المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌10/ 5 - محاولات تنظيمية خارج منطقة الأندلس: - انبعاث الإسلام في الأندلس

[علي المنتصر الكتاني]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌تقديم

- ‌مقدمة الشيخ المجاهد الإسلامي إبراهيم بن أحمد الكتاني

- ‌مقدمة المؤلِّف

- ‌الفصل الأولنشأة وسقوط دولة الإسلام في الأندلس

- ‌1/ 1 - الأمة الأندلسية وتكوينها:

- ‌1/ 2 - قيام مملكة غرناطة:

- ‌1/ 3 - جهاد مملكة غرناطة المتواصل:

- ‌1/ 4 - اتحاد الممالك النصرانية:

- ‌1/ 5 - الحرب الأهلية وسقوط غرناطة:

- ‌مراجع الفصل الأول

- ‌الفصل الثانيالاضطهاد والتنصير 1492 - 1568 م

- ‌2/ 1 - بداية الغدر وتنصير مسلمي غرناطة (1492 - 1502 م):

- ‌2/ 2 - محاكم التفتيش الكاثوليكية في إسبانيا:

- ‌2/ 3 - ذروة اضطهاد المسلمين 1502 - 1567 م:

- ‌2/ 4 - وضع المسلمين في مملكتي البرتغال وقشتالة:

- ‌2/ 5 - وضع المدجنين في مملكة أراغون:

- ‌مراجعالفصل الثاني

- ‌الفصل الثالثثورة غرناطة الكبرى (1568 - 1570 م)

- ‌3/ 1 - تهيىء الثورة:

- ‌3/ 2 - إعلان الثورة وبيعة ابن أمية:

- ‌3/ 3 - انتشار الثورة واستشهاد ابن أمية:

- ‌3/ 4 - مراحل الثورة تحت قيادة ابن عبو:

- ‌3/ 5 - الانهزام والاستسلام:

- ‌مراجعالفصل الثالث

- ‌الفصل الرابعالتشتيت وزيادة القهر (1570 - 1608 م)

- ‌4/ 1 - إخراج المورسكيين من مملكة غرناطة:

- ‌4/ 2 - أوضاع المسلمين في مملكة قشتالة من سنة 1570 م إلى سنة 1608 م:

- ‌4/ 3 - أوضاع المسلمين في مملكة أراغون من سنة 1570 م إلي سنة 1608 م:

- ‌4/ 4 - علاقات مسلمي إسبانيا الخارجية من 1570 م إلى 1608 م:

- ‌4/ 5 - التفكير في الطرد:

- ‌مراجع الفصل الرابع

- ‌الفصل الخامسطرد المسلمين الجماعي عن إسبانيا (1608 - 1614 م)

- ‌5/ 1 - قرار الطرد سنة 1608 م:

- ‌5/ 2 - طرد مسلمي مملكة بلنسية:

- ‌5/ 3 - طرد مسلمي أراغون القديمة وباقي مملكة أراغون:

- ‌5/ 4 - مسلمي مملكة قشتالة:

- ‌5/ 5 - المورسكيون المطرودون في مناطق هجرتهم:

- ‌مراجعالفصل الخامس

- ‌الفصل السادسديموغرافية المورسكيين وحياتهم الاجتماعية

- ‌6/ 1 - ديموغرافية المورسكيين:

- ‌6/ 2 - حياة المورسكيين الدينية:

- ‌6/ 3 - حياة المورسكيين الاجتماعية:

- ‌6/ 4 - حياة المورسكيين الاقتصادية:

- ‌6/ 5 - الثقافة المورسكية:

- ‌مراجعالفصل السادس

- ‌الفصل السابعاستمرار الوجود الإسلامي في الأندلس في القرنين السابع عشر والثامن عشر

- ‌7/ 1 - إسبانيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر:

- ‌7/ 2 - معاملة الدولة للمورسكيين:

- ‌7/ 3 - معاملة محاكم التفتيش:

- ‌7/ 4 - مؤامرات وثورات:

- ‌7/ 5 - شواهد الرحالة:

- ‌مراجعالفصل السابع

- ‌الفصل الثامنتكوين القومية الأندلسية (في القرنين التاسع عشر والعشرين)

- ‌8/ 1 - إسبانيا في القرنين التاسع عشر والعشرين:

- ‌8/ 2 - الجذور الإسلامية للقومية الأندلسية:

- ‌8/ 3 - انبعاث الهوية الأندلسية (1808 - 1873 م):

- ‌8/ 4 - بروز الحركة الأندلسية ودور بلاس إنفانتي:

- ‌8/ 5 - تطور الحركة الأندلسية: إسلام بلاس إنفانتي واستشهاده:

- ‌مراجعالفصل الثامن

- ‌الفصل التاسعانبعاث القومية الأندلسية 1975 - 1990 م

- ‌9/ 1 - دكتاتورية فرانكو (1939 - 1975 م):

- ‌9/ 2 - رجوع الديموقراطية وانبعاث القومية الأندلسية:

- ‌9/ 3 - إنشاء منطقة الأندلس ذات الحكم الذاتي:

- ‌9/ 4 - رموز منطقة الأندلس ذات الحكم الذاتي:

- ‌9/ 5 - إحصائيات الأندلس المعاصرة:

- ‌مراجعالفصل التاسع

- ‌الفصل العاشرالانبعاث الإسلامي على مفترق الطرق (منذ سنة 1970 م)

- ‌10/ 1 - الجمعيات الإسلامية للوافدين:

- ‌10/ 2 - الطريقة الدرقاوية في غرناطة:

- ‌10/ 3 - جمعية قرطبة الإسلامية:

- ‌10/ 4 - محاولات تنظيمية أخرى في الأندلس:

- ‌10/ 5 - محاولات تنظيمية خارج منطقة الأندلس:

- ‌مراجعالفصل العاشر

- ‌الفصل الحادي عشرالجماعة الإسلامية في الأندلس

- ‌11/ 1 - الأيام الأولى في إشبيلية:

- ‌11/ 2 - الإنطلاقة من إشبيلية:

- ‌11/ 3 - النكسة والانطلاقة الجديدة:

- ‌11/ 4 - العودة إلى قرطبة:

- ‌11/ 5 - العلاقة مع الشتات الأندلسي:

- ‌مراجعالفصل الحادي عشر

- ‌الفصل الثاني عشرالشتات الأندلسي اليوم

- ‌12/ 1 - الأندلسيون في المغرب:

- ‌12/ 2 - الأندلسيون في تونس:

- ‌12/ 3 - الأندلسيون في باقي القارة الإفريقية:

- ‌12/ 5 - الأندلسيون في باقي أوروبا وأمريكا:

- ‌مراجعالفصل الثاني عشر

- ‌خاتمة

- ‌ملحق معاهدة تسليم غرناطة المعقودة بين أبي عبد الله الصغير والملكين الكاثوليكيين

- ‌المادة الأولى:

- ‌المادة الثانية:

- ‌المادة الثالثة:

- ‌المادة الرابعة:

- ‌المادة الخامسة:

- ‌المادة السادسة:

- ‌المادة السابعة:

- ‌المادة الثامنة:

- ‌المادة التاسعة:

- ‌المادة العاشرة:

- ‌المادة الحادية عشر:

- ‌المادة الثانية عشر:

- ‌المادة الثالثة عشر:

- ‌المادة الرابعة عشر:

- ‌المادة الخامسة عشر:

- ‌المادة السادسة عشر:

- ‌المادة السابعة عشر:

- ‌المادة الثامنة عشر:

- ‌المادة التاسعة عشر:

- ‌المادة العشرون:

- ‌المادة الحادية والعشرون:

- ‌المادة الثانية والعشرون:

- ‌المادة الثالثة والعشرون:

- ‌المادة الرابعة والعشرون:

- ‌المادة الخامسة والعشرون:

- ‌المادة السادسة والعشرون:

- ‌المادة السابعة والعشرون:

- ‌المادة الثامنة والعشرون:

- ‌المادة التاسعة والعشرون:

- ‌المادة الثلاثون:

- ‌المادة الحادية والثلاثون:

- ‌المادة الثانية والثلاثون:

- ‌المادة الثالثة والثلاثون:

- ‌المادة الرابعة والثلاثون:

- ‌المادة الخامسة والثلاثون:

- ‌المادة السادسة والثلاثون:

- ‌المادة السابعة والثلاثون:

- ‌المادة الثامنة والثلاثون:

- ‌المادة التاسعة والثلاثون:

- ‌المادة الأربعون:

- ‌المادة الحادية والأربعون:

- ‌المادة الثانية والأربعون:

- ‌المادة الثالثة والأربعون:

- ‌المادة الرابعة والأربعون:

- ‌المادة الخامسة والأربعون:

- ‌المادة السادسة والأربعون:

- ‌المادة السابعة والأربعون:

- ‌فهرس المحتويات

الفصل: ‌10/ 5 - محاولات تنظيمية خارج منطقة الأندلس:

التعدد فائدة، وهي أنه بعد فشل التجارب المذكورة آنفًا (تنظيم الوافدين المسلمين، وتنظيم الشيخ عبد القادر الصوفي، وتنظيم جمعية قرطبة الإسلامية) في استقطاب جميع الراجعين إلى الإسلام، أصبح من المفيد أن يتقدم كل من له أفكار جديدة بأفكاره، وينظم الجماعة التي تتجمع حولها حتى يظهر مع الوقت الناجح من الفاشل منها. وفعلاً قامت هذه الجمعيات بمجهود مشكور، كل واحدة على طريقتها، بالدعوة إلى الإسلام بين الأندلسيين وغيرهم من الإسبان. فمعظم من اعتنق الإسلام ظل مسلمًا حتى لو غير انتماءه من جمعية إلى أخرى. أو غيرت الجمعية اسمها، أو خرج من كل الجمعيات وبقي بمفرده. لذا أصبح عدد الراجعين إلى الإسلام بالأندلس يعد حوالي 4.000 مسلم سنة 1990 م.

وقد اتبعت كل جمعية من الجمعيات المذكورة أعلاه مصيرًا مختلفًا. فمنها من ولد ميتًا (جماعة المرية الإسلامية)، ومنها من انضم لغيره (جماعة مالقة الإسلامية)، ومنها ما انبثقت عنه جماعة أخرى أصبحت من أكبر جماعات الأندلس والأمل في قيادة المسيرة الإسلامية بها (جماعة إشبيلية الإسلامية)، كما سنرى فيما يلي.

‌10/ 5 - محاولات تنظيمية خارج منطقة الأندلس:

تعد "الجماعة الإسلامية في إسبانيا" بشارع أوخنيو كاشس بمجريط، أقدم جمعية إسلامية إسبانية خارج الأندلس. وقد سجلت في وزارة العدل في 17/ 12/ 1979 م من طرف البارو ماتشوردوم كوتر (أمين عام)، وخابير نيكولاس كوبيوس نييطو، وطوماس باريو غبريال (الرئيس)، وكلهم من سكان مجريط. ويعد أحمد عبد الله ماتشوردوم كومينز، أمينها العام، مؤسسها الأساسي، وهو كاتب وصحافي أصله من بلنسية، كتب عددًا من المقالات في الجرائد الإسبانية يدافع فيها عن الإسلام وقضاياه، كما كتب كتابًا حول سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وله علاقة وثيقة بوزارة الخارجية الإسبانية كمستشار في الشؤون الإسلامية، كما له علاقات طيبة مع السفارات العربية بمجريط.

