المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مطلب عظمة العرش والكرسي وأفضل آية في القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والإكراه في الدين: - بيان المعاني - جـ ٥

[ملا حويش]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الخامس]

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌تفسير سورة البقرة عدد 1- 87 و 2

- ‌مطلب الإيمان يزيد وينقص وحال المنافقين وفضيحتهم وأفعالهم:

- ‌مطلب في المثل لماذا يضرب وما هو الرعد والبرق وضمير مثله:

- ‌مطلب في ثمار الجنة ونسائها وأهلها وضرب المثل والعهود التي أخذها الله على خلقه:

- ‌مطلب في المخترعات الحديثة والتحليل والتحريم وبحث في الخلق وقصة الجنّ ومغزى اعتراضهم:

- ‌مطلب تفضيل الرسل على الملائكة وامتناع إبليس عن السجود وكونه ليس من الملائكة:

- ‌مطلب إغواء إبليس لآدم وحواء وخروجهما من الجنة وإسكانهما الأرض:

- ‌مطلب في العقل ومعناه وأحاديث ومواعظ في الصبر والتقوى وغيرهما والصلاة وما خوطب به بنو إسرائيل:

- ‌مطلب خروج بني إسرائيل من مصر وأخذهم ضريح يوسف وإنجائهم وإغراق فرعون والميقات الأول:

- ‌مطلب في الشكر وتوبة بني إسرائيل والميقات الثاني:

- ‌مطلب في التيه والمنّ والسلوى ومخالفتهم أمر الله ثانيا:

- ‌مطلب رفع الطور على بني إسرائيل وكيفية مسخهم قودة وخنازير:

- ‌مطلب ما قاله الإمام المراغي وقصة البقرة وإحياء الميت:

- ‌مطلب مثالب بني إسرائيل وتحويفهم كلام الله ونقضهم عهوده:

- ‌مطلب حرص اليهود على الدنيا وعداوتهم لجبريل عليه السلام وابن حوريا وعمر بن الخطاب وقوة إيمانه:

- ‌مطلب في السحرة وهاروت وماروت والحكم الشرعي في السحر والساحر وتعلمه وتعليمه والعمل به:

- ‌مطلب في النسخ وأسبابه وأنه لا يكون إلا بمثله أو خير منه:

- ‌مطلب الاختلاف في سبب نزول الآية 108 وتفنيد الأقوال فيها ومجهولية الفاعل:

- ‌مطلب مناظرة اليهود والنصارى، ولغز في ذلك:

- ‌مطلب فيما ابتلى به إبراهيم ربه والكلمات التي علمها له وبناء الكعبة وغيرها:

- ‌مطلب وصية يعقوب وبقية قصة إسماعيل عليهما السلام:

- ‌مطلب بناء البيت وحدوده من جهاته وتحريمه واحترام ما فيه وبدء بنائه:

- ‌مطلب كيفية الإيمان والإسلام والمعمودية ومن سنها وتحويل القبلة وأن الشهادة قد تكون بلا مشاهدة ومنها شهادة خزيمة:

- ‌مطلب آيات الصفات والشكر على النعم والذكر مفرد أو جماعة وثواب الشهيد:

- ‌مطلب في الصبر وثوابه وما يقوله المصاب عند المصيبة:

- ‌مطلب في السعي وأدلة السمعية والحكم الشرعي فيه وكتم العلم:

- ‌مطلب الدلائل العشر المحتوية عليها الآية 164 من هذه السورة:

- ‌مطلب في الأكل وأحكامه وأكل الميتة والدم وغيرهما من المحرمات:

- ‌مطلب أنواع البرّ والقصاص وما يتعلق بهما:

- ‌مطلب في الوصايا ومن يوصى له ومن لا وما على الوصي والموصى له والموصي:

- ‌مطلب في الصوم وفرضيته والأعذار الموجبة للفطو والكفارة وإثبات الهلال وإنزال الكتب السماوية:

- ‌مطلب الدعاء وشروطه والجمع بين الآيات الثلاث فيه وشروط الإجابة:

- ‌مطلب أخذ أموال الناس باطلا والقضاء لا يحلل ولا يحرم ومعنى الأهلة وما كان في الجاهلية وأنه القتال الأولى:

- ‌مطلب المقابلة بالمثل وفضل العفو والإنفاق في سبيل الله والإحسان:

