الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعليها العدة وعليه نفقتها وجوبا ما دامت في العدة. رابعا إذا تزوجها وسمى لها مهرا ودخل بها ثمّ طلقها فلها تمام المهر وعليه نفقة العدة وتسمى هذه المتعة في الحالات التي يجب على الزوجة فيها العدة نفقة عدة وفي الحالات التي لا تجب فيها العدة متعة.
مطلب قصة ذي الكفل ونادرة السلطان سليم وقصة أشمويل عليه السلام:
ثم طفق جل شأنه يقص علينا ما جرى على بعض أنبيائه فقال جلّ قوله:
«أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ» وذلك أنه حلّ فيهم الطاعون فهربوا من بلدهم خوف إصابتهم به وهذا استفهام تعجب أي أرأيت يا سيد الرسل حالة هؤلاء أشاهدت مثلهم «فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا» بأن أمر ملائكته أن يصيحوا بهم صيحة هائلة فماتوا كلهم دفعة واحدة «ثُمَّ أَحْياهُمْ» بدعوة نبيهم ذي الكفل عليه السلام واسمه حز قيل ابن بوذي ثالث خلفاء بني إسرائيل وسمي ذا الكفل لأنه كفل سبعين نبيا وخلصهم من القتل ويسمى ابن العجوز لأنها كانت عقيما وسألت ربها بعد الكبر والهرم فأعطاها إياه وكانوا في قرية تسمى «ادواردان» وقد وقع بهم الطاعون فخرج قسم منهم وبقي الآخر ففتك بالباقين وعقب انقطاعه عاد النازحون فقال بقية المتخلفين منهم لو نزحنا معهم ما أصابنا ما أصابنا من فقد أولادنا وآبائنا ونسائنا وأقاربنا فإذا عاد الطاعون سنفعل مثلهم فعاد الطاعون الكرة عليهم فخرجوا جميعا من تلقاء أنفسهم دون رضاء نبيهم المشار اليه ونزلوا بواد (أفيح) فأرسل الله إليهم ملكين فصاحا بهم فماتوا عن آخرهم وقد فعل الله ذلك بهم ليعلموا هم والذين من بعدهم أن من قدر عليه الموت لا مناص له منه، فصار نبيهم يبكي ويقول يا رب كانوا يعبدونك معي وبقيت وحيدا وبقي يدعو ويتضرع الى ربه مدة أسبوع فأوحى الله إليه أني قد جعلت حياتهم بيدك فقال لهم أحيوا بإذن الله فحيوا كلهم معجزة له عليه السلام فقاموا وعاشوا معه دهرا طويلا وسحنة الموت على وجوههم، وكان موتهم هذا الذي استمر ثمانية أيام على ما قيل عقوبة لهم لما صدر منهم من القول المار ذكره فلا يقال كيف ماتوا مرة ثانية في الدنيا لأن إحياءهم كان لاستيفاء
آجالهم المقدرة عند الله تعالى ولذلك أحياهم، فلا يرد عليه ما جاء في قوله تعالى (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) الآية 57 من سورة الدخان في ج 2 لأن معجزات الأنبياء من خوارق العادات والآية عامة مخصصة بمعجزات الأنبياء كموت سيدنا عزير عليه السلام وإحيائه كما سيأتي في القصة الآتية بعد وفيها رد على منكري البعث، إذ ثبتت الحياة بعد الإماتة بصراحة هذه الآية بلا تعريض ولا تلويح، والذي يقدر على إحيائهم في الدنيا ألا يقدر على إحيائهم في الآخرة؟ بلى وهو على كل شيء قدير وهو أهون عليه وله المثل الأعلى. روى البخاري ومسلم عن عمر أنه خرج فلما جاء (سرع) بلغه أن الوباء قد وقع بها فأخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم فيها فلا تخرجوا منها فرارا منه، فحمد الله عمر ثمّ انصرف. «إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ» يبصرهم بما يعتبرون به كما بصر أولئك ليتعظوا «وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ 243» أفضال الله عليهم فالكافر لا يشكر والمؤمن قليل شكره، (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) الآية 14 من سورة سبأ في ج 2. قال تعالى «وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» يا أيها الذين أحييناكم بعد الموت «وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (244) بمن يتعلل منكم عن القتال قولا ونية وأن الله تعالى يعامل الإنسان بمقتضى طويته. وفي هذه الآية تمهيد للقتال الذي سيفرضه الله تعالى على رسوله وأمته وتشجيع عليه وإعلام بأنه لا مفرّ لأحد من الموت، وأحسن أنواعه أن يكون في سبيل الله، وقيل فيه:
