثَال: لَا يُؤْخَذُ فِيهِ بِأَقْوَال الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَشَاهِدٍ، وَلَا بِالشَّهَادَةِ السَّمَاعِيَّةِ، وَلَا بِالْيَمِينِ، وَلَا بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ. بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ فَيَثْبُتُ بِذَلِكَ، وَبِغَيْرِهِ. (3)</p>د - لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ مَنْ حَدَّهُ الإِِْمَامُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَدَمُهُ هَدَرٌ، لأَِنَّ الإِِْمَامَ مَأْمُورٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سبل السلام 4 / 54 ط مصطفى الحلبي، وابن عابدين 3 / 183 ط بولاق.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سبل السلام 4 / 54، وحاشية الشرنبلالي على درر الحكام 2 / 94 - 95 ط المطبعة الوهبية، وابن عابدين 3 / 183، وواقعات المفتين / 60، والفتاوى الهندية 2 / 167.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الهندية 2 / 167.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٥)</span><hr/></div>بِإِِقَامَةِ الْحَدِّ، وَفِعْل الْمَأْمُورِ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ. أَمَّا التَّعْزِيرُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِي التَّعْزِيرِ. أَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: فَالتَّعْزِيرُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِفِعْل عُمَرَ رضي الله عنه، إِذْ أَرْهَبَ امْرَأَةً فَفَزِعَتْ فَزَعًا، فَدَفَعَتِ الْفَزِعَةُ فِي رَحِمِهَا، فَتَحَرَّكَ وَلَدُهَا، فَخَرَجَتْ، فَأَخَذَهَا الْمَخَاضُ، فَأَلْقَتْ غُلَامًا جَنِينًا، فَأُتِيَ عُمَرُ رضي الله عنه بِذَلِكَ، فَأَرْسَل إِِلَى الْمُهَاجِرِينَ فَقَصَّ عَلَيْهِمْ أَمْرَهَا، فَقَال: مَا تَرَوْنَ؟ فَقَالُوا: مَا نَرَى عَلَيْك شَيْئًا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّمَا أَنْتَ مُعَلِّمٌ وَمُؤَدِّبٌ، وَفِي الْقَوْمِ عَلِيٌّ رضي الله عنه، وَعَلِيٌّ سَاكِتٌ. قَال: فَمَا تَقُول: أَنْتَ يَا أَبَا الْحَسَنِ قَال: أَقُول: إِنْ كَانُوا قَارَبُوك فِي الْهَوَى فَقَدْ أَثِمُوا، وَإِِنْ كَانَ هَذَا جَهْدَ رَأْيِهِمْ فَقَدْ أَخْطَئُوا، وَأَرَى عَلَيْكَ الدِّيَةَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَال: صَدَقْتَ، اذْهَبْ فَاقْسِمْهَا عَلَى قَوْمِكَ. (1)</p>أَمَّا مَنْ يَتَحَمَّل الدِّيَةَ فِي النِّهَايَةِ، فَقِيل: إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ وَلِيِّ الأَْمْرِ. وَقِيل: إِنَّهَا تَكُونُ فِي بَيْتِ الْمَال. (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أثر عمر: أخرجه البيهقي (6 / 123 - ط دائرة المعارف العثمانية) من طريق الحسن البصري عن عمر بالقصة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 183، وواقعات المفتين / 60، وحاشية الشرنبلالي على هامش درر الحكام 2 / 94 - 95، وسبل السلام 4 / 54، والأحكام السلطانية للماوردي / 226.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>هـ - إِنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ، فَإِِنَّهُ يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ. (1)</p>و يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي الْحُدُودِ إِنْ ثَبَتَتْ بِالإِِْقْرَارِ، أَمَّا التَّعْزِيرُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الرُّجُوعُ.</p>ز - إِنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عَلَى الصَّغِيرِ، وَيَجُوزُ تَعْزِيرُهُ.</p>ح - إِنَّ الْحَدَّ قَدْ يَسْقُطُ بِالتَّقَادُمِ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: عَلَى أَنَّ الأَْصْل فِي التَّعْزِيرِ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي كُل مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا، وَلَا كَفَّارَةَ.</p>وَيَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلَافِ حَالِهِ وَحَال فَاعِلِهِ. (3)</p> </p>‌<span class="title">‌حِكْمَةُ التَّشْرِيعِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> التَّعْزِيرُ مَشْرُوعٌ لِرَدْعِ الْجَانِي وَزَجْرِهِ، وَإِِصْلَاحِهِ وَتَهْذِيبِهِ. قَال الزَّيْلَعِيُّ: إِنَّ الْغَرَضَ مِنَ التَّعْزِيرِ الزَّجْرُ. وَسَمَّى التَّعْزِيرَاتِ: بِالزَّوَاجِرِ غَيْرِ الْمُقَدَّرَةِ. (4)</p>وَالزَّجْرُ مَعْنَاهُ: مَنْعُ الْجَانِي مِنْ مُعَاوَدَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أشباه ابن نجيم مع حاشية الحموي 1 / 164.</p><font color=#ff0000>(2)</font> رد المحتار على الدر المختار 3 / 177.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الأحكام السلطانية للماوردي ص 236.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الزيلعي 3 / 210.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٦)</span><hr/></div>الْجَرِيمَةِ، وَمَنْعُ غَيْرِهِ مِنِ ارْتِكَابِهَا، وَمِنْ تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ، كَتَرْكِ الصَّلَاةِ وَالْمُمَاطَلَةِ فِي أَدَاءِ حُقُوقِ النَّاسِ. (1)</p>أَمَّا الإِِْصْلَاحُ وَالتَّهْذِيبُ فَهُمَا مِنْ مَقَاصِدِ التَّعْزِيرِ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ الزَّيْلَعِيُّ بِقَوْلِهِ: التَّعْزِيرُ لِلتَّأْدِيبِ. وَمِثْلُهُ تَصْرِيحُ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ فَرْحُونَ بِأَنَّ: التَّعْزِيرَ تَأْدِيبُ اسْتِصْلَاحٍ وَزَجْرٍ. (2)</p>وَقَال الْفُقَهَاءُ: إِنَّ الْحَبْسَ غَيْرَ الْمُحَدَّدِ الْمُدَّةِ حَدُّهُ التَّوْبَةُ وَصَلَاحُ حَال الْجَانِي. (3) وَقَالُوا: إِنَّ التَّعْزِيرَ شُرِعَ لِلتَّطْهِيرِ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ سَبِيلٌ لإِِِصْلَاحِ الْجَانِي. (4)</p>وَقَالُوا: الزَّوَاجِرُ غَيْرُ الْمُقَدَّرَةِ مُحْتَاجٌ إِلَيْهَا، لِدَفْعِ الْفَسَادِ كَالْحُدُودِ. (5)</p>وَلَيْسَ التَّعْزِيرُ لِلتَّعْذِيبِ، أَوْ إِهْدَارُ الآْدَمِيَّةِ، أَوِ الإِِْتْلَافُ، حَيْثُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ وَاجِبًا. وَفِي ذَلِكَ يَقُول الزَّيْلَعِيُّ: التَّعْزِيرُ لِلتَّأْدِيبِ، وَلَا يَجُوزُ الإِِْتْلَافُ، وَفِعْلُهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ. وَيَقُول ابْنُ فَرْحُونَ: التَّعْزِيرُ إِنَّمَا يَجُوزُ مِنْهُ مَا أُمِنَتْ عَاقِبَتُهُ غَالِبًا، وَإِِلَاّ لَمْ يَجُزْ. وَيَقُول الْبُهُوتِيُّ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 1 / 366 - 368 - 370، ونهاية المحتاج 7 / 174، والأحكام السلطانية للماوردي / 424، وكشاف القناع 4 / 73 - 75 - 76.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الزيلعي 3 / 211، والأحكام السلطانية للماوردي / 224، والتبصرة 1 / 366.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 3 / 187.</p><font color=#ff0000>(4)</font> ابن عابدين 3 / 183، والسندي 7 / 599.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الزيلعي 3 / 210، وابن عابدين 3 / 182، وكشاف القناع 4 / 74 - 76، والحسبة لابن تيمية / 39.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>لَا يَجُوزُ قَطْعُ شَيْءٍ مِمَّنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ، وَلَا جَرْحُهُ، لأَِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، عَنْ أَحَدٍ يُقْتَدَى بِهِ؛ وَلأَِنَّ الْوَاجِبَ أَدَبٌ، وَالأَْدَبُ لَا يَكُونُ بِالإِِْتْلَافِ. (1) وَكُل ضَرْبٍ يُؤَدِّي إِِلَى الإِِْتْلَافِ مَمْنُوعٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ هَذَا الاِحْتِمَال نَاشِئًا مِنْ آلَةِ الضَّرْبِ، أَمْ مِنْ حَالَةِ الْجَانِي نَفْسِهِ، أَمْ مِنْ مَوْضِعِ الضَّرْبِ، وَتَفْرِيعًا عَلَى ذَلِكَ: مَنَعَ الْفُقَهَاءُ الضَّرْبَ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي قَدْ يُؤَدِّي فِيهَا إِِلَى الإِِْتْلَافِ. وَلِذَلِكَ فَالرَّاجِحُ: أَنَّ الضَّرْبَ عَلَى الْوَجْهِ وَالْفَرْجِ وَالْبَطْنِ وَالصَّدْرِ مَمْنُوعٌ. (2)</p>وَعَلَى الأَْسَاسِ الْمُتَقَدِّمِ مَنَعَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي التَّعْزِيرِ: الصَّفْعَ، وَحَلْقَ اللِّحْيَةِ، وَتَسْوِيدَ الْوَجْهِ، وَإِِنْ كَانَ الْبَعْضُ قَال بِهِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ، قَال الأُْسْرُوشَنِيُّ: لَا يُبَاحُ التَّعْزِيرُ بِالصَّفْعِ؛ لأَِنَّهُ مِنْ أَعْلَى مَا يَكُونُ مِنَ الاِسْتِخْفَافِ. وَقَال: تَسْوِيدُ الْوَجْهِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ مَمْنُوعٌ بِالإِِْجْمَاعِ، أَيْ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ. (3) قَال الْبُهُوتِيُّ:(يَحْرُمُ) التَّعْزِيرُ (بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُثْلَةِ (وَلَا تَسْوِيدِ وَجْهِهِ) . وَالتَّعْزِيرُ بِالْقَتْل عِنْدَ مَنْ يَرَاهُ يُشْتَرَطُ فِي آلَتِهِ: أَنْ تَكُونَ حَادَّةً مِنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الزيلعي 3 / 211، وتبصرة الحكام 2 / 369، وكشاف القناع 4 / 74 ط المطبعة الشرقية بالقاهرة، والمغني 10 / 348.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فصول الأستروشني في التعزير / 21 - 22.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فصول الأستروشني في التعزير / 30.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٧)</span><hr/></div>شَأْنِهَا إِحْدَاثُ الْقَتْل بِسُهُولَةٍ، بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا الْقَتْل، وَأَلَاّ تَكُونَ كَالَّةً، فَذَلِكَ مِنَ الْمُثْلَةِ، وَالرَّسُول صلى الله عليه وسلم يَقُول: إِنَّ اللَّهَ عز وجل كَتَبَ الإِِْحْسَانَ عَلَى كُل شَيْءٍ، فَإِِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ (1) وَفِي ذَلِكَ أَمْرٌ بِالإِِْحْسَانِ فِي الْقَتْل، وَإِِرَاحَةُ مَا أَحَل اللَّهُ ذَبْحَهُ مِنَ الأَْنْعَامِ، فَالإِِْحْسَانُ فِي الآْدَمِيِّ أَوْلَى. (2)</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَعَاصِي الَّتِي شُرِعَ فِيهَا التَّعْزِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> الْمَعْصِيَةُ: فِعْل مَا حَرُمَ، وَتَرْكُ مَا فُرِضَ، يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ كَوْنُ الْعِقَابِ دُنْيَوِيًّا أَوْ أُخْرَوِيًّا.</p>أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى: أَنَّ تَرْكَ الْوَاجِبِ أَوْ فِعْل الْمُحَرَّمِ مَعْصِيَةٌ فِيهَا التَّعْزِيرُ، إِِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَدٌّ مُقَدَّرٌ (3)</p>وَمِثَال تَرْكِ الْوَاجِبِ عِنْدَهُمْ: مَنْعُ الزَّكَاةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" إن الله كتب الإحسان على كل شيء. . . " أخرجه (مسلم 3 / 1548 - ط الحلبي) من حديث شداد بن أوس رضي الله عنه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الزيلعي 3 / 210، والسندي 598 - 599، وابن عابدين 3 / 182 - 187، وفصول الأستروشني 21 - 30، وتبصرة الحكام 2 / 366، ونهاية المحتاج 7 / 174، والأحكام السلطانية للماوردي 224، وكشاف القناع 4 / 72 - 76، والحسبة لابن تيمية / 39، والمغني 10 / 348.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبصرة الحكام 2 / 366 - 367، ومعين الحكام / 189، وكشاف القناع 4 / 75، والسياسة الشرعية لابن تيمية / 55، والأحكام السلطانية للماوردي / 10.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>وَتَرْكُ قَضَاءِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَعَدَمُ أَدَاءِ الأَْمَانَةِ، وَعَدَمُ رَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَكَتْمُ الْبَائِعِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُهُ، كَأَنْ يُدَلِّسَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا خَفِيًّا وَنَحْوِهِ، وَالشَّاهِدُ وَالْمُفْتِي وَالْحَاكِمُ يُعَزِّرُونَ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ (1) .</p>وَمِثَال فِعْل الْمُحَرَّمِ: سَرِقَةُ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ، لِعَدَمِ تَوَافُرِ شُرُوطِ النِّصَابِ أَوِ الْحِرْزِ مَثَلاً، وَتَقْبِيل الأَْجْنَبِيَّةِ، وَالْخَلْوَةُ بِهَا، وَالْغِشُّ فِي الأَْسْوَاقِ، وَالْعَمَل بِالرِّبَا، وَشَهَادَةُ الزُّورِ (2) .</p>وَقَدْ يَكُونُ الْفِعْل مُبَاحًا فِي ذَاتِهِ لَكِنَّهُ يُؤَدِّي لِمَفْسَدَةٍ، وَحُكْمُهُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ - وَعَلَى الْخُصُوصِ الْمَالِكِيَّةِ - أَنَّهُ يَصِيرُ حَرَامًا، بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ سَدِّ الذَّرَائِعِ، وَعَلَى ذَلِكَ فَارْتِكَابُ مِثْل هَذَا الْفِعْل فِيهِ التَّعْزِيرُ، مَا دَامَ لَيْسَتْ لَهُ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ.</p>وَمَا ذُكِرَ هُوَ عَنِ الْوَاجِبِ وَالْمُحَرَّمِ، أَمَّا عَنِ الْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ - فَعِنْدَ بَعْضِ الأُْصُولِيِّينَ: الْمَنْدُوبُ مَأْمُورٌ بِهِ، وَمَطْلُوبٌ فِعْلُهُ، وَالْمَكْرُوهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَمَطْلُوبٌ تَرْكُهُ، وَيُمَيَّزُ الْمَنْدُوبُ عَنِ الْوَاجِبِ أَنَّ الذَّمَّ يَسْقُطُ عَنْ تَارِكِ الْمَنْدُوبِ، لَكِنَّهُ يَلْحَقُ تَارِكَ الْوَاجِبِ. وَيُمَيَّزُ الْمَكْرُوهُ عَنِ الْمُحَرَّمِ: أَنَّ الذَّمَّ يَسْقُطُ عَنْ مُرْتَكِبِ الْمَكْرُوهِ، وَلَكِنَّهُ يَثْبُتُ عَلَى مُرْتَكِبِ الْمُحَرَّمِ، وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ لَيْسَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام 2 / 366، ومعين الحكام / 189 ط بولاق، وكشاف القناع 4 / 75، والأحكام السلطانية للماوردي / 210.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبصرة الحكام 2 / 367.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٨)</span><hr/></div>تَارِكُ الْمَنْدُوبِ أَوْ فَاعِل الْمَكْرُوهِ عَاصِيًا؛ لأَِنَّ الْعِصْيَانَ اسْمُ ذَمٍّ، وَالذَّمُّ أُسْقِطَ عَنْهُمَا، وَلَكِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ مَنْ يَتْرُكُ الْمَنْدُوبَ أَوْ يَأْتِي الْمَكْرُوهَ مُخَالِفًا، وَغَيْرَ مُمْتَثِلٍ.</p>وَعِنْدَ آخَرِينَ: الْمَنْدُوبُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ الأَْمْرِ، وَالْمَكْرُوهُ غَيْرُ دَاخِلٍ تَحْتَ النَّهْيِ، فَيَكُونُ الْمَنْدُوبُ مُرَغَّبًا فِي فِعْلِهِ، وَالْمَكْرُوهُ مُرَغَّبًا عَنْهُ. وَعِنْدَهُمْ لَا يُعْتَبَرُ تَارِكُ الْمَنْدُوبِ وَفَاعِل الْمَكْرُوهِ عَاصِيًا. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَعْزِيرِ تَارِكِ الْمَنْدُوبِ، وَفَاعِل الْمَكْرُوهِ، فَفَرِيقٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ؛ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ، وَلَا تَعْزِيرَ بِغَيْرِ تَكْلِيفٍ. وَفَرِيقٌ أَجَازَهُ، اسْتِنَادًا عَلَى فِعْل عُمَرَ رضي الله عنه، فَقَدْ عَزَّرَ رَجُلاً أَضْجَعَ شَاةً لِذَبْحِهَا، وَأَخَذَ يُحِدُّ شَفْرَتَهُ وَهِيَ عَلَى هَذَا الْوَضْعِ، وَهَذَا الْفِعْل لَيْسَ إِلَاّ مَكْرُوهًا، وَيَأْخُذُ هَذَا الْحُكْمَ مَنْ يَتْرُكُ الْمَنْدُوبَ.</p>وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: قَدْ يُشْرَعُ التَّعْزِيرُ وَلَا مَعْصِيَةَ، كَتَأْدِيبِ طِفْلٍ، وَكَافِرٍ، وَكَمَنْ يَكْتَسِبُ بِآلَةِ لَهْوٍ لَا مَعْصِيَةَ فِيهَا (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) معين الحكام / 189، وفتح القدير 4 / 117، وتبصرة الحكام 2 / 366 - 367، ومواهب الجليل 6 / 320، ونهاية المحتاج 7 / 173 - 174، والأحكام السلطانية للماوردي / 210، وكشاف القناع 4 / 75، والسياسة الشرعية لابن تيمية / 55، والأحكام السلطانية لأبي يعلى / 244، والمستصفى للغزالي 1 / 75 - 76، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي 1 / 160، والقليوبي 4 / 205.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌اجْتِمَاعُ التَّعْزِيرِ مَعَ الْحَدِّ أَوِ الْقِصَاصِ أَوِ الْكَفَّارَةِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> قَدْ يَجْتَمِعُ التَّعْزِيرُ مَعَ الْحَدِّ، فَالْحَنَفِيَّةُ لَا يَرَوْنَ تَغْرِيبَ الزَّانِي غَيْرِ الْمُحْصَنِ مِنْ حَدِّ الزِّنَى. فَعِنْدَهُمْ أَنَّ حَدَّهُ مِائَةُ جَلْدَةٍ لَا غَيْرُ، وَلَكِنَّهُمْ يُجِيزُونَ تَغْرِيبَهُ بَعْدَ الْجَلْدِ، وَذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّعْزِيرِ (1) . وَيَجُوزُ تَعْزِيرُ شَارِبِ الْخَمْرِ بِالْقَوْل، بَعْدَ إِقَامَةِ حَدِّ الشُّرْبِ عَلَيْهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِتَبْكِيتِ شَارِبِ الْخَمْرِ بَعْدَ الضَّرْبِ (2) .</p>وَالتَّبْكِيتُ تَعْزِيرٌ بِالْقَوْل، وَمِمَّنْ قَال بِذَلِكَ: الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ (3) .</p>وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْجَارِحَ عَمْدًا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَيُؤَدَّبُ. وَمِنْ ثَمَّ فَالتَّعْزِيرُ قَدِ اجْتَمَعَ مَعَ الْقِصَاصِ فِي الاِعْتِدَاءِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ عَمْدًا. وَالشَّافِعِيُّ يُجِيزُ اجْتِمَاعَ التَّعْزِيرِ مَعَ الْقِصَاصِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنَ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْبَدَنِ، وَهُوَ أَيْضًا يَقُول بِجَوَازِ اجْتِمَاعِ التَّعْزِيرِ مَعَ الْحَدِّ، مِثْل تَعْلِيقِ يَدِ السَّارِقِ فِي عُنُقِهِ بَعْدَ قَطْعِهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، زِيَادَةً فِي النَّكَال. وَقَال أَحْمَدُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) معين الحكام / 182، وبداية المجتهد 2 / 364 - 365 ط الجمالية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" أمر صلى الله عليه وسلم بتبكيت شارب الخمر بعد الضرب " أخرجه أبو داود (4 / 620 - 621 تحقيق عزت عبيد دعاس) . وإسناده حسن.</p><font color=#ff0000>(3)</font> معين الحكام 189، وتبصرة الحكام لابن فرحون 2 / 266، ومواهب الجليل 6 / 247.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٥٩)</span><hr/></div>بِذَلِكَ، لِمَا رَوَى فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَطَعَ يَدَ سَارِقٍ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ (1) . وَأَنَّ عَلِيًّا فَعَل ذَلِكَ، وَمِثْل: الزِّيَادَةِ عَنِ الأَْرْبَعِينَ فِي حَدِّ الشُّرْبِ؛ لأَِنَّ حَدَّ الشُّرْبِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَرْبَعُونَ (2) .</p>وَقَدْ يَجْتَمِعُ التَّعْزِيرُ مَعَ الْكَفَّارَةِ. فَمِنَ الْمَعَاصِي مَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ مَعَ الأَْدَبِ، كَالْجِمَاعِ فِي حَرَامٍ، وَفِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَوَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا قَبْل الْكَفَّارَةِ إِِذَا كَانَ الْفِعْل مُتَعَمِّدًا فِي جَمِيعِهَا.</p>وَقِيل بِالتَّعْزِيرِ كَذَلِكَ فِي حَلِفِ الْيَمِينِ الْغَمُوسِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ، فَإِِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ فِي يَمِينِ الْغَمُوسِ، وَفِيهَا التَّعْزِيرُ. وَعِنْدَ مَالِكٍ فِي الْقَتْل الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ، كَالْقَتْل الَّذِي عُفِيَ عَنِ الْقِصَاصِ فِيهِ، تَجِبُ عَلَى الْقَاتِل الدِّيَةُ، وَتُسْتَحَبُّ لَهُ الْكَفَّارَةُ، وَيُضْرَبُ مِائَةً، وَيُحْبَسُ سَنَةً، وَهَذَا تَعْزِيرٌ قَدِ اجْتَمَعَ مَعَ الْكَفَّارَةِ (3) .</p>وَقَال الْبَعْضُ فِي الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ: بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ مَعَ الْكَفَّارَةِ، لأَِنَّ هَذِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، بِمَنْزِلَةِ الْكَفَّارَةِ فِي الْخَطَأِ، وَلَيْسَتْ لأَِجْل الْفِعْل،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث فضالة بن عبيد " أن الرسول صلى الله عليه وسلم قطع يد سارق ". أخرجه النسائي (8 / 92 - المكتبة التجارية) وقال النسائي عقبه: الحجاج بن أرطأة ضعيف، لا يحتج به.</p><font color=#ff0000>(2)</font> نهاية المحتاج 7 / 172 - 173، والمغني لابن قدامة 10 / 266 - 267.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبصرة الحكام 2 / 236 - 237، ونهاية المحتاج 7 / 172 - 173، وجواهر الإكليل 2 / 272.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>بَل هِيَ بَدَل النَّفْسِ الَّتِي فَاتَتْ بِالْجِنَايَةِ. وَنَفْسُ الْفِعْل الْمُحَرَّمِ - وَهُوَ جِنَايَةُ الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ - لَا كَفَّارَةَ فِيهِ. وَقَدِ اسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ: بِأَنَّهُ إِِذَا جَنَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ دُونَ أَنْ يُتْلِفَ شَيْئًا فَإِِنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ، وَلَا كَفَّارَةَ فِي هَذِهِ الْجِنَايَةِ. بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَ بِلَا جِنَايَةٍ مُحَرَّمَةٍ، فَإِِنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ بِلَا تَعْزِيرٍ. وَإِِنَّ الْكَفَّارَةَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمُجَامِعِ فِي الصِّيَامِ وَالإِِْحْرَامِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْزِيرُ حَقٌّ لِلَّهِ وَحَقٌّ لِلْعَبْدِ:</span></p><font color=#ff0000>10 -</font> يَنْقَسِمُ التَّعْزِيرُ إِِلَى مَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ، وَمَا هُوَ حَقٌّ لِلْعَبْدِ. وَالْمُرَادُ بِالأَْوَّل غَالِبًا: مَا تَعَلَّقَ بِهِ نَفْعُ الْعَامَّةِ، وَمَا يَنْدَفِعُ بِهِ ضَرَرٌ عَامٌّ عَنِ النَّاسِ، مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِأَحَدٍ. وَالتَّعْزِيرُ هُنَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ؛ لأَِنَّ إِخْلَاءَ الْبِلَادِ مِنَ الْفَسَادِ وَاجِبٌ مَشْرُوعٌ، وَفِيهِ دَفْعٌ لِلضَّرَرِ عَنِ الأُْمَّةِ، وَتَحْقِيقُ نَفْعٍ عَامٍّ. وَيُرَادُ بِالثَّانِي: مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ مَصْلَحَةٌ خَاصَّةٌ لأَِحَدِ الأَْفْرَادِ.</p>وَقَدْ يَكُونُ التَّعْزِيرُ خَالِصَ حَقِّ اللَّهِ، كَتَعْزِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ، وَالْمُفْطِرِ عَمْدًا فِي رَمَضَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَمَنْ يَحْضُرُ مَجْلِسَ الشَّرَابِ.</p>وَقَدْ يَكُونُ لِحَقِّ اللَّهِ وَلِلْفَرْدِ، مَعَ غَلَبَةِ حَقِّ اللَّهِ، كَنَحْوِ تَقْبِيل زَوْجَةِ آخَرَ وَعِنَاقِهَا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشاف القناع 4 / 72 - 73.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٠)</span><hr/></div>وَقَدْ تَكُونُ الْغَلَبَةُ لِحَقِّ الْفَرْدِ، كَمَا فِي السَّبِّ وَالشَّتْمِ وَالْمُوَاثَبَةِ. وَقَدْ قِيل بِحَالَاتٍ يَكُونُ فِيهَا التَّعْزِيرُ لِحَقِّ الْفَرْدِ وَحْدَهُ، كَالصَّبِيِّ يَشْتُمُ رَجُلاً لأَِنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَبْقَى تَعْزِيرُهُ مُتَمَحِّضًا لِحَقِّ الْمَشْتُومِ (1) .</p>وَتَظْهَرُ أَهَمِّيَّةُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ نَوْعَيِ التَّعْزِيرِ فِي أُمُورٍ:</p>مِنْهَا: أَنَّ التَّعْزِيرَ الْوَاجِبَ حَقًّا لِلْفَرْدِ أَوِ الْغَالِبَ فِيهِ حَقُّهُ - وَهُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى - إِِذَا طَلَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ فِيهِ لَزِمَتْ إِجَابَتُهُ، وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي فِيهِ الإِِْسْقَاطُ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ أَوِ الشَّفَاعَةُ مِنْ وَلِيِّ الأَْمْرِ. أَمَّا التَّعْزِيرُ الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلَّهِ فَإِِنَّ الْعَفْوَ فِيهِ مِنْ وَلِيِّ الأَْمْرِ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الشَّفَاعَةُ إِنْ كَانَتْ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ، أَوْ حَصَل انْزِجَارُ الْجَانِي بِدُونِهِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ (2) : اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا يَشَاءُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح طوالع الأنوار للسندي على الدر المختار 7 / 621، 636 (مخطوط) الفصول الخمسة عشر فيما يوجب التعزير وما لا يوجب وغير ذلك، للأستروشني ص 5، والأحكام السلطانية للماوردي 225، والأحكام السلطانية لأبي يعلى 265.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" اشفعوا تؤجروا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 299 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 2026 ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 192، الفصول الخمسة عشر في التعزير ص 3، الماوردي ص 225.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>وَقَدْ حَصَل الْخِلَافُ فِي التَّعْزِيرِ هَل هُوَ وَاجِبٌ عَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ أَمْ لَا فَمَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ قَالُوا بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ.</p>وَقَال الشَّافِعِيُّ: إِنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، اسْتِنَادًا إِِلَى أَنَّ رَجُلاً قَال لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم: إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فَأَصَبْتُ مِنْهَا دُونَ أَنْ أَطَأَهَا. فَقَال صلى الله عليه وسلم (1) أَصَلَّيْت مَعَنَا؟ قَال نَعَمْ: فَتَلَا عَلَيْهِ آيَةَ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْل إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (2) . وَإِِلَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأَْنْصَارِ. اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ (3) وَإِِلَى أَنَّ رَجُلاً قَال لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي حُكْمٍ حَكَمَ بِهِ لِلزُّبَيْرِ لَمْ يَرُقْهُ: أَنْ كَانَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له، فأنزلت عليه (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) قال الرجل: ألي هذه؟ قال: لمن عمل بها من أمتي "(الفتح 8 / 355 - ط السلفية)، ومسلم (4 / 2115 - 2116 - ط الحلبي.) . وأخرج مسلم (4 / 2117 - ط الحلبي) عن أنس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أصبت حدا، فأقمه علي قال: وحضرت الصلاة فصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما قضى الصلاة قال: يا رسول الله، إني أصبت حدا فأقم</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة هود / 114.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم ". أخرجه البخاري (الفتح 7 / 121 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1949 - ط الحلبي) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦١)</span><hr/></div>ابْنَ عَمَّتِكَ، فَغَضِبَ. وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ عَزَّرَهُ (1) .</p>وَقَال آخَرُونَ، وَمِنْهُمْ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ مَا كَانَ مِنَ التَّعْزِيرِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ كَوَطْءِ جَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ يَجِبُ امْتِثَال الأَْمْرِ فِيهِ. أَمَّا مَا لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ فَإِِنَّهُ يَجِبُ إِِذَا كَانَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، أَوْ كَانَ لَا يَنْزَجِرُ الْجَانِي إِلَاّ بِهِ، فَإِِنَّهُ يَجِبُ كَالْحَدِّ، أَمَّا إِِذَا عُلِمَ أَنَّ الْجَانِيَ يَنْزَجِرُ بِدُونِ التَّعْزِيرِ فَإِِنَّهُ لَا يَجِبُ. وَيَجُوزُ لِلإِِْمَامِ فِيهِ الْعَفْوُ إِنْ كَانَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، وَكَانَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، خِلَافُ مَا هُوَ مِنْ حَقِّ الأَْفْرَادِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْزِيرُ عُقُوبَةٌ مُفَوَّضَةٌ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌الْمُرَادُ بِالتَّفَوُّضِ وَأَحْكَامِهِ:</span></p><font color=#ff0000>11 -</font> ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ التَّعْزِيرَ عُقُوبَةٌ مُفَوَّضَةٌ إِِلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ، وَهَذَا التَّفْوِيضُ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ أَهَمِّ أَوْجُهِ الْخِلَافِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدِّ الَّذِي هُوَ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ مِنَ الشَّارِعِ. وَعَلَى الْحَاكِمِ فِي تَقْدِيرِ عُقُوبَةِ التَّعْزِيرِ مُرَاعَاةُ حَال الْجَرِيمَةِ وَالْمُجْرِمِ. أَمَّا مُرَاعَاةُ حَال الْجَرِيمَةِ فَلِلْفُقَهَاءِ فِيهِ نُصُوصٌ كَثِيرَةٌ، مِنْهُ قَوْل الأُْسْرُوشَنِيِّ: يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ الْقَاضِي إِِلَى سَبَبِهِ، فَإِِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" أن رجلا قال للرسول صلى الله عليه وسلم في حكم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 8 / 254 ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1829 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 192، والأحكام السلطانية للماوردي / 225.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>مَا يَجِبُ بِهِ الْحَدُّ وَلَمْ يَجِبْ لِمَانِعٍ وَعَارِضٍ، يَبْلُغُ التَّعْزِيرُ أَقْصَى غَايَاتِهِ. وَإِِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ مَا لَا يَجِبُ الْحَدُّ لَا يَبْلُغُ أَقْصَى غَايَاتِهِ، وَلَكِنَّهُ مُفَوَّضٌ إِِلَى رَأْيِ الإِِْمَامِ (1) . " وَأَمَّا مُرَاعَاةُ حَال الْمُجْرِمِ فَيَقُول الزَّيْلَعِيُّ: إِنَّهُ فِي تَقْدِيرِ التَّعْزِيرِ يُنْظَرُ إِِلَى أَحْوَال الْجَانِينَ، فَإِِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَنْزَجِرُ بِالْيَسِيرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَنْزَجِرُ إِلَاّ بِالْكَثِيرِ. يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ: إِنَّ التَّعْزِيرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَْشْخَاصِ، فَلَا مَعْنَى لِتَقْدِيرِهِ مَعَ حُصُول الْمَقْصُودِ بِدُونِهِ، فَيَكُونُ مُفَوَّضًا إِِلَى رَأْيِ الْقَاضِي، يُقِيمُهُ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ (2) .</p>وَيَقُول السِّنْدِيُّ: إِنَّ أَدْنَى التَّعْزِيرِ عَلَى مَا يَجْتَهِدُ الإِِْمَامُ فِي الْجَانِي، بِقَدْرِ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَنْزَجِرُ بِهِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ التَّعْزِيرِ الزَّجْرُ، وَالنَّاسُ تَخْتَلِفُ أَحْوَالُهُمْ فِي الاِنْزِجَارِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَحْصُل لَهُ الزَّجْرُ بِأَقَل الضَّرَبَاتِ، وَيَتَغَيَّرُ بِذَلِكَ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحْصُل لَهُ الزَّجْرُ بِالْكَثِيرِ مِنَ الضَّرْبِ (3) . وَنُقِل عَنْ أَبِي يُوسُفَ: إِنَّ التَّعْزِيرَ يَخْتَلِفُ عَلَى قَدْرِ احْتِمَال الْمَضْرُوبِ.</p>وَقَدْ مَنَعَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ تَفْوِيضَ التَّعْزِيرِ، وَقَالُوا بِعَدَمِ تَفْوِيضِ ذَلِكَ لِلْقَاضِي، لاِخْتِلَافِ حَال الْقُضَاةِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَال بِهِ الطَّرَسُوسِيُّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فصول الأستروشني ص 14.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 183.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مطالع الأنوار للسندي 7 / 605، والأستروشني ص 18 - 20.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٢)</span><hr/></div>فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ الْكَنْزِ. وَقَدْ أَيَّدُوا هَذَا الرَّأْيَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ تَفْوِيضِ التَّعْزِيرِ إِِلَى رَأْيِ الْقَاضِي لَيْسَ مَعْنَاهُ التَّفْوِيضَ لِرَأْيِهِ مُطْلَقًا، بَل الْمَقْصُودُ الْقَاضِي الْمُجْتَهِدُ. وَقَدْ ذَكَرَ السِّنْدِيُّ: أَنَّ عَدَمَ التَّفْوِيضِ هُوَ الرَّأْيُ الضَّعِيفُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (1) .</p>وَقَال أَبُو بَكْرٍ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يُرَاعُونَ قَدْرَ الْجَانِي وَقَدْرَ الْجِنَايَةِ، فَمِنَ الْجَانِينَ مَنْ يُضْرَبُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَامُ وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْهِ فِي الْمَحَافِل، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنْتَزَعُ عِمَامَتُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَل حِزَامُهُ.</p>وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ: عَلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ يَخْتَلِفُ مِنْ حَيْثُ الْمَقَادِيرُ، وَالأَْجْنَاسُ، وَالصِّفَاتُ، بِاخْتِلَافِ الْجَرَائِمِ، مِنْ حَيْثُ كِبَرِهَا، وَصِغَرِهَا، وَبِحَسَبِ حَال الْمُجْرِمِ نَفْسِهِ، وَبِحَسَبِ حَال الْقَائِل وَالْمَقُول فِيهِ وَالْقَوْل، وَهُوَ مَوْكُولٌ إِِلَى اجْتِهَادِ الإِِْمَامِ.</p>قَال الْقَرَافِيُّ: إِنَّ التَّعْزِيرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأَْزْمِنَةِ وَالأَْمْكِنَةِ، وَتَطْبِيقًا لِذَلِكَ قَال ابْنُ فَرْحُونَ: رُبَّ تَعْزِيرٍ فِي بَلَدٍ يَكُونُ إِكْرَامًا فِي بَلَدٍ آخَرَ، كَقَطْعِ الطَّيْلَسَانِ لَيْسَ تَعْزِيرًا فِي الشَّامِ بَل إِكْرَامٌ (2)، وَكَشْفُ الرَّأْسِ عِنْدَ الأَْنْدَلُسِيِّينَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) السندي 7 / 603 - 605.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الطيلسان: طرحة تشبه الخمار المقور، يطرح على الكتفين، أو يلاث جزء منه على العمامة ثم يدلى عليهما، وكان لا يلبسه إلا الكبراء والقضاة. وكان خلعه والمشي بدونه أمارة الخضوع والتذلل (المصباح، المعجم المفصل بأسماء الملابس عند العرب، للمستشرق دوزي ص 229) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>لَيْسَ هَوَانًا مَعَ أَنَّهُ فِي مِصْرَ وَالْعِرَاقِ هَوَانٌ. وَقَال: إِنَّهُ يُلَاحَظُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا نَفْسُ الشَّخْصِ، فَإِِنَّ فِي الشَّامِ مَثَلاً مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الطَّيْلَسَانَ وَأَلِفَهُ - مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ - يُعْتَبَرُ قَطْعُهُ تَعْزِيرًا لَهُمْ. فَمَا ذُكِرَ ظَاهِرٌ مِنْهُ: أَنَّ الأَْمْرَ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى اخْتِلَافِ التَّعْزِيرِ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالأَْشْخَاصِ، مَعَ كَوْنِ الْفِعْل مَحَلًّا لِذَلِكَ، بَل إِنَّ هَذَا الاِخْتِلَافَ قَدْ يَجْعَل الْفِعْل نَفْسَهُ غَيْرَ مُعَاقَبٍ عَلَيْهِ، بَل قَدْ يَكُونُ مَكْرُمَةً (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْنْوَاعُ الْجَائِزَةُ فِي عُقُوبَةِ التَّعْزِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>12 -</font> يَجُوزُ فِي مَجَال التَّعْزِيرِ: إِيقَاعُ عُقُوبَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، يَخْتَارُ مِنْهَا الْحَاكِمُ فِي كُل حَالَةٍ مَا يَرَاهُ مُنَاسِبًا مُحَقِّقًا لأَِغْرَاضِ التَّعْزِيرِ.</p>وَهَذِهِ الْعُقُوبَاتُ قَدْ تَنْصَبُّ عَلَى الْبَدَنِ، وَقَدْ تَكُونُ مُقَيِّدَةً لِلْحُرِّيَّةِ، وَقَدْ تُصِيبُ الْمَال، وَقَدْ تَكُونُ غَيْرَ ذَلِكَ. وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ هَذَا الإِِْجْمَال.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يراجع فيما سبق: فصول الأستروشني ص 14 - 20، ابن عابدين 3 / 183، السندي 7 / 603 - 605، وتبصرة الحكام 2 / 366، ونهاية المحتاج 7 / 174 - 175، والأحكام السلطانية للماوردي ص 224، والسياسة الشرعية ص 53، والحسبة ص 38.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْعُقُوبَاتُ الْبَدَنِيَّةُ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ التَّعْزِيرُ بِالْقَتْل:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> الأَْصْل: أَنَّهُ لَا يُبْلَغُ بِالتَّعْزِيرِ الْقَتْل، وَذَلِكَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى:{وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَاّ بِالْحَقِّ} (1) وَقَوْل النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَاّ بِإِِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ (2) . وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إِِلَى جَوَازِ الْقَتْل تَعْزِيرًا فِي جَرَائِمَ مُعَيَّنَةٍ بِشُرُوطٍ مَخْصُوصَةٍ، مِنْ ذَلِكَ: قَتْل الْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ إِِذَا تَجَسَّسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَذَهَبَ إِِلَى جَوَازِ تَعْزِيرِهِ بِالْقَتْل مَالِكٌ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ. وَتَوَقَّفَ فِيهِ أَحْمَدُ. وَمِنْ ذَلِكَ: قَتْل الدَّاعِيَةِ إِِلَى الْبِدَعِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَالْجَهْمِيَّةِ. ذَهَبَ إِِلَى ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ. وَأَجَازَ أَبُو حَنِيفَةَ التَّعْزِيرَ بِالْقَتْل فِيمَا تَكَرَّرَ مِنَ الْجَرَائِمِ، إِِذَا كَانَ جِنْسُهُ يُوجِبُ الْقَتْل، كَمَا يُقْتَل مَنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ اللِّوَاطُ أَوِ الْقَتْل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الأنعام / 151.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث. . . " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 201 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1302 - 1303 ط الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>بِالْمُثَقَّل (1) . وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ (2) : وَقَدْ يُسْتَدَل عَلَى أَنَّ الْمُفْسِدَ إِِذَا لَمْ يَنْقَطِعْ شَرُّهُ إِلَاّ بِقَتْلِهِ فَإِِنَّهُ يُقْتَل، لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَرْفَجَةَ الأَْشْجَعِيِّ رضي الله عنه قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول: مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ (3)</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ التَّعْزِيرُ بِالْجَلْدِ:</span></p><font color=#ff0000>14 -</font> الْجَلْدُ فِي التَّعْزِيرِ مَشْرُوعٌ، وَدَلِيلُهُ قَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ، إِلَاّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى (4) .</p>وَفِي الْحَرِيسَةِ (5) الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْ مَرَاتِعِهَا غُرْمُ ثَمَنِهَا مَرَّتَيْنِ، وَضَرْبُ نَكَالٍ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي سَرِقَةِ التَّمْرِ يُؤْخَذُ مِنْ أَكْمَامِهِ، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال سُئِل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أحكام القرآن للجصاص 1 / 61، وابن عابدين 3 / 184 - 185، والقرطبي 6 / 151 - 152، وتبصرة الحكام ص 193، 206، والمهذب 2 / 268، والأحكام السلطانية للماوردي ص 212 - 213، وكشاف القناع 4 / 74 - 76.</p><font color=#ff0000>(2)</font> السياسة الشرعية لابن تيمية ص 99.