الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأصبح الغرناطيون المطرودون إلى قشتالة يعيشون عيشة الرحل، وعددهم 80.000 غرناطي، كما رأينا، مات منهم الربع إبان التهجير، أي 20.000 شخص. وأصبح عدد الباقين سنة 1609 م حوالي 95.000 غرناطي. ويبين الجدول التالي عدد مسلمي قشتالة سنة 1609 م، قبيل الطرد مباشرة وبعده.
ديموغرافية مسلمي مملكة قشتالة وتوابعها سنة 1609 م
القشتالتان
قبل الطرد: 85.000
عدد المطرودين: 50.000
الباقون: 35.000
نسبة المطرودين: 59%
الاسترمادورا
قبل الطرد: 17.000
عدد المطرودين: 8.000
الباقون: 9.000
نسبة المطرودين: 53%
مرسية
قبل الطرد: 38.000
عدد المطرودين: 22.000
الباقون: 16.000
نسبة المطرودين: 58%
الأندلس
قبل الطرد: 320.000
عدد المطرودين: 52.000
الباقون: 268.000
نسبة المطرودين: 16%
المجموع العام
قبل الطرد:
460.
000
عدد المطرودين: 132.000
الباقون: 328.000
نسبة المطرودين: 29%
يبين هذا الجدول عدم صحة خرافة الطرد النهائي لمسلمي إسبانيا سنة 1609 م، خاصة بالنسبة للأندلس حيث لم يطرد سوى 16 في المائة من مجموع المورسكيين، بينما لم يطرد سوى 29 في المائة من مجموع مورسكيي مملكة قشتالة وملحقاتها.
وبسبب ذلك ينحدر اليوم معظم سكان منطقة الأندلس في حدودها الحالية من أصول إسلامية، على عكس ما حدث في مملكتي أراغون القديمة وبلنسية حيث لم يبق فيها بعد الطرد سوى خمس مسلميها. وهذا ما يفسر الشعور السائد في منطقة الأندلس الحالية بالانتماء إلى التاريخ الإسلامي، مما كون القاعدة الأساسية للقومية الأندلسية المعاصرة.
6/ 2 - حياة المورسكيين الدينية:
ارتبط المورسكيون بالإسلام ارتباطًا كاملاً. وكمسلمين، حاولوا جهدهم اتباع تعاليم دينهم سرًّا، جيلاً بعد جيل، رغم ما يصيبهم بسبب ذلك من بلوى. وكرهوا
الدين النصراني الذي أجبروا على التظاهر به، كما كرهوا القائمين عليه كراهية لا حد لها. فهم آمنوا بالله الواحد، وبرسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتعلقوا بحبه.
كان للمورسكيين تنظيم سري جيد مكون من مجموعات تسمى الواحدة منها "جماعة"، لها فقيه يقوم مقام الإمام والمعلم والمرشد والقاضي بين جماعته. ويكون هؤلاء الفقهاء السريون، في كثير من الأحيان، زعماء الجماعة الإسلامية.
وكان معظم المورسكيين يحافظون على الصلوات الخمس، ويقومون بها خفية من النصارى، ويحفظون من أجل ذلك الفاتحة، على الأقل. ويوم الجمعة كانوا يغتسلون ويلبسون أفخر ثيابهم، ويكثرون الصدقات أو يصومون، كما كانوا يتجهون إلى مساجد سرية لصلاة الجمعة كلما أمكن ذلك، أو يصلون جماعة في بيوتهم. وفي
مساء الجمعة، كانوا يجتمعون للأكل جماعة والغناء والذكر.
وكان المورسكيون يصومون شهر رمضان، ويحتفلون بعيد الفطر، ويخرجون الزكاة لفقرائهم. كما كانوا يحتفلون بعيد الأضحى، ويذبحون الأضحية. وكانوا يحتفلون بيوم عاشوراء ويصومونه، وبذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
ولم يذهب منهم إلى الحج إلا بعض المحظوظين فقد وجد مخطوط في أراغون
القديمة باللغة الأعجمية تحت عنوان "قصائد الحاج بوي مونثون عن سفره إلى مكة
في القرن السادس عشر"، مما يدل على أن كثيرًا من المورسكيين سافروا ثم رجعوا
إلى بلادهم، ومنهم من حج بيت الله الحرام ورجع.
