المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وتقبل إشارة الأخرس في القصاص لأنه حق غير خالص لله - الوجيز في إيضاح قواعد الفقة الكلية

[محمد صدقي آل بورنو]

فهرس الكتاب

- ‌ القسم الأول:-- المقدمات والمبادئ

- ‌ المقدمة الأولى:-- معنى القواعد الفقهية والتعريف بها:

- ‌ المقدمة الثانية:-- الفروع بين القواعد الفقهية والقواعد الأصولية:

- ‌ المقدمة الثالثة:-- ميزة القواعد الفقهية ومكانتها في الشريعة وفوائد دراستها:

- ‌ المقدمة الرابعة:-- أنواع القواعد الفقهية ومراتبها:

- ‌ المقدمة الخامسة:-- مصادر القواعد الفقهية:

- ‌ المقدمة السادسة:-- حكم الاستدلال بالقواعد الفقهية على الأحكام:

- ‌ المقدمة السابعة:-- نشأن القواعد الفقهية وتدوينها وتطورها:

- ‌المقدمة الثامنة:وتحتها مسألتان:

- ‌ المقدمة التاسعة:-- أشهر المؤلفات في القواعد الفقهية عبر القرون:

- ‌القسم الثاني:المقاصد:

- ‌القاعدة الأولى:قاعدة الأمور بمقاصدها:

- ‌أدلة القاعدة وأصلها:

- ‌معنى القاعدة:

- ‌أمثلة القاعدة:

- ‌مباحث النيَّة:

- ‌ معنى النية في اللغة:

- ‌ ما لا يشترط فيه النية

- ‌تعيين النية

- ‌ نية العبادة في المباحات

- ‌ انفراد النية عن الفعل

- ‌ شروط صحة النية:

- ‌ محل النية:

- ‌ وقت النية:

- ‌ القواعد المندرجة تحت قاعدة (الأمور بمقاصدها)

- ‌ القاعدة الأولى: قاعدة العقود:

- ‌ ثانياً: قواعد في الأيمان:

- ‌قاعدة: هل اليمين على نية الحالف أو على نية المستحلف

- ‌ القواعد المستثناة من قاعدة (الأمور بمقاصدها) :

- ‌ قاعدة: (من استعجل ما أخره الشرع يجازى برده)

- ‌استدراك على قاعدة (الأمور بمقاصدها) :

- ‌طريقة معرفة حكم الجزئيات من القاعدة الكلية:

- ‌المدركات العقلية:

- ‌ القواعد الكلية المندرجة تحت قاعدة: (اليقين

- ‌ القاعدة الأولى:قاعدة (الأصل بقاء ما كان على ما كان)

- ‌معنى القاعدة:

- ‌معنى الاستصحاب وأنواعه:

- ‌أقسام الاستصحاب عند الفقهاء الحنفية:

- ‌حكم الاستصحاب:

- ‌معنى القاعدة:

- ‌متى يظهر أثر الخلاف

- ‌ القاعدة الثالثة من القواعد الكلية الكبرى:

- ‌قاعدة: (المشقة تجلب التيسير) :

- ‌أنواع المشاق والمشقة الميسرة:

- ‌عوامل المشقة الميسرة وأسباب التخفيف:

- ‌أنواع رخص الشرع التي ورد فيها التخفيف:

- ‌ القواعد الكلية الفرعية المندرجة تحت قاعدة المشقة تجلب التيسير

- ‌القاعدة الأولى: (إذا ضاق الأمر اتسع

- ‌القاعدة الثانية: (إذا اتسع الأمر ضاق)

- ‌أصل هذه القاعدة ودليلها:

- ‌أنواع الرخص التي تتخرَّج على قاعدة الضرورة:

- ‌ خاصة) :

- ‌أدلة هذه القاعدة:

- ‌ القاعدة الرابعة من القواعد الكلية الكبرى:قاعدة: (لا ضرر ولا ضرار)

- ‌ شرح القاعدة

- ‌ القواعد المتفرعة على قاعدة لا ضرر ولا ضرار

- ‌اختلاط الواجب بالمحرم:

- ‌أنواع العادة والعرف وأقسامها:

- ‌العرف والعادة أمام النصوص الشرعية:

- ‌فروع على القاعدة:

- ‌ تعارض اللفظ بين اللغة والعرف:

- ‌معنى القاعدة

- ‌استثناء

- ‌معنى القاعدة:

- ‌ النوع الثاني:-- القواعد الكلية غير الكبرى:

- ‌ القاعدة الأولى:قاعدة: (التابع تابع) :

- ‌استثناء من القاعدة:

- ‌قاعدة: (التصرف على الرعية منوط بالمصلحة) :