- ‌مطلب في المحافظة على الأدب في الحج ولزوم التقوى فيه وجواز البيع والشراء في الموسم ودوام ذكر الله تعالى:

- ‌مطلب مقتل زيد بن الدثنة وخبيب الأنصاري وإظهار حبهم لحضرة الرسول والصلاة عند القتل وقصة صهيب:

- ‌مطلب لا يصح نزول الآية في عبد الله بن سلام وبحث قيم في آيات الصفات وأن المزين في الحقيقة هو الله تعالى:

- ‌مطلب الأنبياء والرسل المتفق عليهم والمختلف فيهم ورسالتهم وعددهم وعدد الكتب المنزلة عليهم:

- ‌مطلب في الإنفاق والجهاد وفوائدهما وما يترتب على القعود عنهما من البلاء:

- ‌مطلب في الخمر والميسر ومخالطة اليتامى والنظر إليهم وبحث في النفقة أيضا وحفظ بيت المال

- ‌مطلب في الحيض والنفاس وما يجوز معهما وما يمتنع وكفارة من يقرب الحائض وفي الإتيان في الدبر:

- ‌مطلب في الأيمان وكفّارتها والإيلاء والطلاق والعدة وكلمات من الأضداد وما يتعلق بحقوق الزوجين:

- ‌كراهة الطلاق وجواز الخلع على مال وحرمة أخذه إن كان لا يريدها ووقوع الطلاق الثلاث:

- ‌مطلب في الرضاع وعدة الوفاة والطلاق وما يجب فيهما ونفقة الأولاد والمعتدات:

- ‌مطلب قصة ذي الكفل ونادرة السلطان سليم وقصة أشمويل عليه السلام:

- ‌مطلب في التابوت ومسيرهم للجهاد ومخالفتهم توصية نبيهم بالشرب من النهر وقتل جالوت وتولية داود عليه السلام:

- ‌مطلب التفاضل بين الأنبياء واختصاص كل منهم بشيء وتفضيل محمد على الجميع وإعطائه ما أعطاهم كلهم من المعجزات:

- ‌مطلب عظمة العرش والكرسي وأفضل آية في القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والإكراه في الدين:

- ‌مطلب محاججة النمروذ مع إبراهيم عليه السلام وقصة عزير عليه السلام وسؤال إبراهيم عن كيفية إحياء الموتى وجوابه عليها:

- ‌مطلب في الصدقة الخالصة والتوبة وما يتعلق بهما وبيان أجرها وعكسه:

- ‌مطلب أدل آية على فرض الزكاة ومعنى الحكمة والحكم الشرعي في الزكاة والنذر:

- ‌مطلب الهداية من الله، وفضل إخفاء وإعلان الصدقة، والربا وما يتعلق به والحكم الشرعي فيه:

- ‌مطلب فائدة انظار المعسر وتحذير الموسر عن المماطلة بالأداء وأجر العافي عن الدين والتوبة عن الربا وآخر آية نزلت فيه:

- ‌مطلب في الكتابة والشهادة على الدين وتحذير الكاتب والشاهد من الإضرار بأحد المتعاقدين وحجر القاصر ومن هو بحكمه:

- ‌مطلب المحاسبة غير المعاقبة ومعنى الخطأ والنسيان والهمّ والطاقة والإصر وغيرهما:

- ‌تفسير سورة الأنفال عدد 2 و 98 و 8

- ‌تفسير سورة آل عمران عدد 3 و 89 و 3

- ‌مطلب في وفد نجران ومناظرته مع حضرة الرسول، وبيان المحكم والمتشابه في القرآن العظيم:

- ‌مطلب آيات الله في واقعة بدر. ومأخذ القياس في الأحكام الشرعية. وأن الله خلق الملاذ إلى عباده ليشكروه عليها ويعبدوه:

- ‌مطلب في معنى الحساب وعلامة رضاء الله على خلقه وموالاة الكفرة وتهديد من يواليهم أو يحبتهم:

- ‌مطلب من معجزات القرآن تماثيل الأعمال كالسينما وفي طاعة الله ورسوله التي لا تقبل الأولى إلا مع الثانية وهناك من الأمثال ما يقاربها:

- ‌مطلب ولادة مريم من حنة وتزويج زكريا من إيشاع وقصتهما وما يتعلق فيهما:

- ‌مطلب في الاصطفاء، ومن كمل من النساء، وما احتوت عليه هذه الآيات وما يتعلق بها:

- ‌مطلب معجزات عيسى عليه السلام وقصة رفعه إلى السماء وعمل حوارييه من بعده:

- ‌مطلب في المباهلة ما هي وعلى أي شيء صالح رسول الله وقد نجوان وحكاية أسير الروم

- ‌مطلب في الحلف الكاذب والمانّ بما أعطى والمسبل إزاره وخلف الوعد ونقض العهد:

- ‌مطلب وقت قبول التوبة وعدم قبولها. ومعنى البر والإثم. والتصديق بالطيب. والوقف الذري. وتبدل الأحكام بتبدل الأزمان:

- ‌مطلب في البيت الحوام والبيت المقدس وفرض الحج وسقوطه وتاريخ فرضه والزكاة والصوم والصلاة أيضا:

- ‌مطلب فتن اليهود وإلقائها بين المسلمين وسبب اتصال الأنصار بحضرة الرسول وألفتهم:

- ‌مطلب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاجتماع والفرقة وكون هذه الأمة خير الأهم ومعنى كان والتذكير والتأنيث:

- ‌مطلب حقد اليهود والمنافقين ورؤية حضرة الرسول وقصة أحد وما وقع فيها:

- ‌مطلب من أمي قديم، إلى حزن حادث وفي الربا ومفاسده. ووجود الجنة والنار والأوراق النقدية:

- ‌مطلب في التقوى وكظم الغيظ والعفو والإحسان، ومكارم الأخلاق والتنزه عن مذامتها:

- ‌مطلب الأيام دول بين الناس، وكون الجهاد لا يقرب الأجل، وكذب المنافقين، واللغات التي تجوز في كأين:

- ‌مطلب المقتول ميت بأجله، وأنواع العبادة ثلاثة، وبحث في الشورى ومن يشاور، وخطبة أبي طالب:

- ‌مطلب في حياة الشهداء، وخلق الجنة والنار، وقصة أهل بنو معونة، وما قاله معبد الخزاعي:

- ‌مطلب غزوة حمراء الأسد، وبدر الصغرى، وأحاديث في فضل الجهاد والرباط:

- ‌مطلب في الزكاة وعقاب تاركها، وتحذير العلماء من عدم قيامهم بعلمهم، وحقيقة النفس:

- ‌مطلب إخبار الله تعالى عما يقع على المؤمنين وقتل كعب بن الأشرف والاعتبار والتفكر والذكر وفضلهما وصلاة المريض:

- ‌مطلب فيما وقع للنجاشي مع أصحاب رسول الله ووفد قريش. ومأخذ قانون عدم تسليم المجرمين السياسيين. والصلاة على الغائب:

- ‌تفسير سورة الأحزاب عدد 4- 90 و 33

- ‌مطلب في غزوة الخندق وما سلط فيها على الأحزاب وهزيمتهم

- ‌مطلب لا يسمى ما وقع من حضرة الرسول وما في بعض آيات القرآن شعرا لفقد شروطه وقصة بني قريظة:

- ‌مطلب في تخيير المرأة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتبرج النساء وتسترهن

- ‌مطلب زواج حضرة الرسول بمطلقة زيد، وكونه خاتم الأنبياء، والطلاق قبل الدخول:

- ‌مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا:

- ‌مطلب كيفية الصلاة على النبي، وهل يجوز إطلاقها على غيره، والذين لعنهم الله ومن يؤذي أولياءه:

- ‌مطلب تفطية وجه المرأة، والنهي عن نقل القول، وما اتهم به موسى من قومه والأمانة:

- ‌تفسير سورة الممتحنة عدد 5- 91 و 60

- ‌مطلب الاخبار بالغيب في كتاب حاطب لأهل هكة ونصيحة الله للمؤمنين في ذلك:

- ‌مطلب من جحد عهد الحديبية وما يتعلق بالنسخ ونص المعاهدة وما وقع فيها من المعجزات:

- ‌تفسير سورة النساء عدد 6 و 92 و 4

- ‌مطلب في أخلاق الجاهلية وفوائد السلطان للبلاد والعباد. وأكل مال اليتيم:

- ‌مطلب في الوصايا وأموال الأيتام وحفظها وتنميتها ورخصة الأكل منها للمحتاج:

- ‌مطلب حد الزنى واللواطة. وأصول التشريع. والمراد بالنسخ. وإيمان اليأس والتوبة:

- ‌مطلب في المحرمات من النساء وفي نكاح الحرة والأمة ونكاح التبعة والتفاضل بين الناس:

- ‌مطلب أكل المال بالباطل وجواز البيع بالتراضي ومن يقتل نفسه وكبائر الذنوب وصغائرها وما يتعلق بهذا:

- ‌مطلب تفضيل الرجل على المرأة. وعدم مقاصصتهن لرجالهن. وأمر تأديبهن منوط برجالهن أيضا:

- ‌مطلب أجمع آية في القرآن لمصارف الصدقة. وحق القرابة والجوار وشبههما وذم البخل:

- ‌مطلب أن الخمر الثالثة ونزول آية التحويم والأصول المتممة في النطق، وعدم اعتبار ردة السكران وطلاقه:

- ‌مطلب طبايع اليهود أخزاهم الله واسلام عبد الله بن سلام وأصحابه وغفران ما دون الشرك وعلقة اليهود:

- ‌مطلب توصية الله الحكام بالعدل ومحافظة الأمانة والأحاديث الواردة فيها وتواصي الاصحاب في ذلك:

- ‌في مطلب معنى زعم قصة بشر واليهودي والزبير والأنصاري وامتثال أوامر الرسول:

- ‌مطلب ما فعله ابو نصير وفتح خيبر وتبوك وما وقع فيهما من المعجزات وظهور خير صلح الحديبية الذي لم يرض به الأصحاب

- ‌مطلب في قوله تعالى كل من عند الله، وكيفية حال المنافقين مع حضرة الرسول، وان كلام الله لا يضاهيه كلام خلقه محمد فمن سواه صلى الله عليه وسلم:

- ‌مطلب أمر حضرة الرسول بالقتال والآية المبشرة إلى واقعة أحد وبدر الصغرى والشفاعة والرجاء ومشروعية السلام ورده:

- ‌مطلب من يقتل ومن لا يقتل ومن يلزمة الكفارة للقتل ومن لا وما هو يلزم القاتل وأنواع القتل:

- ‌مطلب في قصر الصلاة وكيفيتها وهل مقيدة بالخوف أم لا ومدتها، وقصة سرقة طعيمة بن أبيرق وجواز الكذب أحيانا:

- ‌مطلب غفران مادون الشرك وتوبة الشيخ على يد رسول الله:

- ‌مطلب ارث النساء والقسم من الزوجات وجواز الفداء والعداء والظلم والعدل:

- ‌مطلب في التهكم والكتاب والنهي عن مجالسة الغواة وأفعال المنافقين وأقوال اليهود الباطلة:

- ‌مطلب عدم تيقن اليهود بان عيسى هو المصلوب، وآية الربا الرابعة، وعدد الأنبياء والرسل وفرق النصارى ونص الأقانيم الثلاث:

الفصل: ‌مطلب عظمة العرش والكرسي وأفضل آية في القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والإكراه في الدين:

فقال إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط (الميزان) ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور- وفي رواية النار- لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.

وهذا من أحاديث الصفات راجع بحثها في الآية 210 المارة «لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» ملكا وعبيدا لا ينازعه فيهما وما فيهما أحد، وقد أجرى هنا لفظ ما تغليبا لمن لا يعقل على من يعقل لأن الغالب فيهما ما لا يعقل «مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ» استفهام بمعنى النفي أي لا يشفع أحد لأحد قط إلا بإذنه والاستفهام الإنكاري كهذا لا يجاب إلا بلا «يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ» مما هو أمام خلقه في الدنيا «وَما خَلْفَهُمْ» ما وراء خلقه كافة بالآخرة «وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ» لا يعلم أحد البتة من هؤلاء المخلوقات كلها كنه شيء ما من معلوماته «إِلَّا بِما شاءَ» أن يحيط علمهم به بأن يعلم من شاء من خلقه الخواص الخلص كالأنبياء والعارفين بعض معلوماته مما فيه معجزة أو كرامة، قال تعالى (فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ) الآية 27 من سورة الجن في ج 1، قال الغزالي رحمه الله: إن الله عالم بكل معلوم وعلمه محيط بكل شيء وليس شيء من العلى إلى الثرى إلا وقد أحاط به علمه لأن الأشياء بعلمه ظهرت وبقدرته انتشرت.