وكان المورسكيون يمتنعون امتناعًا تامًّا عن أكل لحم الخنزير. ولا يأكلون إلا لحم الحيوانات التي يذبحونها بالطريقة الإسلامية. وكانوا يمتنعون كذلك عن شرب الخمر أو التعامل به. ويحرصون على النظافة، حتى أصبح الحمام علامة من علاماتهم حاربتهم محاكم التفتيش بتحطيمها. فهم كانوا يتوضؤون قبل كل صلاة، ويغسلون أفواههم قبل الأكل وبعده، ويحرصون على أن يكون ماء الوضوء طاهرًا لا رائحة فيه ولا لون.
وكانت معظم عادات المورسكيين إسلامية. ففي اليوم السابع من ولادة الطفل، تقام له حفلة "فدا"(عقيقة)، فيغسل، وتكتب شهادة الإسلام على جبهته، وتعلق على عنقه "أحراز"(تمائم) بها آيات قرآنية، وتقام له عقيقة يعطى فيها اسمه الإسلامي السري بعد ذبح الأضحية. ويختن الطفل الذكر في اليوم الثامن. لكن
ختان الذكور أخذ يتأخر بين المورسكيين إلى السن الثامنة في أواخر القرن السادس عشر الميلادي.
ويغتسل الزوجان قبل حفل الزواج، وتغطي العروس رأسها بسترة، وعندما تذهب لبيت عريسها تدخله بالقدم اليمنى تيمنًا.
ويغسل المورسكيون جثمان الميت، ويعطرونه، ويلبسونه الكفن، ويقرؤون عليه آيات من القرآن الكريم. ثم يدفن في أرض نظيفة في اتجاه القبلة في مقبرة خاصة بالمورسكيين خارج البلدة، ويرفضون دفنه مع النصارى في مقابر الكنائس. ويترك المورسكيون فوق القبر الماء والخبز وعناقيد من العنب، وأحيانًا بعض النقود. وهي عادة للأندلسيين اشتركوا فيها مع النصارى الذين يعيشون بينهم.
وكانت للمورسكيين عادات خاصة بهم، ورثوها عن أجدادهم كاحتفالهم بعيد ميلاد سيدنا عيسى عليه السلام وبشهر يناير. وكان لهم تقديس لبعض الينابيع، كعين الصحة بالقرب من نهر هدره قرب غرناطة. ولهم مقابر يسمونها "الرابطات"، كانت مقدسة عندهم بسبب وجود قبر عالم أو مجاهد حارب النصارى يتبركون بروضته، كرابطة "كنيلش الزيتون" التي كانت روضة لأربعة من المجاهدين، فأصبحت محجًّا للمورسكيين.
وظل المورسكيون يحتفظون ببعض مساجدهم، خاصة في مملكة بلنسية، إلى غاية سنة 1525 م، حيث زاد بعد ذلك الاضطهاد، ومنعت العبادات الإسلامية منعًا باتًا. فأصبحت العبادات تمارس في سرية تامة داخل البيوت، وفي بعض المساجد السرية النائية. ففي 22/ 3 / 1574 م، اكتشف بين الجبال القريبة من بلدة كلاندا بأراغون القديمة مسجد سري، ورغم ذلك تابع المورسكيون الذهاب إليه إذ حوكم فقيهه آمادور سامبرفيلو سنة 1593 م بتهمة تدريس القرآن به. وفي سنة 1609 م، اكتشفت مساجد في عدة قرى بأراغون القديمة، كبلافليش وبوروي التي وجد الفقيه ميغال كالبو يعلم القرآن في مسجدها عند طرد أهلها.
