الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى.. والصافات صفا
السّورة مكِّيَّة بالاتِّفاق. عدد آياتها مائة وثمانون وآية عند البصريِّين، وآيتان عند الباقين. وكلماتها ثمانمائة واثنتان وستون. وحروفها ثلاثة آلاف وثمانمائة وستّ وعشرون. المختلف فيها: آيتان {وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ} {وَإِنْ كَانُواْ لَيَقُولُونَ} مجموع فواصلها (قدم بنا) سمِّيت (والصافات) لافتتاحها بها.
معظم مقصود السّورة: الإِخبار عن صَفِّ الملائكة والمصلِّين للعبادة، ودلائل الوحدانية، ورَجْم الشياطين، وذُلّ الظَّالمين، وعِزّ المطيعين فى الجِنَان، وقهر المجرمين فى النِّيران، ومعجزة نوح، وحديث إِبراهيم، وفداء إسماعيل فى جزاءِ الانقياد، وبشارة إِبراهيم بإِسحاق، والمنَّة على موسى وهارون بإِيتاء الكتاب، وحكاية النَّاس فى حال الدّعوة، وهلاك قوم لوط وحبْس يونس فى بطن الحوت، وبيان فساد عقيدة المشركين فى إِثبات النسبة، ودرجات الملائكة فى مقام العبادة، وما مَنَح اللهُ الأَنبياء من النُّصرة والتأْييد، وتنزيه حضرة الجلال عن الضّدّ والنديد فى قوله:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} إِلى آخره.
الناسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آية واحدة: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حتى حِينٍ} م آية السّيف ن.
المتشابهات:
قوله تعالى: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} ، وبعده:{أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ} لأَنَّ الأَوّل حكاية كلام الكافرين، وهم ينكرون البعث، والثانى قول أَحد القرينين لصاحبه عند وقوع الحساب والجزاءِ، وحصوله فيه: كان لى قرين ينكر الجزاءَ وما نحن فيه فهل أَنتم تطلعوننى عليه، فاطَّلع فرآه فى سواءِ الجحيم. قالَ: تالله إِن كدت لَتُرْدِين. قيل: كانا أَخوين، وقيل: كانا شريكين، وقيل: هما بطروس الكافر، ويهوذا المسلم. وقيل: القرين هو إِبليس.
قوله: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ} وبعده {فَأَقْبَلَ} بالفاءِ. وكذلك فى {ن والقلم} لأَنَّ الأَوّل لعطف جملة على جملة فحسب، والثانى لعطف جملة على جملة بينهما مناسبة والتئام؛ لأَنه حَكَى أَحوال أَهل الجنة
ومذاكرتهم فيها ما كان يجرى فى الدنيا بينهم وبين أَصدقائهم، وهو قوله:{وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطرف عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَآءَلُونَ} أَى يتذاكرون، وكذلك فى {ن والقلم} هو من كلام أَصحاب الجنَّة بصنعاءَ، لمَّا رأَوْها كالصَّريم ندموا على ما كان منهم، وجعلوا يقولون:{سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِيْنَ} ، بعد أَن ذكَّرهم التسبيحَ أَوسطُهم، ثم قال:{فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَلَاوَمُوْنَ} أَى على تركهم الاستثناءَ ومخافتتهم أَن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين.
قوله: {إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بالمجرمين} وفى المرسلات: {كَذَلِكَ نَفْعَلُ بالمجرمين} ؛ لأَنَّ فى هذه السّورة حِيل بين الضمير وبين (كذلك) بقوله: {فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي العَذَابِ مَشْتَرِكُونَ} فأَعاد، وفى المرسلات متَّصل بالأَول، وهو قوله:{ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الآخرين كَذَلِكَ نَفْعَلُ بالمجرمين} فلم يحتج إِلى إِعادة الضَّمير.
قوله: {إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إلاه إِلَاّ الله} وفى القتال {فاعلم أَنَّهُ لَا إلاه إِلَاّ الله} بزيادة (أَنَّه) وليس لهما فى القرآن ثالث؛ لأَنَّ ما فى هذه وقع بعد القول فحكِى، وفى القتال وقع بعد العِلْم فزيد قبله (أَنَّه) ليصير مفعولَ العلم، ثمّ يتصل به ما بعده.