من لم يمت بالسيف مات بغيره
…
توعت الأسباب والموت واحد
وقيل أيضا:
وإذا لم يكن من الموت بد
…
فمن العجز أن تكون جبانا
ثم أكد جل شأنه الأمر في تضاعيف الترغيب بالعمل الصالح بالوعد بمضاعفة ثواب المجاهد على وجه يتضمن تسلية الإنسان في بذل نفسه في سبيل الله وبذل ماله لعيال الله فقال «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ» نفسه وماله «قَرْضاً حَسَناً» عن طيب نفس وحسن نية وإخلاص قلب «فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً»
لا حساب لها لأن عطاء الله لا يدخل تحت الحساب فضلا عن وصفه بالكثرة لأنه يبارك له في نفسه وماله وولده «وَاللَّهُ يَقْبِضُ» الرزق فيقتره على من يشاء لا بسبب الإنفاق «وَيَبْصُطُ» يوسعه ويكثره على من يشاء لا بسبب البخل «وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ 245» فرادى كما بدأكم أول مرة وتتركون ما خولكم إياه من مال وولد وراءكم في الدنيا وتحاسبون عليهما في الآخرة، فقدموا لأنفسكم ما استطعتم من الخير تربحوا وتنجحوا. أمر الله تعالى قوم ذي الكفل المذكورين بالجهاد بعد أن أحياهم وأخبرهم بفضله تمهيدا لشكره على ما أنعم به عليهم وقد نسبها لهم مع أنها من جملة أفضاله تكريما، قال عطاء الله الاسكندري: ومن فضله عليك أنه خلق ونسب إليك وقد أخبرهم أن من جاهد فكأنما أقرض الله نفسه وماله وقد تعهد الله بمضاعفة هذا القرض ومن أوفى بعهده من الله ومن يتعهد له الله يغنيه ويكفيه عن غيره. ويطلق القرض على كل ما أسلفه الرجل من خير أو شر، قال أمية ابن الصلت:
كل امرئ سوف يجزى فرضه حسنا
…
أو سيئا أو مدينا كالذي دانا
وإن القبض والبسط في الرزق لحكمة تقتضيها إرادة الله لا لكون الرجل تقيا أو شقيا، فمن عرف هذا وأيقن بأن الخير فيما يختاره الله لعبده لا فيما يتصوره هو هان عليه ذلك ورضي بما عنده واستراح، قال القائل:
إذا ما تمنى الناس روحا وراحة
…
تمنيت أن أشكو إليك وتسمع
فمن يشكو إلى الله ما يلاقيه منه يسمع خيرا ويصرف النظر عن الدنيا وينكب للآخرة، وقيل في المعنى:
تزود من الدنيا فإنك راحل
…
وبادر فإن الموت لا شك نازل
وإن امرأ قد عاش سبعين حجة
…
ولم يتزود للمعاد لجاهل
ودنياك ظل فاترك الحرص بعد ما
…
علمت فإن الظل لا بد زائل
وعليه فليثق الإنسان بربه، وليقنع بما أعطاه، وليتيقن أن الخير في الواقع، وليحذر أن يكثر على ربه الأماني، فالكيس من دان (حاسب) نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني. وليعلم هذا وأمثاله أن:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
…
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
نادرة: - نزل السلطان سليم الأول العثماني سامحه الله في قارب يريد العبور من الآستانة إلى اسكدار، وكان معه أستاذه شيخ الإسلام العلامة شمس الدين أحمد چلبي الشهير بابن كمال فخاطبه السلطان أثناء جريان القارب فيها بقوله:
فيم اقتحامك لج البحر تركبه
…
وأنت يكفيك منه مصّة الوسل
فأجابه فورا من بحر بيته بقوله:
أريد بسطة كف أستعين بها
…
على قضاء حقوق للملا قبلي
