الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
71 -
وَأَمَّا مَا يَحْرُمُ اقْتِنَاؤُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ، فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا إِيدَاعُهُ وَلَا رَهْنُهُ، وَلَا الإِِْجَارَةُ عَلَى حِفْظِهِ، وَلَا وَقْفُهُ، وَلَا الْوَصِيَّةُ بِهِ كَسَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ. وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَْصْنَامِ (1) . وَمَنْ أَخَذَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً فَهُوَ كَسْبٌ خَبِيثٌ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ. قَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: وَلَا يُعَادُ إِِلَى صَاحِبِهِ، لأَِنَّهُ قَدِ اسْتَوْفَى الْعِوَضَ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الإِِْمَامُ أَحْمَدُ فِي مِثْل حَامِل الْخَمْرِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ.
72 -
وَهَذَا إِنْ كَانَتِ الصُّوَرُ الْمُحَرَّمَةُ فِيمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إِلَاّ مَا فِيهِ مِنَ الصُّورَةِ الْمُحَرَّمَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ تَصْلُحُ لِمَنْفَعَةٍ بَعْدَ شَيْءٍ مِنَ التَّغْيِيرِ، فَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ مَنْعُهُ.
وَقَال الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ: مُقْتَضَى كَلَامِ الإِِْمَامِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ صِحَّةُ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَال، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِلَافٌ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنِ الْمُتَوَلِّي - وَلَمْ يُخَالِفْهُ - فِي جَوَازِ بَيْعِ النَّرْدِ إِِذَا صَلُحَ لِبَيَادِقِ الشِّطْرَنْجِ، وَإِِلَاّ فَلَا. وَمِثْلُهُ مَا فِي الدُّرِّ وَحَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ: اشْتَرَى ثَوْرًا أَوْ
(1) حديث: " إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 424 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1207 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
فَرَسًا مِنْ خَزَفٍ لأَِجْل اسْتِئْنَاسِ الصَّبِيِّ، لَا يَصِحُّ، وَلَا قِيمَةَ لَهُ. وَقِيل بِخِلَافِهِ يَصِحُّ وَيَضْمَنُ مُتْلِفُهُ، فَلَوْ كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ أَوْ صُفْرٍ جَازَ اتِّفَاقًا فِيمَا يَظْهَرُ، لإِِِمْكَانِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ بَيْعُ اللُّعْبَةِ، وَأَنْ يَلْعَبَ بِهَا الصِّبْيَانُ. (1)
الضَّمَانُ فِي إِتْلَافِ الصُّوَرِ وَآلَاتِ التَّصْوِيرِ:
73 -
الَّذِينَ قَالُوا بِتَحْرِيمِ نَوْعٍ مِنَ الصُّوَرِ مُسْتَعْمَلَةً عَلَى وَضْعٍ مُعَيَّنٍ، قَالُوا: يَنْبَغِي إِخْرَاجُ الصُّورَةِ إِِلَى وَضْعٍ لَا تَكُونُ فِيهِ مُحَرَّمَةً. وَقَدْ بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ لِنَقْضِ الصُّوَرِ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا حَدِيثًا يَنُصُّ عَلَى ذَلِكَ، بَل ذَكَرَ حَدِيثًا آخَرَ هُوَ قَوْل عَائِشَةَ رضي الله عنها كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ تَصَالِيبُ إِلَاّ نَقَضَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: إِلَاّ قَضَبَهُ (2) وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ قِيَاسَ
(1) شرح الروض وحاشية الرملي 2 / 10 و 3 / 35، 36، 37، وشرح المنهاج وحاشية القليوبي 2 / 158 و 4 / 321، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 338 و 3 / 10، وكشاف القناع 1 / 280، والآداب الشرعية 3 / 524، والفتاوى الكبرى لابن تيمية 22 / 141، 142، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 239، وابن عابدين على الدر المختار 4 / 214، وتحفة المحتاج 7 / 434.
(2)
حديث: " كان لا يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 385 - ط السلفية) من حديث عائشة رضي الله عنها.