المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌11/ 3 - النكسة والانطلاقة الجديدة: - انبعاث الإسلام في الأندلس

[علي المنتصر الكتاني]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌تقديم

- ‌مقدمة الشيخ المجاهد الإسلامي إبراهيم بن أحمد الكتاني

- ‌مقدمة المؤلِّف

- ‌الفصل الأولنشأة وسقوط دولة الإسلام في الأندلس

- ‌1/ 1 - الأمة الأندلسية وتكوينها:

- ‌1/ 2 - قيام مملكة غرناطة:

- ‌1/ 3 - جهاد مملكة غرناطة المتواصل:

- ‌1/ 4 - اتحاد الممالك النصرانية:

- ‌1/ 5 - الحرب الأهلية وسقوط غرناطة:

- ‌مراجع الفصل الأول

- ‌الفصل الثانيالاضطهاد والتنصير 1492 - 1568 م

- ‌2/ 1 - بداية الغدر وتنصير مسلمي غرناطة (1492 - 1502 م):

- ‌2/ 2 - محاكم التفتيش الكاثوليكية في إسبانيا:

- ‌2/ 3 - ذروة اضطهاد المسلمين 1502 - 1567 م:

- ‌2/ 4 - وضع المسلمين في مملكتي البرتغال وقشتالة:

- ‌2/ 5 - وضع المدجنين في مملكة أراغون:

- ‌مراجعالفصل الثاني

- ‌الفصل الثالثثورة غرناطة الكبرى (1568 - 1570 م)

- ‌3/ 1 - تهيىء الثورة:

- ‌3/ 2 - إعلان الثورة وبيعة ابن أمية:

- ‌3/ 3 - انتشار الثورة واستشهاد ابن أمية:

- ‌3/ 4 - مراحل الثورة تحت قيادة ابن عبو:

- ‌3/ 5 - الانهزام والاستسلام:

- ‌مراجعالفصل الثالث

- ‌الفصل الرابعالتشتيت وزيادة القهر (1570 - 1608 م)

- ‌4/ 1 - إخراج المورسكيين من مملكة غرناطة:

- ‌4/ 2 - أوضاع المسلمين في مملكة قشتالة من سنة 1570 م إلى سنة 1608 م:

- ‌4/ 3 - أوضاع المسلمين في مملكة أراغون من سنة 1570 م إلي سنة 1608 م:

- ‌4/ 4 - علاقات مسلمي إسبانيا الخارجية من 1570 م إلى 1608 م:

- ‌4/ 5 - التفكير في الطرد:

- ‌مراجع الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامسطرد المسلمين الجماعي عن إسبانيا (1608 - 1614 م)

- ‌5/ 1 - قرار الطرد سنة 1608 م:

- ‌5/ 2 - طرد مسلمي مملكة بلنسية:

- ‌5/ 3 - طرد مسلمي أراغون القديمة وباقي مملكة أراغون:

- ‌5/ 4 - مسلمي مملكة قشتالة:

- ‌5/ 5 - المورسكيون المطرودون في مناطق هجرتهم:

- ‌مراجعالفصل الخامس

- ‌الفصل السادسديموغرافية المورسكيين وحياتهم الاجتماعية

- ‌6/ 1 - ديموغرافية المورسكيين:

- ‌6/ 2 - حياة المورسكيين الدينية:

- ‌6/ 3 - حياة المورسكيين الاجتماعية:

- ‌6/ 4 - حياة المورسكيين الاقتصادية:

- ‌6/ 5 - الثقافة المورسكية:

- ‌مراجعالفصل السادس

- ‌الفصل السابعاستمرار الوجود الإسلامي في الأندلس في القرنين السابع عشر والثامن عشر

- ‌7/ 1 - إسبانيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر:

- ‌7/ 2 - معاملة الدولة للمورسكيين:

- ‌7/ 3 - معاملة محاكم التفتيش:

- ‌7/ 4 - مؤامرات وثورات:

- ‌7/ 5 - شواهد الرحالة:

- ‌مراجعالفصل السابع

- ‌الفصل الثامنتكوين القومية الأندلسية (في القرنين التاسع عشر والعشرين)

- ‌8/ 1 - إسبانيا في القرنين التاسع عشر والعشرين:

- ‌8/ 2 - الجذور الإسلامية للقومية الأندلسية:

- ‌8/ 3 - انبعاث الهوية الأندلسية (1808 - 1873 م):

- ‌8/ 4 - بروز الحركة الأندلسية ودور بلاس إنفانتي:

- ‌8/ 5 - تطور الحركة الأندلسية: إسلام بلاس إنفانتي واستشهاده:

- ‌مراجعالفصل الثامن

- ‌الفصل التاسعانبعاث القومية الأندلسية 1975 - 1990 م

- ‌9/ 1 - دكتاتورية فرانكو (1939 - 1975 م):

- ‌9/ 2 - رجوع الديموقراطية وانبعاث القومية الأندلسية:

- ‌9/ 3 - إنشاء منطقة الأندلس ذات الحكم الذاتي:

- ‌9/ 4 - رموز منطقة الأندلس ذات الحكم الذاتي:

- ‌9/ 5 - إحصائيات الأندلس المعاصرة:

- ‌مراجعالفصل التاسع

- ‌الفصل العاشرالانبعاث الإسلامي على مفترق الطرق (منذ سنة 1970 م)

- ‌10/ 1 - الجمعيات الإسلامية للوافدين:

- ‌10/ 2 - الطريقة الدرقاوية في غرناطة:

- ‌10/ 3 - جمعية قرطبة الإسلامية:

- ‌10/ 4 - محاولات تنظيمية أخرى في الأندلس:

- ‌10/ 5 - محاولات تنظيمية خارج منطقة الأندلس:

- ‌مراجعالفصل العاشر

- ‌الفصل الحادي عشرالجماعة الإسلامية في الأندلس

- ‌11/ 1 - الأيام الأولى في إشبيلية:

- ‌11/ 2 - الإنطلاقة من إشبيلية:

- ‌11/ 3 - النكسة والانطلاقة الجديدة:

- ‌11/ 4 - العودة إلى قرطبة:

- ‌11/ 5 - العلاقة مع الشتات الأندلسي:

- ‌مراجعالفصل الحادي عشر

- ‌الفصل الثاني عشرالشتات الأندلسي اليوم

- ‌12/ 1 - الأندلسيون في المغرب:

- ‌12/ 2 - الأندلسيون في تونس:

- ‌12/ 3 - الأندلسيون في باقي القارة الإفريقية:

- ‌12/ 5 - الأندلسيون في باقي أوروبا وأمريكا:

- ‌مراجعالفصل الثاني عشر

- ‌خاتمة

- ‌ملحق معاهدة تسليم غرناطة المعقودة بين أبي عبد الله الصغير والملكين الكاثوليكيين

- ‌المادة الأولى:

- ‌المادة الثانية:

- ‌المادة الثالثة:

- ‌المادة الرابعة:

- ‌المادة الخامسة:

- ‌المادة السادسة:

- ‌المادة السابعة:

- ‌المادة الثامنة:

- ‌المادة التاسعة:

- ‌المادة العاشرة:

- ‌المادة الحادية عشر:

- ‌المادة الثانية عشر:

- ‌المادة الثالثة عشر:

- ‌المادة الرابعة عشر:

- ‌المادة الخامسة عشر:

- ‌المادة السادسة عشر:

- ‌المادة السابعة عشر:

- ‌المادة الثامنة عشر:

- ‌المادة التاسعة عشر:

- ‌المادة العشرون:

- ‌المادة الحادية والعشرون:

- ‌المادة الثانية والعشرون:

- ‌المادة الثالثة والعشرون:

- ‌المادة الرابعة والعشرون:

- ‌المادة الخامسة والعشرون:

- ‌المادة السادسة والعشرون:

- ‌المادة السابعة والعشرون:

- ‌المادة الثامنة والعشرون:

- ‌المادة التاسعة والعشرون:

- ‌المادة الثلاثون:

- ‌المادة الحادية والثلاثون:

- ‌المادة الثانية والثلاثون:

- ‌المادة الثالثة والثلاثون:

- ‌المادة الرابعة والثلاثون:

- ‌المادة الخامسة والثلاثون:

- ‌المادة السادسة والثلاثون:

- ‌المادة السابعة والثلاثون:

- ‌المادة الثامنة والثلاثون:

- ‌المادة التاسعة والثلاثون:

- ‌المادة الأربعون:

- ‌المادة الحادية والأربعون:

- ‌المادة الثانية والأربعون:

- ‌المادة الثالثة والأربعون:

- ‌المادة الرابعة والأربعون:

- ‌المادة الخامسة والأربعون:

- ‌المادة السادسة والأربعون:

- ‌المادة السابعة والأربعون:

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌11/ 3 - النكسة والانطلاقة الجديدة:

الإسلامي مثل المواضيع التالية: "العقيدة الإسلامية"، "الإسلام وتحرير الشعوب"، "الصلاة شكلها ومعناها"، "الصهيونية وفلسطين"، "النضال الأندلسي"، وغيرها.

وصرح أحد منظمي المؤتمر للصحافة عن معنى المؤتمر قائلاً: "نحن لسنا جزيرة دينية في هذه الأرض؛ فإسلامنا حي؛ فمن واجبنا الدخول في المجتمع الأندلسي وإقناع الجماهير

فالإسلام يُشم في هواء هذه الأرض وسينتشر حتى يعمها كما كان في الماضي".

كان مؤتمر "ققولش بيغا" نقطة تحول هامة في تاريخ "الجماعة الإسلامية في

الأندلس"، قررت بعده عقد جمعًا عامًا لتخطيط مستقبلها.

وهكذا في ظرف سنتين أصبح عدد أعضاء "الجماعة الإسلامية في الأندلس" يقارب خمسمائة، لهم فروع في سبعة مدن أندلسية هي: إشبيلية وغرناطة وشريش ومالقة وقرطبة وولبة وذكوان. وأصبح المسلمون الأندلسيون ينظرون إلى المستقبل بحماس، كما أظهروا ذلك في اجتماع "جمعية الإسلام والغرب" الذي انعقد في إشبيلية في الحقبة 10 - 12/ 9 / 1984 م وشاركوا فيه.

‌11/ 3 - النكسة والانطلاقة الجديدة:

أدت نشاطات "الجماعة الإسلامية في الأندلس" في سنتي 1983 م و 1984 إلى شهرتها داخل إسبانيا وخارجها، مما جعل كثيرًا من الجمعيات الإسلامية القديمة تغار منها وتهاجمها. فأخذت جمعية "المركز الإسلامي في إسبانيا" تكتب التقارير السلبية إلى سفارات الدول الإسلامية، ونشرت "جماعة إشبيلية" مقالات في الصحافة تهاجم فيها "الجماعة"، خاصة بعد "ذكرى المعتمد بن عباد". وأدت تأثيرات بعض الأوساط الإسلامية غير الأندلسية إلى انشقاق داخل "الجماعة". أما الضغوط الخارجية، فقد قررت "الجماعة" عدم الرد على هجمات تلك الجمعيات للحفاظ على الأخوة الإسلامية مهما كان موقف الآخرين. أما الانشقاق الداخلي، فلم يكن له حل. وفي أواخر سبتمبر عام 1984 م، عقدت "الجماعة" اجتماعًا عامًّا في مقرها

بإشبيلية للتخطيط لمستقبلها وتثبيت تنظيمها، فظهر في الاجتماع انشقاق جذري خطير بين طرفين من أطراف "الجماعة". الطرف الأول، برئاسة جابر بيلار خيل، رئيس مجلس الجماعة حينذاك، تبنى فكرة التنظيم الهرمي قائلاً بأن تنظيم "الجماعة" المبني

