الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1916 م اجتماعًا في لوزان (سويسرا) للقوميات التي ليست لها دول، حضرها ممثلون عن بريطانيا (الفرنسية) وسكوتلاندة، وقطلونية وأوسكادي. ثم تقدم إنفانتي وخوزي أندرس باسكس، باسم المؤتمر، لهيئة الأمم طالبين منها الاعتراف بالقومية الأندلسية.
وهكذا حاولت القومية الأندلسية إيجاد حلفاء لها داخل إسبانيا وخارجها. وقد كان لإنفانتي دور كبير في قرارات رندة حيث لخص الموقف السائد في المؤتمر بما يلي: "إن القوميين الأندلسيين لا يبتكرون شيئًا جديدًا: نحن نقتصر فقط على الاعتراف بوجود أمتنا كما صنفها تاريخنا".
وفي أواخر سنة 1918 م، خطب إنفانتي الآنسة أنغوستياس غارسيا بارياس، ابنة صديقه الخاندرو غارسيا، أديب من بلدة بنيافلور (مقاطعة إشبيلية)، وتزوجها في 9/ 2 / 1919 م في بيت أهل العروس ببلدة بنيافلور. وعارضت هذا الزواج عائلة أم العروس، إذ هم أحفاد أنطونيو بارياس كرة، رجل كاثوليكي صاحب مال وجاه، فلم يروا بعين الرضا زواج بنتهم بالعدل الأندلسي المعادي للكنيسة. ولكن والد العروس تغلب على تحفظات زوجه وأهلها. فكانت أنغوستياس نعم الزوج المساندة لزوجها في نضاله من أجل هوية الأندلس. واستقر إنفانتي بعد زواجه في إشبيلية.
8/ 5 - تطور الحركة الأندلسية: إسلام بلاس إنفانتي واستشهاده:
ومنذ سنة 1918 م واجتماعات "مجلس المقاطعات الأندلسية" في رندة، دخل إنفانتي اللعبة السياسية للتعريف بأفكاره القومية الأندلسية. فتقدم لانتخابات منطقة غسان - أشتبونة (مقاطعة مالقة) حيث توجد قشريش. فلم يفز في الانتخابات.
وفي يناير سنة 1919 م، شارك إنفانتي في اجتماع "المجلس الإداري الأندلسي" التأسيسي برئاسة القومي الأندلسي ديونيسو باستور الذي كان إنفانتي يكن له احترامًا كبيرًا. وانتهى الاجتماع بالاتفاق على "تخطيط نظري للقومية الأندلسية" كان له تأثير هام على مجرى الفكر القومي الأندلسي. ثم رجع إنفانتي إلى قرطبة لحضور "مجلس العلاقات بين المراكز الأندلسية" الذي انعقد في 23 - 25/ 3 / 1919 م.
وفي منتصف سنة 1919 م، تقدم إنفانتي لانتخابات مجلس النواب في مقاطعة غسان باسم "الديموقراطية الأندلسية". فهيأ لها أكثر من سابقتها، وأظهر فيها آراءه بوضوح، إذ قال في منشور انتخابي: "سيسترجع الشعب والفلاح الأندلسي أرضه، أراد الذين يعيشون من دم الأمة أم لم يريدوا؟ أراد ذلك الإقطاعيون وزعماء السوء
الذين يخاطرون حياة الأمة ويطردون جماهير الشعب الجائعة جسمًا وروحًا، الهاربة من ظلمهم، يشدها الجوع والألم، إلى الموانىء للهجرة، أم لم يريدوا". وقال في خطاب أمام أهالي غسان:"نريد حرية الأندلس، داخل اتحاد ايبيري، حتى تتمكن الأندلس من اختيار طريقة حياتها بنفسها واختيار طريق تقدمها دون أن يحكمها قانون أجنبي عنها وعن مصالحها". وهكذا قام إنفانتي ضد مصالح القوى المركزية التي كانت تقرر في مجريط من ينجح في الانتخابات عبر نفوذها المالي والإقطاعي.
ورسب إنفانتي مرة ثانية في هذه المحاولة الانتخابية.