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد. . . " أخرجه مسلم (3 / 1480 - ط الحلبي) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث " لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط. . . " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 176 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1333 ط الحلبي) من حديث أبي بردة الأنصاري رضي الله عنه.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الحريسة، هي الشاة في الجبل يدركها الليل قبل رجوعها إلى مأواها فتسرق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٤)</span><hr/></div>عَنِ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ، فَقَال: مَنْ أَصَابَ مِنْهُ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ. وَفِي رِوَايَةٍ قَال سَمِعْتُ رَجُلاً مِنْ مُزَيْنَةَ يَسْأَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم عَنِ الْحَرِيسَةِ الَّتِي تُوجَدُ فِي مَرَاتِعِهَا؟ قَال: فِيهَا ثَمَنُهَا مَرَّتَيْنِ، وَضَرْبُ نَكَالٍ. وَمَا أُخِذَ مِنْ عَطَنِهِ فَفِيهِ الْقَطْعُ إِِذَا بَلَغَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ. قَال: يَا رَسُول اللَّهِ، فَالثِّمَارُ وَمَا أُخِذَ مِنْهَا فِي أَكْمَامِهَا؟ قَال: مَنْ أَخَذَ بِفَمِهِ وَلَمْ يَتَّخِذْ خُبْنَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَمَنِ احْتَمَل فَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ مَرَّتَيْنِ، وَضَرْبُ نَكَالٍ، وَمَا أُخِذَ مِنْ أَجْرَانِهِ فَفِيهِ الْقَطْعُ، إِِذَا بَلَغَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ. وَلاِبْنِ مَاجَهْ مَعْنَاهُ، وَزَادَ النَّسَائِيُّ فِي آخِرِهِ: وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ، وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ (1) .</p>وَقَدْ سَارَ عَلَى هَذِهِ الْعُقُوبَةِ فِي التَّعْزِيرِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْحُكَّامِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث عبد الله بن عمرو:" من أصاب بفيه. . . " أخرجه أبو داود (2 / 335 - 336 - تحقيق عزت عبيد دعاس) . والنسائي (8 / 85 - ط المكتبة التجارية) واللفظ لأبي داود، ونيل الأوطار 7 / 300 - 301 ط دار الجيل.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المغني 10 / 348، وتبصرة الحكام 2 / 200، والحسبة 39.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مِقْدَارُ الْجَلْدِ فِي التَّعْزِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَبْلُغُ الْحَدَّ، لِحَدِيثِ: مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ (1) وَاخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي أَقْصَى الْجَلْدِ فِي التَّعْزِيرِ:</p>فَيَرَى أَبُو حَنِيفَةَ: أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَنْ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ سَوْطًا بِالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ، أَخْذًا عَنِ الشَّعْبِيِّ، إِذْ صَرَفَ كَلِمَةَ الْحَدِّ فِي الْحَدِيثِ إِِلَى حَدِّ الأَْرِقَّاءِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ. وَأَبُو يُوسُفَ قَال بِذَلِكَ أَوَّلاً، ثُمَّ عَدَل عَنْهُ إِِلَى اعْتِبَارِ أَقَل حُدُودِ الأَْحْرَارِ وَهُوَ ثَمَانُونَ جَلْدَةً.</p>وَجْهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ: أَنَّ الْحَدِيثَ ذَكَرَ حَدًّا مُنَكَّرًا، وَأَرْبَعُونَ جَلْدَةً حَدٌّ كَامِلٌ فِي الأَْرِقَّاءِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ، فَيَنْصَرِفُ إِِلَى الأَْقَل. وَأَبُو يُوسُفَ اعْتَمَدَ عَلَى أَنَّ الأَْصْل فِي الإِِْنْسَانِ الْحُرِّيَّةُ، وَحَدُّ الْعَبْدِ نِصْفُ حَدِّ الْحُرِّ، فَلَيْسَ حَدًّا كَامِلاً، وَمُطْلَقُ الاِسْمِ يَنْصَرِفُ إِِلَى الْكَامِل فِي كُل بَابٍ (2) .</p>وَفِي عَدَدِ الْجَلَدَاتِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ:</p>إِحْدَاهُمَا: أَنَّ التَّعْزِيرَ يَصِل إِِلَى تِسْعَةٍ وَسَبْعِينَ سَوْطًا، وَهِيَ رِوَايَةُ هِشَامٍ عَنْهُ، وَقَدْ أَخَذَ بِذَلِكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من بلغ حدا في غير حد. . . " أخرجه البيهقي في السنن (8 / 327 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وقال: المحفوظ: هذا الحديث مرسل.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الكاساني 7 / 64.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٥)</span><hr/></div>زُفَرُ، وَهُوَ قَوْل عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَهُوَ الْقِيَاسُ، لأَِنَّهُ لَيْسَ حَدًّا فَيَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْمَسْكُوتِ عَنِ النَّهْيِ عَنْهُ فِي حَدِيثِ: مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ. . . (1)</p>وَالثَّانِيَةُ: وَهِيَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَزِيدُ عَلَى خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ سَوْطًا، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَثَرًا عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه، كَمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَيْضًا، وَأَنَّهُمَا قَالَا: فِي التَّعْزِيرِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ. وَأَنَّ أَبَا يُوسُفَ أَخَذَ بِقَوْلِهِمَا فِي نُقْصَانِ الْخَمْسَةِ، وَاعْتُبِرَ عَمَلُهُمَا أَدْنَى الْحُدُودِ (2) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَال الْمَازِرِيُّ: إِنَّ تَحْدِيدَ الْعُقُوبَةِ لَا سَبِيل إِلَيْهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْل الْمَذْهَبِ، وَقَال: إِنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ يُجِيزُ فِي الْعُقُوبَاتِ فَوْقَ الْحَدِّ. وَحُكِيَ عَنْ أَشْهَبَ: أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ قَدْ يُزَادُ عَلَى الْحَدِّ (3) . وَعَلَى ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ لَدَى الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ الإِِْمَامَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ التَّعْزِيرَ عَنِ الْحَدِّ، مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي لَا يَشُوبُهَا الْهَوَى.</p>وَمِمَّا اسْتَدَل بِهِ الْمَالِكِيَّةُ: فِعْل عُمَرَ فِي مَعْنِ بْنِ زِيَادٍ لَمَّا زَوَّرَ كِتَابًا عَلَى عُمَرَ وَأَخَذَ بِهِ مِنْ صَاحِبِ بَيْتِ الْمَال مَالاً، إِذْ جَلَدَهُ مِائَةً، ثُمَّ مِائَةً<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من بلغ حدا في غير. . . " تقدم تخريجه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأستروشني ص 16، والكاساني 7 / 64، والجوهرة 2 / 253، واللباب للميداني 3 / 65.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبصرة الحكام 2 / 204.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>أُخْرَى، ثُمَّ ثَالِثَةً، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَكَانَ إِجْمَاعًا، كَمَا أَنَّهُ ضَرَبَ صَبِيغَ بْنَ عِسْلٍ أَكْثَرَ مِنَ الْحَدِّ (1) . وَرَوَى أَحْمَدُ بِإِِسْنَادِهِ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه أُتِيَ بِالنَّجَاشِيِّ قَدْ شَرِبَ خَمْرًا فِي رَمَضَانَ فَجَلَدَهُ ثَمَانِينَ (الْحَدَّ) وَعِشْرِينَ سَوْطًا، لِفِطْرِهِ فِي رَمَضَانَ.</p>كَمَا رُوِيَ: أَنَّ أَبَا الأَْسْوَدِ اسْتَخْلَفَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ فَأُتِيَ بِسَارِقٍ قَدْ جَمَعَ الْمَتَاعَ فِي الْبَيْتِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ، فَضَرَبَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَوْطًا وَخَلَّى سَبِيلَهُ (2) . وَقَالُوا فِي حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ رضي الله عنه: لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَاّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ (3) إِنَّهُ مَقْصُورٌ عَلَى زَمَنِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم؛ لأَِنَّهُ كَانَ يَكْفِي الْجَانِيَ مِنْهُمْ هَذَا الْقَدْرُ، وَتَأَوَّلُوهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: فِي حَدٍّ، أَيْ فِي حَقٍّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمَعَاصِي الْمُقَدَّرِ حُدُودُهَا لأَِنَّ الْمَعَاصِيَ كُلَّهَا مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى (4) .</p>وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ التَّعْزِيرَ إِنْ كَانَ بِالْجَلْدِ فَإِِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ أَقَل حُدُودِ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كان يعنت الجند بالمشتبهات والتساؤلات فضربه سيدنا عمر رضي الله عنه ونفاه إلى البصرة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبصرة الحكام 2 / 204، والمغني 10 / 348، وفتح القدير 5 / 115 - 116.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد. . . " تقدم تخريجه.</p><font color=#ff0000>(4)</font> تبصرة الحكام 2 / 205.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٦)</span><hr/></div>التَّعْزِيرُ، فَيَنْقُصُ فِي الْعَبْدِ عَنْ عِشْرِينَ، وَفِي الْحُرِّ عَنْ أَرْبَعِينَ، وَهُوَ حَدُّ الْخَمْرِ عِنْدَهُمْ، وَقِيل بِوُجُوبِ النَّقْصِ فِيهِمَا عَنْ عِشْرِينَ، لِحَدِيثِ: مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ (1) وَيَسْتَوِي فِي النَّقْصِ عَمَّا ذُكِرَ جَمِيعُ الْجَرَائِمِ عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ. وَقِيل بِقِيَاسِ كُل جَرِيمَةٍ بِمَا يَلِيقُ بِهَا مِمَّا فِيهِ أَوْ فِي جِنْسِهِ حَدٌّ، فَيَنْقُصُ عَلَى سَبِيل الْمِثَال تَعْزِيرُ مُقَدِّمَةِ الزِّنَى عَنْ حَدِّهِ، وَإِِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ، وَتَعْزِيرُ السَّبِّ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ، وَإِِنْ زَادَ عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ. وَقِيل فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ: لَا يَزِيدُ فِي أَكْثَرِ الْجَلْدِ فِي التَّعْزِيرِ عَنْ عَشْرِ جَلَدَاتٍ أَخْذًا بِحَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ: لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَاّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ (2) لِمَا اشْتَهَرَ مِنْ قَوْل الشَّافِعِيِّ: إِِذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي، وَقَدْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ (3) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي قَدْرِ جَلْدِ التَّعْزِيرِ، فَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ الْحَدَّ. وَقَدْ ذَكَرَ الْخِرَقِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ، وَالْمَقْصُودُ بِمُقْتَضَاهَا: أَنَّهُ لَا يُبْلَغُ بِالتَّعْزِيرِ أَدْنَى حَدٍّ مَشْرُوعٍ، فَلَا يَبْلُغُ بِالتَّعْزِيرِ أَرْبَعِينَ؛ لأَِنَّ الأَْرْبَعِينَ حَدُّ الْعَبْدِ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" من بلغ حدا في غير حد. . . " تقدم تخريجه.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد. . . " تقدم تخريجه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 7 / 175، والمهذب 2 / 228، ومغني المحتاج 4 / 193.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ، وَلَا يُجَاوِزُ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ سَوْطًا فِي الْحُرِّ، وَلَا تِسْعَةَ عَشَرَ فِي الْعَبْدِ عَلَى الْقَوْل بِأَنَّ حَدَّ الْخَمْرِ أَرْبَعُونَ سَوْطًا.</p>وَنَصُّ مَذْهَبِ أَحْمَدَ: أَنْ لَا يُزَادَ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ فِي التَّعْزِيرِ، لِلأَْثَرِ: لَا يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشَرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَاّ فِي حَدٍّ. . . إِلَاّ مَا وَرَدَ مِنَ الآْثَارِ مُخَصِّصًا لِهَذَا الْحَدِيثِ، كَوَطْءِ جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ بِإِِذْنِهَا، وَوَطْءِ جَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ الْمَرْوِيِّ عَنْ عُمَرَ.</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيَحْتَمِل كَلَامُ أَحْمَدَ وَالْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ التَّعْزِيرُ فِي كُل جَرِيمَةٍ حَدًّا مَشْرُوعًا فِي جِنْسِهَا، وَيَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى حَدٍّ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُل عَلَى هَذَا. وَاسْتَدَل بِمَا رُوِيَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما فِيمَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ امْرَأَتِهِ بِإِِذْنِهَا: أَنَّهُ يُجْلَدُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَهَذَا تَعْزِيرٌ؛ لأَِنَّ عِقَابَ هَذِهِ الْجَرِيمَةِ لِلْمُحْصَنِ الرَّجْمُ، وَبِمَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه فِي الرَّجُل الَّذِي وَطِئَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَآخَرَ: أَنَّهُ يُجْلَدُ الْحَدَّ إِلَاّ سَوْطًا وَاحِدًا، وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَحْمَدُ.</p>وَقَدْ زَادَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ رَأْيًا رَابِعًا: هُوَ أَنَّ التَّعْزِيرَ يَكُونُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، وَعَلَى قَدْرِ الْجَرِيمَةِ، فَيَجْتَهِدُ فِيهِ وَلِيُّ الأَْمْرِ عَلَى أَلَاّ يَبْلُغَ التَّعْزِيرُ فِيمَا فِيهِ حَدٌّ مُقَدَّرٌ ذَلِكَ الْمُقَدَّرَ، فَالتَّعْزِيرُ عَلَى سَرِقَةِ مَا دُونَ النِّصَابِ مَثَلاً لَا يُبْلَغُ بِهِ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٧)</span><hr/></div>الْقَطْعَ، وَقَالَا: إِنَّ هَذَا هُوَ أَعْدَل الأَْقْوَال، وَإِِنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ عَلَيْهِ، كَمَا مَرَّ فِي ضَرْبِ الَّذِي أَحَلَّتْ لَهُ امْرَأَتُهُ جَارِيَتَهَا مِائَةً لَا الْحَدَّ وَهُوَ الرَّجْمُ، كَمَا أَنَّ عَلِيًّا وَعُمَرَ رضي الله عنهما ضَرَبَا رَجُلاً وَامْرَأَةً وُجِدَا فِي لِحَافٍ وَاحِدٍ مِائَةً مِائَةً، وَحَكَمَ عُمَرُ رضي الله عنه فِيمَنْ قَلَّدَ خَاتَمَ بَيْتِ الْمَال بِضَرْبِهِ ثَلَاثَمِائَةٍ عَلَى مَرَّاتٍ، وَضَرَبَ صَبِيغَ بْنَ عِسْلٍ لِلْبِدْعَةِ ضَرْبًا كَثِيرًا لَمْ يَعُدُّهُ (1) .</p>وَخُلَاصَةُ مَذْهَبِ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّ فِيهِ مَنْ يَقُول بِأَنَّ التَّعْزِيرَ لَا يَزِيدُ عَلَى عَشْرِ جَلَدَاتٍ، وَمَنْ يَقُول: بِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى أَقَل الْحُدُودِ، وَمَنْ يَقُول: بِأَنَّهُ لَا يَبْلُغُ فِي جَرِيمَةٍ قَدْرَ الْحَدِّ فِيهَا، وَهُنَاكَ مَنْ يَقُول: بِأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يَكُونُ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، وَعَلَى قَدْرِ الْجَرِيمَةِ، فِيمَا لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ مُقَدَّرٌ. وَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمُ التَّحْدِيدُ سَوَاءٌ أَكَانَ بِعَشْرِ جَلَدَاتٍ أَمْ بِأَقَل مِنْ أَدْنَى الْحُدُودِ أَمْ بِأَقَل مِنَ الْحَدِّ الْمُقَرَّرِ لِجِنْسِ الْجَرِيمَةِ.</p>وَمَا ذُكِرَ هُوَ عَنِ الْحَدِّ الأَْعْلَى، أَمَّا عَنِ الْحَدِّ الأَْدْنَى فَقَدْ قَال الْقُدُورِيُّ: إِنَّهُ ثَلَاثُ جَلَدَاتٍ؛ لأَِنَّ هَذَا الْعَدَدَ أَقَل مَا يَقَعُ بِهِ الزَّجْرُ. وَلَكِنَّ غَالِبِيَّةَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ الأَْمْرَ فِي أَقَل جَلْدِ التَّعْزِيرِ مَرْجِعُهُ الْحَاكِمُ، بِقَدْرِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَكْفِي لِلزَّجْرِ.</p>وَقَال فِي الْخُلَاصَةِ: إِنَّ اخْتِيَارَ التَّعْزِيرِ إِِلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحسبة في الإسلام ص 39، والسياسة الشرعية ص 54، والطرق الحكمية ص 106</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>الْقَاضِي مِنْ وَاحِدٍ إِِلَى تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ تَصْرِيحُ ابْنِ قُدَامَةَ، فَقَدْ قَال: إِنَّ أَقَل التَّعْزِيرِ لَيْسَ مُقَدَّرًا فَيُرْجَعُ فِيهِ إِِلَى اجْتِهَادِ الإِِْمَامِ أَوِ الْحَاكِمِ فِيمَا يَرَاهُ وَمَا تَقْتَضِيهِ حَال الشَّخْصِ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّعْزِيرُ بِالْحَبْسِ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> الْحَبْسُ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِِْجْمَاعِ</p>أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَاّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَل اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} (2) وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَْرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَْرْضِ} (3) . فَقَدْ قَال الزَّيْلَعِيُّ: إِنَّ الْمَقْصُودَ بِالنَّفْيِ هُنَا الْحَبْسُ.</p>وَأَمَّا السُّنَّةُ فَقَدْ ثَبَتَ: أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم حَبَسَ بِالْمَدِينَةِ أُنَاسًا فِي تُهْمَةِ دَمٍ، وَحَكَمَ بِالضَّرْبِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يراجع في التعزير بالجلد عموما الكاساني في 7 / 64، والسرخسي 24 / 36، والسندي 7 / 599 - 600، 601، 602، والجوهرة 2 / 253، واللباب لميداني 3 / 65، وفتح القدير 5 / 115 - 116، والزيلعي والشلبي 3 / 210، والأستروشني ص 16، وتبصرة الحكام 2 / 200 - 204، ونهاية المحتاج 7 / 175، والمهذب 2 / 228، وكشاف القناع 4 / 73 - 74، والسياسة الشرعية ص 47، 48، 53، 54، 55، 56، والحسبة ص 39، والطرق الحكمية ص 106، والمغني 10 / 347 - 348.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 15.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة المائدة / 33.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٨)</span><hr/></div>وَالسَّجْنِ، وَأَنَّهُ قَال فِيمَنْ أَمْسَكَ رَجُلاً لآِخَرَ حَتَّى قَتَلَهُ: اقْتُلُوا الْقَاتِل، وَاصْبِرُوا الصَّابِرَ (1) . وَفُسِّرَتْ عِبَارَةُ اصْبِرُوا الصَّابِرَ بِحَبْسِهِ حَتَّى الْمَوْتِ؛ لأَِنَّهُ حَبَسَ الْمَقْتُول لِلْمَوْتِ بِإِِمْسَاكِهِ إِيَّاهُ.</p>وَأَمَّا الإِِْجْمَاعُ فَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، عَلَى الْمُعَاقَبَةِ بِالْحَبْسِ. وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْحَبْسَ يَصْلُحُ عُقُوبَةً فِي التَّعْزِيرِ. وَمِمَّا جَاءَ فِي هَذَا الْمَقَامِ: أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه سَجَنَ الْحُطَيْئَةَ عَلَى الْهَجْوِ، وَسَجَنَ صَبِيغًا عَلَى سُؤَالِهِ عَنِ الذَّارِيَاتِ، وَالْمُرْسَلَاتِ، وَالنَّازِعَاتِ، وَشِبْهِهِ، وَأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه سَجَنَ ضَابِئَ بْنَ الْحَارِثِ، وَكَانَ مِنْ لُصُوصِ بَنِي تَمِيمٍ وَفُتَّاكِهِمْ، وَأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه سَجَنَ بِالْكُوفَةِ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه سَجَنَ بِمَكَّةَ، وَسَجَنَ فِي " دَارِمٍ " مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ لَمَّا امْتَنَعَ عَنْ بَيْعَتِهِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" اقتلوا القاتل واصبروا الصابر ". أخرجه البيهقي (8 / 51 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث إسماعيل بن أمية مرسلا. وأورده قبله بلفظ مقارب، ولكنه رجح الإرسال، ومن قبله الدارقطني (3 / 140 - ط دار المحاسن) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> أقضية الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي عبد الله محمد بن فرح المالكي القرطبي ص 5 - 6، وتبصرة الحكام 2 / 373، والزيلعي 3 / 207 و 4 / 179 - 180، وابن عابدين 4 / 326، وفتح القدير 6 / 375، والمغني 10 / 313 - 314 - 348، والسياسة الشرعية ص 54، وكشاف القناع 4 / 74، والماوردي ص 224.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌مُدَّةُ الْحَبْسِ فِي التَّعْزِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>17 -</font> الأَْصْل أَنَّ تَقْدِيرَ مُدَّةِ الْحَبْسِ يَرْجِعُ إِِلَى الْحَاكِمِ، مَعَ مُرَاعَاةِ ظُرُوفِ الشَّخْصِ، وَالْجَرِيمَةِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ.</p>وَقَدْ أَشَارَ الزَّيْلَعِيُّ إِِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِلْحَبْسِ مُدَّةٌ مُقَدَّرَةٌ.</p>وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ: إِنَّ الْحَبْسَ تَعْزِيرًا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُجْرِمِ، وَبِاخْتِلَافِ الْجَرِيمَةِ، فَمِنَ الْجَانِينَ مَنْ يُحْبَسُ يَوْمًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ أَكْثَرُ، إِِلَى غَايَةٍ غَيْرِ مُقَدَّرَةٍ.</p>لَكِنَّ الشِّرْبِينِيَّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، ذَكَرَ أَنَّ شَرْطَ الْحَبْسِ: النَّقْصُ عَنْ سَنَةٍ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ، وَصَرَّحَ بِهِ مُعْظَمُ الأَْصْحَابِ.</p>وَأَطْلَقَ الْحَنَابِلَةُ فِي تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ (1) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ التَّعْزِيرُ بِالنَّفْيِ (التَّغْرِيب) :</span></p>‌<span class="title">‌مَشْرُوعِيَّةُ التَّعْزِيرِ بِالنَّفْيِ:</span></p><font color=#ff0000>18 -</font> التَّعْزِيرُ بِالنَّفْيِ مَشْرُوعٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَدَلِيل مَشْرُوعِيَّتِهِ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِِْجْمَاعُ.</p>أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 6 / 375، والزيلعي 4 / 179 - 180 و 3 / 181 - 208، وابن عابدين 4 / 326، والفتاوى الهندية 2 / 188، والتاج والإكليل 5 / 48، والمدونة 13 / 54 - 55، وتبصرة الحكام 2 / 373، ونهاية المحتاج 7 / 175، والأحكام السلطانية للماوردي / 224، ومغني المحتاج 4 / 192، وكشاف القناع 4 / 74 - 75، والمغني 10 / 313 - 314.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٦٩)</span><hr/></div>الأَْرْضِ} وَمِنْ ثَمَّ فَهُوَ عُقُوبَةٌ مَشْرُوعَةٌ فِي الْحُدُودِ.</p>وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَإِِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِالنَّفْيِ تَعْزِيرًا فِي الْمُخَنَّثِينَ، إِذْ نَفَاهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ (1) .</p>وَأَمَّا الإِِْجْمَاعُ: فَإِِنَّ عُمَرَ رضي الله عنه نَفَى نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ لاِفْتِتَانِ النِّسَاءِ بِهِ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ (2) .</p>وَيَجُوزُ كَوْنُ التَّغْرِيبِ لأَِكْثَرَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، لأَِنَّ عُمَرَ غَرَّبَ مِنَ الْمَدِينَةِ نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ إِِلَى الْبَصْرَةِ، وَنَفَى عُثْمَانُ رضي الله عنه إِِلَى مِصْرَ، وَنَفَى عَلِيٌّ رضي الله عنه إِِلَى الْبَصْرَةِ. وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّغْرِيبُ لِبَلَدٍ مُعَيَّنٍ، فَلَا يُرْسِل الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِهِ إِرْسَالاً، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَ الْبَلَدِ الْمُعَيَّنِ لإِِِبْعَادِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَغْرِيبُ الْجَانِي لِبَلَدِهِ (3) .</p>وَيَرَى الشَّافِعِيُّ: أَنْ لَا تَقِل الْمَسَافَةُ بَيْنَ بَلَدِ الْجَانِي وَالْبَلَدِ الْمُغَرَّبِ إِلَيْهِ عَنْ مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ (4) . وَيَرَى ابْنُ أَبِي لَيْلَى: أَنْ يُنْفَى الْجَانِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أخرج أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" ما بال هذا؟ فقيل: يا رسول الله، يتشبه بالنساء، فأمر به فنفي إلى النقيع ". أخرجه أبو داود (5 / 224 - تحقيق عز وأعله المنذري بجهالة أحد رواته. (مختصر سنن أبي داود 7 / 240 - نشر المعرفة) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> المبسوط للسرخسي 9 / 45، والزيلعي 3 / 174.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حاشية البجيرمي 4 / 145.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأحكام السلطانية للماوردي ص 212.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>إِِلَى بَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي ارْتُكِبَتْ فِيهِ الْجَرِيمَةُ بِحَيْثُ تَكُونُ الْمَسَافَةُ بَيْنَ الْبَلَدِ الَّذِي يُنْفَى إِلَيْهِ وَبَلَدِ الْجَرِيمَةِ، دُونَ مَسِيرَةِ سَفَرٍ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُدَّةُ التَّغْرِيبِ:</span></p><font color=#ff0000>19 -</font> لَا يَعْتَبِرُ أَبُو حَنِيفَةَ التَّغْرِيبَ فِي الزِّنَى حَدًّا، بَل يَعْتَبِرُهُ مِنَ التَّعْزِيرِ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّهُ يُجِيزُ أَنْ يَزِيدَ مِنْ حَيْثُ الْمُدَّةُ عَنْ سَنَةٍ (2) .</p>وَيَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَزِيدَ التَّغْرِيبُ فِي التَّعْزِيرِ عَنْ سَنَةٍ، مَعَ أَنَّ التَّغْرِيبَ عِنْدَهُ فِي الزِّنَى حَدٌّ؛ لأَِنَّهُ يَقُول بِنَسْخِ حَدِيثِ: مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ. وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ لِلإِِْمَامِ أَنْ يَزِيدَ فِي التَّعْزِيرِ عَنِ الْحَدِّ، مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ غَيْرِ الْمَشُوبَةِ بِالْهَوَى (3) .</p>وَعَلَى ذَلِكَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ. وَيَرَى الْبَعْضُ الآْخَرُ مِنْهُمْ: أَنَّ مُدَّةَ التَّغْرِيبِ فِي التَّعْزِيرِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَصِل إِِلَى سَنَةٍ، لأَِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ التَّغْرِيبَ فِي جَرِيمَةِ الزِّنَى حَدًّا، وَإِِذَا كَانَتْ مُدَّتُهُ فِيهَا عَامًا فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ فِي التَّعْزِيرِ أَنْ يَصِل التَّغْرِيبُ لِعَامٍ، لِحَدِيثِ: مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنَ الْمُعْتَدِينَ (4) . وَتَفْصِيلُهُ فِي (نَفْيٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المبسوط للسرخسي 9 / 45.</p><font color=#ff0000>(2)</font> معين الحكام ص 184، وبداية المجتهد 2 / 364 - 35.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبصرة الحكام 2 / 204، والشرح الصغير 4 / 504.</p><font color=#ff0000>(4)</font> يراجع في التغريب عموما السرخسي 9 / 45، والزيلعي 3 / 174، ومعين الحكام ص 182، وبداية المجتهد 2 / 381 ثم 364 - 365، وتبصرة الحكام 2 / 204، أقضية الرسول صلى الله عليه وسلم ص 5، ونهاية المحتاج 7 / 174 - 175، والمهذب 2 / 228، وحاشية البجيرمي 4 / 153، وشرح الخطيب على هامشها الماوردي ص 212، وكشاف القناع 4 / 73 - 74 - 76، والمغني 10 / 347، والحسبة ص 40، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 247.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٠)</span><hr/></div>هـ -‌<span class="title">‌ التَّعْزِيرُ بِالْمَال:</span></p>‌<span class="title">‌مَشْرُوعِيَّةُ التَّعْزِيرِ بِالْمَال:</span></p><font color=#ff0000>20 -</font> الأَْصْل فِي مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّ التَّعْزِيرَ بِأَخْذِ الْمَال غَيْرُ جَائِزٍ، فَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ لَا يُجِيزَانِهِ (1)، بَل إِنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي كِتَابٍ مِنْ كُتُبِهِ (2) . أَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ: أَنَّ التَّعْزِيرَ بِأَخْذِ الْمَال مِنَ الْجَانِي جَائِزٌ إِنْ رُئِيَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ (3) .</p>وَقَال الشبراملسي: وَلَا يَجُوزُ عَلَى الْجَدِيدِ بِأَخْذِ الْمَال. يَعْنِي لَا يَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِأَخْذِ الْمَال فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدِ (4)، وَفِي الْمَذْهَبِ الْقَدِيمِ: يَجُوزُ.</p>أَمَّا فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، فَقَدْ قَال ابْنُ فَرْحُونَ: التَّعْزِيرُ بِأَخْذِ الْمَال قَال بِهِ الْمَالِكِيَّةُ (5) . وَقَدْ ذَكَرَ مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةً يُعَزَّرُ فِيهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 184.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فصول الأستروشني ص 7.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 3 / 184، والزيلعي 3 / 208، والسندي 7 / 604 - 605، وفتاوى البزازية 2 / 457 طبع أوروبا سنة 1308 هـ.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حاشية الشبراملسي على شرح المنهاج 7 / 174، والحسبة ص 40.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الحسبة ص 40، وتبصرة الحكام 2 / 367 - 368.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>بِالْمَال، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: سُئِل مَالِكٌ عَنِ اللَّبَنِ الْمَغْشُوشِ أَيُرَاقُ؟ قَال: لَا، وَلَكِنْ أَرَى أَنْ يُتَصَدَّقَ بِهِ، إِِذَا كَانَ هُوَ الَّذِي غَشَّهُ. وَقَال فِي الزَّعْفَرَانِ وَالْمِسْكِ الْمَغْشُوشِ مِثْل ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ قَلِيلاً أَوْ كَثِيرًا، وَخَالَفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكَثِيرِ، وَقَال: يُبَاعُ الْمِسْكُ وَالزَّعْفَرَانُ عَلَى مَا يُغَشُّ بِهِ، وَيَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ أَدَبًا لِلْغَاشِّ.</p>وَأَفْتَى ابْنُ الْقَطَّانِ الأَْنْدَلُسِيُّ فِي الْمَلَاحِفِ الرَّدِيئَةِ النَّسْجِ بِأَنْ تُحَرَّقَ. وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ: بِتَقْطِيعِهَا وَالصَّدَقَةِ بِهَا خِرَقًا (1) .</p>وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَحْرُمُ التَّعْزِيرُ بِأَخْذِ الْمَال أَوْ إِتْلَافِهِ؛ لأَِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ.</p>وَخَالَفَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ، فَقَالَا: إِنَّ التَّعْزِيرَ بِالْمَال سَائِغٌ إِتْلَافًا وَأَخْذًا (2) .</p>وَاسْتَدَلَاّ لِذَلِكَ بِأَقْضِيَةٍ لِلرَّسُول صلى الله عليه وسلم كَإِِبَاحَتِهِ سَلْبَ مَنْ يَصْطَادُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ لِمَنْ يَجِدُهُ، وَأَمْرِهِ بِكَسْرِ دِنَانِ الْخَمْرِ، وَشَقِّ ظُرُوفِهَا، وَأَمْرِهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما بِحَرْقِ الثَّوْبَيْنِ الْمُعَصْفَرَيْنِ، وَتَضْعِيفِهِ الْغَرَامَةَ عَلَى مَنْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبصرة الحكام ص 468، والطرق الحكمية ص 250.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشاف القناع 4 / 74 - 75، وشرح المنتهى على هامشه ص 110، والحسبة ص 40، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 295.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧١)</span><hr/></div>سَرَقَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَسَارِقِ مَا لَا قَطْعَ فِيهِ مِنَ الثَّمَرِ وَالْكَثَرِ (1) ، وَكَاتِمِ الضَّالَّةِ.</p>وَمِنْهَا أَقَضِيَّةُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، مِثْل أَمْرِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما بِتَحْرِيقِ الْمَكَانِ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ الْخَمْرُ، وَأَخْذُ شَطْرِ مَال مَانِعِ الزَّكَاةِ، وَأَمْرِ عُمَرَ بِتَحْرِيقِ قَصْرِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه الَّذِي بَنَاهُ حَتَّى يَحْتَجِبَ فِيهِ عَنِ النَّاسِ. وَقَدْ نَفَّذَ هَذَا الأَْمْرَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَنْوَاعُ التَّعْزِيرِ بِالْمَال</span></p>التَّعْزِيرُ بِالْمَال يَكُونُ بِحَبْسِهِ أَوْ بِإِِتْلَافِهِ، أَوْ بِتَغْيِيرِ صُورَتِهِ، أَوْ بِتَمْلِيكِهِ لِلْغَيْرِ.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ حَبْسُ الْمَال عَنْ صَاحِبِهِ:</span></p><font color=#ff0000>21 -</font> وَهُوَ أَنْ يُمْسِكَ الْقَاضِي شَيْئًا مِنْ مَال الْجَانِي مُدَّةً زَجْرًا لَهُ، ثُمَّ يُعِيدُهُ لَهُ عِنْدَمَا تَظْهَرُ تَوْبَتُهُ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَخْذُهُ لِبَيْتِ الْمَال؛ لأَِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ مَال إِنْسَانٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ يَقْتَضِي ذَلِكَ (3) . وَفَسَّرَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَبُو يَحْيَى الْخُوَارِزْمِيُّ. وَنَظِيرُهُ مَا يُفْعَل فِي خُيُول الْبُغَاةِ وَسِلَاحِهِمْ، فَإِِنَّهَا تُحْبَسُ عَنْهُمْ مُدَّةً وَتُعَادُ إِلَيْهِمْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكثر معناه: الجمار أي قلب النخلة ويقال: الطلع.</p><font color=#ff0000>(2)</font> السندي 7 / 604، 1 / 605، والبزازية 2 / 457، وابن عابدين 3 / 184.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فصول الأستروشني ص 7 - 8، والبزازية 2 / 457.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>إِِذَا تَابُوا. وَصَوَّبَ هَذَا الرَّأْيَ الإِِْمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ التُّمُرْتَاشِيُّ الْخُوَارِزْمِيُّ.</p>أَمَّا إِِذَا صَارَ مَيْئُوسًا مِنْ تَوْبَتِهِ، فَإِِنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ هَذَا الْمَال فِيمَا يَرَى فِيهِ الْمَصْلَحَةَ (1) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الإِِْتْلَافُ:</span></p><font color=#ff0000>22 -</font> قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ الْمُنْكَرَاتِ مِنَ الأَْعْيَانِ وَالصِّفَاتِ يَجُوزُ إِتْلَافُ مَحَلِّهَا تَبَعًا لَهَا، فَالأَْصْنَامُ صُوَرُهَا مُنْكَرَةٌ، فَيَجُوزُ إِتْلَافُ مَادَّتِهَا، وَآلَاتُ اللَّهْوِ يَجُوزُ إِتْلَافُهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَبِذَلِكَ أَخَذَ مَالِكٌ، وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ. وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل أَيْضًا أَوْعِيَةُ الْخَمْرِ، يَجُوزُ تَكْسِيرُهَا وَتَحْرِيقُهَا، وَالْمَحَل الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ الْخَمْرُ يَجُوزُ تَحْرِيقُهُ، وَاسْتَدَل لِذَلِكَ بِفِعْل عُمَرَ رضي الله عنه فِي تَحْرِيقِ مَحَلٍّ يُبَاعُ فِيهِ الْخَمْرُ، وَقَضَاءُ عَلِيٍّ رضي الله عنه تَحْرِيقَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَ يُبَاعُ فِيهَا الْخَمْرُ، وَلأَِنَّ مَكَانَ الْبَيْعِ كَالأَْوْعِيَةِ. وَقَال: إِنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَمَالِكٍ، وَغَيْرِهِمَا (2) . وَمِنْ هَذَا الْقَبِيل أَيْضًا: إِرَاقَةُ عُمَرَ اللَّبَنَ الْمَخْلُوطَ بِالْمَاءِ لِلْبَيْعِ. وَمِنْهُ مَا يَرَاهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْ جَوَازِ إِتْلَافِ الْمَغْشُوشَاتِ فِي الصِّنَاعَاتِ، كَالثِّيَابِ رَدِيئَةِ النَّسْجِ، بِتَمْزِيقِهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) السندي 2 / 604، 1 / 605، فصول الأستروشني ص 8.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الحسبة ص 143، والطرق الحكمية ص 241، وتبصرة الحكام 2 / 202 - 204.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٢)</span><hr/></div>وَإِِحْرَاقِهَا، وَتَحْرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما لِثَوْبِهِ الْمُعَصْفَرِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1) .</p>وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ هَذَا الإِِْتْلَافَ لِلْمَحَل الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ نَظِيرُهُ إِتْلَافُ الْمَحَل مِنَ الْجِسْمِ الَّذِي وَقَعَتْ بِهِ الْمَعْصِيَةُ، كَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ. وَهَذَا الإِِْتْلَافُ لَيْسَ وَاجِبًا فِي كُل حَالَةٍ، فَإِِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَحَل مُفْسِدٌ فَإِِنَّ إِبْقَاءَهُ جَائِزٌ، إِمَّا لَهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ بِهِ. وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ أَفْتَى فَرِيقٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: بِأَنْ يُتَصَدَّقَ بِالطَّعَامِ الْمَغْشُوشِ. وَفِي هَذَا إِتْلَافٌ لَهُ.</p>وَكَرِهَ فَرِيقٌ الإِِْتْلَافَ، وَقَالُوا بِالتَّصَدُّقِ بِهِ، وَمِنْهُمْ مَالِكٌ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَذْهَبِ. وَقَدِ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ التَّصَدُّقَ بِاللَّبَنِ الْمَغْشُوشِ؛ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ عِقَابًا لِلْجَانِي بِإِِتْلَافِهِ عَلَيْهِ، وَنَفْعًا لِلْمَسَاكِينِ بِالإِِْعْطَاءِ لَهُمْ. وَقَال مَالِكٌ فِي الزَّعْفَرَانِ وَالْمِسْكِ بِمِثْل قَوْلِهِ فِي اللَّبَنِ إِِذَا غَشَّهُمَا الْجَانِي. وَقَال ابْنُ الْقَاسِمِ بِذَلِكَ فِي الْقَلِيل مِنْ تِلْكَ الأَْمْوَال؛ لأَِنَّ التَّصَدُّقَ بِالْمَغْشُوشِ فِي الْكَثِيرِ مِنْ هَذِهِ الأَْمْوَال الثَّمِينَةِ تَضِيعُ بِهِ أَمْوَالٌ عَظِيمَةٌ عَلَى أَصْحَابِهَا، فَيُعَزَّرُونَ فِي مِثْل تِلْكَ الأَْحْوَال بِعُقُوبَاتٍ أُخْرَى. وَعِنْدَ الْبَعْضِ: أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " تحريق عبد الله بن عمر لثوبه المعصفر ". أخرجه مسلم (3 / 1647 ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ.</p>وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ مَنْعَ الْعُقُوبَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَأَخَذَ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ كُلٌّ مِنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَذْهَبِ، وَعِنْدَهُمَا: أَنَّ مَنْ غَشَّ أَوْ نَقَصَ مِنَ الْوَزْنِ يُعَاقَبُ بِالضَّرْبِ، وَالْحَبْسِ، وَالإِِْخْرَاجِ مِنَ السُّوقِ، وَأَنَّ مَا غُشَّ مِنَ الْخُبْزِ وَاللَّبَنِ، أَوْ غُشَّ مِنَ الْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ لَا يُفَرَّقُ وَلَا يُنْهَبُ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّغْيِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>23 -</font> مِنَ التَّعْزِيرِ بِالتَّغْيِيرِ نَهْيُ (2) النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْرِ سِكَّةِ الْمُسْلِمِينَ الْجَائِزَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، إِلَاّ إِِذَا كَانَ بِهَا بَأْسٌ، فَإِِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ كُسِرَتْ، وَفِعْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِي التِّمْثَال الَّذِي كَانَ فِي بَيْتِهِ (3) ، وَالسِّتْرِ الَّذِي بِهِ تَمَاثِيل (4) ، إِذْ قَطَعَ رَأْسَ التِّمْثَال فَصَارَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الحسبة ص 43 - 46، والطرق الحكمية ص 247 - 258، وتبصرة الحكام 2 / 202 - 204.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كسر. . . " أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (6 / 346 ط السعادة) من حديث علقمة بن عبد الله المزني رضي الله عنه، وفي إسناده انقطاع.