ويحدد نظام هذه الجمعية الأساسي أن هدفها هو "نشر الإسلام كما جاء في القرآن والسنة، بين جميع مسلمي إسبانيا، والتعريف به لدى جميع الأشخاص الذين يودون الحصول على معلومات عنه؛ وتأسيس فروع "الجماعة الإسلامية في إسبانيا" في كل مناطق المساحة الوطنية؛ وتشجيع تعليم اللغة العربية، لغة القرآن ولغة 21 دولة تربطنا معها علاقات قوية من الصداقة التاريخية؛ وربط العلاقات الأخوية في

ص: 346

جميع المجالات بين الشعوب الإسلامية والشعب الإسباني؛ وإعانة جميع المسلمين الإسبان على بناء شخصية إسلامية حقيقية باتباع أركان الإسلام وقراءة القرآن وفهمه والاقتناع بتعاليمه، الخ

".

وفي 26 - 28/ 12 / 1979 م، أقامت الجمعية أول مؤتمر للمسلمين الإسبان بفندق براغا بمجريط. ويحتوي مركز الجمعية بمجريط على مسجد ومكاتب، ولها به نشاط محدود.

وفي سنة 1980 م، توصلت الجمعية إلى اتفاق مع بلدية قرطبة حول مسجد "المرابطو" الذي بناه فرانكو في ساحة حديقة "المرسد" بقرطبة للجنود المغاربة. وقد سلمت البلدية المسجد لهذه الجمعية تحت الشروط التالية: 1 - يستعمل البناء للعبادات الإسلامية فقط؛ 2 - تكون كل أعمال الترميم أو التغيير على حساب الجمعية بموافقة البلدية المسبقة؛ 3 - يدوم استعمال المركز لخمس سنوات؛ 4 - على الجمعية الحفاظ على المسجد بحالة جيدة؛ 5 - يرجع البناء وكل الإصلاحات التي أجريت عليه للبلدية بعد فترة الخمس سنوات دون تعويض للجمعية. وبعد انتهاء المدة، استرجعت البلدية البناء وسلمته في شهر مارس سنة 1986 م إلى سفير المملكة العربية السعودية بمجريط الذي سلمه بدوره إلى جمعية "المركز الإسلامي في إسبانيا"، وبهذا أصبح المسجد الصغير فرعًا لتلك الجمعية في قرطبة.

لـ "الجماعة الإسلامية في إسبانيا" حوالي مائة عضو في إسبانيا كلها، ويقول مسؤولوها إن لهم أتباع في المرية وبلنسية وبرشلونة. وللجمعية فرع في مدينة سبتة يرأسه أحمد الزبير، رئيس الجماعة الحالي. وبصفة عامة، فتأثير هذه الجماعة محدود اليوم على مركزها في مجريط وبنشاط رئيسها بسبتة وأمينها العام بمجريط بالكتابة والنشر والدفاع عن الإسلام في الصحافة. وليس لهذه الجماعة تأثير في منطقة الأندلس، خاصة بعد إعادتها لـ "المرابطو" إلى بلدية قرطبة.

وفي 23/ 7 / 1983 م، تأسست "جماعة بلنسية الإسلامية" من طرف عبد الرحمن عباد أبالوس (رئيس) وفرنسسكو مرين رودريكز (أمين عام) ويوسف عباد أبالوس (أمين الصندوق). وحدد نظام الجمعية أهدافها بالدعوة إلى الإسلام حسب القرآن الكريم وسنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وفي شهر فبراير سنة 1984 م فتحت الجمعية مركزًا لها في شقة كبيرة، بشارع سان مارتين ببلنسية.

ص: 347

وكان عبد الرحمن عباد أبالوس، مؤسس الجمعية، صحافيًّا يعمل في برشلونة ثم سكن مالقة، مسقط رأسه. وقد عمل في الجيش الإسباني بتطوان في الحقبة 1953 - 1954 م، وتعرف لأول مرة هناك على المجتمع الإسلامي. وبعد عودته من تطوان أخذ يقرأ عن الإسلام، فاعتنقه سرًّا سنة 1959 م بعد اقتناع، ولم يشهره إلا سنة 1977 م، وأسلم بإسلامه جميع أهله. وفي سنة 1978 م، زار القاهرة حيث التقى بعدد من المفكرين المسلمين. ثم رجع إلى مالقة حيث عمل صحفيًّا بجريدة "سور"(الجنوب). وانضم عبد الرحمن عباد إلى "جمعية عودة الإسلام إلى إسبانيا" ثم انفصل عنها وأسس الجمعية المذكورة.

