الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى.. قد أفلح المؤمنون
السّورة مكِّية إِجماعا. وعدد آياتها مائة وثمانية عشر عند الكوفيّين، وتسعة عشر عند الباقين. وكلماتها أَلف ومائتان وأَربعون. وحروفها أَربعة آلاف وثمانمائة وواحد. المختلف فيها {وَأَخَاهُ هَارُوْنَ} .
مجموع فواصل آياتها (من) . وسميت سورة المؤمنين لافتتاحها بفلاح المؤمنين.
مقصود السّورة ومعظم ما اشتملت عليه: الفتوى بفلاح المؤمنين، والدّلالة على أَخلاق أَهل الإِسلام، وذكر العجائب فى تخليق الأَولاد فى الأَرحام، والإِشارة إِلى الموت والبعث، ومِنَّة الحق على الخلق بإِنبات الأَشجار، وإِظهار الأَنهار، وذكر المراكب، والإِشارة إِلى هلاك قوم نوح، ومَذَمّة الكفَّار، وأَهل الإِنكار، وذكر عيسى ومريم، وإِيوائهما إِلى رَبْوة ذات قرار، وإِمهال الكُفَّار فى المعاصى، والمخالفات، وبيان حال المؤمنين فى العبادات، والطَّاعات، وبيان حُجّة التَّوحيد وبرهان النبوّات، وذلّ الكفَّار بعد الممات، وعجْزهم فى جهنَّم حال العقوبات، ومكافأَتهم فى العقبى على حسب المعاملات، فى الدّنيا فى جميع الحالات، وتهديد أَهل اللَّهو،
واللَّغو، والغَفَلات، وأَمر الرّسول بدعاءِ الأَمّة، وسؤال المغفرة لهم والرّحمات، فى قوله:{رَّبِّ اغفر وارحم وَأنتَ خَيْرُ الراحمين} .
النَّاسخ والمنسوخ:
المنسوخ فيها آيتان {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ} م آية السّيف ن {ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ} م آية السّيف ن.
المتشابهات:
قوله: {لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} (فواكه) بالجمع و (منها) بالواو، وفى الزّخرف {فَاكِهَةٌ} على التوحيد {مِنْهَا تَأْكُلُونَ} بغير واو. راعى فى السّورتين لفظ الجَنَّة. وكانت فى هذه (جنَّات) بالجمع فقال:(فواكه) بالجمع، وفى الزخرف:{وَتِلْكَ الجَنَّةُ} بلفظ التوحيد، وإن كانت هذه جنَّة الخُلْد لكن راعى اللَّفظ فقال {فِيهَا فَاكِهَةٌ} وقال فى هذه السّورة {وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} بزيادة الواو؛ لأَنَّ تقدير الآية: منا تَدَّخِرون، ومنها تأكلون، ومنها تبيعون، وليست كذلك فاكهة الجنَّة، فإِنها للأَكل فقط. فذلك قال:{مِنْهَا تَأْكُلُونَ} ووافق هذه السورة ما بعدها أَيضاً، وهو قوله:{وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيْرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُوْنَ} فهذا للقرآن معجزة وبرهان.
قوله: {فَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ} وبعده {وَقَالَ الملأ
مِن قَوْمِهِ الذين كَفَرُواْ} فقُدِّم (مِن قومه) فى الآية الأُخرى، وأُخِّر فى الأُولى؛ لأَنَّ صلة (الذين) فى الأُولى اقتصرتْ على الفعل وضمير الفاعل، ثمَّ ذكر بعده الجارّ والمجرور ثم ذكر المفعول وهو المَقُول، وليس كذلك فى الأُخرى، فإِن صلة الموصول طالت بذكر الفاعل والمفعول والعطف عليه مَرّة بعد أُخرى، فقدّم الجارّ والمجرور؛ لأَنَّ تأخيره يلتبس، وتوسيطه ركيك، فخُصَّ بالتقدم.