- ‌ القاعدة الخامسة:قاعدة: (المرء مؤاخذ بإقراره) :أو: (إقرار الإنسان على نفسه مقبول) :

- ‌ القاعدة السادسة:قاعدة: (الإقرار حجة قاصرة) :

- ‌ القاعدة السابعة:قاعدة: (الإقرار لا يرتد بالرد)

- ‌ القاعدة الثامنة:قاعدة: (من سعى في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه) :

- ‌ القاعدة التاسعة:قاعدة: (الجواز الشرعي ينافي الضمان) :

- ‌استثناء:

- ‌ القاعدة الثانية عشرة:قاعدة: (على اليد ما أخذت حتى تؤديه) :

- ‌ القاعدة الثالثة عشرة:قاعدة: (ليس لعرق ظالم حق) :

- ‌ القاعدة الرابعة عشرة:قاعدة: (لا يتم التبرع إلا بالقبض) :أو (التبرع لا يتم إلا بالقبض) :

- ‌استثناء:

- ‌استثناءات:

- ‌ القاعدة: السابعة عشرة:قاعدة: (لا مساغ للاجتهاد في مورد النص) :

- ‌أنواع الاجتهاد:

- ‌ القاعدة: الثامنة عشرة:قاعدة: (الاجتهاد لا ينقض بمثله أو بالاجتهاد) :

- ‌استثناء:

- ‌استثناء

- ‌ القاعدة: العشرون:قاعدة: لا يجوز لأحد أن يتصرف في ملك الغير أو حقه بلا إذن:

- ‌استثناءات:

- ‌ القاعدة: الحادية والعشرون:قاعدة: ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب:

- ‌ القاعدة: الثانية والعشرون:قاعدة: الميسور لا يسقط بالمعسور:

- ‌استثناءات

- ‌ القاعدة الرابعة والعشرون:قاعدة: (المعلق بالشرط يجب ثبوته عند ثبوت الشرط) :

- ‌ القاعدة: الخامسة والعشرون:قاعدة: يلزم مراعاة الشرط بقدر الإمكان:

الفصل: وتقبل إشارة الأخرس في القصاص لأنه حق غير خالص لله

وتقبل إشارة الأخرس في القصاص لأنه حق غير خالص لله تعالى وفيه معنى المعاوضة.

وعند أبي حنيفة وأحمد لا تصح شهادة الأخرس وإن كانت له إشارة تفهم، وقال مالك تصح شهادة الأخرس إذا كانت له إشارة تفهم، وعند الشافعية خلاف في قبول شهادته.

‌استثناء

ات لا تعتبر بها الإشارة من الأخرس وغيره:

1.

شهادته لا تقبل بالإشارة عند غير مالك.

2.

يمينه لا ينعقد بها إلا اللعان، عند الشافعية، وعند الحنفية تنعقد يمينه في كل دعوى.

3.

إذا خاطب بالإشارة في الصلاة لا تبطل على الصحيح.

4.

حلف لا يكلمه فأشار إليه، لا يحنث.

ص: 305

-- القواعد الكلية الفرعية الثامنة والتاسعة والعاشرة وهي:

1.

قاعدة: (المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً) .

2.

قاعدة: (التعيين بالعرف كالتعيين بالنص) .

3.

قاعدة: (المعروف بين التجار كالمشروط بينهم) .

هذه القواعد الثلاث تعبر عن سلطان العرف العملي، فالناظر في نصوص الفقهاء يرى أن للعرف العملي في نطاق أفعال العباد وتصرفاتهم العادية، ومعاملاتهم الحقوقية سلطاناً وسيادة تامَّين في فرض الأحكام وتقييد آثار العقود وتحديد الالتزامات على وفق المتعارف، ما لم يصادم ذلك العرف نصاً شرعياً، فالعرف عند ذلك يلتزم ويعتبر مرجعاً للأحكام ودليلاً شرعياً عليها حيث لا دليل سواه.

-- معاني هذه القواعد:

أولاً: القاعدتان الأوليان من هذه القواعد الثلاث تعبران عن العرف العملي العام ومعناهما: (إن ما تعرف عليه الناس في معاملاتهم وإن لم يذكر صريحاً، هو قائم مقام الشرط في الالتزام والتقييد) .

وعلى ذلك قالوا: فيما يفترع على هاتين القاعدتين:

إن توابع العقود التي لا ذكر لها صريحاً في العقود تحمل على عادة كل بلد، فمن

ص: 306

اشترى سيارة دخل فيها عُدّتها ومفاتيحها وعجلها الاحتياطي بدون ذكر في العقد للعرف المتداول والعادة الجارية، إلا إذا نص على خلافه.