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " قطع رأس التمثال فصار كالشجرة " أخرجه أبو داود (4 / 388 تحقيق عزت عبيد دعاس) ، والترمذي (5 / 115 ط الحلبي) من حديث أبي هريرة وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث " قطع الستر إلى وسادتين منتبذتين يوطآن. . . " أخرجه أحمد (2 / 308 ط الميمنية) من حديث أبي هريرة، وأخرجه الترمذي (5 / 115 - ط الحلبي) وقال: حسن صحيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٣)</span><hr/></div>كَالشَّجَرَةِ، وَقَطَعَ السِّتْرَ إِِلَى وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ (1) يُوطَآنِ.</p>وَمِنْ ذَلِكَ: تَفْكِيكُ آلَاتِ اللَّهْوِ، وَتَغْيِيرُ الصُّوَرِ الْمُصَوَّرَةِ.</p> </p>د -‌<span class="title">‌ التَّمْلِيكُ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> مِنَ التَّعْزِيرِ بِالتَّمْلِيكِ: قَضَاءُ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ سَرَقَ مِنَ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ قَبْل أَنْ يُؤْخَذَ إِِلَى الْجَرِينِ بِجَلَدَاتِ نَكَالٍ، وَغَرِمَ مَا أَخَذَ مَرَّتَيْنِ (2) ، وَفِيمَنْ سَرَقَ مِنَ الْمَاشِيَةِ قَبْل أَنْ تُؤْوَى إِِلَى الْمَرَاحِ بِجَلَدَاتِ نَكَالٍ، وَغَرِمَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ (3) ، وَقَضَاءِ عُمَرَ رضي الله عنه بِتَضْعِيفِ الْغُرْمِ عَلَى كَاتِمِ الضَّالَّةِ، وَقَدْ قَال بِذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، مِنْهُمْ: أَحْمَدُ، وَغَيْرُهُ، وَمِنْ ذَلِكَ إِضْعَافُ عُمَرَ وَغَيْرِهِ الْغُرْمَ فِي نَاقَةِ أَعْرَابِيٍّ أَخَذَهَا مَمَالِيكُ جِيَاعٌ، إِذْ أَضْعَفَ الْغُرْمَ عَلَى سَيِّدِهِمْ، وَدَرَأَ الْقَطْعَ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) منتبذتين: ملقاتين.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن سرق من الثمر المعلق. . . " تقدم تخريجه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " قضاء الرسول صلى الله عليه وسلم فيمن سرق من الماشية قبل. . . " تقدم تخريجه.</p><font color=#ff0000>(4)</font> يراجع للتعزير بالمال عموما: الزيلعي 3 / 208، والسندي 7 / 604، 605، وابن عابدين 3 / 184، وفصول الأستروشني عن 7 - 8، وفتاوى البزازية 2 / 45، ونهاية المحتاج شرح المنهاج 7 / 174، والحسبة ص 40، 44، 45، 46، 47، والطرق الحكمية 247 - 258، وكشاف القناع 4 / 74 - 75، وشرح المنتهى على هامشه ص 110.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَنْوَاعٌ أُخْرَى مِنَ التَّعْزِيرِ:</span></p>هُنَاكَ أَنْوَاعٌ أُخْرَى مِنَ التَّعْزِيرِ غَيْرِ مَا سَبَقَ. مِنْهَا:‌<span class="title">‌ الإِِْعْلَامُ الْمُجَرَّدُ</span>، وَ‌<span class="title">‌الإِِْحْضَارُ لِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ</span>، وَالتَّوْبِيخُ وَالْهَجْرُ.</p> </p>أ - الإِِْعْلَامُ الْمُجَرَّدُ:</p><font color=#ff0000>25 -</font> الإِِْعْلَامُ: صُورَتُهُ أَنْ يَقُول الْقَاضِي لِلْجَانِي: بَلَغَنِي أَنَّك فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ يَبْعَثُ الْقَاضِي أَمِينَهُ لِلْجَانِي، لِيَقُول لَهُ ذَلِكَ. وَقَدْ قَيَّدَ الْبَعْضُ الإِِْعْلَامَ، بِأَنْ يَكُونَ مَعَ النَّظَرِ بِوَجْهٍ عَابِسٍ (1) .</p> </p>ب - الإِِْحْضَارُ لِمَجْلِسِ الْقَضَاءِ:</p><font color=#ff0000>26 -</font> قَال الْكَاسَانِيُّ: إِنَّ هَذَا النَّوْعَ مِنَ التَّعْزِيرِ يَكُونُ بِالإِِْعْلَامِ، وَالذَّهَابِ إِِلَى بَابِ الْقَاضِي، وَالْخِطَابِ بِالْمُوَاجَهَةِ.</p>وَقَال الْبَعْضُ: إِنَّهُ يَكُونُ بِالإِِْعْلَامِ، وَالْجَرِّ لِبَابِ الْقَاضِي، وَالْخُصُومَةِ فِيمَا نُسِبَ إِِلَى الْجَانِي.</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ وَالإِِْعْلَامِ الْمُجَرَّدِ: أَنَّ فِي هَذِهِ الْعُقُوبَةِ يُؤْخَذُ الْجَانِي إِِلَى الْقَاضِي زِيَادَةً عَنِ الإِِْعْلَامِ، وَذَلِكَ لِيُخَاطِبَهُ فِي الْمُوَاجَهَةِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكاساني 7 / 64، والزيلعي 3 / 208، والجوهرة 2 / 254، والفتاوى الهندية 2 / 188، ودرر الحكام 2 / 75.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٤)</span><hr/></div>وَبِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: تَتَمَيَّزُ هَذِهِ عَنِ الإِِْعْلَامِ الْمُجَرَّدِ بِالْخُصُومَةِ فِيمَا نُسِبَ إِِلَى الْجَانِي.</p>وَكَثِيرًا مَا يَلْجَأُ الْقَاضِي لِهَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ أَوْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إِِذَا كَانَ الْجَانِي قَدِ ارْتَكَبَ الْجَرِيمَةَ عَلَى سَبِيل الزَّلَّةِ وَالنُّدُورِ ابْتِدَاءً، إِِذَا كَانَ ذَلِكَ زَاجِرًا، عَلَى شَرِيطَةِ كَوْنِ الْجَرِيمَةِ غَيْرَ جَسِيمَةٍ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ التَّوْبِيخُ:</span></p>‌<span class="title">‌مَشْرُوعِيَّةُ التَّوْبِيخِ:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> التَّعْزِيرُ بِالتَّوْبِيخِ مَشْرُوعٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، فَقَدْ رَوَى أَبُو ذَرٍّ رضي الله عنه: أَنَّهُ سَابَّ رَجُلاً فَعَيَّرَهُ بِأُمِّهِ، فَقَال الرَّسُول صلى الله عليه وسلم يَا أَبَا ذَرٍّ، أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ،، إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ (2) .</p>وَقَال الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: لَيُّ الْوَاجِدِ (3) يُحِل عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ (4) . وَقَدْ فُسِّرَ النَّيْل مِنَ الْعِرْضِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يراجع في الإعلام والإحضار عموما: الكاساني 7 / 64، والزيلعي 3 / 208، والجوهرة 2 / 254، ودرر الحكام 2 / 75، وفتح القدير 5 / 113، وابن عابدين 3 / 183 - 184 - 197، والسندي 7 / 663، والفتاوى الهندية 2 / 188، وقاضيخان 2 / 493 - 494.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " يا أبا ذر، أعيرته بأمه؟ . . . . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 84 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> ليّ الواجد: مطله.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث " ليّ الواجد يحل عرضه وعقوبته ". أخرجه أحمد (4 / 222 ط الميمنية) وقال ابن حجر في الفتح (5 / 62 ط السلفية) إسناده حسن.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>بِأَنْ يُقَال لَهُ مَثَلاً: يَا ظَالِمُ، يَا مُعْتَدٍ. وَهَذَا نَوْعٌ مِنَ التَّعْزِيرِ بِالْقَوْل. وَقَدْ جَاءَ فِي تَبْصِرَةِ الْحُكَّامِ لاِبْنِ فَرْحُونَ: وَأَمَّا التَّعْزِيرُ بِالْقَوْل فَدَلِيلُهُ مَا ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ فَقَال: اضْرِبُوهُ فَقَال أَبُو هُرَيْرَةَ: فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَمِنَّا الضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ بِإِِسْنَادِهِ: ثُمَّ قَال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لأَِصْحَابِهِ بَكِّتُوهُ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ يَقُولُونَ: مَا اتَّقَيْتَ اللَّهَ، مَا خَشِيتَ اللَّهَ، مَا اسْتَحْيَيْتَ مِنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَهَذَا التَّبْكِيتُ مِنَ التَّعْزِيرِ بِالْقَوْل (1) .</p>وَقَدْ عَزَّرَ عُمَرُ رضي الله عنه بِالتَّوْبِيخِ. فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْفَذَ جَيْشًا فَغَنِمُوا غَنَائِمَ، فَلَمَّا رَجَعُوا لَبِسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ، فَلَمَّا رَآهُمْ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَأَعْرَضَ عَنْهُمْ، فَقَالُوا: أَعْرَضْتَ عَنَّا، فَقَال: انْزَعُوا ثِيَابَ أَهْل النَّارِ، فَنَزَعُوا مَا كَانُوا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث " بكتوه ". وقال في آخره:" ولكن قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه ". أخرجه أبو داود (4 / 620 - 621 تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وإسناده حسن، والحديث لفظه في نيل الأوطار: عن أبي هريرة قال: " أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب، فقال: اضربوه فقال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف قال بعض القوم: أخزاك الله قال: لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه ال وراجع تبصرة الحكام 2 / 200، وكشاف القناع 4 / 74، والشرح الكبير 4 / 458، والفتاوى 1 / 167، ومغني المحتاج 4 / 192.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٥)</span><hr/></div>يَلْبَسُونَ مِنَ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ. وَذَلِكَ فِيهِ تَعْزِيرٌ لَهُمْ بِالإِِْعْرَاضِ عَنْهُمْ، وَفِيهِ تَوْبِيخٌ لَهُمْ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌كَيْفِيَّةُ التَّوْبِيخِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> التَّوْبِيخُ قَدْ يَكُونُ بِإِِعْرَاضِ الْقَاضِي عَنِ الْجَانِي، أَوْ بِالنَّظَرِ لَهُ بِوَجْهٍ عَبُوسٍ، وَقَدْ يَكُونُ بِإِِقَامَةِ الْجَانِي مِنْ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْكَلَامِ الْعَنِيفِ، وَيَكُونُ بِزَوَاجِرِ الْكَلَامِ وَغَايَةِ الاِسْتِخْفَافِ، عَلَى شَرِيطَةِ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ قَذْفٌ، وَمَنَعَ الْبَعْضُ مَا فِيهِ السَّبُّ أَيْضًا (2) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الْهَجْرُ:</span></p><font color=#ff0000>29 -</font> الْهَجْرُ مَعْنَاهُ: مُقَاطَعَةُ الْجَانِي، وَالاِمْتِنَاعُ عَنِ الاِتِّصَال بِهِ، أَوْ مُعَامَلَتِهِ بِأَيِّ نَوْعٍ، أَوْ أَيَّةِ طَرِيقَةٍ كَانَتْ.</p>وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى: {وَاللَاّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فصول الأستروشني ص 14، والكاساني 7 / 64.</p><font color=#ff0000>(2)</font> يراجع للتوبيخ: الكاساني 7 / 64، والزيلعي 3 / 208، ودرر الحكام 2 / 75، واللباب للميداني 3 / 65، والسندي 7 / 604، وفصول الأستروشني ص 14، والأنقروية 1 / 158، والهندية 2 / 188، وتبصرة الحكام 2 / 200، ونهاية المحتاج 7 / 174، والأحكام السلطانية للماوردي ص 224، وكشاف القناع 4 / 74، والشرح الكبير 4 / 458، والحسبة ص 38، والسياسة الشرعية ص 53.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>الْمَضَاجِعِ} (1) وَقَدْ هَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْهُ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ. وَعَاقَبَ عُمَرُ صَبِيغًا بِالْهَجْرِ لَمَّا نَفَاهُ إِِلَى الْبَصْرَةِ، وَأَمَرَ أَلَاّ يُجَالِسَهُ أَحَدٌ. وَهَذَا مِنْهُ عُقُوبَةٌ بِالْهَجْرِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْجَرَائِمُ الَّتِي شُرِعَ فِيهَا التَّعْزِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> الْجَرَائِمُ الَّتِي شُرِعَ فِيهَا التَّعْزِيرُ قَدْ تَكُونُ مِنْ قَبِيل مَا شُرِعَ فِي جِنْسِهِ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ مِنْ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ، لَكِنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ لَا تُطَبَّقُ؛ لِعَدَمِ تَوَافُرِ شَرَائِطِ تَطْبِيقِهَا، وَمِنْهَا مَا فِيهِ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ لَا تُطَبَّقُ عَلَيْهَا لِمَانِعٍ، كَوُجُودِ شُبْهَةٍ تَسْتَوْجِبُ دَرْءَ الْحَدِّ، أَوْ عَفْوِ صَاحِبِ الْحَقِّ عَنْ طَلَبِهِ.</p>وَقَدْ تَكُونُ الْجَرَائِمُ التَّعْزِيرِيَّةُ غَيْرَ مَا ذُكِرَ فَيَكُونُ فِيهَا التَّعْزِيرُ أَصْلاً. وَيَدْخُل فِي هَذَا الْقِسْمِ مَا لَا يَدْخُل فِي سَابِقِهِ مِنْ جَرَائِمَ.</p>وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل ذَلِكَ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْجَرَائِمُ الَّتِي يُشْرَعُ فِيهَا التَّعْزِيرُ بَدِيلاً عَنِ الْحُدُودِ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌جَرَائِمُ الاِعْتِدَاءِ عَلَى النَّفْسِ، وَمَا دُونَهَا:</span></p><font color=#ff0000>31 -</font> يَدْخُل فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ: الْكَلَامُ فِي جَرَائِمِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة النساء / 34.</p><font color=#ff0000>(2)</font> يراجع في الهجر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 8 / 281 - 288، وأقضية الرسول ص 5، والحسبة ص 40، والسياسة الشرعية ص 53.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٦)</span><hr/></div>الاِعْتِدَاءِ عَلَى النَّفْسِ، وَهِيَ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا إِزْهَاقُ الرُّوحِ، وَالْكَلَامُ فِي جَرَائِمِ الاِعْتِدَاءِ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ وَهِيَ الَّتِي تَقَعُ عَلَى الْبَدَنِ دُونَ أَنْ تُؤَدِّيَ لإِِِزْهَاقِ الرُّوحِ:</p> </p>‌<span class="title">‌جَرَائِمُ الْقَتْل (الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ) :</span></p>‌<span class="title">‌الْقَتْل الْعَمْدُ:</span></p><font color=#ff0000>32 -</font> الْقَتْل الْعَمْدُ الْعُدْوَانُ مُوجِبُهُ الْقِصَاصُ، وَيَجِبُ لِذَلِكَ تَوَافُرُ شُرُوطٍ، أَهَمُّهَا: كَوْنُ الْقَاتِل قَدْ تَعَمَّدَ تَعَمُّدًا مَحْضًا لَيْسَ فِيهِ شُبْهَةٌ، وَكَوْنُهُ مُخْتَارًا، وَمُبَاشِرًا لِلْقَتْل، وَأَلَاّ يَكُونَ الْمَقْتُول جُزْءَ الْقَاتِل، وَأَنْ يَكُونَ مَعْصُومَ الدَّمِ مُطْلَقًا. وَفَضْلاً عَنْ ذَلِكَ يَجِبُ لِلْقِصَاصِ: أَنْ يُطْلَبَ مِنْ وَلِيِّ الدَّمِ (1) .</p>فَإِِذَا اخْتَل شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ امْتَنَعَ الْقِصَاصُ، وَفِيهِ التَّعْزِيرُ.</p>وَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (قَتْلٌ - قِصَاصٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْقَتْل شِبْهُ الْعَمْدِ:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> قَال الْبُهُوتِيُّ، نَقْلاً عَنِ (الْمُبْدِعِ) : قَدْ يُقَال بِوُجُوبِ التَّعْزِيرِ فِي الْقَتْل شِبْهِ الْعَمْدِ؛ لأَِنَّ الْكَفَّارَةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَتْ لأَِجْل الْفِعْل، بَل بَدَل النَّفْسِ الْفَائِتَةِ، فَأَمَّا نَفْسُ الْفِعْل الْمُحَرَّمِ - الَّذِي هُوَ الْجِنَايَةُ - فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكاساني 7 / 234.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div><font color=#ff0000>34 -</font> وَمِنَ الأُْصُول الثَّابِتَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ عِنْدَهُمْ كَالْقَتْل بِالْمُثَقَّل (وَهُوَ الْقَتْل بِمِثْل الْحَجَرِ الْكَبِيرِ أَوِ الْخَشَبَةِ الْعَظِيمَةِ) يَجُوزُ لِلإِِْمَامِ أَنْ يُعَزِّرَ فِيهِ بِمَا يَصِل لِلْقَتْل، إِِذَا تَكَرَّرَ ارْتِكَابُهُ، مَا دَامَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ. وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الأَْصْل قَالُوا بِالتَّعْزِيرِ بِالْقَتْل لِمَنْ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ الْخَنْقُ، أَوِ التَّغْرِيقُ، أَوِ الإِِْلْقَاءُ مِنْ مَكَان مُرْتَفِعٍ، إِِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ فَسَادُهُ إِلَاّ بِالْقَتْل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الاِعْتِدَاءُ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> إِِذَا كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ عَمْدًا فَيُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ فَضْلاً عَنْ شُرُوطِهِ فِي النَّفْسِ: الْمُمَاثَلَةُ، وَإِِمْكَانُ اسْتِيفَاءِ الْمِثْل (2) .</p>وَيَرَى مَالِكٌ التَّعْزِيرَ أَيْضًا فِي الْجِنَايَةِ الْعَمْدَ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ، إِِذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ، أَوِ امْتَنَعَ لِسَبَبٍ أَوْ لآِخَرَ، فَيَكُونُ فِي الْجَرِيمَةِ التَّعْزِيرُ مَعَ الدِّيَةِ، أَوِ الأَْرْشُ، أَوْ بِدُونِهِ، تَبَعًا لِلأَْحْوَال. وَمِثَال ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ عَلَى عَظْمٍ خَطَرٍ. إِذِ الْعِظَامُ الْخَطِرَةُ لَا قِصَاصَ فِيهَا عِنْدَهُ، مِثْل عِظَامِ الصُّلْبِ، وَالْفَخِذِ، وَالْعُنُقِ، وَمِثْل الْمُنَقِّلَةِ، وَالْمَأْمُومَةِ، وَيُقَال ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْجَائِفَةِ؛<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الكاساني 7 / 234، وابن عابدين 3 / 184 - 185، وكشاف القناع 4 / 73، والسياسة الشرعية ص 55.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبصرة الحكام على هامش فتح العلي المالك 2 / 366 - 367، ومواهب الجليل 6 / 247.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٧)</span><hr/></div>لأَِنَّهُ لَا يُسْتَطَاعُ فِيهَا الْقِصَاصُ (1) ، وَفِي كُل مَا ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ بِالْجِنَايَةِ مَعَ بَقَائِهِ قَائِمًا فِي الْجِسْمِ، وَبَقَاءِ جَمَالِهِ، فَإِِذَا ضَرَبَهُ عَلَى عَيْنِهِ فَذَهَبَ بَصَرُهَا، وَبَقِيَ جَمَالُهَا فَلَا قَوَدَ فِيهَا. وَمِثْل ذَلِكَ الْيَدِ إِِذَا شُلَّتْ وَلَمْ تَبِنْ عَنِ الْجِسْمِ، فَفِي هَذِهِ وَمَا يُمَاثِلُهَا يُعَزَّرُ الْجَانِي مَعَ أَخْذِ الْعَقْل مِنْهُ (أَيِ الدِّيَةِ) (2) .</p>وَإِِذَا لَمْ يَتْرُكِ الاِعْتِدَاءُ عَلَى الْجِسْمِ أَثَرًا: فَأَغْلَبُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ فِي ذَلِكَ التَّعْزِيرَ، لَا الْقِصَاصَ. وَلَدَى بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ الْقِصَاصُ فِي ضَرْبَةِ السَّوْطِ، وَلَوْ لَمْ يُحْدِثْ جُرْحًا وَلَا شَجَّةً، مَعَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ عِنْدَهُمْ فِي اللَّطْمَةِ، وَضَرْبَةِ الْعَصَا، إِلَاّ إِِذَا خَلَّفَتْ جُرْحًا أَوْ شَجَّةً. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ فِي ذَلِكَ كَاللَّطْمَةِ فِيهِ الأَْدَبُ، وَنَقَل ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ أَشْهَبَ.</p>وَيَرَى ابْنُ الْقَيِّمِ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: الْقِصَاصَ فِي اللَّطْمَةِ وَالضَّرْبَةِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الزِّنَى الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ، وَمُقَدِّمَاتُهُ:</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> الزِّنَى إِِذَا تَوَافَرَتِ الشَّرَائِطُ الشَّرْعِيَّةُ لِثُبُوتِهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مواهب الجليل 6 / 247، والتاج والإكليل على هامشه، والمدونة 16 / 112</p><font color=#ff0000>(2)</font> مواهب الجليل 6 / 247 - 249.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الكاساني 7 / 299، ومعين الحكام ص 177، ومواهب الجليل 6 / 247، وكشاف القناع 4 / 72 - 73، وإعلام الموقعين 2 / 2.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>فَإِِنَّ فِيهِ حَدَّ الزِّنَى، أَمَّا إِِذَا لَمْ يُطَبَّقِ الْحَدُّ الْمُقَدَّرُ لِوُجُودِ شُبْهَةٍ (1) ، أَوْ لِعَدَمِ تَوَافُرِ شَرِيطَةٍ مِنَ الشَّرَائِطِ الشَّرْعِيَّةِ لِثُبُوتِ الْحَدِّ، فَإِِنَّ الْفِعْل يَكُونُ جَرِيمَةً شُرِعَ الْحُكْمُ فِيهَا - أَوْ فِي جِنْسِهَا - لَكِنَّهُ لَمْ يُطَبَّقْ. وَكُل جَرِيمَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا قِصَاصَ فَفِيهَا التَّعْزِيرُ.</p>وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ: إِِذَا كَانَتْ هُنَاكَ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ، سَوَاءٌ كَانَتْ شُبْهَةَ فِعْلٍ (2) ، أَوْ شُبْهَةَ مِلْكٍ، أَوْ شُبْهَةَ عَقْدٍ، فَإِِنَّ الْحَدَّ لَا يُطَبَّقُ. لَكِنَّ الْجَانِيَ يُعَزَّرُ؛ لأَِنَّهُ ارْتَكَبَ جَرِيمَةً لَيْسَتْ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ.</p>وَتُعْرَفُ الشُّبْهَةُ بِأَنَّهَا: مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ. أَوْ: هِيَ وُجُودُ الْمُبِيحِ صُورَةً، مَعَ عَدَمِ حُكْمِهِ أَوْ حَقِيقَتِهِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (اشْتِبَاهٌ) .</p>وَإِِذَا كَانَتِ الْمَزْنِيُّ بِهَا مَيِّتَةً فَفِي هَذَا الْفِعْل التَّعْزِيرُ؛ لأَِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ زِنًى، إِذْ حَيَاةُ الْمَزْنِيِّ بِهَا شَرِيطَةٌ فِي الْحَدِّ.</p>وَإِِذَا لَمْ يَكُنِ الْفِعْل مِنْ رَجُلٍ فَلَا يُقَامُ الْحَدُّ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) درء الحد بالشبهة أساسه حديث " ادرؤوا الحدود بالشبهات، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة ". وقد أخذ الجمهور بهذا الحديث في إثبات الشبهة. والحديث المذكور رواه الترمذي قريبا من لفظه، وذكر أنه روي موقوفا، (نيل الأوطار 7 / 110 - 111) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> السرخسي 9 / 151، والكاساني 7 / 42 - 45، 235.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٨)</span><hr/></div>بَل التَّعْزِيرُ، وَمِنْ ذَلِكَ: الْمُسَاحَقَةُ.</p>وَإِِذَا لَمْ يَكُنِ الْفِعْل فِي قُبُل امْرَأَةٍ فَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى عَدَمِ الْحَدِّ، لَكِنَّ فِيهِ التَّعْزِيرَ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْل فِي الدُّبُرِ. وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ. وَالْقَوْل بِالْقَتْل عَلَى كُل حَالٍ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما وَهُوَ قَوْلٌ آخَرُ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ زِنًى، وَفِيهِ الْحَدُّ.</p>وَقَال قَوْمٌ: إِنَّ اللِّوَاطَ زِنًى، وَفِيهِ حَدُّ الزِّنَى. وَمِنْ هَؤُلَاءِ: مَالِكٌ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ لَدَى الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ رَأْيُ أَبِي يُوسُفَ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ فِيهِ حَدَّ الزِّنَى: وَإِِذَا كَانَ الْفِعْل فِي زَوْجَةِ الْفَاعِل فَلَا حَدَّ فِيهِ بِالإِِْجْمَاعِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَوْجِبُ التَّعْزِيرَ.</p>وَمِمَّا يَسْتَوْجِبُ التَّعْزِيرَ فِي هَذَا الْمَجَال كُل مَا دُونَ الْوِقَاعِ مِنْ أَفْعَالٍ، كَالْوَطْءِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ، وَالْمُحْصَنُ، وَغَيْرُهُ. وَمِنْهُ أَيْضًا: إِصَابَةُ كُل مُحَرَّمٍ مِنَ الْمَرْأَةِ غَيْرِ الْجِمَاعِ. وَعِنَاقُ الأَْجْنَبِيَّةِ، أَمْ تَقْبِيلُهَا.</p>وَمِمَّا فِيهِ التَّعْزِيرُ كَذَلِكَ: كَشْفُ الْعَوْرَةِ لآِخَرَ، وَخِدَاعُ النِّسَاءِ، وَالْقَوَادَةُ، وَهِيَ: الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ لِلزِّنَى، وَبَيْنَ الرِّجَال وَالرِّجَال لِلِّوَاطِ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يراجع في التعزير في مجال الزنى وما يتعلق به: السرخسي 9 / 77، 79، 85، 88 و 24 / 36، والكاساني 7 / 34 - 35، وفتح القدير 4 / 142، 147، 4 / 179 - 180، واللباب للميداني 3 / 58 - 59، والجوهرة 148، 150، وشرح الكنز للعيني 1 / 225 - 226، والزيلعي 2 / 245، ومختصر القدوري ص 160، والأشباه والنظائر 1 / 100، والخراج لأبي يوسف ص 66، والفتاوى الهندية 2 / 157، وعدة أرباب الفتوى ص 78، وواقعات المفتين ص 59، والفتاوى الأسعدية 1 / 159، والفتاوى الأنقروية 1 / 159، والمدونة 16 / 52، 13، 58، والماوردي ص 212 - 214، والمغني 10 / 51 - 54، 16.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌الْقَذْفُ الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ وَالسَّبُّ:</span></p><font color=#ff0000>37 -</font> حَدُّ الْقَذْفِ لَا يُقَامُ عَلَى الْقَاذِفِ إِلَاّ بِشَرَائِطِهِ، فَإِِذَا انْعَدَمَ وَاحِدٌ مِنْهَا أَوِ اخْتَل فَإِِنَّ الْجَانِيَ لَا يُحَدُّ. وَيُعَزَّرُ عِنْدَ طَلَبِ الْمَقْذُوفِ؛ لأَِنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا.</p>وَمِنْ شُرُوطِ الْقَذْفِ الَّذِي فِيهِ الْحَدُّ: كَوْنُ الْمَقْذُوفِ مُحْصَنًا (1) . فَإِِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ، وَلَكِنْ يُعَزَّرُ. وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَقْذِفَ مَجْنُونًا بِالزِّنَى. أَوْ صَغِيرًا بِالزِّنَى. أَوْ مُسْلِمَةً قَدْ زَنَتْ. أَوْ مُسْلِمًا قَدْ زَنَى، أَوْ مَنْ مَعَهَا أَوْلَادٌ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ أَبٌ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْعِفَّةِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الأَْخِيرَةِ.</p>وَمِنْهَا كَوْنُ الْمَقْذُوفِ مَعْلُومًا، فَإِِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا حَدَّ، بَل التَّعْزِيرُ؛ لأَِنَّ الْفِعْل مَعْصِيَةٌ لَا حَدَّ فِيهَا. وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ يُعَزَّرُ - وَلَا يُحَدُّ - مَنْ قَذَفَ بِالزِّنَى جَدَّ آخَرَ دُونَ بَيَانِ الْجَدِّ. أَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) من شرائط الإحصان في القذف لدى الجمهور: العقل والبلوغ والحرية والإسلام والعفة عن الزنى (الكاساني 7 / 40، والمغني 10 / 202) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٧٩)</span><hr/></div>أَخَاهُ كَذَلِكَ، وَكَانَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَخٍ.</p>وَلَا حَدَّ فِي الْقَذْفِ بِغَيْرِ الصَّرِيحِ، وَمِنْ ذَلِكَ: الْقَذْفُ بِالْكِنَايَةِ، أَوِ التَّعْرِيضِ، فَلَيْسَ فِيهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ حَدٌّ، بَل التَّعْزِيرُ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَيَرَى مَالِكٌ: الْحَدَّ فِي الْقَذْفِ بِالتَّعْرِيضِ أَوِ الْكِنَايَةِ.</p>وَالَّذِينَ مَنَعُوا الْحَدَّ قَالُوا بِالتَّعْزِيرِ؛ لأَِنَّ الْفِعْل يَكُونُ جَرِيمَةً لَا حَدَّ فِيهَا.</p>وَلَا حَدَّ إِِذَا رَمَاهُ بِأَلْفَاظٍ لَا تُفِيدُ الزِّنَى صَرَاحَةً. كَقَوْلِهِ: يَا فَاجِرُ، بَل يُعَزَّرُ.</p>وَكَذَلِكَ الشَّأْنُ إِِذَا رَمَاهُ بِمَا لَا يُعْتَبَرُ زِنًى، كَمَنْ رَمَى آخَرَ بِالتَّخَنُّثِ.</p>وَيُعَزَّرُ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَنْ يَرْمِي آخَرَ بِأَنَّهُ يَعْمَل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ؛ لأَِنَّ هَذَا الْفِعْل لَا يُوجِبُ حَدَّ الزِّنَى عِنْدَهُ.</p>أَمَّا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فَإِِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالْحَدِّ، وَمِنْ ثَمَّ فَلَا تَعْزِيرَ فِي ذَلِكَ، بَل فِيهِ حَدُّ الْقَذْفِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ.</p>وَمَرَدُّ الْخِلَافِ: هُوَ فِي أَنَّ اللِّوَاطَ هَل هُوَ زِنًى أَمْ لَا؟ .</p>فَمَنْ قَالُوا: بِأَنَّهُ زِنًى، جَعَلُوا فِي الْقَذْفِ بِهِ حَدَّ الْقَذْفِ. وَمَنْ قَالُوا: بِغَيْرِ ذَلِكَ، جَعَلُوا فِي الْقَذْفِ بِهِ التَّعْزِيرَ.</p>وَمَنْ قَذَفَ آخَرَ قَذْفًا مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ أَوْ أَجَلٍ يُعَزَّرُ وَلَا يُحَدُّ.</p>وَإِِذَا لَمْ يَكُنِ الْقَوْل قَذْفًا، بَل مُجَرَّدُ سَبٍّ أَوْ شَتْمٍ فَإِِنَّهُ يَكُونُ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا، فَفِيهَا التَّعْزِيرُ. وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: يَا نَصْرَانِيُّ، أَوْ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>يَا زِنْدِيقُ، أَوْ يَا كَافِرُ، فِي حِينِ أَنَّهُ مُسْلِمٌ. وَكَذَلِكَ مَنْ قَال لآِخَرَ: يَا مُخَنَّثُ، أَوْ يَا مُنَافِقُ، مَا دَامَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ غَيْرَ مُتَّصِفٍ بِذَلِكَ. وَيُعَزَّرُ كَذَلِكَ فِي مِثْل: يَا آكِل الرِّبَا، أَوْ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ، أَوْ يَا خَائِنُ، أَوْ يَا سَارِقُ، وَكُلُّهُ بِشَرْطِ كَوْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِمَا نُسِبَ إِلَيْهِ. وَكَذَلِكَ مَنْ قَال لآِخَرَ: يَا بَلِيدُ، أَوْ يَا قَذِرُ، أَوْ يَا سَفِيهُ، أَوْ يَا ظَالِمُ، أَوْ يَا أَعْوَرُ، وَهُوَ صَحِيحٌ، أَوْ يَا مُقْعَدُ، وَهُوَ صَحِيحٌ كَذَلِكَ عَلَى سَبِيل الشَّتْمِ.</p>وَعَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ يُعَزَّرُ مَنْ شَتَمَ آخَرَ، مَهْمَا كَانَ الشَّتْمُ؛ لأَِنَّهُ مَعْصِيَةٌ.</p>وَيُرْجَعُ فِي تَحْدِيدِ الْفِعْل الْمُوجِبِ لِلتَّعْزِيرِ إِِلَى الْعُرْفِ، فَإِِذَا لَمْ يَكُنِ الْفِعْل الْمَنْسُوبُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِمَّا يَلْحَقُ بِهِ فِي الْعُرْفِ الْعَارَ وَالأَْذَى وَالشَّيْنَ، فَلَا عِقَابَ عَلَى الْجَانِي، إِذْ لَا يَكُونُ ثَمَّةَ جَرِيمَةٌ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يراجع في القذف والسب الذي فيه التعزير: السرخسي 19 / 102، 118، 120 و 14 / 36 - 37، والزيلعي 3 / 208 - 209، والشلبي عليه، والعيني 1 / 234 - 235، والكاساني 7 / 42 - 46، وفتح القدير 4 / 203 - 206، 211 - 214، واللباب 3 / 64، 66، والجامع الصغير ص 69، ومختصر القدوري ص 111، والجوهرة 2 / 253، ودرر الحكام 2 / 96 - 98، والفتاوى الأسعدية 157 - 159، والفتاوى الهندية 2 / 155 - 156، وقاضيخان 3 / 493، والأنقروية 1 / 198 - 159، وكذلك المدونة 16 / 3، 14، 17، 22، 24، 32، 34، 38، وكذلك الماوردي ص 217 - 218، والمغني 10 / 202 - 203، 225.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌السَّرِقَةُ الَّتِي لَا حَدَّ فِيهَا:</span></p><font color=#ff0000>38 -</font> السَّرِقَةُ مِنْ جَرَائِمِ الْحُدُودِ مَا دَامَتْ قَدِ اسْتَوْفَتْ شُرُوطَهَا الشَّرْعِيَّةَ، وَأَهَمُّهَا: الْخُفْيَةُ. وَكَوْنُ مَوْضُوعِ السَّرِقَةِ مَالاً، مَمْلُوكًا لِغَيْرِ السَّارِقِ، مُحَرَّزًا، نِصَابًا. فَإِِذَا تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الْحَدِّ فَلَا يُقَامُ، وَلَكِنْ يُعَزَّرُ الْفَاعِل؛ لأَِنَّهُ ارْتَكَبَ جَرِيمَةً لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(سَرِقَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌قَطْعُ الطَّرِيقِ الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ:</span></p><font color=#ff0000>39 -</font> قَطْعُ الطَّرِيقِ كَغَيْرِهِ مِنْ جَرَائِمِ الْحُدُودِ، يَجِبُ لِكَيْ يَكُونَ فِيهِ الْحَدُّ أَنْ تَتَوَافَرَ شُرُوطٌ مُعَيَّنَةٌ، وَإِِلَاّ فَلَا يُقَامُ الْحَدُّ، وَيُعَزَّرُ الْجَانِي مَا دَامَ قَدِ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا.</p>وَمِنَ الشُّرُوطِ: أَنْ يَكُونَ الْجَانِي بَالِغًا، ذَكَرًا، وَأَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا، وَأَنْ تَكُونَ يَدُهُ عَلَى الْمَال صَحِيحَةً، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْقُطَّاعِ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ لأَِحَدِ الْمَقْطُوعِ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَقْطُوعُ فِيهِ مَالاً مُتَقَوِّمًا مَعْصُومًا مَمْلُوكًا، لَا مِلْكَ فِيهِ لِلْقَاطِعِ، وَلَا شُبْهَةَ مِلْكٍ، مُحَرَّزًا، نِصَابًا، وَأَنْ يَكُونَ قَطْعُ الطَّرِيقِ فِي غَيْرِ الْمِصْرِ.</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (حِرَابَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْجَرَائِمُ الَّتِي مُوجِبُهَا الأَْصْلِيُّ التَّعْزِيرُ:</span></p> </p>‌<span class="title">‌بَعْضُ الْجَرَائِمِ الَّتِي تَقَعُ عَلَى آحَادِ النَّاسِ:</span></p>‌<span class="title">‌شَهَادَةُ الزُّورِ:</span></p><font color=#ff0000>40 -</font> حُرِّمَ قَوْل الزُّورِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِقَوْلِهِ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>تَعَالَى {وَاجْتَنِبُوا قَوْل الزُّورِ} (1)</p>وَفِي السُّنَّةِ بِمَا وَرَدَ: أَنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم عَدَّ قَوْل الزُّورِ وَشَهَادَةَ الزُّورِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ (2) وَمَا دَامَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ، فَفِيهَا التَّعْزِيرُ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الشَّكْوَى بِغَيْرِ حَقٍّ:</span></p><font color=#ff0000>41 -</font> ذَكَرَ صَاحِبُ (تَبْصِرَةُ الْحُكَّامِ) أَنَّ مَنْ قَامَ بِشَكْوَى بِغَيْرِ حَقٍّ يُؤَدَّبُ. وَقَال الْبُهُوتِيُّ: إِنَّهُ إِِذَا ظَهَرَ كَذِبُ الْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ بِمَا يُؤْذِي بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِِنَّهُ يُعَزَّرُ لِكَذِبِهِ وَإِِيذَائِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (4) .</p> </p>‌<span class="title">‌قَتْل حَيَوَانٍ غَيْرِ مُؤْذٍ أَوِ الإِِْضْرَارِ بِهِ:</span></p><font color=#ff0000>42 -</font> نَهَى الرَّسُول صلى الله عليه وسلم عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ امْرَأَةً دَخَلَتِ النَّارَ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا، فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَسَقَتْهَا، وَلَا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأْكُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الحج / 30.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " أن الرسول صلى الله عليه وسلم عد قول الزور. . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 261 - ط السلفية) ، ومسلم (1 / 91 - ط الحلبي) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> السرخسي 16 / 145 - 146، والخراج ص 107، ومختصر القدوري ص 126، والجوهرة 2 / 338، واللباب 3 / 138، والفتاوى الأسعدية 1 / 166.</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف القناع 4 / 76، وتبصرة الحكام 2 / 370.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨١)</span><hr/></div>مِنْ خَشَاشِ (1) الأَْرْضِ (2) فَهَذَا الْفِعْل مَعْصِيَةٌ، فَيُعَزَّرُ الْفَاعِل مَا دَامَ الْفِعْل لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ مُقَدَّرٌ.</p>وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ عَلَى الْجَرَائِمِ فِي هَذَا الْمَجَال: قَطْعُ ذَنَبِ حَيَوَانٍ، فَقَدْ ذَكَرَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ: مِمَّا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ مَا ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ فِيمَنْ قَطَعَ ذَنَبَ بِرْذَوْنٍ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌انْتِهَاكُ حُرْمَةِ مِلْكِ الْغَيْرِ:</span></p><font color=#ff0000>43 -</font> دُخُول بُيُوتِ الْغَيْرِ بِدُونِ إِذْنٍ مَمْنُوعٌ شَرْعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} (4)</p>وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الأَْصْل قِيل بِتَعْزِيرِ مَنْ يُوجَدُ فِي مَنْزِل آخَرَ بِغَيْرِ إِذْنِهِ أَوْ عِلْمِهِ، وَدُونَ أَنْ يَتَّضِحَ سَبَبٌ مَشْرُوعٌ لِهَذَا الدُّخُول (5) .</p> </p>‌<span class="title">‌جَرَائِمُ مُضِرَّةٌ بِالْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>44 -</font> تُوجَدُ جَرَائِمُ مُضِرَّةٌ بِالْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ لَيْسَتْ فِيهَا عُقُوبَاتٌ مُقَدَّرَةٌ، وَفِيهَا التَّعْزِيرُ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الخشاش بالكسر: حشرات الأرض، وقد يفتح (المختار) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " دخلت امرأة النار. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 356 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 2110 ط الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الهندية 2 / 169.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة النور / 27.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الفتاوى الأسعدية 1 / 170 - 171.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>مِنْ هَذِهِ الْجَرَائِمِ: التَّجَسُّسُ لِلْعَدُوِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَجَسَّسُوا} (1)، وَقَوْلُهُ {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} (2) .</p>وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْجَرِيمَةُ لَيْسَتْ لَهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ فَفِيهَا التَّعْزِيرُ (3) . وَتَفْصِيلُهُ فِي (تَجَسُّسٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌الرِّشْوَةُ:</span></p><font color=#ff0000>45 -</font> هِيَ جَرِيمَةٌ مُحَرَّمَةٌ بِالْقُرْآنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} (4) وَهِيَ فِي الْيَهُودِ وَكَانُوا يَأْكُلُونَ السُّحْتَ مِنَ الرِّشْوَةِ. وَهِيَ كَذَلِكَ مُحَرَّمَةٌ بِالسُّنَّةِ لِحَدِيثِ: لَعَنَ اللَّهُ الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ (5) . وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْجَرِيمَةُ لَيْسَتْ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ فَفِيهَا التَّعْزِيرُ (6) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الحجرات / 12.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الممتحنة / 1.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الخراج ص 117، وتبصرة الحكام 2 / 138 - 206، والسياسة الشرعية ص 54، والحسبة ص 40، وكشاف القناع 4 / 76.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المائدة / 42.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث:" لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. . . " أخرجه الترمذي (3 / 613 - الحلبي) ، والحاكم (4 / 102 - 103 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.</p><font color=#ff0000>(6)</font> السياسة الشرعية ص 19 - 20 - 30، والرائش: هو الواسطة بين الراشي والمرتشي وراجع كذلك في الرشوة: جامع الفصولين 1 / 17 - 18.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَجَاوُزُ الْمُوَظَّفِينَ حُدُودَهُمْ، وَتَقْصِيرُهُمْ:</span></p>هَذِهِ مَعْصِيَةٌ لَيْسَتْ فِيهَا عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ، وَلَهَا صُوَرٌ مِنْهَا:</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ جَوْرُ الْقَاضِي:</span></p><font color=#ff0000>46 -</font> إِِذَا جَارَ الْقَاضِي فِي الْحُكْمِ عَمْدًا يُعَزَّرُ، وَيُعْزَل، وَيَضْمَنُ فِي مَالِهِ؛ لأَِنَّهُ فِيمَا جَارَ لَيْسَ بِقَاضٍ، وَلَكِنَّهُ إِتْلَافٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَيَكُونُ فِيهِ كَغَيْرِهِ فِي إِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ. إِِذَا جَارَ مُخْطِئًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غُرْمُ قَضَائِهِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مَعْصُومًا عَنِ الْخَطَأِ (1) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} (2)</p>ب -‌<span class="title">‌ تَرْكُ الْعَمَل أَوِ الاِمْتِنَاعُ عَمْدًا عَنْ تَأْدِيَةِ الْوَاجِبِ:</span></p><font color=#ff0000>47 -</font> كُل عَمَلٍ مِنْ شَأْنِهِ تَعْطِيل الْوَظَائِفِ الْعَامَّةِ أَوْ عَدَمُ انْتِظَامِهَا هُوَ جَرِيمَةٌ تَسْتَوْجِبُ التَّعْزِيرَ، وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ ضَمَانُ حُسْنِ سَيْرِ الْعَمَل، حَتَّى تَقُومَ السُّلْطَةُ بِوَاجِبَاتِهَا عَلَى أَكْمَل وَجْهٍ. وَعَلَى ذَلِكَ: فَيُعَزَّرُ كُل مَنْ تَرَكَ عَمَلَهُ، أَوِ امْتَنَعَ عَنْ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَال الْوَظِيفَةِ قَاصِدًا عَرْقَلَةَ سَيْرِ الْعَمَل، أَوِ الإِِْخْلَال بِانْتِظَامِهِ، وَيُعَزَّرُ عُمُومًا كُل<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جامع الفصولين 1 / 16 - 17، واللآلي الدرية على هامشه، والسرخسي 9 / 80.