قوله: {وَلَوْ شَآءَ الله لأَنزَلَ مَلَائِكَةً} (وفى حم السجدة: ( {وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لأَنزَلَ مَلَائِكَةً} ) لأَنَّ فى هذه السّورة تقدّم ذكر الله، وليس فيه ذكر الرّب، وفى السّجدة تقدّم ذكر (ربّ العالمين) سابقا على ذكر لفظ الله، فصرّح فى هذه السورة بذكر الله، وهناك بذكر الرَّب؛ لإضافته إِلى العالمين وهم مِن جملتهم، فقالوا إِمَّا اعتقاداً وإِمَّا استهزاءً: لو شاءَ ربنا لأَنزل ملائكة، فأَضافوا الربّ إِليهم.
قوله: {واعملوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} ، وفى سبأ {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} كلاهما من وصف الله سبحانه. وخصّ كلّ سورة بما وافق فواصل الآى.
قوله: {فَبُعْداً لِّلْقَوْمِ الظالمين} بالأَلف واللَاّم، وبعده: {لِّقَوْمٍ
لَاّ يُؤْمِنُونَ} ؛ لأَنَّ الأَوَّل لقوم صالح، فعرّفهم بدليل قوله:{فَأَخَذَتْهُمُ الصيحة} ، والثانى نكرة، وقبله {قُرُوناً آخَرِينَ} وكانوا منكَّرين، ولم يكن معهم قرينة عُرِفوا بها، فخُصّوا بالنَّكرة.
قوله: {لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هاذا مِن قَبْلُ} ، وفى النمل {لَقَدْ وُعِدْنَا هاذا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ} لأَنَّ ما فى [هذه] السّورة على القياس؛ فإنَّ الضَّمير المرفوع المتَّصل لا يجوز العطفُ عليه، حتى يؤكَّد بالضمير المنفصل، فأَكَّد (وعدنا نحن) ثم عُطِف عليه (آباؤنا) ، ثم ذكر المفعول، وهو (هذا) وقُدِّمَ فى النمل المفعول موافقة لقوله (تراباً) لأَنَّ القياس فيه أَيضاً: كنَّا نحن وآباؤنا تراباً (فقدّم "تراباً") ليسُدّ مسدّ نحن وكانا متوافقين.
قوله: {سَيَقُوْلُوْنَ للهِ} ، وبعده:{سَيَقُوْلُوْنَ للهِ} وبعدهُ: {سَيَقُوْلُوْنَ للهِ} الأَوّل جواب لقوله {قُل لِّمَنِ الأرض وَمَن فِيهَآ} جواب مطابق لفظاً ومعنًى لأَنَّه قال فى السّؤال: (قل لمن) فقال فى الجواب: (لله) وأَمّا الثانى والثالث فالمطابقة فيهما فى المعنى؛ لأَنَّ القائل إِذا قال لك: مَنْ مالِك هذا الغلام؟ فلك أَن تقول: زيدٌ، فيكون مطابقاً لفظاً ومعنى. ولك أَن تقول لزيد، فيكون مطابقاً للمعنى. ولهذا قرأَ أَبو عمرو الثَّانى والثَّالث:(الله)(الله) ؛ مراعاة للمطابقة.
قوله {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تتلى عَلَيْكُمْ} وقبله: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تتلى عَلَيْكُمْ} ليس بتكرار؛ لأَنَّ الأَوَّل فى الدنيا عند نزول العذاب وهو الجَدْب عند بعضهم، ويومُ بدر عند البعض، والثانى فى القيامة، وهم فى الجحيم؛ بدليل قوله:{رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا} .
فضل السّورة
يذكر فيه من الأَحاديث الواهية حديث أُبى: مَنْ قرأَ سورة المؤمنين بشَّرته الملائكة بالرَّوح، والريْحان، وما تقرُّ به عَيْنُه عند نزول مَلَك الموت، ويروى: أَنَّ أَوّل هذه السّورة وآخرها من كنوز العرش من علم بثمان آيات من أَوّلها، واتَّعظ بأَربع آيات مِن آخرها؛ فقد نجا، وأَفلح، وحديث علىّ: يا علىّ مَنْ قرأَها تقبل الله منه صلاته، وصيامه، وأَفلح؛ وحديث علىّ: يا علىّ مَنْ قرأَها تقبل الله منه صلاته، وصيامه، وجَعَله فى الجنَّة رفيق إِسماعيل، وله بكل آية قرأَها مثلُ ثواب إِسماعيل.