ومن وكل شخصاً بشراء لحم أو خبز أو ثوب مثلاً تقيد عقد الوكالة بنوع اللحم والخبز المعتاد أكله، والثوب المعتاد لبسه، فلو اشترى لو نوعاً خر غير معتاد لا يلزمه.

وإن نفقة الزوجة على زوجها يكون بالقدر المتعارف المعتاد بين أمثالها من الناس وبحسب حالهما غنى وفقراً.

ومن استأجر دابة أو سيارة للحمل فإن له تحميلها النوع والقدر المعتاد مما لا ضرر منه عليها.

وفي أحكام الجوار قالوا:

لا يجوز لأحد ذي حق في منفعة أن يتجاوز في استيفاء حقه إلى حد يضر بغيره، فلو فعل كان ضامناً للضرر، ومقياس التجاوز وعدمه إنما هو العرف والعادة، فلو أوقد صاحب الأرض أو مستأجرها ناراً في الأرض فتطاير منها ما أحرق شيئاً لجيرانه من يبادر ونحوها، فإن كان أوقدها بصورة معتادة عرفاً، فهو غير ضامن، وأما إذا تجاوز المعتاد أو أوقدها في هبوب الرياح كان ضامناً.

وقد قرر الفقهاء، أنه يجوز للصديق وهو في بيت صديقه أن يأكل مما يجد أمامه، وأن يستعمل بعض الأدوات للشرب ونحوه، وأن يقرأ في بعض كتبه بدون إذن صاحب البيت؛ لأنه مباح عرفاً، فلو انكسرت الآنية أثناء استعماله المعتاد أو تلفت بآفة سماوية لا يكون ضامناً لها شرعاً كما يضمن الغاصب، لأنه لا يعتبر متعدياً.

ومن ذلك صمت البكر عند استئذانها للزواج لجريان عادة الأبكار بذلك، فسكوتها يعتبر توكيلاً وإذناً منها بالزواج والنص الشرعي مؤيد لذلك.

ص: 307

ومن ذلك عقود التعاطي استئذانها للزواج لجريان عادة الأبكار بذلك، فسكوتها يعتبر توكيلاً وإذناً منها بالزواج والنص الشرعي مؤيد لذلك. تالتي أقر الفقهاء، غير الشافعي، فيها انعقاد المعاوضات المالية بالقبض والدفع دون إيجاب وقبول باللفظ، كما لو سأل مريد الشراء صاحب البضاعة عن سعرها فبينه له، أو وجد سعرها مكتوباً عليها فدفعه له وأخذها ومضى وكلاهما ساكت، فإن البيع ينعقد بينهما شرعاً، ومستند ذلك هو العرف العام.

وأما ثالثة القاعدتين:

فهي تعتبر عن العرف الخاص لطائفة ما، وهي داخلة تحت القاعدتين السابقتين ولكن ذكرها من قبيل ذكر الأخص بعد الأعم اهتماماً بشأن المعاملات التجارية، فما يقع بين التجار من المعاملات التجارية أو بين غيرهم من العقود والمعاملات التي هي من نوع التجارة ينصرف عند الإطلاق إلى العرف والعادة ما لم يوجد شرط مخالف.

من أمثلة هذه القاعدة وفروعها:

لو تبايع تاجران شيئاً ولم يصرحا في صلب العقد أن الثمن نقد أو نسيئة، فعقد البيع، وإن كان مقتضاه نقد الثمن حالاً، إلا أنهم إذا تعارفوا على أن ذلك الشيء يؤدي ثمنه بعد أسبوع أو شهراً، أو مقسطاً، لا يلزم المشتري أداء الثمن حالاً، وينصرف إلى عرفهم وعادتهم في الأجل، لأن المعروف بينهم كالمشروط.

ومن العرف الزمني أن المستفيد من سند الأمر إذا وقع في ظهره توقيعاً مجرداً على بياض وسلمه لشخص كان ذلك التوقيع حوالة منه إلى المستلم أو إلى من يختاره

ص: 308

المستلم، وإذا وقع شخص على صك يعتبر رضاً بالعقد في عرف الناس اليوم؛ لأن التوقيع إنما يوضع عادة للتعبير عن الرضا والموافقة.

وعلى هذا لو عقد فضول إجارة أو بيعاً على مال شخص وكتب بالعقد صك وقعه العاقدان، ثم اطلع عليه المالك فوقعه باسمه أيضاً، فتوقيع المالك يعتبر بحسب العرف إجازة لعقد الفضولي فينفذ عليه.

ص: 309

-- القاعدة الكلية الفرعية الحادية عشرة:

وهي قاعدة: (لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان) .

إن تغير الأوضاع والأحوال الزمنية له تأثير كبير في كثير من الأحكام الشرعية الاجتهادية، لأن ما كان من الأحكام الشرعية مبنياً على عرف الناس وعاداتهم تتغير كيفية العمل بمقتضى الحكم باختلاف العادة عن الزمن السابق.