وكان فقهاء المورسكيين يؤطرون الجالية المسلمة، ويعملون على تربيتها التربية الإسلامية، وتعريفها بأمجادها، ومساعدتها على الصمود ضد دعايات الرهبان ضد العقيدة الإسلامية. فهم يعلمون جماهير المسلمين مبادىء دينهم، ويلقنونهم القرآن الكريم وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويدربونهم على الحرف العربي. وكان الفقهاء يقومون بنسخ المصاحف والكتب الإسلامية، ويعودون المرضى، ويدفنون الموتى ويزوجون
الشباب. كما كانوا، لمعرفتهم باللغة العربية، الصلة بين المورسكيين والأمة الإسلامية في الخارج. وكان المورسكيون يساندون فقهاءهم على العيش بالهبات، كما كان معظم الفقهاء يمتهنون حرفًا متواضعة يعيشون عليها.
وقام الفقهاء بدور هام إبان الأزمات، كطرد سنة 1609 م، في تأطير المسلمين ومواساتهم وتشجيعهم على الهجرة إلى أرض المسلمين للحفاظ على دينهم. وقد برع المورسكيون في تطبيق التقية لدرجة كبيرة. فعندما يجبر الزوجان على الزواج باللباس النصراني في الكنيسة بإشراف الرهبان، يفعلان ذلك ثم عندما يرجعان إلى بيتهما يزيلان لباسهما النصراني ويلبسان لباسًا إسلاميًّا، ويعاد الزواج بالطريقة الإسلامية بحضور الفقيه. "وعندما يعمد الأطفال (في الكنيسة) يغسلونهم سرًّا بالماء الساخن لإزالة الزيت المقدس عنهم، ثم يقومون بشعائرهم (الإسلامية) ويعطونهم اسمًا إسلاميًّا"، الخ
…
هذه حياة المورسكيين الإسلامية السرية، أما مقاومتهم للضغوط التنصيرية لمحاكم التفتيش والكنيسة الكاثوليكية والدولة الإسبانية فقد كانت أساسًا عقائدية. فقام فقهاء المورسكيين بكتابة اللغة الأعجمية بالحروف العربية للبرهنة للمورسكيين والنصارى على السواء أن الإسلام هو الدين الحق وأن النصرانية دين محرف خاطىء، كما كتبوا كتبًا في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتبيين عظمته وأخلاقه الكريمة. وكان هذا المجهود الثقافي ردًّا على سيل المنشورات والكتب الكنسية التي تهاجم بين الأوساط المورسكية الإسلام ومبادئه والقرآن الكريم وشخص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ككتاب "آنتي القرآن" لبرناردو بيريز دي شينشون الذي نشر في إشبيلية سنة 1528 م، وفي بلنسية سنة 1532 م، وكتاب "أمبروباسيو القرآن" للراهب ريكولدو دي مونتيكروسي، وغيرهما كثير. وعمل الرهبان على تعليم المسلمين الدعوات النصرانية، حتى أصبح معظم المورسكيين يحفظونها في أواخر القرن السادس عشر الميلادي، وركزوا على أطفال المسلمين وزعمائهم.
وتأثرت طبقة ضئيلة من المورسكيين بهذه الدعاية المعادية. منهم خوان أندريس الذي كتب كتابًا يتهجم فيه على الإسلام والنبي الكريم، طبع أولاً في بلنسية سنة 1515 م، ثم في إشبيلية سنة 1537 م، وفي غرناطة سنة 1560 م. وكان خوان أندريس فقيهًا لمدينة شاطبة اسمه ابن عبد الله وابن فقيهها كذلك، ارتد عن الإسلام سنة 1487 م بمحض إرادته وترهب، وكرس حياته لمحاربة الإسلام.
وزاد تمسك المورسكيين بالإسلام وشعائره بزيادة اضطهاد الكنيسة والدولة ومحاكم التفتيش. وحافظوا على طهارتهم وصلاتهم حتى في السجون وفي طريقهم إلى الإعدام حرقًا. وحافظوا على قدسية يوم الجمعة بارتداء أحسن الملابس والامتناع عن التجارة رغم المضايقات. وأصروا على صيام رمضان، حتى قبيل الطرد سنة 1609 م، وكانوا ينعزلون عن النصارى في ورشات العمل وفي المزارع لكي لا يفسدوا عليهم صيامهم. كما تشبث المورسكيون بالامتناع عن أكل لحم الخنزير حتى بعد الطرد وهم بفرنسا. وقد اشتكى جماعة منهم لبعض الرهبان الإسبان في فرنسا قائلين:"بأن الخنازير تمشي في الشوارع بين الأهالي، ويصعب عليهم الابتعاد عنها لكي لا تنجس ملابسهم. كما أنهم يأنفون من أكل الخبز الذي يطبخ في مطابخ الفرنسيين لأنهم يستعملون فيها شحوم الخنازير، ولذا أسسوا فرنًا خاصًّا بهم في دار أحدهم، يطبخون فيه الخبز ويقلون اللحم".
