الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنواع العادة والعرف وأقسامها:
أولاُ: من حيث العموم والخصوص:
العادة والعرف ثلاثة أنواع:
1.
عادة عرفية عامة - أو عرف عام: هو عرف هيئة غير مخصوصة بطبقة من طبقاتها وواضعه غير متعين، وهو العرف الجاري منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم حتى زماننا، وهو العرف الذي قبله المجتهدون وعملوا به - ولو كان مخالفاً للقياس ويثبت به حكم عام. وهو العرف المعتبر الذي تخص به النصوص ويترك به القياس - أي القواعد العامة - ولكن لا يعتبر ذلك العرف إلا في زمن الرسالة، وأما الأعراف المستجدة بعد زمن الرسالة مهما عمَّت فلا تُخص بها النصوص ولا يترك بها القياس. وإنما ينزل الناس على حكمها فيما يتعاملون به ولم ينص على خلافه.
والعموم قد يكون عموماً زمانياً فيكون العرف عاماً في الأزمنة كلها منذ عهد الصحابة إلى الآن، أو في عصر من العصور، وقد يكون عموماً مكانياً، بمعنى أن العرف يعم الأمكنة كلها ويعمل به في جميع البلاد أو أكثرها.
ومن أمثلة العادة العرفية العامة:
إذا حلف إنسان أن لا يضع قدمه في دار فلان - فهو يحنث ولو دخلها محمولاً وبقيت قدمه خارجها - ولا يحنث لو وضع قدمه فيها وبقي هو خارجها؛ لأن المراد بوضع القدم عند الجميع هو الدخول وليس مجرد وضع قدم فقط.
وتعارف الناس عقد الاستصناع وهو الاتفاق على صنع أشياء معينة بأوصاف مبينة محددة وهو من بيع المعدوم ولكن جاز لتعارف الناس وتعاملهم به من العصر الأول، وهذا العرف يصلح مخصصاً للنص ويترك به القياس، كجواز السلم وغيره.
عادة عرفية خاصة، أو عرف خاص، وذلك ما كان عرفاً لإقليم خاص، أو طائفة مخصوصة، أو اصطلاحاً لطائفة مخصوصة، مثل: الرفع عند النحاة، فإنه عندهم اسم لما هو علم الفاعلية.
والفرق والجمع والنقض عند علماء الجدل والمناظرة، فإن الفرق عندهم هو أن يبين في الأصل - المقيس عليه - وصف له مدخل في العلّية لا يوجد في الفرع فلا يصح القياس.
والجمع هو أن يجمع بين الأصل والفرع بعلة مشتركة بينهما فيقع القيس.
والنقض هو تخلف الحكم المدَّعى عن الدليل.
مع أن معاني هذه الألفاظ اللغوية مختلفة عن هذه المعاني الاصطلاحية.
النوع الثالث: عادة عرفية شرعية أو العرف الشرعي:
كالصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها من المصطلحات الشرعية، حيث تركت معانيها اللغوية بمعانيها الشرعية، فالصلاة في اللغة الدعاء، والزكاة معناها الزيادة أو الطهارة، والصوم مطلق الإمساك.
والحج معناه القصد، لكن انتقلت هذه الألفاظ عن معانيها اللغوية إلى معانيها الشرعية، فأصبحت حقائق شرعية وأعرافاً شرعية بحيث أنها إذا أطلقت لم يتبادر إلى الأذهان إلى المعنى الشرعي، وهذا النوع يعتبر أيضاً من العرف الخاص.
فالعادة العرفية الخاصة أو العرف الخاص إذا كان خاصاً في المكان بأن كان عرف أهل بلدة واحدة أو ناحية، فهو لا يعتبر عند جمهور الفقهاء مخصصاً ولا يجوز أن يترك به القياس، إذ قالت الحنفية والشافعية:(المذهب عدم اعتبار العرف الخاص) .
ولكن بعض فقهاء الحنفية والشافعية أفتوا باعتباره، ومثلوا له بما لو دفع غزلاً إلى حائك لينسجه بذراع منه أو بجزء شائع كالربع مثلاً، فعند جمهور فقهاء الحنفية والشافعية بأنه لا يجوز قياساً على قفيز الطحان.
لكن بعض فقهاء الحنفية والشافعية - في بلاد ما وراء النهر - تركستان - أفتوا بجوازه حيث قالوا: وفيه عرف شائع عندنا ولو لم نُجَوِّزه، وعلل تجويزه بقوله: وإنما عدم جوازه قياساً على المنصوص - أي أن الأصل في المنع الأثر، ونسج الثوب مقيس على قفيز الطحان - قال: لكن القياس يترك بالعرف كما في الاستصناع. أي فحيث كان دليل المنع هنا القياس على قفيز الطحان، جاز العمل بخلاف القياس للعرف الشائع، وليس في ذلك مصادمة للنص.
