الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير أنهم لما رأوه من الله
…
وأن أملقوا فهم أغنياء
صبروا للقضاء واحتسبوا الأجر وما غيرتهم البأساء
ثم طافوا به على الناس في الأسو
…
اق كما يكون منهم عطاء
فغدا المسلمون يلقون أموا
…
لاً عليه رجالهم والنساء
ما حبوها إلا لظنهم أن
…
سوف يأتي له بهن الفداء
ثم من بعد ذا سقوه المنايا
…
ليس والله بعد هذا بلاء
يا لها من مصيبة سار في الأر
…
ض وفوق السما بها الإنباء
عمت المسلمين رزءا فأضحت
…
كل عين منهم عراها البكاء
يابن جسوس إن تكن حبست للخو
…
ف عنكم لسانها الأدباء
فأنا اليوم تفصح برثاكم
…
مثلما صخرها رثت خنساء
فليقل من يشاء ما شاء وليفعل فبي من بلواكم برخاء
فعسى إن لقيتكم يوم حشر
…
تشفعن لي فإنكم شفعاء
وللشيخ أبي على اليوسي يرثي زاوية الدلاء لما أوقع بها السلطان مولاي رشيد العلوي سنة 1078:
أكلف جفن العين أن ينثر الدرا
…
فيأبى ويغتاض العقيق بها حمرا
وأسأله أن يكتم الوجد ساعة
…
فيفشي وإن اللوم آونة أغرى
وقد كنت أستصحيه حتى توقدت جذا الوجد فاستسقيته يطفئ الجمرا
على أن دمع العين فضل حشاشة
…
تذاب فماذا ينفع الدمع أن يجري
وكانت سروخ الهم عني عوازباً
…
وبعد النوى أضحت مراتعها الصدرا
وكانت عيون الحادثات غوافلاً
…
زمانا وخطب الدهر كان بناغرا
ليالي كان البنين عن جيرة الحمى
…
صدوداً ونظم الشمل لم يستحل نثرا
وكانت مدامات الوصال مدامة
…
على القوم صرفاً لا مزيجاً ولا تزراً
تجاذب أخدان الصفاء كؤوسها
…
فلا تخشي منها خماراً ولا سكراً
فبينا ليالي الوصل بيض وروضه
…
بفيض الندا كانت مرابعه خضرا
عدت غدوة أيدي الحوادث فاختلت
…
خلاها (1) 9 فعادت بعد نضرتها غبرا
وأبدلن مانوس الديار وأهلها
…
بوحش وحولن الأهيل بها قفراً
وبينا جموع الحي كالراح شبتها
…
بماء فما تخشى جفاء ولا نعرا
وكالفرقدين الطالعين تألفاً
…
وصاحبي الملك الذي نادم الشعري (2)
أصابتهم عين الكمال فغادرت
…
أكفهم من كل ما جمعت صفرا
وردتهم مثل الثريا إذا رأت
…
سهيلا بشحط البين أو واصل والرا (3)
فأصبح في أرجائها البوم منشداً
…
يردد ما قال من قد خلا شعراً:
(كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
…
أنيس) بلى لكن هوى جدهم عثرا
(1) الخلا النبات الرطب الرقيق واختلاؤه قطعه.
(2)
هو جذيمة بن الأبرش وندماه الفرقدان.
(3)
كناية عن البعد والفراق فإن الثريا نجم شامي وسهيلاً نجم يماني وأما واصل فهو ابن عطاء شيخ المعتزلة كان يلثغ بالراء فيبدلها غينا ولاقتداره على الكلام يتجنبها فلا تقع في كلامه.
فلا جفن إلا وهو مغض على القذا
…
ولا عين إلا من نجيع الشجا حمرا
ولا وجد إلا وهو مرخ سدوله
…
ولا هم إلا وهو يكتنف الفكرا
صبرت فؤادي للخطوب فلم يزل
…
به رشقها حتى تقضى فلا صبرا
وأزمعت نهر الدمع (1) عني تعزياً
…
فلما جرى كالنهر لم أملك النهرا
ووجهت نحو الحي أعرب عن هوى
…
ضميري فلا ألفيت زيداً ولا عمرا
وأحسب ما قد كنت أحسب دائماً
…
فخطت بنان البين في راحتي صفرا
* * *
ألا قل لأرواح الصبا لا تغادنا
…
فإنا بأرواح الجنوب لنا ذكرى
وقل للبروق الشرق تغمد سيوفها
…
فإن بروق الجوف (2) صيرتها بترا
بلاد إذا ذقنا رضاب معينها
…
فما لرضاب العين نلتمس الثغرا
وإن نحن رحنا بالشذا من رياضها
…
ربحنا فما نرجو على العنبر التجرا
رياض إذا أبصرتها ونشقتها
…
فلا تذكرن نجداً ولا تذكرن شحراً
وأزر على من كان حن صبابة
…
إليها قديماً إذ على مثلها يزرى
فمن لي بواديها إذا فاح رنده
…
ومن لي بمرعاها اذا أطلع المشرا (3)
(1) أي زجره وهو بهذا المعنى في قافية البيت.
