المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌القاعدة الثانية: (إذا اتسع الأمر ضاق) - الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية

[محمد صدقي آل بورنو]

فهرس الكتاب

- ‌ القسم الأول:-- المقدمات والمبادئ

- ‌ المقدمة الأولى:-- معنى القواعد الفقهية والتعريف بها:

- ‌ المقدمة الثانية:-- الفروع بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية:

- ‌ المقدمة الثالثة:-- ميزة القواعد الفقهية ومكانتها في الشريعة وفوائد دراستها:

- ‌ المقدمة الرابعة:-- أنواع القواعد الفقهية ومراتبها:

- ‌ المقدمة الخامسة:-- مصادر القواعد الفقهية:

- ‌ المقدمة السادسة:-- حكم الاستدلال بالقواعد الفقهية على الأحكام:

- ‌ المقدمة السابعة:-- نشأن القواعد الفقهية وتدوينها وتطورها:

- ‌المقدمة الثامنة:وتحتها مسألتان:

- ‌ المقدمة التاسعة:-- أشهر المؤلفات في القواعد الفقهية عبر القرون:

- ‌القسم الثاني:المقاصد:

- ‌القاعدة الأولى:قاعدة الأمور بمقاصدها:

- ‌أدلة القاعدة وأصلها:

- ‌معنى القاعدة:

- ‌أمثلة القاعدة:

- ‌مباحث النيَّة:

- ‌ معنى النية في اللغة:

- ‌ ما لا يشترط فيه النية

- ‌تعيين النية

- ‌ نية العبادة في المباحات

- ‌ انفراد النية عن الفعل

- ‌ شروط صحة النية:

- ‌ محل النية:

- ‌ وقت النية:

- ‌ القواعد المندرجة تحت قاعدة (الأمور بمقاصدها)

- ‌ القاعدة الأولى: قاعدة العقود:

- ‌ ثانياً: قواعد في الأيمان:

- ‌قاعدة: هل اليمين على نية الحالف أو على نية المستحلف

- ‌ القواعد المستثناة من قاعدة (الأمور بمقاصدها) :

- ‌ قاعدة: (من استعجل ما أخره الشرع يجازى برده)

- ‌استدراك على قاعدة (الأمور بمقاصدها) :

- ‌طريقة معرفة حكم الجزئيات من القاعدة الكلية:

- ‌المدركات العقلية:

- ‌ القواعد الكلية المندرجة تحت قاعدة: (اليقين

- ‌ القاعدة الأولى:قاعدة (الأصل بقاء ما كان على ما كان)

- ‌معنى القاعدة:

- ‌معنى الاستصحاب وأنواعه:

- ‌أقسام الاستصحاب عند الفقهاء الحنفية:

- ‌حكم الاستصحاب:

- ‌معنى القاعدة:

- ‌متى يظهر أثر الخلاف

- ‌ القاعدة الثالثة من القواعد الكلية الكبرى:

- ‌قاعدة: (المشقة تجلب التيسير) :

- ‌أنواع المشاق والمشقة الميسرة:

- ‌عوامل المشقة الميسرة وأسباب التخفيف:

- ‌أنواع رخص الشرع التي ورد فيها التخفيف:

- ‌ القواعد الكلية الفرعية المندرجة تحت قاعدة المشقة تجلب التيسير

- ‌القاعدة الأولى: (إذا ضاق الأمر اتسع

- ‌القاعدة الثانية: (إذا اتسع الأمر ضاق)

- ‌أصل هذه القاعدة ودليلها:

- ‌أنواع الرخص التي تتخرَّج على قاعدة الضرورة:

- ‌ خاصة) :

- ‌أدلة هذه القاعدة:

- ‌ القاعدة الرابعة من القواعد الكلية الكبرى:قاعدة: (لا ضرر ولا ضرار)

- ‌ شرح القاعدة

- ‌ القواعد المتفرعة على قاعدة لا ضرر ولا ضرار

- ‌اختلاط الواجب بالمحرم:

