الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى.. الر. تلك آيات الكتاب المبين
هذه السّورة مكِّيّة بالاتِّفاق. وعدد آياتها مائة وإِحدى عشرة، بلا خلاف. وكلماتها أَلْف وسبعمائة وستّ وسبعون. وحروفها سبعة آلاف ومائة وست وستُّون. وما فيها آية مختلف فيها.
مجموع فواصل آياتها يجمعها قولك (لم نر) . منها آية واحدة على الَّلام: {قَالَ الله على مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} . وما لها اسم سوى سورة يوسف؛ لاشتمالها على قصّته.
مقصود السّورة إِجمالاً: عَرْض العجائب الَّتى تتضمّنها: من حديث يوسف ويعقوب، والوقائع الَّتى فى هذه القصّة: من تعبير الرّؤْيا، وحَسَد الإِخْوة، وحِيلهم فى التفريق بينه وبين أَبيه، وتفصيل الصّبر الجميل من جهة يعقوب، وبشارة مالك بن دعر بوجْدان يوسف، وبيْع الإِخوة أَخاهم بثمن بَخْس، وعَرْضه على البيع والشراءِ، بسُوق مصر، ورغبة زَلِيخَا وعزيز مصر فى شراه، ونظر زَلِيخَا إِلى يوسف، واحتراز يوسف منها، وحديث رؤية البرهان، وشهادة الشاهد، وتعيير
النسوة زَليخا، وتحيّرهنّ فى حسن يوسف، وجماله، وحبسه فى السّجن، ودخول السّاقى والطَّبّاخ إِليه، وسؤالهما إِيّاه، ودعوته إِيَّاه إِلى التَّوحيد، ونجاة السّاقى، وهلاك الطَّبّاخ، ووصيّة يوسف للسّاقى بأَن يذكره عند رَبّه، وحديث رؤيا مالك بن الرّيان، وعجز العابرين عن عبارته، وتذكُّر السّاقى يوسف، وتعبيره لرؤياه فى السّجن، وطلب مالك يوسف، وإِخراجه من السّجن، وتسليم مقاليد الخزائن إِليه، ومَقْدَم إِخوته لطلب المِيرة، وعهد يعقوب مع أَولاده، ووصيّتهم فى كيفيّة الدّخول إِلى مصر، وقاعدة تعريف يوسف نفسه لبنيامين، وقضائه حاجة الإِخوة، وتغييبه الصّاع فى أَحمالهم، وتوقيف بنيامين بعلَّة السّرقة، واستدعائهم منه توقيف غيره من الإِخوة مكانه، وردّه الإِخوة إِلى أَبيهم، وشكوى يعقوب من جَوْر الهجْران، وأَلم الفراق، وإِرسال يعقوب إِيّاهم فى طلب يوسف، وأَخيه، وتضرّع الإِخْوة بين يَدىْ يوسف، وإِظهار يوسف لهم ما فعلوه معه من الإِساءَة وعفوه عنهم، وإِرساله بقميصه صحبتهم إِلى يعقوب، وتوجُّه يعقوب من كَنْعَان إِلى مصر، وحوالة يوسف ذَنْب إِخوته على مكايد الشيطان، وشكره لله تعالى على ما خوّله من الْمُلْك، ودعائه وسؤاله حسن الخاتمة، وجميل العاقبة، وطلب السّعادة، والشَّهادة، وتعيير الكفَّار على الإِعراض من الحجّة، والإِشارة إِلى أَنّ قصة يوسف
عِبْرة للعالمين فى قوله: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الألباب} إِلى آخر السّورة.
وهذه السّورة ليس فيها ناسخ ولا منسوخ.
المتشابهات: قوله: {إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ليس فى القرآن غيره أَى عليم: علَّمك تأويلَ الأَحاديث، حكيم: اجتباك للرّسالة.
قوله: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} فى موضعين، وليس بتكرار؛ لأَنَّه ذكر الأَوّل حين نُعِى إِليه يوسف، والثَّانى حين رُفع إِليه ما جرى على بنيامين.
قوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً} ومثلها فى القصص. وزاد فيها (واستوى) ؛ لأَنَّ يوسف عليه السلام أُوحى إِليه وهو فى البئر، وموسى عليه السلام أُوحى إِليه بعد أَربعين سنة. وقوله (واستوى) إِشارة إِلى تلك الزِّيادة. ومثله {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} بعد قوله:{حتى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ} .
قوله: {مَعَاذَ الله} هنا فى موضعين، وليس بتكرار؛ لأَنَّ الأَوّل ذكره حين دعته إِلى المواقعة، والثانى حين دُعى إِلى تغيير حكم السّرقة.
