الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَادِسًا: تَشَبُّهُ أَهْل الذِّمَّةِ بِالْمُسْلِمِينَ:
18 -
يُؤْخَذُ أَهْل الذِّمَّةِ بِإِِظْهَارِ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا، وَلَا يُتْرَكُونَ يَتَشَبَّهُونَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي لِبَاسِهِمْ وَمَرَاكِبِهِمْ وَهَيْئَاتِهِمْ. وَالأَْصْل فِيهِ مَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه مَرَّ عَلَى رِجَالٍ رُكُوبٍ ذَوِي هَيْئَةٍ، فَظَنَّهُمْ مُسْلِمِينَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، فَقَال لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ تَدْرِي مَنْ هَؤُلَاءِ؟ فَقَال: مَنْ هُمْ؟ فَقَال: نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ. فَلَمَّا أَتَى مَنْزِلَهُ أَمَرَ أَنْ يُنَادَى فِي النَّاسِ أَنْ لَا يَبْقَى نَصْرَانِيٌّ إِلَاّ عَقَدَ نَاصِيَتَهُ وَرَكِبَ الإِِْكَافَ. وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ، فَيَكُونُ كَالإِِْجْمَاعِ. وَلأَِنَّ السَّلَامَ مِنْ شَعَائِرِ الإِِْسْلَامِ فَيَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إِِلَى إِظْهَارِ هَذِهِ الشَّعَائِرِ عِنْدَ الاِلْتِقَاءِ، وَلَا يُمْكِنُهُمْ ذَلِكَ إِلَاّ بِتَمْيِيزِ أَهْل الذِّمَّةِ بِالْعَلَامَةِ.
هَذَا، وَإِِذَا وَجَبَ التَّمْيِيزُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ صَغَارٌ لَا إِعْزَازٌ؛ لأَِنَّ إِذْلَالَهُمْ وَاجِبٌ بِغَيْرِ أَذًى مِنْ ضَرْبٍ أَوْ صَفْعٍ بِلَا سَبَبٍ يَكُونُ مِنْهُ، بَل الْمُرَادُ اتِّصَافُهُ بِهَيْئَةٍ خَاصَّةٍ.
وَكَذَا يَجِبُ أَنْ يَتَمَيَّزَ نِسَاءُ أَهْل الذِّمَّةِ عَنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي حَال الْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ، وَتُجْعَل عَلَى دُورِهِمْ عَلَامَةٌ كَيْ لَا يُعَامَلُوا بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ أَنْ يَسْكُنُوا فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ؛ لأَِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ شُرِعَ لِيَكُونَ وَسِيلَةً لَهُمْ إِِلَى الإِِْسْلَامِ. وَتَمْكِينُهُمْ مِنَ الْمَقَامِ أَبْلَغُ إِِلَى
هَذَا الْمَقْصُودِ. (1)
وَلِلتَّفْصِيل فِي الأُْمُورِ الَّتِي يُمْنَعُ تَشَبُّهُ أَهْل الذِّمَّةِ فِيهِ بِالْمُسْلِمِينَ تُنْظَرُ أَبْوَابُ الْجِزْيَةِ وَعَقْدُ الذِّمَّةِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ
(1) بدائع الصنائع 7 / 113، وتبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه 3 / 280، 281، وابن عابدين 3 / 273، وجواهر الإكليل 1 / 268، والمعيار المعرب 6 / 421 ط دار المعرب الإسلامي - بيروت، ونهاية المحتاج 8 / 97، وكشاف القناع 3 / 127، والمغني 8 / 528، 529 وانظر الموسوعة الفقهية الكويتية مصطلح " ألبسة " ف 23 ج 6 ومصطلح " أهل الذمة " ف 36 ج 7.