الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شخص مال آخر على سبيل المزاح بدون إذنه، فمبجرد وقوع الأخذ يكون الآخذ غاصباً ولا ينظر إلى نيته، كذلك لو أقدم إنسان على عمل غير مأذون فيه فإنه يضمن الخسارة الناشئة عن عمله ولو حصلت عن غير أرادة منه، كمن أخذ مال صغير أو مغمى عليه أو سكران ليحفظه له فضاع المال فهو ضامن.
مبحث
شروط صحة النية:
لما كانت النية عبادة كان لها شروط لا تصح إلا بها، ولا يعتد بالنية إذا فقد واحد منها وهي:(الإسلام، والتمييز، والعلم بالمنوي، عدم المنافي بين النية والمنوي) .
وإليك تفصيل القول في كل منها:
الشرط الأول، الإسلام: يشترط في الناوي أن يكون مسلماً، لأن النية عبادة ونية العبادة لا تصح من الكافر؛ لأن العبادة لا تصح منه، لأنه فاقد شرط صحة قبول العبادة وهو الإيمان بالله تعالى.
وبناء على هذا الشرط فقد اختلف العلماء في مسائل:
المسألة الأولى:
المرأة الكتابية (اليهودية أو النصرانية) إذا كانت زوجة لمسلم وطهرت من الحيض هل يشترط غسلها ليحل وطؤها؟ وإذا قلنا بوجوب ذلك فهل تشترط نيتها؟
عند الأئمة مالك والشافعي وقول عند أحمد رحمهم الله: يلزمها الغسل وتشترط النية لذلك الغسل، وإن كانت ليست من أهلها، ليحل وطؤها، فالغسل لِحق الزوج، وتكون المسألة بذلك مستثناة من القاعدة لفقدان شرط الإسلام،
وأما إن امتنعت أجبرها الزوج على الاغتسال واستباحها وإن لم تنو للضرورة.
وعند الحنفية يحل وطء الكتابية بمجرد انقطاع الدم لأقل من عشرة أيام ولا يتوقف على الغسل لأنها ليست من أهله، وإن صح منها لو فعلته، وعلى هذا تكون المسألة مندرجة تحت القاعدة.
المسألة الثانية:
يمين الكافر وهل تنعقد؟ وبالتالي هل تجب عليه الكفارة بالحنث؟ وهل عليه كفارة لو قتل مسلماً خطأ؟
في هاتين المسألتين خلاف.
فعند أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى: أن الكافر لا تنعقد يمينه، سواء حنث حال كفره أم بعد إسلامه، ولا تصح منه الكفارة، ودليلهما قوله تعالى في الكفار (إنهم لا أيمان لهم) . التوبة، آية (12) وكذلك لا تصح منه الكفارة لو قتل مسلماً خطأ لأن الكفارة عبادة وهو ليس من أهلها.
أما عند الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى: فإن يمين الكافر تنعقد وتلزمه الكفارة بالحنث فيها سواء حنث حال كفره أم بعد إسلامه.
وكذلك تجب عليه كفارة القتل الخطأ عقوبة له، ويشترط نيتها للتمييز لا القربة.
فعلى مذهب أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تكون هاتان المسألتان مندرجتين تحت القاعدة، وعلى مذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله تكونان مستثنتين منها
لاعتبار النية مع فقدان شرط صحتها وهو إسلام الناوي.
الشرط الثاني: التمييز، ومعناه القوة التي في الدماغ وبها تستنبط المعاني، فلا يصح عبادة صبي لا يميز ولا مجنون، والطفل المميز هو الطفل الذي أصبح له بصر عقلي يستطيع به الفصل بين الحسن والقبيح من الأمور، ويعرف به الفرق بين الخير والشر والنفع والضر، وحُدَّ ببلوغه سبع سنين.
ممن فقد التمييز: الصبي والمجنون والسكران، فما حكم تصرفاتهم وجناياتهم، وهل تجب الكفارة عليهم إذا قتلوا؟
أولاً: الصبي والمجنون إذا قتلا عامدين:
فعند الحنفية حكم عمدهما حكم الخطأ سواء كان الصبي مميزاً أم غير مميز، كما لا تنعقد يمين الصبي، والسكران عندهم مكلف فهو كالصاحي في جميع تصرفاته إذا كان السكر بمحرم غير مكره أو مضطر، ولكن لم يعتبروه كالصاحي في مسائل: إذا ارتد حال سكره، أو أقر بحد خالص لله، أو أشهد على شهادة نفسه، أو زوج صغيراً أو صغيرة بأقل من مهر المثل أو بأكثر، أو وُكِّل بالطلاق صاحياً فسكر وطلق، لم يقع طلاقه، أو وُكّل بالبيع صاحباً فسكر وباع لم ينفذ بيعه على موكله.