- ‌أنواع العادة والعرف وأقسامها:

- ‌العرف والعادة أمام النصوص الشرعية:

- ‌فروع على القاعدة:

- ‌ تعارض اللفظ بين اللغة والعرف:

- ‌معنى القاعدة

- ‌استثناء

- ‌معنى القاعدة:

- ‌ النوع الثاني:-- القواعد الكلية غير الكبرى:

- ‌ القاعدة الأولى:قاعدة: (التابع تابع) :

- ‌استثناء من القاعدة:

- ‌قاعدة: (التصرف على الرعية منوط بالمصلحة) :

- ‌ القاعدة الخامسة:قاعدة: (المرء مؤاخذ بإقراره) :أو: (إقرار الإنسان على نفسه مقبول) :

- ‌ القاعدة السادسة:قاعدة: (الإقرار حجة قاصرة) :

- ‌ القاعدة السابعة:قاعدة: (الإقرار لا يرتد بالرد)

- ‌ القاعدة الثامنة:قاعدة: (من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه) :

- ‌ القاعدة التاسعة:قاعدة: (الجواز الشرعي ينافي الضمان) :

- ‌استثناء:

- ‌ القاعدة الثانية عشرة:قاعدة: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) :

- ‌ القاعدة الثالثة عشرة:قاعدة: (ليس لعرق ظالم حق) :

- ‌ القاعدة الرابعة عشرة:قاعدة: (لا يتم التبرع إلا بالقبض) :أو (التبرع لا يتم إلا بالقبض) :

- ‌استثناء:

- ‌استثناءات:

- ‌ القاعدة: السابعة عشرة:قاعدة: (لا مساغ للاجتهاد في مورد النص) :

- ‌أنواع الاجتهاد:

- ‌ القاعدة: الثامنة عشرة:قاعدة: (الاجتهاد لا ينقض بمثله أو بالاجتهاد) :

- ‌استثناء:

- ‌استثناء

- ‌ القاعدة: العشرون:قاعدة: لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير أو حقه بلا إذن:

- ‌استثناءات:

- ‌ القاعدة: الحادية والعشرون:قاعدة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب:

- ‌ القاعدة: الثانية والعشرون:قاعدة: الميسور لا يسقط بالمعسور:

- ‌استثناءات

- ‌ القاعدة الرابعة والعشرون:قاعدة: (المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط) :

- ‌ القاعدة: الخامسة والعشرون:قاعدة: يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان:

الفصل: ‌القاعدة الثانية: (إذا اتسع الأمر ضاق)

--‌

‌ القواعد الكلية الفرعية المندرجة تحت قاعدة المشقة تجلب التيسير

.

‌القاعدة الأولى: (إذا ضاق الأمر اتسع

من قول الإمام الشافعي رضي الله عنه .

‌القاعدة الثانية: (إذا اتسع الأمر ضاق)

.

هاتان القاعدتان متقابلتان ومعناهما: (أنه إذا ظهرت مشقة في أمر فيرخص فيه ويوسع فإذا زالت المشقة عاد الأمر إلى ما كان) .

أي أنه إذا حصلت ضرورة عارضة للشخص أو الجماعة أو طرأ ظرف استثنائي أصبح معه الحكم الأصلي للحالات العادية محرجاً للمكلفين ومرهقاً لهم حتى يجعلهم في ضيق من التطبيق، فإنه يخفف عنهم ويوسع عليهم حتى يسهل ما دامت تلك الضرورة قائمة، فإذا انفرجت الضرورة وزالت عاد الحكم إلى أصله، وهذا معنى (إذا اتسع ضاق) .

وفي الحقيقة هذا شأن الرخص كلها إذا اضطر الإنسان ترخص، وإذا زالت الأسباب الموجبة للترخيص عاد الأمر إلى العزيمة التي كان عليها.

