الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى.. ألم. غلبت الروم
السورة مكِّيّة إِجماعا. عدد آياتها خمس وستون عند المكِّيّين، وستُّون عند الباقين وكلماتها ثمانمائة وسبع وحروفها ثلاثة آلاف وخمسمائة وثلاثون، والآيات المختلف فيها أَربع: أَلم {غُلِبَتِ الروم} {فِي بِضْعِ سِنِيْنَ} ، {يُقْسِمُ المجرمون} فواصل آياتها نمر، على الراءِ آيتان {قَدِيْر} فى موضعين. وسميت سورة الروم لما فيها من ذكر غلبة الروم.
معظم مقصود السورة: غلبة الروم على فارس، وعَيْب الكفار فى إِقبالهم على الدنيا، وأَخبار القرون الماضية، وذكر قيامة الساعة، وآيات التوحيد، والحجج المترادِفة الدالَّة على الذات والصفات، وبيان بعث القيامة، وتمثيل حال المؤمنين والكافرين، وتقرير المؤمنين على الإِيمان، والأَمر بالمعروف، والإِحسان إِلى ذوى القربى، ووعد الثواب على أَداءِ الزكاة، والإِخبار عن ظهور الفساد فى البر والبحر، وعن آثار القيامة، وذكر عجائب الصنع فى السحاب والأَمطار، وظهور آثار الرحمة فى الربيع، وإِصرار الكفار على الكفر، وتخليق الله الخلق مع الضعف والعجز، وإِحياءُ الخلق بعد
الموت، والحشر والنشر، وتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسكينه عن جفاءِ المشركين وأَذاهم فى قوله:{وَلَا يَسْتَخِفَنَّكَ الَّذِيْنَ لَا يُوْقِنُوْنَ} .
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آية واحدة: {فاصبر إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} م آية السيف ن) .
المتشابهات:
قوله: {أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي الأرض} ، وفى فاطر وأَوّل المؤمن بالواو، وفى غيرهنَّ بالفاءِ، لأَنَّ ما قبلها فى هذه السّورة {أَوْلَمْ يَتَفَكَّرُواْ} وكذلك ما بعدها (وأَثاروا) بالواو، فوافق ما قبلها، وما بعدها، وفى فاطر أَيضاً وافق ما قبله وما بعده، فإِنَّ قبله {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ الله تَحْوِيلاً} ، وبعدها {وَمَا كَانَ الله} ، وكذلك أَوّل المؤمن [قبله]{وَالَّذِيْنَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ} وأَمّا آخر المؤمن فوافق ما قبله وما بعده، وكان بالفاءِ، وهو قوله:{فَأَيَّ آيَاتِ الله تُنكِرُونَ} ، وبعده {فَمَآ أغنى عَنْهُم} .
قوله: {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ كانوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} {مِن قَبْلِهِمْ} متَّصل بكَوْن آخَر مضمر وقوله: {كانوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً} :
إِخبارٌ عمَّا كانوا عليه قبل الإِهلاك، وخصّت هذه السّورة بهذا النسق لمّا يتَّصل به من الآيات بعده وكلّه إِخبار عمَّا كانوا عليه وهو {وَأَثَارُواْ الأَرْضَ وَعَمَرُوْهَا} وفى فاطر:{كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ وَكانوا} بزيادة الواو، لأَنَّ التَّقدير: فينظروا كيف أُهلِكوا وكانوا أَشدَّ منهم قوّة. وخصّت [هذه] السّورة به لقوله: {وَمَا كَانَ الله لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ} الآية. وفى المؤْمن {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين كَانُواْ مِن قَبْلِهِمْ كانوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُم قُوَّةً} فأَظهر (كان) العامل فى (من قبلهم) وزاد (هم) لأَنَّ فى هذه السّورة وقعت فى أَوائل قصّة نوح، وهى تَتِمُّ فى ثلاثين آية، فكان اللائق به البسط، وفى آخر المؤمن {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ كانوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ} فلم يبسط القول؛ لأَن أَوّل السّورة يدلّ عليه.
قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً} ، وختم الآية بقوله {يَتَفَكَّرُوْنَ} ؛ لأَنَّ الفكر يؤدى إِلى الوقوف على المعانى التَّى خُلِقَت لها: من التوانس، (والتجانس) ، وسكون كلّ واحد منهما إِلى الآخر.
قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات والأرض} ، وختم بقوله {لِلْعَالَمِيْنَ} لأَن الكل تظلّهم السّماء، وتُقِلهم الأَرض، فكل واحد منفردٌ بلطيفة فى صورته يمتاز بها عن غيره؛ حتى لا ترى اثنين فى أَلف يتشابه
صورتاهما ويلتبس كلاهما؛ وكذلك ينفرد كلّ واحد بدقيقة فى صورته، يتميّز بها من بين الأَنام، فلا ترى اثنين يشتبهان. وهذا يشترك فى معرفته النَّاس جميعاً. فلهذا قال {لآَيَاتٍ لِلْعَالَمِيْنَ} . ومن حمل اختلاف الأَلسن على اللغات، واختلاف الأَلوان على السّواد والبياض، والشُّقْرة، والسّمرةِ، فالاشتراك فى معرفتها أَيضاً ظاهر. ومن قرأَ {لِلْعَالَمِيْنَ} بالكسر فقد أَحسن، لأَنَّ بالعلم يمكن الوصول إِلى معرفة ما سبق ذكره.
قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بالليل والنهار} وختم بقوله {يَسْمَعُوْنَ} فإِن مَن سمع أَنَّ النوم مِن صنع الله الحكيم لا يقدر أَحد على اجتلابه إِذا امتنع، ولا على دفعه إِذا ورد، تيقَّن أَنَّ له صانعاً مدبِّراً. قال الإِمام: معنى (يسمعون) هاهنا: يستجيبون إِلى ما يدعوهم إِليه الكتابُ. وختم الآية الرّابعة بقوله {يَعْقِلُوْنَ} لأَن العقل مِلاك الأَمر فى هذه الأَبواب، وهو المؤدِّى إِلى العلم، فختم بذكره.
قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ} أَى أَنَّه يريكم. وقيل: تقديره: ويريكم من آياته البرق. وقيل: أَن يُرِيكم، فلمَّا حُذِفَ (أَنْ) سكن الياءُ وقيل:{وَمِنْ آيَاتِهِ} كلام كافِ؛ كما تقول: منها كذا، ومنها كذا ومنها
…
. وتسكت، تريد بذلك الكثرة.
قوله: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ} وفى الزمر {أَوَلَمْ يَعْلَمُواْ} لأَن بسط الرزق مِمَّا يشاهَد ويرى، فجاءَ فى هذه السّورة على ما يقتضيه اللَّفظ والمعنى. وفى الزمر اتَّصل بقوله {أُوتِيْتُهُ عَلَى عِلْمٍ} وبعده:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُوْنَ} (فحسن "أَو لم يعلموا".
قوله: {وَلِتَجْرِيَ الفلك بِأَمْرِهِ} ، وفى الجاثية:{فِيْهِ بِأَمْرِهِ} ، لأَنَّ فى هذه السّورة تقدّم ذكر الرّياح، وهو قوله:{أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ} بالمطر، وإِذاقة الرّحمة، ولتجرى الفلك بالرياح بأَمر الله تعالى. ولم يتقدّم ذكر البحر. وفى الجاثية تقدّم ذكر البحر، وهو قوله:{الله الذي سَخَّرَ لَكُمُ البحر} فكنى عنه، فقال:{لِتَجْرِيَ الفلك فِيهِ بِأَمْرِهِ} .
* * *
(فضل السورة. فيه الأَحاديث الساقطة. عن أُبىّ من قرأَ سورة الروم كان له من الأَجر عشر حسنات بعدد كل مَلك سبّح الله فى السماءِ والأَرض، وأَدرك ما ضيّع فى يومه وليلته) وحديث علىّ: يا علىّ مَن قرأَ غلبت الرّوم كان كمَن أَعتق بعدد أَهل الرّوم، وله بكلّ آية قرأَها مثلُ ثواب الَّذين عَمروا بيت المقدس.