الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجدت الله تعالى أمامك في جميع أمورك. فعليك أن تتعرف إليه حالة الرخاء والصحة لتجده حالة الشدة والمرض، كما وقع لأهل الغار في الكهف حينما وقع حجر أمامهم وسد عليهم باب الخروج. راجع الآية 26 من سورة الكهف في ج 2.
هذا وقد أوردنا ما يتعلق في بحث الاستقامة في آية هود المذكورة آنفا فراجعها مع ما أوردناه في حق التقوى هنا ففيه كفاية. ولنرجع إلى تفسير الآية التي نحن بصددها بعد أن شطح بنا القلم فيما استطردناه، وهي أن كل نفس لا بد وأن تجازى بما عملت هي نفسها عليه، فلا يكون بحالة من الأحوال مجازاة غيرها عنها، قال تعالى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) الآية 19 من سورة فاطر في ج 1، «وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ» إذا كانت كافرة مطلقا، وإذا كانت مؤمنة إلا بإذن الله، ولمن يرتضيه، راجع الآية 28 من سورة الأنبياء ج 2، «وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ» عنها أي فدية تقيها من عذاب الله «وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ 48» فيه من العذاب، وهذه الآية بمعرض الرد على اليهود الذين يزعمون أن آباءهم أصحاب موسى عليه السلام يشفعون لهم في الآخرة. قال تعالى معددا بعض نعمه عليهم بقوله عز قوله في قصة ثالثة ضمنها قصصا أخر متتابعة من أعمال اليهود وهي «وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ» وهؤلاء المخاطبون لم يشهدوا عهد فرعون وإذاقتهم عذابه بالعسف، إلا أنهم يعلمون ذلك بالاستقراء وبذكره بالتوراة «يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ» أي قتل الذكور وإبقاء الإناث للخدمة «بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ 49» راجع الآية 8 من سورة القصص في ج 1 وما ترشدك إليه في هذا البحث «وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ» وجعلنا فيه مسالك لتقطعوه وتتخلصوا من فرعون وقومه.
مطلب خروج بني إسرائيل من مصر وأخذهم ضريح يوسف وإنجائهم وإغراق فرعون والميقات الأول:
قالوا لما دخل بنو إسرائيل مصر زمن يوسف عليه السلام كانوا اثنتين وسبعين نسمة، ولما خرجوا منها زمن موسى عليه السلام كانوا ستمئة ألف وعشرين ألفا،
عدا الذين دون العشرين وفوق الستين، قالوا وأخرج الله كل ولد كان في القبط من بني إسرائيل إلى بني إسرائيل، وكل ولد كان في بني إسرائيل من القبط إلى القبط، ولما أمره الله بإخراجهم أمرهم أن يستعيروا حلي القبط وأن يتركوا أصرجتهم مضيئة في دورهم لئلا يرتاب القبط ببقائهم، وليعلموا أن استعارة الحلي ليتزينوا بها في عيدهم، ففعلوا وخرجوا إلى باب البلد فأضلوه، فقال مشايخهم إنما أضللنا الباب بسبب العهد الذي أخذه يوسف علينا بأن لا نخرج من مصر حتى نأخذ ضريحه معنا، فتحروا قبره فلم يجدوه، فأخبرتهم عجوز أنه في النيل، فدعا موسى ربه، فانحسر النيل وظهر تابوته، فأخرجوه ووضعوه ضمن تابوت من رخام ونقلوه معهم، وداوموا سيرهم طيلة الليل، ولما بلغ فرعون خروجهم تبعهم بألف ألف وسبعمئة ألف، وعند طلوع الشمس دخلوا شاطىء البحر، فنظروا فإذا فرعون وقومه بأثرهم، فأوحى الله إلى موسى فضرب البحر ودخله وقومه، فدخلوه، فأنجى الله موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، راجع تفصيل هذه القصة في الآية 63 من سورة الشعراء في ج 1. قال تعالى «فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ 50» فعلنا بكم وبهم بأم عيونكم كيفية الإنجاء والإغراق بآن واحد،
«وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً» ثلاثين من ذي القعدة وعشرا من ذي الحجة، ولم يقل نهارا لأن الأشهر العربية وضعت على سير القمر، وهذا هو الميقات الأول إذ يوجد آخر سنأتي على ذكره بعد. قالوا إن بني إسرائيل لم يكن لديهم شريعة ولا كتاب، وقد وعد الله موسى بإنزال التوراة ووقت له هذا الميقات، فاستخلف عليهم هارون وذهب لميقات ربه، وكان السامري يرى جبريل حين يأتيه ويرى فرسه لا تطأ شيئا إلا حيي وكان منافقا، فقبض قبضة من أثرها إذ عرف أنه إذا ألقاها على شيء يحيا، فقال لبني إسرائيل إن الحلي الذي أخذتموه من القبط لا يحل لكم فضعوه في هذه الحفرة، فوضعوه، فعمد إليه وصاغه عجلا وألقى التراب فيه، فصار يخور، فقال لبني إسرائيل هذا إلهكم الذي ذهب إليه موسى نسيه هنا. راجع تفصيل هذه القصة في الآية 148 من سورة الأعراف في ج 1، وذلك قوله تعالى «ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ» إلها فعبدتموه «مِنْ بَعْدِهِ»