الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-- ثالثا:
القواعد المستثناة من قاعدة (الأمور بمقاصدها) :
(ا)
قاعدة: (من استعجل ما أخره الشرع يجازى برده)
.
اختلفت تعبيرات الفقهاء عن هذه القاعدة، ولكنها مهما اختلفت فالمقصود منها معنى متحد.
قال الحنفية: (من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه) .
وقال المالكية: (الأصل المعاملة بنقيض المقصود الفاسد) .
وقالوا أيضاً: (من استعجل الشيء قبل أوانه يعاقب بحرمانه) .
وقال الشافعية: (المعارضة بنقيض المقصود) .
وقالوا أيضاً: (من استعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه) .
وقال الحنابلة: (من أتى بسبب يفيد الملك أو الحل أو يسقط الواجبات على وجه محرم، وكان مما تدعو النفوس إليه ألغى ذلك السبب وصار وجوه كالعدم، ولم يترتب عليه أحكامه) .
وقالوا أيضاً: (من تعجل حقه أو ما أبيح له قبل وقته على وجه محرم
عوقب بحرمانه) .
فهذه القواعد مهما اختلفت صيغها فهي ذات مضمون واحد وهو: (إن من يتوسل بالوسائل غير المشروعة تعجلا منه للحصول على مقصوده المستحق له فإن الشرع عامله بضد مقصوده، فأوجب حرمانه جزاء فعله واستعجاله) .
مكانة هذه القواعد:
(هذه القواعد تمثل جانباً من جوانب السياسة في القمع وسد الذرائع) . فهذه القواعد تعتبر استثناء من قاعدة (الأمور بمقاصدها) .
حيث إن الفاعل هنا يعامل ويعارض بنقيض مقصوده، وسنرى من خلال الأمثلة أن مقصد الفاعل من فعله كان تحايلاً على الشرع من جانب، أو استعجالاً لأمر مستحق أو مباح من جانب آخر بفعل أمر محرم، ولذلك أهمل قصد الفاعل وعومل بنقيض ما قصد عقوبة له وزجراً لغيره، إلى جانب العقوبة المستحقة على الفعل نفسه.
أمثله على هذه القواعد:
إذا قتل الوارث مورثة الذي يرث منه عمداً مستعجلاً الإرث، فإنه يحرم من الميراث، سواء كان متهماً أم غير متهم عند أكثر الحنابلة.
إذا قتل الموصى له الموصي فهو يحرم من الوصية بالإجماع.
ومنها لو طلق الرجل امرأته ثلاثاً بغير رضاها في مرض موته قاصداً حرمانها من الإرث ومات وهي في العدة فإنها ترثه.
وفي قول آخر إنها ترث ولو مات بعد انقضاء عدتها.
ومنها الفارُّ من الزكاة قبل تمام الحول بتنقيص النصاب أو إخراجه عن ملكه، إذا تجب فيه الزكاة.
ومنها: لو صرف أكثر أمواله في ملك لا زكاة فيه كالعقار والحلي، عن من يقول بعدم الزكاة فيه، فهل ينزل منزلة الفارّ من الزكاة؟ وجهان عند الحنابلة والمالكية.
ومنها الغال من الغنيمة يحرم أسهمه منها. على قول.
ومنها من تزوج امرأة من عدتها من غيره حرمت عليه على التأييد على رواية.
ومنها: من تزوجت بعبدها فإنه يحرم عليها على التأييد، كما روى عن عمر رضي الله عنه.
ومنها: من ثبت عليه الرشوة لغرض ما فهو يحرم منه عقوبة له.
ومنها: السكران يشرب الخمر عمداً، يجعل كالصاحي في أقواله وأفعاله فيما عليه.
استثناءات من القواعد:
مما خرج عن هذه القواعد:
لو قتلت أم الولد سيدها عتقت، ولا تحرم العتق للقتل، ولو تعمدت قتله للعتق لأن إعتاقها ثابت بالشرع، ولا ينفي ذلك القصاص منها.
ولو قتل المدبَّر سيده عتق، على قول ويسعى في جميع قيمته؟ لأنه لا وصية لقاتل وعلى قول آخر بطل تدبيره عقوبة له. (والمدبر هو العبد أو الأمة التي قال سيدها أو سيده: أنت عتيق على دُبر مني أي بعد وفاتي فكأنه أوصى بعتقه بعد الوفاة) .
ومنها: لو قتل الدائن صاحب الدين المدين، حلّ دينه على قول راجح
وطالب به الورثة.
ومن أمسك زوجته مسيئاً لعشرتها لأجل إرثها، ورثها لو ماتت والحالة هذه، ولو أمسكها لأجل الخلع نفذ وجاز.
ومنها لو شربت دواء فحاضت لا تقضي الصلواتـ وكذلك من شرب شيئاً قبل الفجر ليمرض فأصبح مريضاً جاز له الفطر.
(ب) قال الشافعية: (الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب) .
معاني المفردات:
الإيثار: معناه تفضيل الغير على نفسه وتقديمه عليه، ومنه قوله تعالى:(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) . سورة الحشر، آية (9) .
ويقابل الإيثار الأثرة ومعناها الاستثار بالشيء ومنعه من الغير.
والإيثار نوعان: إيثار الغير على النفس في الحظوط الدنيوية وهو محبوب مطلوب، كمن آثر غيره على نفسه بطعامه أو بشرابه مع حاجته إليه، أو يؤثر غيره بالحياة ويعرض نفسه للقتل بدلاً عنه، كالمجاهدين وهذا أعلى درجات الإيثار.
وهذا النوع من الإيثار مندرج وداخل تحت القاعدة الكبرى (الأمور بمقاصدها) .
النوع الثاني: إيثار في الحظوظ الأخروية وهذا النوع قد يكون حراماً وقد يكون مكروهاً وهو موضوع هذه القاعدة.
والقُرَبُ: جمع قربة وهو كل ما يتقرب به إلى الله سبحانه وتعالى من طاعة