الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
--
القاعدة: الخامسة والعشرون:
قاعدة: يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان:
أصل هذه القاعدة ودليلها قوله صلى الله عليه وسلم (المسلمون عند شروطهم) .
معنى القاعدة:
إن الشرط يراعى بقدر الاستطاعة وما زاد عن الطاقة فلا يجب مراعاته ولا اعتباره والأصل في الشروط اعتبارها ما أمكن ذلك.
فلو قال المودِع للوديع: أمسك الوديعة بيدك ولا تضعها ليلاً ولا نهاراً، فوضعها في بيته فهلكت، لم يضمنها، لأن ما شرطه عليه ليس في وسعه باعتبار العادة.
ولو قال: لا تخرج بالوديعة من الرياض، فخرج بها إلى جدة مثلاً فهلكت، كان ضامناً، فأما إذا انتقل الوديع من الرياض إلى جدة لأمر لم يكن منه بدِّ كأن انتقل عمله أو أهله، فهلكت الوديعة فلا ضمان عليه، لأن الشرط يراعى بقدر الإمكان.
فالشرط إذ إنما يراعى بقدر الاستطاعة، وأما ما زاد عليها فلا مؤاخذة عليه، والمراد بهذه القاعدة الشرط التقييدي وهو الذي يلزم مراعاته لا الشرط التعليقي.
الفرق بين المعلق بالشرط وبين المقيد بالشرط وهو مقصود هذه القاعدة:
العقد المعلق بالشرط: هو ما فيه شرط تعليقي فلا يكون الحكم منجزاً فيه بل هو متأخر إلى زمان وقوع الشرط لترتبه عليه ترتب الجزاء على الشرط.
وأما المقيد بالشرط وهو ما فيه شرط تقييدي، فيكون الحكم فيه منجزاً واقعاً في الحال، كمن أجر بيتاً واشترط أن تكون الأجرة مقدمة، صح العقد وثبت وعلى المستأجر الوفاء بالشرط.
الشرط المعتبر: والذي يلزم مراعاته من الشروط إنما هو الشرط الذي يوافق الشرع، لا أي شرط كان.
أقسام الشروط: الشروط ثلاثة أقسام:
1.
قسم يجوز شرعاً وفيه فائدة لم اشترطه فهذا يلزم مراعاته.
2.
قسم ممنوع شرعاً، ويقال له شرط فاسد، قد يفسد العقد إذا أخل بركن من أركانه أي يبطله، وقد يصح العقد ويفسد الشرط فقط إن لم يخل بمقصود العقد ومقتضاه.
3.
قسم ثالث غير ممنوع شرعاً إلا أنه لا يلزم مراعاته لعدم فائدته أو استحالته فيلغو.
والشرط الذي لا ينافي العقد بل هو مقتضى العقد أو مؤيد لمقتضاه يسمى الشرط الملائم وهو كل شرط ورد به الشرع أو العرف.
كما لو باع بشرط أن يكون المبيع ملك المشري.
أو باع بشرط أن يحبس المبيع حتى يقبض الثمن، فهذا الشرط جائز لكونه بياناً لمقتضى العقد.
ولو باع بشرط أن يرهن المشتري عند البائع شيئاً معلوماً أو يقيم كفيلاً بالثمن صح البيع ويكون الشرط معتبراً.
وكذا البيع بشرط متعارف كالبيع بشرط توصيل المبيع إلى منزل المشتري.
وكذا لو استثنى البائع منفعة المبيع مدة معلومة صح البيع في الأرجح عند الحنابلة.
ويصح أن يقف وقفاً ويستثنى منفعته مدة معلومة أو مدة حياته.
والشرط الممنوع شرعاً ما كان منافياً لمقتضى العقد أو فيه تصادم مع نص شرعي بخلافه.
وأما من قال لآخر: وهبتك هذا المال على أن تخدمني شهراً، صح العقد وبطل الشرط.
أو قال: تزوجتك على غير مهر.
فعند الحنفية يصح النكاح ويبطل الشرط، ويجب مهل المثل.
وكذا لو قال لزوجته طلقتك على أن تتزوجي غيري، أو خالعتك على أن لي الخيار مدة شهر مثلاً، بطل الشرط ووجب المال.
والشرط الجائز هو كل شرط مفيد لم يمنعه الشرع كما لو قسم الشركاء الربح بينهم على الوجه الذي شرطوه متساوياً أو متفاضلاً.
والشرط غير المفيد ما كانوا لغوا، وإن كان غير ممنوع شرعاً، فلا يترتب على عدم رعايته حكم، كمن اشترط على المضارب، أن يضارب في سوق واحدة فقط، فهذا شرط غير معتبر.
والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
ْْْْْْْْْْْْ
انتهى الكتاب وبالتوفيق إن شاء الله.