(2)
أي الشمال.
(3)
المشر: النبات الأخضر.
ومن لي بروضات يفوق ضياؤها
…
على الشمس حسناً كلما ابتهجت زهرا
وهيهات واد ينبت الرند أيكه
…
وهيهات روض يطلع الشمس والبدرا
وعذب فرات تستقيه وقاية
…
وتطعمه راحاً وتبصره درا
فهل نفحة تكفيني المسك فائحاً
…
وهل شربة تكفيني الشهد مستمراً
وهل طلعة تكفيني البدر طالعاً
…
وهل لعة تكفيني الثغر مفترا
وهل وقفة بين الطلول التي قضت
…
صروف الليالي في معالمها نذرا
هنالك إخوان الفؤاد وفتية
…
هم للحشا خمر فما يطلب الخمرا
نزايلهم لا عن هوى لنواهم
…
كما لفطام زايل المرضع الظئرا
وننأى عجالاً عنهم مثلما نأى
…
أبو صبية عنهم أذا يمم القبرا
فمنا إليهم صبوة ابن ملوح (1)
…
ومنهم شجا الخنساء إذ فارقت صخرا
فما أنزر الصبر الجميل على النوي
…
وما أغزر الدمع الطويل وما أجرى
فلولا هوى نجد وطيب نسيمها
…
وريح خزاماها إذا ساوق الفجرا
وعذب فرات سلسبيل سخت به
…
أكف الغوادي في حدائقها غمرا
ومشمولة صهباء ما قط شابها
…
براووقه الحاني ولا حلت القدرا
بها هامت الأرواح من قبل خلقنا
…
ومن بعد ما كنا إذ نبلغ الحشرا
(1) يعني قيس بن الملوح صاحب ليلى العامرية.
فكم ولهت فكر ابن عيسى ومالك
وكم أطربت سهلاً وكم أشغلت بشراً (1)
إذا ما تحساها الفتى لم يخف بها
…
جناحاً ولكن يرتجي عندها أجرا
تحمله الأوزار غير مذمم
…
بأعبائها العظمى ولم يكسب الوزرا
وتبرد غلات الحشا وتشبها
…
أواراً وتعطي الرشد والسفه الحجرا
وتورثه قبضاً وبسطاً وفرقة
…
وجمعاً ونسياناً وتورثه شعرا
فلولا رجاء الفوز منها بشربة
وتداوي عقابيل الهوى والجوى المضرى
لكانت أكف البين تصدع بالجوى
زجاجة أحشائي فلا أملك الجبرا
على أن هذا الدهر ليس بضارع
…
له غير من أمسى بأحداثه غمرا
* * *
هو الدهر لا يبقي على متخشع
…
ذليل ولا ذي نخوة مزده كبرا
حسام إذا مما صمم الدهر في امرئ
…
غذا دمه بين الورى خضر مضرا (2)
وسيل إذا ما يمم الأرض أصبحت
…
أخاديد وانفلت كراد سها كسرا
النبوغ المغربي - م 57
(1) أحمد بن عيسى الخراز ومالك بن دينار وسهيل بن عبدالله التستري وبشر الحافي من كبار الصوفية.
(2)
غذا: سال، وخضراً مضراً: هدرا.
وليث هصور ما تغشى حظيرة
…
فيسطو إلا أنعم العض والعقرا
غشوم فما يرتاع من بأس خادر
…
كمي ولا من حسن ساكنة خدرا
فليس عجيباً ما أتى من عجائب
…
ولو أطلع الغبراء واستنزل الخضرا
وليس بنزر ما أباد وما بدا
…
ولا بغريب ما أعل وما أبرا
فكم من عظيم يعتلي فوق باذخ
…
من المجد أردته صوارمه حدرا (1)
وكم من مليك كان يزهى بثروة
…
وعز ولا يألو اعتلاء ولا فخرا
تغشاه بالأرزاء حتى كأنما
…
له ترة منه فلم يأله دفرا (2)
وأفرط في استنفاد ما قد أعده
…
وماعد حتى ما استطال وما أثرى
أدار على داراً صريف صروفه
…
وأتبعه غلابه الملك الحبرا
فأودع ذاك الترب بعد أسرة
…
وأودع هذا بعد بسطته تبرا (3)
وناوى بني ساسان في غلوانها
…
وعزتها العظمى فذللها قسرا
وغادر في تلك المدائن أعيناً
…
لعين غدت من ريب أحداثه خزرا
تحلي نحوراً بالمدامع حسرة
…
وكانت تعالى أن تحليها شذرا
وصيرها مقصورة بعد بسطة
…
ومجد على نشز بطن الثرى قصرا
ومد إلى تلك المقاصير كفه
…
فلم يدع البيضاء فيها ولا الصفرا
(1) نزولاً وهبوطاً
(2)
ذلاً.