قوله: {قُلْنَ حَاشَ للَّهِ} فى موضعين: أَحدهما فى حضرة يوسف، حين نَفَين عنه البشرية بزعمهنَّ، والثانى بظهر الغَيب حين نَفَين عنه السّوءَ.
قوله: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين} (فى موضعين) ليس بتكرار؛ لأَنَّ الأَوّل من كلام من صاحبى السّجن ليوسف، والثانى من كلام إِخوته له.
قوله: {ياصاحبي السجن} فى موضعين: الأَوّل ذَكَره يوسف حين عدل عن جوابهما إِلى دعائهما إِلى الإِيمان. والثانى حين عاد إِلى تعبير (رؤياهما) ؛ تنبيهاً على أَنَّ الكلام الأَوّل قد تمّ.
قوله: {لعلي أَرْجِعُ إِلَى الناس لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} كرّر (لعلِّى) مراعاةً لفواصل الآى. ولو جاءَ على مقتضى الكلام لقال: لعلىّ أَرجع إِلى النَّاس فيعلموا، بحذف النون على الجواب. ومثله فى هذه السّورة سواءً قوله:{لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا انقلبوا إلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أَى لعلَّهم يعرفونها فيرجعوا.
قوله: {وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجِهَازِهِمْ} فى موضعين: الأَوّل حكاية عن
تجهيزه إِيّاهم أَوَّل ما دخلوا عليه. والثانى حين أَرادوا الانصراف من عنده فى المرّة الثانية. وذكَرَ الأَوّل بالواو؛ لأَنَّه أَوّل قَصَصهم معه، والثَّانى بالفاءِ، عطفاً على {وَلَمَّا دَخَلُواْ} وتعقيباً له.
قوله: (تالله) فى ثلاثة مواضع: الأَوّل يمين منهم أَنهم ليسوا سارقين، وأَنَّ أَهل مصر بذلك عالمون، والثَّانى يمين منهم أَنَّك لو واظبت على هذا الحزن والجَزَع تصير حَرَضاً، أَو تكونُ من الهالكين، والثالث يمين منهم أَنَّ الله فضَّله عليهم، وأَنَّهم كانوا خاطئين.
قوله: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ} وفى الأَنبياءِ {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ} بغير (مِن) لأَن (قبل) اسم للزَّمان السّابق على ما أُضيف إِليه، و (مِن) يفيد استيعاب الطَّرفين، وما فى هذه السّورة للاستيعاب. وقد يقع (قبل) على بعض ما تقدم؛ كما فى الأَنبياءِ، وهو قوله:{مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ} ثم وقع عقِبه {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ} فحذف (مِن) لأَنَّه هو بعينه.
قوله: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض} بالفاءِ. وفى الروم والملائكة بالواو؛ لأَنَّ الفاءَ يدلّ على الاتِّصال والعطف، والواو يدلّ على العطف المجرّد. وفى هذه السّورة قد اتَّصلت بالأَوّل؛ كقوله تعالى:{وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَاّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ القرى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ} حال مَن كذَّبهم وما نزل بهم، وليس كذلك فى الرّوم والملائكة.
قوله: {وَلَدَّارُ الآخرة خَيْرٌ} بالإِضافة، وفى الأَعراف {والدار الآخرة خَيْرٌ} على الصّفة؛ لأَنَّ هنا تقدّم ذكرُ السّاعة، فصار التقدير: ولدار السّاعة الآخرة، فحذف الموصوف، وفى الأَعراف تقدّم قوله:{عَرَضَ هاذا الأدنى} أَى المنزل الأَدنى، فجعله وصفاً للمنزل، والدّار الدّنيا والدّار الآخرة بمعناه، فأُجْرى مُجْراه. تأَمّل فى السّورة فإِنَّ فيها برهان أَحسنِ القصص.
فضل السّورة
لم يرد فيه سوى أَحاديث واهية. منها حديث أُبىّ: علِّموا أَرقّاءَكم سورة يوسف؛ فإِنَّه أُيُّما مسلمٍ تلاها وعلَّمها أَهلَه، وما ملكت يمينه، هوّن الله عليه سَكَرَات الموت، وأَعطاه القوّة أَلَاّ يحسُد مسلماً، وكان له بكلّ
رقيق فى الدّنيا مائةُ أَلف أَلف حسنة، ومثلها درجة، ويكون فى جوار يوسف فى الجنَّة. ثمّ قال: تعلَّموها وعلِّموها أَولادكم؛ فإِنَّه مَنْ قرأَها كان له من الأَجر كأَجر مَن اجتنب الفواحش، وأَجر من غضَّ بصره عن النظر إِلى الحرام. وقال: يا علىّ مَنْ قرأَ سورة يوسف تَقَبّل الله حسناته، واستجاب دعاءَه، وقضى حوائجه وله بكلّ آية قرأَها ثواب الفقراءِ.