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأحزاب / 5.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>مَنْ يَتَمَرَّدُ فِي وَظِيفَتِهِ، أَوْ يَسْتَعْمِل الْقُوَّةَ، أَوِ الْعُنْفَ مَعَ رُؤَسَائِهِ، وَيَتْرُكُ عَمَلَهُ. وَمِنْ ذَلِكَ تَعَدِّي أَحَدِ الْمُوَظَّفِينَ الْمَدَنِيِّينَ أَوِ الْعَسْكَرِيِّينَ عَلَى غَيْرِهِ اسْتِغْلَالاً لِوَظِيفَتِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُقَاوَمَةُ رِجَال السُّلْطَةِ وَالاِعْتِدَاءُ عَلَيْهِمُ:</span></p><font color=#ff0000>48 -</font> التَّعَدِّي عَلَى الْمُوَظَّفِينَ الْعُمُومِيِّينَ وَالْمُكَلَّفِينَ بِخِدْمَةٍ عَامَّةٍ يَسْتَحِقُّ التَّعْزِيرَ. وَمِنَ الأَْمْثِلَةِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَجَال: إِهَانَةُ الْعُلَمَاءِ أَوْ رِجَال الدَّوْلَةِ بِمَا لَا يَلِيقُ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِالإِِْشَارَةِ، أَوِ الْقَوْل، أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ.</p>وَالتَّعَدِّي عَلَى أَحَدِ الْجُنُودِ بِالْيَدِ، أَوْ تَمْزِيقِ ثِيَابِهِ، أَوْ سَبِّهِ، فَفِيهِ التَّعْزِيرُ، وَالتَّضْمِينُ عَنِ التَّلَفِ. وَمِنْ ذَلِكَ: إِهَانَةُ مَحْكَمَةٍ قَضَائِيَّةٍ، وَكَذَلِكَ جَرَائِمُ الْجِلْسَةِ، فَالْقَاضِي لَهُ فِيهَا التَّعْزِيرُ، وَإِِنْ عَفَا فَحَسَنٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌هَرَبُ الْمَحْبُوسِينَ وَإِِخْفَاءُ الْجُنَاةِ:</span></p><font color=#ff0000>49 -</font> مِنْ ذَلِكَ مَنْ يُؤْوِي مُحَارِبًا، أَوْ سَارِقًا، أَوْ نَحْوَهُمَا، مِمَّنْ عَلَيْهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لآِدَمِيٍّ، وَيُمْنَعُ مِنْ أَنْ يُسْتَوْفَى هَذَا الْحَقُّ. فَقَدْ قِيل: إِنَّهُ شَرِيكٌ فِي جُرْمِهِ وَيُعَزَّرُ، وَيُطْلَبُ إِحْضَارُهُ، أَوِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الأسعدية 1 / 167 - 168.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفتاوى الأسعدية 1 / 166 - 167، 173، والفتاوى الأنقروية 1 / 157، وعدة أرباب الفتوى ص 77، وواقعات المفتين ص 59.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٣)</span><hr/></div>الإِِْعْلَامُ عَنْ مَكَانِهِ، فَإِِنِ امْتَنَعَ يُحْبَسُ، وَيُضْرَبُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، حَتَّى يَسْتَجِيبَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَقْلِيدُ الْمَسْكُوكَاتِ الزُّيُوفِ وَالْمُزَوَّرَةِ:</span></p><font color=#ff0000>50 -</font> تَقْلِيدُ الْمَسْكُوكَاتِ الَّتِي فِي التَّدَاوُل وَالإِِْعَانَةِ عَلَى صَرْفِ الْعُمْلَةِ الْفَاسِدَةِ وَنَشْرُهَا جَرِيمَةٌ فِيهَا التَّعْزِيرُ. فَفِي (عِدَّةُ أَرْبَابِ الْفَتْوَى) فِي رَجُلٍ يَعْمَل السِّكَّةَ الْمَصْنُوعَةَ رِيَالاً وَذَهَبًا وَرُوبِيَّةً، وَفِي رَجُلٍ يَنْشُرُ هَذِهِ الْمَسْكُوكَاتِ الزَّائِفَةَ وَيُرَوِّجُهَا: أَنَّهُمَا يُعَزَّرَانِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌التَّزْوِيرُ:</span></p><font color=#ff0000>51 -</font> فِي هَذِهِ الْجَرِيمَةِ التَّعْزِيرُ، فَقَدْ رُوِيَ: أَنَّ مَعْنَ بْنَ زِيَادٍ عَمِل خَاتَمًا عَلَى نَقْشِ خَاتَمِ بَيْتِ الْمَال فَأَخَذَ مَالاً، فَضَرَبَهُ عُمَرُ رضي الله عنه مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَحَبَسَهُ، ثُمَّ ضَرَبَهُ مِائَةً أُخْرَى، ثُمَّ ثَالِثَةً، ثُمَّ نَفَاهُ. وَمِنْ مُوجِبَاتِ التَّعْزِيرِ: كِتَابَةُ الْخُطُوطِ وَالصُّكُوكِ بِالتَّزْوِيرِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنَ السِّعْرِ الْجَبْرِيِّ:</span></p><font color=#ff0000>52 -</font> قَدْ تَدْعُو الْحَال لِتَسْعِيرِ الْحَاجِيَّاتِ، فَإِِنْ كَانَ ذَلِكَ: فَالْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنَ السِّعْرِ الْمُحَدَّدِ فِيهِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) السياسة الشرعية ص 40 وما بعدها.</p><font color=#ff0000>(2)</font> عدة أرباب الفتوى ص 81 - 82، والفتاوى الأسعدية 1 / 157 - 158.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الهندية 2 / 190، والمغني 10 / 348.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>التَّعْزِيرُ. وَمِنْ ذَلِكَ: الاِمْتِنَاعُ عَنِ الْبَيْعِ، فَفِيهِ الأَْمْرُ بِالْوَاجِبِ وَالْعِقَابِ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبِ. وَمِنْ ذَلِكَ: احْتِكَارُ الْحَاجَاتِ لِلتَّحَكُّمِ فِي السِّعْرِ (1) لِحَدِيثِ: لَا يَحْتَكِرُ إِلَاّ خَاطِئٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْغِشُّ فِي الْمَكَايِيل وَالْمَوَازِينِ:</span></p><font color=#ff0000>53 -</font> يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: {أَوْفُوا الْكَيْل وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (3) . وَفِي الْحَدِيثِ: مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا (4) وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ: فَالْغِشُّ فِي الْكَيْل وَالْوَزْنِ مَعْصِيَةٌ، وَلَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ، فَفِيهَا التَّعْزِيرُ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْمُشْتَبَهُ فِيهِمْ:</span></p><font color=#ff0000>54 -</font> قَدْ يَكُونُ التَّعْزِيرُ لَا لاِرْتِكَابِ فِعْلٍ مُعَيَّنٍ، وَلَكِنْ لِحَالَةِ الْجَانِي الْخَطِرَةِ، وَقَدْ قَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِتَعْزِيرِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالسَّرِقَةِ، وَلَوْ لَمْ يَرْتَكِبْ سَرِقَةً جَدِيدَةً، وَمَنْ يُعْرَفُ أَوْ يُتَّهَمُ بِارْتِكَابِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفتاوى الأنقروية 1 / 159، والحسبة في الإسلام ص 24، 28.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث " لا يحتكر إلا خاطئ " أخرجه أحمد (3 / 453 ط الميمنية) ، ومسلم (3 / 1227 - ط الحلبي) من حديث معمر بن عبد الله العدوي رضي الله عنه، ولفظ مسلم: " من احتكر فهو خاطئ ".</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة الشعراء / 181 - 182.</p><font color=#ff0000>(4)</font> حديث: " من غشنا فليس منا " أخرجه مسلم (1 / 99 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٤)</span><hr/></div>جَرَائِمَ ضِدِّ النَّفْسِ، كَالْقَتْل وَالضَّرْبِ وَالْجَرْحِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌سُقُوطُ التَّعْزِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>55 -</font> تَسْقُطُ الْعُقُوبَةُ التَّعْزِيرِيَّةُ بِأَسْبَابٍ، مِنْهَا: مَوْتُ الْجَانِي، وَالْعَفْوُ عَنْهُ، وَتَوْبَتُهُ.</p> </p>أ -‌<span class="title">‌ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ بِالْمَوْتِ:</span></p><font color=#ff0000>56 -</font> إِِذَا كَانَتِ الْعُقُوبَةُ بَدَنِيَّةً أَوْ مُقَيِّدَةً لِلْحُرِّيَّةِ فَإِِنَّ مَوْتَ الْجَانِي مُسْقِطٌ لَهَا بَدَاهَةً؛ لأَِنَّ الْعُقُوبَةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِشَخْصِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ: الْهَجْرُ، وَالتَّوْبِيخُ، وَالْحَبْسُ، وَالضَّرْبُ.</p>أَمَّا إِِذَا لَمْ تَكُنِ الْعُقُوبَةُ مُتَعَلِّقَةً بِشَخْصِ الْجَانِي بَل كَانَتْ مُنَصَّبَةً عَلَى مَالِهِ، كَالْغَرَامَةِ وَالْمُصَادَرَةِ، فَمَوْتُ الْجَانِي بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُسْقِطُهَا؛ لأَِنَّهُ يُمْكِنُ التَّنْفِيذُ بِهَا عَلَى الْمَال، وَهِيَ تَصِيرُ بِالْحُكْمِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، وَتَتَعَلَّقُ تَبَعًا لِذَلِكَ بِتَرِكَةِ الْجَانِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ.</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ بِالْعَفْوِ:</span></p><font color=#ff0000>57 -</font> الْعَفْوُ جَائِزٌ فِي التَّعْزِيرِ إِِذَا كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، لِقَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: تَجَافُوا عَنْ عُقُوبَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) السرخسي 23 / 36، وحاشية الشرنبلالي على الدرر 2 / 81، والفتاوى الهندية 2 / 189 - 190، وعدة أرباب الفتوى ص 80 - 81.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>ذَوِي الْمُرُوءَةِ إِلَاّ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ (1) وَقَوْلُهُ: أَقِيلُوا ذَوِي الْهَيْئَاتِ عَثَرَاتِهِمْ (2) وَقَوْلُهُ فِي الأَْنْصَارِ: اقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ (3)، وَقَوْلُهُ لِرَجُلٍ - قَال لَهُ: إِنِّي لَقِيتُ امْرَأَةً فَأَصَبْتُ مِنْهَا دُونَ أَنْ أَطَأَهَا -: أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟ فَرَدَّ عَلَيْهِ بِنَعَمْ، فَتَلَا قَوْله تَعَالَى {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (4) (5) فَالإِِْمَامُ لَهُ الْعَفْوُ.</p>وَقِيل: إِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ إِِذَا تَعَلَّقَ التَّعْزِيرُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ. وَقَال الإِِْصْطَخْرِيُّ فِي رِسَالَتِهِ: وَمَنْ طَعَنَ عَلَى أَحَدِ الصَّحَابَةِ، وَجَبَ عَلَى السُّلْطَانِ تَأْدِيبُهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ. وَقَال الْبَعْضُ: إِنَّ مَا كَانَ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: " تجافوا عن عقوبة. . . " أخرجه الطبراني في المعجم الصغير عن زيد بن ثابت رضي الله عنه مرفوعا. قال الهيثمي: في سنده محمد بن كثير بن مروان الفهري. وهو ضعيف (مجمع الزوائد 6 / 282 ط القدسي) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث: " أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود. . . " أخرجه أحمد (6 / 181 ط الميمنية) من حديث عائشة رضي الله عنها. وقال عبد الحق: ذكره ابن عدي في باب واصل بن عبد الرحمن الرقاشي ولم يذكر علة. قال الحافظ: وواصل هو أبو حرة ضعيف. وفي إسناد ابن حبان: أبو بكر بن نافع، وقد نص أبو زرعة على ضعفه في هذا الحديث (نيل الأوطار 7 / 143 - 144) .</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم. . . " تقدم تخريجه ف / 10.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة هود / 114.</p><font color=#ff0000>(5)</font> حديث: " أصليت معنا؟ " تقدم تخريجه ف / 10.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٥)</span><hr/></div>التَّعْزِيرِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ كَوَطْءِ جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، أَوْ جَارِيَةٍ مُشْتَرَكَةٍ، يَجِبُ امْتِثَال الأَْمْرِ فِيهِ، فَهُنَا لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عِنْدَهُمْ، بَل يَجِبُ التَّعْزِيرُ، لاِمْتِنَاعِ تَطْبِيقِ الْحَدِّ.</p>وَقَال الْبَعْضُ: إِنَّ الْعَفْوَ يَكُونُ لِمَنْ كَانَتْ مِنْهُ الْفَلْتَةُ وَالزَّلَّةُ، وَفِي أَهْل الشَّرَفِ وَالْعَفَافِ، وَعَلَى ذَلِكَ: فَشَخْصُ الْجَانِي لَهُ اعْتِبَارٌ فِي الْعَفْوِ.</p>وَإِِذَا كَانَ التَّعْزِيرُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَقَدْ قِيل كَذَلِكَ: إِنَّ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ تَرْكَهُ، وَالْعَفْوَ عَنْهُ، حَتَّى وَلَوْ طَلَبَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ فِيهِ، شَأْنُهُ فِي ذَلِكَ شَأْنُ التَّعْزِيرِ الَّذِي هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. وَقِيل: لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ عِنْدَ طَلَبِهِ، مِثْل الْقِصَاصِ، فَلَيْسَ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ هُنَا تَرْكُهُ بِعَفْوٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَعَلَى ذَلِكَ أَغْلَبُ الْفُقَهَاءِ.</p>وَإِِذَا عَفَا وَلِيُّ الأَْمْرِ عَنِ التَّعْزِيرِ فِيمَا يَمَسُّ الْمَصْلَحَةَ الْعَامَّةَ، وَكَانَ قَدْ تَعَلَّقَ بِالتَّعْزِيرِ حَقُّ آدَمِيٍّ كَالشَّتْمِ، فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الآْدَمِيِّ، فَعَلَى وَلِيِّ الأَْمْرِ الاِسْتِيفَاءُ؛ لأَِنَّ الإِِْمَامَ لَيْسَ لَهُ - عَلَى الرَّاجِحِ - الْعَفْوُ عَنْ حَقِّ الْفَرْدِ.</p>وَإِِذَا عَفَا الآْدَمِيُّ عَنْ حَقِّهِ فَإِِنَّ عَفْوَهُ يَجُوزُ، وَلَكِنْ لَا يَمَسُّ هَذَا حَقَّ السُّلْطَةِ. وَقَدْ فَرَّقَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي هَذَا الْمَجَال بَيْنَ حَالَتَيْنِ:</p>أ - إِِذَا حَصَل عَفْوُ الآْدَمِيِّ قَبْل التَّرَافُعِ، فَلِوَلِيِّ الأَْمْرِ الْخِيَارُ بَيْنَ التَّعْزِيرِ أَوِ الْعَفْوِ.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>ب - وَإِِذَا حَصَل بَعْدَ التَّرَافُعِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْعِقَابِ عَنْ حَقِّ السُّلْطَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:</p>الأَْوَّل: فِي قَوْل أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ يَسْقُطُ بِالْعَفْوِ، وَلَيْسَ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ أَنْ يُعَزِّرَ فِيهِ، لأَِنَّ حَدَّ الْقَذْفِ أَغْلَظُ وَيَسْقُطُ حُكْمُهُ بِالْعَفْوِ، فَكَانَ حُكْمُ التَّعْزِيرِ لِحَقِّ السُّلْطَةِ أَوْلَى بِالسُّقُوطِ.</p>وَالثَّانِي - وَهُوَ الأَْظْهَرُ - أَنَّ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ أَنْ يُعَزِّرَ فِيهِ مَعَ الْعَفْوِ قَبْل التَّرَافُعِ إِلَيْهِ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ التَّرَافُعِ مُخَالَفَةً لِلْعَفْوِ عَنْ حَدِّ الْقَذْفِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ؛ لأَِنَّ التَّقْوِيمَ مِنَ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌سُقُوطُ التَّعْزِيرِ بِالتَّوْبَةِ:</span></p><font color=#ff0000>58 -</font> اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي أَثَرِ التَّوْبَةِ فِي التَّعْزِيرِ:</p>فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ الْعُقُوبَةُ بِالتَّوْبَةِ؛ لأَِنَّهَا كَفَّارَةٌ عَنِ الْمَعْصِيَةِ. وَعِنْدَ هَؤُلَاءِ فِي تَعْلِيل ذَلِكَ: عُمُومُ أَدِلَّةِ الْعُقُوبَةِ بِلَا تَفْرِقَةٍ بَيْنَ تَائِبٍ وَغَيْرِهِ عَدَا الْمُحَارِبَةَ. وَفَضْلاً عَنْ ذَلِكَ فَجَعْل التَّوْبَةِ ذَاتَ أَثَرٍ فِي إِسْقَاطِ الْعُقُوبَةِ يَجْعَل لِكُلٍّ ادِّعَاءَهَا، لِلإِِْفْلَاتِ مِنَ الْعِقَابِ.</p>وَعِنْدَ فَرِيقٍ آخَرَ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يراجع في العفو: فصول الأستروشني ص 3، وابن عابدين 3 / 188، ومواهب الجليل 6 / 320، وتبصرة الحكام 2 / 369، وأسنى المطالب 4 / 162 - 163، ونهاية المحتاج 7 / 175، والماوردي ص 225، وكشاف القناع 4 / 74، والمغني 10 / 349، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 266.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٦)</span><hr/></div>أَنَّ التَّوْبَةَ قَبْل الْقُدْرَةِ تُسْقِطُ الْعُقُوبَةَ قِيَاسًا عَلَى حَدِّ الْمُحَارَبَةِ، اسْتِنَادًا إِِلَى مَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ. فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَاةَ قَامَ إِلَيْهِ الرَّجُل، فَأَعَادَ قَوْلَهُ، فَقَال: أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْت مَعَنَا؟ قَال نَعَمْ. قَال: فَإِِنَّ اللَّهَ عز وجل قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ. وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَانِيَ غُفِرَ لَهُ لَمَّا تَابَ. وَفَضْلاً عَنْ ذَلِكَ فَإِِنَّهُ إِِذَا جَازَتِ التَّوْبَةُ فِي الْمُحَارَبَةِ مَعَ شِدَّةِ ضَرَرِهَا وَتَعَدِّيهِ، فَأَوْلَى التَّوْبَةُ فِيمَا دُونَهَا.</p>وَهَؤُلَاءِ يَقْصُرُونَ السُّقُوطَ بِالتَّوْبَةِ عَلَى مَا فِيهِ اعْتِدَاءٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ، بِخِلَافِ مَا يَمَسُّ الأَْفْرَادَ.</p>وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ الْقَيِّمِ: إِنَّ التَّوْبَةَ تَدْفَعُ الْعُقُوبَةَ فِي التَّعْزِيرِ وَغَيْرِهِ، كَمَا تَدْفَعُهَا فِي الْمُحَارَبَةِ، بَل إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى مِنَ الْمُحَارَبَةِ، لِشِدَّةِ ضَرَرِهَا، وَهَذَا يُعْتَبَرُ مَسْلَكًا وَسَطًا بَيْنَ مَنْ يَقُول: بِعَدَمِ جَوَازِ إِقَامَةِ الْعُقُوبَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ أَلْبَتَّةَ. وَبَيْنَ مَسْلَكِ مَنْ يَقُول: إِنَّهُ لَا أَثَرَ لِلتَّوْبَةِ فِي إِسْقَاطِ الْعُقُوبَةِ أَلْبَتَّةَ. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الرَّأْيِ: أَنَّ التَّعْزِيرَ الْوَاجِبَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، إِلَاّ إِِذَا اخْتَارَ الْجَانِي الْعُقُوبَةَ لِيُطَهِّرَ بِهَا نَفْسَهُ، فَالتَّوْبَةُ تُسْقِطُ التَّعْزِيرَ، عَلَى شَرِيطَةِ أَلَاّ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>يَطْلُبَ الْجَانِي إِقَامَتَهُ، وَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِحُقُوقِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ.</p>وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل جَعَل تَوْبَةَ الْكُفَّارِ سَبَبًا لِغُفْرَانِ مَا سَلَفَ (1) وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُل لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (2) وَأَنَّ السُّنَّةَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، فَفِي الْحَدِيثِ: التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) يراجع في التوبة في التعزير: الكاساني 7 / 96، والأستروشني ص 3 - 4، ومواهب الجليل 6 / 316 - 317، والتاج والإكليل على هامشه، وبداية المجتهد 2 / 382، وحاشية الرهوني على شرح الزرقاني 8 / 152 - 153، وأسنى المطالب 4 / 155 - 156، ونهاية المحتاج 8 / 6، والمغني 10 / 316 - 317، وإعلام الموقعين 2 / 197 - 198.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة الأنفال / 38.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث:" التائب من الذنب كمن لا ذنب له. . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 1420 ط الحلبي) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وحسنه ابن حجر لشواهده. كما في المقاصد الحسنة للسخاوي (ص 152 ط الخانجي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٧)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْزِيَةٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْزِيَةُ لُغَةً: مَصْدَرُ عَزَّى: إِِذَا صَبَّرَ الْمُصَابَ وَوَاسَاهُ وَلَا يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلَاحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَقَال الشِّرْبِينِيُّ: هِيَ الأَْمْرُ بِالصَّبْرِ وَالْحَمْل عَلَيْهِ بِوَعْدِ الأَْجْرِ، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الْوِزْرِ، وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ بِالْمَغْفِرَةِ، وَلِلْمُصَابِ بِجَبْرِ الْمُصِيبَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي اسْتِحْبَابِ التَّعْزِيَةِ لِمَنْ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ (2) . وَالأَْصْل فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا: خَبَرُ: مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْل أَجْرِهِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أسنى المطالب 1 / 334، ومغني المحتاج 1 / 355، وحاشية الدسوقي 1 / 419، وحاشية ابن عابدين 1 / 603.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المصادر السابقة، والمغني لابن قدامة 2 / 543.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " من عزى مصابا فله مثل أجره " أخرجه الترمذي (3 / 376 ط الحلبي) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا، وضعفه ابن حجر في التلخيص (2 / 138 ط شركة الطباعة الفنية) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>وَخَبَرِ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إِلَاّ كَسَاهُ اللَّهُ مِنْ حُلَل الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌كَيْفِيَّةُ التَّعْزِيَةِ وَلِمَنْ تَكُونُ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> يُعَزَّى أَهْل الْمُصِيبَةِ، كِبَارُهُمْ وَصِغَارُهُمْ، ذُكُورُهُمْ وَإِِنَاثُهُمْ، إِلَاّ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يَعْقِل، وَالشَّابَّةُ مِنَ النِّسَاءِ، فَلَا يُعَزِّيهَا إِلَاّ النِّسَاءُ وَمَحَارِمُهَا، خَوْفًا مِنَ الْفِتْنَةِ. وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ: تُسْتَحَبُّ التَّعْزِيَةُ لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ اللَاّتِي لَا يُفْتِنَّ. وَقَال الدَّرْدِيرُ: وَنُدِبَ تَعْزِيَةٌ لأَِهْل الْمَيِّتِ إِلَاّ مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌مُدَّةُ التَّعْزِيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: عَلَى أَنَّ مُدَّةَ التَّعْزِيَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ. وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِإِِذْنِ الشَّارِعِ فِي الإِِْحْدَادِ فِي الثَّلَاثِ فَقَطْ، بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا يَحِل لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ أَنْ تَحُدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَاّ عَلَى زَوْجٍ: أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا (3) وَتُكْرَهُ بَعْدَهَا؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا سُكُونُ قَلْبِ الْمُصَابِ، وَالْغَالِبُ سُكُونُهُ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ، فَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) خبر " ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله. . . " أخرجه الخطيب في تاريخه (7 / 397 ط مطبعة السعادة) وفي إسناده جهالة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 1 / 354، 355، والمغني 2 / 543 - 545، وحاشية الدسوقي 1 / 419، 603، وحاشية ابن عابدين 1 / 603 - 604.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 146 ط السلفية) من حديث أم حبيبة رضي الله عنها.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٨)</span><hr/></div>يُجَدَّدُ لَهُ الْحُزْنُ بِالتَّعْزِيَةِ، إِلَاّ إِِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا (الْمُعَزَّى أَوِ الْمُعَزِّي) غَائِبًا، فَلَمْ يَحْضُرْ إِلَاّ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ، فَإِِنَّهُ يُعَزِّيهِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ.</p>وَحَكَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَجْهًا وَهُوَ قَوْل بَعْضِ الْحَنَابِلَةِ: أَنَّهُ لَا أَمَدَ لِلتَّعْزِيَةِ، بَل تَبْقَى بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لأَِنَّ الْغَرَضَ الدُّعَاءُ، وَالْحَمْل عَلَى الصَّبْرِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْجَزَعِ، وَذَلِكَ يَحْصُل عَلَى طُول الزَّمَانِ.</p> </p>‌<span class="title">‌وَقْتُ التَّعْزِيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِِلَى أَنَّ الأَْفْضَل فِي التَّعْزِيَةِ أَنْ تَكُونَ بَعْدَ الدَّفْنِ؛ لأَِنَّ أَهْل الْمَيِّتِ قَبْل الدَّفْنِ مَشْغُولُونَ بِتَجْهِيزِهِ؛ وَلأَِنَّ وَحْشَتَهُمْ بَعْدَ دَفْنِهِ لِفِرَاقِهِ أَكْثَرُ، فَكَانَ ذَلِكَ الْوَقْتُ أَوْلَى بِالتَّعْزِيَةِ.</p>وَقَال جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ: إِلَاّ أَنْ يَظْهَرَ مِنْ أَهْل الْمَيِّتِ شِدَّةُ جَزَعٍ قَبْل الدَّفْنِ، فَتُعَجَّل التَّعْزِيَةُ، لِيَذْهَبَ جَزَعُهُمْ أَوْ يَخِفَّ.</p>وَحُكِيَ عَنِ الثَّوْرِيِّ: أَنَّهُ تُكْرَهُ التَّعْزِيَةُ بَعْدَ الدَّفْنِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌مَكَانُ التَّعْزِيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> كَرِهَ الْفُقَهَاءُ الْجُلُوسَ لِلتَّعْزِيَةِ فِي الْمَسْجِدِ.</p>وَكَرِهَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الْجُلُوسَ لِلتَّعْزِيَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المجموع 5 / 306.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>بِأَنْ يَجْتَمِعَ أَهْل الْمَيِّتِ فِي مَكَان لِيَأْتِيَ إِلَيْهِمُ النَّاسُ لِلتَّعْزِيَةِ؛ لأَِنَّهُ مُحْدَثٌ وَهُوَ بِدْعَةٌ؛ وَلأَِنَّهُ يُجَدِّدُ الْحُزْنَ. وَوَافَقَهُمُ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى كَرَاهَةِ الْجُلُوسِ لِلتَّعْزِيَةِ عَلَى بَابِ الدَّارِ، إِِذَا اشْتَمَل عَلَى ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ، كَفَرْشِ الْبُسُطِ وَالأَْطْعِمَةِ مِنْ أَهْل الْمَيِّتِ.</p>وَنَقَل الطَّحْطَاوِيُّ عَنْ شَرْحِ السَّيِّدِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ لَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ مَحْظُورٍ (1) .</p>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِِلَى أَنَّ الأَْفْضَل كَوْنُ التَّعْزِيَةِ فِي بَيْتِ الْمُصَابِ (2) .</p>وَقَال بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّمَا الْمَكْرُوهُ الْبَيْتُوتَةُ عِنْدَ أَهْل الْمَيِّتِ، وَأَنْ يَجْلِسَ إِلَيْهِمْ مَنْ عَزَّى مَرَّةً، أَوْ يَسْتَدِيمَ الْمُعَزِّي الْجُلُوسَ زِيَادَةً كَثِيرَةً عَلَى قَدْرِ التَّعْزِيَةِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌صِيغَةُ التَّعْزِيَةِ:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِي التَّعْزِيَةِ شَيْئًا مَحْدُودًا، إِلَاّ مَا رُوِيَ أَنَّ الإِِْمَامَ أَحْمَدَ قَال: يُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَزَّى رَجُلاً فَقَال: رَحِمَكَ اللَّهُ وَآجَرَكَ (4) . وَعَزَّى أَحْمَدُ أَبَا طَالِبٍ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 339.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي 1 / 419.</p><font color=#ff0000>(3)</font> كشاف القناع 2 / 160.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأثر عن الإمام أحمد. رواه أبو داود في مسائل الإمام أحمد ص 138 - 139 نشر دار المعرفة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٨٩)</span><hr/></div>(أَحَدَ أَصْحَابِهِ) فَوَقَفَ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَقَال: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكُمْ وَأَحْسَنَ عَزَاءَكُمْ. وَقَال بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِِذَا عَزَّى مُسْلِمًا بِمُسْلِمٍ قَال: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَن عَزَاك، وَرَحِمَ اللَّهُ مَيِّتَكَ.</p>وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ أَهْل الْعِلْمِ: أَنْ يَقُول مَا رَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَال: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ، سَمِعُوا قَائِلاً يَقُول: إِنَّ فِي اللَّهِ عَزَاءً مِنْ كُل مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُل هَالِكٍ، وَدَرْكًا مِنْ كُل مَا فَاتَ، فَبِاللَّهِ فَثِقُوا، وَإِِيَّاهُ فَارْجُوا، فَإِِنَّ الْمُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَهَل يُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ أَوِ الْعَكْسُ</span>؟</p><font color=#ff0000>8 -</font> ذَهَبَ الأَْئِمَّةُ: الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: إِِلَى أَنَّهُ يُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ، وَبِالْعَكْسِ، وَالْكَافِرُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ.</p>وَذَهَبَ الإِِْمَامُ مَالِكٌ: إِِلَى أَنَّهُ لَا يُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ.</p>وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ عَزَّى مُسْلِمًا بِكَافِرٍ قَال: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أثر: " لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية. . . " أخرجه الشافعي في مسنده (1 / 216 نشر دار الكتب العلمية) ، وانظر المغني 2 / 544.</p><font color=#ff0000>(2)</font> مغني المحتاج 1 / 355، وابن عابدين 1 / 603، والمغني 1 / 544 - 545، وحاشية الدسوقي 1 / 419.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌صُنْعُ الطَّعَامِ لأَِهْل الْمَيِّتِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> يُسَنُّ لِجِيرَانِ أَهْل الْمَيِّتِ أَنْ يَصْنَعُوا طَعَامًا لَهُمْ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: اصْنَعُوا لأَِهْل جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَإِِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ (1) .</p>وَيُكْرَهُ أَنْ يَصْنَعَ أَهْل الْمَيِّتِ طَعَامًا لِلنَّاسِ، لأَِنَّ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مُصِيبَتِهِمْ، وَشُغْلاً عَلَى شُغْلِهِمْ، وَتَشَبُّهًا بِأَهْل الْجَاهِلِيَّةِ، لِخَبَرِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه: كُنَّا نَعُدُّ الاِجْتِمَاعَ إِِلَى أَهْل الْمَيِّتِ، وَصَنِيعَةَ الطَّعَامِ بَعْدَ دَفْنِهِ مِنَ النِّيَاحَةِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" اصنعوا لأهل جعفر طعاما. . . " أخرجه الترمذي (3 / 314 ط الحلبي) من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما، وحسنه الترمذي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> خبر جرير بن عبد الله:" كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت. . . " أخرجه أحمد (2 / 204 ط الميمنية) . وصححه النووي في المجموع (5 / 320 ط المنيرية) . وانظر ابن عابدين 1 / 603، ومغني المحتاج 1 / 368، والمغني لأبن قدامة 2 / 550.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْشِيرٌ</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْشِيرُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ عَشَّرَ، يُقَال: عَشَّرَ الْقَوْمَ، وَعَشَّرَهُمْ: إِِذَا أَخَذَ عُشْرَ أَمْوَالِهِمْ. وَالْعَشَّارُ: هُوَ مَنْ يَأْخُذُ الْعُشْرَ. وَقَدْ عَشَّرَتِ النَّاقَةُ: صَارَتْ عُشَرَاءَ - أَيْ حَامِلاً - إِِذَا تَمَّ لَهَا عَشْرَةُ أَشْهُرٍ.</p>وَمَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلَاحِ كَمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ. وَيُسْتَعْمَل فِي الاِصْطِلَاحِ أَيْضًا بِمَعْنَى: جَعْل الْعَوَاشِرِ فِي الْمُصْحَفِ، وَالْعَاشِرَةُ: هِيَ الْحَلْقَةُ فِي الْمُصْحَفِ عِنْدَ مُنْتَهَى كُل عَشْرِ آيَاتٍ (1) . وَالْعَاشِرَةُ أَيْضًا: الآْيَةُ الَّتِي تَتِمُّ بِهَا الْعُشْرُ.</p>وَالتَّعْشِيرُ - بِمَعْنَى أَخْذِ الْعُشْرِ - يُرْجَعُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهِ إِِلَى مُصْطَلَحِ (عُشْرٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَارِيخُ التَّعْشِيرِ فِي الْمُصْحَفِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> قَال ابْنُ عَطِيَّةَ: مَرَّ بِي فِي بَعْضِ التَّوَارِيخِ: أَنَّ الْمَأْمُونَ الْعَبَّاسِيَّ أَمَرَ بِذَلِكَ. وَقِيل: إِنَّ الْحَجَّاجَ فَعَل ذَلِكَ، وَقَال قَتَادَةَ: بَدَءُوا فَنَقَّطُوا، ثُمَّ خَمَّسُوا، ثُمَّ عَشَّرُوا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القاموس، ومختار الصحاح، ولسان العرب، ومفردات غريب القرآن للراغب، والمغني 8 / 516.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>وَقَال يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: كَانَ الْقُرْآنُ مُجَرَّدًا فِي الْمَصَاحِفِ، فَأَوَّل مَا أَحْدَثُوا فِيهِ النَّقْطُ عَلَى الْبَاءِ وَالتَّاءِ وَالثَّاءِ، وَقَالُوا: لَا بَأْسَ بِهِ، هُوَ نُورٌ لَهُ، ثُمَّ أَحْدَثُوا نُقَطًا عِنْدَ مُنْتَهَى الآْيِ، ثُمَّ أَحْدَثُوا الْفَوَاتِحَ وَالْخَوَاتِمَ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌حُكْمُ التَّعْشِيرِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَكَرَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي كِتَابِ الْبَيَانِ لَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَرِهَ التَّعْشِيرَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَحُكُّهُ. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّعْشِيرَ وَالطِّيبَ فِي الْمَصَاحِفِ.</p>وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَجُوزُ تَحْلِيَةُ الْمُصْحَفِ وَتَعْشِيرُهُ وَنَقْطُهُ: أَيْ إِظْهَارُ إِعْرَابِهِ، وَبِهِ يَحْصُل الرِّفْقُ جِدًّا، خُصُوصًا لِلْعَجَمِ، فَيُسْتَحْسَنُ. وَعَلَى هَذَا لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ أَسْمَاءِ السُّوَرِ، وَعَدُّ الآْيِ، وَعَلَامَاتُ الْوَقْفِ وَنَحْوِهَا، فَهِيَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ. وَقَالُوا: إِنَّ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه " جَرِّدُوا الْقُرْآنَ كَانَ فِي زَمَنِهِمْ، وَكَمْ شَيْءٍ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ (2) .</p>وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّهُ مَكْرُوهٌ بِالْحُمْرَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الأَْلْوَانِ، إِلَاّ الْحِبْرُ. قَال أَشْهَبُ: سَمِعْنَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تفسير القرطبي 1 / 63، والإتقان 2 / 171.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البرهان في علوم القرآن 1 / 250 - 251، والتبيان في آداب حملة القرآن 38 (ط البابي الحلبي) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩١)</span><hr/></div>مَالِكًا وَسُئِل عَنِ الْعُشُورِ الَّتِي فِي الْمُصْحَفِ بِالْحُمْرَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الأَْلْوَانِ فَكَرِهَ ذَلِكَ، وَقَال: تَعْشِيرُ الْمُصْحَفِ بِالْحِبْرِ لَا بَأْسَ بِهِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْصِيبٌ</span></p>انْظُرْ: عَصَبَةٌ</p>‌<span class="title">‌تَعْقِيبٌ</span></p>انْظُرْ: مُوَالَاةٌ، تَتَابُعٌ</p>‌<span class="title">‌تَعَلُّمٌ</span></p>انْظُرْ: تَعْلِيمٌ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) القرطبي 1 / 14 ط دار الكتب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعَلِّي</span></p> </p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعَلِّي فِي اللُّغَةِ لَهُ مَعَانٍ، مِنْهَا: أَنَّهُ مِنَ الْعُلُوِّ، وَهُوَ: الاِرْتِفَاعُ وَعُلُوُّ كُل شَيْءٍ وَعُلْوُهُ وَعِلْوُهُ: أَرْفَعُهُ. وَعَلَا الشَّيْءُ عُلُوًّا فَهُوَ عَلِيٌّ: ارْتَفَعَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فَإِِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي: أَيْ يَتَرَفَّعُ عَلَيَّ. وَتَعَالَى: تَرَفَّعَ. وَتَعَلَّى: أَيْ عَلَا فِي مُهْلَةٍ (1) .</p>وَهُوَ فِي الاِصْطِلَاحِ لَا يَخْرُجُ عَنْ هَذَا، إِذْ يُرَادُ بِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: رَفْعُ بِنَاءٍ فَوْقَ بِنَاءٍ آخَرَ.</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ حَقِّ التَّعَلِّي:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> حَقُّ التَّعَلِّي: إِمَّا أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ صَاحِبُهُ لِنَفْسِهِ، وَإِِمَّا يَبِيعُهُ لِغَيْرِهِ.</p>أَمَّا اسْتِعْمَالُهُ لِنَفْسِهِ: فَقَدْ نَصَّتِ الْمَادَّةُ (1198) مِنْ مَجَلَّةِ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ عَلَى أَنَّ: كُل أَحَدٍ لَهُ التَّعَلِّي عَلَى حَائِطِهِ الْمِلْكِ، وَبِنَاءُ مَا يُرِيدُ، وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ مَا لَمْ يَكُنْ ضَرَرًا فَاحِشًا.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغرب في ترتيب المعرب، ولسان العرب.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٢)</span><hr/></div>وَقَال الأَْتَاسِيُّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ: وَلَا عِبْرَةَ بِزَعْمِهِ أَنَّهُ يَسُدُّ عَنْهُ الرِّيحَ وَالشَّمْسَ، كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الضَّرَرِ الْفَاحِشِ. وَفِي الأَْنْقِرَوِيَّةِ: لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى حَائِطِ نَفْسِهِ أَزْيَدَ مِمَّا كَانَ، وَلَيْسَ لِجَارِهِ مَنْعُهُ وَإِِنْ بَلَغَ عَنَانَ السَّمَاءِ (1) .</p>وَأَمَّا بَيْعُهُ لِغَيْرِهِ فَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) : إِِلَى جَوَازِهِ عَلَى التَّفْصِيل التَّالِي:</p>أَجَازَهُ الْمَالِكِيَّةُ مَتَى كَانَ الْمَبِيعُ قَدْرًا مُعَيَّنًا، كَعَشْرَةِ أَذْرُعٍ مَثَلاً مِنْ مَحَل هَوَاءٍ، فَوْقَ مَحَلٍّ مُتَّصِلٍ بِأَرْضٍ أَوْ بِنَاءٍ، بِأَنْ كَانَ لِشَخْصٍ أَرْضٌ خَالِيَةٌ مِنَ الْبِنَاءِ أَرَادَ الْبِنَاءَ بِهَا، أَوْ كَانَ لَهُ بِنَاءٌ أَرَادَ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ، فَيَشْتَرِي شَخْصٌ مِنْهُ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنَ الْفَرَاغِ الَّذِي يَكُونُ فَوْقَ الْبِنَاءِ الَّذِي أَرَادَ إِحْدَاثَهُ، فَيَجُوزُ مَتَى وَصَفَ الْبِنَاءَ الَّذِي أُرِيدَ إِحْدَاثُهُ أَسْفَل وَأَعْلَى، لِيَقِل الضَّرَرُ؛ لأَِنَّ صَاحِبَ الأَْسْفَل رَغْبَتُهُ فِي خِفَّةِ الأَْعْلَى، وَصَاحِبُ الأَْعْلَى رَغْبَتُهُ فِي مَتَانَةِ الأَْسْفَل، وَلِصَاحِبِ الْبِنَاءِ الأَْعْلَى الاِنْتِفَاعُ بِمَا فَوْقَ بِنَائِهِ بِغَيْرِ الْبِنَاءِ، إِذْ يَمْلِكُ جَمِيعَ الْهَوَاءِ الَّذِي فَوْقَ بِنَاءِ الأَْسْفَل، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الأَْسْفَل الاِنْتِفَاعُ بِمَا فَوْقَ بِنَاءِ الأَْعْلَى، لَا بِالْبِنَاءِ وَلَا بِغَيْرِهِ.</p>وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيَّةُ، مَتَى كَانَ الْمَبِيعُ حَقَّ الْبِنَاءِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح مجلة الأحكام العدلية 4 / 167 ط حمص.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>أَوِ الْعُلْوِ: بِأَنْ قَال لَهُ: بِعْتُكَ حَقَّ الْبِنَاءِ أَوِ الْعُلْوِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، بِخِلَافِ مَا إِِذَا بَاعَهُ وَشَرَطَ أَنْ لَا يَبْنِيَ عَلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ. لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَا عَدَا الْبِنَاءَ مِنْ مُكْثٍ وَغَيْرِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ السُّبْكِيُّ، تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ.</p>وَأَجَازَهُ الْحَنَابِلَةُ، وَلَوْ قَبْل بِنَاءِ الْبَيْتِ الَّذِي اشْتَرَى عُلْوَهُ، إِِذَا وَصَفَ الْعُلْوَ وَالسُّفْل لِيَكُونَا مَعْلُومَيْنِ، لِيَبْنِيَ الْمُشْتَرِي أَوْ يَضَعُ عَلَيْهِ بُنْيَانًا أَوْ خَشَبًا مَوْصُوفَيْنِ، وَإِِنَّمَا صَحَّ ذَلِكَ لأَِنَّ الْعُلْوَ مِلْكٌ لِلْبَائِعِ، فَكَانَ لَهُ بَيْعُهُ، وَالاِعْتِيَاضُ عَنْهُ، كَالْقَرَارِ (1) .</p>وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَقَدْ ذَهَبُوا إِِلَى أَنَّ بَيْعَ حَقِّ التَّعَلِّي غَيْرُ جَائِزٍ، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَلَا هُوَ حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَال، بَل حَقٌّ مُتَعَلِّقٌ بِالْهَوَاءِ (أَيِ الْفَرَاغِ) وَلَيْسَ الْهَوَاءُ مَا لَا يُبَاعُ، إِذِ الْمَال مَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ وَإِِحْرَازُهُ. وَصُورَتُهُ: أَنْ يَكُونَ السُّفْل لِرَجُلٍ، وَعُلْوُهُ لآِخَرَ، فَسَقَطَا أَوْ سَقَطَ الْعُلْوُ وَحْدَهُ فَبَاعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ عُلْوَهُ، فَإِِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لأَِنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ لَيْسَ إِلَاّ حَقُّ التَّعَلِّي.