الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنِ مَسْعُودٍ (1) وَذَكَرَ ابْنُ عَابِدِينَ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَقْصِدُ بِأَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ مَعَانِيَهَا، مُرَادَةً لَهُ عَلَى وَجْهِ الإِِْنْشَاءِ، كَأَنَّهُ يُحَيِّي اللَّهَ تَعَالَى وَيُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى نَفْسِهِ وَالأَْوْلِيَاءِ، وَلَا يَقْصِدُ الإِِْخْبَارَ وَالْحِكَايَةَ عَمَّا وَقَعَ فِي الْمِعْرَاجِ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ رَبِّهِ سبحانه وتعالى وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ. (2)
الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ فِي أَلْفَاظِ التَّشَهُّدِ وَالتَّرْتِيبُ بَيْنَهَا:
4 -
اخْتَلَفَتْ أَقْوَال الْفُقَهَاءِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى النَّحْوِ الآْتِي: ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ تَحْرِيمًا أَنْ يَزِيدَ فِي التَّشَهُّدِ حَرْفًا، أَوْ يَبْتَدِئَ بِحَرْفٍ قَبْل حَرْفٍ.
قَال أَبُو حَنِيفَةَ: وَلَوْ نَقَصَ مِنْ تَشَهُّدِهِ أَوْ زَادَ فِيهِ. كَانَ مَكْرُوهًا؛ لأَِنَّ أَذْكَارَ الصَّلَاةِ مَحْصُورَةٌ، فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا. ثُمَّ أَضَافَ ابْنُ عَابِدِينَ قَائِلاً: وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الإِِْطْلَاقِ لِلتَّحْرِيمِ. (3)
وَيُكْرَهُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ الزِّيَادَةُ عَلَى التَّشَهُّدِ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَرْكِ بَعْضِ التَّشَهُّدِ، فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ شُيُوخِهِمْ عَدَمُ حُصُول
(1) بدائع الصنائع 1 / 212 ط دار الكتاب العربي. وحديث أبي موسى " التحيات لله الطيبات. . . " أخرجه مسلم (1 / 303) .
(2)
ابن عابدين 1 / 342.
(3)
المرجع السابق نفسه.
السُّنَّةِ بِبَعْضِ التَّشَهُّدِ، خِلَافًا لاِبْنِ نَاجِي فِي كِفَايَةِ بَعْضِهِ، قِيَاسًا عَلَى السُّورَةِ. (1)
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ فَصَّلُوا الْكَلَامَ، وَقَالُوا: إِنَّ لَفْظَ الْمُبَارَكَاتِ وَالصَّلَوَاتِ، وَالطَّيِّبَاتِ وَالزَّاكِيَاتِ سُنَّةٌ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي التَّشَهُّدِ، فَلَوْ حَذَفَ كُلَّهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْبَاقِي أَجْزَأَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عِنْدَهُمْ. وَأَمَّا لَفْظُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ. . . إِلَخْ فَوَاجِبٌ لَا يَجُوزُ حَذْفُ شَيْءٍ مِنْهُ، إِلَاّ لَفْظُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. وَفِي هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهَا عَدَمُ جَوَازِ حَذْفِهِمَا. وَالثَّانِي: جَوَازُ حَذْفِهِمَا. وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ حَذْفُ وَبَرَكَاتُهُ، دُونَ رَحْمَةُ اللَّهِ ". (2)
وَكَذَلِكَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ أَلْفَاظِهَا مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُمْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، فَلَوْ قَدَّمَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ جَازَ، وَفِي وَجْهٍ لَا يَجُوزُ كَأَلْفَاظِ الْفَاتِحَةِ (3) .
وَالْحَنَابِلَةُ يَرَوْنَ أَنَّهُ إِِذَا أَسْقَطَ لَفْظَةً هِيَ سَاقِطَةٌ فِي بِضْعِ التَّشَهُّدَاتِ الْمَرْوِيَّةِ صَحَّ تَشَهُّدُهُ فِي الأَْصَحِّ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: لَوْ تَرَكَ وَاوًا أَوْ حَرْفًا أَعَادَ الصَّلَاةَ، لِقَوْل الأَْسْوَدِ: فَكُنَّا نَتَحَفَّظُهُ عَنْ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا نَتَحَفَّظُ حُرُوفَ الْقُرْآنِ. (4)
(1) شرح الزرقاني 1 / 205، 216، والمغني 1 / 545، 1 / 537.
(2)
الأذكار / 62.
(3)
المرجع السابق نفسه.
(4)
المغني 1 / 537، 538.