وأما أصل الحكم الثابت بالنص فلا يتغير، فمثلاً أثبت الشرع خيار الرؤية لمن اشترى شيئاً ولم يره، وهذا ثابت بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل:(من اشترى شيئاً لم يره فله الخيار إذا رآه) .

فبناء على هذا الحديث، وقد رأى الفقهاء المتقدمون اعتياد الناس في عصرهم بناء الدور على نسق واحد لا تفاوت بين بيوتها، فقالوا: إن رؤية بيت واحد من الدار يغني عن رؤية الجميع في إسقاط الخيار.

ولكن لما اختلفت طُرُز الإنشاءات وصارت الدار يختلف بعض بيوتها عن بعض بحسب عادتهم أفتى المتأخرون بأنه لا بد من رؤية جميعها، فهذا ليس اختلاف حجة وبرهان، بل اختلاف عصر وزمان.

وكذلك أفتى المتأخرون، من علماء الحنفية بعدم تصديق الزوجة بعد الدخول بها بأنها لم تقبض المشروط تعجيله من المهر، مع أنها منكرة للقبض، والقاعدة إن القول للمنكر مع يمينه، لكنها في العادة لا تسلم نفسها قبل قبضه.

ص: 310

ويوضح هذه القاعدة مسألتان:

المسألة الأولى: ما الأحكام التي تتغير بتغير الأزمان؟

نص القاعدة عام في ظاهره فالتغير في الظاهر شامل للأحكام النصية وغيرها، لكن هذا العموم ليس مقصوداً، لأنه اتفقت كلمة الفقهاء على أن الأحكام التي تتبدل بتبدل الزمان وأخلاق الناس إنما هي الأحكام الاجتهادية فقط المبنية على المصلحة أو على القياس أو على العرف أو العادة، وعلى ذلك فالأحكام النصية ثابتة لا تقبل التغيير ولا تدخل تحت هذه القاعدة، ولذلك رأى بعضهم أن يكون نص القاعدة:

(لا ينكر تغير الأحكام الاجتهادية بتغير الأزمان) .

دفعاً لهذا اللبس، وهذا قيد حسن.

المسألة الثانية:

ما العوامل التي تسبب تغير الأحكام؟

العوامل التي ينشأ عنها تغير الأحكام نوعان:

1.

النوع الأول: فساد الزمان وانحراف أهله عن الجادة، حيث ينشأ عن ذلك تبدل وتشدد في كثير من الأحكام.

2.

النوع الثاني: تغير العادات وتبدل الأعراف وتغير المصلح وتطور الزمن.

(ا) أمثلة لتغير الأحكام بناء على فساد الزمان وانحراف أهله:

من المقرر في أصول مذهب الحنفية أن المدين تنفذ تصرفاته في أمواله بالهبة والوقف وسائر وجوه التبرع، ولو كانت ديونه مستغرقة أمواله كلها، باعتبار أن الديون تتعلق بذمته، فتبقى أعيان أمواله حرة، فينفذ فيها تصرفه، هذا مقتضى القواعد القياسية.

ص: 311

لكن لما فسد الزمان وخربت الذمم وكثر الطمع وقل الورع، وأصبح المدينون يعمدون إلى تهريب أموالهم من وجه الدائنين عن طريق وقفها أو هبتها لمن يثقون به من قريب أو صديق، أفتى المتأخرون من فقهاء الحنفية والحنابلة في وجه عندهم بعدم نفاذ هذه التصرفات من المدين، إلا فيما يزيد عن وفاء الدين من أمواله.

وعند الإمام أبي حنيفة أنه لا يلزم تزكية الشهود ما لم يطعن فيهم الخصم، اكتفاء بظاهر العدالة، وأما عند صاحبيه أبي يوسف ومحمد فيجب على القاضي تزكية الشهود بناء على تغير أحوال الناس.

كذلك أفتى المتأخرون بتضمين الساعي بالفساد لتبدل أحوال الناس مع أن القاعدة (إن الضمان على المباشر دون المتسبب) ، وهذا لزجر المفسدين، كما سبق بيانه.

كذلك جواز إغلاق أبواب المساجد في غير أوقات الصلاة في زماننا، مع أنه مكان معد للعبادة ينبغي أن لا يغلق، وإنما جوز الإغلاق صيانة للمسجد عن السرقة.

ومن ذلك أيضاً قبول شهادة الأمثل فالأمثل، وجواز أخذ الأجرة على أداء الشعائر وتعليم القرآن، والتقاط ضالة الإبل زمن عثمان رضي الله عنه.