ص: 366

على الشورى ليس تنظيمًا إسلاميًّا وأنه تقليد للأنظمة الديموقراطية الغربية. واقترح جابر "بيعة" أمير للجماعة والتفويض له في قيادة أمورها، على أن يعيّن الأمير المسؤولين عن النشاطات المختلفة حسب قدراتهم وتقواهم. أما الطرف الثاني، بقيادة عبد الرحمن مدينة مليرة، فأراد المحافظة على تنظيم "الجماعة" الأفقي، وتقوية الروابط مع القوى الحية في المجتمع الأندلسي. وتشبث كل طرف برأيه، وتبادل تهم الخروج عن روح الإسلام مع الطرف الآخر. وللحفاظ على وحدة الصف، اتفقا على استفتاء أعضاء "الجماعة". وعندما أسفر الاستفتاء عن مساندة الطرف الثاني، رفض الطرف الأول قبول تصويت النساء المسلمات، مما أدى إلى الانشقاق الكامل رغم تدخل كاتبه.

كان هذا الانشقاق كارثة على "الجماعة". فقسم منها "بايع" جابر بيلار خيل أميرًا، وانتظم تحت اسم "جماعة الأندلس الإسلامية"، بينما رجع القسم الآخر إلى الاسم القديم "الجماعة الإسلامية في الأندلس" وركز تنظيمَه الأفقي بتكوين مجالس في المقاطعات ومجلس عام للجماعة، وانتخاب رئيس للمجلس ليس له من سلطة سوى تنسيق الاجتماعات وإدارتها.

ثم تلى الانشقاق، معركة بين الطرفين للسيطرة على المراكز المختلفة، مما أدى إلى تشتيت هائل في أفراد "الجماعة". فبعد أن كان عدد المنتمين إليها يقارب الخمسمائة، هجر أكثرهم الطرفين. ومن بين المراكز السبعة في "الجماعة"، تشتتت جماعات ذكوان وولبة وقرطبة وأغلقت مراكزها. أما المراكز الأربعة الباقية فانضمت غرناطة وشريش إلى جابر، وإشبيلية ومالقة إلى عبد الرحمن. ونزل أفراد المراكز الأربعة إلى نصف عددهم قبل الانشقاق. وهكذا انتهت سنة 1984 م بكارثة في تنظيم المسلمين الأندلسيين.

أما "جماعة الأندلس الإسلامية" التابعة لجابر، فقد قل عدد أعضائها مع الأيام، واضطرت إلى قفل مركز شريش. وبقيت هذه الجماعة في غرناطة فقط رغم قلة أعضائها وإقفال مركزها في غرناطة كذلك. وأما "الجماعة الإسلامية في الأندلس" فانطلقت انطلاقة جديدة بتنظيم أفضل وسياسة أوضح وخبرة أكبر، ورغبة أكيدة في الحفاظ على المسار الإسلامي والأندلسي والغيرة على استقلال "الجماعة" من أي نفوذ خارجي. ثم عملت من جديد على بناء قاعدتها بزيادة نشاطها في المجالات المختلفة للدعوة إلى الإسلام.

ص: 367

وفي 19 - 21/ 7 / 1985 م، قررت "الجماعة الإسلامية في الأندلس" تنظيم "المؤتمر الدولي الأول للمسلمين الأوروبيين" في إشبيلية بهدف ربط الصلة بين المسلمين الأوروبيين لدراسة دور الإسلام في مستقبل أوروبا، وجعل الأندلس مركز إشعاع إسلامي لكل القارة الأوروبية، وإعطاء الصحوة الإسلامية في أوروبا دفعة محلية. فشكلت "الجماعة" لجنة تنظيمية للمؤتمر، وأرسلت بعثات إلى أقطار أوروبا للاتصال بالشخصيات والجماعات الإسلامية المحلية وتفسير أهداف المؤتمر واستدعائها إليه.