</p>وَعَلَى هَذَا: فَلَوْ بَاعَ الْعُلْوَ قَبْل سُقُوطِهِ جَازَ، فَإِِنْ سَقَطَ قَبْل الْقَبْضِ بَطَل الْبَيْعُ، لِهَلَاكِ الْمَبِيعِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 2 / 6، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 14، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 5 / 22، وأسنى المطالب شرح روض الطالب 2 / 255، وحاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 364، ومطالب أولي النهى 3 / 350 منشورات المكتب الإسلامي بدمشق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٣)</span><hr/></div>قَبْل الْقَبْضِ، وَهُوَ بَعْدَ سُقُوطِهِ بَيْعٌ لِحَقِّ التَّعَلِّي، وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ. فَلَوْ كَانَ الْعُلْوُ لِصَاحِبِ السُّفْل فَقَال: بِعْتُك عُلْوَ هَذَا السُّفْل بِكَذَا صَحَّ، وَيَكُونُ سَطْحُ السُّفْل لِصَاحِبِ السُّفْل، وَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْقَرَارِ، حَتَّى لَوِ انْهَدَمَ الْعُلْوُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ عُلْوًا آخَرَ، مِثْل الأَْوَّل؛ لأَِنَّ السُّفْل اسْمٌ لِمَبْنًى مُسَقَّفٍ، فَكَانَ سَطْحُ السُّفْل سَقْفًا لِلسُّفْل (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَحْكَامُ الْعُلْوِ وَالسُّفْل فِي الاِنْهِدَامِ وَالْبِنَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ: إِِلَى أَنَّ السُّفْل إِنِ انْهَدَمَ بِنَفْسِهِ بِلَا صُنْعِ صَاحِبِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبِنَاءِ، لِعَدَمِ التَّعَدِّي، فَلَوْ هَدَمَهُ يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ؛ لأَِنَّهُ تَعَدَّى عَلَى صَاحِبِ الْعُلْوِ، وَهُوَ قَرَارُ الْعُلْوِ، وَلِذِي الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ السُّفْل ثُمَّ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ إِنْ بَنَى بِإِِذْنِهِ أَوْ إِذْنِ قَاضٍ، وَإِِلَاّ فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ بَنَى.</p>وَمَتَى بَنَى صَاحِبُ الْعُلْوِ السُّفْل: كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَ السُّفْل مِنَ السُّكْنَى، حَتَّى يَدْفَعَ إِلَيْهِ مِثْل مَا أَنْفَقَهُ فِي بِنَاءِ سُفْلِهِ لِكَوْنِهِ مُضْطَرًّا.</p>فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقٌّ فِي مِلْكِ الآْخَرِ: لِذِي الْعُلْوِ حَقُّ قَرَارِهِ، وَلِذِي السُّفْل حَقُّ دَفْعِ الْمَطَرِ وَالشَّمْسِ عَنِ السُّفْل، وَلَوْ هَدَمَ ذُو السُّفْل سُفْلَهُ وَذُو الْعُلْوِ عُلْوَهُ، أُلْزِمَ ذُو السُّفْل بِبِنَاءِ سُفْلِهِ، إِذْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الهداية وفتح القدير والكفاية والعناية بالهامش 6 / 64 - 66 دار إحياء التراث العربي، وحاشية ابن عابدين 4 / 101.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div>فَوَّتَ عَلَى صَاحِبِ الْعُلْوِ حَقًّا أُلْحِقَ بِالْمِلْكِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ فَوَّتَ عَلَيْهِ مِلْكًا.</p>فَإِِذَا بَنَى ذُو السُّفْل سُفْلَهُ وَطَلَب مِنْ ذِي الْعُلْوِ بِنَاءَ عُلْوِهِ فَإِِنَّهُ يُجْبَرُ؛ لأَِنَّ لِذِي السُّفْل حَقًّا فِي الْعُلْوِ، وَأَمَّا لَوِ انْهَدَمَ الْعُلْوُ بِلَا صُنْعِهِ فَلَا يُجْبَرُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ، كَمَا لَوِ انْهَدَمَ السُّفْل بِلَا تَعَدٍّ، وَسَقْفُ السُّفْل لِذِي السُّفْل (1) .</p><font color=#ff0000>4 -</font> وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ السُّفْل إِنْ وَهَى وَأَشْرَفَ عَلَى السُّقُوطِ وَخِيفَ سُقُوطُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ لآِخَرَ غَيْرِ صَاحِبِ السُّفْل - فَإِِنَّهُ يُقْضَى عَلَى صَاحِبِ السُّفْل أَنْ يُعَمِّرَ سُفْلَهُ فَإِِنْ أَبَى قُضِيَ عَلَيْهِ بِبَيْعِهِ لِمَنْ يُعَمِّرُهُ، فَإِِنْ سَقَطَ الأَْعْلَى عَلَى الأَْسْفَل فَهَدَمَهُ أُجْبِرَ رَبُّ الأَْسْفَل عَلَى الْبِنَاءِ، أَوِ الْبَيْعِ مِمَّنْ يَبْنِي، لِيَبْنِيَ رَبُّ الْعُلْوِ عُلْوَهُ عَلَيْهِ. وَعَلَى ذِي السُّفْل التَّعْلِيقُ لِلأَْعْلَى - أَيْ حَمْلُهُ عَلَى خَشَبٍ وَنَحْوِهِ - حَتَّى يَبْنِيَ السُّفْل، وَعَلَيْهِ السَّقْفُ السَّاتِرُ لِسُفْلِهِ، إِذْ لَا يُسَمَّى السُّفْل بَيْتًا إِلَاّ بِهِ، وَلِذَا فَإِِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِصَاحِبِ السُّفْل عِنْدَ التَّنَازُعِ. وَأَمَّا الْبَلَاطُ الَّذِي فَوْقَهُ: فَهُوَ لِصَاحِبِ الأَْعْلَى.</p>وَيُقْضَى عَلَى ذِي الْعُلْوِ بِعَدَمِ زِيَادَةِ بِنَاءِ الْعُلْوِ عَلَى السُّفْل؛ لأَِنَّهَا تَضُرُّ السُّفْل، إِلَاّ الشَّيْءَ الْخَفِيفَ الَّذِي لَا يَضُرُّ السُّفْل حَالاً وَمَآلاً، وَيُرْجَعُ فِي ذَلِكَ لأَِهْل الْمَعْرِفَةِ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 4 / 358، 359.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جواهر الإكليل 2 / 121 - 123، والشرح الكبير 3 / 360 - 365، 370.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٤)</span><hr/></div><font color=#ff0000>5 -</font> وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ لَوِ انْهَدَمَ حِيطَانُ السُّفْل لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَ الْعُلْوِ عَلَى الْبِنَاءِ قَوْلاً وَاحِدًا؛ لأَِنَّ حِيطَانَ السُّفْل لِصَاحِبِ السُّفْل، فَلَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْعُلْوِ عَلَى بِنَائِهِ.</p>وَهَل لِصَاحِبِ الْعُلْوِ إِجْبَارُ صَاحِبِ السُّفْل عَلَى الْبِنَاءِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، فَإِِنْ قِيل: يُجْبَرُ، أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ، فَإِِنْ لَمْ يَفْعَل - وَلَهُ مَالٌ - بَاعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ مَالَهُ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَإِِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ. فَإِِذَا بَنَى الْحَائِطَ كَانَ الْحَائِطُ مِلْكًا لِصَاحِبِ السُّفْل؛ لأَِنَّهُ بُنِيَ لَهُ، وَتَكُونُ النَّفَقَةُ فِي ذِمَّتِهِ، وَيُعِيدُ صَاحِبُ الْعُلْوِ غُرْفَتَهُ عَلَيْهِ، وَتَكُونُ نَفَقَةُ الْغُرْفَةِ وَحِيطَانُهَا مِنْ مِلْكِ صَاحِبِ الْعُلْوِ دُونَ صَاحِبِ السُّفْل؛ لأَِنَّهَا مِلْكُهُ، لَا حَقَّ لِصَاحِبِ السُّفْل فِيهِ.</p>وَأَمَّا السَّقْفُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا، وَمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ مَالِهِمَا، فَإِِنْ تَبَرَّعَ صَاحِبُ الْعُلْوِ، وَبَنَى مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ، لَمْ يَرْجِعْ صَاحِبُ الْعُلْوِ عَلَى صَاحِبِ السُّفْل بِشَيْءٍ. ثُمَّ يُنْظَرُ: فَإِِنْ كَانَ قَدْ بَنَاهَا بِآلَتِهَا كَانَتِ الْحِيطَانُ لِصَاحِبِ السُّفْل، لأَِنَّ الآْلَةَ كُلَّهَا لَهُ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ مَنْعُهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِهَا، وَلَا يَمْلِكُ نَقْضُهَا؛ لأَِنَّهَا لِصَاحِبِ السُّفْل، وَلَهُ أَنْ يُعِيدَ حَقَّهُ مِنَ الْغُرْفَةِ. وَإِِنْ بَنَاهَا بِغَيْرِ آلَتِهَا كَانَتِ الْحِيطَانُ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْل أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا مِنْ غَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِ الْعُلْوِ، وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِي قَرَارِ السُّفْل؛ لأَِنَّ الْقَرَارَ لَهُ، وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ أَنْ</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>يَنْقُضَ مَا بَنَاهُ مِنَ الْحِيطَانِ؛ لأَِنَّهُ لَا حَقَّ لِغَيْرِهِ فِيهَا، فَإِِنْ بَذَل صَاحِبُ السُّفْل الْقِيمَةَ لِيَتْرُكَ نَقْضَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهَا؛ لأَِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِنَاؤُهَا قَوْلاً وَاحِدًا، فَلَا يَلْزَمُهُ تَبْقِيَتُهَا بِبَذْل الْعِوَضِ (1) .</p><font color=#ff0000>6 -</font> وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ كَانَ السُّفْل لِرَجُلٍ وَالْعُلْوُ لآِخَرَ، فَانْهَدَمَ السَّقْفُ الَّذِي بَيْنَهُمَا، فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْمُبَانَاةَ مِنَ الآْخَرِ، فَامْتَنَعَ، فَهَل يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. كَالْحَائِطِ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ.</p>وَإِِنِ انْهَدَمَتْ حِيطَانُ السُّفْل فَطَالَبَهُ صَاحِبُ الْعُلْوِ بِإِِعَادَتِهَا، فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ:</p>إِحْدَاهُمَا: يُجْبَرُ. فَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ وَحْدَهُ؛ لأَِنَّهُ مِلْكُهُ خَاصَّةً.</p>وَالثَّانِيَةُ: لَا يُجْبَرُ، وَإِِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الْعُلْوِ بِنَاءَهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا، فَإِِنْ بَنَاهُ بِآلَتِهِ فَهُوَ عَلَى مَا كَانَ، وَإِِنْ بَنَاهُ بِآلَةٍ مِنْ عِنْدِهِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: لَا يَنْتَفِعُ بِهِ صَاحِبُ السُّفْل، يَعْنِي حَتَّى يُؤَدِّيَ الْقِيمَةَ، فَيُحْتَمَل أَنْ لَا يَسْكُنَ، لأَِنَّ الْبَيْتَ إِنَّمَا يُبْنَى لِلسَّكَنِ فَلَمْ يَمْلِكْهُ كَغَيْرِهِ، وَيُحْتَمَل أَنَّهُ أَرَادَ الاِنْتِفَاعَ بِالْحِيطَانِ خَاصَّةً مِنْ طَرْحِ الْخَشَبِ وَسَمْرِ الْوَتَدِ وَفَتْحِ الطَّاقِ، وَيَكُونُ لَهُ السُّكْنَى مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّ السُّكْنَى إِنَّمَا هِيَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 344، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 2 / 224، 225 المكتبة الإسلامية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٥)</span><hr/></div>إِقَامَتُهُ فِي الْفِنَاءِ بَيْنَ الْحِيطَانِ مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ فِيهَا، فَأَشْبَهَ الاِسْتِظْلَال بِهَا مِنْ خَارِجٍ.</p>فَأَمَّا إِنْ طَالَبَ صَاحِبُ السُّفْل بِالْبِنَاءِ، وَأَبَى صَاحِبُ الْعُلْوِ، فَفِيهِ رِوَايَتَانِ:</p>إِحْدَاهُمَا: لَا يُجْبَرُ عَلَى بِنَائِهِ، وَلَا مُسَاعَدَتِهِ لأَِنَّ الْحَائِطَ مِلْكُ صَاحِبِ السُّفْل مُخْتَصٌّ بِهِ، فَلَمْ يُجْبَرْ غَيْرُهُ عَلَى بِنَائِهِ وَلَا الْمُسَاعَدَةِ فِيهِ، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عُلْوٌ.</p>وَالثَّانِيَةُ: يُجْبَرُ عَلَى مُسَاعَدَتِهِ وَالْبِنَاءِ مَعَهُ، وَهُوَ قَوْل أَبِي الدَّرْدَاءِ؛ لأَِنَّهُ حَائِطٌ يَشْتَرِكَانِ فِي الاِنْتِفَاعِ بِهِ، أَشْبَهَ الْحَائِطَ بَيْنَ الدَّارَيْنِ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌جَعْل عُلْوِ الدَّارِ مَسْجِدًا:</span></p><font color=#ff0000>7 -</font> أَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ جَعْل عُلْوِ الدَّارِ مَسْجِدًا، دُونَ سُفْلِهَا، وَالْعَكْسُ؛ لأَِنَّهُمَا عَيْنَانِ يَجُوزُ وَقْفُهُمَا، فَجَازَ وَقْفُ أَحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ، كَالْعَبْدَيْنِ (2) .</p>وَمَنْ جَعَل مَسْجِدًا تَحْتَهُ سِرْدَابٌ أَوْ فَوْقَهُ بَيْتٌ، وَجَعَل بَابَ الْمَسْجِدِ إِِلَى الطَّرِيقِ، وَعَزْلُهُ عَنْ مِلْكِهِ، فَلَا يَكُونُ مَسْجِدًا، فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ، وَإِِنْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ لأَِنَّهُ لَمْ يَخْلُصْ لِلَّهِ تَعَالَى، لِبَقَاءِ حَقِّ الْعَبْدِ مُتَعَلِّقًا بِهِ وَلَوْ كَانَ السِّرْدَابُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 4 / 568 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 448 ط دار المعرفة، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل 6 / 19 ط النجاح ليبيا، والمغني لابن قدامة 5 / 607 ط الرياض، وكشاف القناع 4 / 241 ط النصر الحديثة.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ جَازَ، كَمَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (1) .</p>هَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، خِلَافًا لِصَاحِبَيْهِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْل السُّفْل مَسْجِدًا وَعَلَيْهِ مَسْكَنٌ، وَلَا يَجُوزُ الْعَكْسُ؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ مِمَّا يَتَأَبَّدُ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: عَكْسُ هَذَا؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ مُعَظَّمٌ، وَإِِذَا كَانَ فَوْقَهُ مَسْكَنٌ أَوْ مُسْتَغِلٌّ فَيَتَعَذَّرُ تَعْظِيمُهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ جَوَّزَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ حِينَ قَدِمَ بَغْدَادَ، وَرَأَى ضِيقَ الْمَنَازِل، فَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَ الضَّرُورَةَ.</p>أَمَّا لَوْ تَمَّتِ الْمَسْجِدِيَّةُ ثُمَّ أَرَادَ الْبِنَاءَ مُنِعَ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌نَقْبُ كُوَّةِ الْعُلْوِ أَوِ السُّفْل:</span></p><font color=#ff0000>8 -</font> ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ عُلْوٍ تَحْتَهُ سُفْلٌ لآِخَرَ أَنْ يَنْقُبَ كُوَّةً فِي عُلْوِهِ، وَكَذَا الْعَكْسُ، إِلَاّ بِرِضَا الآْخَرِ. وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ: إِِلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِعْل مَا لَا يَضُرُّ بِالآْخَرِ، فَإِِنْ أَضَرَّ بِهِ مُنِعَ مِنْهُ، كَأَنْ يُشْرِفَ مِنَ الْكُوَّةِ عَلَى جَارِهِ وَعِيَالِهِ فَيَضُرُّ بِهِمْ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إِِذَا أَشْكَل أَنَّهُ يَضُرُّ أَمْ لَا؟ لَا يَمْلِكُ فَتْحَهَا، وَإِِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ يَمْلِكُ فَتْحَهَا (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 5 / 444، 445 دار إحياء التراث العربي، وحاشية ابن عابدين 3 / 370 - 371 دار إحياء التراث العربي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين والدر المختار 3 / 370.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 4 / 358 من مسائل شتى، والمهذب في الإمام الشافعي 1 / 342، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 2 / 223، والمغني لابن قدامة 4 / 554 ط الرياض، ومطالب أولي النهى 3 / 359 المكتبة الإسلامية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٦)</span><hr/></div>وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِِلَى أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى مَنْ أَحْدَث فَتْحَهَا بِسَدِّهَا إِِذَا لَمْ تَكُنْ عَالِيَةً، وَيُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ. وَأَمَّا الْقَدِيمَةُ فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا، وَيُقَال لِلْجَارِ: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ إِنْ شِئْت، فَقَدْ قَال الدُّسُوقِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ الْكُوَّةَ الَّتِي أُحْدِثَ فَتْحُهَا يُقْضَى بِسَدِّهَا، وَإِِنْ أُرِيدَ سَدُّ خَلْفِهَا فَقَطْ بَعْدَ الأَْمْرِ بِسَدِّهَا فَإِِنَّهُ يُقْضَى بِسَدِّ جَمِيعِهَا، وَيُزَال كُل مَا يَدُل عَلَيْهَا.</p>وَهَذَا إِِذَا كَانَتْ غَيْرَ عَالِيَةٍ لَا يَحْتَاجُ فِي كَشْفِ الْجَارِ مِنْهَا إِِلَى صُعُودٍ عَلَى سُلَّمٍ وَنَحْوِهِ، وَإِِلَاّ فَلَا يُقْضَى بِسَدِّهَا.</p>وَإِِذَا سَكَتَ مَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ فَتْحُ الْكُوَّةِ وَنَحْوِهَا عَشْرَ سِنِينَ - وَلَمْ يُنْكِرْ - جُبِرَ عَلَيْهِ، وَلَا مَقَال لَهُ، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ (الاِدِّعَاءِ) وَهَذَا قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ، وَبِهِ الْقَضَاءُ (1) .</p> </p>‌<span class="title">‌تَعَلِّي الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي الْبِنَاءِ:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ: فِي أَنَّ أَهْل الذِّمَّةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 369، وجواهر الإكليل 2 / 122، والشرح الصغير 4 / 484، وتبصرة الحكام لابن فرحون 2 / 252 - 254 دار الكتب العلمية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>مَمْنُوعُونَ مِنْ أَنْ تَعْلُوَ أَبْنِيَتُهُمْ عَلَى أَبْنِيَةِ جِيرَانِهِمُ الْمُسْلِمِينَ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَال الإِِْسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ (1) وَلأَِنَّ فِي ذَلِكَ رُتْبَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَهْل الذِّمَّةِ مَمْنُوعُونَ مِنْ ذَلِكَ. عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْحَنَفِيَّةِ قَدْ ذَهَبَ: إِِلَى أَنَّهُ إِِذَا كَانَ التَّعَلِّي لِلْحِفْظِ مِنَ اللُّصُوصِ فَإِِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْهُ؛ لأَِنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّعَلِّي فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ - بَل لِلتَّحَفُّظِ - فَلَا يُمْنَعُونَ (2) .</p> </p><font color=#ff0000>10 -</font> وَأَمَّا مُسَاوَاتُهُمْ فِي الْبِنَاءِ، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ:</p>مَنَعَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ. فَقَدْ أَجَازَهُ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِطَالَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَمَنَعَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم الإِِْسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ (3) وَلأَِنَّهُمْ مُنِعُوا مِنْ مُسَاوَاةِ الْمُسْلِمِينَ فِي لِبَاسِهِمْ وَشُعُورِهِمْ وَرُكُوبِهِمْ، كَذَلِكَ فِي بِنَائِهِمْ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث:" الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " أخرجه الدارقطني (3 / 252 - ط دار المحاسن) وحسنه ابن حجر في الفتح (3 / 220 - ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 276، 277، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 370، وحاشية العدوي بهامش الخرشي على مختصر خليل 6 / 61 دار صادر، والشرح الصغير 4 / 486، ونهاية المحتاج للرملي 8 / 94، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 255، والمغني لابن قدامة 8 / 528، 533 ط الرياض.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تقدم تخريحه في ف / 9.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٧)</span><hr/></div>وَأَصَحُّ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ: الْمَنْعُ، تَمْيِيزًا بَيْنَهُمْ؛ وَلأَِنَّ الْقَصْدَ أَنْ يَعْلُوَ الإِِْسْلَامُ، وَلَا يَحْصُل ذَلِكَ مَعَ الْمُسَاوَاةِ (1) .</p> </p><font color=#ff0000>11 -</font> أَمَّا لَوِ اشْتَرَى الذِّمِّيُّ دَارًا عَالِيَةً مُجَاوِرَةً لِدَارِ مُسْلِمٍ دُونَهَا فِي الْعُلْوِ، فَلِلذِّمِّيِّ سُكْنَى دَارِهِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَلْزَمُهُ هَدْمُ مَا عَلَا دَارَ الْمُسْلِمِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَعْل عَلَيْهِ شَيْئًا، إِلَاّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الإِِْشْرَافُ مِنْهَا عَلَى دَارِ الْمُسْلِمِ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَ صِبْيَانَهُ مِنْ طُلُوعِ سَطْحِهَا إِلَاّ بَعْدَ تَحْجِيرِهِ. أَيْ بِنَاءِ مَا يَمْنَعُ مِنَ الرُّؤْيَةِ.</p>فَإِِنِ انْهَدَمَتْ دَارُ الذِّمِّيِّ الْعَالِيَةِ ثُمَّ جَدَّدَ بِنَاءَهَا، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُعَلِّيَ بِنَاءَهَا عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِ. وَإِِنِ انْهَدَمَ مَا عَلَا مِنْهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إِعَادَتُهُ. هَذَا مَا عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ: الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ (2) .</p> </p><font color=#ff0000>12 -</font> وَأَمَّا تَعْلِيَةُ بِنَائِهِ عَلَى مَنْ لَيْسَ مُجَاوِرًا لَهُ مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 276، والشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 370، وحاشية العدوي بهامش الخرشي على مختصر خليل 6 / 61 دار صادر، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 6 / 64، ونهاية المحتاج للرملي 8 / 95 ط الحلبي، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 255 - 256، والمغني لابن قدامة 8 / 528 م الرياض الحديثة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 276، ونهاية المحتاج للرملي 8 / 94، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 256، والمغني لابن قدامة 8 / 528 - 529 ط الرياض، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 370، وحاشية العدوي بهامش الخرشي على مختصر خليل 6 / 61 دار صادر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>الْمُسْلِمِينَ - فَإِِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ؛ لأَِنَّ عُلْوَهُ إِنَّمَا يَكُونُ ضَرَرًا عَلَى الْمُجَاوِرِ لِبِنَائِهِ دُونَ غَيْرِهِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، مَا لَمْ يُشْرِفْ مِنْهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ. وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ:</p>أَحَدُهُمَا: عَدَمُ الْمَنْعِ، وَهُوَ أَصَحُّهُمَا؛ لأَِنَّهُ يُؤْمَنُ مَعَ الْبُعْدِ بَيْنَ الْبِنَاءَيْنِ أَنْ يَعْلُوَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلاِنْتِفَاءِ الضَّرَرِ.</p>وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّجَمُّل وَالشَّرَفِ؛ وَلأَِنَّهُمْ بِذَلِكَ يَتَطَاوَلُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ (1) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 3 / 276، 277، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 370، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 2 / 256، ونهاية المحتاج 8 / 95، والمغني لابن قدامة 8 / 528 الرياض.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْلِيقٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْلِيقُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ عَلَّقَ، يُقَال: عَلَّقَ الشَّيْءَ بِالشَّيْءِ، وَمِنْهُ، وَعَلَيْهِ تَعْلِيقًا: نَاطَهُ بِهِ (1) . وَالتَّعْلِيقُ فِي الاِصْطِلَاحِ: هُوَ رَبْطُ حُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى. وَيُسَمَّى يَمِينًا مَجَازًا، لأَِنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ شَرْطٌ وَجَزَاءٌ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ كَالْيَمِينِ (2) . وَالتَّعْلِيقُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ: حَذْفُ رَاوٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنِ ابْتِدَاءِ السَّنَدِ (3) .</p> </p>‌<span class="title">‌الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِِْضَافَةُ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الإِِْضَافَةُ فِي اللُّغَةِ تَأْتِي بِمَعْنَى: الضَّمِّ، وَالإِِْمَالَةِ، وَالإِِْسْنَادِ، وَالتَّخْصِيصِ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) لسان العرب.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 492 ط المصرية، والكليات 2 / 5 ط دمشق.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مقدمة ابن الصلاح / 20 ط العلمية.</p><font color=#ff0000>(4)</font> المصباح، والقاموس المحيط، والصحاح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>وَأَمَّا الإِِْضَافَةُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فَإِِنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَهَا بِمَعْنَى: الإِِْسْنَادِ وَالتَّخْصِيصِ. فَإِِذَا قِيل: الْحُكْمُ مُضَافٌ إِِلَى فُلَانٍ، أَوْ صِفَتُهُ كَذَا، كَانَ ذَلِكَ إِسْنَادًا إِلَيْهِ. وَإِِذَا قِيل: الْحُكْمُ مُضَافٌ إِِلَى زَمَانِ كَذَا، كَانَ تَخْصِيصًا لَهُ.</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ الإِِْضَافَةِ وَالتَّعْلِيقِ مِنْ وَجْهَيْنِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّعْلِيقَ يَمِينٌ، وَهِيَ لِلْبِرِّ إِعْدَامُ مُوجِبِ الْمُعَلَّقِ، وَلَا يُفْضِي إِِلَى الْحُكْمِ. أَمَّا الإِِْضَافَةُ فَلِثُبُوتِ حُكْمِ السَّبَبِ فِي وَقْتِهِ، لَا لِمَنْعِهِ، فَيَتَحَقَّقُ السَّبَبُ بِلَا مَانِعٍ، إِذِ الزَّمَانُ مِنْ لَوَازِمِ الْوُجُودِ.</p>وَثَانِيهِمَا: أَنَّ‌<span class="title">‌ الشَّرْطَ </span>عَلَى خَطَرٍ، وَلَا خَطَرَ فِي الإِِْضَافَةِ. وَفِي هَذَيْنِ الْفَرْقَيْنِ مُنَازَعَةٌ تُنْظَرُ فِي كُتُبِ الأُْصُول (1) .</p> </p>ب - الشَّرْطُ:</p><font color=#ff0000>3 -</font> الشَّرْطُ - بِسُكُونِ الرَّاءِ - لَهُ عَدَدٌ مِنَ الْمَعَانِي، وَمِنْ بَيْنِ تِلْكَ الْمَعَانِي: إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ. قَال فِي الْقَامُوسِ: الشَّرْطُ إِلْزَامُ الشَّيْءِ وَالْتِزَامُهُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، كَالشَّرِيطَةِ.</p>وَأَمَّا بِفَتْحِ الرَّاءِ فَمَعْنَاهُ: الْعَلَامَةُ، وَيُجْمَعُ عَلَى أَشْرَاطٍ. . كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ (2) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تيسير التحرير 1 / 128 - 129 ط الحلبي، وفتح الغفار على المنار 2 / 55 - 56، وانظر مصطلح (إضافة)(الموسوعة الفقهية ج 5 / 66) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> القاموس المحيط، والمصباح المنير.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٢٩٩)</span><hr/></div>وَالشَّرْطُ فِي الاِصْطِلَاحِ نَوْعَانِ:</p>الأَْوَّل: الشَّرْطُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْعَدَمِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ لِذَاتِهِ. وَهُوَ أَنْوَاعٌ: شَرْطٌ لِلْوُجُوبِ، وَشَرْطٌ لِلاِنْعِقَادِ، وَشَرْطٌ لِلصِّحَّةِ، وَشَرْطٌ لِلُّزُومِ، وَشَرْطٌ لِلنَّفَاذِ. إِِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ.</p>وَالنَّوْعُ الآْخَرُ: الشَّرْطُ الْجَعْلِيُّ، وَهُوَ: الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ قَدْ وُجِدَ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ - كَمَا قَال الْحَمَوِيُّ - وَهُوَ مَا يَشْتَرِطُهُ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي تَصَرُّفَاتِهِمَا.</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ - كَمَا قَال الزَّرْكَشِيُّ -: أَنَّ التَّعْلِيقَ مَا دَخَل عَلَى أَصْل الْفِعْل بِأَدَاتِهِ كَإِِنْ وَإِِذَا، وَالشَّرْطُ مَا جُزِمَ فِيهِ بِالأَْصْل وَشَرْطُ فِيهِ أَمْرٌ آخَرُ.</p>وَقَال الْحَمَوِيُّ: الْفَرْقُ أَنَّ التَّعْلِيقَ تَرْتِيبُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ عَلَى أَمْرٍ يُوجَدُ بِإِِنْ أَوْ إِحْدَى أَخَوَاتِهَا، وَالشَّرْطُ الْتِزَامُ أَمْرٍ لَمْ يُوجَدْ فِي أَمْرٍ وُجِدَ بِصِيغَةٍ مَخْصُوصَةٍ (1) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْيَمِينُ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> الْيَمِينُ وَالْقَسَمُ وَالإِِْيلَاءُ وَالْحَلِفُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ، أَوْ أَنَّ الْحَلِفَ أَعَمُّ (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حاشية الحموي 2 / 225 ط العامرة، والمنثور للزركشي 1 / 370 ط الفليج، وانظر مصطلح (شرط) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية قليوبي 4 / 270 ط الحلبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>وَمَعْنَى الْيَمِينِ فِي اللُّغَةِ: الْجِهَةُ وَالْجَارِحَةُ وَالْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ، وَيُسَمَّى بِهِ الْحَلِفُ مَجَازًا (1) . وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَهِيَ: عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ قَوِيٍّ بِهِ عَزَمَ الْحَالِفُ عَلَى الْفِعْل أَوِ التَّرْكِ. وَقَال الْبُهُوتِيُّ: إِنَّهَا تَوْكِيدُ الْحُكْمِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِذِكْرٍ مُعَظَّمٍ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ.</p>وَبَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْيَمِينِ تَشَابُهٌ؛ لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ حَمْلٌ لِلنَّفْسِ عَلَى فِعْل الشَّيْءِ أَوْ تَرْكِهِ، وَمَا سُمِّيَ الْحَلِفُ بِاللَّهِ تَعَالَى يَمِينًا إِلَاّ لإِِِفَادَتِهِ الْقُوَّةَ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِنَ الْفِعْل أَوِ التَّرْكِ.</p>وَالْيَمِينُ تَنْقَسِمُ بِحَسَبِ صِيغَتِهَا إِِلَى يَمِينٍ مُنَجَّزَةٍ بِالصِّيغَةِ الأَْصْلِيَّةِ لِلْيَمِينِ، نَحْوُ: وَاللَّهِ لأََفْعَلَن. وَيَمِينٌ بِالتَّعْلِيقِ، وَهِيَ: أَنْ يُرَتِّبَ الْمُتَكَلِّمُ جَزَاءً مَكْرُوهًا لَهُ فِي حَالَةِ مُخَالَفَةِ الْوَاقِعِ، أَوْ تَخَلُّفِ الْمَقْصُودِ (2) .</p>وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ (أَيْمَانٌ) (3)</p> </p>‌<span class="title">‌صِيغَةُ التَّعْلِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> يَكُونُ التَّعْلِيقُ بِكُل مَا يَدُل عَلَى رَبْطِ حُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ بِحُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ الرَّبْطُ بِأَدَاةٍ مِنْ أَدَوَاتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> ابن عابدين 3 / 45 ط المصرية، وجواهر الإكليل 1 / 224 ط دار المعرفة، وحاشية قليوبي 4 / 270، وكشاف القناع 6 / 228 النصر.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الموسوعة الفقهية ج 7 / 247.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٠)</span><hr/></div>الشَّرْطِ، أَمْ بِغَيْرِهَا مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهَا، كَمَا لَوْ دَل سِيَاقُ الْكَلَامِ عَلَى الاِرْتِبَاطِ دَلَالَةَ كَلِمَةِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ.</p>وَمِثَال الرَّبْطِ بَيْنَ جُمْلَتَيِ التَّعْلِيقِ بِأَدَاةٍ مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ: قَوْل الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَقَدْ رَتَّبَ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عَلَى دُخُولِهَا الدَّارَ، فَإِِنْ دَخَلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَإِِلَاّ فَلَا. وَمِثَال الرَّبْطِ بَيْنَ جُمْلَتَيِ التَّعْلِيقِ بِلَا أَدَاةِ شَرْطٍ: هُوَ قَوْل الْقَائِل مَثَلاً: الرِّبْحُ الَّذِي سَيَعُودُ إِلَيَّ مِنْ تِجَارَتِي هَذَا الْعَامِ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ، فَقَدْ رَتَّبَ حُصُول الْوَقْفِ عَلَى حُصُول الرِّبْحِ بِلَا أَدَاةِ شَرْطٍ؛ لأَِنَّ مِثْل هَذَا الأُْسْلُوبِ يَقُومُ مَقَامَ أَدَاةِ الشَّرْطِ (1) .</p>وَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ الَّذِي تُسْتَعْمَل فِيهِ أَدَاتُهُ لِلرَّبْطِ بَيْنَ جُمْلَتَيِ التَّعْلِيقِ: الشَّرْطُ اللُّغَوِيُّ؛ لأَِنَّ ارْتِبَاطَ الْجُمْلَتَيْنِ النَّاشِئَ عَنْهُ كَارْتِبَاطِ الْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌أَدَوَاتُ التَّعْلِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> الْمُرَادُ بِهَا: كُل أَدَاةٍ تَدُل عَلَى رَبْطِ حُصُول مَضْمُونٍ بِحُصُول مَضْمُونِ جُمْلَةٍ أُخْرَى، سَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ الْجَازِمَةِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا. وَتِلْكَ الأَْدَوَاتُ كَمَا جَاءَ فِي الْمُغْنِي عِنْدَ الْكَلَامِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 2 / 233 ط دار المعرفة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروق للقرافي 1 / 60، 61 ط دار إحياء الكتب العربية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>عَلَى تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ، ‌<span class="title">‌(إِنْ) </span>(وَإِِذَا)(وَمَتَى)(وَمَنْ)(وَأَيْ) وَ (كُلَّمَا) .</p>وَزَادَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ (مَتَى مَا)(وَمَهْمَا) . وَزَادَ صَاحِبُ مُسْلِمٍ الثُّبُوتَ (لَوْ)(وَكَيْفَ) . (1)</p>وَزَادَ السَّرَخْسِيُّ فِي أُصُولِهِ وَالْبَزْدَوِيُّ فِي أُصُولِهِ وَصَاحِبُ فَتْحِ الْغَفَّارِ وَصَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ (حَيْثُ)، وَذَكَرَ صَاحِبُ فَتْحِ الْغَفَّارِ وَصَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ أَيْضًا أَنْ (أَيْنَ) مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيقِ.</p>وَزَادَ صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ أَيْضًا (أَنَّى) وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ (إِنْ) .</p>وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِي كُل أَدَاةٍ مِنْ هَذِهِ الأَْدَوَاتِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ وَمِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ.</p> </p>أ - إِنْ:</p><font color=#ff0000>7 -</font> إِنِ الشَّرْطِيَّةُ هِيَ الْمُسْتَعْمَلَةُ فِي الرَّبْطِ بَيْنَ جُمْلَتَيِ التَّعْلِيقِ، فَإِِنَّهَا أَصْلٌ فِي التَّعْلِيقِ وَفِي حُرُوفِ الشَّرْطِ وَأَدَوَاتِهِ، لِتَمَحُّضِهَا لِلتَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ، فَلَيْسَ لَهَا مَعْنًى آخَرُ سِوَى الشَّرْطِ وَالتَّعْلِيقِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني لابن قدامة 7 / 193 ط الرياض، والروضة 8 / 128 ط المكتب الإسلامي، ومسلم الثبوت 1 / 248، 249 دار صادر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠١)</span><hr/></div>كَإِِذَا وَمَتَى، فَإِِنَّ لَهَا مَعَانِيَ أُخْرَى تُسْتَعْمَل فِيهَا إِِلَى جَانِبِ الشَّرْطِ. (1)</p>وَتُسْتَعْمَل إِنْ وَغَيْرُهَا مِنَ الأَْدَوَاتِ الْجَازِمَةِ الْمُشَابِهَةِ لَهَا فِي أَمْرٍ مُتَرَدِّدٍ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ، أَيْ: بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ لَا يَكُونَ. وَلَا تُسْتَعْمَل فِيمَا هُوَ قَطْعِيُّ الْوُجُودِ، أَوْ قَطْعِيُّ الاِنْتِفَاءِ، إِلَاّ عَلَى تَنْزِيلِهِمَا مَنْزِلَةَ الْمَشْكُوكِ لِنُكْتَةٍ. (2)</p><font color=#ff0000>8 -</font> وَيَتَرَتَّبُ عَلَى كَوْنِ (إِنْ) لِلشَّرْطِ الْمَحْضِ: أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ بِعَدَمِ تَطْلِيقِهِ لَهَا، بِأَنْ قَال: إِنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا قَبْل أَنْ يُطَلِّقَهَا؛ لأَِنَّ إِنْ لِلشَّرْطِ، وَأَنَّهُ جَعَل عَدَمَ إِيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا شَرْطًا، وَلَا يُتَيَقَّنُ وُجُودُ هَذَا الشَّرْطِ مَا بَقِيَا حَيَّيْنِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: إِنْ لَمْ آتِ الْبَصْرَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ إِنْ مَاتَ الزَّوْجُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا قَبْل مَوْتِهِ بِقَلِيلٍ، وَلَيْسَ لِذَلِكَ الْقَلِيل حَدٌّ مَعْرُوفٌ. وَلَكِنْ قُبَيْل مَوْتِهِ يَتَحَقَّقُ عَجْزُهُ عَنْ إِيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا، فَيَتَحَقَّقُ شَرْطُ الْحِنْثِ. فَإِِنْ كَانَ لَمْ يَدْخُل بِهَا فَلَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني اللبيب 1 / 17 - 24 ط دار الفكر بدمشق، وفتح الغفار 2 / 35 ط الحلبي، وبدائع الصنائع 3 / 21 ط الجمالية، وكشف الأسرار للبزدوي 2 / 192 ط دار الكتاب العربي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التلويح على التوضيح 1 / 120 ط صبيح، وتيسير التحرير 2 / 120 ط الحلبي، وأصول السرخسي 1 / 231 ط دار الكتاب العربي، ومسلم الثبوت 1 / 248 ط دار صادر، وكشف الأسرار للبزدوي 2 / 193 ط دار الكتاب العربي، والقرطبي 5 / 403 ط دار الكتب المصرية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>مِيرَاثَ لَهَا، وَإِِنْ كَانَ قَدْ دَخَل بِهَا، فَلَهَا الْمِيرَاثُ بِحُكْمِ الْفِرَارِ. (1) وَإِِنْ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ تَطْلُقُ أَيْضًا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِلَا فَصْلٍ - كَمَا فِي أُصُول السَّرَخْسِيِّ - لأَِنَّ فِعْل التَّطْلِيقِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْمَحَل، وَبِفَوَاتِ الْمَحَل يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ.</p>وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِالنَّفْيِ بِإِِحْدَى كَلِمَاتِ الشَّرْطِ، كَانَتْ (إِنْ) عَلَى التَّرَاخِي، وَأَمَّا غَيْرُهَا (كَمَتَى وَمَنْ وَكُلَّمَا وَأَيُّ) فَإِِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ. (2)</p>وَالتَّفْصِيل مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ:(طَلَاقٌ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ إِِذَا:</span></p><font color=#ff0000>9 -</font> (إِِذَا) تَرِدُ فِي اللُّغَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:</p>أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ لِلْمُفَاجَأَةِ، فَتَخْتَصُّ بِالْجُمَل الاِسْمِيَّةِ، وَلَا تَحْتَاجُ إِِلَى جَوَابٍ، وَلَا تَقَعُ فِي الاِبْتِدَاءِ، وَمَعْنَاهَا الْحَال لَا الاِسْتِقْبَال.</p>ثَانِيهِمَا: أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِ مُفَاجَأَةٍ، فَالْغَالِبُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفًا لِلْمُسْتَقْبَل مُضَمَّنَةً مَعْنَى الشَّرْطِ. (3)</p>وَخُلَاصَةُ الْقَوْل فِي إِِذَا: أَنَّهَا تُسْتَعْمَل عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ فِي مَعْنَى الْوَقْتِ، وَفِي مَعْنَى الشَّرْطِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشف الأسرار للبزدوي 2 / 193.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أصول السرخسي 1 / 231 ط دار الكتاب العربي، والمغني 7 / 193، والقليوبي 3 / 352.</p><font color=#ff0000>(3)</font> مغني اللبيب 1 / 92 ط دار الفكر بدمشق.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٢)</span><hr/></div>وَإِِذَا اسْتُعْمِلَتْ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ سَقَطَ عَنْهَا مَعْنَى الْوَقْتِ، وَصَارَتْ حَرْفًا كَإِِنْ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ سَبَقَ.</p>وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ هِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَقْتِ، وَتُسْتَعْمَل فِي الشَّرْطِ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، فَعِنْدَهُمَا أَنَّهَا مِثْل مَتَى، أَيْ لَا يَسْقُطُ عَنْهَا مَعْنَى الظَّرْفِ، وَعِنْدَهُ أَنَّهَا كَإِِنْ فِي التَّمَحُّضِ لِلشَّرْطِيَّةِ، فَلَا يَبْقَى فِيهَا مَعْنَى الظَّرْفِ. (1)</p><font color=#ff0000>10 -</font> وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ: أَنَّهُ لَوْ قَال: إِِذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِِذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِِنْ عَنَى بِهَا الْوَقْتَ تَطْلُقُ فِي الْحَال، وَإِِنْ عَنَى بِهَا الشَّرْطَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمُوتَ، وَإِِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمُوتَ. وَهَذَا عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ (إِِذَا) إِنِ اسْتُعْمِلَتْ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ سَقَطَ عَنْهَا مَعْنَى الْوَقْتِ، وَهُوَ رَأْيُ الْكُوفِيِّينَ.