(ب) أمثلة للأحكام التي تغيرت لتغير العادات وتبدل المصالح وتطور الزمن.

منها نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة حديثه، ثم انصرف العلماء إلى تدوين السنة بأمر أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله.

ومنها كتابة القرآن الكريم في الورق ثم طباعته بعد ذلك وإعجامه بعد أن كان مجرداً.

ومنها إنشاء المدارس ومراحل التعليم المختلفة والجامعات بأنواعها ونظمها المختلفة.

ص: 312

ومنها إنشاء المستشفيات والوزارات المتخصصة.

ومنها إنشاء المحاكم على درجات مختلفة.

ومنها اعتبار عقد الملكية حين التسجيل ولو لم يتسلم المشتري العقار أو يخليه له البائع.

إلى غير ذلك من التصرفات والأحكام.

ص: 313

-- القاعدة الكلية الكبرى السادسة:

وهي قاعدة: (إعمال الكلام أولى من إهماله) :

هذه القاعدة ذات مكانة عظيمة وفوائد عميمة ذكرها كل من كتب في القواعد أو صنف فيها، ولكن العلماء الذين دونوا القواعد لم يعتبروها من القواعد الكبرى ولم يتوسعوا في الحديث عنها ولم يذكروا في فروعها إلا القليل، ولكني بعد دراستي لهذه القاعدة دراسة واعية متأنية وإدراكي العميق لما اشتملت عليه من قواعد فرعية ومسائل جزئية لا تحصى، ولما تبين لي مكانتها من الفقه من جانب وأصوله من جانب آخر، وبخاصة بعد ما كتب فيها تلميذنا النجيب محمود مصطفى عبود رسالته لنيل درجة الماجستير تأكد لدي أن هذه القاعدة من حقها أن تكون سادسة القواعد الكلية الكبرى.

ونتبين أهمية هذه القاعدة عندما نعلم أنها محل اتفاق عند جميع العلماء كما يظهر من تفريعاتهم عليها وتعليلاتها بها، كما تزداد أهميتها عندما نعلم أنها تتعلق بتصرفات المكلف القولية كلها وتصحيحها، وهذا أمر ضروري عند جميع الأئمة لأن تصحيح الكلام مبدأ أخذ به الجميع دون استثناء.

وأيضاً فهي تتعلق بالدرجة الأولى بخطابات الشارع الحكيم، كما تتعلق بالكلام الصادر عن المكلف من حيث كونه يجب صونه عن الإهمال والإلغاء.

ومن هنا كان لهذه القاعدة تأثير كبير في بعض الأبحاث القرآنية التي تتعلق بكلام الله سبحانه وتعالى، وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.

ص: 314

كما أن لهذه القاعدة تعلقاً كبيراً وتأثيراً واضحاً في بعض المسائل الأصولية التي تتعلق بالخطابات الشرعية.

وهذا كله يدلنا على أهمية هذه القاعدة وضرورتها في تشريع الأحكام.

-- معنى القاعدة:

إعمال الكلام: أي إعطاؤه حكماً مفيداً حسب مقتضاه اللغوي.

وإهمال الكلام: عدم ترتب ثمرة عملية عليه بإلغاء مقتضاه ومضمونه.

فالعاقل يصان كلامه عن الإلغاء ما أمكن، بأن ينظر إلى الوجه المقتضي لتصحيح كلامه فيرجح، سواء كان بالحمل على الحقيقة أم المجاز، إلا عند عدم الإمكان فيلغى.

فإن اللفظ الصادر في مقام التشريع أو التصرف إذا كان حمله على أحد المعاني الممكنة يرتب عليه حكم، وحمله على معنى آخر يقتضيه لا يترتب عليه حكم، فالواجب حمله على المعنى المفيد للحكم، لأن خلافه إهمال وإلغاء.

أما إذا لم يوجد إمكان لحمل الكلام على الحقيقة أو المجاز فيلغى ويهمل.

ومن مسائل هذه القاعدة وفروعها:

من حلف لا يأكل من هذه النخلة شيئاً، ثم أكل من ثمرها أو جُمارها أو طلعها أو يسرها أو الدبس الذي يخرج من رطبها حنث، لأن النخلة لا يتأتى أكل عينها فحمل على ما يتولد منها.

وكذلك لو حلف لا يأكل من هذا القدر يحمل على ما يطبخ فيه.

فأما إذا لم يوجد إمكان لحمل الكلام على الحقيقة أو المجاز ألغي، كقول الرجل لزوجته الثابت نسبها من غيره: هذه بنتي فلا تحرم عليه، سواء كانت أكبر منه سناً

ص: 315

أو أصغر. لأنه لما تعذر كل من الحقيقة والمجاز وقع لغواً.

