الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو قال: إن رأيت الهلال فأنت طالق، فرآه غيره وعلمت به، طلقت، حملاً له على الشرع فإن الرؤية فيه بمعنى العلم. لقوله صلى الله عليه وسلم:(إذا رأيتموه فصوموا) .
ج: وأما إن كان اللفظ العرفي يقتضي العموم والشرعي يقتضي التخصيص اعتبر خصوص الشرع في الأصح عند الحنفية وغيرهم.
ومن أمثلته:
إذا حلف لا يأكل لحماً لم يحنث بأكل الميتة، لأن الشارع ما سمي الميتة لحماً.
وإذا أوصى لأقاربه، لم يدخل ورثته عملاً بتخصيص الشرع حيث:(لا وصية لوارث) .
هذا عند الحنفية والشافعية، وأما عند الحنابلة ففيه وجهان.
ثانياً:
تعارض اللفظ بين اللغة والعرف:
(ا) عند الحنفية:
إن الأيمان مبنية على العرف قولاً واحداً لا على الحقائق اللغوية، فمن حلف لا يأكل الخبز لم يحنث إلا بما اعتاده أهل بلده.
ولو حلف لا يأكل الرأس لم يحنث إلا برأس الغنم إذا كان أهل بلده لا يعدّون غيره رأساً.
وكذلك لو حلف لا يدخل بيتاً لم يحنث بدخول الكعبة أو المسجد أو كنيسة أو بيعة أو بيت نار.
وقد خرجت عن هذا مسائل عند بعضهم اعتد فيها بالإطلاق اللغوي منها:
ولو حلف لا يأكل لحماً حنث بأكل لحم الخنزير والآدمي.
ولو حلف لا يركب حيواناً يحنث بالركوب على الإنسان.
وكذلك قالوا فيمن حلف لا يهدم بيتاً حنث بهدم بيت العنكبوت، بخلاف لا يدخل بيتاً، قالوا: والعلة في ذلك لتناول اللفظ، والعرف العملي لا يصلح مقيداً، بخلاف لا يركب دابة، ولكن الراجح في المذهب خلافه.
(ب) أما عند الشافعية:
فقد اختلفوا في ذلك، إذ قدم بعضهم الحقيقة اللفظية عملاً بالوضع اللغوي، فإذا حلف لا يسكن بيتاً وسكن خيمة حنث، سواء كان بدوياً أو قروياً.
وقد آخرون الدلالة العرفية: قالوا: لأن العرف يحكم في التصرفات لا سيما الأيمان.
ومبنى خلافهم اختلاف ما ورد عن الإمام الشافعي رحمه الله في ذلك، حيث اعتبر الحقيقة اللغوية تارة، والعرفية تارة أخرى.
لو دخل دار صديقه فقدم إليه طعاماً فامتنع، فقال: إن لم تأكل فامرأتي طالق. فخرج ولم يأكل. ثم قدم اليوم الثاني فقدم إليه ذلك الطعام فأكل، فعلى القول الأول لا يحنث، أو لا تطلق امرأته، وعلى الثاني يحنث.
وإن حلف لا يسكن بيتاً فإن كان بدوياً حنث بالمبني وغيره، لأنه قد تظاهر فيه العرف واللغة؛ لأن الكل يسمونه بيتاً، وإن كان من أهل المدن فوجهان، إن اعتبر العرف لم يحنث. وقالوا: والأصح الحنث ترجيحاً للاستعمال اللغوي.
ولو حلف لا يشرب ماء، حنث بالمالح، وإن لم يعتد شربه، اعتباراً بالإطلاق والاستعمال اللغوي.
حلف لا يأكل الخبز، حنث بخبز الأرز، وإن كان من قوم لا يتعارفون ذلك، لإطلاق الاسم عليه لغة.
وإذا قال: أعطوه دابة. أعطى فرساً أو بغلاً أو حماراً على المنصوص، لا الإبل والبقر؛ إذ لا يطلق عليها عرفاً وإن كان يُطلق عليها لغة. فهنا قدم العرف.
ومن تقديم العرف عندهم: إذا قال: زوجتي طالق. لم تطلق سائر زوجاته عملاً بالعرف. وإن كان وضع اللغة يقتضي ذلك؛ لأن الاسم الجنس إذا أضيف عمّ.
وكذلك قوله: الطلاق يلزمني. لا يحمل على الثلاث. وإن كانت الألف واللام للعموم.
(ج) وأما عند الحنابلة:
ففرقوا بين أن يكون قد غلب استعمال الاسم العام في بعض أفراده حتى صار حقيقة عرفية، فهذا خصوا به العموم دون خلاف، أي أعملوا العرف، فمن حلف على شواء، اختصت يمينه باللحم المشوي دون البيض وغيره مما يشوي.
كذلك لو حلف على لفظ الدابة والسقف والسراج والوتد، لا يتناول إلا ما يسمى في العرف كذلك، دون الآدمي والسماء والشمس والجبل؛ لأن هذه التسمية في هذه هجرت حتى عادت مجازاً.
وبين أن لا يكون غلب الاستعمال الخاص وتحت ذلك صورتان.
(ا) أحدهما: ما لا يطلق عليه الاسم العام إلا مقيداً به ولا يفرد بحال، فهذا لا يدخل في العموم بغير خلاف. مثل جوز الهند لا يدخل في مطلق الجوز، والتمر هندي لا يدخل في مطلق التمر، فمن حلف لا يأكل جوزاً أو تمراً لا يحنث بأكل
جوز الهند أو التمر هندي.
(ب) الثانية: ما يطلق عليه الاسم العام لكن الأكثر أن لا يذكر معه إلا بقرينة ولا يكاد يفهم عند الإطلاق دخول فيه، فهذا فيه خلاف.
فلو حلف لا يأكل الرؤوس فعند بعضهم: إنه يحنث بأكل كل ما يسمى رأساً من رؤوس الطير أو السمك، وعند آخرين إنه لا يحنث إلا برأس يؤكل في العادة مفرداً.
وكذلك لو حلف لا يأكل البيض فهو على الوجهين أيضاً.
كذلك لو حلف لا يأكل اللحم ففي أكل السمك وجهان أيضاً.
وكذلك لو حلف لا يدخل بيتاً.
(د) وأما عند المالكية، فقد سبق أن ذكرت أن الأيمان عندهم مبنية على النية أولاً، فإن لم تكن نية فعلى الباعث، أو ما يسمونه البساط، أي ملابسات الحادثة، فإن لم يكن باعث فعلى العرف وإلا فعلى الوضع اللغوي.
ومنهم من لم يعمل العرف.