الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتعليل إن الخبث إذا كان لعدم الملك فإن الربح لا يطيب، فربح الغاصب من المغصوب، والأمين من الأمانة من هذا الباب، فلا يحل للغاصب ولا للأمين.
وأما إذا كان الربح لفساد الملك كالبيع الفاسد فإن الربح يطيب؛ لأن المبيع كان على ضمان المشتري.
استثناء:
خرج عن هذه القاعدة مسألة وهي: ما لو أعتقت المرأة عبداً فإن ولاءه يكون لابنها، ولو جنى هذا العبد جناية خطأ فالعقل (أي الدية) على عصبة المرأة لا على ابنها، فعصبة المرأة هنا عليهم العقل ولا ميراتث لهم بوجود الابن.
وأصل هذا الحكم: الأثر الذي أورده الزيلعي: أن علي ابن أبي طالب والزبير بن العوام رضي الله عنهما اختصما إلى عثمان رضي الله عنه في معتق صفية بنت عبد المطلب عمة علي وأم الزبير، حين مات، فقال علي رضي الله عنه: هو مولى عمتي فأنا أحق بإرثه لأني أعقل عنه وعنها، وقال الزبير: هو مولى أمي فأنا أرثها وكذا أرث معتقها.
فقضى عثمان بالولاء للزبير وبالعقل على علي رضي الله عن الجميع.
-- القاعدة الحادية عشرة:
قاعدة: (الساقط لا يعود) .
قاعدة: (المعدوم لا يعود) .
المراد بالساقط هنا الحكم أو التصرف الذي تم، والساقط صفة لموصوف محذوف هو الحكم أو التصرف، وإسقاطه يكون بفعل المكلف أو بالإسقاط الشرعي.
ومعنى لا يعود: أي يصب؛ كالمعدوم لا سبيل لإعادته إلا بسبب جديد يعيد مثله لا عينه.
هذه القاعدة تجري في كثير من الأبواب الفقهية.
ما يجري فيه الإسقاط:
يجري الإسقاط في الحقوق المجرد' كالخيارات، والشفعة، والإبراء عن الدعاوى، وإبراء الذمم.
والمراد بالحقوق هنا حقوق العباد، لأن حقوق الله تعالى لا تقبل الإسقاط من العبد، كما لو عفا المقذوف ثم عاد وطلب، حُدَّ القاذف ولكن لا يقام الحد بعد عفو المقذوف لعدم المطالب.
وأما لو عفا ولي المزني بها عن الزاني فلا يعتد بعفوه، بل يقام الحد على الزاني والمزني بها إن كانت مطاوعة؛ لأن هذا الحد من حقوق الله الخالصة فلا يقبل الإسقاط.
طرق الإسقاط:
للإسقاط طرق متنوعة، منها: الإسقاط الصريح كإبراء الدائن مدينه عن الدين ومنها الإسقاط بالالتزام، أو بالإشارة، أو بالدلالة.
ما لا يمكن إسقاطه:
هناك أمور لا يجري فيها الإسقاط وذلك في الأعيان، لأن الإسقاط في الأعيان لا يتصور، أو إسقاط الوارث، إرثه حيث لا يسقط، كأن يقول: تركت حقي في الميراث أو برئت منه أو من حصتي، فلا يصح، وهو على حقه؛ لأن الإرث جبري لا يصح تركه.
وكذلك الحقوق الخالصة لله تعالى لا تقبل الإسقاط كما مر.
مسائل على هذه القاعدة:
من باع بثمن حال فللبائع حق حبس المبيع حتى يقبض جميع الثمن، لكن لو سلمه للمشتري قبل قبض الثمن سقط حقه في الحبس، فليس له أن يسترده من المشتري ليحبسه حتى يقبض الثمن، لأن الساقط لا يعود.
من اشترى شيئاً قبل أن يراه فباعه أو رهنه أو آجره سقط خياره، فلو حكم عليه بالرد بخيار العيب، أو هو أفتكه من المرتهن، أو انقضت مدة الإجارة، لا يعود خياره لأن الساقط لا يعود، وهكذا كل خيار إذا سقط بمسقطه الشرعي، سواء كان في بيع أم نكاح أم شفعة أم غيرها لا يعود بالسقوط.
وكذا لو صالح على أقل من جنس حقه من الدراهم أو الدنانير يعتبر استيفاء لبعض حقه وإبراء عن الباقي، فليس له بعدُ أن ينقض هذا الصلح، لأن الساقط لا يعود.
ولو كان لأحد حق في مسيل أو مرور في أرض آخر فأسقط حقه من ذلك، أو أذن لصاحب الأرض أن يحدث بناء على ذلك الممر سقط حقه، وليس له بعد حق الرجوع، بخلاف ما لو كان مالكاً لرقبة المسيل أو الممر فقال: أسقطت ملكيتي لها،
أو بنى فيه صاحب الأرض بإذنه، فإن له أن يسترد الرقبة؛ لأن الإسقاط لا يتصور في الأعيان.
وكذا لو أجاز الورثة الزائد عن الثلث من وصية مورثهم سقط حقهم المتعلق بالزائد، فلا يصح رجوعهم عن الإجازة، لأن الساقط لا يعود.
وهذا عند من يقول بجواز الوصية فوق الثلث.
وإذا حكم القاضي برد شهادة الشاهد، مع وجود الأهلية، لفسق أو تهمة ثم تاب الشاهد لا تقبل شهادته بعد ذلك في تلك الحادثة.
كذلك لا تعود النجاسة بعد الحكم بزوالها بغير المائعات، فلو دبغ الجلد بالتشمس ونحوه، وفرك الثوب من المني، وجفت الأرض بالشمس، والخف بالدلك، ثم أصابها ماء طاهر لا تعود النجاسة.
كذلك الإقالة بعد الإقالة في السلم لا تصح، لأن السلم دين سقط بالإقالة، فلو صحت الإقالة الثانية لزم عود السلم والساقط لا يعود.