الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوصف
للقاضي أبي الحسن بن زنباع يصف الربيع:
أبدت لنا الأيام زهرة طيبها. . . وتسربلت بنضيرها وقشيبها
واهتز عطف الأرض بعد خشوعها. . . وبدت بها النعماء بعد شحوبها
وتطلعت في عنفوان شبابها. . . من بعد ما بلغت عتي مشيبها
وقفت عليها السحب وقفة راحم. . . فبكت لها بعيونها وقلوبها
فعجبت للأزهار كيف تضاحكت. . . ببكائها وتباشرت قطوبها
وتسربلت حللاً تجر ذيولها. . . من لدمها فيها وشق جيوبها
فلقد أجاد المزن في إنجادها. . . وأجاد حر الشمس في تربيبها
ما أنصف الخيري يمنع طيبه. . . لحضورها ويبيحه لمغيبها (1)
وهي التي قامت عليه بدفئها. . . وتعاهدته بدرها وحليبها
(1) الخيري زهر يعرف بالمنثور تذكو رائحته ليلاً ويقول له العامة مسك الليل.
فكأنه فرض عليه موقت. . . ووجوبه متعلق بوجوبها (1)
وعلى سماء الياسمين كواكب. . . أبدت ذكاء العجز عن تغييبها
زهر توقت ليلاً ونهارها. . . وتفوت شأو خسوفها وغروبها
فضلت على يسر النجوم بأسرها. . . وسروها في الخلفتين وطيبها
فتأرجت أرجاؤها بهوبها. . . وتعانقت أزهارها بنكوبها
وتصوبت فيها فروع جداول. . . تتصاعد الأبصار في تصويبها
تطفو وترسب في أصول ثمارها. . . والحسن بين طفوها ورسوبها
فكأنما هي موجسات أساود. . . تنساب من أنقابها للصوبها (2)
بادر كؤوس الأنس في حافاتها. . . وأجعل سديد القول من مشروبها
فحديث إخوان الصفاء لذاذة. . . تجنى ويؤمن من جناية حوبها
وأركض إلى اللذات في ميدانها. . . وأسبق لسد ثغورها ودروبها
أعريت خيلك صيفها وخريفها. . . وشتاءها، هذا أوان ركوبها
أو ما ترى الأزهار ما من زهرة. . . إلا وقد ركبت فقار قضيبها
والطير قد خفقت على أفنانها. . . تلقي فنون الشدو في أسلوبها
تشدو وتهتز الغصون كأنما. . . حركاتها رقص على تطريبها
(1) أي وجوب ذلك الفرض عليه مرتبط بوجوب الشمس يعني غروبها.
(2)
جمع لصب وهو الشق في الجبل ونحوه.