ونزل القفال من الشافعية العادة المطردة في ناحية منزلة الشرط، فقال: إذا عَمَ الناس اعتياد إباحة منافع الرهن للمرتهن فاطراد العادة فيه بمثابة شرط عقد في عقد حتى يفسد الرهن ويصبح عارية مضمونة، وجعل العرف الخاص بمثابة العادة العامة، ولم يساعده الجمهور على ذلك.
والعلة في عدم جواز تخصيص النص أو القياس بالعرف الخاص كتعامل أهل بلدة واحدة؛ لأن تعامل أهل بلدة إن اقتضى أن يُجَوِّز التخصيص فترك التعامل من أهل بلدة أخرى يمنع التخصيص، فلا يثبت التخصيص بالشك.
ثانياً: من حيث العمل والقول:
يقسم العرف إلى القسمين:
(ا) العرف العملي أو الفعلي:
وهو ما جرى عليه عمل الناس في تصرفاتهم واعتيادهم على شيء من الأفعال العادية أو التصرفات المنشئة للالتزامات.
من أمثلة العرف العملي:
اعتياد الناس تعطيل بعض أيام الأسبوع عن العمل، وكاعتيادهم أكل نوع خاص من المآكل أو استعمال نوع من الملابس أو الأدوات.
تعارف بعض البلدان والأقطار تقسيم المهر في الزواج إلى مقدم ومؤخر، وإن الذي يجب دفعه قبل الزواج هو المقدم، وأما الثاني فلا يجب إلا بالموت أو الطلاق أيهما أقرب.
وتعارف الناس تقديم الأجرة قبل استيفاء المنفعة في إجارة الأماكن شهرياً أو سنوياً.
اعتياد بعض الناس عند بيع الأشياء الثقيلة أن تكون حمولتها إلى مكان المشتري على البائع.
والعرف العملي عند الحنفية يعتبر مخصصاً إذا كان عاماً خلافاً للجمهور حيث لا يعتبرون العرف مخصصاً إلا إذا كان قولياً.
مثال للعرف العملي المخصص:
لو وكل شخص آخر بأن يشتري له خبزاً أو لحماً، ومن عادة الناس في تلك البلدة أكل خبز خاص ولحم خاص، فليس للوكيل أن يشتري للموكل خبزاً من نوع آخر أو لحماً غير ما اعتادوه، اعتماداً على إطلاق الموكل، لأن العرف هنا يخص به الإطلاق، فيسمى عرفاً عاماً مخصصاً.
(ب) العرف القولي:
وهو اصطلاح جماعة على لفظ يستعملونه في معنى مخصوص حتى يتبادر معناه إلى ذهن أحدهم بمجرد سماعه، وهذا العرف إذا كان عاماً فهو عند الجميع يسمى عرفاً مخصصاً كما سبق، أو هو تعارف الناس على إطلاق لفظ على معنى غير معناه اللغوي بحيث يتبادر منه هذا المعنى العرفي عند إطلاقه بدون حاجة إلى قرينة، حتى سموا استعمال اللفظ فيه حقيقة عرفية، لأن المعنى اللغوي صار مهجوراً لا يقصد من اللفظ إلا بقرينة تدل على إرادته.
أمثلته:
من قال لآخر اشتر لي دابة، والمتعارف عندهم أن لفظ الدابة يطلق على الحمار مثلاً فليس له أن يشتري فرساً أو بغلاً، استنباطاً من أن لفظ الدابة يطلق عند آخرين على ذات الأربع.
وكذلك لو قال شخص لآخر: اشتر لي سيارة بخمسة آلاف، ولم يعين النقود هنا، فيلزم الوكيل أن يشتري بالريالات السعودية لأنها المتعارفة هنا عند الإطلاق، وليس له أن يشتري بريالات قطرية مثلاً أو دولارات أو جنيهات.
مجالات عمل العادة والعرف.
أو متى تكون العادة والعرف حجة وحكماً؟
إنما يعتبر العرف والعادة حجة وحكماً عند عدم مخالفته لنص شرعي أو شرط لأحد المتعاقدين، وفي حالة انعدام النص الموافق له، لأنه إذا وجد نص موافق للعرف، فالمعتبر النص دون العرف، ولذلك قالوا: (إن العادة تحكَّم فيما لا