قوله: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخرين سَلَامٌ على نُوحٍ فِي العالمين} وبعده {سَلَامٌ على إِبْرَاهِيمَ} ثم {سَلَامٌ على مُوْسَى وَهَارُونْ} وكذلك {سَلَامٌ على إِلْ يَاسِين} فيمن جعله لغة فى إِلياس، ولم يقل فى قصّة لوط ولا يونس ولا إِلياس: سلام؛ لأَنه لمّا قال: {وَإِنَّ لُوْطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، {وَإِنَّ يُوْنُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} ، وكذلك؛ {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} فقد قال: سلام على كلّ واحد منهم؛ لقوله آخر السّورة {وَسَلَامٌ على الْمُرْسَلِيْنَ} .
قوله: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين} وفى قصّة إِبراهيم: {كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين} ، ولم يقل:(إِنَّا) ، لأَنَّه تقدّم فى قصته {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين} وقد بقى من قصته شىء، وفى سائرها وقع بعد الفراغ. ولم يقل فى قصّتىْ لوط ويونس:{إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي المحسنين إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المؤمنين} ؛ لأَنَّه لمّا اقتصر من التسليم على ما سبق ذكر اكتفى بذلك.
قوله: {بِغُلَامٍ حَلِيمٍ} وفى الذاريات {عَلِيمٍ} وكذلك فى الحِجْر، لأَنَّ التقدير: بغلام حليم فى صباه، عليم فى كِبره، وخُصّت هذه السّورة. بحليم؛ لأَنه عليه السلام حَلُم فانقاد وأَطاع، وقال:{ياأبت افعل مَا تُؤمَرُ ستجدني إِن شَآءَ الله مِنَ الصابرين} والأَظهر أَنَّ الحليم إِسماعيل،
والعليم إِسحاق؛ لقوله: {فَأَقْبَلَتِ امرأته فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} قال مجاهد: الحليم والعليم إِسماعيل. وقيل: هما فى السّورتين إِسحاق. وهذا عند من زعم أَنَّ الذبيح إِسحاق.
قوله: {وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} ثمّ قال: {وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ} كرّر وحذف الضمير من الثانى؛ لأَنه لمَّا نَزَل {وَأَبْصِرْهُمْ} قالوا: متى هذا الذى تُوعدنا به؟ فأَنزل الله {أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ} ثم كرّر تأْكيداً. وقيل: الأُولى فى الدّنيا، والثانية فى العُقْبى. والتقدير: أَبصر ما ينالهم، وسوف يبصرون ذلك. وقيل: أَبصر حالهم بقلبك فسوف يبصرون معاينةً. وقيل: أَبصر ما ضيّعوا من أَمرنا فسوف يبصرون ما (يحل بهم) وحُذِف الضّمير من الثانى اكتفاءً بالأَوّل. وقيل: التقدير: ترى اليوم (عِيرهم إِلى ذلّ) وترى بعد اليوم ما تحتقِر ما شاهدتهم فيه من عذاب الدّنيا. وذكر فى المتشابه: {فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} بالفاءِ، وفى الذاريات {قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} بغير فاء؛ لأَنَّ ما فى هذه السّورة (جملة اتَّصلت) بخمس جمل كلّها مبدوءَة بالفاءِ على التَّوالى، وهى: {فَمَا
ظَنُّكُم} الآيات، والخطاب للأَوثان تقريعاً لمن زعم أَنَّها تأْكل وتشرب، وفى الذاريات متَّصل بمضمر تقديره: فقرّبه إِليهم، فلم يأْكلوا فلمّا رآهم لا يأْكلون، {قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ} والخطاب للملائكة. فجاءَ فى كلّ موضع بما يلائمه.
فضل السّورة
فيه أَحاديث غير مقبولة. منها حديث أُبىّ: مَن قرأَ (والصّافات) أُعطِى من الأَجر عشرَ حسنات، بعدد كلّ جِنِّى، وشيطان، وتباعدت منه مَرَدة الشَّياطين، وبَرِئ من الشِّرْك، وشهد له حافظاه يوم القيامة أَنه كان مؤمناً بالمرسلين، وحديث علىّ: يا علىّ مَن قرأَ (والصَّافَّات) لا يصيبه يوم القيامة جُوع، ولا عطش، ولا يفزع إِذا فزع النَّاس، وله بكلّ آية قرأَها ثواب الضَّارب بسيفين فى سبيل الله.