وما إن انتشر خبر عقد المؤتمر، حتى نُظمت حملة ضد "الجماعة" وشخصياتها البارزة من طرف المراكز الإسلامية الرسمية في أوروبا والجمعيات الإسلامية في إسبانيا. فأرسلوا رسائل إلى جميع المراكز الإسلامية في أوروبا لتشويه سمعة "الجماعة" وأهدافها. كما قامت حملة ضد "الجماعة" ومسانديها من طرف أعداء الإسلام في إسبانيا، لهدف إفشال المؤتمر وتشتيت "الجماعة". ووصلت الحملة حدًّا لا يُطاق عندما أخذت بعض الجرائد الإسبانية المعادية للإسلام تنشر مقالات تخيف فيها الإسبان من المسلمين الأندلسيين وتتهمهم بأنهم يحاولون "إعادة احتلال" إسبانيا باسم الإسلام. وقررت "الجماعة" المضي في تنظيمها للمؤتمر وعدم الرد على المهاجمين.

وفي 9/ 6 / 1985 م، ظهرت جريدة "دياريو 16" في صفحتها الأولى بعناوين ضخمة بمقال كاذب تحت عنوان "اكتشاف شبكة جاسوسية مغربية جنوب إسبانيا"، ادعت فيها الجريدة بأن المخابرات الإسبانية اكتشفت الشبكة برئاسة عبد الرحمن مدينة ومساندة كاتبه وصديقه محمد الحلو وجاءت بأكاذيب. وتابعت الجريدة حملتها في الصفحة الأولى لما يقارب الأسبوع. وانضمت "جماعة إشبيلية الإسلامية" إلى هذه الحملة، ورددت الصحافة الإسبانية اتهامات "دياريو 16". وكان لهدف هذه الحملة عدة وجوه: أولاً، إشعال الفتنة بين الجمعيات الإسلامية في إسبانيا؛ ثانيًا، تخويف مساندي "الجماعة الإسلامية في الأندلس" من الاقتراب إليها؛ ثالثًا، تشويه سمعة "الجماعة" في المجتمع الأندلسي؛ وأخيرًا زرع الفتنة بين أفرادها.

وجابهت "الجماعة" هذه الحملة بالتكذيب وبحملة صحافية معاكسة، وأجبرت "دياريو 16" على نشر رد "الجماعة" حيث أعلن عبد الرحمن مدينة "إنني أعتقد أن هناك حملة ضد الإسلام من طرف الأوساط الصهيونية داخل الحزب الاشتراكي

ص: 368

العمالي الإسباني (الحاكم)"، وبالمتابعة القانونية. كما أجبر كاتبه الجريدة المذكورة عن طريق محام في إشبيلية نشر تكذيب لما نشر. ورغم انتهاء الحملة بالفشل، تابعت بعض الجمعيات الإسلامية التائهة حملتها ضد "الجماعة" في الصحافة الإسبانية.

وقررت "الجماعة" عدم الرد على أية جمعية إسلامية تحاشيًا للسقوط في مخطط أعداء المسلمين الذين يودون إشعال نار الفتنة بينهم.

ورغم هذا الجو المكهرب تابعت "الجماعة" تنظيم "المؤتمر الدولي الأول للمسلمين الأوروبيين". وفي 19/ 7 / 1985 م، افتتح المؤتمر بفندق "مقرينة"، أحد أكبر فنادق إشبيلية، تحت حراسة الشرطة. وقد حضر المؤتمر حوالي مائة شخصية إسلامية من كل أنحاء الأندلس، ومن عدة أقطار أوروبية، منها البرتغال وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا وقبرص، وغير الأوروبية كالبلاد العربية والمكسيك.

وحضر من البلاد العربية كاتبه وأهله والأستاذ محمد الحلو وأهله والدكتور عبد الله عمر نصيف وأهله والشيخ محمد العويني، وغيرهم. كما حضرت المؤتمر عدة شخصيات أندلسية ونواب في البرلمان الأندلسي، منهم دييغو دي لوس سانطوس، رئيس الحزب القومي الأندلسي، ولويس أورنويلا، عمدة إشبيلية السابق، ومانويل ايلونانس، وزير الثقافة في حكومة الأندلس. كما توصلت أمانة المؤتمر ببرقيات مساندة من خوليو أنغيتا، عمدة قرطبة، وبدرو رويز برديسو، نائب رئيس "وقفية بلاس إنفانتي"، وغيرهم. وكان للمؤتمر إشعاع في الصحافة الإسبانية والتلفزيون والراديو.

