الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى.. اقترب للناس حسابهم
السّورة مكِّيَّة بالاتِّفاق. وآياتها مائة واثنتا عشرة عند الكوفيِّين، وإِحدى عشرة عند الباقين. وكلماتها أَلف ومائة وثمانية وستون. وحروفها أَربعة آلاف وثمانمائة وسبعون، المختلف فيها آية واحدة:{وَلَا يَضُرُّكُمْ} .
مجموع فواصل آياتها (م ن) وسمِّيت سورة الأَنبياءِ لاشتمالها على قصصهم على إِبراهيم، واسحاق، ويعقوب، ولوط، ونوح، وسليمان، وداود وأَيوب، وإِسماعيل، وصالح، ويونس، وزكريا، ويحيى، وعيسى.
مقصود السّورة: ما اشتملت عليه مجملا: من التنبيه على الحساب فى القيامة، وقرب زمانها، ووصف الكفَّار بالغفلة، وإِثبات النبوّة، واستيلاء أَهل الحَقّ على أَهل الضَّلالة، وحُجّة الوحدانيّة، والإِخبار عن الملائكة وطاعتهم، وتخليق الله السّماواتِ والأَرض بكمال قدرته، وسير الكواكب ودَوْر الفَلَك، والإِخبار عن موت الخلائق وفنائهم، وكَلاءُ الله تعالى وحفظه العبدَ من الآفات، وذكر ميزان العَدْل فى القيامَة، وذكر إِبراهيم بالرّشد والهداية، وإِنكاره على الأَصنام وعُبَّادها، وسلامة إِبراهيم من
نار نُمرود وإِيقادها، ونجاة لوط من قومه أُولى العُدْوان، ونجاة نوح ومتابعَته من الطوفان، وحُكم داود، وفهم سليمان، وذكر تسخير الشيطان، وتضرّع أَيّوب، ودعاء يونس، وسؤال زكريّا، وصلاح مريم، وهلاك قُرًى أَفرطوا فى الطغيان، وفتح سدّ يأْجوج ومأْجوج فى آخر الزَّمان وذلّ الكفَّار والأَوثان، فى دخول النيران، وعِزّ أَهل الطَّاعة والإِيمان، من الأَزل إِلى الأَبد فى جميع الأَزمان، على علالىّ الجِنَان، وطىّ السّماوات فى ساعة القيامة، وذكر الأُمم الماضية، والمنزلة من الكتب فى سالف الأَزمان، وإِرسال المصطفى صلى الله عليه وسلم بالرأفة والرّحمة والإِحسان، وتبليغ الرّسالة على حكم السّويّة من غير نقصان ورجحان، وطلب حكم الله تعالى على وَفْق الحقّ، والحكمة فى قوله {رَبِّ احكم بالحق وَرَبُّنَا الرحمان} .
الناسخ والمنسوخ:
فى هذه السّورة آيتان م {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله} إِلى تمام الآيتين ن {إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الحسنى} .
المتشابهات:
قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ} وفى الشعراءِ {مِّن
ذِكْرٍ مِّنَ الرحمان مُحْدَثٍ} خصّت هذه السّورة بقوله {مِّن رَّبِّهِمْ} بالإِضافة، لأَن (الرّحمن) لم يأْت مضافاً، ولموافقة ما بعده، وهو قوله:{قُلْ رَبِّي يَعْلَمُ} وخصّت الشعراءِ بقوله {مِّنَ الرحمان} ليكون كلُّ سورة مخصوصةً بوصف من أَوصافه، وليس فى أَوصاف الله تعالى اسم أَشبهُ باسم الله من الرحمن؛ لأَنَّهما اسمان ممنوعان أَن يسمّى بهما غيرُ الله عز وجل، ولموافقة ما بعده، وهو قوله:{العزيز الرحيم} ؛ لأَنَّ الرَّحمن والرَّحيم من مصدر واحد.
قوله: {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَاّ رِجَالاً} وبعده {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلَكَ مِنْ رَسُوْلٍ} ، (قبلك) و (من قبلك) كلاهما لاستيعاب الزمان المتقدّم، إِلا أَنَّ (مِن) إِذا دخل دَلَّ على الحَصْر بين الحَدَّيْن، وضبطه بذكر الطَّرفين. ولم يأت {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ} إِلَاّ هذه - وخصَّت بالحذف؛ لأَنَّ قبلها {مَآ آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِّن قَرْيَةٍ} فبناه عليه لأَنه هو؛ وآخر فى الفرقان {وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المرسلين إِلَاّ إِنَّهُمْ} وزاد فى الثانى {مِنْ قَبْلَكَ مِنْ رَسُوْلٍ} على الأَصل للحصر.
قوله: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الموت وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} وفى العنكبوت: {ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} ؛ لأَن ثمَّ للتراخى، والرّجوعُ هو الرّجوع إِلى الجنَّة أَو النَّار، وذلك فى القيامة، فخُصّت سورة
العنكبوت به. وخُصّت هذه السّورة بالواو لَمَّا حيل بين الكلامين بقوله: {وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً وَإِلَيْنَا} وإِنَّما ذُكِرَا لتقدّم ذكرهما، فقام مقام التراخى، وناب الواو مَنابه، والله أَعلم.
