الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتِعْمَال لُعَبِ الأَْطْفَال الْمُجَسَّمَةِ وَغَيْرِ الْمُجَسَّمَةِ:
52 -
تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْل الْجُمْهُورِ جَوَازُ صِنَاعَةِ اللُّعَبِ الْمَذْكُورَةِ. فَاسْتِعْمَالُهَا جَائِزٌ مِنْ بَابٍ أَوْلَى، وَنَقَل الْقَاضِي عِيَاضٌ جَوَازَهُ عَنِ الْعُلَمَاءِ، وَتَابَعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، قَال: قَال الْقَاضِي: يُرَخَّصُ لِصِغَارِ الْبَنَاتِ. (1)
وَالْمُرَادُ بِصِغَارِ الْبَنَاتِ مَنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ مِنْهُنَّ. وَقَال الْخَطَّابِيُّ: وَإِِنَّمَا أَرْخَصَ لِعَائِشَةَ فِيهَا لأَِنَّهَا إِذْ ذَاكَ كَانَتْ غَيْرَ بَالِغٍ. قَال ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي الْجَزْمِ بِهِ نَظَرٌ، لَكِنَّهُ مُحْتَمَلٌ، لأَِنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَتْ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ بِنْتَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَأَمَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ فَكَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ قَطْعًا (2) فَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ التَّرْخِيصَ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى مَنْ دُونَ الْبُلُوغِ مِنْهُنَّ، بَل يَتَعَدَّى إِِلَى مَرْحَلَةِ مَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مَا دَامَتِ الْحَاجَةُ قَائِمَةً لِذَلِكَ.
53 -
وَالْعِلَّةُ فِي هَذَا التَّرْخِيصِ تَدْرِيبُهُنَّ عَنْ شَأْنِ تَرْبِيَةِ الأَْوْلَادِ، وَتَقَدَّمَ النَّقْل عَنِ الْحَلِيمِيِّ: أَنَّ مِنَ الْعِلَّةِ أَيْضًا اسْتِئْنَاسَ الصِّبْيَانِ وَفَرَحَهُمْ (3) . وَأَنَّ ذَلِكَ يَحْصُل لَهُمْ بِهِ النَّشَاطُ وَالْقُوَّةُ وَالْفَرَحُ وَحُسْنُ النُّشُوءِ وَمَزِيدُ التَّعَلُّمِ. فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ الأَْمْرُ قَاصِرًا عَلَى الإِِْنَاثِ مِنَ
(1) فتح الباري 10 / 527، وشرح النووي على مسلم 11 / 82، وشرح المنهاج 3 / 214.
(2)
فتح الباري 10 / 527.
(3)
المنهاج في شعب الإيمان 3 / 97، والدسوقي 2 / 338.
الصِّغَارِ، بَل يَتَعَدَّاهُ إِِلَى الذُّكُورِ مِنْهُمْ أَيْضًا. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ أَبُو يُوسُفَ: فَفِي الْقُنْيَةِ عَنْهُ: يَجُوزُ بَيْعُ اللُّعْبَةِ، وَأَنْ يَلْعَبَ بِهَا الصِّبْيَانُ. (1)
54 -
وَمِمَّا يُؤَكِّدُ جَوَازَ اللُّعَبِ الْمُصَوَّرَةِ لِلصِّبْيَانِ - بِالإِِْضَافَةِ إِِلَى الْبَنَاتِ - مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ الأَْنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: أَرْسَل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِِلَى قُرَى الأَْنْصَارِ الَّتِي حَوْل الْمَدِينَةِ: مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ. فَكُنَّا بَعْدَ ذَلِكَ نَصُومُهُ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَنَذْهَبُ بِهِمْ إِِلَى الْمَسْجِدِ، فَنَجْعَل - وَفِي رِوَايَةٍ: فَنَصْنَعُ - لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ، فَإِِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِِْفْطَارِ. (2)
55 -
وَانْفَرَدَ الْحَنَابِلَةُ بِاشْتِرَاطِ أَنْ تَكُونَ اللُّعْبَةُ الْمُصَوَّرَةُ بِلَا رَأْسٍ، أَوْ مَقْطُوعَةَ الرَّأْسِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمُرَادُهُمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَاقِي الرَّأْسَ، أَوْ كَانَ الرَّأْسُ مُنْفَصِلاً عَنِ الْجَسَدِ جَازَ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالُوا: لِلْوَلِيِّ شِرَاءُ لُعَبٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ لِصَغِيرَةٍ تَحْتَ حِجْرِهِ مِنْ مَالِهَا نَصًّا، لِلتَّمْرِينِ. (3)
(1) ابن عابدين 1 / 437، 4 / 214.
(2)
حديث الربيع بنت معوذ رضي الله عنها: " من كان أصبح صائما. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 200 - ط السلفية) ومسلم (2 / 799 - ط الحلبي) .
(3)
كشاف القناع 1 / 280، وشرح المنتهى 2 / 293، والإنصاف 5 / 331.