الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى.. الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب
السّورة مكِّيّة بالاتِّفاق. وعدد آياتها مائة وعشر عند الكوفيين، وست عند الشَّاميّين، وخمس عند الحجازيّين، وإِحدى عشرة عند البصريّين. وكلماتها أَلف وخمسمائة وتسع وسبعون. وحروفها ستَّة آلاف وثلثمائة وستّ.
المختلف فيها إِحدى عشرة آية {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} {إِلَاّ قَلِيلٌ} {ذلك غَداً} {زَرْعًا} {مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً} {هاذه أَبَداً} {عِنْدَهَا قَوْمًا} {فَأَتْبَعَ سَبَبًا} ذرّيّته (فى) موضع {الأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً} .
فواصل آياتها على الأَلف. وسُمّيت سورة الكهف؛ لاشتمالها على قصّة أَصحاب أَهل الكهف بتفصيلها.
مقصود السّورة مجملاً: بيانُ نزول القرآن على سَنَن السّداد، وتسلية النَّبىّ صلى الله عليه وسلم فى تأخّر الكفَّار عن الإِيمان، وبيان عجائب حديث الكهف، وأَمر النَّبىّ صلى الله عليه وسلم بالصّبر على الفقراءِ، وتهديد الكفَّار بالعذاب، والبلاءِ، ووعد المؤمنين بحسن الثَّواب، وتمثيل حال المؤمن والكافر بحال الأَخوين الإِسرائيليّين، وتمثيل الدنيا بماء السّماءِ ونبات الأَرض، وبيان أَنَّ الباقى من الدّنيا طاعةُ الله فقط، وذكر أَحوال القيامة، وقراءَة الكُتُب، وعَرْض الخَلْق على الحقِّ، وإِباءُ إِبليس من السّجود، وذلّ الكافر ساعة دخولهم النار، وجدال أَهل الباطل مع المحقِّين الأَبرار، والتخويف بإِهلاك الأُمم الماضية وإِذلالهم، وحديث موسى ويوشَع وخَضِر، وعجائب أَحوالهم، وقصّة ذى القَرْنيْن، وإِتيانه إِلى المشرقين والمغربين، وبنيانه لسدّ يأجوج ومأجوج، وما يتَّفق لهم آخر الزمان من الخروج، وذكر رحمة أَهل القيامة، وضياع عمل الكفر، وثمرات مساعى المؤمنين الأَبرار، وبيان أَن كلمات القرآن بحور علم: لا نهاية لها، ولا غاية لأَمَدِهَا، والأَمر بالإِخلاص فى العمل الصّالح أَبداً، فى قوله:{فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً} .
الناسخ والمنسوخ:
أَكثر المفسّرين على أَنَّ السّورة خالية من الناسخ والمنسوخ. وقال قتادة:
فيه آية م {فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ} ن {وَمَا تَشَآءُونَ إِلَاّ أَن يَشَآءَ الله} .
المتشابهات:
قوله: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} بغير واو {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} بزيادة واو. وفى هذا الواو أَقوال أَحدها أَنَّ الأَول والثانى وصفان لما قبلهما، أَى هم ثلاثة رابعهم كلبهم. وكذلك الثانى أَى هم خمسة سادسهم كلبهم. والثالث عطف على ما قبله، أَىّ هم سبعة، ثمّ عطف عليهم {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} . وقيل: كلّ واحد من الثلاثة جملة، وقعت بعدها جملة فيها عائد يعود منها إِليها. فأَنت فى إِلحاق واو العطف وحذفها بالخِيار. وليس فى هذين القولين ما يوجب تخصيص الثالث بالواو. وقال بعض النَّحويّين: السّبعةُ نهاية العدد، ولهذا كَثُر ذكرها فى القرآن والأَخبار، والثَّمانية تَجْرى مَجْرى استئناف كلام. ومن هاهنا لقَّبه جماعة من المفسّرين بواو الثمانية. واستدلُّوا بقوله سبحانه:{التائبون} الآية وبقوله: {مُسْلِمَاتٍ}
الآية وبقوله: {وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} ولكلّ واحدة من هذه الآيات وجوه ذكرت فى مباسيط التفسير. وقيل: إِنَّ الله تعالى حكى القولين الأَوّلين، ولم يرتضهما، وحكى القول الثَّالث فارتضاه. وهو قوله:{وَيَقُوْلُوْنَ سَبْعَةٌ} ثمّ استأَنف فقال: {وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} . ولهذا قال: عقيب الأَوّل والثَّانى {رَجْمًا بِالْغَيْبِ} ولم يقل فى الثالث. فإِن قيل: وقد قال فى الثالث: {قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم} فالجواب تقديره: قل ربِّى أَعلم بعدتهم وقد أَخبركم أَنَّهم سبعة وثامنهم كلبهم؛ بدليل قوله تعالى: {مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَاّ قَلِيلٌ} . ولهذا قال ابن عباس: أَنا من ذلك القليل. فعدّ أَسماءَهم. وقال بعضهم الواو فى قوله: {وَيَقُوْلُوْنَ سَبْعَةٌ} يعود الى الله تعالى، فذكر بلفظ الجمع؛ كقوله إِنَّا وأَمثاله. هذا على سبيل الاختصار.
قوله: {وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي} وفى حم: {وَلَئِن رَجِعْتُ إلى رَبِّي} لأَن الرَّد عن شىء يتضمن كراهة المردود، ولما كان [ما فى الكهف تقديره: ولئن رددت عن جنَّتى التى أَظنّ أَنها لا تبيد أَبدا إِلى ربى، كان لفظ الرد الذى يتضمن الكراهة أَولى، وليس فى حم ما يدل على كراهة، فذكر بلفظ الرَجْع ليأْتى لكل مكان ما يليق به.