ثم تقدم في نفس السنة لانتخابات أشبلية لـ 31/ 5 / 1919 م، إذ كون قبل ثلاثة أيام "الديموقراطية الأندلسية" كإئتلاف بين الجمهوريين الاتحاديين والقوميين الأندلسيين والاشتراكيين المستقلين. ولم يحصل إنفانتي سوى على 1.331 صوت، لكن غضبت عليه السلطة الحاكمة واليمين، واتهموه وأتباعه من القوميين الأندلسيين بالتآمر على أمن الدولة ووحدتها، وقرروا منعهم من دخول مجلس النواب بإطلاق الإشاعات الكاذبة ضدهم، وشراء ضمائر ضعفاء أتباعهم، والسخرية من مبادىء القومية الأندلسية.
ثم أسس إنفانتي في إشبيلية دار ومكتبة "أبانتي"(التقدم) للنشر، نشر فيها عدة كتب له، منها "كتاب الشاطىء"، و"هيئة الأمم"، و"ادعاء الأندلس أمام مؤتمر السلام" و"الدكتاتورية التعليمية" حول النظام الشيوعي والتعريف به، وأصبحت المكتبة بيتًا للأندلس، ومجمعًا للمثقفين القوميين، كما أسس "مركز الدراسات الأندلسية".
وفي سنة 1920 م، ظهر كتاب إنفانتي "المعتمد ملك إشبيلية الأخير". وهي قصة مسرحية تاريخية، عرّف إنفانتي عن طريقها بجذور الهوية الأندلسية الإسلامية، ودفع القارىء إلى التعاطف مع الإسلام والانتماء إلى حضارته، مما جعل المعتمد ابن عباد موضوع حب وأغاني في إشبيلية إلى يومنا هذا. وقد استند إنفانتي في مسرحيته على تاريخ أبي القاسم بترجمة "دوزي". تبتدىء المسرحية في "مراعي الفضة" بإشبيلية في يوم سوق من أيام الربيع في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي، وتنتهي عند قبر المعتمد ابن عباد في بلدة أغمات بالمغرب في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي.
وفي سنة 1921 م، ظهر كتابان لإنفانتي:"قصص الحيوانات". و"الاختيار والدين والأخلاق". أما الكتاب الأول فتحاكي قصص الحيوانات فيه أدوار البشر،
وتربط القارىء الأندلسي بأرضه، وتقوي محبته لها ورغبته في الدفاع عنها. أما الكتاب الثاني فلقد عبر إنفانتي فيه عن إيمانه بالله الواحد الخالق، الأول والآخر، وعن كراهيته لكل من يجعل نفسه وسيطًا بين الإنسان وخالقه، خاصة الكنيسة الكاثوليكية، إذ قال:"رائحة القداس تحطم شذا عطر الحقيقة"، وأن التنظيم الكنسي يتعارض مع مبدأ الإيمان. عبر بذلك إنفانتي في الكتاب عن مبادىء إسلامية في عمقها، ورثها عن أجداده عبر قرون الاضطهاد، كما ورثها أفراد أمته الأندلسية، فأصبحت عنصرًا مهمًّا من عناصر الهوية الأندلسية.
وكانت سنة 1921 م سنة أمل للقوميين الأندلسيين رغم الأوضاع السياسية المضطربة في مجريط. فانتشرت "المراكز الأندلسية" في المدن والقرى، وانتشر معها الفكر الأندلسي في المجالات الثقافية والاجتماعية، بينما ضعفت الحركة السياسية.
وتحمس إنفانتي في هذه الحقبة إلى عدة مشاريع: "مجلس الشيوخ البيتيقي" كهيئة لوحدة الأندلس الثقافية والاجتماعية؛ و"أكاديمية قومية" حقيقية في الأندلس للآداب والعلوم والفنون؛ ونفق يربط المغرب بالأندلس عبر مضيق جبل طارق. ثم فكر إنفانتي في إنشاء مركز نشر عربي إسباني، ومركز نشر جهوي إسباني أمريكي، ومركز أندلسي سينمائي. وبصفة عامة، فكر إنفانتي في إنشاء روابط ثقافية قوية تربط الأندلسيين بعضهم البعض، وبالمغرب ذي الثقافة الإسلامية، وبأمريكا الجنوبية ذات الثقافة الأندلسية.
