الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصحة أولى، لأن مثلها كاملة لا تجابه رسول الله بمثل هذا الكلام، كما أن حضرة الرسول لا يعنف أحدا بعد إسلامه، فهذا وإن كان واقعا إلا أنه لا يدل على أن هذه الآية نزلت هناك، وإنما بايعهن بمقتضى هذه البيعة التي بايع عليها النساء في المدينة لأن الله تعالى لم ينزل بكل حادثة آية، فيكرر نزول الآيات بتكرار الحوادث بل آية واحدة لحوادث شتى وتطبيقها على ما يحدث بعد نزولها بتلاوتها من قبل النبي لا يعني أنها نزلت ثانيا وسبق أن بينا في سورة الفاتحة ج 1 عدم صحة نزول آية أو سورة مرتين، قال تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ» من اليهود وغيرهم «قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ» وحرموا من ثوابها لتكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم مع علمهم بأنه مرسل من الله حقا لهم ولغيرهم «كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ» (13) الذين ماتوا على كفرهم من أن يرجعوا إليهم وأن يبعثوا ثانيا لأنهم ينكرون البعث، وقد ختم الله هذه السورة بالمعنى الذي بدأها به تشديدا للكفّ عن موالاة الكافرين والمنافقين لأنها تعود على المسلمين بالضرر، ولا يوجد سورة مختومة بما ختمت هذه السورة في القرآن كله هذا، والله أعلم، واستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وأصحابه وأزواجه وذرياته أجمعين ومن تبعهم إلى يوم الدين آمين.
تفسير سورة النساء عدد 6 و 92 و 4
نزلت بالمدينة بعد سورة الممتحنة، وهي مئة وست وأربعون آية، وثلاثة آلاف وخمس وأربعون كلمة، وسنة عشر الف وثلاثون حرفا، لا يوجد مثلها في عدد الآي، وقدمنا في سورة الممتحنة السور المبدوءة بلفظ يا أيها.
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
قال تعالى: «يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ» نفس آدم عليه السلام «وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها» حواء عليها السلام من ضلع من أضلاعه سئل جراح لم خلقت المرأة من ضلع الرجل؟ فقال إنما أخذت من جانبه لتكون مساوية له، ومن تحت ذراعيه
ليحميها، ومن أقرب مكان لقلبه ليحبها ويحترمها، ولم تخلق من رأسه لئلا تتسلط عليه ولا من قدميه لئلا يدوسها عند الغضب. قال تعالى «وَبَثَّ مِنْهُما» ما تفرع عنهما بطريق الولادة «رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً» أكثر، وإنما لم يصفهن بالكثرة مع أنهن أكثر من الرجال إشارة إلى الاختفاء المقتضى لهن، وتنبيها على أن الرجال أكمل منهن وأتم وأفضل، وعلى القاعدة بجواز الحذف من الثاني لدلالة الأول وبالعكس ومثله كثير «وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ» بين بعضكم كقولك أسألك بالله أن تفعل كذا وأحلف عليك بالله وأستشفع إليك بالله أن تعفو عن كذا وأرجوك بالله وأستجيرك بالله من أن تقول كذا وما أشبه ذلك، «وَالْأَرْحامَ» اتقوا الله فيهم أيها الناس صلوهم لا تفطعوهم وقربوهم لا تبعدوهم، هذا على قراءة النصب، وعلى قراءة الجر يكون المعنى واتقوا الله الذي تساءلون به وبالرحم كما تقول ناشدتك الله والرحم، وسألتك بالله وبالرحم، وكان الناس يعتادون هذا تنبيها لشدة المحافظة على الأرحام ودوام الاعتناء بهم. روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله. ورويا عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سرّه أن يبسط له في رزقه وينسا له في اثره فليصل رحمه. ورويا عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة قاطع رحم.
«إِنَّ اللَّهَ كانَ» ولمل يزل «عَلَيْكُمْ رَقِيباً» 1 لا يغيب عنه شيء من أموركم الباطنة والظاهرة قبل أن تقع منكم، فجدير بكم أن تنقوه أيها الناس وتحذروا مخالفته. قال تعالى «وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ» بأعيانها وما تولد منها ونمى عنها عند ما تستأنسون منهم الرشد وإمكان قيامهم بها كما سيأتي في الآية 5.
نزلت هذه الآية في أولياء الأيتام إذ كانوا زمن الجاهلية يبدلون أحسن أموالهم بأقبح ما عندهم، ولهذا قال تعالى «وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ» أي مال اليتيم وسمي خبيثا مع أنه طيب لأن تناوله حرام ولا أخبث من الحرام «بِالطَّيِّبِ» بمالكم الحلال لأنه مهما كان قبيحا ودنيئا أو خبيثا فهو طيب لأنه حلال ولا أطيب من الحلال «وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ» المحرمة عليكم وتضموها «إِلى أَمْوالِكُمْ»