الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى.. تنزيل الكتاب من الله
السّورة مكِّيّة، إِلَاّ ثلاث آيات:{قُلْ ياعبادي الذين أَسْرَفُواْ} إِلى قوله: {وَأَنْتُمْ تَشْعُرُوْنَ} . عدد آياتها خمس وسبعون فى عدّ الكوفىّ، وثلاث فى عَدّ الشامى، والباقين. وكلماتها أَلْف ومائة وسبعون. وحروفها أَربعة آلاف وسبعمائة وثمان. والآيات المختلف فيها سبع:{فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} ، {مُخْلِصاً لَّهُ الدين} ، الثانى {مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي} ، و {مِنْ هَادٍ} الثانى، {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ} ، أَربعهن {فَبَشِّرْ عِبَادِ} ، {مِن تَحْتِهَا الأنهار} . مجموع فواصل آياتها (من ولى يُدر) وللسورة اسمان: سورة الزُّمر؛ لقوله: {إِلَى الجنة زُمَراً} وسورة الغُرَف؛ لقوله: {لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ} قال وَهْب: من أَراد أَن يعرف قضاءَ الله فى خَلْقه فليقرأْ سورة الغُرَف.
معظم مقصود السّورة: بيان تنزيل القرآن، والإِخلاص فى الدّين، والإِيمان، وباطل عُذْر الكفَّار فى عبادة الأَوثان، وتنزيه الحقّ تعالى عن الوَلَد بكلمة {سُبْحَانَهُ} ، وعجائب صنع الله فى الكواكب والأَفلاك بلا عَمَد وأَركان، والمِنَّة على العباد بإِنزال الإِنعام من السّماءِ فى كلِّ أَوان، وحفظ الأَولاد فى أَرحام الأُمهات بلا أَنصار وأَعوان، وجزاءُ الخَلْق على الشكر والكفران، وذكر شرف المتهجّدين فى الدّياجر بعبادة الرّحمن، وبيان أَجر الصابرين وذلِّ أَصحاب الخسران، وبشارة المؤمنين فى استماع القرآن بإِحسان، وإِضافة غُرف الجنان لأَهل الإِخلاص والعِرفان، وشرح صدر المؤمنين بنور التوحيد والإِيمان، وبيان أَحوال آيات الفرقان، وعجائب القرآن، وتمثيل أَحوال أَهل الكفر وأَهل الإِيمان، والخطاب مع المصطفى بالموت والفناءِ وتحلُّل الأَبدان، وبشارة أَهل الصّدق بحسن الجزاءِ والغفران، والوعد بالكِفاية والكِلاءَة للعُبدان، وبيان العجز عن العون، والنّصرة للأَصنام والأَوثان، وعجائب الصنع فى الرّؤيا، والنوم وماله من غريب الشان، ونُفرة الكفَّار من سماع ذكر الواحد الفَرْد الديَّان، والبشارة بالرّحمة لأَهل الإِيمان، وإِظهار الحسرة والنَّدامة يوم القيامة من أَهل العصيان، وتأَسفهم فى تقصيرهم فى الطَّاعة زمان الإِمكان، وإِضافة المُلْك إِلى قبضة قدرة الرّحمن، ونفْخ الصُور على سبيل الهيبة، والسِّياسة، وإِشراق العَرَصات بنور العدل، وعظمة السلطان، وسَوْق الكفَّار بالذلِّ والخزى
إِلى دار العقوبة والهوان، وتفريح المؤمنين بالسّلام عليهم فى دار الكرامة، وغُرف الجنان، وحكم الحقِّ بين الخَلْقِ بالعدل، وختمه بالفضل والإِحسان، فى قوله:{وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالحق وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين} .
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ خمس آيات: {إِنَّ الله يَحْكُمُ} م {فاعبدوا مَا شِئْتُمْ} م {وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} م {اعملوا على مَكَانَتِكُمْ} م {فَمَنِ اهتدى فَلِنَفْسِهِ} م آية السّيف ن قل {إني أَخَافُ} م {لِّيَغْفِرَ لَكَ الله} ن.