وفي سنة 1923 م، سافر إنفانتي وزوجه إلى بيت أخيه في مجريط حيث كان والده مريضًا، فتوفي أثر مرضه. ألحت العائلة على بلاس بالبقاء في مجريط خوفًا عليه من الرجوع إلى إشبيلية، وقد ساءت الأحوال السياسية فيها، وأصبحت الدكتاتورية وشيكة. وكانت زوجة بلاس إنفانتي قد ضاقت من نشاطه السياسي، وأرادت أن يهتم أكثر بعائلته. وافق إنفانتي على الانتقال من إشبيلية بعد أن سيطر على الحكم الديكتاتوري الجنرال بريمو دي ريبيرا (الذي كان أندلسيًّا) في 13/ 9 / 1923 م، لكنه أصر على البقاء في الأندلس. فنقل عمله كموثق عدل، في أواخر سنة 1923 م، من قطنيانة (مقاطعة إشبيلية) إلى إيسلا كريستينا (مقاطعة ولبة)، قرب حدود البرتغال.
قضت الدكتاتورية على الحريات بما فيها حرية التعبير، وأقفلت "المراكز
الأندلسية"، واتهمت القوميين الأندلسيين بمقاومة الدولة، وأسكتت القوى المعادية
للكنيسة والقوى اليسارية. فانسحب إنفانتي من العمل السياسي، ونصح أتباعه بذلك، ورفض المشاركة في المؤسسات الأندلسية الكاذبة التي أسسها النظام، وجعلها في يد اليمينيين. وركز إنفانتي على التفكير في مصير الأندلس، وفي جذور الهوية الأندلسية.
فأدت هذه الحقبة إلى تحول هام في حياته، وبالتالي في مسار الحركة الأندلسية.
ففي 15/ 9 / 1923 م، في ذروة معارك الريف، قرر إنفانتي زيارة قبر المعتمد ابن عباد في أغمات بالمغرب، رغم المخاطر. فصحبه رجل اسمه بيدال، وموسى بن عبد المؤمن، ترجمان مسلم من وهران. وصل إنفانتي إلى أغمات، وزار قبر الأمير الأندلسي، وشعر بانطواء الزمن، وحلم برهة وكأن سنين الآلام لم تكن، ولم يكن اضطهاد للشعب الأندلسي، ولا قُضي على شخصيته ودينه ولغته وهويته وأرضه وكرامته وعرضه وشرفه، ولم تكن هناك لا قشتالة ولا كنيسة. وتعرف إنفانتي في أغمات على بعض أبناء الأندلس، منهم عمر الدكالي ورجل ينحدر من بني الأحمر، فأشهر بلاس إنفانتي على يديهما إسلامه، وبكى من عظمة اللحظة، فأهداه صديقاه جلبابًا وخنجرًا، هديتين رمزيتين ظلتا مع بلاس إنفانتي إلى آخر حياته، الأولى إعادة لما عمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، بإعطاء برده عليه السلام إلى كعب بن زهير عندما قال: إن الرسول لنور يستضاء به
…
مهند من سيوف الله مسلول والثانية شعارًا للنضال الذي ينتظر إنفانتي من أجل تحرير الشعب الأندلسي من الشتات والضياع والمسخ الثقافي والحضاري، وإرجاعه إلى أصالته وينابيعها الإسلامية. وحاول إنفانتي بعد إسلامه ربط الحركة الأندلسية بالحركات الإسلامية والعربية.
ابتدأ إنفانتي، عند رجوعه إلى إيسلا كريستينا بكتابة "جذور الفلامنكو وأسرار الكانتي هوندو". وهو كتاب برهن فيه عن الجذور الإسلامية للأغنية "الفلامنكية" و"الهوندية"، وأنها تعبير لآلام وصيحات الشعب الأندلسي المظلوم أمام إرهاب محاكم التفتيش وتسلط الدولة الإسبانية. وبهذا يكون "الفلامنكو" و"الكانتو هوندو" خيطين من خيوط الهوية الأندلسية التي تربط حاضر الأندلس التعس بماضيها المجيد.