قوله: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بآيات رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا} [وفى السجدة {ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا} ] لأَن الفاء للتعقيب وثم للتراخى. وما فى هذه السورة فى الأَحياء
من الكفار، أَى ذُكِّروا فأَعرضوا عقيب ما ذكِّروا، ونَسُوا ذنوبهم، و [هم] بعدُ متوقَّع منهم أَن يؤمنوا. وما فى السّجدة فى الأَموات من الكفار؛ بدليل قوله:{وَلَوْ ترى إِذِ المجرمون نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ} أَى ذُكّروا مرَّة بعد أُخرى، وزماناً بعد زمان [بآياتِ ربِّهم] ثم أعرضوا عنها بالموتِ، فلم يؤمنوا، وانقطع رجاءُ إِيمانهم.
قوله: {نَسِيَا حُوتَهُمَا فاتخذ سَبِيلَهُ فِي البحر} والآية الثالثة {وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البحر} لأَنَّ الفاءَ للتعقيب والعطف، فكان اتخاذ الحوت السّبيلَ عقيب النِّسيان، فذكِر بالفاءِ [و] فى الآية الأُخرى لمَّا حيل بينهما بقوله:{وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلَاّ الشيطان أَنْ أَذْكُرَهُ} زال معنى التعقيب وبقى العطف المجرّد، وحرفه الواو.
قوله: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً} وبعده {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْرًا} لأَنَّ الإِمْر: العَجَب، والعجب يستعمل فى الخير والشرِّ، بخلافِ النُّكر؛ لأَنَّ النُّكْر ما ينكِره العقلُ، فهو شرّ، وخَرْق السفينة لم يكن معه غَرق، فكان أَسهل من قتل الغلام وإِهلاكِه، فصار لكلِّ واحد معنى يخصّه.
قوله: {أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ} وبعده {أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ} لأَنَّ الإِنكار فى الثانية أَكثر. وقيل: أَكَّد التقرير الثَّانى بقوله (لك) كما تقول لمن توبّخه:
لك أَقول، وإِيَّاك أَعنى: وقيل: بيّن فى الثّانى المقولَ له، لمّا لم يبيّن فى الأَوّل.
قوله فى الأَوّل: {فَأَرَدْتُّ} ، وفى الثَّانى:{فَأَرَدْنَا} وفى الثالث: {فَأَرَادَ رَبُّكَ} ؛ لأَنَّ الأَوّل فى الظاهر إِفساد، فأَسنده إِلى نفسه، والثَّالث إِنْعام محض، فأَسنده إِلى الله عز وجل. وقيل: لأَنَّ القتل كان منهُ، وإِزهاق الرّوح كان من الله عز وجل.
قوله: {مَا لَمْ تَسْتَطِعْ} جاءَ فى الأَوَّل على الأَصل، وفى الثانى {تَسْطِعْ} على التخفيف؛ لأَنَّه الفرع.
قوله: {فَمَا اسطاعوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا استطاعوا لَهُ نَقْباً} اختار التخفيف فى الأَوّل؛ لأَنَّ مفعوله حرف وفعل وفاعل ومفعول، فاختير فيه الحذف. والثَّانى مفعوله اسم واحد، وهو قوله (نَقْبَا) وقرأَ حمزة بالتَّشديد، وأَدغم التَّاءَ فى الطَّاءِ. وقرئ فى الشَّواذِّ: فما أَسطاعوا بفتح الهمزة. ووزنه
أَسفعلوا ومثله أَهْراق ووزنه أَهْفَعل، ومثلها استخَذَ فلان أَرضاً، أَى أَخذ، ووزنه اسفعل وقيل: استعل، من وجهين. وقيل: السّين بدل من التَّاءِ، ووزنه افتعل.
فضل السُّورة
لم يُذكر فيها سوى أَحاديث واهية، وحديثٍ صحيح. أَما الحديث الصَّحيح فقوله صلى الله عليه وسلم "من حفظ عشر آيات من أَوّل الكهف عُصِمَ من الدجَّال" وفى لفظ: مَنْ قرأَ عشر آيات من سورة الكهف حِفظاً لم يضره فتنةُ الدجال، ومن قرأَها كلَّها دخل الجنَّة. والأَحاديث الواهية، منها: أَلا أَدلُّكم على سورة شَيعها سبْعون أَلف مَلكم حتى نزلت، ملأَ عِظَمها بين السّماءِ والأَرضِ. قالوا: بلى يا رسول الله قال: هى سورة أَصحاب الكهف. من قرأَها يوم الجمعة غُفِرَ له إِلى الجمعة الأُخرى وزيادة ثلاثة أَيّام، ولياليها مثل ذلك، وأَعطى نوراً يبلغ السّماء، ووُقى فتنة الدَّجّال. وعن جعفر: من قرأَ هذه السّورة فى كلِّ ليلة جمعة لم يمت إِلَاّ شهيداً وبُعث مع الشهداءِ، ووقف يوم القيامة معهم، ولا يصيبه آفة
الدَّجَّال. وروى أَنَّ مَنْ قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أَشركه الله فى ثواب أَصحاب الكهف؛ لأَنهم وجدوا الولاية يوم الجمعة، وأَحياهم يوم الجمعة، واستجاب دعاءَهم يوم الجمعة، والسَّاعة تقومُ يوم الجمعة، وقال: يا علىّ مَنْ قرأَ سورة الكهف فكأَنَّما عبد الله عشرة آلاف سنة، وكأَنَّما تصدّق بكلِّ آية قرأَها بأَلف دينار.