الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُكْمُ التَّشْبِيهِ
يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّشْبِيهِ بِحَسَبِ مَوْقِعِهِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي.
أ -
التَّشْبِيهُ فِي الظِّهَارِ:
3 -
الظِّهَارُ شَرْعًا: تَشْبِيهُ الْمُسْلِمِ زَوْجَتَهُ أَوْ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهَا بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِ تَأْبِيدًا، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ كَبَطْنِهَا أَوْ كَفَخِذِهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ التَّشْبِيهِ حَرَامٌ نَصًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَاّ اللَاّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْل وَزُورًا} . (1)
وَإِِذَا وَقَعَ مِنَ الزَّوْجِ التَّشْبِيهُ، مِمَّا يُعْتَبَرُ ظِهَارًا، يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَطْءُ امْرَأَتِهِ قَبْل أَنْ يُكَفِّرَ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.
وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِمَا دُونَ الْجِمَاعِ عَنْ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} (2) وَالتَّمَاسُّ شَامِلٌ لِلْوَطْءِ وَدَوَاعِيهِ.
(1) سورة المجادلة / 2.
(2)
سورة المجادلة / 3، 4.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: لَا يَحْرُمُ إِلَاّ الْوَطْءُ. (1)
وَهَذَا فِي صَرِيحِ أَلْفَاظِ الظِّهَارِ. أَمَّا فِي كِنَايَاتِهِ، كَقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ مِثَل أُمِّي صَحَّتْ نِيَّتُهُ بِرًّا أَوْ ظِهَارًا أَوْ طَلَاقًا. (2)
وَفِي الْمَوْضُوعِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ يُنْظَرُ تَفْصِيلُهَا مَعَ اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي مُصْطَلَحِ (ظِهَارٌ) .
ب -
التَّشْبِيهُ فِي الْقَذْفِ:
4 -
أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِِذَا صَرَّحَ الْقَاذِفُ بِالزِّنَى كَانَ قَذْفًا وَرَمْيًا مُوجِبًا لِلْحَدِّ، فَإِِنْ عَرَّضَ وَلَمْ يُصَرِّحْ، فَقَال مَالِكٌ: هُوَ قَذْفٌ، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَكُونُ قَذْفًا حَتَّى يَقُول: أَرَدْتُ بِهِ الْقَذْفَ. وَالدَّلِيل لِمَا قَالَهُ مَالِكٌ هُوَ أَنَّ مَوْضُوعَ الْحَدِّ فِي الْقَذْفِ إِنَّمَا هُوَ لإِِِزَالَةِ الْمَعَرَّةِ الَّتِي أَوْقَعَهَا الْقَاذِفُ بِالْمَقْذُوفِ، فَإِِذَا حَصَلَتِ الْمَعَرَّةُ بِالتَّعْرِيضِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَذْفًا كَالتَّصْرِيحِ، وَذَلِكَ رَاجِعٌ إِِلَى الْفَهْمِ، وَقَدْ قَال تَعَالَى عَلَى لِسَانِ قَوْمِ شُعَيْبٍ أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ {إِنَّكَ لأََنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} (3) أَيِ السَّفِيهُ الضَّال، فَعَرَّضُوا
(1) ابن عابدين 2 / 574، 575، وجواهر الإكليل 1 / 371، و 372، والمهذب 2 / 113، 114، والمغني 7 / 347، 348.
(2)
ابن عابدين 2 / 576، والمغني 7 / 345، وجواهر الإكليل 1 / 372.
(3)
سورة هود / 87.