وتعذر الحقيقة لاستحالة أن تكون ابنته إن كانت أكبر منه سناً، وإن كانت أصغر فلا شتهار ثبوت نسبها من غيره، فإقراره في حق نفسه لا يعتبر إقراراً في حق غيره.

وأما تعذر المجاز، وهو إرادة الطلاق المحرم بقوله هذا، فلا يجوز استعارة، هذه بنتي للطلاق الذي هو من حقوق النكاح.

ما يتفرع على هذه القاعدة من قواعد فرعية:

تفرعت عن هذه القاعدة قواعد عدة ترسم كيفية إعمال الكلام الذي أوجبته هذه القاعدة، وتبين الطرق الراجحة المعقولة فيه.

من هذه القواعد:

ص: 316

القواعد الكلية الفرعية الأولى وهي:

قاعدة: (الأصل في الكلام الحقيقة) :

المعنى اللغوي الاصطلاحي:

الأصل: معناه هنا، الراجح عند السامع، أي أن السامع يحمل كلام المتكلم على معناه الحقيقي.

الحقيقة: فعليه بمعنى مفعولة، وهي صفة لموصوف محذوف من حق الشيء إذا ثبت واستقر، وأصلها الكلمة الحقيقة، ثم نقلت من الوصفية إلى الاسمية.

ومعناها اصطلاحاً: (اللفظ المستعمل في المعنى الذي وضع له في أصل اللغة) كلفظ الأسد للحيوان المفترس.

ويقابل الحقيقة المجاز ومعناه: (اللفظ المستعمل في غير المعنى الذي وضع له في أصل اللغة لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي) كاستعمال لفظ النور للعلم أو للإسلام، ومن خلال تعريف المجاز نرى أنه يشترط في المجاز أن يكون ثمة علاقة بين المعنى الموضوع له اللفظ والمعنى المنقول إليه، كما يشترط أن تكون هناك قرينة تدل على أن المتكلم إنما أراد المعنى المجازي لا المعنى الحقيقي.

المعنى الفقهي للقاعدة:

إن إعمال كلام المتكلم من شارع أو عاقد أو حالف أو غيرهم، إنما يكون بحمل ألفاظه على معانيها الحقيقية عند الخلو عن القرائن التي ترجح إرادة المجاز.

ص: 317

من فروع هذه القاعدة وأمثلتها:

إذا قال شخص لآخر: وهبتك هذا الشيء، فأخذه المخاطب ثم ادعى القائل أنه أراد بلفظ الهبة البيع مجازاً ثمناً، فلا يقبل قوله؛ لأن الأصل في الكلام الحقيقة، وحقيقة الهبة تمليك بدون عوض، بخلاف ما إذا قال: وهبتكه بدينارين. فإن ذكر الدينارين على سبيل العوضية قرينة على أنه أراد بالهبة البيع مجازاً فيحمل عليه.

إذا وقف شخص على أولاده دخل الأبناء مع البنات، لأن لفظ الولد يشملهم جميعاً حقيقة.

وإذا أوصى شخص لأولاد فلان وكان لفلان أولاد صلبيون وحفدة انصرفت الوصية إلى الأولاد الصليبين فقط، أي الطبقة الأولى من ذريته، لأنه المعنى الحقيقي للأولاد، وقيل يدخل ولد الولد أيضاً حملاً للكلام على الحقيقة والمجاز معاً.

وإذا قال: هذه الدار لزيد، كان إقراراً له بالملك، حتى لو قال: أردت أنها مسكنه لم يسمع قوله.

وإذا حلف إنسان إنه لا يبيع ولا يشتري، فوكل في ذلك لم يحنث، حملاً للفظ على الحقيقة، إلا إذا كان الحالف ممن لا يتولى هذه الأمور بنفسه، أو كان الفعل مما لا يفعله بنفسه كالبناء مثلاً، فإنه يحنث بالأمر بفعله.

ص: 318

-- القاعدة الكلية الفرعية الثانية وهي:

قاعدة: (إذا تعذرت الحقيقة يصار إلى المجاز) :

الحقيقة هي الأصل الراجح المقدم في الاعتبار، والمجاز فرع الحقيقة، فحيث كان المجاز خلفاً عن الحقيقة، فإن احتمل اللفظ الحقيقة والمجاز ولا يوجد مرجح تتعين الحقيقة لأنها الأصل.

فمثلاً: المعنى الحقيقي للفظ النكاح عند الحنفية هو الوطء دون المجازي وهو العقد ودليله قوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نَكَح آباؤكم من النساء) . سورة النساء، آية (22) .

فبناء على ذلك تحرم مزنية الأب على فروعه عندهم بهذا النص، وأما حرمة المعقود له عليها عقداً صحيحاً فبالإجماع.