كما أنه لا كفارة عندهم في قتل الصبي والمجنون لعدم القصد الصحيح. ولكن تلزم الدية على عاقلتهما.
والسكران ينتقض وضوءه وتبطل صالته بالسكر فمذهب الحنفية في كل هذه المسائل مندرج تحت القاعدة إلا في السكران فهو استثناء من القاعدة عقوبة له.
وأما عند المالكية: فإن لا قود على صبي ولا مجنون، ولا قصاص إلا على بالغ غير مغلوب على عقله، فهم مع القاعدة في ذلك لعدم القصد عند الصبي والمجنون، والدية على العاقلة، فهم اعتبروا عمد الصبي والمجنون خطأ كالحنفية سواء ولكنهم أوجبوا الكفارة عليه إن كان غنياً.
قالوا: والسكران عليه قود.
وأما عند الشافعية فالطفل إذا كان غير مميز فعمده خطأ وكذلك المجنون غير المميز، وأما ما كان عنده تمييز منهما فقد اختلفوا فيه، والأصح عندهم أن عمدهما عمدٌ.
وأما السكران فهو مكلف وحكموا عليه ببطلان وضوئه وصلاته إذا انتشى وفقد التمييز أو كاد.
وأما عند الحنابلة فالراجح أن عمد الصبي والمجنون عمد وتضاعف عليهما الدية من مالهما وتجب عليهما الكفارة، ولكن قال في منار السبيل: ولا قصاص على صغير ومجنون والدية على العاقلة كالقاتل خطأ. وهو قول آخر في المذهب.
أما السكران فقالوا: بانتقاض وضوئه وإن كان مميزاً، ويجعل كالصاحي في أقواله وأفعاله فيما عليه المشهور من المذهب.
الشرط الثالث: العلم المنوي:
ومعناه: أن يعلم المكلف حكم ما نواه من فرض أو نفل، عبادة أو غيرها، فمن جهل فرضية الصلاة أو الوضوء لم يصح منه فعلهما.
لكن الذي لا يميز بين السنن والفرائض تصح عبادته بشرط أن لا يقصد التنفل بما هو فرض.
واستُثني من هذا الشرط الإحرام المبهم في الحج، فمن أحرم بما أحرم به زيد من الناس وهو لا يعلمه، صح إحرامه، لأن علياً رضي الله عنه أحرم بما أحرم به النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلمه وصححه له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما في غير الحج فلا يصح إلا بالعلم فلو قال: طلقتك مثلما طلق زيد، وهو لا يدري كم طلق زيد أو قال: بعتك مثلما باع زيد، وهو لا يعلم قدره لا يصح في الصورتين لعدم العلم، وعند الحنابلة وجهان.
الشرط الرابع: أن لا يأتي بمنافٍ بين النية والمنوي:
والمراد بالمنافي العمل الخارج عن المنوي وليس من النية، كمن ارتد بعد نية العبادة فقد بطلت عبادته.
أنواع المنافي:
(ا) من المنافي نية القطع:
فمن نوى قطع الإيمان والعياذ بالله تعالى، صار مرتداً في
الحال.
ومن نوى قطع الصلاة بطلت عند الشافعي؛ لأنها شبيهة بالإيمان، ولم تبطل عند الحنفية.
ومن نوع قطع الصلاة بعد الفراغ منها لم تبطل عند الجميع، وكذا سائر العبادات.
ومن نوى الأكل أو الجماع في الصوم، أو نوى فعل مناف في الصلاة كالأكل والفعل الكثير، لم يضره ما لم يفعل.
ومن نوى الصوم من الليل ثم قطع النية قبل الفجر سقط حكمها، ولو صام لم يصح صومه ما لم يجدد النية قبل الفجر، بخلاف ما لو نوى ثم أكل بعد النية فلا تطبل لأن الأكل ليس ضدها، وهذا عند غير الحنفية، وعندهم لو نوى بعد الفجر صح صومه.
من نوع قطع الحج والعمرة لم يبطلا بلا خلاف لأنه لا يخرج منهما بالإفساد.
ومن نوع قطع الجماعة بطلت صلاته عند الحنفية.