وألقيت محاضرات في المؤتمر في المواضيع التالية: دراسة حول وضع المسلمين الأوروبيين الحالي وعن الإسلام في أوروبا؛ ضرورة إنشاء منظمة عالمية للمسلمين الأوروبيين؛ الشريعة والآداب الإسلامية في المجتمعات ما بعد الصناعة والتكنولوجية ومشاريع للمسلمين الأوروبيين؛ معرض 1992 م الدولي في إشبيلية؛ المذاهب الإسلامية ودورها في انبعاث الإسلام في أوروبا؛ الخ

وانتخب المؤتمر روجي كارودي رئيسًا له، كما اتخذ قرارات هامة لمساندة المسلمين البلغار، وقبول دعوة قبرص (التركية) لعقد الاجتماع الثاني في مغوشة، وفتح مركز في قرطبة لتنسيق العمل بين المسلمين الأوروبيين، وإنشاء اتحاد بينهم والاجتماع كل ثلاث سنوات.

قررت "الجماعة" بعد نجاحها في تنظيم "المؤتمر العالمي الإسلامي الأوروبي الأول" استئناف توسعها بعد أن لم يبق لها سوى مركزي مالقة وإشبيلية. فأعادت

ص: 369

فتح مركز إسلامي لها في شريش (مقاطعة قادس) بزنقة كامبانيا في شهر سبتمبر عام 1985 م، ثم عملت على شراء بيت في قرطبة لتحويله إلى مركز إسلامي بها.

ثم تابعت "الجماعة" إحيائها لذكرى المعتمد بن عباد سنويًّا في إشبيلية. ففي يوم الأحد 13/ 10 / 1985 م، نُظمت رحلة ثقافية بالباخرة على الوادي الكبير من

إشبيلية إلى شلوقة واصطحبت جوقًا للموسيقى الأندلسية. وشارك في هذه الرحلة حوالي 200 شخص. بما فيهم المسلمون الأندلسيون ورجال الصحافة. وانتهت الرحلة بعشاء على ضيافة بلدية شلوقة. وفي يوم الاثنين، أقيم احتفال بساحة "التوزانو" بطريانة بمساندة مجلسها البلدي، ألقيت فيه القصائد الشعرية والمقطوعات الموسيقية من طرف أشهر أدباء الأندلس. وحضر الحفل ما لا يقل عن أربعة آلاف شخص لدرجة سمّت الصحافة بسببها عمدة طريانة، باكو أركس، بخليفة طريانة.

ومرة أخرى، لم يتراجع أعداء المسلمين عن الهجوم على "الجماعة" واتهامها باستعمال ذكرى المعتمد بن عباد للدعوة إلى الإسلام.

ومن نتائج "المؤتمر العالمي الإسلامي الأوروبي الأول" والأحداث التي سبقته أن أخذت "الجماعة الإسلامية في الأندلس" تفكر في تنويع عملها في المجالات المختلفة بتأسيس جهاز لكل مجال.

ففي المجال الثقافي، أسست "الجماعة""وقفية الإسلام والأندلس"، وقد اعترفت بها حكومة الأندلس المحلية كمؤسسة تعمل للمصلحة العامة.

ومن نتائج "المؤتمر" كذلك اقتناع "الجماعة" بضرورة عمل سياسي يعرّف الجماهير الأندلسية بتاريخها الإسلامي ووجودها المنفصل باستعمال الإمكانات السياسية. وفي 29/ 11 / 1985 م، بعد اتصالات عبر الأندلس ومناطق إسبانيا الأخرى، سُجّل "حزب التحرير الأندلسي" كمنظمة سياسية تعبر عن آراء المسلمين الأندلسيين، وتعلن أن الشعب الأندلسي شعب قائم بنفسه له حضارته (الإسلامية) ولغته (العربية) الخاصة به. وقرر الحزب تقديم مرشحين للانتخابات المحلية والأوروبية.