</p>وَأَمَّا عَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِِنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَال عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ، بِنَاءً عَلَى رَأْيِ الْبَصْرِيِّينَ فِي أَنَّ إِِذَا تُسْتَعْمَل لِلْوَقْتِ غَالِبًا، وَتُقْرَنُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْخَطَرِ، فَإِِنَّهُ يُقَال: الرَّطْبُ إِِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ، وَالْبَرْدُ إِِذَا جَاءَ الشِّتَاءُ. وَلَا يَسْتَقِيمُ مَكَانُهَا إِنْ. (2)</p>وَجَاءَ فِي الْمُغْنِي: أَيْضًا وَجْهَانِ فِي (إِِذَا) فِيمَا لَوْ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التلويح 1 / 121 ط صبيح.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أصول السرخسي 1 / 232 ط دار الكتاب العربي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>قَال: إِِذَا لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ.</p>أَحَدُهُمَا: هِيَ عَلَى التَّرَاخِي، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي؛ لأَِنَّهَا تُسْتَعْمَل شَرْطًا. بِمَعْنَى إِنْ. قَال الشَّاعِرُ:</p> </p>اسْتَغْنِ مَا أَغْنَاكَ رَبُّكَ بِالْغِنَى</p> </p>وَإِِذَا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّل</p> </p>فَجَزَمَ بِهَا كَمَا يَجْزِمُ بِإِِنْ، وَلأَِنَّهَا تُسْتَعْمَل بِمَعْنَى‌<span class="title">‌ مَتَى </span>وَإِِنْ، وَإِِذَا احْتَمَلَتِ الأَْمْرَيْنِ فَالْيَقِينُ بَقَاءُ النِّكَاحِ فَلَا يَزُول بِالاِحْتِمَال.</p>وَالْوَجْهُ الآْخَرُ: أَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنِ الشَّافِعِيِّ لأَِنَّهَا اسْمٌ لِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَتَكُونُ كَمَتَى. وَأَمَّا الْمُجَازَاةُ بِهَا فَلَا تُخْرِجْهَا مِنْ مَوْضُوعِهَا.</p>وَأَمَّا إِِذَا عَلَّقَ التَّصَرُّفَ بِإِِيجَادِ فِعْلٍ بِإِِذَا، كَقَوْلِهِ مَثَلاً: إِِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِِنَّهَا تَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي كَغَيْرِهَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ.</p>وَقَدِ اطَّرَدَ فِي عُرْفِ أَهْل الْيَمَنِ - كَمَا جَاءَ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ - اسْتِعْمَالُهُمْ إِِلَى بِمَعْنَى إِِذَا كَقَوْلِهِمْ: إِِلَى دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَلِهَذَا أَلْحَقَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ بِإِِذَا فِي الاِسْتِعْمَال. (1)</p> </p>ج - مَتَى:</p><font color=#ff0000>11 -</font> وَهِيَ اسْمٌ بِاتِّفَاقِ مَوْضُوعٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 193 - 194 ط الرياض، ونهاية المحتاج 7 / 17، 22 ط المكتبة الإسلامية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٣)</span><hr/></div>الزَّمَانِ ثُمَّ ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ. (1)</p>وَالْفَرْقُ بَيْنَ إِِذَا وَمَتَى: أَنَّ إِِذَا تُسْتَعْمَل فِي الأُْمُورِ الْوَاجِبِ وُجُودُهَا، كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَمَجِيءِ الْغَدِ، بِخِلَافِ مَتَى، فَإِِنَّهَا تُسْتَعْمَل فِي الأُْمُورِ الْمُبْهَمَةِ، أَيْ فِيمَا يَكُونُ وَفِيمَا لَا يَكُونُ، بِمَعْنَى أَنَّهَا لَا تَخُصُّ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ، فَلِذَلِكَ كَانَتْ مُشَارَكَةً ل (إِنْ) فِي الإِِْبْهَامِ، وَلِهَذَا أَيْضًا كَانَتِ الْمُجَازَاةُ بِهَا لَازِمَةً فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الاِسْتِفْهَامِ كَإِِنْ، إِلَاّ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَتَى وَإِِنْ أَنَّ (مَتَى) يُجَازَى بِهَا مَعَ بَقَاءِ مَعْنَى الْوَقْتِ فِيهَا، وَأَمَّا مَتَى الاِسْتِفْهَامِيَّةُ فَإِِنَّهَا لَا يُجَازَى بِهَا؛ لأَِنَّ الاِسْتِفْهَامَ عِبَارَةٌ عَنْ طَلَبِ الْفَهْمِ عَنْ وُجُودِ الْفِعْل، فَلَا يَسْتَقِيمُ فِي مَقَامِهِ إِضْمَارُ حَرْفِ إِنْ. (2)</p>قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَوْ عَلَّقَ التَّصَرُّفَ بِإِِيجَادِ فِعْلٍ بِمَتَى فَإِِنَّهَا تَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي، فَمَنْ قَال لِزَوْجَتِهِ: مَتَى تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إِلَاّ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَوِ الْفِعْل وَهُوَ الدُّخُول، أَمَّا إِِذَا عَلَّقَ التَّصَرُّفَ بِنَفْيِ صِفَةٍ بِمَتَى، كَمَا إِِذَا قَال: مَتَى لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ مَتَى لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِِنَّهُ إِنْ مَضَى زَمَنٌ عُقَيْبَ الْيَمِينِ لَمْ تَدْخُل فِيهِ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فِيهِ فَقَدْ وُجِدَتِ الصِّفَةُ، فَإِِنَّهَا اسْمٌ لِوَقْتِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) شرح التصريح على التوضيح 2 / 248 ط الحلبي، وكشف الأسرار للبزدوي 2 / 196 ط دار الكتاب العربي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التلويح 1 / 121، وكشف الأسرار 2 / 196.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>الْفِعْل، فَتُقَدَّرُ بِهِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ. (1)</p><font color=#ff0000>12 -</font> وَمِثْل مَتَى فِي الْحُكْمِ (مَتَى مَا) فَكُل مَا قِيل فِي مَتَى يُقَال أَيْضًا فِي (مَتَى مَا)، فَحُكْمُهَا فِي الشَّرْطِ كَحُكْمِ مَتَى بَل أَوْلَى؛ لأَِنَّ اقْتِرَانَ (مَا) بِهَا يَجْعَلُهَا لِلْجَزَاءِ الْمَحْضِ دُونَ غَيْرِهِ كَالاِسْتِفْهَامِ. (2)</p> </p>د -‌<span class="title">‌ مَنْ:</span></p><font color=#ff0000>13 -</font> وَهِيَ اسْمٌ بِاتِّفَاقٍ وُضِعَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَنْ يَعْقِل، ثُمَّ ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ. (3) وَهِيَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ بِوَضْعِ اللُّغَةِ، وَهِيَ تَعُمُّ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِِلَى قَرِينَةٍ، وَهِيَ كَمَا قَال الْبَيْضَاوِيُّ عَامَّةٌ فِي الْعَالِمِينَ أَيْ: أُولِي الْعِلْمِ، لِتَشْمَل الْعُقَلَاءَ وَالذَّاتَ الإِِْلَهِيَّةَ، لأَِنَّ (مَنْ) تُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} (4) وَاللَّهُ سبحانه وتعالى يُوصَفُ بِالْعِلْمِ وَلَا يُوصَفُ بِالْعَقْل، وَهُوَ مَعْنًى حَسَنٌ غَفَل عَنْهُ الشَّارِحُونَ، كَمَا قَال الإِِْسْنَوِيُّ (5) .</p>قَال عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبُخَارِيُّ فِي كَشْفُ الأَْسْرَارِ شَرْحُ أُصُول الْبَزْدَوِيِّ مَا نَصُّهُ: وَمَنْ وَمَا يَدْخُلَانِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 193، ونهاية المحتاج 7 / 22.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشف الأسرار وأصول السرخسي 1 / 233، والروضة 8 / 128.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التصريح على التوضيح 2 / 248 ط الحلبي.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الحجر / 20.</p><font color=#ff0000>(5)</font> الأسنوي مع شرح البدخشي 2 / 65، 66 ط صبيح.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٤)</span><hr/></div>فِي هَذَا الْبَابِ أَيْ بَابِ الشَّرْطِ، لإِِِبْهَامِهَا، فَإِِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَتَنَاوَل عَيْنًا. وَتَحْقِيقُهُ: أَنَّ (مَنْ وَمَا) لإِِِبْهَامِهِمَا دَخَلَا فِي بَابِ الْعُمُومِ، فَلَمَّا كَانَ الْعُمُومُ فِي الشَّرْطِ مَقْصُودًا لِلْمُتَكَلِّمِ، وَتَخْصِيصُ كُل وَاحِدٍ مِنَ الأَْفْرَادِ بِالذِّكْرِ مُتَعَسِّرٌ أَوْ مُتَعَذِّرٌ وَ (مَنْ وَمَا) يُؤَدِّيَانِ هَذَا الْمَعْنَى مَعَ الإِِْيجَازِ وَحُصُول الْمَقْصُودِ، نَابَا مَنَابَ إِنْ، فَقِيل: مَنْ يَأْتِ أُكْرِمْهُ، وَمَا تَصْنَعْ أَصْنَعْ. وَالْمَسَائِل فِيهِمَا كَثِيرَةٌ مِثْل قَوْلِهِ: مَنْ دَخَل هَذَا الْحِصْنَ فَلَهُ رَأْسٌ، وَمَنْ دَخَل مِنْكُمْ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ. وَأَمَّا إِِذَا كَانَ لِلشَّرْطِ فَهُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى أَيْ: تَقُول: مَا تَصْنَعْ أَصْنَعْ. (1) وَفِي التَّنْزِيل. {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} (2){مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} (3) .</p><font color=#ff0000>14 -</font> وَأَمَّا (مَا) الْمَصْدَرِيَّةُ، فَإِِنَّهَا تُسْتَعْمَل فِي الْفِقْهِ، وَيُقَيَّدُ بِهَا التَّصَرُّفُ تَقْيِيدَ إِضَافَةٍ لَا تَعْلِيقٍ، كَمَا جَاءَ فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ؛ لأَِنَّهَا تَنُوبُ عَنْ ظَرْفِ الزَّمَانِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى:{وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} (4) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِي حَيًّا.</p>وَعَلَى هَذَا لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ، وَسَكَتَ، وَقَعَ الطَّلَاقُ اتِّفَاقًا بِسُكُوتِهِ؛ لأَِنَّهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشف الأسرار للبزدوي 2 / 196.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة البقرة / 106.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة فاطر / 2.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة مريم / 31.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إِضَافَةُ الطَّلَاقِ إِِلَى وَقْتٍ لَمْ يُطَلِّقْهَا فِيهِ. (1)</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ مَهْمَا:</span></p><font color=#ff0000>15 -</font> مَهْمَا اسْمٌ وُضِعَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَا لَا يَعْقِل، ثُمَّ ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ.</p>وَقَدْ ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ: أَنَّ مَهْمَا مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيقِ، نَحْوُ أَنْ يَقُول: مَهْمَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ (2) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَ - أَيُّ:</span></p><font color=#ff0000>16 -</font> وَهِيَ بِحَسَبِ مَا تُضَافُ إِلَيْهِ، فَفِي: أَيُّهُمْ يَقُمْ أَقُمْ مَعَهُ مِنْ بَابِ (مَنْ) أَيْ أَنَّهَا تُسْتَعْمَل فِيمَنْ يَعْقِل، وَفِي: أَيُّ الدَّوَابِّ تَرْكَبْ أَرْكَبْ مِنْ بَابِ (مَا) أَيْ مِنْ بَابِ مَا لَا يَعْقِل، وَفِي: أَيُّ يَوْمٍ تَصُمْ أَصُمْ مِنْ بَابِ (مَتَى) أَيْ أَنَّهَا تَدُل عَلَى زَمَانٍ مُبْهَمٍ، وَفِي أَيُّ مَكَانٍ تَجْلِسْ أَجْلِسْ مِنْ بَابِ (أَيْنَ) أَيْ أَنَّهَا تَدُل عَلَى مَكَانٍ مُبْهَمٍ. (3)</p>وَقَدْ جَاءَ فِي الْمُغْنِي وَالرَّوْضَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ حُكْمَ (أَيُّ) فِي التَّعْلِيقِ كَحُكْمِ (مَتَى وَمَنْ وَكُلَّمَا)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) البحر الرائق 3 / 294، 295 ط العلمية، وفتح القدير 3 / 65 ط دار صادر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التصريح 2 / 248 ط الحلبي، والروضة 8 / 128 ط المكتب الإسلامي. والذي لا يعقل في هذا المثال هو الدخول، والمعنى: أي دخول دخلت فأنت طالق.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التصريح على التوضيح 2 / 248 ط الحلبي.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٥)</span><hr/></div>بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ التَّصَرُّفَ بِنَفْيِ فِعْلٍ بِأَيِّ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى نَفْيِ الدُّخُول بِأَيِّ، بِأَنْ قَال: أَيُّ وَقْتٍ لَمْ تَدْخُلِي فِيهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِِنَّهُ إِنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُهَا فِيهِ الدُّخُول - وَلَمْ تَدْخُل - فَإِِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بَعْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ.</p>وَأَمَّا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى إِيجَادِ فِعْلٍ بِأَيِّ، فَلَا تُفِيدُ الْفَوْرَ كَغَيْرِهَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ. (1)</p>وَجَاءَ فِي تَبْيِينِ الْحَقَائِقِ أَنَّ (أَيُّ) لَا تَعُمُّ بِعُمُومِ الصِّفَةِ فَلَوْ قَال: أَيُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَإِِنَّ ذَلِكَ يَتَحَقَّقُ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ.</p>بِخِلَافِ كِلْمَتَيْ ‌<span class="title">‌(كُل وَكُلَّمَا) </span>فَإِِنَّهُمَا تُفِيدَانِ عُمُومَ مَا دَخَلَتَا عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي. (2)</p> </p>ز - كُل وَكُلَّمَا:</p><font color=#ff0000>17 -</font> كَلِمَةُ (كُل) تُسْتَعْمَل بِمَعْنَى الاِسْتِغْرَاقِ بِحَسَبِ الْمَقَامِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاللَّهُ بِكُل شَيْءٍ عَلِيمٌ} (3) وَقَدْ تُسْتَعْمَل بِمَعْنَى الْكَثِيرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُدَمِّرُ كُل شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} (4) أَيْ كَثِيرًا؛ لأَِنَّهَا دَمَّرَتْهُمْ وَدَمَّرَتْ مَسَاكِنَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَلَفْظُ (كُل) لَا يُسْتَعْمَل إِلَاّ مُضَافًا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 7 / 193 ط الرياض، والروضة 8 / 128 ط المكتب الإسلامي.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق مع حاشية الشلبي 2 / 234، والروضة 8 / 128.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 28.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة الأحقاف / 25.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا، وَلَفْظُهُ وَاحِدٌ، وَمَعْنَاهُ جَمْعٌ، وَيُفِيدُ التَّكْرَارُ بِدُخُول (مَا) عَلَيْهِ نَحْوُ: كُلَّمَا جَاءَكَ زَيْدٌ فَأَكْرِمْهُ. (1)</p><font color=#ff0000>18 -</font> وَكَلِمَةُ (كُل) مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَكَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ قَصَدَ بِهَا التَّعْلِيقَ دُونَ الْمُكَافَأَةِ.</p>وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِ (كُل) بَيْنَ مَا إِِذَا عَمَّمَ، بِأَنْ قَال: كُل امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ خَصَّصَ بِأَنْ قَال: كُل امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلَانٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا. وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِِنَّهُمْ يُخَالِفُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي صُورَةِ التَّعْمِيمِ؛ لأَِنَّ فِيهِ سَدًّا لِبَابِ النِّكَاحِ، وَيَتَّفِقُونَ مَعَهُ فِي صُورَةِ التَّخْصِيصِ بِأَنْ يَخُصَّ بَلَدًا أَوْ قَبِيلَةً أَوْ جِنْسًا أَوْ زَمَنًا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا. (2)</p>وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ فِي أُصُولِهِ أَنَّ كَلِمَةَ (كُل) تُوجِبُ الإِِْحَاطَةَ عَلَى وَجْهِ الإِِْفْرَادِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُسَمَّيَاتِ الَّتِي تُوصَل بِهَا كَلِمَةُ كُل يَصِيرُ مَذْكُورًا عَلَى سَبِيل الاِنْفِرَادِ، كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ صِلَةٌ فِي الاِسْتِعْمَال، حَتَّى لَا تُسْتَعْمَل وَحْدَهَا لِخُلُوِّهَا عَنِ الْفَائِدَةِ، وَهِيَ تَحْتَمِل الْخُصُوصَ، نَحْوُ كَلِمَةِ (مَنْ) إِلَاّ أَنَّ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير.</p><font color=#ff0000>(2)</font> تبيين الحقائق 2 / 234 ط دار المعرفة، وجواهر الإكليل 1 / 342، 343 ط دار المعرفة، وحاشية الدسوقي 2 / 372 ط دار الفكر، والخرشي 4 / 37، 38 ط دار صادر، ونهاية المحتاج 7 / 52 ط المكتبة الإسلامية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٦)</span><hr/></div>مَعْنَى الْعُمُومِ فِيهَا يُخَالِفُ مَعْنَى الْعُمُومِ فِي كَلِمَةِ (مَنْ) وَلِهَذَا اسْتَقَامَ وَصْلُهَا بِكَلِمَةِ مَنْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُل مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} (1) حَتَّى لَوْ وُصِلَتْ بِاسْمٍ نَكِرَةٍ فَإِِنَّهَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي ذَلِكَ الاِسْمِ أَيْضًا. وَلِهَذَا لَوْ قَال: كُل امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ تَطْلُقُ كُل امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا عَلَى الْعُمُومِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَرَّتَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ؛ لأَِنَّهَا تُوجِبُ الْعُمُومَ فِيمَا وُصِلَتْ بِهِ مِنَ الاِسْمِ دُونَ الْفِعْل.</p><font color=#ff0000>19 -</font> وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَلِمَةِ (كُل) وَكَلِمَةِ (مَنْ) فِيمَا يَرْجِعُ إِِلَى الْخُصُوصِ: هُوَ أَنَّ كَلِمَةَ كُل وَإِِنْ كَانَتِ الإِِْحَاطَةُ فِيهَا شَامِلَةً لِكُل فَرْدٍ، إِلَاّ أَنَّهَا تَحْتَمِل الْخُصُوصَ، كَكَلِمَةِ (مَنْ) كَمَا لَوْ قَال:</p>كُل مَنْ دَخَل هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلاً فَلَهُ كَذَا، فَدَخَلُوا عَلَى التَّعَاقُبِ فَالنَّفَل لِلأَْوَّل خَاصَّةً لاِحْتِمَال الْخُصُوصِ فِي كَلِمَةِ كُل، فَإِِنَّ الأَْوَّل اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ، وَهَذَا الْوَصْفُ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ دُونَ مَنْ دَخَل بَعْدَهُ. وَمِثْل ذَلِكَ كَلِمَةُ (مَنْ) فِي صُورَةِ التَّعَاقُبِ.</p><font color=#ff0000>20 -</font> فَإِِنْ دَخَلُوا مَعًا اسْتَحَقُّوا جَمِيعًا النَّفَل بِكَلِمَةِ (كُل) دُونَ كَلِمَةِ (مَنْ) . (2)</p>وَأَمَّا كَلِمَةُ (كُلَّمَا) فَإِِنَّهَا مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيقِ عِنْدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) سورة الرحمن / 26.</p><font color=#ff0000>(2)</font> أصول السرخسي 1 / 157، 158، والتلويح على التوضيح 1 / 60.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>الْفُقَهَاءِ، وَهِيَ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالْفَوْرَ، وَيَلِيهَا الْفِعْل دُونَ الاِسْمِ، فَتَقْتَضِي الْعُمُومَ فِيهِ، فَ‌<span class="title">‌لَوْ </span>قَال: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِرَارًا فَإِِنَّهَا تَطْلُقُ فِي كُل مَرَّةٍ يَتَزَوَّجُهَا؛ لأَِنَّهَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي الأَْفْعَال دُونَ الأَْسْمَاءِ، بِخِلَافِ كَلِمَةِ (كُل) فَإِِنَّهَا تُفِيدُ الْعُمُومَ فِي الأَْسْمَاءِ دُونَ الأَْفْعَال. (1)</p> </p>ح - لَوْ:</p><font color=#ff0000>21 -</font> تَكُونُ (لَوْ) حَرْفَ شَرْطٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، إِلَاّ أَنَّهَا لَا تَجْزِمُ، وَمِثَالُهَا قَوْله تَعَالَى:{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} (2) أَيْ: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ إِنْ شَارَفُوا وَقَارَبُوا أَنْ يَتْرُكُوا. وَإِِنَّمَا أَوَّلُوا التَّرْكَ بِمُشَارَفَةِ التَّرْكِ؛ لأَِنَّ الْخِطَابَ لِلأَْوْصِيَاءِ، وَإِِنَّمَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِمْ قَبْل التَّرْكِ؛ لأَِنَّهُمْ بَعْدَهُ أَمْوَاتٌ.</p>وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ (بِلَوْ) فَقَدْ أَجَازَ الْفُقَهَاءُ - كَأَبِي يُوسُفَ - تَعْلِيقَهُ بِهَا، لِشَبَهِهَا (بِإِِنْ) فَإِِنَّ لَوْ تُسْتَعْمَل فِي مَعْنَى الشَّرْطِ وَلَا يَلِيهَا دَائِمًا إِلَاّ الْفِعْل كَإِِنْ، وَلِوُرُودِ اسْتِعْمَال كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَعْنَى الأُْخْرَى، إِلَاّ أَنَّ (لَوْ) تُفِيدُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) أصول السرخسي 1 / 158، وتبيين الحقائق 2 / 234، والفتاوى الهندية 1 / 416 - 420، والبحر الرائق 3 / 295، وجواهر الإكليل 1 / 341، والدسوقي 2 / 371، والروضة 8 / 128، والمغني 7 / 193، 194.</p><font color=#ff0000>(2)</font> سورة النساء / 9.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٧)</span><hr/></div>التَّقْيِيدَ فِي الْمَاضِي (وَإِِنْ) تُفِيدُهُ فِي الْمُسْتَقْبَل. (1)</p>إِلَاّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يَنْظُرُوا إِِلَى هَذِهِ النَّاحِيَةِ، وَعَامَلُوهَا كَإِِنْ فِي التَّعْلِيقِ، فَمَنْ قَال لِعَبْدِهِ: لَوْ دَخَلْتَ الدَّارَ لَتَعْتِقُ، فَإِِنَّهُ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَدْخُل؛ صَوْنًا لِلْكَلَامِ عَنِ الإِِْهْمَال، حَتَّى إِنَّ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ عَامَلَهَا مُعَامَلَةَ (إِنْ) مُطْلَقًا وَأَجَازَ اقْتِرَانَ جَوَابِهَا بِالْفَاءِ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِِلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ النُّحَاةِ؛ لأَِنَّ الْعَامَّةَ تُخْطِئُ وَتُصِيبُ فِي الإِِْعْرَابِ، فَمَنْ قَال لِرَجُلٍ: زَنَيْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ، أَوْ قَال لاِمْرَأَةٍ: زَنَيْتَ بِفَتْحِهَا، وَجَبَ حَدُّ الْقَذْفِ فِي الصُّورَتَيْنِ. (2)</p><font color=#ff0000>22 -</font> وَتُسْتَعْمَل (لَوْ) فِي الاِسْتِقْبَال لِمُؤَاخَاتِهَا لإِِِنْ، كَأَنْ يُقَال: لَوِ اسْتَقْبَلْتَ أَمْرَكَ بِالتَّوْبَةِ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ، أَيْ إِنِ اسْتَقْبَلْتَ، وَقَال تَعَالَى:{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} (3) أَيْ وَإِِنْ أَعْجَبَكُمْ، كَمَا أَنَّ (إِنْ) اسْتُعْلِمَتْ بِمَعْنَى (لَوْ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} (4) وَعَلَى هَذَا فَمَنْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَإِِنَّهَا لَا تَطْلُقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ حَتَّى تَدْخُل الدَّارَ؛ لأَِنَّ لَوْ بِمَنْزِلَةِ إِنْ، فَتُفِيدُ مَعْنَى التَّرَقُّبِ. وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الفروق للقرافي / الفرق الرابع 1 - 85 - 107.</p><font color=#ff0000>(2)</font> كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي 2 / 196.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 221.</p><font color=#ff0000>(4)</font> سورة المائدة / 116.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>نَصٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يُرْوَ فِيهَا شَيْءٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، فَهِيَ مِنَ النَّوَادِرِ. (1)</p><font color=#ff0000>23 -</font> أَمَّا (لَوْلَا) وَهِيَ الَّتِي تُفِيدُ امْتِنَاعَ الثَّانِي لِوُجُودِ الأَْوَّل، فَإِِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيقِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهَا وَإِِنْ كَانَ فِيهَا مَعْنَى الشَّرْطِ فَإِِنَّ الْجَزَاءَ فِيهَا لَا يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ؛ لأَِنَّهَا لَا تُسْتَعْمَل إِلَاّ فِي الْمَاضِي، وَلَا عَلَاقَةَ لَهَا بِالزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل، فَهِيَ عِنْدَهُمْ بِمَعْنَى الاِسْتِثْنَاءِ لأَِنَّهَا تُسْتَعْمَل لِنَفْيِ شَيْءٍ بِوُجُودِ غَيْرِهِ، فَمَنْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلَا حُسْنُكِ، أَوْ لَوْلَا صُحْبَتُكِ، لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى وَإِِنْ زَال الْحُسْنُ أَوِ انْتَفَتِ الصُّحْبَةُ، لِجَعْلِهِ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ. (2)</p> </p>ط -‌<span class="title">‌ كَيْفَ:</span></p><font color=#ff0000>24 -</font> (كَيْفَ) تُسْتَعْمَل فِي اللُّغَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ شَرْطًا.</p>وَالثَّانِي: وَهُوَ الْغَالِبُ فِيهَا: أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامًا، إِمَّا حَقِيقِيًّا نَحْوَ " كَيْفَ زَيْدٌ؟ " أَوْ غَيْرَهُ نَحْوَ {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} (3) الآْيَةَ، فَإِِنَّهُ أُخْرِجَ مَخْرَجَ التَّعَجُّبِ، وَتَقَعُ خَبَرًا قَبْل مَا لَا يُسْتَغْنَى،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشف الأسرار 2 / 196.</p><font color=#ff0000>(2)</font> التقرير والتحبير 2 / 74، وأصول السرخسي 1 / 233، والبزدوي 2 / 197، 198، وفتح الغفار 2 / 37، وبدائع الصنائع 3 / 23.</p><font color=#ff0000>(3)</font> سورة البقرة / 28.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٨)</span><hr/></div>نَحْوُ " كَيْفَ أَنْتَ؟ "" وَكَيْفَ كُنْتَ؟ "، وَحَالاً قَبْل مَا يُسْتَغْنَى، نَحْوُ " كَيْفَ جَاءَ زَيْدٌ؟ " أَيْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ جَاءَ زَيْدٌ. (1)</p>وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَإِِنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا فِي اسْتِعْمَالِهِمْ لِكَيْفَ عَمَّا ذَكَرَتْهُ اللُّغَةُ بِشَأْنِهَا.</p>فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِِلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِكَيْفَ لَا يُؤَثِّرُ فِي أَصْل التَّصَرُّفِ، وَإِِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي صِفَتِهِ. وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِِلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِهَا يُؤَثِّرُ فِي الأَْصْل وَالْوَصْفِ مَعًا. وَعَلَى هَذَا فَقَدْ قَال أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ قَال لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْتِ أَنَّهَا تَطْلُقُ قَبْل الْمَشِيئَةِ تَطْلِيقَةً، ثُمَّ إِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولاً بِهَا فَقَدْ بَانَتْ لَا إِِلَى عِدَّةٍ، وَلَا مَشِيئَةَ لَهَا، وَإِِنْ كَانَتْ مَدْخُولاً بِهَا فَالتَّطْلِيقَةُ الْوَاقِعَةُ رَجْعِيَّةٌ، وَالْمَشِيئَةُ إِلَيْهَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ ذَلِكَ. فَإِِنْ شَاءَتِ الْبَائِنَةُ - وَقَدْ نَوَاهَا الزَّوْجُ - كَانَتْ بَائِنَةً، أَوْ إِنْ شَاءَتْ ثَلَاثًا - وَقَدْ نَوَاهَا الزَّوْجُ - تَطْلُقُ ثَلَاثًا، وَإِِنْ شَاءَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً - وَقَدْ نَوَى الزَّوْجُ ثَلَاثًا - فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَإِِنْ شَاءَتْ ثَلَاثًا - وَقَدْ نَوَى الزَّوْجُ وَاحِدَةً بَائِنَةً - فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ؛ لأَِنَّهَا شَاءَتْ غَيْرَ مَا نَوَى، وَأَوْقَعَتْ غَيْرَ مَا فُوِّضَ إِلَيْهَا، فَلَا يُعْتَبَرُ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا يَتَأَخَّرُ إِِلَى مَشِيئَتِهَا مَا عَلَّقَهُ الزَّوْجُ بِمَشِيئَتِهَا دُونَ مَا لَمْ يُعَلِّقْهُ، وَكَلِمَةُ (كَيْفَ) لَا تَرْجِعُ إِِلَى أَصْل الطَّلَاقِ، فَيَكُونُ هُوَ مُنَجِّزًا أَصْل الطَّلَاقِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مغني اللبيب 1 / 224 - 228.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>وَمُفَوِّضًا لِلصِّفَةِ إِِلَى مَشِيئَتِهَا، بِقَوْلِهِ: كَيْفَ شِئْتِ. إِلَاّ أَنَّ فِي غَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا لَا مَشِيئَةَ لَهَا فِي الصِّفَةِ بَعْدَ إِيقَاعِ الأَْصْل، فَيَلْغُوَ تَفْوِيضُهُ الصِّفَةَ إِِلَى مَشِيئَتِهَا بَعْدَ إِيقَاعِ الأَْصْل، وَفِي الْمَدْخُول بِهَا، لَهَا الْمَشِيئَةُ فِي الصِّفَةِ بَعْدَ وُقُوعِ الأَْصْل، بِأَنْ تَجْعَلَهُ بَائِنًا أَوْ ثَلَاثًا عَلَى مَا عُرِفَ، فَيَصِحُّ تَفْوِيضُهُ إِلَيْهَا.</p>وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ مَا لَمْ تَشَأْ، فَإِِذَا شَاءَتْ فَالتَّفْرِيعُ كَمَا قَال أَبُو حَنِيفَةَ؛ لأَِنَّهُ جَعَل الطَّلَاقَ مُفَوَّضًا إِِلَى مَشِيئَتِهَا فَلَا يَقَعُ بِدُونِ تِلْكَ الْمَشِيئَةِ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ، أَوْ كَمْ شِئْتِ، أَوْ حَيْثُ شِئْتِ، لَا يَقَعُ شَيْءٌ مَا لَمْ تَشَأْ، وَهَذَا لأَِنَّهُ لَمَّا فَوَّضَ وَصْفَ الطَّلَاقِ إِلَيْهَا يَكُونُ ذَلِكَ تَفْوِيضًا لِنَفْسِ الطَّلَاقِ إِلَيْهَا ضَرُورَةَ أَنَّ الْوَصْفَ لَا يَنْفَكُّ عَنِ الأَْصْل. (1)</p>وَلَمْ نَطَّلِعْ لِلْمَالِكِيَّةِ عَلَى كَلَامٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (&# x662 ;)</p>وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ: فَلَهُمْ رَأْيَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. فَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْتِ، قَال أَبُو زَيْدٍ وَالْقَفَّال: تَطْلُقُ شَاءَتْ أَمْ لَمْ تَشَأْ. وَقَال الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَا تَطْلُقُ حَتَّى تُوجَدَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشف الأسرار وأصول البزدوي 2 / 200 - 201، وبدائع الصنائع 3 / 121، 122.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الدسوقي 2 / 361 - 415، وجواهر الإكليل 1 / 337 - 362.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٠٩)</span><hr/></div>مَشِيئَةٌ فِي الْمَجْلِسِ بِالإِِْيقَاعِ أَوْ عَدَمِهِ.</p>وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ: فَإِِنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ (كَيْفَ) وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ، فَالطَّلَاقُ عِنْدَهُمْ لَا يَقَعُ حَتَّى تُعْرَفَ مَشِيئَتُهَا بِقَوْلِهَا، فَقَدْ جَاءَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ أَنَّهُ لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شِئْتِ أَوْ إِِذَا شِئْتِ، أَوْ مَتَى شِئْتِ، أَوْ كَيْفَ شِئْتِ. . إِلَخْ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَقُول: قَدْ شِئْتُ؛ لأَِنَّ مَا فِي الْقَلْبِ لَا يُعْلَمُ حَتَّى يُعَبِّرَ عَنْهُ اللِّسَانُ. (1)</p> </p>ي -‌<span class="title">‌ حَيْثُ، وَأَيْنَ:</span></p><font color=#ff0000>25 -</font> (حَيْثُ) اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُبْهَمِ.</p>قَال الأَْخْفَشُ: وَقَدْ تَكُونُ لِلزَّمَانِ. (وَحَيْثُ) مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيقِ، لِشَبَهِهَا (بِإِِنْ) فِي الإِِْبْهَامِ، وَتَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ بِهَا لَا يَتَعَدَّى مَجْلِسَ التَّخَاطُبِ تَشْبِيهًا لَهَا بِ (إِنْ) أَيْضًا، فَإِِنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ مَثَلاً بِمَشِيئَةِ الْمَرْأَةِ بِ (إِنْ) لَا يَتَعَدَّى مَجْلِسَ التَّخَاطُبِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ. (2)</p>فَلَوْ قَال لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ شِئْتِ، فَإِِنَّهَا لَا تَطْلُقُ قَبْل الْمَشِيئَةِ، وَتَتَوَقَّفُ مَشِيئَتُهَا عَلَى الْمَجْلِسِ؛ لأَِنَّ (حَيْثُ) مِنْ ظُرُوفِ الْمَكَانِ، وَلَا اتِّصَال لِلطَّلَاقِ بِالْمَكَانِ، فَيَلْغُوَ ذِكْرُهُ، وَيَبْقَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الروضة 8 / 159، وكشاف القناع 5 / 309.</p><font color=#ff0000>(2)</font> انظر تفصيل ذلك كله في مغني اللبيب 1 / 140، 141، والفتاوى الهندية 1 / 402.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>ذِكْرُ الْمَشِيئَةِ فِي الطَّلَاقِ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ.</p>وَأَوْرَدَ الْبُهُوتِيُّ (حَيْثُ) فِي صِيَغِ التَّعْلِيقِ، وَأَنَّهَا تُعَامَل مُعَامَلَةَ غَيْرِهَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ، فَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِهَا لَا يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى الْمَجْلِسِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، بَل يَتَعَدَّاهُ إِِلَى غَيْرِهِ. فَلَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ شِئْتِ، فَإِِنَّهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى تُعْرَفَ مَشِيئَتُهَا بِقَوْلِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ عَلَى التَّرَاخِي. وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمَالِكِيَّةُ، وَلَا النَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الرَّوْضَةِ. (1)</p><font color=#ff0000>26 -</font> وَمِثْل (حَيْثُ) فِيمَا تَقَدَّمَ أَيْنَ، فَإِِنَّهَا أَيْضًا اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُبْهَمِ، وَذَكَرَهَا صَاحِبُ فَتْحِ الْغَفَّارِ وَعَدَّهَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ، وَذَكَرَهَا أَيْضًا صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ (إِنْ) فِي الْحُكْمِ. (2)</p> </p>ك -‌<span class="title">‌ أَنَّى:</span></p><font color=#ff0000>27 -</font> وَهِيَ اسْمٌ اتِّفَاقًا وُضِعَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الأَْمْكِنَةِ ثُمَّ ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَتَرِدُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى أَيْنَ، وَبِمَعْنَى كَيْفَ، وَبِمَعْنَى مَتَى.</p>هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ فِي كُتُبِهِمْ: أَنَّهَا مِنَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) كشف الأسرار 2 / 203، وفتح الغفار 2 / 39 - 40، أصول السرخسي 1 / 234، والدسوقي 2 / 361 - 405، وجواهر الإكليل 1 / 337 - 357، والروضة 8 / 128 - 162، وكشاف القناع 5 / 309.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح الغفار 2 / 39 ط الحلبي، وكشاف القناع 5 / 309 ط النصر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٠)</span><hr/></div>الأَْلْفَاظِ الَّتِي يُعَلَّقُ بِهَا الْحُكْمُ، فَقَدْ جَاءَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: أَنَّهُ لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ أَنَّى شِئْتِ، فَإِِنَّهَا لَا تَطْلُقُ حَتَّى تُعْرَفَ مَشِيئَتُهَا بِقَوْلِهَا، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ (إِنْ) لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَدُل عَلَى التَّعْلِيقِ. (1)</p> </p>‌<span class="title">‌ثَالِثًا: شُرُوطُ التَّعْلِيقِ:</span></p><font color=#ff0000>28 -</font> يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ أُمُورٌ:</p>الأَْوَّل: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرًا مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ، أَيْ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ لَا يَكُونَ، فَالتَّعْلِيقُ عَلَى الْمُحَقَّقِ تَنْجِيزٌ، وَعَلَى الْمُسْتَحِيل لَغْوٌ. (2)</p>الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرًا يُرْجَى الْوُقُوفُ عَلَى وُجُودِهِ، فَتَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ لَا يَصِحُّ، فَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ مَثَلاً عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بِأَنْ قَال لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ اتِّفَاقًا؛ لأَِنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ لَا يُرْجَى الْوُقُوفُ عَلَى وُجُودِهِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التصريح على التوضيح 2 / 248، وروح المعاني 2 / 124 - 125، وكشاف القناع 5 / 39.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 2 / 493، والأشباه والنظائر لابن نجيم / 367.</p><font color=#ff0000>(3)</font> تبيين الحقائق 2 / 243، وجواهر الإكليل 1 / 243، 244، وحاشة قليوبي وعميرة 3 / 342، والإنصاف 9 / 104.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>الثَّالِثُ: أَنْ لَا يُوجَدَ فَاصِلٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، أَيْ بَيْنَ الْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ، فَلَوْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَال بَعْدَ فَتْرَةٍ مِنَ الزَّمَنِ: إِنْ خَرَجْتِ مِنَ الدَّارِ دُونَ إِذْنٍ مِنِّي لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقًا لِلطَّلَاقِ، وَيَكُونُ الطَّلَاقُ مُنَجَّزًا بِالْجُمْلَةِ الأُْولَى. (1)</p>الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرًا مُسْتَقْبَلاً بِخِلَافِ الْمَاضِي، فَإِِنَّهُ لَا مَدْخَل لَهُ فِي التَّعْلِيقِ، فَالإِِْقْرَارُ مَثَلاً لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ؛ لأَِنَّهُ إِخْبَارٌ عَنْ مَاضٍ، وَالشَّرْطُ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالأُْمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ. (2)</p>الْخَامِسُ: أَنْ لَا يَقْصِدَ بِالتَّعْلِيقِ الْمُجَازَاةَ، فَلَوْ سَبَّتْهُ بِمَا يُؤْذِيهِ فَقَال: إِنْ كُنْتُ كَمَا قُلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، تُنَجَّزُ سَوَاءٌ أَكَانَ الزَّوْجُ كَمَا قَالَتْ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لأَِنَّ الزَّوْجَ فِي الْغَالِبِ لَا يُرِيدُ إِلَاّ إِيذَاءَهَا بِالطَّلَاقِ. (3)</p>فَإِِنْ أَرَادَ التَّعْلِيقَ يَدِينُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل.</p>السَّادِسُ: أَنْ يُوجَدَ رَابِطٌ كَالْفَاءِ وَإِِذَا الْفُجَائِيَّةِ حَيْثُ كَانَ الْجَزَاءُ مُؤَخَّرًا، وَإِِلَاّ يَتَنَجَّزُ. (4)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) ابن عابدين 2 / 494، وكشاف القناع 5 / 284، والأشباه لابن نجيم / 367.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الأشباه والنظائر للسيوطي / 376.</p><font color=#ff0000>(3)</font> ابن عابدين 2 / 494.</p><font color=#ff0000>(4)</font> الأشباه والنظائر لابن نجيم / 367، وابن عابدين 2 / 494.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١١)</span><hr/></div>السَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ التَّعْلِيقُ مَالِكًا لِلتَّنْجِيزِ أَيْ قَادِرًا عَلَى التَّنْجِيزِ (بِمَعْنَى كَوْنِ الزَّوْجِيَّةِ قَائِمَةً حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا) وَهَذَا الشَّرْطُ فِيهِ خِلَافٌ، فَالْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ لَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، بَل يَكْتَفُونَ فِيهِ بِمُطْلَقِ الْمِلْكِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُحَقَّقًا أَمْ مُعَلَّقًا، حَتَّى إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ لَمْ يُفَرِّقُوا فِي هَذَا بَيْنَ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحِ فِيمَا لَوْ قَال لاِمْرَأَةٍ: إِنْ تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَبَيْنَ التَّعْلِيقِ الَّذِي لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، كَمَا لَوْ قَال لأَِجْنَبِيَّةٍ: هِيَ طَالِقٌ، وَنَوَى عِنْدَ تَزَوُّجِهِ بِهَا، فَإِِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ فِي الصُّورَتَيْنِ. (1)</p><font color=#ff0000>29 -</font> وَدَلِيل أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْل: أَنَّ هَذَا التَّصَرُّفَ يَمِينٌ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، فَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قِيَامُ الْمِلْكِ فِي الْحَال؛ لأَِنَّ الْوُقُوعَ عِنْدَ الشَّرْطِ، وَالْمِلْكِ مُتَيَقَّنٌ بِهِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَقَبْل ذَلِكَ أَثَرُهُ الْمَنْعُ، وَهُوَ قَائِمٌ بِالْمُتَصَرِّفِ. (2)</p>وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: فَإِِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ لِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ قِيَامَ الْمِلْكِ فِي حَال التَّعْلِيقِ، بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ الَّذِي يَصْدُرُ مِنْهُ التَّعْلِيقُ قَادِرًا عَلَى التَّنْجِيزِ، وَإِِلَاّ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ. وَالْقَاعِدَةُ الْفِقْهِيَّةُ عِنْدَهُمْ هِيَ: مَنْ مَلَكَ التَّنْجِيزَ مَلَكَ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) فتح القدير 3 / 127 ط دار صادر، والدسوقي 2 / 370 ط الفكر، والخرشي 4 / 37، 38 ط دار صادر.