(3)
هلاكاً.
وأشرقت الأرجاء منها بشرعة
…
حنيفية من بعد ما أظلمت كفرا
وجر على أولاد جفنة ذيله
…
فجرعها حتفاً وألبسها صغرا
فكانوا لآفات الزمان جزائراً
…
وكانوا قديماً آفة تتلف الجزرا
وأنحى على لخم فعفى رباعها
…
ورام بني بدر فأتبعها بدرا
وأدرك أوتاراً بسيف وبيهس
…
فعادا كأن لم يدركا قبله وترا
وطم على مروان إذ تل عرشها
…
فما خاف عقباها ولا احتمل الإصرا
وعاد إلى بغداد فاجتث ملكها
…
ولم يحترم أملاكها النجب الغرا
ورام ابن عباد بخسف فناله
…
وأعلق منتاشاً به الناب والظفرا
أسيراً بأغمات كأن قد فدي به
…
من احتل في تلك الجزيرة من أسرى
ولم يرث إذ يبكيه فيها سريره
…
ومنبره والدهر ما يختشي نكرا
فهل تمتري في صولة الدهر بعدما
…
أتتك على ذكر وقائعه تترى
وكم من محب صادق الحب روضة
…
أنيقة أزهار توسطت الغدرا
إذا رام وصل الحب ألفاه في الهوى
…
يسارع لا هجراً يخاف ولا غدرا
على ألفة والعيش دان قطوفه
…
كأنهما الفرخان قد ألفا ألوكرا
فلم ينشب الدهر المشتت أن فري
…
من الوصل ما قد أبرماه وما زرا
وأولاهما بالقرب بيناً وبالهوى
…
جفاء وبالوصل القطيعة والهجرا
وأبدل ذاك الأنس وحشاً وغمة
…
وذاك اللذيذ الغض مستو بلا مرا
فلا تتبل بالحادثات ولا تثق
…
فما وهبت يوماً فموهبها معرى
مقربها مقصى ومرفوعها لقى
…
ومنهلها مظما ومكسوها معرى
ولا تركنن للدهر إن نعيمه
…
ظلال سحاب يمسح السهل والوعرا
فبينا تراها قد كستك ببردها
…
تجافت بأميال فألبست الحرا
ملول فما باق على عهد خلة
…
ولا مستديم فيك يسرا ولا عسرا
فإن سر فلتظفر وإن ساء فاصطبر
…
لعودته فالدهر ما يألف الصبرا
عشير متى يحسن فقد بر عشرة
…
وإلا فكن بالصبر في حكمه البرا
وإن كان يمضي الخطب والحر لم ينل
…
جاحاً ولا عاراً به فكن الحرا
وإن سبقتك الحادثات بفائت
…
فسوف يريه الدهر فانتظر الدهرا
ألم تر أن الدهر حبلى أنية (1)
…
ولادتها يوماً وإن لم تكن تدري
فمن منح تسلي ومن محن تسي
…
نتائجها صغري على الماء أو كبرى
* * *
لا تأمنن أبناءه أن تحببوا
…
إليك فمن يشبه أباه فقد برا
وكل بني دهر فأشباه دهرهم
…
على ما قضى الله الكريم وما أجرى
متى ما ارتجوا رغباء منك تقربوا
…
إليك وأبدوا خالص الود والبرا
وأخفوا دميماً كان فيك وأظهروا
…
جميلاً وقالوا ذو محاسن لا تعرى (2)
(1) أي مدركة توشك أن تضع حملها.
(2)
لا تجحد.