وفي صيف سنة 1925 م، رجع إنفانتي مع زوجه إلى منطقة قشريش حيث قضى الصيف مع شقيقه وأهله ووالدتهما. ومرت السهرات في وسط عائلي في الحديث عن الأندلس وأمجادها حول كؤوس القهوة. أما الخمر فلم يكن بلاس إنفانتي يشربه قط، كما كان تام الاستقامة في حياته الخاصة، لا يعرف عنه أي زيغ.
وفي صيف سنة 1926 م، التحق ببلاس إنفانتي في إيسلا كريستينا شقيقه وأبناء أخواله فرانسسكو سالاس وليوكارديو بريز دي بركاش وأخت سالاس مع زوجها الجنرال سانتالا. فذهب الجميع في رحلة سياحية على مشارف وادي يانه يتذكرون أحاديث الصبا، وكلها تدور حول الأندلس وتاريخها. ويعتقد الدارسون لحياة بلاس إنفانتي أنه ورث حبه للأندلس عن أمه وأهلها، وهي التي كانت تقص عليه في صباه مآسي أجدادها المورسكيين، وعظمة الأندلس القديمة، وتضحيات الثورات الإسلامية الرافعة للأعلام الخضراء والبيضاء، وثورة طاهر الحر. فبقيت تلك الأحاديث عالقة بذهنه، كما بقيت مثيلاتها عالقة بأذهان الملايين من مواطنيه الأندلسيين.
وفي 28/ 5 / 1928 م ازدادت لبلاس إنفانتي وزوجه، "لويزا خنيزا" ابنتهما الأولى، ثم "مارية"(4/ 8 / 1930 م) و"الكريا"(24/ 9 / 1935) و"لويس بلاس"، ابنه الوحيد (26/ 11 / 1931 م).
وفي سنة 1929 م، اتصل إنفانتي في جليقية بزعماء حركتها القومية المجتمعين حول جريدة "نوس"، كما ظل على صلة بزعماء الحركة القومية القطلانية. ومنذ هذه السنة أخذ إنفانتي يكتب رسائل إلى صديقيه "فرانسسكو شيكو كانكا" و"رفائيل أشوا بيلا" حول مبادىء القومية الأندلسية، وإمكانية الرجوع إلى الحركية بعد انتهاء الدكتاتورية المتوقع. أظهرت هذه "الرسائل الأندلسية" تحولاً جديدًا لفكر إنفانتي إلى وضوح أكبر، وخططت لمسار القومية الأندلسية بعد سنة 1931 م. ومن أقواله فيها:"إن المسؤولية متساوية للجميع أمام الهدف المشترك، لكل واحد حسب مقدوره وكفاءته. يختار كل واحد نضاله بحرية في أعمال مختلفة كل حسب ميوله. نريد أن نؤسس أمة". ثم يقول: هدفنا هو "تحرير الشعب الأندلسي روحيًّا واقتصاديًّا".
وفي سنة 1930 م، انتهت الدكتاتورية. فأخذ إنفانتي يفكر في الرجوع إلى إشبيلية وإعادة تنظيم المراكز الأندلسية على أسس جديدة. فنقل عمله كموثق عدل إلى بلدة قورية بالقرب من إشبيلية.
وفي سنة 1931 م، أسس إنفانتي "مجلس الأندلس التحرري" عوضًا عن المراكز الأندلسية القديمة. وكان نشاط سياسي أكبر منها دون أن يكون حزبًا جديدًا.
وفضل إنفانتي الدخول في حزب يسهل المبادىء الأندلسية دون أن يكون أندلسيًّا.