المتشابهات:
قوله: {إِنَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الكتاب بالحق} وفى هذه السّورة أَيضاً {إِنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكتاب لِلنَّاسِ بالحق} الفرق بين {أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الكتاب} و {أَنزَلْنَا عَلَيْكَ} قد سبق فى البقرة. ويزيده وضوحاً أَن كلَّ موضع خاطب (فيه) النَّبى صلى الله عليه وسلم بقوله: إنا أَنزلنا إِليك الكتاب
ففيه تكليف، وإِذا خاطبه بقوله: إِنا أَنزلنا عليك ففيه تخفيف. اعتبِرْ بما فى هذه السّورة. فالذى فى أَوّل السّورة (إِليك) فكلَّفه الإِخلاص فى العبادة. والذى فى آخرها (عليك) فختم الآية بقوله {وَمَآ أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيْل} أَى لست بمسئول عنهم، فخفَّف عنه ذلك.
قوله: {إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ المسلمين} زاد مع الثانى لاماً؛ لأَنَّ المفعول من الثانى محذوف، تقديره: وأُمرت أَن أَعبد الله لأَن أكون، فاكتفى بالأَول.
قوله: {قُلِ الله أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي} بالإِضافة، والأَول {مُخْلِصاً لَّهُ الدِّيْن} ، لأَنَّ قوله:{الله أَعْبُدُ} إِخبار عن المتكلم؛ فاقتضى الإِضافة إِلى المتكلم، وقوله:{أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله} ليس بإِخبار عن المتكلم، وإِنما الإِخبار (أُمرت) ، وما بعده فضلة ومفعول.
قوله: {وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الذي كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وفى النحْل {وَلَنَجْزِيَنَّ الذين صبروا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} وكان حقُّه أَن يذكر هناك. خصَّت هذه السورة بـ (الذى) ليوافق ما قبله. وهو {أَسْوَأَ الذي} ، وقبله {والذي جَآءَ بالصدق} . وخصّت النَّحل بـ (ما) للموافقة أَيضاً. وهو {إِنَّمَا عِنْدَ الله هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} و {مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ} فتلاءَم اللفظان فى السّورتين.
قوله: {وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ} وفى الجاثية {مَا عَمِلُواْ}
علْته مثل عِلَّة الآية الأُولى؛ لأَن {مَا كَسَبُواْ} فى هذه السّورة وقع بين أَلفاظ كَسَب، وهو قوله:{ذُوْقُواْ مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُوْنَ} وفى الجاثية وقع بين أَلفاظ العمل وهو: {مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ} {عَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ} وبعده {سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ} فخُصّت كلّ سورة بما اقتضاه طرفاه.
قوله: {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً} وفى الحديد {ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً} ؛ لأَنَّ الفعل الواقع قبل قوله {ثُمَّ يَهِيْجُ} فى هذه السّورة مسند إِلى الله تعالى، وهو قوله:{ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا} فكذلك الفعل بعده: {ثُمَّ يَجْعَلْهُ} . وأَمَّا الفعل قبله فى الحديد فمسند إِلى النبات وهو {أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ} فكذلك ما بعده وهو {ثُمَّ يَكُونَ} ليوافق فى السّورتين ما قبل وما بعد.
قوله {فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} وبعده {وَفُتِحَتْ} بالواو للحال، أَى جاءُوها وقد فتحت أَبوابُها. وقيل: الواو فى {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} زيادة، وهو الجواب، وقيل: الواو واو الثمانية. وقد سبق فى الكهف.
قوله: {فَمَنِ اهتدى فَلِنَفْسِهِ} ، وفى غيرها:{فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ} ؛ لأَنَّ هذه السّورة متأَخرة عن تلك السّورة؛ فاكتفى بذكره فيها.
فضل السّورة:
عن عائشة رضى الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأُ كلَّ ليلة بنى إِسرائيل والزمرَ، وحديث أُبىّ الواهى: مَنْ قرأَ سورة الزمر لم يقطع الله رجاءَه يوم القيامة، وأُعطى ثواب الخائفين الَّذين خافوه، وحديث على: يا علىُّ مَنْ قرأَ سورة الزُّمر اشتاقت إِليه الجنَّة، وله بكلِّ آية قرأَها مثلُ ثواب المجاهدين.