أدلة هاتين القاعدتين:

لهاتين القاعدتين أدلة كثيرة من الكتاب والسنة نذكر منها:

أولاً من الكتاب: قوله سبحانه وتعالى: (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَن تَقْصُرُوا

ص: 230

مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا 101، وَإِذا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُم مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَيْلَةً واحِدَةً، وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِن كانَ بِكُمْ أَذًى مِن مَطَرٍ أَوْ كُنتُم مَرْضى أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ؛ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذابًا مُهِينًا 102، فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فاذْكُرُوا اللَّهَ قِيامًا وَقُعُودًا وَعَلى جُنُوبِكُمْ، فَإِذا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ، إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلى الْمُؤْمِنِينَ كِتابًا مَوْقُوتًا 103) .

ففي الآيتين الأوليين دليل القاعدة الأولى، حيث إن الله سبحانه خفف على المؤمنين في حال الخوف فأباح لهم قصر الصلاة وتغيير كيفية أدائها وشرع لهم صلاة الخوف، وفي الآية الثالثة دليل القاعدة الثانية، حيث أمرهم سبحانه عند الاطمئنان وزوال حالة الخوف بإتمام الصلاة وأدائها على كيفيتها الأصلية.

ثانياً: من السنة ومنها:

ما أخرجه أبو داود عن عمرة بنت عبد الرحمن (هي عمرة بنت عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة النجارية روت عن عائشة وأم سلمة وكانت عالمة، وكانت هي وأخواتها في حجر عائشة)، قالت: سمعت عائشة تقول دَفَّ ناس من أهل البادية حضرة الأضحى في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ادخروا الثلث وتصدقوا بما بقي) فلما كان بعد ذلك قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله لقد

ص: 231

كان الناس ينتفعون من ضحاياهم ويجملون منها الودك ويتخذون منها الأسقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(وما ذاك) ؟ أو كما قال.

قالوا: يا رسول الله نهيت عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم، فكلوا وتصدقوا وادخروا) .

وفي رواية عن نبيشة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنا كنا نهيناكم عن لحومها أن تأكلوها فوق ثلاث لكي تسعكم، فقد جاء الله بالسعة فكلوا وادخروا واتجروا) .

فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث أو فوق الثلث لما ضاق الأمر على المسلمين للحاجة حينما دفت الدافة، فلما اتسع الأمر وزالت الحاجة رجع الأمر إلى أصله، فأباح لهم الادخار والانتفاع كما كانوا قبل ذلك.

فإذاً لا تقتصر دلالة هاتين الآيتين على الترخص عند الطوارئ، بل تدلان أيضا على جواز نوع من التضييق على الناس لصالح أناس آخرين عند الحاجة الماسة إلى ذلك، إذا زالت تلك الحاجة رجع الأمر إلى ما كان عليه قبل نزول تلك الحاجة، وما سبق من السنة دليل على ذلك.

ص: 232

ومن فروع هاتين القاعدتين وأمثلتهما:

المدين إذا كان معسراً ولا كفيل له بالمال يترك إلى وقت الميسرة، وإذا لم يقدر على إيفاء الدين جملة يساعد على تأديته مقسطاً.

إذا فقدت المرأة وليها في سفر فولت أمرها رجلاً يجوز ذلك كما قال الشافعي.

ومنها شهادة النساء والصبيان في الحمامات والمواضع التي لا يحضرها الرجال دفعاً لحرج ضياع الحقوق، والأصل في ذلك متفق عليه ولكن اختلفوا في الفروع.

ومنها شهادة القابلة على الولادة ضرورة حفظ الولد ونسبه.

ومنها إباحة أكل الميتة للمضطر، أو أكل مال الغير على أن يضمنه حفظاً للحياة.

ومنها الأعذار الموجبة لفسخ الإجارة دفعاً للضرر.

ومنها جواز الإجارة على الطاعات كتعليم القرآن والأذان والإمامة حفظاً للشعائر من الضياع.

ص: 233