ومن نوع الإتمام في أثناء الصلاة امتنع عليه القصر.
(ب) ومما يقرب من نية القطع نية القلب أو النقل، فمن نقل فرضاً إلى فرض لم يحصل واحد منهما، ومن نقل نفلاً إلى فرض لم يحصل واحد منهما، وأما إن نقل فرضاً إلى نفل فإنه يصح.
(ج) ومن المنافي التردد وعدم الجزم في أصل النية من ذلك:
من اشترى خادماً للخدمة أو فرساً للركوب أو بيتاً للسكنى وهو ينوي إن أصاب ربحاً باعه فلا زكاة عليه لعدم خلوص نية التجارة.
ومن نوى يوم الشك: إن كان من شعبان فليس بصائم، وإن كان من رمضان
كان صائماً، لم تصح نيته، وأما لو تردد في الوصف بأن نوى، إن كان من شعبان فسيصوم نفلاً وإن كان من رمضان ففرضاً، صحت نيَّته وجاز صومه؛ لأن صوم رمضان يصح بنية النفل ولأن أصل الصوم لا تردد فيه.
ومن عليه صلاة فائتة، وشك في قضائها. فقضاها، ثم تيقنها لم يجزئه القضاء، وعليه إعادة قضائها، لأن نية القضاء متردد فيها.
(د) ومن المنافي عدم القدرة على المنوي: إما عقلاً وإما شرعاً وإما عادةً.
فمن أمثلة عدم القدرة على المنوي عقلاً.
نوى بوضوئه أن يصلي صلاة وأن لا يصليها، لم تصح نيته لتناقضه.
ومن أمثلة عدم القدرة على المنوي شرعاً:
نوى بوضوئه الصلاة في مكان نجس، قالوا: ينبغي أن لا يصح وضوءه.
ولكني أرى صحة وضوئه، وأما إن صلى في ذلك المكان فصلاته باطلة لا وضوءه.
ومن أمثلة عدم القدرة على المنوي عادة:
نوى بوضوئه صلاة العيد وهو في أول السنة، أو نوى به الطواف وهو بالشام ففي صحة وضوئه خلاف.
وأرى أن وضوءَه صحيح لأن النية المستحيلة ليست من نواقض الوضوء.
مما استثنى وصحت فيه النية مع التردد أو التعليق:
من عليه صوم واجب لا يدري هل هو من رمضان أو نذر أو كفارة، فنوى صوماً واجباً أجزأه، كمن نسي صلاة من الخمس فصلى الخمس.
وإن قال مريد الإحرام: إن كان زيد محرماً فقد أحرمت، فإن كان زيد محرماً
انعقد إحرامه.
وإذا أحرم يوم الثلاثين من رمضان، وهو شاك فقال: إن كان من رمضان فإحرامي بعمرة، وإن كان من شوال فإحرامي بحج، ثم تبين أن اليوم أول شوال كان إحرامه بالحج صحيحاً.
وكذلك من شك في قصر إمامه فقال: إن قصر قصرت وإلا أتمت، ثم ظهر أن إمامه كان قاصراً فصلاته قصر.
مسألة: هل تعقيب النية بالمشيئة يعتبر من المنافي فيبطل النية والعمل؟
إذا عقب النية بالمشيئة، كمن نوى الصوم ثم قال: إن شاء، أو نوى صلاة وعقبها بقوله: إن شاء الله، أو طلق أو أعتق، أو حلف يميناً ثم استثنى بقوله بعده: إن شاء الله، فهل تبطل النية؟
الأقوال في المسألة:
1.
عند الحنفية وقول عند الشافعية وقول لأحمد وغيرهم الاستثناء بالمشيئة يؤثر في النطق ولا يؤثر في النبات.
والمراد بالنطق: الأحكام التي يشترط فيها التلفظ كالطلاق والعتاق واليمين والبيع، فلا يقع الطلاق ولا العتق، ولا يحنث في اليمين إذا عقب اللفظ بقوله: إن شاء الله.
والتعليل لذلك: أنه علقه على مشيئة لم يعلم وجودها فلم يقع كما لو علَّقه على مشيئة زيد من الناس، ودليلهم قوله صلى الله عليه وسلم: (من حلف على
يمين فقال إن شاء الله لم يحنث) .
والمراد بالنيات: أي العبادات التي يكتفي فيها بالنية القلبية كالصلاة والصوم. فمن عقب نية الصلاة أو الصوم بقوله: إن شاء الله، صحت صلاته وصومه.