والحقيقة هي الأصل ما أمكنت، كمن لو قال لعبد له يولد مثله لمثله معروف النسب من غيره: هذا ابني، عتق وأمه أو ولد له، فيصدق في حق نفسه، لا في إبطال نسبه من غيره، فكأن ادعاء البنوة هنا مجاز عن العتق فيعتق.

شرط الانصراف عن الحقيقة إلى المجاز:

يشترط في اللفظ المستعمل في معناه المجازي وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، كاستحالة الحقيقة وتعذرها، أو يكون المعنى الحقيقي مهجوراً شرعاً أو عرفاً.

ومن أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:

من وقف على ولده وله ولد ولد، فالوقف لولد ولده، وهو المجاز.

من قال لأجنبية: إن نكحتك فلك كذا ينصرف إلى المجاز عند الحنفية، وهو

ص: 319

العقد دون الوطء، لأن المعنى الحقيقي وهو الوطء مهجور شرعاً لحرمة وطء الأجنبية.

أما لو قال هذا لزوجته، فيحمل على المعنى الحقيقي وهو الوطء، حتى لو أبانها أي طلقها طلقة بائنة، ثم تزوجها لم يحنث حتى يطأها.

وإذا حلف أن لا يأكل من هذا الدقيق، يحنث لو أكله بعد أن صار خبزاً، ولا يحنث له استفه، لأن أكل الدقيق دون خبز مهجور عرفاً.

وإذا حلف ليأكلن من هذه الشجرة، فإن حقيقة الأكل منها هو أكل خشبها وذلك مهجور عرفاً، لأنه متعسر، فيكون قرينة على إرادة المجاز وهو الأكل من ثمرها، فينصرف إليه.

ص: 320

-- القاعدة الكلية الفرعية الثالثة وهي:

قاعدة: (إذا تعذر إعمال الكلام يهمل) :

معنى تعذر أعمال الكلام:

أي استحال حمله على معنى صحيح حقيقي أو مجازي، فحينئذ يعتبر لغواً فيهمل. أي يلغى ولا يعتد به.

أسباب إهمال الكلام:

من أسباب إهمال الكلام وإلغائه:

تعذر إرادة كل من المعنيين جميعاً الحقيقي والمجازي، كما في قوله لزوجته الأكبر منه سناً المعروفة النسب من غيره: هذه بنتي.

ومنها أن يكون اللفظ مشتركاً بين معنيين ولا يوجد مرجح لأحدهما على الآخر، كما لو أوصى لمواليه، وله معتِق ومعتَق، فعند الحنفية بطلت الوصية، لصحة إطلاق هذا اللفظ عليهما مع اختلاف المعاني والمقاصد، وأما عند غير الحنفية فتكون الوصية للجميع.

ومنها تعذر صحة الكلام شرعاً، كما لو قال لإحدى زوجتيه، أنت طالق أربعاً فقالت: الثلاث تكفيني. فقال: أوقعت الزيادة على فلانة زوجته الأخرى، لا يقع على الأخرى شيء، لأنها لما لم تصح الرابعة على الأولى أصبحت لغواً فلم تقع على الأخرى؛ لأن الشرع لم يوقع الطلاق بأكثر من الثلاث.

ومنها ما يكذبه الظاهر، كمن ادعى على إنسان أنه قطع يده فإذا هي غير مقطوعة، أو أنه قتل شخصاً فإذا هو حي.

ومنها ما يكون فيه مصادمة للشرع فيلغى، كمن أقر بأن أخته ترث ضعفي حصته من تركة أبيه.

ففي كل هذه الأحوال يعتبر الكلام لغواً غير مفيد وغير ملزم.

ص: 321

-- القاعدة الكلية الفرعية الرابعة وهي:

-- قاعدة: (ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله) :

أصل هذه القاعدة في تأسيس النظر (الأصل أن ما لا يتجزأ فوجود بعضه كوجود كله) .

وخالف في ذلك زفر بن الهذيل من تلاميذ أبي حنيفة فلم يعتبر ذلك.

وعبر عنها الزركشي بقوله: (ما لا يقبل التبعيض يكون اختيار بعضه كاختيار كله وإسقاط بعضه كإسقاط كله) .

معنى هذه القاعدة:

إذا كان إعمال اللفظ أولى من إهماله فكل ما لا يقبل التجزئة فذكر بعضه في الحكم كذكر كله، ووجود بعضه كوجود كله، إذ لا يخلو إما أن يجعل ذكر البعض كذكر الكل فيعمل الكلام، وإما لا فيهمل، لكن الإعمال أولى من الإهمال.

ومن أمثلة هذه القاعدة وفروعها:

إذا طلق رجل نصف امرأته أو ربعها تطلق كلها، أو طلقها نصف تطليقة، فتعتبر تطليقة كاملة عند الجميع.