ولم تنته سنة 1985 م حتى نسيت "الجماعة" نكسة سنة 1984 م، وانطلقت بانطلاقة جديدة في جميع المجالات. وفي سنة 1986 م، استهلت "الجماعة" السنة باصطدام مع روجي كارودي. فمشروع الفيلسوف الفرنسي المسلم كان حوار الحضارات، ولم تكن تهمه "الجماعة الإسلامية في الأندلس" التي اعتقدت بأنه

ص: 370

استعمل "المؤتمر العالمي للمسلمين الأوروبيين الأول" لتركيز وجوده في قرطبة، فحصل على مساعدات مالية من البلاد العربية لتأسيس "جامعة إسلامية في قرطبة"، أسس بها آخر المطاف متحفًا للحوار بين الحضارات، بينما عملت "الجماعة" على تأسيس مركز إسلامي يعيد جمع شتات المسلمين القرطبيين، ويجعل من قرطبة مركز إشعاع إسلامي في الأندلس وأوروبا. وقررت "الجماعة" مساعدة روجي كارودي في مشروعه رغبة منها في توثيق الأخوة الإسلامية معه.

وفي مارس عام 1986 م، اشترت "الجماعة" بيتًا قديمًا في قرطبة بشارع ري هريديا، قرب المسجد الأعظم، في شارع مسجد القاضي أبو عثمان، وحولته إلى مركز إسلامي بعد الترميمات الضرورية، وتبنت برنامجًا للدعوة إلى الإسلام في قرطبة. وفي يوليوز عام 1986 م، فتحت "الجماعة" مركزها الخامس في بلدة "دوس هرماناس"(الخلدونية)، على بعد عشرين كيلومترًا من إشبيلية. وفي أكتوبر عام 1986 م، فتحت "الجماعة" مركزًا إسلاميًّا سادسًا في مرسية. فلم تنته السنة حتى أصبح "للجماعة" ستة مراكز إسلامية في خمس مقاطعات مختلفة: إشبيلية ودوس هرماناس وشريش ومالقة وقرطبة ومرسية. وفي يوم الأحد 22/ 6 / 1986 م، شارك "حزب التحرير الأندلسي" في انتخابات البرلمان الأندلسي، مطالبًا بتحرير الأندلس واستقلالها والاعتراف باللغة العربية كلغة لها، وتطبيق اتفاقية الاستسلام عند سقوط غرناطة سنة 1492 م، الوثيقة القانونية الوحيدة التي تبرر انضمام الأندلس لإسبانيا، ورجوع المهجّرين الأندلسيين.

وقد قدم "الحزب" ما يزيد على مائة مرشح في كل المقاطعات الأندلسية، أهمهم: عائشة هرموزين زمبرانو في المرية، وخوان بدرو رنكون غياردو في قادس، وعبد الرحمن مدينة مليرة في قرطبة، وإسماعيل خرقيرة آمورس في غرناطة، ومريم بارياس لاهوز في ولبة، والمنصور بيريز كالفانتي في جيان، وياسر كالدرون دياس في مالقة، والمعتمد سانشس كاستيانوس في إشبيلية.

ونتجت الانتخابات البرلمانية الأندلسية إلى فوز 109 نائبًا، منهم 60 للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (الحاكم) و 28 للتحالف الشعبي (يمين) و 2 للحزب القومي الأندلسي. ولم تحصل الأحزاب السبعة الأخرى التي تقدمت للانتخابات على مقاعد في البرلمان. وحصل "حزب التحرير الأندلسي" على 5683 صوت أو 0.17 في المائة من الناخبين. وكان أقرب حزب لأفكار الجماعة الإسلامية هو "الحزب

ص: 371