2.
وأما عند المالكية وقول عند أحمد ورجحه ابن قدامة في المغني: بأنه ليس في الطلاق ولا العتاق استثناء إن شاء الله، وإنما هو الاستثناء في اليمين بالله خاصة، فمن قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، طلقت عند مالك وأحمد.
والتعليل: إن هذا استثناء يرفع جملة الطلاق فلم يصح كما لو قال: أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثاً، ولأنه إزالة ملك فلم يصح تعليقه على مشيئة الله كما لو قال: أبرأتك إن شاء الله، أو تعليق على ما لا سبيل إلى علمه فأشبه تعليقه على المستحيلات.
والدليل: قول ابن عباس رضي الله عنهما: (إذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إن شاء الله فهي طالق) وما روى عن ابن عمر وأبي سعيد قالا: (كنا معاشر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نرى الاستثناء جائزاً في كل شيء إلا في العتاق والطلاق) .
3.
وقول عند الشافعية وهو الأصح عندهم: أنه إذا نوى التعليق بطلت نيته وبالتالي بطل صومه وصلاته ولم يقع طلاقه أو عتقه؛ للتردد وعدم الجزم، وأما إذا نوى
التبرك فلا تبطل النية ولا العمل في الجميع.
9.
شرط قبول النية في العبادات وشرط ترتب الثواب عليها:
لما كانت المقصود من النية كما سبق بيانه، تمييز العبادات عن العادات، ولما كان المقصود من العبادة وجه الله سبحانه وتعالى وطلب مرضاته ورضوانه، كان لا بد من شرط مهم لقبول العبادة وترتب ثوابها عليها وهذا الشرط هو:(الإخلاص) :
والمراد بالإخلاص هنا: إرادة وجه الله وحده من العبادة.
ودليل ذلك قوله تعالى: (وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حُنفاء) . سورة البينة، آية (5) .
ومن ثم لا يجوز التشريك في النية، فذلك يبطل العمل ويحبطه، ومن هنا لم تقبل النيابة ولا التوكيل في النية، لأن المقصود اختبار سر العبادة.
ولكن أجيز التوكيل في النية؛ إذا اقترنت بفعل كتفرقة زكاة أو ذبح أضحية أو صوم عن الميت أو حج.
والإخلاص أمر زائد على النية لا يحصل بدونها وقد تحصل هي بدونه، ونظر الفقهاء قاصر على النية وأحكامهم تجري عليها، وأما الإخلاص فأمره إلى الله تعالى لأنه أمر قلبي وهو من شؤون الآخرة.
مسائل على التشريك في النية وأثر ذلك في العمل:
لو نوى إنسان مع العبادة ما ليس بعبادة فقد تبطل العبادة، مثل أن يذبح الأضحية
لله ولغيره، فانضمام غير الله إليه يوجب حرمة الذبيحة.
وإذا كانت البدنة تجزئ عن سبعة فإن كان الكل مريداً للقربة، وإن اختلفت جهاتها من أضحية وقران ومتعة صحت وأجزأت، وأما إن كان أحدهم مريداً لحماً لأهله أو كان نصرانياً لم يجز عن واحد منهم.
والتعليل: أنه لم يقع البعض قربة خرج الكل عن ان يكون قربة لأن الإراقة لا تتجزأ.
هذا عند الحنفية، وأما عند الشافعية والحنابلة فيجوز إذا كان أحدهم يريد اللحم، وأما مالك رحمه الله فلا يجيز الاشتراك في الأضحية.
لو افتتح الصلاة خالصاً لله تعالى ثم دخل في قلبه الرياء، والمراد بالرياء هنا: أنه لو خلا عن الناس لا يصلي ولو كان مع الناس يصلي ففي هذه المسألة قولان:
1.
هو على ما افتتح صلاته.
2.
أنه لو صلى رياء فلا أجر له وعليه الوزر.
إذا صلى مع الناس يُحسِّن صلاته، وإذا صلى وحده لا يحسنها، فله ثواب أصل الصلاة دون الإحسان، والمراد بتحسين الصلاة: إطالة القراءة وتحسين الصوت وإطالة الركوع والسجود وإظهار التخشع فيها.
السوقي الذي يصاحب الجيش بقصد التجارة قالوا: إنه لا سهم له؛ لأنه عند المجاوزة لم يقصد إلا التجارة لا إعزاز الدين وإرهاب العدو، فإن قاتل استحق، لأنه