</p><font color=#ff0000>(2)</font> فتح القدير 3 / 128.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>التَّعْلِيقَ، وَمَنْ لَا يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ. وَهُنَاكَ اسْتِثْنَاءَاتٌ مِنَ الْقَاعِدَةِ بِشِقَّيْهَا ذَكَرَهَا السُّيُوطِيُّ (1) .</p>وَدَلِيل أَصْحَابِ هَذَا الْقَوْل مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ بِإِِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَا نَذْرَ لاِبْنِ آدَمَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، وَلَا طَلَاقَ لَهُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ (2) .</p>وَحَدِيثُ: لَا طَلَاقَ إِلَاّ بَعْدَ نِكَاحٍ (3) وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنه وَزَادَ: وَإِِنْ عَيَّنَهَا.</p>وَلاِنْتِفَاءِ الْوِلَايَةِ مِنَ الْقَائِل عَلَى مَحَل الطَّلَاقِ، وَهُوَ الزَّوْجَةُ (4) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنثور 3 / 211 - 215، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 378.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حديث:" لا نذر لابن آدم فيها لا يملك، ولا عتق. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 475 ط الحلبي) وأبو داود (2 / 640 تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وحسنه الترمذي.</p><font color=#ff0000>(3)</font> حديث: " لا طلاق إلا بعد نكاح ". أخرجه البيهقي (7 / 320 ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه، وأعله ابن حجر في الفتح (9 / 384 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(4)</font> كشاف القناع 5 / 285، ومغني المحتاج 3 / 292. (1) مسلم الثبوت 1 / 423، 432 ط صادر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أَثَرُ التَّعْلِيقِ عَلَى التَّصَرُّفَاتِ:</span></p><font color=#ff0000>30 -</font> هُنَاكَ مَسْأَلَةٌ أُصُولِيَّةٌ هَامَّةٌ هِيَ: أَنَّ التَّعْلِيقَ هَل يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ السَّبَبِيَّةِ أَوْ يَمْنَعُ الْحُكْمَ عَنِ الثُّبُوتِ فَقَطْ، لَا السَّبَبَ عَنِ الاِنْعِقَادِ؟ وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ. فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ التَّعْلِيقَ يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ السَّبَبِيَّةِ كَمَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ عَنِ الثُّبُوتِ. وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ السَّبَبِيَّةِ، وَإِِنَّمَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ مِنَ الثُّبُوتِ فَقَطْ، وَلَا يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ الاِنْعِقَادِ.</p>فَكَوْنُ التَّعْلِيقِ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَكَوْنُهُ يَمْنَعُ السَّبَبَ عَنِ السَّبَبِيَّةِ هُوَ مَحَل الْخِلَافِ.</p>فَالْحَنَفِيَّةُ يَرَوْنَ أَنَّهُ يَمْنَعُ، وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْعَكْسِ فِي ذَلِكَ. وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِالْمِلْكِ، فَإِِنَّهُ يَصِحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَيَقَعُ عِنْدَ وُجُودِ الْمِلْكِ، لِعَدَمِ سَبَبِيَّتِهِ فِي الْحَال، وَإِِنَّمَا يَصِيرُ سَبَبًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الْمِلْكُ، فَيُصَادِفُ مَحَلًّا مَمْلُوكًا. وَلَا يَصِحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ التَّعْلِيقَ عِنْدَهُمْ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحُكْمِ فِي الْحَال، وَالْمَحَل هُنَا غَيْرُ مَمْلُوكٍ، فَيَلْغُو، وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ. (1)</p> </p><font color=#ff0000>31 -</font> التَّصَرُّفَاتُ مِنْ حَيْثُ قَبُولُهَا التَّعْلِيقَ أَوْ عَدَمُ قَبُولِهَا لَهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مسلم الثبوت 1 / 423، 432 ط صادر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>أَحَدُهُمَا: تَصَرُّفَاتٌ تَقْبَل التَّعْلِيقَ وَهِيَ.</p>‌<span class="title">‌الإِِْيلَاءُ </span>وَالتَّدْبِيرُ وَالْحَجُّ وَالْخُلْعُ وَالطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَالْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ وَالنَّذْرُ وَالْوِلَايَةُ.</p>الثَّانِي: تَصَرُّفَاتٌ لَا تَقْبَل التَّعْلِيقَ وَهِيَ: الإِِْجَارَةُ وَالإِِْقْرَارُ وَالإِِْيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَالْبَيْعُ وَالرَّجْعَةُ وَالنِّكَاحُ وَالْوَقْفُ وَالْوَكَالَةُ.</p>وَضَابِطُ ذَلِكَ: أَنَّ مَا كَانَ تَمْلِيكًا مَحْضًا لَا مَدْخَل لِلتَّعْلِيقِ فِيهِ قَطْعًا كَالْبَيْعِ، وَمَا كَانَ حَلًّا (أَيْ إِسْقَاطًا) مَحْضًا يَدْخُلُهُ التَّعْلِيقُ قَطْعًا كَالْعِتْقِ. وَبَيْنَ الْمَرْتَبَتَيْنِ مَرَاتِبُ يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ كَالْفَسْخِ وَالإِِْبْرَاءِ؛ لأَِنَّهُمَا يُشْبِهَانِ التَّمْلِيكَ، وَكَذَلِكَ الْوَقْفُ، وَفِيهِ شَبَهٌ يَسِيرٌ بِالْعِتْقِ فَجَرَى فِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ. (1)</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:</p> </p>‌<span class="title">‌أَوَّلاً: التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي تَقْبَل التَّعْلِيقَ:</span></p>أ - الإِِْيلَاءُ:</p><font color=#ff0000>32 -</font> الإِِْيلَاءُ يَقْبَل التَّعْلِيقَ عَلَى الشَّرْطِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، كَأَنْ يَقُول: إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَوَاللَّهِ لَا أَقْرَبُكِ، فَإِِنَّهُ يَصِيرُ مُولِيًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لأَِنَّ الإِِْيلَاءَ يَمِينٌ يَحْتَمِل التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ كَسَائِرِ الأَْيْمَانِ.</p>وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمَنْثُورِ أَنَّ الإِِْيلَاءَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَقْبَل التَّعْلِيقَ عَلَى الشَّرْطِ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المنثور للزركشي 1 / 378، والأشباه للسيوطي / 377.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٣)</span><hr/></div>وَلَا تَقْبَل الشَّرْطَ، فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: آلَيْتُ مِنْكِ بِشَرْطِ كَذَا. (1)</p>وَالتَّفْصِيل مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ (إِيلَاءٌ) .</p> </p>ب -‌<span class="title">‌ الْحَجُّ:</span></p><font color=#ff0000>33 -</font> ذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمَنْثُورِ أَنَّ الْحَجَّ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، كَأَنْ يَقُول: إِنْ أَحْرَمَ فُلَانٌ فَقَدْ أَحْرَمْتُ. وَيَقْبَل الشَّرْطَ كَأَنْ يَقُول: أَحْرَمْتُ عَلَى أَنِّي إِِذَا مَرِضْتُ فَأَنَا حَلَالٌ. (2)</p>وَالتَّفْصِيل مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ (حَجٌّ) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الْخُلْعُ:</span></p><font color=#ff0000>34 -</font> الْخُلْعُ إِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ، بِأَنْ كَانَتْ هِيَ الْبَادِئَةُ بِسُؤَال الطَّلَاقِ، فَإِِنَّهُ لَا يَقْبَل التَّعْلِيقَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، لأَِنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهَا مُعَاوَضَةٌ. وَإِِنْ كَانَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فَإِِنَّهُ يَقْبَل التَّعْلِيقَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهِ طَلَاقٌ، وَمِثْلُهُ الطَّلَاقُ عَلَى مَالٍ.</p>وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَلَمْ يُجَوِّزُوا تَعْلِيقَ الْخُلْعِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 165، والخرشي 4 / 90، والروضة 8 / 244، وكشاف القناع 5 / 359، والمنثور 1 / 375.</p><font color=#ff0000>(2)</font> حاشية ابن عابدين 3 / 31 ط المصرية، والدسوقي 4 / 380 ط دار الفكر، والمنثور 1 / 371، 373 ط الفليج، وكشاف القناع 4 / 532 ط النصر.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمَنْثُورِ: أَنَّ الْخُلْعَ إِنْ جَعَلْنَاهُ طَلَاقًا فَإِِنَّهُ يَقْبَل التَّعْلِيقَ عَلَى الشُّرُوطِ وَلَا يَقْبَل الشَّرْطَ. (1)</p>وَالتَّفْصِيل مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ (خُلْعٌ) .</p> </p>د -‌<span class="title">‌ الطَّلَاقُ:</span></p><font color=#ff0000>35 -</font> مُجْمَل مَا قَالَهُ الْفُقَهَاءُ فِي الطَّلَاقِ هُوَ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقْبَل التَّعْلِيقَ اتِّفَاقًا، وَيَقَعُ بِحُصُول الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.</p>وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمَنْثُورِ: أَنَّ الطَّلَاقَ مِنَ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَقْبَل التَّعْلِيقَ عَلَى الشَّرْطِ وَلَا تَقْبَل الشَّرْطَ. (2)</p>وَالْفُقَهَاءُ يَذْكُرُونَ مَسَائِل كَثِيرَةً فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، كَتَعْلِيقِهِ عَلَى الْمَشِيئَةِ أَوِ الْحَمْل أَوِ الْوِلَادَةِ أَوْ عَلَى فِعْل غَيْرِهِ، وَتَعْلِيقُهُ عَلَى الطَّلَاقِ نَفْسِهِ، وَتَعْلِيقُهُ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ أَوْ أَمْرٍ يَسْتَحِيل وُقُوعُهُ، وَغَيْرُهَا مِنَ الْمَسَائِل الَّتِي يَطُول الْكَلَامُ بِذِكْرِهَا فَلْيُرْجَعْ لِتَفْصِيلِهَا إِِلَى (الطَّلَاقِ) . (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) تبيين الحقائق 2 / 272، وبدائع الصنائع 3 / 152، وجواهر الإكليل 1 / 335، والروضة 7 / 382، وكشاف القناع 5 / 217، والمنثور 1 / 375 ط الفليج، وانظر ما جاء في الموسوعة الفقهية 4 / 234.</p><font color=#ff0000>(2)</font> المنثور 1 / 375 ط الفليج.</p><font color=#ff0000>(3)</font> فتح القدير 3 / 127 - 142، وتبيين الحقائق / 231 - 243، وابن عابدين 2 / 492 - 520، وفتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهندية 1 / 471 - 519، والفتاوى الهندية 1 / 415 - 454، وجواهر الإكليل 1 / 341، والدسوقي 2 / 370، وأسهل المدارك 2 / 153 - 156، والروضة 8 / 114 - 185، وحاشية قليوبي 3 / 350 - 364، ونهاية المحتاج 7 / 10 - 53، وتحفة المحتاج 8 / 87 - 146، وكشاف القناع 5 / 284 - 319، والإنصاف 9 / 59 - 119، والمغني لابن قدامة 7 / 178 - 235.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٤)</span><hr/></div>هـ -‌<span class="title">‌ الظِّهَارُ:</span></p><font color=#ff0000>36 -</font> يَصِحُّ تَعْلِيقُ الظِّهَارِ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الظِّهَارَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ كَالطَّلَاقِ، وَيَقْتَضِي الْكَفَّارَةَ كَالْيَمِينِ. وَكُلٌّ مِنَ الطَّلَاقِ وَالْيَمِينِ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ. فَمَنْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إِنْ دَخَلْتِ الدَّارَ، لَا يَصِيرُ مُظَاهِرًا مِنْهَا قَبْل دُخُولِهَا الدَّارَ.</p>وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْمَنْثُورِ: أَنَّ الظِّهَارَ كَالطَّلَاقِ فِي كَوْنِهِ يَقْبَل التَّعْلِيقَ عَلَى الشَّرْطِ وَلَا يَقْبَل الشَّرْطَ. (1)</p>وَالتَّفْصِيل مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ (ظِهَارٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَ - الْعِتْقُ:</span></p><font color=#ff0000>37 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ وَالصِّفَةِ، عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهِمَا يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (عِتْقٌ) . (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) بدائع الصنائع 3 / 232، وجواهر الإكليل 1 / 371، وشرح الزرقاني 4 / 164، 165، والخرشي 4 / 103، ومغني المحتاج 3 / 354، ونهاية المحتاج 7 / 79، وكشاف القناع 5 / 373، والمنثور 1 / 375.</p><font color=#ff0000>(2)</font> البحر الرائق 4 / 249، وتبيين الحقائق 3 / 71، ومواهب الجليل 6 / 333، والدسوقي 4 / 365، والقليوبي 4 / 365، وكشاف القناع 4 / 521، والإنصاف 7 / 413.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>ز -‌<span class="title">‌ الْمُكَاتَبَةُ:</span></p><font color=#ff0000>38 -</font> يَجُوزُ تَعْلِيقُ الْمُكَاتَبَةِ بِالشَّرْطِ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ سَبَقَ فِي مُصْطَلَحِ (إِسْقَاطٌ) وَرَاجِعْ مُصْطَلَحَ (مُكَاتَبَةٌ) . (1)</p> </p>ح -‌<span class="title">‌ النَّذْرُ:</span></p><font color=#ff0000>39 -</font> اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيقِ النَّذْرِ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ قَبْل حُصُول الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ؛ لِعَدَمِ وُجُودِ سَبَبِ الْوَفَاءِ، فَمَتَى وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وُجِدَ النَّذْرُ وَلَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ. (2) عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (نَذْرٌ) .</p> </p>ط -‌<span class="title">‌ الْوِلَايَةُ:</span></p><font color=#ff0000>40 -</font> وَيُمَثَّل لَهَا بِالإِِْمَارَةِ وَالْقَضَاءِ وَالْوِصَايَةِ، أَمَّا الإِِْمَارَةُ وَالْقَضَاءُ فَيَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِالشَّرْطِ لأَِنَّهُمَا وِلَايَةٌ مَحْضَةٌ. (3)</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ (إِمَارَةٌ) وَمُصْطَلَحُ (قَضَاءٌ) .</p>وَأَمَّا الْوِصَايَةُ فَيَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَعْلِيقُهَا<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) مصطلح (إسقاط) الموسوعة الفقهية 4 / 234.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 5 / 93، وجواهر الإكليل 1 / 244، وحاشية قليوبي 4 / 288، 289، وكشاف القناع 6 / 277.</p><font color=#ff0000>(3)</font> جامع الفصولين 2 / 2، والأشباه والنظائر لابن نجم / 368، والفتاوى الهندية 4 / 396.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٥)</span><hr/></div>بِالشَّرْطِ لِقُرْبِهَا مِنَ الإِِْمَارَةِ، فَإِِذَا قَال: إِِذَا مِتُّ فَفُلَانٌ وَصِيِّي، فَإِِنَّ الْمَذْكُورَ يَصِيرُ وَصِيًّا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ فَإِِنْ قُتِل زَيْدٌ أَوِ اسْتُشْهِدَ فَأَمِيرُكُمْ جَعْفَرٌ، فَإِِنْ قُتِل أَوِ اسْتُشْهِدَ فَأَمِيرُكُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ (1) .</p>وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِِنَّهُمْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِجَوَازِ تَعْلِيقِهَا. (2)</p>وَالتَّفْصِيل مَحَلُّهُ مُصْطَلَحِ:(وِصَايَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌ثَانِيًا - التَّصَرُّفَاتُ الَّتِي لَا تَقْبَل التَّعْلِيقَ:</span></p>أ -‌<span class="title">‌ الإِِْجَارَةُ:</span></p><font color=#ff0000>41 -</font> لَا يَجُوزُ الإِِْجَارَةُ عَلَى الشَّرْطِ بِالاِتِّفَاقِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَذَلِكَ لأَِنَّ مَنْفَعَةَ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ تُنْقَل مِلْكِيَّتُهَا فِي مُدَّةِ الإِِْجَارَةِ مِنَ الْمُؤَجَّرِ إِِلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَانْتِقَال الأَْمْلَاكِ لَا يَكُونُ إِلَاّ مَعَ الرِّضَا، وَالرِّضَا إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ الْجَزْمِ، وَلَا جَزْمَ مَعَ التَّعْلِيقِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) حديث: عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد بن حارثة وقال: فإن قتل زيد أو استشهد فأميركم جعفر، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحه ". رواه أحمد (1 / 204 ط الميمنية) وصححه ابن حجر في الفتح (6 / 511 ط السلفية) له شاهد من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهم في البخاري (الفتح 7 / 510 ط السلفية) .</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين 2 / 2، والزرقاني 8 / 275 - 203، وجواهر الإكليل 2 / 316 - 327، والدسوقي 4 / 422 - 456، والمنثور 1 / 371، وكشاف القناع 4 / 395.</p><font color=#ff0000>(3)</font> الفتاوى الهندية 4 / 396، والفروق 1 / 229، والمنثور 1 / 374. وانظر في الموسوعة الفقهية مصطلح (إجارة) .</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>ب -‌<span class="title">‌ الإِِْقْرَارُ:</span></p><font color=#ff0000>42 -</font> لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الإِِْقْرَارِ عَلَى الشَّرْطِ بِالاِتِّفَاقِ؛ لأَِنَّ الْمُقِرَّ يُعْتَبَرُ بِذَلِكَ مُقِرًّا فِي الْحَال؛ وَلأَِنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى الشَّرْطِ فِي مَعْنَى الرُّجُوعِ عَنْ إِقْرَارٍ، وَالإِِْقْرَارُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ لَا يَحْتَمِل الرُّجُوعَ؛ وَلأَِنَّ الإِِْقْرَارَ إِخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، لِوُجُوبِهِ قَبْل الشَّرْطِ. (1) وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِقْرَارٌ) .</p> </p>ج -‌<span class="title">‌ الإِِْيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى:</span></p><font color=#ff0000>43 -</font> الإِِْيمَانُ بِاللَّهِ تَعَالَى لَا يَقْبَل التَّعْلِيقَ عَلَى الشَّرْطِ، فَإِِذَا قَال: إِنْ كُنْتُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ كَاذِبًا فَأَنَا مُسْلِمٌ، فَإِِنَّهُ إِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَحْصُل لَهُ إِسْلَامٌ؛ لأَِنَّ الدُّخُول فِي الدِّينِ يُفِيدُ الْجَزْمَ بِصِحَّتِهِ، وَالْمُعَلَّقُ لَيْسَ بِجَازِمٍ. (2)</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِيمَانٌ) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم / 367 ط الهلال، والفتاوى الهندية 4 / 396 ط المكتبة الإسلامية، والفروق للقرافي 1 / 229 ط دار إحياء الكتب العربية، وجواهر الإكليل 2 / 133 ط المعرفة، والمنثور 1 / 375 ط الفليج، وكشاف القناع 6 / 466 ط النصر، وانظر الموسوعة 6 / 65.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الفروق للقرافي 1 / 229، والمنثور للزركشي 1 / 373، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 376.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٦)</span><hr/></div>د -‌<span class="title">‌ الْبَيْعُ:</span></p><font color=#ff0000>44 -</font> لَا يَجُوزُ فِي الْجُمْلَةِ تَعْلِيقُ الْبَيْعِ عَلَى الشَّرْطِ بِالاِتِّفَاقِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْبَيْعَ فِيهِ انْتِقَالٌ لِلْمِلْكِ مِنْ طَرَفٍ إِِلَى طَرَفٍ، وَانْتِقَال الأَْمْلَاكِ إِنَّمَا يَعْتَمِدُ الرِّضَا، وَالرِّضَا يَعْتَمِدُ الْجَزْمَ، وَلَا جَزْمَ مَعَ التَّعْلِيقِ. (1)</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ)</p> </p>هـ -‌<span class="title">‌ الرَّجْعَةُ:</span></p><font color=#ff0000>45 -</font> لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ الرَّجْعَةِ عَلَى شَرْطٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. (2)</p>وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَذَكَرُوا فِي إِبْطَال الرَّجْعَةِ إِنْ عُلِّقَتْ - بِأَنْ قَال لِزَوْجَتِهِ: إِنْ جَاءَ الْغَدُ فَقَدْ رَاجَعْتُكِ - قَوْلَيْنِ:</p>أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الأَْظْهَرُ، أَنَّهَا لَا تَصِحُّ الآْنَ وَلَا غَدًا؛ لأَِنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ النِّكَاحِ، وَهُوَ لَا يَكُونُ لأَِجَلٍ، وَلاِفْتِقَارِهَا لِنِيَّةٍ مُقَارِنَةٍ.</p>وَالثَّانِي: أَنَّهَا تَبْطُل الآْنَ فَقَطْ، وَتَصِحُّ رَجْعَتُهُ<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأشباه والنظائر لابن النجيم / 367، والفتاوى الهندية 4 / 396، والفروق للقرافي 1 / 229 ط دار إحياء الكتب العربية، والروضة 3 / 338، والمنثور 1 / 374، وكشاف القناع 3 / 194، 195. ط النصر، ومنتهى الإرادات 1 / 354 ط دار العروبة.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين 2 / 4، والفتاوى الهندية 4 / 396، والأشباه والنظائر للسيوطي / 376، وروضة الطالبين 8 / 216، وكشاف القناع 5 / 343.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>فِي الْغَدِ، لأَِنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ فَلَهُ تَعْلِيقُهَا. (1)</p>وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (رَجْعَةٌ) .</p> </p>‌<span class="title">‌وَ - النِّكَاحُ:</span></p><font color=#ff0000>46 -</font> لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ النِّكَاحِ عَلَى شَرْطٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ تَعْلِيقُ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ غَيْرِ مَشِيئَةِ اللَّهِ، لأَِنَّهُ - كَمَا جَاءَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ - عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ كَالْبَيْعِ (2) . وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (نِكَاحٌ) .</p> </p>ز -‌<span class="title">‌ الْوَقْفُ:</span></p><font color=#ff0000>47 -</font> لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَعْلِيقُ الْوَقْفِ عَلَى شَرْطٍ، مِثْل أَنْ يَقُول: إِنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ؛ لاِشْتِرَاطِهِمُ التَّنْجِيزَ فِيهِ.</p>وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَجَوَّزُوا تَعْلِيقَهُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِمُ التَّنْجِيزَ فِيهِ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ. (3)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) جواهر الإكليل 1 / 363، والدسوقي على شرح الدردير 2 / 420.</p><font color=#ff0000>(2)</font> جامع الفصولين 2 / 5، والفتاوى الهندية 4 / 396، وجواهر الإكليل 1 / 284، والتاج والإكليل هامش مواهب الجليل 3 / 446، والروضة 7 / 40، والمنثور 1 / 373، وكشاف القناع 5 / 97، 98.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نتائج الأفكار 5 / 37، وحاشية ابن عابدين 3 / 362، والدسوقي 4 / 87.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٧)</span><hr/></div>وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ: فَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُمْ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوَقْفِ فِيمَا لَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ، كَقَوْلِهِ: إِِذَا جَاءَ زَيْدٌ فَقَدْ وَقَفْتُ كَذَا عَلَى كَذَا؛ لأَِنَّهُ عَقْدٌ يَقْتَضِي نَقْل الْمِلْكِ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حَالاً كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ.</p>أَمَّا مَا يُضَاهِي التَّحْرِيرَ، كَجَعَلْتُهُ مَسْجِدًا إِِذَا جَاءَ رَمَضَانُ، فَالظَّاهِرُ صِحَّتُهُ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَمَحَل ذَلِكَ مَا لَمْ يُعَلِّقْهُ بِالْمَوْتِ، فَإِِنْ عَلَّقَهُ بِهِ كَوَقَفْتُ دَارِي بَعْدَ مَوْتِي عَلَى الْفُقَرَاءِ فَإِِنَّهُ يَصِحُّ. قَالَهُ الشَّيْخَانِ، وَكَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِقَوْل الْقَفَّال: لَوْ عَرَضَهَا لِلْبَيْعِ كَانَ رُجُوعًا. (1)</p>وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ: فَلَمْ يُجَوِّزُوا تَعْلِيقَ ابْتِدَاءِ الْوَقْفِ عَلَى شَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ، مِثْل أَنْ يَقُول: إِِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَدَارِي وَقْفٌ أَوْ فَرَسِي حَبِيسٌ، وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ وَلأَِنَّهُ نَقْلٌ لِلْمِلْكِ فِيمَا لَمْ يُبْنَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ كَالْهِبَةِ.</p>وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا.</p>وَسَوَّى الْمُتَأَخِّرُونَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بَيْنَ تَعْلِيقِهِ بِالْمَوْتِ وَتَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ.</p>وَأَمَّا تَعْلِيقُ انْتِهَاءِ الْوَقْفِ بِوَقْتٍ كَقَوْلِهِ: دَارِي وَقْفٌ إِِلَى سَنَةٍ، أَوْ إِِلَى أَنْ يَقْدَمَ الْحَاجُّ، فَلَا يَصِحُّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، لأَِنَّهُ يُنَافِي مُقْتَضَى<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) نهاية المحتاج 5 / 372.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>الْوَقْفِ وَهُوَ التَّأْبِيدُ. وَفِي الْوَجْهِ الآْخَرِ: يَصِحُّ لأَِنَّهُ مُنْقَطِعُ الاِنْتِهَاءِ. (1)</p> </p>ح -‌<span class="title">‌ الْوَكَالَةُ:</span></p><font color=#ff0000>48 -</font> يَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ عَلَى شَرْطٍ، كَأَنْ يَقُول: إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَأَنْتَ وَكِيلِي فِي بَيْعِ كَذَا؛ لأَِنَّ التَّوْكِيل - كَمَا يَقُول الْكَاسَانِيُّ - إِطْلَاقُ التَّصَرُّفِ، وَالإِِْطْلَاقَاتُ مِمَّا يَحْتَمِل التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ؛ وَلأَِنَّ شُرُوطَ الْمُوَكِّل عِنْدَهُمْ مُعْتَبَرَةٌ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيل أَنْ يُخَالِفَهَا، فَلَوْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْوَكِيل مُخَالَفَةُ ذَلِكَ. (2)</p>وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ فِي تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ بِشَرْطٍ مِنْ صِفَةٍ أَوْ وَقْتٍ وَجْهَيْنِ:</p>أَصَحُّهُمَا: لَا يَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْعُقُودِ بِاسْتِثْنَاءِ الْوَصِيَّةِ لِقَبُولِهَا الْجَهَالَةَ، وَبِاسْتِثْنَاءِ الإِِْمَارَةِ لِلْحَاجَةِ.</p>وَثَانِيهِمَا: تَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ (3) .<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المغني 5 / 628، وراجع مصطلح (وقف) في الموسوعة الفقهية.</p><font color=#ff0000>(2)</font> بدائع الصنائع 6 / 20، والتاج والإكليل هامش مواهب الجليل 5 / 196، والدسوقي 3 / 383.</p><font color=#ff0000>(3)</font> نهاية المحتاج 5 / 28، وكشاف القناع 3 / 462، والمغني 5 / 93، وراجع مصطلح (وكالة) في الموسوعة الفقهية.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْلِيلٌ</span></p>‌<span class="title">‌التَّعْرِيفُ:</span></p><font color=#ff0000>1 -</font> التَّعْلِيل لُغَةً: مِنْ عَل يَعُل وَاعْتَل أَيْ: مَرِضَ فَهُوَ عَلِيلٌ. وَالْعِلَّةُ: الْمَرَضُ الشَّاغِل. وَالْجَمْعُ عِلَلٌ. (1) وَالْعِلَّةُ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا: السَّبَبُ. وَاصْطِلَاحًا: تَقْرِيرُ ثُبُوتِ الْمُؤَثِّرِ لإِِِثْبَاتِ الأَْثَرِ وَقِيل: إِظْهَارُ عِلِّيَّةِ الشَّيْءِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ تَامَّةً أَمْ نَاقِصَةً (2) .</p>وَالْعِلَّةُ عَرَّفَهَا الأُْصُولِيُّونَ بِقَوْلِهِمْ: الْعِلَّةُ هِيَ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُكَلَّفِ مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ أَوْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ.</p>وَلِلْعِلَّةِ أَسْمَاءٌ مِنْهَا: السَّبَبُ وَالْبَاعِثُ وَالْحَامِل وَالْمَنَاطُ وَالدَّلِيل وَالْمُقْتَضِي وَغَيْرُهَا.</p>وَتُسْتَعْمَل الْعِلَّةُ أَيْضًا بِمَعْنَى: السَّبَبِ، لِكَوْنِهِ مُؤَثِّرًا فِي إِيجَابِ الْحُكْمِ، كَالْقَتْل الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ سَبَبٌ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ. كَمَا تُسْتَعْمَل الْعِلَّةُ أَيْضًا بِمَعْنَى: الْحِكْمَةِ،<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) المصباح المنير ولسان العرب وتاج العروس مادة:" علل ".</p><font color=#ff0000>(2)</font> القاموس والتعريفات للجرجاني ص 61.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>وَهِيَ الْبَاعِثُ عَلَى تَشْرِيعِ الْحُكْمِ أَوِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا شُرِعَ الْحُكْمُ. (1)</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌تَعْلِيل الأَْحْكَامِ:</span></p><font color=#ff0000>2 -</font> الأَْصْل فِي أَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ عَدَمُ التَّعْلِيل؛ لأَِنَّهَا قَائِمَةٌ عَلَى حِكْمَةٍ عَامَّةٍ، وَهِيَ التَّعَبُّدُ دُونَ إِدْرَاكِ مَعْنًى مُنَاسِبٍ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ.</p>وَأَمَّا أَحْكَامُ الْمُعَامَلَاتِ وَالْعَادَاتِ وَالْجِنَايَاتِ وَنَحْوِهَا، فَالأَْصْل فِيهَا: أَنْ تَكُونَ مُعَلَّلَةً؛ لأَِنَّ مَدَارَهَا عَلَى مُرَاعَاةِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ، فَرُتِّبَتِ الأَْحْكَامُ فِيهَا عَلَى مَعَانٍ مُنَاسَبَةٍ لِتَحْقِيقِ تِلْكَ الْمَصَالِحِ.</p>وَالأَْحْكَامُ التَّعَبُّدِيَّةُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ إِمْكَانِ تَعْدِيَةِ حُكْمِهَا إِِلَى غَيْرِهَا. (2)</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَعَبُّدِيٌّ) .</p> </p>‌<span class="title">‌فَوَائِدُ تَعْلِيل الأَْحْكَامِ:</span></p><font color=#ff0000>3 -</font> لِتَعْلِيل الأَْحْكَامِ فَوَائِدُ مِنْهَا: أَنَّ الشَّرِيعَةَ جَعَلَتِ الْعِلَل مُعَرِّفَةً وَمُظْهِرَةً لِلأَْحْكَامِ كَيْ يَسْهُل عَلَى الْمُكَلَّفِينَ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَالْتِزَامُهَا.</p>وَمِنْهَا أَنْ تَصِيرَ الأَْحْكَامُ أَقْرَبَ إِِلَى الْقَبُول وَالاِطْمِئْنَانِ. (3)</p>وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التلويح على التوضيح 2 / 372 - 373، وجمع الجوامع بحاشية العطار وإرشاد الفحول ص 207.</p><font color=#ff0000>(2)</font> الموافقات 2 / 300 - 309، والبرهان 2 / 891 - 795.</p><font color=#ff0000>(3)</font> التلويح على التوضيح 2 / 382، والأحكام للآمدي 3 / 88.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣١٩)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌تَعْلِيل النُّصُوصِ:</span></p><font color=#ff0000>4 -</font> اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي تَعْلِيل النُّصُوصِ عَلَى أَرْبَعَةِ اتِّجَاهَاتٍ:</p>أ - أَنَّ الأَْصْل عَدَمُ التَّعْلِيل، حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيل عَلَيْهِ.</p>ب - أَنَّ الأَْصْل التَّعْلِيل بِكُل وَصْفٍ صَالِحٍ لإِِِضَافَةِ الْحُكْمِ إِلَيْهِ، حَتَّى يُوجَدَ مَانِعٌ عَنِ الْبَعْضِ.</p>ج - أَنَّ الأَْصْل التَّعْلِيل بِوَصْفٍ، وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يُمَيِّزُ الصَّالِحَ مِنَ الأَْوْصَافِ لِلتَّعْلِيل وَغَيْرِ الصَّالِحِ.</p>د - أَنَّ الأَْصْل فِي النُّصُوصِ التَّعَبُّدُ دُونَ التَّعْلِيل. (1)</p>وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ:(تَعَبُّدِيٌّ) وَفِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌مَسَالِكُ الْعِلَّةِ:</span></p><font color=#ff0000>5 -</font> وَهِيَ الطُّرُقُ الَّتِي يَسْلُكُهَا الْمُجْتَهِدُ لِلْوُقُوفِ عَلَى عِلَل الأَْحْكَامِ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَسْلَكُ الأَْوَّل: النَّصُّ الصَّرِيحُ</span>.</p>وَهُوَ أَنْ يُذْكَرَ دَلِيلٌ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ عَلَى التَّعْلِيل بِوَصْفٍ، بِلَفْظٍ مَوْضُوعٍ لَهُ فِي اللُّغَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِِلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ.<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) التلويح على التوضيح 2 / 376.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>وَهُوَ قِسْمَانِ:</p>الأَْوَّل: مَا صُرِّحَ فِيهِ بِكَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً أَوْ سَبَبًا لِلْحُكْمِ.</p>الثَّانِي: مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ مُعَلَّلاً بِحَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ التَّعْلِيل.</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَسْلَكُ الثَّانِي: الإِِْجْمَاعُ</span>.</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ: الإِِْيمَاءُ وَالتَّنْبِيهُ</span>.</p>وَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيل لَازِمًا مِنْ مَدْلُول اللَّفْظِ، لَا أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ دَالًّا بِوَضْعِهِ عَلَى التَّعْلِيل. وَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ تُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ: السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ</span>.</p>وَهُوَ حَصْرُ الأَْوْصَافِ فِي الأَْصْل، وَإِِبْطَال مَا لَا يَصْلُحُ مِنْهَا لِلتَّعْلِيل، فَيَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلتَّعْلِيل.</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَسْلَكُ الْخَامِسُ: الْمُنَاسَبَةُ وَالشَّبَهُ وَالطَّرْدُ:</span></p>يَنْقَسِمُ الْوَصْفُ الْمُعَلَّل بِهِ إِِلَى قِسْمَيْنِ:</p>أ - مَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَيُسَمَّى الْمُنَاسِبَ. وَهُوَ أَنْ يَتَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَى وَصْفٍ ظَاهِرٍ مُنْضَبِطٍ، يَلْزَمُ مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عُلَيَّةَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُكَلَّفِ مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ أَوْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ. وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالإِِْخَالَةِ وَبِالْمَصْلَحَةِ وَبِالاِسْتِدْلَال وَبِرِعَايَةِ الْمَقَاصِدِ. وَيُسَمَّى اسْتِخْرَاجُهَا تَخْرِيجَ الْمَنَاطِ.</p>ب - مَا لَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَيَنْقَسِمُ إِِلَى نَوْعَيْنِ:</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٠)</span><hr/></div>الأَْوَّل: أَنْ لَا يُؤَلَّفَ مِنَ الشَّارِعِ اعْتِبَارُهُ فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ، وَيُسَمَّى الْوَصْفَ الطَّرْدِيَّ.</p>الثَّانِي: أَنْ يُؤَلَّفَ مِنَ الشَّارِعِ اعْتِبَارُهُ فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ، وَيُسَمَّى الْوَصْفَ الشَّبَهِيَّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْمَسْلَكُ السَّادِسُ: تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ وَتَحْقِيقُ الْمَنَاطِ وَالدَّوَرَانِ:</span></p>وَهِيَ رَاجِعَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا إِِلَى الْمَسَالِكِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمُنْدَرِجَةٌ تَحْتَهَا.</p>وَتَنْقِيحُ الْمَنَاطِ: هُوَ إِلْحَاقُ الْفَرْعِ بِالأَْصْل بِنَفْيِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا.</p>أَمَّا تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ: فَهُوَ أَنْ يَجْتَهِدَ الْمُجْتَهِدُ فِي إِثْبَاتِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي هِيَ مَحَل النِّزَاعِ.</p>وَأَمَّا الدَّوَرَانُ: فَهُوَ أَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصْفِ، وَيَرْتَفِعُ بِارْتِفَاعِهِ (1) .</p>وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْمَسَالِكِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.</p> </p>‌<span class="title">‌الْحَدِيثُ الْمُعَلَّل:</span></p><font color=#ff0000>6 -</font> هُوَ الَّذِي اطُّلِعَ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ تَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهُ السَّلَامَةُ مِنْهَا، وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ (2)<hr width='95' align='right'><div class='footnote'>(1) الأحكام للآمدي 3 / 251 وما بعدها، والمحصول 2 / القسم الثاني ص 193 وما بعدها، وحاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 313، والتلويح على التوضيح 2 / 376.</p><font color=#ff0000>(2)</font> علوم الحديث ص 81، وشرح ألفية العراقي 1 / 226 - 227.</div></div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌أ</span></p>الآلوسي: هو محمود بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 5 ص 335.</p>آمدي: هو علي بن أبي علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p>إبراهيم الباجوري: هو إبراهيم بن محمد الباجوري:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p>إبراهيم النخعي: هو إبراهيم بن يزيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p>‌<span class="title">‌ابن أبي جمرة (؟ - 695 ه</span>ـ) .</p>هو عبد الله بن سعد بن أبي جمرة، أبو محمد، الأزدي، الأندلسي. من العلماء بالحديث، مالكي. أخذ عنه صاحب المدخل ونقل عنه كثيراً في كتابه.</p>من تصانيفه:" جمع النهاية " اختصر به صحيح البخاري، ويعرف بـ " مختصر</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٣)</span><hr/></div>ابن أبي جمرة "، و " بهجة النفوس "، و " المرائي الحسان " في الحديث.</p>[البادية والنهاية 13 / 346، ونيل الابتهاج بهامش الديباج 140، والأعلام 4 / 221] .</p> </p>ابن أبي حاتم: هو عبد الرحمن بن محمد أبي حاتم:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 397.</p>ابن أبي ليلى:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p>ابن أبي موسى: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p>ابن الأثير: هو المبارك بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 398.</p>ابن بطال: هو علي بن خلف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 326.</p>ابن تميم: هو محمد بن تميم:</p>تقدمت ترجمته في ج 11 ص 326.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>ابن تيمية (تقي الدين) : هو أحمد بن عبد الحليم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 326.</p>ابن تيمية: هو عبد السلام بن عبد الله.</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 326.</p>ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 326.</p>ابن جنك: ر: الخليل بن أحمد.</p>ابن الجوزي: هو عبد الرحمن بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 398.