‌مطلب عظمة العرش والكرسي وأفضل آية في القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والإكراه في الدين:

قال تعالى «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ» الكرسي هو ما يجلس عليه وسط العرش وهما أي الكرسي وللعرش اسمان للسرير لا يعرف كيفيتهما وعظمتهما إلا هو فكما أنه جل علاه لا مثل له فلا مثل لكرسيه وعرشه، راجع الآية 7 من سورة هود في ج 2 وما ترشدك إليه عن هذا البحث، ويدلك على عظمتهما ما أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال: إن السموات السبع والأرضين السبع لو بسطن ثمّ وصلن بعض ما كن في سعته (أي الكرسي) إلا بمنزلة الحلقة في المفازة. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه

ص: 224

عن أبي ذر أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكرسي فقال: يا أبا ذر ما السموات السبع والأرضون السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة في فلاة وان فضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة. وفي رواية الدارقطني والخطيب عن ابن عباس قال:

سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) الآية قال كرسيه موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره «وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما» لا يثقل عليه ولا يشق ولا يجهده حفظ السموات والأرض وما فيهما وبينهما «وَهُوَ الْعَلِيُّ» الرفيع الذي لا يدانيه أحد ولا يقرب من رفعته شيء «الْعَظِيمُ» (255) الذي دل لهيبته كل عظيم وخضع لعظمته كل كبير، وقد أتت جمل هذه الآية بلا عطف لأنها على سبيل البيان كما ترى، وقد جاء في فضلها أحاديث كثيرة نذكر منها ما رواه مسلم عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قلت (اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) إلخ، فضرب في صدري وقال ليهنك العلم يا أبا المنذر. وأخرج الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لكل شيء سنام وإن سنام القرآن البقرة وفيها آية هي سيدة القرآن آية الكرسي. وأخرج أبو داود عن وائلة بن الأصقع أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم في صفة المهاجرين فسأله إنسان أي آية في القرآن أعظم؟ فقال صلى الله عليه وسلم (اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) إلخ. وذلك لجمعها بين أصول الأسماء والصفات من الإلهية والوحدانية والحياة والعلم والقيّومية والملك والقدرة والإرادة، لأن الله تعالى أعظم مذكور في القرآن فما كان ذكرا له توحيد وتمجيد كان أعظم الأذكار، فطهر لك من هذا أن هذه أعظم آيات القرآن. وأما أجمع آية فيه فهي الآية 90 من سورة النحل، وأرجى آية فيه الآية 54 من سورة الزمر في ج 2. واعلم أن هذه الآية توجب على العباد الإخلاص في العمل لله تعالى وحده وعدم الاعتماد على غيره لأن الشفاعة وإن كانت مرجوّة من الرسول ومن يؤهله الله لها فلا تكون إلا بإذنه كما علمت ولا بد أن تكون مصحوبة بالأعمال الصالحة لأن الذين يخلطون بأعمالهم الصالحة عملا سيئا يرجى لهم، راجع الآية 106 من سورة التوبة الآتية، مع لعلم بأن الله تعالى لا قيد عليه في شفاعة ولا غيرها قد يغفر لمن يشاء مع كثرة ذنوبه،

ص: 225

ويعذب من يشاء مع كثرة حسناته لا يسأل عما يفعل. قال تعالى «لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» والحق من الباطل والهدى من الضلال والإيمان من الكفر، فيقال لمن أصاب ووفق رشد وفاز، ولمن خاب وخسر ضل وغوى، قال الشاعر:

