الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تُسْتَعْمَل. وَقَال ابْنُ سِيدَهْ: " الرَّوْسَمُ الطَّابَعُ ". وَمِنْهُ " الْمَرْسُومُ " لأَِنَّهُ يُخْتَمُ بِخَاتَمٍ. (1) وَالرَّسْمُ فِي الاِسْتِعْمَال الْمُعَاصِرِ بِمَعْنَى: الصُّورَةُ الْمُسَطَّحَةُ، أَوِ التَّصْوِيرُ الْمُسَطَّحُ، إِِذَا كَانَ مَعْمُولاً بِالْيَدِ. وَلَا تُسَمَّى الصُّورَةُ الْفُوتُوغْرَافِيَّةُ رَسْمًا. بَل يُقَال: رَسَمْتُ دَارًا، أَوْ إِنْسَانًا، أَوْ شَجَرَةً.
ج -
التَّزْوِيقُ، وَالنَّقْشُ، وَالْوَشْيُ، وَالرَّقْمُ:
7 -
هَذِهِ الْكَلِمَاتُ الأَْرْبَعُ تَكَادُ تَكُونُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ تَجْمِيل الشَّيْءِ الْمُسَطَّحِ أَوْ غَيْرِ الْمُسَطَّحِ بِإِِضَافَةِ أَشْكَالٍ تَجْمِيلِيَّةٍ إِلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَشْكَالاً هَنْدَسِيَّةً أَوْ نَمْنَمَاتٍ أَوْ صُوَرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. قَال صَاحِبُ اللِّسَانِ: ثَوْبٌ مُنَمْنَمٌ أَيْ: مَوْقُومٌ مُوَشًّى، وَقَال: النَّقْشُ: النَّمْنَمَةُ. فَكُلٌّ مِنْهَا يَكُونُ بِالصُّوَرِ أَوْ بِغَيْرِهَا.
د -
النَّحْتُ:
8 -
النَّحْتُ: الأَْخْذُ مِنْ كُتْلَةٍ صُلْبَةٍ كَالْحَجَرِ أَوِ الْخَشَبِ بِأَدَاةٍ حَادَّةِ كَالإِِْزْمِيل أَوِ السِّكِّينِ، حَتَّى يَكُونَ مَا يَبْقَى مِنْهَا عَلَى الشَّكْل الْمَطْلُوبِ، فَإِِنْ كَانَ مَا بَقِيَ يُمَثِّل شَيْئًا آخَرَ فَهُوَ تِمْثَالٌ أَوْ صُورَةٌ، وَإِِلَاّ فَلَا
تَرْتِيبُ هَذَا الْبَحْثِ:
9 -
يَحْتَوِي هَذَا الْبَحْثُ عَلَى مَا يَلِي:
أَوَّلاً: مَا يَتَعَلَّقُ مِنَ الأَْحْكَامِ بِالصُّورَةِ الإِِْنْسَانِيَّةِ.
(1) لسان العرب مادة: " رسم ".
ثَانِيًا: أَحْكَامُ التَّصْوِيرِ، أَيْ: صِنَاعَةُ الصُّوَرِ.
ثَالِثًا: أَحْكَامُ اقْتِنَاءِ الصُّوَرِ، أَيِ: اتِّخَاذُهَا وَاسْتِعْمَالُهَا.
رَابِعًا: أَحْكَامُ الصُّوَرِ مِنْ حَيْثُ التَّعَامُل وَالتَّعَرُّفُ فِيهَا.
الْقِسْمُ الأَْوَّل: مَا يَتَعَلَّقُ مِنَ الأَْحْكَامِ بِالصُّورَةِ الإِِْنْسَانِيَّةِ
:
10 -
يَنْبَغِي لِلإِِْنْسَانِ أَنْ يَعْتَنِيَ بِتَجْمِيل صُورَتِهِ الظَّاهِرَةِ، بِالإِِْضَافَةِ إِِلَى اعْتِنَائِهِ بِتَكْمِيل صُورَتِهِ الْبَاطِنَةِ، وَيَقُومُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى بِشُكْرِهِ عَلَى أَنَّهُ جَمَّل صُورَتَهُ. وَالْعِنَايَةُ بِالصُّورَةِ الْبَاطِنَةِ تَكُونُ بِالإِِْيمَانِ وَالتَّطَهُّرِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالشُّكْرِ لِلَّهِ، وَالتَّجَمُّل بِالأَْخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ.
وَالْعِنَايَةُ بِالصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ تَكُونُ بِالتَّطَهُّرِ بِالْوُضُوءِ وَالاِغْتِسَال وَالتَّنَظُّفِ وَإِِزَالَةِ التَّفَثِ، وَالتَّزَيُّنِ بِالزِّينَةِ الْمَشْرُوعَةِ مِنَ الْعِنَايَةِ بِالشَّعْرِ وَالْمَلَابِسِ الْحَسَنَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، (ر: زِينَةٌ) .
11 -
وَلَا يَحِل لِلإِِْنْسَانِ أَنْ يُشَوِّهَ جِسْمَهُ بِإِِتْلَافِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، أَوْ إِخْرَاجِهِ عَنْ وَضْعِهِ الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. كَمَا لَا يَحِل لَهُ أَنْ يَفْعَل ذَلِكَ بِغَيْرِهِ، إِلَاّ حَيْثُ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ. (1) (ر: مُثْلَةٌ) .
