الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى.. ألر. تلك آيات الكتاب وقرآن مبين
السّورة مكِّيّة إِجماعاً. وعدد آياتها تسع وتسعون بلا خلاف. وكلماتها ستّمائة وأَربع وخمسون. وحروفها أَلفان وسبعمائة وستون.
ومجموع فواصل آياتها (مِلْن) على اللَاّم منها آيتان: {حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ} ، {فاصفح الصفح الجميل} .
وتسمّى سورة الحِجْر؛ لاشتمالها على قصّتهم، وقوله:{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحجر المرسلين} .
مقصود السّورة إِجمالاً: بيان حقيقة القرآن، وحفظ الحقِّ وبرهان النبوّة وحفظ الحقِّ كتابَه العزيز من التغيير والتبديل، وتزيين السّماوات بمواكب الكواكب وحفظهما برُجوم النجوم من استراق الشَّيّاطين السّمع، وتقديره تعالى الماء والسّحاب من خزائن برّه، ولُطْفه، وعلمه تعالى بأَحوال المتقدّمين فى الطَّاعة والمتأَخِّرين عنها، وبيان الحكمة فى تخليق آدم، وأَمر الملائكة المقرّبين بسجوده، وتعيير إِبليس، وملامته
على تأبِّيه واستكباره وجحوده، واستحقاقه اللَّعنة من الله بعصيانه وطغيانه، وجراءَته بالمناظرة لخالقه ومعبوده، وبيان قَسْم الدّركات (على أَهل اللذات) والضَّلالات، وذكر المستوجبى الجنَّة من المؤمنين، وإِخبار الله تعالى عبادَه بالرحمة والغفران، وتهديدهم بالعذاب والعقاب، والإِشارة إِلى ذكر أَضياف الخليل عليه السلام، والنَّهى عن القُنُوط من الرّحمة، وذكر آل لوط، وسكرتهم فى طريق العَماية والضَّلالة، وتسلية النَّبى صلى الله عليه وسلم عن جفاءِ الكفَّار، وبذىءِ أَقوالهم، والمَنِّ عليه صلى الله عليه وسلم بنزول السّبع المثانى، ومشون القرآن العظيم، والشكوى عن الطَّاعنين فى القرآن، وذكر القَسَم بوقوع السّؤال فى القيامة، وأَمر الرّسول صلى الله عليه وسلم بإِظهار الدّعوة، والمنّ عليه بإِهلاك أَعداءِ دينه، ووصيّته بالعبادة إِلى يوم الحقِّ واليقين فى قوله:{واعبد رَبَّكَ حتى يَأْتِيَكَ اليقين} .
النَّاسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ أَربع آيات {ذَرْهُمْ يَأْكُلُواْ وَيَتَمَتَّعُواْ} م آية السّيف ن {وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين} م آية السّيف ن {فاصفح الصفح الجميل} م
آية السّيف ن {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} آية السّيف ن.
المتشابهات
قوله: {لَّوْ مَا تَأْتِينَا} وفى غيرها: (لولا) ؛ لأَنَّ (لولا) يأْتى على وجهين: أَحدهما امتناع الشىء لوجود غيره؛ وهو الأَكثر. والثانى بمعنى (هَلَاّ) وهو التَّحضيض. ويختصّ بالفعل، و (لوما) بمعناه. وخُصّت هذه السّورة بلوما؛ موافقةً لقوله:(رُبَما) فإِنَّها أَيْضاً ممّا خُصّت به هذه السّورة.
قوله: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً} ، وفى البقرة:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ} ولا ثالث لهما؛ لأَن (جَعَل) إِذا كان بمعنى (خَلَقَ) يُستعمل فى الشىء يتجدّد ويتكرّر؛ كقوله: {خَلَقَ السماوات والأرض وَجَعَلَ الظلمات والنور} ، لأَنَّهما يتجدّدان زماناً بعد زمان. وكذلك الخليفة يدلّ لفظه على أَنَّ بعضهم يخلف بعضاً إِلى يوم القيامة. وخُصّت هذه السّورة بقوله:{إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ} إِذ ليس فى لفظ البَشَر ما يدلّ على التجدّد والتكرار، فجاءَ فى كلِّ واحدة من السّورتين ما اقتضاه ما بعدهما من الأَلفاظ.