وظلت هذه الجمعية ذات نشاط محدود لصعوبات مالية عانتها منذ البداية، فلم يزد عدد أفرادها على العشرة. وأساء السيرة الإمام المغربي الذي أتت به الجمعية لتعليم أفرادها أمور دينهم. ثم غيرت الجمعية مقرها إلى مكان آخر، ومنذ سنة 1989 م ظلت بدون مقر.

تأسس كذلك بمجريط سنة 1982 م "المعهد الغربي الإسلامي للثقافة" كمؤسسة ثقافية برئاسة الدكتور المغربي عبد الرحمن جاه الشريف. ينتمي لهذا المعهد عدد من المفكرين الإسبان المسلمين، وله مركز ثقافي بشارع فرانسسكو رتي. ويقوم المعهد بمجهود مشكور في التعريف بالحضارة الإسلامية خارج منطقة الأندلس بإسبانيا. ومن أهم نشاطاته تحضيره لمؤتمرين ثقافيين مهمين، أحدهما سنة 1987 م بطليطلة (عاصمة قشتالة مانشة) تحت اسم "الأندلس الإسلامية، تاريخ ثمانية قرون" والثاني في 22 - 25/ 9/ 1988 م بطرويل بأراغون تحت اسم "أراغون تستعيد تاريخها". ركز المؤتمر الأول على دراسة الإسلام في قشتالة، والثاني على دراسته في أراغون. وينوي المعهد إنجاز دراسات وبحوث حول الثقافة الإسلامية في إسبانيا في مجالات التاريخ والفنون الإسلامية، وربطها بالواقع الإسباني المعاصر، ونشر نتائجها وتوزيعها.

ويلخص رئيس المعهد فلسفته فيما يلي: "إن العلاقة القائمة بين اهتمامنا الثقافي والواقع الإسباني تتحدد من خلال الوعي بأسس الحضارة الإسلامية في هذا البلد ونشر حقائق الإسلام في الأوساط الإسبانية، لأن الثقافة الإسلامية تمثل ثقافة الشعب الإسباني كذلك رغم أن الظروف التاريخية التي مر بها تجعله يجهل هذه الثقافة".

أما الجمعية الإسلامية الموجودة في مرسية فهي تابعة "للجماعة الإسلامية في الأندلس" التي تعد منطقة مرسية تابعة للأندلس الطبيعية، رغم أنها ليست تابعة

ص: 348

لمنطقة الأندلس ذات الحكم الذاتي، بل هي تكون منطقة ذات حكم ذاتي قائمة بنفسها. وسندرس نشاط هذه الجماعة مع "الجماعة الإسلامية في الأندلس" في الفصل القادم.

ويُستحسن أن نعطي الآن موجزًا عن الوجود الإسلامي المعاصر في البرتغال، حيث إنها كانت قسمًا من بلاد الأندلس. كما أن التأثير الإسلامي لا زال واضحًا في المنطقة الواقعة جنوب الأشبونة، في مقاطعات شنتمرية الغرب (فارو اليوم) وباجة ويابورة.

يوجد بالبرتغال حوالي عشرون ألف مسلم (سنة 1990 م)، هاجر إليها معظمهم من المستعمرات البرتغالية التي حصلت على استقلالها بعد سنة 1974 م. ولمعظمهم الجنسية البرتغالية، ولهم بذلك كامل حقوق المواطنة. ويمكن تصنيف مسلمي البرتغال إلى خمس فئات: 1 - الأفارقة المتأصلون من موزمبيق؛ 2 - الآسيويون المتأصلون من شبه الجزيرة الهندية والقادمون من غوا ومكاو وتيمور؛ 3 - الأفارقة المتأصلون من غينيا بيساو؛ 4 - العرب، خاصة المغاربة والجزائريون والمصريون؛ 5 - والبرتغاليون الراجعون إلى الإسلام حديثًا.