وتمادوا في الامتناع عن شرب الخمر رغم ضغوط محاكم التفتيش، حتى أنهم كانوا يزرعون العنب ويعصرونه تقية. وهكذا قبضت محاكم التفتيش بطليطلة على خوان هراندو لأنه يزرع العنب ويعصر الخمر لـ "إخفاء سوء نيته، وهو في الواقع لا يشرب خمرًا".
ولم يكن التمسك بالدين الإسلامي بالأمر الهين. فلقد كانت تحيط به مخاطر جمة مصدرها محاكم التفتيش التي وصفها أحد فقهائهم بأنها "يترأس جلساتها الشيطان بذاته، ويكون من بين مستشاريه الغش وعمى البصيرة"، أو كما قال فقيه آخر: حيث يعمل "قضاة التفتيش الكفرة بطرقهم الشيطانية، يدفعهم إبليسهم ليقيموا أنفسهم قضاة على ضمائر الخلق، ويجبرونهم بالقوة على اتباع معتقداتهم الملعونة الكافرة الضالة".
وقد عملت محاكم التفتيش منذ البداية على أخذ أموال المسلمين رشوة لتغض الطرف عن بعض ممارساتهم الإسلامية. فمنذ سنة 1571 م، أخذ المورسكيون البلنسيون يدفعون 50.000 دوقة ذهبية سنويًّا لمحاكم التفتيش من أجل ذلك. وفي سنة 1543 م، دفع المورسكيون الغرناطيون 12.000 دوقة ذهبية للمحكمة وللملك. وفي سنة 1555 م دفعوا لهما 200.000 دوقة ذهبية. ومنذ سنة 1558 م، أخذوا يدفعون 100.000 دوقة ذهبية للملك و 3.000 دوقة سنوية للمحكمة.
وفي الفترة بين سنتي 1550 م و 1580 م، حكمت محاكم التفتيش في الاثني عشر "أتودافي" المعروفة بغرناطة على 998 شخص، منهم 780 مورسكي، أي 78
في المائة من المجموع. وكانت نسب المورسكيين من بين المحكوم عليهم في المدن الأخرى مماثلة لغرناطة، إذ ركزت محاكم التفتيش غضبها ضد المسلمين في سرقسطة وطليطلة ومرسية وكونكة وغيرها من المدن. وطبقت محاكم التفتيش على المتهمين بالإسلام إحدى العقوبتين: أولهما العفو عند التوبة، ويعني ذلك مصادرة جميع أموال المتهم. وكان ذلك مصير جميع من وقع بيد هذه المحاكم. ثانيها الإعدام حرقًا بعد المصادرة الشاملة. وطبقت هذه العقوبة بصفة خاصة على فقهاء المورسكيين وزعمائهم. ونذكر من بين هؤلاء الشهداء فقيه بلدة مويل "جوان الحاج" الذي أحرق في سرقسطة سنة 1546 م، وماريا الغرناطية فقيهة مورسكية أحرقت في لغرونيو سنة 1576 م، وبياتريس باديا فقيهة أركش التي أحرقت في 13/ 12 / 1598 م في كونكة. وأحرق في غرناطة 12 مورسكيًّا في الـ 12
"أتودافي" المذكورة أعلاه، الخ
…
وثبت المورسكيون على الإسلام رغم هذه الصعاب، بل أكثر من ذلك قاموا بدعوة النصارى إلى اعتناقه والانضمام معهم إلى الحالة التي هم عليها، وقبول مشاركتهم مصابهم. فقد نقل أحدهم، وهو الشهاب الحجري، محادثة جرت بينه وبين قس في غرناطة عن الزواج بين المورسكيين والنصارى فقال: "كان بمدينة أنتقيرة رجل من قرابتي عشق بنتًا نصرانية، وفي اليوم الذي مشوا فيه بالعروسة إلى الكنيسة ليتم النكاح احتاج بلبس العروس الزرد المهندس من تحت الحوائج، وأخذ عنده سيفًا لأن قرابتها حلفوا أنهم يقتلونه في الطريق، وبعد أن تزوجها بسنين لم يدخل إليها أحد من قرابتها بل يتمنون موته وموتها
…
وأسلمت على يده وحسن إسلامها غاية الحسن، وأسلمت على يدها أمها العجوزة".