(1) حديث: " نهى النبي عن النهبى والمثلة " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 119 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن يزيد الأنصاري رضي الله عنه.
كَمَا لَا يَحِل لَهُ أَنْ يَقْصِدَ تَشْوِيَهُ نَفْسِهِ بِلُبْسِ مَا يَنْفِرُ النَّاسُ مِنْهُ وَيُخْرِجَهُ عَنِ الْمُعْتَادِ (ر: أَلْبِسَةٌ) .
وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ نَهَى أَنْ يَمْشِيَ الرَّجُل فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ أَيْ: فِي إِحْدَى قَدَمَيْهِ دُونَ الأُْخْرَى (1) . وَشُرِعَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَطَيَّبَ وَيَتَعَطَّرَ. وَلِلْمَرْأَةِ زِينَتُهَا الْخَاصَّةُ. وَرَاجِعْ مَبَاحِثَ (اكْتِحَالٌ. اخْتِضَابٌ. حُلِيٌّ، إِلَخْ) .
12 -
أَمَّا الزِّينَةُ الْبَاطِنَةُ، فَقَدْ قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: الْجَمَال الْبَاطِنُ هُوَ مَحَل نَظَرِ اللَّهِ مِنْ عَبْدِهِ وَمَوْضِعُ مَحَبَّتِهِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ (2) . وَهَذَا الْجَمَال الْبَاطِنُ يُزَيِّنُ الصُّورَةَ الظَّاهِرَةَ وَإِِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ جَمَالٍ، فَتَكْسُو صَاحِبَهَا مِنَ الْجَمَال وَالْمَهَابَةِ وَالْحَلَاوَةِ بِحَسَبِ مَا اكْتَسَبَتْ رُوحُهُ مِنْ تِلْكَ الصِّفَاتِ. فَإِِنَّ الْمُؤْمِنَ يُعْطَى مَهَابَةً وَحَلَاوَةً بِحَسَبِ إِيمَانِهِ، فَمَنْ رَآهُ هَابَهُ، وَمَنْ خَالَطَهُ أَحَبَّهُ، وَهَذَا أَمْرٌ مَشْهُودٌ بِالْعِيَانِ. فَإِِنَّكَ تَرَى الرَّجُل الصَّالِحَ ذَا الأَْخْلَاقِ الْجَمِيلَةِ
(1) حديث: " نهى أن يمشي الرجل في نعل واحدة " أخرجه مسلم (3 / 1661 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(2)
حديث: " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم. . . " أخرجه مسلم (4 / 1987 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
مِنْ أَحْلَى النَّاسِ صُورَةً، وَإِِنْ كَانَ غَيْرَ جَمِيلٍ، وَلَا سِيَّمَا إِِذَا رُزِقَ حَظًّا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْل، فَإِِنَّهَا تُنَوِّرُ الْوَجْهَ.
قَال: وَأَمَّا الْجَمَال الظَّاهِرُ فَزِينَةٌ خَصَّ اللَّهُ بِهَا بَعْضَ الصُّوَرِ عَنْ بَعْضٍ، وَهِيَ مِنْ زِيَادَةِ الْخَلْقِ الَّتِي قَال اللَّهُ فِيهَا:{يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} (1) قَال الْمُفَسِّرُونَ: هُوَ الصَّوْتُ الْحَسَنُ وَالصُّورَةُ الْحَسَنَةُ. وَالْقُلُوبُ مَطْبُوعَةٌ عَلَى مَحَبَّتِهِ، كَمَا هِيَ مَفْطُورَةٌ عَلَى اسْتِحْسَانِهِ.
قَال: وَكُلٌّ مِنَ الْجَمَال الظَّاهِرِ وَالْجَمَال الْبَاطِنِ نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى تُوجِبُ عَلَى الْعَبْدِ شُكْرًا بِالتَّقْوَى وَالصِّيَانَةِ، وَبِهِمَا يَزْدَادُ جَمَالاً عَلَى جَمَالِهِ. وَإِِنِ اسْتَعْمَل جَمَالَهُ فِي مَعَاصِي اللَّهِ قَلَبَ اللَّهُ مَحَاسِنَهُ شَيْنًا وَقُبْحًا. وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو النَّاسَ إِِلَى جَمَال الْبَاطِنِ بِجَمَال الظَّاهِرِ، قَال جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ رضي الله عنه: قَال لِي رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْتَ امْرُؤٌ حَسَّنَ اللَّهُ خَلْقَكَ، فَحَسِّنْ خُلُقَكَ (2) . وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْمَل الْخَلْقِ وَأَحْسَنَهُمْ وَجْهًا. وَقَدْ سُئِل الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْل السَّيْفِ؟ فَقَال: لَا، بَل مِثْل الْقَمَرِ (3) .
(1) سورة فاطر / 1.
(2)
حديث: " أنت امرؤ حسن الله خلقك فحسن خلقك " أخرجه الخرائطي وابن عساكر في تأريخه، وضعفه العراقي كما في فيض القدير (2 / 552 - ط المكتبة التجارية) .
(3)
حديث: " سئل أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ فقال:. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 565 - ط السلفية) .