قوله: {وَإِذَا رَآكَ الذين كفروا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَاّ هُزُواً} وفى الفرقان {وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَاّ هُزُواً} لأَنَّه ليس فى الآية التى تقدّمتها ذكر الكفَّار؛ فصرّح باسمهم، وفى الفرقان قد سَبَق ذكر الكفَّار، فخُصّ الإِظهار بهذه السّورة، والكنايةُ بتلك.
قوله: {مَا هاذه التماثيل التي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُواْ وَجَدْنَآ} وفى الشعراءِ {قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ} ؛ لأَنَّ قوله: {وَجَدْنَآ آبَآءَنَا} جواب لقوله: {مَا هاذه التماثيل} وفى الشعراءِ أَجابوا عن قوله {مَا تَعْبُدُوْنَ} بقولهم {قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَامًا} ثمَّ قال لهم {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} فأَتى بصورة الاستفهام ومعناه النفى {قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ} (أَى قالوا لا بل وجدنا) عليه آباءَنا، لأَن السّؤال فى الآية يقتضى فى جوابهم أَن ينفوا ما نفاه السّائل، فأَضربوا عنه إِضراب مَن ينفى الأَوّل، ويُثبت الثانى، فقالوا: بل وجدنا. فخُصت السّورة به.
قوله: {وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأخسرين} ، وفى الصَّافَّات {الأسفلين} ؛ لأَنَّ فى هذه السورة كادهم إِبراهيم؛ لقوله: {لأَكِيدَنَّ
أَصْنَامَكُمْ} وهم كادوا ابراهيم لقوله: {وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً} فجرت بينهم مكايدة، فغلبهم إِبراهيم؛ لأَنَّه كسر أَصنامهم، ولم يغلبوه؛ لأَنَّهم (لم يبلغوا من إِحراقه مرادهم) فكانوا هم الأَخسرين. وفى الصَّافَّات {قَالُواْ ابنوا لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي الجحيم} ، فأَجّجوا ناراً عظيمة، وبنوا بنياناً عالياً، ورفعوه إِليه، ورمَوه [منه] إِلى أَسفل، فرفعه الله، وجعلهم فى الدّنيا سافلين، ورَدَّهم فى العقبى أَسفل سافلين. فخُصت الصَّافَّات بالأَسفلين.
قوله: {فَنَجَّيْنَاهُ} بالفاءِ سبق فى يونس. ومثله فى الشّعراءِ {فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَاّ عَجُوْزًا فِي الْغَابِرِيْنَ} .
قوله: {وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ} ختم القصّة بقوله {رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} وقال فى ص {رَحْمَةً مِّنَّا} لأَنَّه بالغ (فى التضرّع) بقوله {وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} فبالغ سبحانه فى الإِجابة، وقال {رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} لأَنَّ (عند) حيث جاءَ دلَّ على أَنَّ الله سبحانه تولَّى ذلك من غير واسطة. وفى ص لمَّا بدأَ القصة بقوله {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا} ختم بقوله (منَّا) ليكون آخِرُ الآية ملتئما بالأَوّل.
قوله: {فاعبدون وتقطعوا} وفى المؤمنين {فاتقون فتقطعوا} لأَنَّ الخطاب فى هذه السّورة للكفار، فأَمرهم بالعبادة التى هى التَّوحيد، ثم
قال: {وتقطعوا} بالواو؛ لأَنَّ التقطُّع قد كان منهم قبل هذا القول لهم. ومَن جعله خطاباً للمؤمنين، فمعناه: دُوموا على الطَّاعة. وفى المؤمنين الخطاب للنبىِّ صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين بدليل قوله قبله {ياأيها الرسل كُلُواْ مِنَ الطيبات} والأَنبياءِ والمؤمنون مأْمورون بالتَّقوى، ثم قال {فتقطعوا أَمْرَهُمْ} أَى ظهر منهم التقطُّع بعد هذا القول، والمراد أُمّتُهم.
قوله: {والتي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا} وفى التحريم (فيه) ؛ لأَنَّ المقصود هنا ذِكرها وما آل إِليه أَمرها، حتى ظهر فيها ابنُها، وصارت هى وابنها آية. وذلك لا يكون إِلا بالنَّفخ فى جُملتها، وبحَمْلها، والاستمرار على ذلك إِلى يوم ولادتها. فلهذا خُصَّت بالتَّأْنيث. وما فى التحريم مقصور على ذكر إِحصانها، وتصديقها بكلمات ربّها، وكان النفخ أَصاب فرجها، وهو مذكَّر، والمراد به فرج الجَيْب أَو غيره، فخُصّت بالتَّذكير.
فضل السّورة
رُوى فيه أَحاديث ساقطة ضعيفة. منها: مَن قرأَ سورة اقترب للنَّاس حسابهم حاسبه الله حساباً يسيراً، وصافحه، وسلَّم عليه كلُّ نبىّ ذكر اسمُه فى القرآن. وفى حديث علىّ: يا علىّ مَنْ قرأَ هذه السّورة فكأَنَّما عبد الله على رضاه.