تأسست سنة 1968 م "جماعة الأشبونة الإسلامية"، أول جمعية إسلامية في البرتغال، وسجلت رسميًّا في 28/ 3/ 1969 م. ونعتت الجمعية نفسها أنها دينية ثقافية غير سياسية. وحددت أهدافها في بناء جماعة إسلامية برتغالية متكاملة، وتأسيس أول مسجد في البلاد، والدفاع عن الإسلام ونشر تعاليمه باللغة البرتغالية، ونشر تعليم اللغة العربية والمبادىء الإسلامية في البرتغال. ومؤسس الجمعية ورئيسها إلى اليوم هو الدكتور سليمان ولي محمد، وهو من أصل موزنبيقي، ذو نشاط كبير، وهو مؤسس جمعية الصداقة العربية البرتغالية كذلك. أما أعضاء مجلس الإدارة الآخرون فهم: الدكتور إدريس محمد وكيل (أمين سر)، وعبد الستار داود جمال (أمين الصندوق)، وفاروق علي جادت، ومحمد حسين موسى.

وفي يوليوز سنة 1978 م، نشرت الجمعية، لأول مرة، ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة البرتغالية في مجلدين، ونشرت طبعة ثانية للترجمة في سبتمبر سنة 1979 م. ومنذ سنة 1980 م، أخذت تنشر مجلة إسلامية باللغة البرتغالية اسمها "الإسلام". وقامحت الجمعية بنشر سلسلة من الكتب الإسلامية باللغة البرتغالية منها:"من أجل فهم الإسلام"، و"الإسلام تحت الضوء"، و"القرآن المعجزة الأخيرة" لأحمد

ص: 349

ديدات، و "مصدر القانون الإسلامي" و"محمد والإسلام" و "الإسلام والقانون"، و "الإسلام في البرتغال اليوم"، و"فلسطين مأساة العصر"، و "الفكر الإسلامي"، و "القرآن والثقافة البرتغالية"، و"الإسلام في العالم"، و"الزواج في الإسلام"، و "النهضة في العالم الإسلامي"، و"علاقات البرتغال بالعالم العربي"، الخ

معظمها من تآليف الدكتور سليمان ولي محمد، رئيس الجمعية.

وفي 22/ 6 / 1979 م، حصلت الجمعية من الحكومة البرتغالية على مسجد مؤقت. وهو عبارة عن قصر قديم في وسط مدينة الأشبونة. وعملت الجمعية بالتعاون مع السفارات الإسلامية في البرتغال على تأسيس مركز إسلامي في أرض بالقرب من ساحة إسبانيا، بتكاليف قدرت بحوالي أربعة ملايين دولار أمريكي، وتأسس من أجل إنجازه مجلس للسفراء المسلمين المقيمين في الأشبونة. ولم ينته بعد بناء المركز.

للجمعية هيئة إدارية، وجمعية عمومية، وهيئة المراقبة، كما تتبعها لجان مختلفة لتدبير شؤون المسجد المؤقت، والشؤون الاجتماعية، والشؤون الثقافية، والشؤون المالية، وشؤون المرأة، والشبيبة والرياضة، والمقبرة الإسلامية. وللجمعية إمامان، أحدهما مبعوث من رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، والثاني من الهند. وتقوم الجمعية على إحياء الشعائر الإسلامية من صلاة الأوقات الخمس والجمع والأعياد والاحتفال بالمناسبات الإسلامية.

وفي 27/ 1 / 1984 م، تأسست "جماعة جنوب التاجه الإسلامية"، كما تأسست جمعيات إسلامية أخرى في ضواحي الأشبونة: كأوديبلاش، وبوبوا، وشنت أندريان، وشنت أنطونيو دوش كبليروش، وكلينا دو سول، وبوتيلا دو سكييم، وفورت دي كاسا إي بيالونغا، وكذلك في الجنوب، خاصة في مدينة يابورة. كما يوجد مسجد ثاني مؤقت في بلدة المعدن المجاورة للأشبونة في منطقة لانجيرو قرب طريرو (مقاطعة ستوبال). ويوجد مسجد ثالث في كلينا دو سول، ومسجد رابع في أديبلاش في بناء قدمته عائلة مسلمة للجماعة الإسلامية.

