الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضبط له شرعاً أو لا نص لأحد المتعاقدين فيه) .
وقد اعتمد الفقهاء على العرف في مسائل كثيرة جداً منها:
أقل سن الحيض والبلوغ.
وفي قدر الحيض والنفاس أقله وأكثره وأغلبه.
وفي حرز المال المسروق.
وفي كثرة الأفعال المنافية للصلاة.
وفي التأخير المانع من الرد بالعيب.
وفي الشرب وسقى الدواب من الجداول.
وأما إذا كان هناك نص أو شرط مخالف للعرف فلا اعتبار للعرف هنا.
وذلك كما لو استأجر شخص آخر ليعمل له من الظهر إلى العصر فقط بأجرة معينة، فليس للمستأجر أن يلزم الأجير بالعمل من الصباح إلى المساء بحجة أن عرف البلدة كذلك، بل يتبع المدة المشروطة بينهما.
العرف والعادة أمام النصوص الشرعية:
أولاً: إذا وافق العرف والعادة الدليل الشرعي فيجب مراعاته وتطبيقه؛ لأن العمل في الحقيقة بالدليل الشرعي لا بالعرف وإنما يستأنس بالعرف فقط.
ثانياً: إذا خالف العرف الدليل الشرعي فالنظر إلى ذلك من أوجه:
الوجه الأول:
أن يخالف العرف الدليل الشرعي من كل وجه، وهو ما يعبر عنه بمصادمة النص، ويلزم من اعتبا العرف ترك النص، فهذا لا شك في رده وعدم اعتباره، لأن العرف والعادة إنما تعتبر حَكَمَاً لإثبات حكم شرعي إذا لم يرد نص في ذلك
الحكم المراد إثباته، فأما إذا ما ورد النص فيجب العمل بموجبه، ولا يجوز ترك النص للعمل بالعادة أو العرف لأسباب ثلاثة:
الأول: لأنه ليس للعابد حق تغيير النصوص.
الثاني: ولأن النص أقوى من العرف.
الثالث: ولأن العرف قد يكون مستنداً على باطل، وأما نص الشارع فلا يجوز أن يكون مبنياً على باطل، فلذلك لا يترك القوي لأجل العمل بالضعيف.
ومن أمثلة مخالفة العرف للنصوص:
تعارف الناس كثيراً من المحرمات كالمعاملة بالربا وفوائد البنوك وشرب الخمر والتبرج ولبس الحرير والتختم بالذهب للرجال، وغير ذلك مما ورد تحريمه نصاً.
الوجه الثاني:
أن تكون مخالفة العرف للدليل الشرعي لا من كل وجه، وذلك بأن يرد الدليل عاماً والعرف خالفه في بعض أفراده، أو كان الدليل قياساً، فإن العرف يعتبر إذا كان عرفاً عاماً، وهو المتعارف في جميع البلاد أو أكثرها، لأن العرف العام يصلح مخصصاً ويترك به القياس، كما سبق بيانه، وذلك كما في جواز السلم والاستصناع، ودخول الحمام، والشرب من السقاء، وكثير من مسائل الفقه، مذكورة في أبوابه، وأما إذا كان العرف خاصاً فلا يعتد به عند الأكثرين.
الوجه الثالث:
أن يكون النص الذي جاء العرف بمخالفته مبنياً على العرف والعادة السائدين في زمان نزوله، فإنه عند بعض الأئمة يترك النص ويصار إلى العرف والعادة إذا تبدلت بتبدل الزمان.
مثال ذلك:
الأموال الربوية إما وزنية كالذهب والفضة وما يقاس عليها، وإما كيلية كالتمر والبر والشعير والملح وما يقاس عليها، فعند جمهور الفقهاء وأئمة المذاهب أنه لا يجوز بيع الوزني بجنسه إلا وزناً، ولا بيع الكيلي بجنسه إلا كيلا؛ لأن النص ورد فيها كذلك فلو تغير عرف الناس وأصبح الذهب يباع عدداً مثلاً، والتمر ما معه يباع وزناً، فلا يجوز استبدال الذهب والفضة بجنسهما إلا وزناً، وكذلك لا يجوز استبدال التمر أو أحد أخواته إلا كيلاً، وإلا كان رباً فيحرم، ولكن بعض الفقهاء رأى أنه إذا تبدل العرف فيجوز استعمال الناس بالعرف الحادث، ومنهم أبو يوسف صاحب أبي حنيفة، والشيخ تقي الدين ابن تيمية حيث قال: إن بيعَ المكيل بشيء من جنسه وزناً ساغ.
وقال في الفروع: ويتوجه من جواز بيع حب بدقيقه وسويقه جواز بيع مكيل وزناً وموزون كيلاً اختاره شيخنا، وفي هذا في الحقيقة تسهيل ورفع حرج عظيم عن الناس فيما اعتادوه من استعمال ما نص عليه الشارع أنه مكيل موزوناً وبالعكس.
الوجه الرابع:
أن يخالف العرف مسائل فقهية لم تثبت بصريح النص، بل بالاجتهاد والرأي، وكثير منها بناه المجتهد على ما كان في عرف زمانه، بحيث لو كان في الزمان