الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى.. يأيها النبى اتق الله
السّورة مدنية بالاتفاق. آياتها ثلاث وسبعون. كلماتها أَلف ومائتان وثمانون. حروفها خمسة آلاف وسبعمائة وستّ وتسعون، فواصل آياتها (لا) على اللام منها آية واحدة {يَهْدِي السبيل} . سمّيت سورة الأَحزاب، لاشتمالها على قصّة حَرْب الأَحزاب فى قوله {يَحْسَبُونَ الأحزاب لَمْ يَذْهَبُواْ} .
معظم مقصود السّورة الذى اشتملت عليه: الأَمر بالتَّقوى، وأَنه ليس فى صدرٍ واحد قلبان، وأَنَّ المتبَنَّى ليس بمنزلة الابن، وأَنَّ النبىّ صلى الله عليه وسلم للمؤمنين بمكان الوالد، وأَزواجه الطاهرات بمكان الأُمهات، وأَخذ الميثاق على الأَنبياءِ، والسؤال عن صدق الصّادقين، وذكر حَرْبِ الأَحزاب، والشِّكاية من المنافقين، وذمّ المعرضين، ووفاء الرِّجال بالعهد، وردّ الكفَّار بغيظهم، وتخيير أُمّهات المؤمنين، ووعظهنَّ، ونصحهنَّ، وبيان شرف أَهل البيت الطَّاهرين ووعد المسلمين والمسلمات بالأُجور الوافرات، وحديث تزويج زيد وزينب ورفع الحَرَج عن النّبى صلى الله عليه وسلم، وختم الأَنبياءِ به عليه السلام، والأَمر بالذكر الكثير،
والصّلوات والتسليمات على المؤمنين، والمخاطبات الشريفة لسيِّدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، وبيان النكاح، والطَّلاق، والعدّة، وخصائص النبى صلى الله عليه وسلم فى باب النكاح، وتخييره فى القَسْم بين الأَزواج والحجر عليه فى تبديلهنَّ، ونهى الصحابة عن دخول حُجْرة النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم بغير إِذن منه، وضَرْب الحجاب، ونهى المؤمنين عن تزوّج أَزواجه بعده، والموافقة مع الملائكة فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، وتهديد المؤذين للنَّبى وللمؤمنين، وتعليم آداب النساءِ فى خروجهن من البيوت، وتهديد المنافقين فى إِيقاع الأَراجيف، وذلِّ الكفار فى النار، والنَّهى عن إِيذاءِ الرّسول صلى الله عليه وسلم والأَمر بالقول السّديد وبيان عَرْض الأَمانة (على السماوات والأَرض) وعذاب المنافقين، وتوبة المؤمنين فى قوله {إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة} إِلى آخر السّورة.
النَّاسخ والمنسوخ:
فيها من المنسوخ آيتان م {وَدَعْ أَذَاهُمْ} ن آية السّيف م {لَاّ يَحِلُّ لَكَ النسآء مِن بَعْدُ} ن {إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} .
المتشابهات
ذهب بعض القرّاء إِلى أَنَّه ليس فى هذه السورة متشابه. وأَورد بعضهم فيها كلمات، وليس فيها كثير تشابه؛ بل قد تلتبس على الحافظ القليل
البضاعة. فأَوردناها؛ إِذ لم يخل من فائدة. وذكرنا مع بعضها علامة يستعين بها المبتدىء فى تلاوته.
منها قوله: {لِّيَسْأَلَ الصادقين عَن صِدْقِهِمْ} وبعده {لِّيَجْزِيَ الله الصادقين بِصِدْقِهِمْ} ليس فيها تشابه؛ لأَنَّ الأَوّل من لفظ السّؤال، وصلته {عَن صِدْقِهِمْ} وبعده {وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ} ، والثَّانى من لفظ الجزاءِ، وفاعله الله، وصلتُه {بِصِدْقِهِمْ} بالباءِ، وبعده {وَيُعَذِّبَ المنافقين} .
ومنها قوله: {ياأيها الذين آمَنُواْ اذكروا "نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ"} وبعده {ياأيها الذين آمَنُواْ اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً} فيقال للمبتدىءِ: إِنَّ الذى يأْتى بعد العذاب الأَليم نعمة من الله على المؤمنين، وما يأتى قبل قوله {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} {اذكروا الله ذِكْراً كَثِيراً} شكراً على أَن أَنزلكم منزلة نبيِّه فى صلاتِه وصلاة ملائكته عليه حيث يقول:{إِنَّ الله وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبي} .
ومنها قوله: {ياأيها النبي قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ} ليس من المتشابه لأَنَّ الأَوّل فى التخيير والثانى فى الحجاب.
ومنها قوله: {سُنَّةَ الله فِي الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ} [فى موضعين] وفى الفتح {سُنَّةَ الله التي قَدْ خَلَتْ} التقدير فى الآيات: سنَّة الله
الَّتى قد خلت فى الذين خلوا (فذكر فى كل سورة الطرف الذى هو أَعمّ، واكتفى به عن الطرف الآخر، والمراد بما فى أَول هذه السورة النكاح نزلت حين عيَّروا رسول الله بنكاح زينب) فأَنزل الله {سُنَّةَ الله فِي الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلُ} أَى النكاحُ سنَّة فى النَّبيين على العموم. وكانت لداود تسع وتسعون، فضمّ إِليها الَّتى خطبها أُورِيَا، ووَلَدت سليمان. والمراد بما فى آخر هذه السّورة القتل؛ نزلت فى المنافقين والشاكيّن الَّذين فى قلوبهم مرض، والمرجفين فى المدينة، على العموم. وما فى سورة الفتح يريد به نُصرة الله لأَنبيائه. والعمومُ فى النُّصرة أَبلغ منه فى النكاح والقتل. ومثله فى حم {سُنَّةَ الله التي قَدْ خَلَتْ فِى عِبَادِهِ} فإِنَّ المراد بها عدم الانتفاع بالإِيمان عند البأْس فلهذا قال:{قَدْ خَلَتْ} .
ومنها قوله: {إِنَّ الله كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} {وَكَانَ الله عَلَى كُلِّ شَيءٍ رَقِيْبًا} {وَكَانَ الله قَوْيًّا عَزِيزًا} {وَكَانَ الله عَلِيمًا حَكِيماً} . وهذا من باب الإِعراب، وإِنما نصب لدخول كان على الجملة: فتفرّدت السّورة، وحسن دخول (كان) عليها، مراعاة لفواصل الآى والله أَعلم.
فضل السّورة
فيه الأَحاديث الموضوعة الَّتى نذكرها للتنبيه عليها: من قرأَ سورة الأَحزاب وعلَّمها أَهلَه وما ملكت يمينه أُعطىَ الأَمان من عذاب القبر، وحديث على: يا علىّ مَنْ قرأَ سورة الأَحزاب قال الله لملائكته: اشهدوا أَنَّ هذا قد أَعتقتُه من النَّار، وكان يوم القيامة تحت ظلِّ جناح جَبْرائيل، وله بكلِّ آية قرأَها مثلُ ثواب البارِّ بوالديه.