وفي سنة 1988 م، تكونت في بلدة لورش، شمال الأشبونة، جمعية إسلامية، قدمت لها بلدية لورش أرضًا لبناء مسجد، في منطقة شنت أنطونيو دوش كباليروش.

وتنشر الجمعية مجلة مستقلة اسمها "الفرقان" يديرها محمد يوسف آدمجي. وينتمي إلى هذه الجمعية عدد من المسلمين من أصل آسيوي وكذلك بعض الراجعين إلى

ص: 350

الإسلام من البرتغاليين، من بينهم الدكتور محمد لويس مادوريرا، وهو أستاذ رياضيات اعتنق الإسلام سنة 1983 م.

تنتمي كل الجمعيات البرتغالية التي ذكرناها إلى المذهب السني، ومعظم مؤسسيها من الوافدين. وتوجد مجموعة من الإسماعليين من أصول هندية. ومن جهة أخرى أُسس مركز الدراسات العربية في جامعة يابورة.

يظهر أن التنظيم الإسلامي في البرتغال، رغم أنه ابتدأ قبل إسبانيا، ظل متأخرًا عليه، إذ لا زالت معظم التجمعات في يد الوافدين بينما بقي البرتغاليون الراجعون إلى الإسلام أفرادًا في الجمعيات الإسلامية القائمة. غير أن هناك إرادة، خاصة في الجنوب، لتأسيس جمعيات إسلامية بين الراجعين إلى الإسلام شبيهة بالتي أسست في الأندلس.

أما جبل طارق فحوالي عشرة في المائة من سكانه الثلاثين ألف، مغاربة مسلمون، غير أنهم ليسوا مواطنين لجبل طارق، وبالتالي ليست لهم الحقوق الكاملة في المستعمرة، وأهمها حق الإقامة. فمعظمهم رجال دون عائلاتهم، كما أنهم يمتهنون أدنى المهن. ولهم مسجد في مقر سكناهم الذي هو قشلة قديمة بوسط البلدة، وهو عبارة عن مخزن كبير رتب كمسجد تديره جماعة التبليغ.

ويظهر أن الوجود الإسلامي في جبل طارق قديم، إذ ذكر مولانا الجد سيدي

محمد الزمزمي الكتاني في مذكراته عند زيارته لجبل طارق سنة 1934 م ما يلي: "وبهذا البلد اليوم من المسلمين جماعة قليلة، أجلهم الشرفاء مولاي أحمد ومولاي الهادي أولاد ابن عجيبة الذين يتجرون هناك في مصنوعات المغرب الوطنية، والذين كنا في ضيافتهم، ثم الشريف سيدي عبد السلام بن علال العمراني، ونحو العشرين آخرين من تطوان وطنجة وغيرهما، يبيعون البيض والخضر. وبها محل بدار القنصلية المغربية سابقًا، يدعى مسجدًا، وهو عبارة عن بيت صغير أمامه ميضة وبئر ومحل للوضوء، بقي بهذا الحال على ما كان عليه أيام المخزن والاستقلال المغربي، وأمامه أيضًا غرفة قد جلس بها اليوم فقيه يعلم ولد العمراني السابق الذكر القرآن. وهذا الشريف تعرفنا عليه واستدعانا لداره مرة، فذهبت إليه منفردًا رغمًا عما بينه وبين من نحن بضيافتهم من العداوة والمخاصمة".

ولا يظهر أن المسلمين تنظموا في جبل طارق حديثًا رغم وجود المصلى المذكور، ولا أن عددًا من مواطني جبل طارق عادوا إلى الإسلام.

ص: 351