ومن يلق خيرا يحمد الناس أمره

ومن يغو لم يعدم على الغي لائما

تصرح هذه الآية الجليلة بأن الله تعالى لم يجر أمر الإيمان على الإجبار بل على الاختيار إذ من حق العاقل أن لا يحتاج إلى التكليف والإلزام بل يختار الخير لنفسه بلا تردد أو تلعثم، قال تعالى (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) الآية 30 من سورة الكهف في ج 2، إذ ترك فيها الخيار لخلقه بعد أن دلهم على الأحسن وأرسل إليهم من يرشدهم للأصلح، قال تعالى (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) الآية 100 من سورة يونس ج 2، فقد أشار في هذه الآية إلى رسله أن لا يقسروا أممهم على الإيمان وإنما عليهم أن يبينوا لهم طريقه ومنافعه في الدنيا والآخرة ويتركوهم وشأنهم إذ ليس عليهم إلا الإنذار كما نص عليه فى آيات كثيرة من القرآن العظيم، وهذه الآية نزلت في المجوس وأهل الكتاب إذ تقبل منهم الجزية ولا يكرهون على الإسلام بخلاف مشركي العرب إذ لا يقبل منهم إلا الإسلام، قال تعالى (تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) الآية 17 من سورة الفتح الآتية، وأو فيها بمعنى إلا، كما سيأتي في تفسيرها لأن المشركين لا دين لهم ولا يجوز أن يتركوا همجا هملا وهم من البشر وقد أعطاهم الله تعالى العقل ومن حق العاقل أن لا يحتاج إلى التكليف والإلزام بل هو نفسه بمقتضى عقله يختار الدين الحق لوضوح الحجة فيه، وبما أن أهل الكتاب يزعمون أن دينهم الحق ولم يوصلهم عقلهم إلى غيره فيتركون وشأنهم، قال تعالى (وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) الآية 39 من سورة فاطر في ج 1، وهذه الآية محكمة غير منسوخة لأنها جارية مجرى الأخبار وهي لا يدخلها النسخ. قال ابن عباس: كانت الجاهلية إذا كانت امرأتهم لا يعيش لها ولد تنذر إذا عاش لتهودنه أو تنصرنه وجاء الإسلام وفيهم من هؤلاء فلما جلت بنو النضير أرادت الأنصار استرداد أبنائهم الذين من هذا القبيل فأبوا،

ص: 226

قال لما نزلت هذه الآية قال صلى الله عليه وسلم خيّروهم فإن اختاروكم فهم لكم وإلا فاجلوهم معهم، وقال ابن عباس إن هذه الآية نزلت في هؤلاء فعلى فرض صحة قوله هذا فلا تكون أيضا منسوخة. على أن الواقع ينفي صحة نزولها فيهم لأن حادثة بني النضير كانت بعد نزول هذه الآية بكثير لكونها في السنة الرابعة من الهجرة، وما قيل إنها نزلت في ولدي الحصين المتنصرين قبل بعثة الرسول حينما كلفهما أبوهما بالإسلام، وقال يا رسول الله أيدخل بعضي في النار وأنا أنظر، على فرض صحته أيضا لا تكون منسوخة لأن هؤلاء كلهم يعدون أهل الكتاب، فلا وجه لقول من قال بالنسخ البتة. قال زيد بن أسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين لا يكره أحدا على الدين، وكذلك في المدينة لم يكره أحدا من أهل الكتابين على الإسلام وإنما أكره عليه مشركي العرب ولم يقبل منهم إلا السيف أو الإيمان «فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ» مبالغة الطغيان وهو كل ما يطغي الإنسان من شيطان وإنسان كالسحرة والكهنة وغيرهم وكل ما عبد من دون الله «وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى» تأنيث الأوثق أي السبب الموصل إلى دين الإسلام المفضي إلى جنة الله فمن كان متمسكا بها فقد صح إيمانه واعتصم به وأوفى بالعهد الذي أخذه عليه في عالم الذر «لَا انْفِصامَ لَها» ولا انقطاع لأنه عقد نفسه مع ربه عقدا وثيقا لا تحله الشبهة، وهذا تمثيل المعلوم بالنظر والاستدلال بالمشاهد المحسوس حتى يتصوره السامع كأنه ينظر إليه بعينه «وَاللَّهُ سَمِيعٌ» لإيمان المؤمن وكفر الكافر «عَلِيمٌ» (256) بنيتهما فيعلم الإيمان عن رغبة أو إكراه، ومن هو منافق في إيمانه أو مخلص فيه، كما يعلم المكره على الكفر من الراغب فيه. وهذه الآية ترشد إلى أن الإيمان لا يقبل إلا عن رغبة فيه وقناعة في صحته وأخيريته، لأن المكره على الإيمان لا يعمل بما يقتضيه له من الأعمال. والحكم الشرعي هو هذا. وما روي عن ابن مسعود أن حكم هذه الآية منسوخ بقوله تعالى (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ) الآية 75 من سورة التوبة والآية 10 من سورة التحريم الآتيتين لا محل له لأن الدين عقيدة ذاتية عريقة في نفس الإنسان لا سلطان لأحد عليهما غير الله تعالى القائل (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ)

ولأن من آمن بلسانه قبل منه وعومل معاملة المسلمين ودفن في مقابرهم

ص: 227