فانضم إلى "الحزب الجمهوري الاتحادي"، وتقدم باسمه للانتخابات التشريعية في
قرطبة وإشبيلية، بعد إعلان الجمهورية، مستعملاً برنامجه الثوري الأندلسي. فألح في خطبه على ضرورة الرجوع إلى الأصالة الأندلسية، ومجد بجامعة قرطبة الإسلامية التي علمت أوروبا كلها الحضارة والتمدن، وطالب الأندلسيين باستعادة الهوية والتاريخ والأرض، وطالب بإزاحة هيمنة الكنيسة على الدولة والتفريق بينهما. كما طالب بحرية التعليم ومجانيته. وهاجم الكنيسة التي عد من أكبر جرائمها طردها للمسلمين الأندلسيين، وقضاءها بذلك على "زهرة ما تبقى من ثقافتنا". ثم هدد، إذا لم تستجب الحكومة المركزية لمطالب الشعب الأندلسي، بإعلان الجمهورية الأندلسية، "والدفاع عنها ولو أدى ذلك إلى استشهادنا، لإنهاء الاستعمار الخبيث الذي قضى على الأندلس كشعب شرقي". ورفض إنفانتي الانضمام إلى الشيوعية أو التعامل معها لإيمانه بالإله الواحد الأحد، وأخذ إنفانتي في هذه الحقبة يذكر أمجاد الأندلس القديمة في خطبه، ونضال المسلمين الأندلسيين، بما فيهم المورسكيين، وعظمة مسجد قرطبة الأعظم وقصر الحمراء، ويطالب بتحرير الناس والقلوب والثقافة والأرض والاقتصاد. كلام خطير حينذاك.
وفي أبريل سنة 1930 م، انعقد في دهلي بالهند مؤتمر "الشعوب التي لا دول لها"، شارك فيه عن القوميين الأندلسيين الشاعر الأندلسي المسلم آبل قدرة، الذي بيّن في خطبته للحاضرين أن نضال تحرير الأندلس هو جزء من نضال شعوب آسيا وإفريقيا المغلوب على أمرها، وأبان أن جذور القومية الأندلسية هي الإسلام، وقال: "والإسلام هو الدوام؛ ماذا بقي لنا من الإسلام؟ بقي لنا الشعور بقوة الله وتوازنها.
فالإسلام ليس روحانية فقط، بل هو حركية كذلك؛ وإذا كان نبوة، بل رسالة، فهي ليست تنبؤًا للمستقبل، بل تخطيطًا لمستقبل أفضل عبر الجهاد المتواصل؛ والدوام ليس فكرة فقط، بل هو عقيدة؛ وهذه العقيدة هي تجربتنا تجربة الأندلس أيام عزها؛ نحن في المجلس الثوري قضاة ضد الجريمة التي ضحيتها القدس، قضاة ضد جرائم الغرب ضد أرض هي شرقية أساسًا: أرض الأندلس".
وقال آبل قدرة في خطابه المذكور، منذرًا بقرب انبعاث إسلامي في الأندلس، مشيرًا إلى المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في القدس بفلسطين، ما يلي: "وعندما سُأل أحدهم في المؤتمر الإسلامي الذي انعقد سابقًا عن ديوان الأندلسيات الذي يرمز إلى نضال الأرض، كان الجواب فمن نحن؟ وإلى من ننتمي؟ فكالشيعي الذي يتحرق دائمًا على قبر الحسين، نحن في قلوبنا حرقة تسمى الأندلس
…
الأندلس
…
شرقية في
أقصى الغرب. الأندلس ليست أوروبا، فأوروبا هي أوروبا
…
والأندلس مستعمرتها؛
…
ويجب أن نعرف كيف نوازي تجربتنا الفلسطينية بتجربتنا العظيمة الزكية الأندلسية".
ثم التقى إنفانتي بالحركات التحررية العربية عبر مجلة "الأمة العربية"(لاناسيون آراب) في جنيف (سويسرا) التي كان ينشرها الأمير شكيب أرسلان وإحسان الجابري.