وفي الكفالة بالنفس إن كفل ربع الشخص أو نصفه كان كفيلاً به كله، لعدم إمكان تجزئ الشخص، بخلاف الكفالة بالمال.

ص: 322

فعدم التجزؤ يكون في نحو: الطلاق والقصاص ولكفالة بالنفس والشفعة ووصاية الأب والولاية، وهذا راجع لعدم إمكان التجزو عقلاً.

وقد يكون عدم التجزؤ لحق الغير. كلزوم الضرر على المشتري بتفريق الصفقة.

ومنها من أذن لعبده في نوع من التجارة صار مأذوناً في جميعها، عند غير زفر من علماء الحنفية.

ومنها من أجوب على نفسه ركعة لزمه أن يصلي ركعتين لأن ذلك لا يتبعض، فذكر أحداهما كذكر كليهما.

ومنها أن المرأة إذا طهرت من حيضتها أو نفاسها آخر الوقت، وقد بقي من الوقت مقدار ما يمكنها من الاغتسال فيه والتحريمة للصلاة لزمها صلاة ذلك الوقت لأن الواجب لا يتبعض.

ومنها إذا أسلم الكافر أو أدرك الغلام في آخر الوقت، ولم يبق من الوقت إلا مقدار ما يمكنه التحريمة للصلاة، لزمه فرض تلك الصلاة.

استثناءات من هذه القاعدة:

إذا قال نصفي كفيل لك بفلان أو بدينه لم تنعقد الكفالة.

إذا عفا عن بعض حد القذف، فلا يسقط منه شيء في الصحيح عند الشافعية.

ومما خرج وزاد فيه البعض عن الكل:

إذا قال لزوجته، أنت علي كظهر أمي فإنه صريح ويعتبر مظاهراً لكنه لو قال: أنت كأمي، كان كناية عن الاحترام مثلا ولا يقع ظهاراً إلا إذا نواه.

ص: 323

-- القاعدة الكلية الفرعية الخامسة وهي:

قاعدة: (المطلق يجري على إطلاقه ما لم يقم دليل التقييد نصاً أو دلالة) .

وهذا عند أبي يوسف ومحمد صاحبي أبي حنيفة.

وأما عند أبي حنيفة رضي الله عنه:

ف (إن الإذن المطلق إذا تعرى عن المتهمة والخيانة لا يختص بالعرف) .

الإطلاق والتقييد من صفات الألفاظ:

فاللفظ المطلق: هو ما دل على أمر مجرد عن القيود التي توجب فيه بعض المعاني أو الحدود، وعرّفه الأصوليون بأنه (هو اللفظ الشائع في جنسه بلا شمول ولا تعيين) .

واللفظ المقيد: هو الذي يكون محدداً بشيء من تلك القيود.

فلفظ فرس مثلاً مطلق، وإذا قلنا: فرس أبيض، صار مفيداً، ولفظ مكان، مطلق، ومكان الدراسة مقيد.

معنى القاعدة: إن اللفظ المطلق يعمل به على إطلاقه حتى يقوم دليل التقييد إما بالنص عليه أو بدلالة الحال، وأما عند أبي حنيفة يتقيد بدلالة العرف إلا بوجود تهمة أو خيانة.

من أمثلة هذه القاعدة ومسائلها:

من وكل شخصاً بشراء فرس أو سيارة فاشتراها له حمراء أو بيضاء. فقال: أردت سوداء، يلزم بما اشتراه الوكيل، لأن كلامه مطلق فيجري على إطلاقه.

وعقد الإعارة أو الإجارة المطلقة يسوِّغ للمستعير أو المستاجر جميع وجوه الانتفاع

ص: 324

بالحدود المعتادة، فلا يتقيد بمكان ولا زمان أو استعمال مما ليس عليه دليل.

حالات التقييد:

1.

التقييد بالنص:

وهو اللفظ الدال على القيد، كما لو قال الموكل لوكيله مثلاً: بع بعشرين، فلا ينفذ بيع الوكيل بأقل، أو قال: بيع بالنقد، فليس له البيع نسيئة.

2.

التقييد بالدلالة:

والمراد بالدلالة غير اللفظ، فقد تكون عرفية أو حالية، كما لو وكل طالب علم شرعي آخر بشراء بعض الكتب، فاشترى له كتباً في الفن أو الهندسة أو الطلب، فإنه لا يلزمه ما اشتراه، لأن حالته تنبئ أن مراده كتب العلم الشرعي، وإن كان اللفظ مطلقاً، واتفقوا على أن وكيل الشراء يتقيد بثمن المثل، فلا ينفذ على الموكل شراؤه بأكثر منه.

ص: 325