فذلك أحرى أن يجلوا وينصتوا
…
إليك رشاداً كان قولك أو تبرا
وإن لم يرجوا منك خيراً رأيتهم
…
جفاء وإعراضاً يولونك الظهرا
وينثون عنك المنديات وإن رأوا
…
جميلاً أعاروه الغشاوة والوقرا
فلا تصغ سمعاً للذي ذم منهم
…
ولا للذي أبدى الجميل وإن أطرى
فإن بني الدنيا عبيد هواهم
…
على مركز الأهوال دورتهم طرا
وإن هواهم حيث ترتقب الغني
…
وليس هو أهم حيث ترتيب الفقرا
إذا ما رأوا ذا الوفر لاذوا بذيله
…
وإن لم ينالوا من سحائبه قطرا
وإن بصروا بالمملق اهتزأوا به
…
ومدوا إليه طرفهم نظراً شزراً
وقالوا بغيض إن نأى ومتى دنا
…
يقولوا ثقيل مبرم أدبر الفقرا
فإن غاب لم يفقدو إن عل لم يعد
…
وإن مات لم يشهد وإن ضاف لم يقرى
* * *
وفي الله للمرء اللبيب كفاية
…
عن الناس والمحروم من حرم الأجرا
فكن رابئاً بالنفس عنهم ومغضياً
…
بعين الحشا عما تكنفت الغبرا
ولا تجعلن في غير مولاك همة
…
فمنه ترى لو تعلم التفع والضرا
وإن شئت ودا فيهم وتوفرا
…
لعرضك أو شئت النباهة والذكرا
فشاركهم فيما بكفك واكفهم
…
مؤونك واستبق التجمل والسترا
وخالل ولا تكلم وجامل ولا ترم
…
وواصل ولا تصرم ولكن خذ الحذرا
ولا تقتحم عيناك ذا سمل ولا
…
تر المرء مزهوا فتعظمه قدرا
فإن الفتي بالنفس لا اللبس مجده
…
فما شان درا كون أصدافه كدرا
وماذا على العضب الذي رث جفنه
…
إذا كان في الهيجاء ينعمك البترا
وإنك تلفي الناس كالنبت ذابل
…
لذيذ وغض كلما ذقته مرا
وقد ما يكون التبر في الترب تختفي
…
مكانته حتى تخلصه سبرا
وإن كنت لا تعتد إلا بملبس
…
فسيان من يكسى العمائم والخمرا
وإن ألغني ما أورث المرء في الورى
…
محامد في الدنيا وعلياء في الأخرى
وكم مترف لم يرأم الضيف ساحه
…
وكم ترب طابت محامده نشرا
فلا خير فيمن لا يعاش بظله
…
ولو فاق تحليقاً بجو العلى النسرا
ولا مال في الدنيا لمن ليس راشحاً
…
بفضل على العاني ولو جمع الوفرا
ولا مجد للمسيك يوما ولو حوى
…
وأثل ما قد كان أثله كسرى
فأغرق على العورات منك بسابغ
…
من العرف تغفر ما تساء به غفرا
وإن تعوز النعمى فجد ببشاشة
…
فخير القرى أن تبذل الرحب والبشرا
وعاص الهوى إن الهوان مع الهوى
وفي الصبر عز فاستسغه ولو صبرا
فمن الهوى ألقى القياد فقد هوى
…
ولو أنه في المجد قد وطيء النسرا
وكن بالذي آتاكه الله من جدى
…
قنوعاً رضوا تبلغ الأنجم الزهرا
ومن لم يكن مستغنياً بقناعة
…
فليس بمنفك عن الناس معترا
ومن لم يكن يسترغد العيش بالرضى
…
بقسمته لم ببرح الدهر مضطراً
ومن لم يكن بالحزم محتزماً فقد
…
فرى حبله عن نجحه قبل أن يفرى
ومن لم يبادر صيده وهو معرض
…
ليرميه كان العناء له قصراً
ومن شر بخساً نوقه وهي شول
…
عجافاً تمناها لدى غيره شكرى
ومن يصطنع عرفاً إلى غير أهله
…
فليس بلاق من جزاء ولا شكرا
ومن يحتسب يهمل كما الغيث وابلا
…
فلا العقل يجفو بالعباد ولا الصبرا
ومن لا يثقف متنه الدين والحجا
…
ويرم الورى يلق المثقفة السمرا
ومن لا يجنب قوله دنس الخنا
…
فلا يمتعض يوماً إذا سمع الهجرا
ومن يبتغ بذلا بالسباب وبالنوى
…
يكن بنضار جيد يشتري الصفرا
ومن يصحب الأمجاد تنظف ثيابه
…
ومن يصحب الأرذال يكسى بها العرا
ومن لا يجالس من يجانس لم يدم
…
له أحد فالأسد ما ترأم ألحمرا
ومن لم يجاوز بالصديق ويلحه
…
يجد لبه نغلا (1) إذا نزع القشرا
ومن يرم بالبغض الودود معنفا
…
ليصفو يورث قلبه البغض والغمرا
ومن لم يكن يبدي سجاياه يبدها
…
إذا ما ارتجي الرغباء وآنس الذعرا
ومن يطلب العلياء يلف مذاقها
…
هبيداً (566) لذوعاً للحناجر لا يمري
ومن يسر في درك المعالي بهمة
…
لجوج رموق للعلا يحمد السيرا
ومن لا يزل كلا يمل وتحتمل
…
به الأرض أني سار من ثقله وقرا
(1) أي مراً كالحنظل.