</p>ابن الحاج: هو محمد بن محمد المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 340.</p> </p>ابن الحاجب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p> </p>ابن حامد: هو الحسن بن حامد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 398.</p> </p>ابن حبان: هو محمد بن حبان:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 399.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٤)</span><hr/></div>ابن حبيب: هو عبد الملك بن حبيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 399.</p> </p>ابن حجر العسقلاني:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 399.</p> </p>ابن حجر المكي: هو أحمد بن حجر الهيتمي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 327.</p>‌<span class="title">‌ابن حكيم (484 - 567 ه</span>ـ)</p>هو محمد بن أسعد بن محمد بن نصر بن حكيم، أبو المظفر، الحكيمي، وعرف بابن حكيم، واعظ من فقهاء الحنفية. تفقه على الحسين بن محمد بن علي الرئيس ونور الهدى الزيني وأبي علي بن بنهان. وعنه روى أبو المواهب بن حصري وأبو نصر الشيرازي قال ابن النجار: درس بدمشق بمدرسة طرخان، ثم بنى له الأمير الواثق المعروف بمعين الدولة مدرسة، ودرس بالمدرسة الصادرية أياماً.</p>من تصانيفه:" تفسير القرآن "، و " شرح المقامات الحريرية "، و " شرح شهاب الأخبار " للقضاعي.</p>[تاج التراجم 53، والجواهر المضيئة 2 / 32، وطبقات المفسرين للداودي 2 / 90، والأعلام 6 / 256] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ابن حمدان (603 - 695 ه</span>ـ) :</p>هو أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان، أبو عبد الله، النمري الحراني. فقيه حنبلي، أديب. سمع بحران من الحافظ عبد القادر الرهاوي وهو آخر من روى عنه، ومن الخطيب أبي عبد الله بن تيمية وغيره. وقرأ بنفسه على الشيوخ وجالس ابن عمه الشيخ مجد الدين بن تيمية وبحث معه كثيراً، وبرع في الفقه وانتهت إليه معرفة المذهب ودقائقه وغوامضه. وولي نيابة القضاء بالقاهرة.</p>من تصانيفه:" الرعاية الكبرى "، و " الرعاية الصغرى " كلاهما في الفقه، و " صفة المفتي والمستفتي "، و " مقدمة في أصول الدين "، و " الإيجاز في الفقه الحنبلي ".</p>[شذرات الذهب 5 / 428، والأعلام 1 / 116، ومعجم المؤلفين 1 / 211] .</p> </p>ابن خزيمة: هو محمد بن إسحاق:</p>تقدمت ترجمته في ج 8 ص 276.</p> </p>ابن دقيق العيد: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 319.</p>ابن رجب: هو عبد الرحمن بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 328.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٥)</span><hr/></div>ابن رشد: هو محمد بن أحمد (الحفيد) :</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 328.</p>ابن رسلان: هو أحمد بن حسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 340.</p> </p>ابن الرفعة: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 9 ص 284.</p>ابن الزبير: هو عبد الله بن الزبير:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 359.</p>ابن سريج: هو أحمد بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 329.</p>ابن سيرين: هو محمد بن سيرين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 329.</p>‌<span class="title">‌ابن الشاط (643 - 723 ه</span>ـ)</p>هو قاسم بن عبد الله بن محمد بن الشاط، أبو محمد، أبو القاسم، الأنصاري الإشبيلي. فقيه، مالكي، فرضي، شارك في بعض العلوم، أخذ عن أبي علي الحسن بن الربيع، وأجازه أبو القاسم بن البراء وابن أبي الدنيا وابن الغماز وغيرهم. وعنه أبو زكريا بن الهذيل وابن الحباب والقاضي أبو بكر بن شبرين وغيرهم.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>من تصانيفه: " أنوار البروق في تعقب مسائل القواعد والفروق "، و " تحفة الرافض في علم الفرائض "، و " تحرير الجواب في توفير الثواب ".</p>[الديباج 226، وشجرة النور الزكية 217، ومعجم المؤلفين 8 / 105] .</p> </p>ابن شبرمة: هو عبد الله بن شبرمة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 400.</p> </p>ابن الصباغ: هو عبد السيد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 342.</p> </p>ابن الصلاح: هو عثمان بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p> </p>ابن عابدين: محمد أمين بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p> </p>ابن عباس: هو عبد الله بن عباس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 330.</p> </p>ابن عبد البر: هو يوسف بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 400.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٦)</span><hr/></div>ابن عبد السلام: هو محمد بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p> </p>ابن العربي: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1ص 331.</p> </p>ابن عرفة: هو محمد بن محمد بن عرفة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p> </p>ابن عقيل: هو علي بن عقيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 401.</p> </p>ابن عمر: هو عبد الله بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 331.</p> </p>ابن فرحون: هو إبراهيم بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p>ابن القاسم: هو عبد الرحمن بن القاسم المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p> </p>ابن قدامة: هو عبد الله بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</p> </p>ابن القيم: هو محمد بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٧)</span><hr/></div>ابن كثير: هو إسماعيل بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 7 ص 330.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن اللباد (250 - 333 ه</span>ـ) :</p>هو محمد بن محمد بن وشاخ، أبو بكر القيرواني. المعروف بابن اللباد فقيه مالكي. مفسر. لغوي. تفقه بيحيى بن عمر وأخيه محمد وابن طالب وسعيد الحداد وغيرهم. تفقه به ابن حارث وابن أبي زيد. وروى عنه جماعة منهم زياد بن عبد الرحمن وابن المنتاب.</p>من تصانيفه: " الآثار والفوائد " في عشرة أجزاء، و " كتاب الطهارة "، و " فضائل مكة "، و " فضائل مالك بن أنس ".</p>[الديباج 249، وشجرة النور الزكية 84، والأعلام 7 / 242، ومعجم المؤلفين 11 / 309] .</p> </p>ابن الماجشون: هو عبد الملك بن عبد العزيز: تقدمت ترجمته في ج 1 ص 333.</p> </p>ابن ماجه:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p> </p>ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1ص 360.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٧)</span><hr/></div>ابن مفلح: هو محمد بن مفلح:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 321.</p> </p>ابن المقري: هو إسماعيل بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p> </p>ابن المنذر: هو محمد بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p> </p>ابن ناجي: هو قاسم بن عيسى:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 341.</p> </p>ابن نجيم: هو زين الدين بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p> </p>ابن نجيم: هو عمر بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p> </p>‌<span class="title">‌ابن وضاح (199 - 286 ه</span>ـ) :</p>هو محمد بن وضاح بن يزيد، قيل: ابن بديع، أبو عبد الله المالكي مولى عبد الرحمن بن معاوية الأندلسي. فقيه، محدث، حافظ، روى عن يحيى بن يحيى ومحمد بن خالد ومحمد بن المبارك الصوري وإبراهيم بن المنذر وعبد الملك بن حبيب وغيرهم.</p>وعنه أحمد بن خالد وابن لبابة وابن المواز وقاسم بن أصبغ ووهب بن مسرة وغيرهم.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٨)</span><hr/></div>وقال الحميدي: من الرواة المكثرين والأئمة المشهورين وكان أحمد بن خالد لا يقدم أحداً عليه وكان يعظمه جداً ويصف فضله وورعه. {من تصانيفه: " كتاب العباد والعوابد "، و " رسالة السنة "، و " كتاب الصلاة في التعليق ".</p>[شجرة النور الزكية 76، والديباج المذهب 239، ولسان الميزان 5 / 416، والأعلام 7 / 358] .</p> </p>ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p>‌<span class="title">‌ابن وهبان (726 - 768 ه</span>ـ) :</p>هو عبد الوهاب بن أحمد بن وهبان، أبو محمد الدمشقي الحنفي. فقيه مقرئ، أديب. أخذ الفقه عن فخر الدين أحمد بن علي بن الفصيح والحسن السغناقي وعن محمد البخاري وشمس الأئمة الكروري وغيرهم. قال ابن حجر في الدرر الكامنة: تمهر وتميز في الفقه والعربية والقراءات والأدب، ودرس وأفتى وولي قضاة حماة.</p>من تصانيفه:" منظومة قيد الشرائد ونظم الفرائد "، و " عقد القلائد في حل قيد</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٨)</span><hr/></div>الشرائد " في فروع الفقه الحنفي، و " نهاية الاختصار في أوزان الأشعار ".</p>[الدرر الكامنة 4 / 423، وشذرات الذهب 6 / 212، والفوائد البهية 113، ومعجم المؤلفين 6 / 221.</p> </p>ابن يونس: هو أحمد بن يونس المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 315.</p> </p>أبو إسحاق الإسفراييني: هو إبراهيم بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 335.</p> </p>أبو أمامة: هو صُدِّي بن عجلان:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 345.</p> </p>أبو بكر الصديق:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</p> </p>أبو بكر الطرطوشي: هو محمد بن الوليد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</p> </p>أبو ثور: هو إبراهيم بن خالد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</p> </p>أبو حنيفة: هو النعمان بن ثابت:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 336.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>أبو الخطاب: هو محفوظ بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p> </p>أبو داود: هو سليمان بن الأشعث:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p>أبو ذر: هو جندب بن جنادة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 403.</p> </p>أبو زيد: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 9 ص 286.</p>أبو طالب: هو أحمد بن حميد الحنبلي:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 347.</p>أبو الطيب الطبري: هو طاهر بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 343.</p>أبو سعيد الخدري: هو سعد بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p>أبو طلحة: هو زيد بن سهل:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 348.</p> </p>أبو العالية: هو رفيع بن مهران:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 343.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٢٩)</span><hr/></div>أبو عبيد: هو القاسم بن سلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 337.</p> </p>أبو علي: لعله المراد به أبو علي بن أبي هريرة:</p>تقدمت ترجمته في ج 5 ص 338.</p>أبو عمرو الداني: هو عثمان بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 323.</p>أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 338.</p> </p>أبو محمد الجويني: هو عبد الله بن يوسف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p>أبو موسى الأشعري:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 338.</p>أبو هريرة: هو عبد الرحمن بن صخر:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p> </p>‌<span class="title">‌أبو الهياج الأسدي </span>(؟ -؟) :</p>هو حيان بن حصين، أبو الهياج الأسدي، الكوفي، التابعي.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>روى عن علي وعمار رضي الله عنهما. وعنه ابناه جرير ومنصور وأبو وائل والشعبي. ذكره ابن حبان في الثقات. وقال العجلي: تابعي ثقة. وقال ابن عبد البر كان كاتب عمار رضي الله عنه.</p>[تهذيب التهذيب 3 / 67] .</p> </p>أبو يعلى: هو محمد بن الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 364.</p> </p>أبو يوسف: هو يعقوب بن إبراهيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p>أبي بن كعب:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 339.</p>الأتاسي: هو خالد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 349.</p>الأثرم: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p>أحمد بن حنبل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 339.</p>أحمد الرملي: هو أحمد بن حمزة الرملي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 352.</p>إسحاق بن راهويه:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 340.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٠)</span><hr/></div>الإسنوي: هو عبد الرحيم بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 349.</p> </p>‌<span class="title">‌الأسود (؟ - 75 ه</span>ـ) .</p>هو الأسود بن يزيد بن قيس، أبو عمر، النخعي. تابعي، فقيه من الحفاظ، كان عالم الكوفة في عصره. روى عن أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وبلال وعائشة رضي الله عنهم. وعنه ابنه عبد الرحمن وأخوه عبد الرحمن وابن أخته إبراهيم بن يزيد النخعي وغيرهم. قال أبو طالب عن أحمد ثقة. وقال ابن سعد كان ثقة وله أحاديث صالحة. قال ابن حبان في الثقات كان فقيهاً زاهداً.</p>[تهذيب التهذيب 1 / 343، وتذكرة الحفاظ 1 / 48، والأعلام 1 / 330] .</p> </p>أشهب: هو أشهب بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</p> </p>إمام الحرمين: هو عبد الملك بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 350.</p> </p>أنس بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 402.</p> </p>الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 341.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ب</span></p>الباجي: هو سليمان بن خلف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 342.</p> </p>‌<span class="title">‌البجيرمي (1131 - 1221 ه</span>ـ) .</p>هو سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي الشافعي الأزهري. نسبته إلى بجيرم قرية من قرى الغربية بمصر. فقيه، محدث. أخذ عن الشيخ موسى البجيرمي والشيخ العشماوي والشيخ الحفني والشيخ علي الصعيدي.</p>من تصانيفه:" حاشيته على شرح المنهج "، و " التجريد لنفع العبيد "، و " تحفة الحبيب على شرح الخطيب ".</p>[حلية البشر 2 / 694، وإيضاح المكنون 1 / 228، ومعجم المؤلفين 4 / 275] .</p> </p>البخاري: هو محمد بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 343.</p>البراء بن عازب:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 345.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣١)</span><hr/></div>البزدوي: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 343.</p> </p>‌<span class="title">‌بشير بن الخصاصية </span>(؟ -؟) .</p>هو بشير بن معبد، وقيل ابن يزيد بن معد بن ضباب بن سبع، المعروف بابن الخصاصية. صحابي. وكان اسمه زحماً فسماه النبي بشيراً، روى عن النبي ص. وعنه بشير بن نهيك وجري بن كليب وغيرهما.</p>[الإصابة1 / 159، وأسد الغابة 1 / 229، وتهذيب التهذيب 1 / 467] .</p> </p>البغوي: هو الحسين بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 343.</p> </p>البلقيني: هو عمر بن رسلان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p> </p>بهز بن حكيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 352.</p> </p>البهوتي: هو منصور بن يونس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p> </p>البيضاوي: هو عبد الله بن عمر:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 319.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>البيهقي: هو أحمد بن الحسين:</p>‌<span class="title">‌ت</span>قدمت ترجمته في ج 2 ص 407.</p>ت</p>الترمذي: هو محمد بن عيسى:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p>‌<span class="title">‌التمرتاشي (توفي في حدود 600 ه</span>ـ) :</p>هو أحمد بن إسماعيل بن محمد، ظهير الدين، أبو محمد، قيل: أبو العباس: التمرتاشي. الحنفي الخوارزمي، التمرتاشي نسبة إلى تمرتاش قرية من قرى خوارزم. مفتي خوارزم.</p>من تصانيفه:" فتاوى التمرتاشي "، و " شرح الجامع الصغير "، و " كتاب التراويح ".</p>[الفوائد البهية 15، والجواهر المضيئة 1 / 61، وكشف الظنون 2 / 1221، ومعجم المؤلفين 1 / 167] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ث</span></p>الثوري: هو سفيان بن سعيد:</p>تقدمت تر‌<span class="title">‌ج</span>مته في ج 1 ص 345.</p>ج</p>جابر بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 345.</p>جرير بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 346.</p>جعفر بن م‌<span class="title">‌ح</span>مد:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 353.</p> </p>ح</p>الحافظ العراقي: هو عبد الرحيم بن حسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 417.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>الحاكم: هو محمد بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 408.</p> </p>الحجاوي: هو موسى بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 408.</p> </p>حذيفة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 409.</p> </p>الحسن البصري:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 346</p> </p>الحسن بن زياد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 347.</p> </p>الحسن بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 409.</p> </p>الحطاب: هو محمد بن محمد بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 347.</p> </p>الحكم: هو الحكم بن عتيبة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 410.</p> </p>حماد بن أبي سليمان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 348.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٣)</span><hr/></div>حماد بن سلمة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 410.</p>حنبل الشيباني: هو حنبل بن إسحاق:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 327.</p>‌<span class="title">‌خ</span></p>الخطابي: هو حمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 349.</p> </p>الخطيب الشربيني:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</p>‌<span class="title">‌الخليل بن أحمد (289 - 378 ه</span>ـ) :</p>هو الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل، أبو سعيد السجزي، المعروف بابن جنك فقيه، حنفي، قاض. كان شيخ أهل الرأي في عصره، وكان صاحب فنون في العلوم. طاف الدنيا شرقاً وغرباً وسمع الحديث. ومات قاضياً بسمرقند.</p>[النجوم الزاهرة 4 / 153، شذرات الذهب 3 / 91، والأعلام 2 / 363] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌د</span></p>‌<span class="title">‌الداودي (374 - 467 ه</span>ـ) :</p>هو عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود، أبو الحسن، الداودي، البوسنجي فقيه، محدث. تفقه على أبي بكر القفال وأبو الطيب الصعلوكي وأبي حامد الإسفرايني وأبى الحسن الطليسي، وسمع عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي وأبا محمد بن أبي سريج وأبا طاهر الزيادي وغيرهم. روى عنه أبو الوقت ومسافر بن محمد وعائشة بنت عبد الله البوسنجية وأبو المحاسن أسعد بن زياد الماليني وغيرهم، وقال عبد الله بن يوسف الجرجاني: استقر ببوسنج للتصنيف والتدريس والفتوى والتذكير إلى أن توفي وكان له حظ من النظم والنثر.</p>[طبقات الشافعية 3 / 228، وشذرات الذهب 3 / 327، والنجوم الزاهرة 5 / 99، ومعجم المؤلفين 5 / 192] .</p> </p>الدردير: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 350.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٤)</span><hr/></div>الدسوقي: هو محمد بن أحمد الدسوقي:</p>تقدمت ت‌<span class="title">‌ر</span>جمته في ج 1 ص 350.</p>ر</p>الرافعي: هو عبد الكريم بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 351.</p>الروياني: هو عبد الواحد بن إسماعيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 352.</p>‌<span class="title">‌ز</span></p>الزركشي: هو محمد بن بهادر:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص 412.</p>زفر: هو زفر بن الهذيل:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 353.</p>الزهري: هو محمد بن مسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>زيد بن خالد الجهيني:</p>تقدمت ترجمته في ج 11 ص 378.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌س</span></p>سالم بن عبد الله:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 353.</p>‌<span class="title">‌السامري </span>(؟ -؟) :</p>هو إبراهيم بن العباس، ويقال ابن أبي العباس، أبو إسحاق، السامري الكوفي. وروى عن شريك القاضي وابن الزناد وبقية وغيرهم. وعنه أحمد بن حنبل والصغاني والدوري وغيرهم. قال أحمد. صالح الحديث. وقال مرة: لا بأس به. وقال الدارقطني وغيره: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات.</p>[تهذيب التهذيب 1 / 131، وميزان الاعتدال 1 / 39] .</p> </p>السبكي: هو عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 353.</p>السبكي: هو علي بن عبد الكافي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 354.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٥)</span><hr/></div>سحنون: هو عبد السلام بن سعيد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص 412.</p>السرخسي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص 413.</p>سعد بن أبي وقاص: هو سعد بن مالك:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 354.</p> </p>سعيد بن جبير:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 354.</p>سعيد بن المسيب:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 354.</p>سعيد بن منصور:</p>تقدمت ترجمته في ج7 ص 336.</p>سلمان الفارسي:</p>تقدمت ترجمته في ج3 ص 358.</p>سهل بن حنيف:</p>تقدمت ترجمته في ج11 ص 379.</p>سهل بن سعد الساعدي:</p>تقدمت ترجمته في ج8 ص 283.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٦)</span><hr/></div>السيوطي: هو عبد الرحمن بن أبي بكر:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 355.</p>‌<span class="title">‌ش</span></p>شارع السراجية: هو علي بن محمد الجرجاني:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 326.</p>الشاطبي: هو إبراهيم بن موسى:</p>تقدمت ترجمته في ج2 ص 413.</p> </p>الشافعي: هو محمد بن إدريس:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 355.</p>الشبراملسي: هو علي بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 355.</p>الشربيني: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 356.</p>الشرواني: هو الشيخ عبد الحميد:</p>تقدمت ترجمته في ج1 ص 356.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٦)</span><hr/></div>شريح: هو شريح بن الحارث.</p>تقدمت ترجمته في ج 1‌<span class="title">‌ ص </span>356.</p>شريك: هو شريك بن عبد الله النخعي:</p>تقدمت ترجمته في ج 3 ص 359.</p>الشعبي: هو عامر بن شراحيل:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 356.</p>شمس الأئمة الحلواني: هو عبد العزيز بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 347.</p>الشوكاني: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 414.</p>الشيخان: تقدم بيان المراد بهذا اللفظ في ج 1 ص 357.</p>ص</p>صاحب الإنصاف: هو علي بن سليمان المرداوي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 370.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٧)</span><hr/></div>صاحب البيان: هو إبراهيم بن مسلم المقدسي:</p>تقدمت ترجمته في ج 9 ص 283.</p> </p>صاحب التبصرة: هو إبراهيم بن علي ابن فرحون.</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 332.</p> </p>صاحب الخلاصة: هو طاهر بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 5 ص 344.</p> </p>صاحب الدر المختار: هو محمد بن علي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 347.</p> </p>صاحب الذخيرة: هو محمود بن أحمد: ر: المرغيناني.</p> </p>صاحب روضة الطالبين: هو يحيى بن شرف النووي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 373.</p> </p>صاحب شرح الإقناع: هو منصور بن يونس البهوتي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p> </p>صاحب الفتاوى التمرتاشية: ر: التمرتاشي، أحمد بن إسماعيل.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٧)</span><hr/></div>صاحب كشاف القناع: هو منصور بن يونس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 344.</p> </p>صاحب المجموع: هو يحيى بن شرف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 373.</p> </p>صاحب فتح الجليل: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 414.</p> </p>صاحب فتح الغفار: هو زين الدين ابن نجيم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 334.</p> </p>الصاحبان: تقدم بيان المراد بهذا اللفظ في ج 1 ص 357.</p> </p>‌<span class="title">‌الصدر الشهيد (483 - 436 ه</span>ـ) .</p>هو عمر بن عبد العزيز بن عمر بن مازة، أبو محمد، حسام الدين، الحنفي. المعروف بالصدر الشهيد فقيه. أصولي. من أكابر الحنفية. تفقه على والده برهان الدين الكبير عبد العزيز، وناظر العلماء ودرس للفقهاء. وكان الملوك يصدرون عن رأيه. وتوفي شهيداً.</p>من تصانيفه:" الفتاوى الكبرى "،</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٨)</span><hr/></div>و " الفتاوى الصغرى "، و " عمدة المفتي والمستفتي "، و " شرح أدب القاضي " للخصاف، و " شرح الجامع الصغير "، و " الواقعات الحسامية ".</p>[الفوائد البهية 149، والجواهر المضيئة 1 / 391، والأعلام 5 / 210، ومعجم المؤلفين 7 / 291] .</p> </p>الصيدلاني: هو محمد بن داود:</p>تقدمت ترجمته في ج 11 ص 382.</p>‌<span class="title">‌ط</span></p>طاوس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</p> </p>الطبراني: هو سليمان بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 415.</p>الطحاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</p>الطحطاوي: هو أحمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 358.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٨)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ع</span></p>عائشة:</p>تقدمت ترجمتها في ج1 ص 359.</p>‌<span class="title">‌عبد الجبار بن عمر (؟ - بعد 260 ه</span>ـ) :</p>هو عبد الجبار بن عمر، أبو عمر ويقال أبو الصباح، الأيلي الأموي مولاهم. روى عن الزهري وابن المنكدر ونافع مولى ابن عمر وربيعة ويحيى بن سعد الأنصاري وغيرهم. وعنه رشدين بن سعد وابن المبارك وابن وهب وأبو عبد الرحمن المقري وغيرهم. قال الدوري عن ابن معين ضعيف ليس بشيء. وقال ابن أبي حاتم: وقال ابن سعد يكنى أبا الصباح وكان بإفريقية وكان ثقة عن أبي زرعة، واهي الحديث وأما مسائله فلا بأس بها.</p>تهذيب التهذيب 6 / 103.</p> </p>‌<span class="title">‌عبد بن حميد (؟ - 249 ه</span>ـ) :</p>هو عبد بن حميد بن نصر، أبو محمد، الكِسّي، قيل اسمه عبد الحميد الكِسّي نسبة</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٩)</span><hr/></div>إلى كِسّ (مدينة قرب سمرقند) من حفاظ الحديث، سمع يزيد بن هارون وابن فديك ومحمد بن بشر العبدي وعلي بن عاصم وحسين بن علي الجعفي وطبقتهم. حدث عنه عمر بن بجير وبكر بن المرزبان عنه عمر بن بجير وبكر بن المرزبان وإبراهيم بن خريم الشاشي وغيرهم. قال الذهبي: كان من الأئمة الثقات.</p>من تصانيفه: " مسند " كبير، و " تفسير ".</p>[شذرات الذهب 1 / 120، وتذكرة الحفاظ 2 / 104، واللباب 3 / 98، والأعلام 4 / 41] .</p> </p>عبد الرحمن بن أبي بكرة:</p>تقدمت ترجمته في ج 8 ص 285.</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الرحمن بن حرملة (؟ - 145 ه</span>ـ) .</p>هو عبد الرحمن بن حرملة بن عمرو بن سنة، أبو حرملة، الأسلمي. روى عن سعيد بن المسيب وحنظلة بن علي الأسلمي وعمرو بن شعيب وغيرهم. وعنه الثوري والأوزاعي ومالك وسليمان بن بلال وحاتم بن إسماعيل وغيرهم.</p>قال محمد بن عمرو: كان ثقة كثير الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ. وقال إسحاق عن ابن معين:</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٣٩)</span><hr/></div>صالح، وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به.</p>[تهذيب التهذيب 6 / 161، وميزان الاعتدال 2 / 556] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد الرحمن بن يعمر </span>(؟ -؟) :</p>هو عبد الرحمن بن يعمر، الدَيْلي. قال ابن حجر: يكنى أبا الأسود، صحابي، روى عن النبي (حديث:" الحج عرفة "، وحديث النهي عن الدباء والمزفت. وعنه بكير بن عطاء الليثي. قال ابن حجر: ذكر ابن حبان في الصحابة أنه مكي سكن الكوفة.</p>[الإصابة 2 / 425، وأسد الغابة 3 / 399، والاستيعاب 2 / 856، وتهذيب التهذيب 6 / 301] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد العزيز البخاري (؟ - 730 ه</span>ـ) :</p>هو عبد العزيز بن أحمد بن محمد، علاء الدين، البخاري. فقيه حنفي من علماء الأصول. تفقه على عمه محمد المايمرغي وأخذ أيضاً عن حافظ الدين الكبير محمد البخاري، والكردري ونجم الدين عمر النسفي وأبي اليسر محمد البزدوي وعبد الكريم البزدوي وغيرهم.</p>وعنه قوام الدين محمد الكاكي وجلال</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٠)</span><hr/></div>الدين محمد بن محمد الخبازي وغيرهما.</p>من تصانيفه: " شرح أصول البزدوي " المسمى بكشف الأسرار، و " شرح المنتخب الحسامي ".</p>[الفوائد البهية 94، والجواهر المضيئة 1 / 317، والأعلام 4 / 137، ومعجم المؤلفين 5 / 242] .</p> </p>‌<span class="title">‌عبد القادر الجيلاني (471 - 561 ه</span>ـ)</p>هو عبد القادر بن موسى بن عبد الله بن جنكي دوست الحسني، أبو محمد، الجيلاني أو الكيلاني. هذه النسبة إلى جيلان وهي بلاد معروفة وراء طبرستان انتقل إلى بغداد شاباً فاتصل بشيوخ العلم والتصوف، وبرع في أساليب الوعظ، وتفقه، وسمع الحديث، وقرأ الأدب، وتصدر للتدريس والإفتاء في بغداد.</p>تفقه في مذهب الإمام أحمد على أبي الوفاء بن عقيل وأبي الخطاب وأبي الحسن محمد بن القاضي والمبارك المخرمي.</p>من تصانيفه:" الغنية لطالب طريقة الحق "، و " الفيوضات الربانية "، و " الفتح الرباني ".</p>[شذرات الذهب 4 / 198، والبداية والنهاية 12 / 252، والأعلام 4 / 171، ومعجم المؤلفين 5 / 307] .</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٠)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌عبد الله بن السائب </span>(؟ -؟) :</p>هو عبد الله بن السائب الكندي، يقال الشيباني الكوفي. تابعي روى عن أبيه وعبد الله بن معقل بن مقرن وعن أبي هريرة وعبد الله بن قتادة المحاربي الكوفي. وعنه الأعمش وأبو إسحاق الشيباني والعوام بن حوشب وسفيان الثوري وغيرهم.</p>قال ابن معين وأبو حاتم والنسائي: ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. [تهذيب التهذيب 5 / 230، وميزان الاعتدال 2 / 426] .</p> </p>عبد الله بن عمرو:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 359.</p>عبد الملك بن يعلى:</p>تقدمت ترجمته في ج 5 ص 345.</p>عثمان بن أبي العاص:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 416.</p>عثمان بن عفان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p> </p>‌<span class="title">‌عَديّ بن حاتم (؟ - 68 ه</span>ـ) :</p>هو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤١)</span><hr/></div>حشرج، أبو طريف، ويقال أبو وهب، الطائي. صحابي أسلم السنة التاسعة للهجرة. روى عن النبي (وعن عمر رضي الله عنه، وروى عنه عمرو بن حريث وعبد الله بن معقل بن مقرن وعامر الشعبي وعبد الله بن عمر وبلال بن المنذر وغيرهم. كان رئيس طيئ في الجاهلية والإسلام، وقام في حرب الردة بأعمال كبيرة حتى قال ابن الأثير: خير مولود في أرض طيئ وأعظمه بركة عليهم، شهد فتح العراق، والجمل، وصفين، والنهروان مع علي رضي الله عنه، وهو ابن حاتم الطائي الذي يضرب بجوده المثل.</p>[الإصابة 2 / 468، وتهذيب التهذيب 7 / 166، والأعلام 5 / 8] .</p> </p>العدوي: هو علي بن أحمد المالكي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 375.</p>عروة بن الزبير:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 417.</p>عز الدين بن عبد السلام:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 417.</p>عقبة بن عامر:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 417.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤١)</span><hr/></div>عطاء بن أسلم:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 360.</p> </p>عكرمة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 361.</p>علقمة بن قيس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 361.</p> </p>علي بن أبي طالب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 361.</p>عمران بن حصين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 362.</p> </p>عمر بن الخطاب:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 362.</p>عمر بن عبد العزيز:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 362.</p>عمرو بن شعيب:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 332.</p>عمرو بن العاص:</p>تقدمت ترجمته في ج 6 ص 354.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌غ</span></p>الغزالي: هو محمد بن محمد:</p>تقدمت ترجمته‌<span class="title">‌ ف</span>ي ج 1 ص 363.</p>ف</p>‌<span class="title">‌فضالة بن عبيد (؟ - 563 ه</span>ـ) .</p>هو فضالة بن عبيد بن نافذ بن قيس بن صهيب، أبو محمد، الأنصاري الأوسي، صهيب، أبو محمد، الأنصاري الأوسي، صحابي، ممن بايع تحت الشجرة. شهد أحداً وما بعدها، وشهد فتح الشام ومصر، روى عن النبي (وعن عمر وأبي الدرداء. روى عنه أبو علي ثمامة بن شفى وحنش بن عبد الله الصنعاني وأبو يزيد الخولاني وغيرهم. وله خمسون حديثاً.</p>[تهذيب التهذيب 8 / 267، والإصابة 3 / 206، والاستيعاب 3 / 1262، والأعلام 5 / 349 [.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٢)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌ق</span></p>القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 418.</p>القاضي حسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 419.</p>قاضيخان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p>القاضي شريح: هو شريح بن الحارث:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص364.</p>القاضي عياض: هو عياض بن موسى:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 364.</p>قتادة بن دعامة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p>القرافي: هو أحمد بن إدريس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٣)</span><hr/></div>ا‌<span class="title">‌ل</span>قرطبي: هو محمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 419.</p>القليوبي: هو أحمد بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p>القفال: هو محمد بن أحمد الحسين:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 365.</p>‌<span class="title">‌ك</span></p>الكاساني: هو أبو بكر بن مسعود:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p>الكرخي: هو عبيد الله بن الحسن:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 366.</p> </p>كعب بن عجرة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 419.</p>ل</p>‌<span class="title">‌ليث بن أبي سُليم (بعد 60 - 138 ه</span>ـ) .</p>هو لين بن أبي سليم بن زنيم، أبو بكر</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٣)</span><hr/></div>الكوفي.‌<span class="title">‌ م</span>حدث. حدث عن أبي بردة والشعبي ومجاهد وطاوس وعطاء وعكرمة وغيرهم. حدث عنه الثوري وشريك، وأبو عوانة وأبو إسحاق الفزاري وغيرهم. قال أحمد بن حنبل. ليث بن أبي سليم مضطرب الحديث ولكن حدث عنه الناس. وقال أبو معمر القطيعي: كان ابن عيينة يضعف ليث بن أبي سليم. أحمد بن يونس عن فضيل بن عياض قال: كان ليث بن أبي سليم أعلم أهل الكوفة بالمناسك. وقال أبو داود: سألت يحيى عن ليث، فقال: ليس به بأس وقال عامة شيوخه لا يعرفون.</p>[طبقات ابن سعد 6 / 243، وتهذيب التهذيب 8 / 465، وشذرات الذهب 1 / 207، وسير أعلام النبلاء 6 / 179] .</p> </p>م</p>مالك: هو مالك بن أنس:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</p>الماوردي: هو علي بن محمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 369.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٤)</span><hr/></div>محمد بن حاطب:</p>تقدمت ترجمته في ج 4 ص 334.</p>المرداوي: هو علي بن سليمان:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 370.</p>المروزي: هو إبراهيم بن أحمد:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 421.</p> </p>المزني: هو إسماعيل بن يحيى المزني:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p>مسلم: هو مسلم بن الحجاج:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 371.</p>المسور بن مخرمة:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 422.</p>‌<span class="title">‌مصعب بن سعد بن أبي وقاص (؟ - 103 ه</span>ـ) :</p>هو مصعب بن سعد بن أبي وقاص، أبو زرارة المدني الزهري. تابعي: روى عن أبيه وعلي وطلحة وعكرمة بن أبي جهل وعدي بن حاتم وابن عمرو والزبير ابن عدي والحكم بن عتيبة وغيرهم. وذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من أهل المدنية وقال: كان ثقة</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٤)</span><hr/></div>كثير الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات وقال العجلي: تابعي ثقة.</p>[تهذيب التهذيب 10 / 160، وطبقات ابن سعد 5 / 169] .</p> </p>مطرف بن عبد الرحمن:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 422.</p>معاوية بن الحكم:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 333.</p>‌<span class="title">‌معقل بن سنان (؟ - 63 ه</span>ـ)</p>هو معقل بن سنان بن مظهر، أبو محمد، الأشجعي، صحابي. من القادة الشجعان. كانت معه راية قومه يوم حنين ويوم فتح مكة. وروى عن النبي (قصة تزويج بروع بنت واثق. وروى عنه عبد الله بن عمر ومسروق وعلقمة والأسود وعبد الله بن عتبة بن مسعود والحسن البصري وغيرهم.</p>[تهذيب التهذيب 10 / 233، والإصابة 3 / 446، والأعلام 8 / 187] .</p> </p>المناوي: هو محمد عبد الرؤوف:</p>تقدمت ترجمته في ج 11 ص 389.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٥)</span><hr/></div>موسى ب‌<span class="title">‌ن </span>عقبة:</p>تقدمت ترجمته في ج 2 ص 422.</p> </p>ميمون بن مهران:</p>تقدمت ترجمته في ج 10 ص 334</p>ن</p>النخعي: هو إبراهيم النخعي:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 325.</p>النووي: هو يحيى بن شرف:</p>تقدمت ترجمته في ج 1 ص 373.</div>
<div class='PageText'><div class='PageHead'><span class='PartName'>الموسوعة الفقهية الكويتية - جـ ١٢</span><span class='PageNumber'>(ص: ٣٤٥)</span><hr/></div>‌<span class="title">‌و</span>‌<span class="title">‌وَليُّ الله الدهلوي (1110 - 1176 ه</span>ـ) :</p>هو أحمد بن عبد الرحيم بن وجيه الدين بن معظم بن منصور، أبو عبد العزيز، الهندي، المعروف بشاه ولي الله الدهلوي. فقيه حنفي. عالم مشارك في بعض العلوم. من تصانيفه:" عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد "، و " حجة الله البالغة " و " الفوز الكبير في أصول التفسير "، و " الإنصاف في بيان سبب الاختلاف "، و " الإرشاد إلى مهمات الإسناد ".</p>[الأعلام 1 / 144، والمجددون في الإسلام 442، ومعجم المؤلفين 1 / 272] .</p>-</div>
</div></body></html>