قوله: {فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} فى هذه السّورة، وفى ص؛ لأَنَّه لمّا بالغ فى السّورتين فى الأَمر بالسّجود وهو قوله:{فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِيْنَ} فى السّورتين بالغ فى الامتثال فيهما فقال: {فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} ليقع الموافقة بين أُولاها وأُخراها. وتمام قصّة آدم وإِبليس سبق.
قوله هنا لإِبليس: {اللَّعْنَةُ} وقال فى ص {لَعْنَتِي} لأَنَّ الكلام فى هذه السّورة جَرَى على الجنس فى أَوّل القصّة فى قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان} {والجآن خَلَقْنَاهُ} {فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ} لذلك قال: {اللَّعْنَةُ} وفى ص تقدّم {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} فختم بقوله {لَعْنَتِي} .
قوله: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ} وزاد فى هذه السّورة {إِخْوَاناً} لأَنَّها نزلت فى أَصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما سواها عامّ فى المؤمنين.
قوله فى قصّة إِبراهيم: {فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ} لأَن هذه السّورة متأَخرة، فاكْتُفى بما فى هود؛ لأَنَّ التَّقدير: فقالوا: سلاماً، قال: سلام، فما لبث أَن جاءَ بعجل حنيذ، فلما رأَى أَيديَهم لاتصل إِليه نكِرهم وأَوجس منهم خيفة، قال: إنا منكم وجلون. فحذف للدّلالة عليه.
قوله: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ} وفى غيرها {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا} قال بعض المفسّرين: (عليهم) أَى على أَهلها، وقال بعضهم: على من شَذّ من القرية منهم. وقال تاج القراء: ليس فى القولين ما يوجب تخصيص هذه السّورة بقوله: (عليهم) بل هو يعود إِلى أَوّل القصّة، وهو {إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ} ثمّ قال:{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ} قال: وهذه لطيفة فاحفظها.
قوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} بالجمع وبعدها {لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} على التَّوحيد. قال الإِمام: الأُولى إشارة إِلى ما تقدّم من قصّة لوط [وضيف إِبراهيم، وتعرّض قوم لوط لهم] طمعاً فيهم، وقلب القرية على من فيها، وإِمطار الحجارة عليها، وعلى من غاب منهم. فختم بقوله:{لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} أَى لمَن يتدبّر السِّمَة، وهى ما وَسَم الله به قوم لوط وغيرهم، قال: والثانية تعود إِلى القرية: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ} وهى واحدة، فوحّد الآية. وقيل: ما جاءَ فى القرآن من الآيات فلجمع الدّلائل، وما جاءَ من الآية فلوحدانيّة المدلول عليه. فلمّا ذكر عقِبه
المؤمنين، وهم مُقِرُّون بوحدانية الله تعالى، وحّد الآية. وليس لها نظير إِلَاّ فى العنكبوت، وهو قوله تعالى {خَلَقَ الله السماوات والأرض بالحق إِنَّ فِي ذلك لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ} فوحّد بعد ذكر الجمع لِمَا ذكرت والله أَعلم.
فضل السّورة:
ذكروا أَحاديث واهية. منها: مَن قرأَ سورة الحِجْر كان له من الأَجْر عشرُ حسنات بعدد المهاجرين، والأَنصار، والمستهزئين، بمحمد صلى الله عليه وسلم. وعن جعفر أَنَّه قال: من قرأَ سورة الحِجْر لا يصيبه عطش يوم القيامة. ومَنْ قرأها فى ركعتى كلِّ جمعة لم يصبه فقر أَبداً، ولا جنون، ولا بَلْوَى. وحديثُ علىّ: يا علىّ مَن قرأَ سورة الحِجْر لا يُنصب له ميزان، ولا يُنشَر له دِيوان، وقيل له: ادخل الجنَّة بغير حساب. وله بكلِّ آية قرأَها مثلُ ثواب أَصحاب البلاءِ.