هذه أفكار إنفانتي والقوميين الأندلسيين الواضحة بعد عشرينات القرن العشرين الميلادي: هوية الأندلس إسلامية، وليست غربية، مما دفع أعداءهم إلى رميهم بالاتهامات المتواصلة. فبسبب دخول بعض الطيارين مع إنفانتي في انتخابات إشبيلية، اتهمت الحكومة المركزية الحركة الأندلسية بالقيام بمؤامرة ضد أمن الدولة فيما يسمى بـ "مؤامرة طبلاتة"(وطبلاتة قاعدة جوية في الأندلس). فأوقفت الحكومة الحملة الانتخابية الأندلسية، وأمرت مدير عام الحرس المدني بإلقاء القبض على زعماء الحركة الأندلسية بتهمة التآمر للقيام بثورة وإعلان الجمهورية الأندلسية. فقبض مدير عام الحرس المدني على بعض ضباط طبلاتة، وعندما لم يجد دليلاً على اتهامات الحكومة أطلق سراحهم. ورد إنفانتي على هذه الاتهامات في كتاب سماه "بيان حقيقة حول مؤامرة طبلاتة ودولة الأندلس الحرة". وكانت "مؤامرة طبلاتة" في الحقيقة مؤامرة حكومية، تلاعبت بعدها الحكومة بأوراق الاقتراع لمنع القوميين من النجاح في الانتخابات. ورغم ذلك حصل إنفانتي في إشبيلية على 7.800 صوت، وفي مقاطعتها على 5.955 صوت.
وفي سنة 1932 م، ركزت "مجالس الأندلس التحررية" عملها في كتابة مشروع "دستور حكم ذاتي للأندلس". وفي 29 - 31/ 1 / 1933 م، اجتمعت في قرطبة مجالس المدن والقرى المختلفة برئاسة خوزي أندرس باسكس للوصول إلى مشروع نهائي، وكونوا "مجلس الحركة الأندلسية" لتطبيق قرارات قرطبة لسنة 1933 م. وفي نوفمبر سنة 1933 م، تقدم إنفانتي صحبة إدواردو أورتيقة أي كاسي لانتخابات مقاطعة مالقة كقومي أندلسي مستقل، فلم يحصل على أصوات كافية. ولم يكن ذلك هدفه، بل كان هدفه التعريف بمبادئه عبر الحملة الانتخابية. وفي نفس السنة بنى إنفانتي بيتًا في قورية ذا طابع أندلسي سماه باسم عربي "دار الفرح".
ولم تتحرك الحركة الأندلسية طوال سنة 1935 م بسبب مقاومة اليمين واليسار لها. وتابع إنفانتي كتاباته: "حكم منتخب جديد" و"الكتاب" و"السفر إلى النهاية"
و"التضامن والانفصال". واجتمع إنفانتي في هذه السنة في إشبيلية ببريمو دي ربيرا.
الدكتاتور السابق، وكانت نتائج الاجتماع سلبية.
حاول رئيس مجلس الأندلس التحرري في إشبيلية، بعد انتخابات فبراير سنة 1936 م، تطبيق قرارات قرطبة. وفي 6/ 7 / 1936 م، انتخب المجلس إنفانتي رئيسًا له. وفي الأسبوع التالي، حضر إنفانتي اجتماعًا أندلسيًّا في قادس رفع فيه العلم الأندلسي (الأخضر والأبيض) على بلديتها. وفي 14/ 7 / 1936 م، رفع العلم الأندلسي في اجتماع مماثل على مبنى بلدية إشبيلية. وفي 18/ 7 / 1936 م، انفجرت الحرب الأهلية الإسبانية. وفي يوم الأحد 2/ 8 / 1936 م، هجمت فرقة من الكتائب التابعة لفرانكو على إنفانتي في "دار الفرح" وساقته إلى إشبيلية، حيث سجنته.
وحاولت زوجه مع خالها بدرو بارياس كونسالس، حاكم إشبيلية، إنقاذه، دون جدوى بل سيق إنفانتي إلى سينما خاوركي. وفي فجر يوم الاثنين 10/ 8 / 1936 م، سيق إلى طريق قرمونة وأعدم رميًا بالرصاص، فمات شهيدًا رحمه الله وهو يصرخ مرتين "عاشت الأندلس حرة! ".