وفي سنة 1565 م، وصل إلى إسبانيا فرنسي من تولوز، واختلط بالمورسكيين، ثم اعتنق الإسلام، واستقر في بلدة سان كليمانتي بمقاطعة كونكة. فشكت محاكم التفتيش في أمره. وكشف قاضيها عورته، ولما وجده مختنًا حكم عليه بالتجذيف في السفن.
وفي سنة 1571 م، حكمت محاكم التفتيش على لويس بالاس، وهو نبيل من بلنسية، بالسجن لمدة غير محددة وبمصادرة أمواله ومنعه من الإقامة في بارونية "كورتس" والسكنى في أية منطقة يوجد فيها المورسكيون. وكانت تهمته أنه اعتنق "دين محمد" وطبق شعائره وفضله على الديانات كلها.
وفي سنة 1601 م، اكتشف في سجن طليطلة أن الفقيه "خيرومينو روخاس" كان يدعو المساجين النصارى إلى الإسلام ويقول لهم إنه "يرغب في إنقاذ أرواحهم، وأن الله سوف يهديهم وينقذهم من العمى والجهل".
وفي سنة 1606 م، قبض على نصراني قديم اسمه "فرانسسكو دسكالسو" في بلدة قسطنطينة بمملكة بلنسية بتهمة اعتناق الإسلام. وكان يعيش كالمسلمين، ويكتب لهم أغاني حماسية يغنيها بالعود تحضهم على صوم رمضان. ثم تزوج مسلمة، كان ينتقل معها من بلدة إلى أخرى. كما قبض على يهودي في أراغون لأنه اعتنق الإسلام وتزوج مسلمة. وقد وردت في الوثائق أمثلة كثيرة على اعتناق غير المسلمين الإسلام، مما يدل على قوة المورسكيين الروحية التي لم تقهر ولو بقهر أجسامهم وسلب أموالهم.
وفي سنة 1610 م، حكمت محكمة مرسية للتفتيش على خوان فرانسسكو لاسال، وكان شابًّا عمره 21 سنة، أصله من سرقسطة حيث عاش مع المورسكيين واعتنق الإسلام وكتب كتابًا ضد الديانة النصرانية وضد شرب الخمر.
وفي سنة 1619 م، حكمت محكمة غرناطة للتفتيش على الطبيب آلونسو دي لونا، من أصل نصراني قديم، الذي اعتنق الإسلام في بلده غرناطة ومارسه سرًّا في بيته. وكان رجلاً مثقفًا يجيد اللغات اللاتينية والإيطالية والعربية، وطبعًا الإسبانية، ويحفظ القرآن الكريم عن ظهر قلب. وكان محافظًا على صلواته الخمس وصيامه في شهر رمضان. وكتب سرًّا كتيبات يفسر فيها المبادىء الإسلامية ويدعو فيها أهل غرناطة إلى اعتناق الإسلام. وقد حصلت المحكمة منه على هذه الاعترافات بعد أن عذبته بشر أنواع العذاب في سجونها.
وبصفة عامة، فقد قبضت محاكم التفتيش، طوال القرن السادس عشر، على 110 نصراني قديم على الأقل، اعتنقوا الإسلام وهاجروا إلى شمال إفريقيا. وتقدر نسبة الذين قبض عليهم بحوالي نصف في المائة من عدد الذين أسلموا وهاجروا فعلاً. فيكون عددهم الإجمالي 22.000 شخص، عدا آلاف المورسكيين. وفي سنة 1588 م، اكتشفت صحيفة رق قديمة في صومعة تربيانة بغرناطة تؤكد أن المسيح عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله، وليس ابنًا لله كما يدعيه النصارى.