فتعجب من حسن جوابه وأحسن إليه. ثم ذكر جل ذكره على طريق الاستفهام التقريري والتعجب التذكيرين بقصة أخرى من عجائب أفعاله البديعة وصنائعه الغريبة فقال تعالى يا سيد الرسل «أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ» من أشرافهم من أهل الحل والعقد في المملكة وهؤلاء المتعجب منهم كانوا «مِنْ بَعْدِ» موت «مُوسى» عليه السلام «إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ» هو على ما قيل شمعون ابن يوشع عليه السلام، ومقول القول «ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» معه «قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا» مع ذلك الملك الذي تريدون أن يبعثه الله إليكم لأني أتوقع أن لا توفوا بوعدكم «قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» معه «وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا» من قبل الذين غلبونا ألا نريد أن نأخذ بثارنا منهم فلا بد لنا من قتالهم لننتقم منهم، فسأل نبيهم ربه عز وجل فبعث لهم ملكا وفرض عليهم القتال معه «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا» عنه وأعرضوا عن الجهاد معه وأخلفوا عهدهم وضيعوا أمر الله «إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ» ثبتوا على عهدهم مع الملك وظلم المخالفون أنفسهم «وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ 245» الذين ينكثون عهدهم ويخلفون وعدهم. وخلاصة القصة الثانية قالوا إن يوشع بن نون عليه السلام كان أقام في بني إسرائيل خليفة لسيدنا موسى وسيدنا هرون عليهما السلام ومن بعده كالب بن يوقنا ثم حز قيل المار ذكره آنفا بالقصة المبينة في الآية 242 المارة، فأقاموا أوامر الله تعالى فيهم بحكم التوراة بعد موت ذي الكفل حز قيل (وهذا
غير الياس المسمى ذا الكفل راجع الآية 213 المارة وما ترشدك إليه من المواضع) عظمت فيهم الأحداث وغيروا أوضاع الدين وبدلوا قسما من التوراة ونسوا عهد الله فيهم على ما فيها وعبدوا الأصنام، فبعث الله تعالى إليهم الياس ليجدد عهده فيهم ويأمرهم أن يطيعوا الله ويعملوا بأحكام التوراة، ومن بعده اليسع، فأقاموا فيهم ما شاء الله تعالى ومن بعدها عظمت الأحداث فيهم والخطايا فسلط الله عليهم العمالقة قوم جالوت ويسمون (الباشانا) يسكنون ساحل الروم بين مصر وفلسطين فغلبوهم على أراضيهم وسبوا ذراريهم وضربوا عليهم الجزية وأهلكوهم حتى لم يبق من سبط النبوة إلا امرأة حبلى فأمسكوا بها لئلا تبدل مولودها بذكر إن كان أنثى، فدعت الله تعالى فرزقها غلاما سمته شمعون ومعناه سمع الله دعائي، وكانوا ينطقون السين شيئا ومعناه بالعبرانية إسماعيل، فكبر وترعرع وتسلم التوراة بكفالة شيخ من كبارهم، فلما بلغ أتاه جبريل عليه السلام وهو نائم جانب الشيخ لأنه كان لا يأمن عليه أحدا فيظل ملازما له فدعاه بلحن الشيخ يا اشمويل فقام فزعا إلى الشيخ وقال يا أبتاه رأيتك تدعوني إفكره أن يقول له لا خوفا عليه، فناداه ثانيا فقال يا أبتاه تدعوني فقال له نم ولا ترد علي إن دعوتك، فناداه الثالثة وظهر له وقال اذهب إلى قومك وبلغهم رسالة ربك فإن الله قد بعثك فيهم نبيا، فلما أتاهم كذبوه وقالوا له إن كنت صادقا فابعث لنا ملكا نقاتل معه آية على نبوتك، ولهذا لم يقل لهم إن بعثت لكم ملكا لا تقاتلون معه كما التمسوا منه مع أنه أظهر مبالغة في إظهار تخلفهم عنه لأنهم إذا كانوا لا يقاتلون عند فرض القتال عليهم فلأن لا يقاتلون عند عدم فرضه من باب أولى. قالوا فدعا الله تعالى فأتى بعصا وقرن فيه دهن القدس وقيل له ان الملك الذي يجب أن يقاتلوا معه يشترط أن يكون من بني إسرائيل وأن يكون بطول العصا وإذا أدخل عليك نش الدهن بالقرن، وكان طالوت بن قيس من سبط بنيامين بن يعقوب مستوفيا لهذين الشرطين بعد أن استعرض كثيرا منهم على مرأى من قومه ولما أدخل عليه نش الدهن بالقرن فاستجمعت فيه الشروط الثلاثة فقال لهم هذا هو ملككم، وكان دباغا وسمي طالوت مبالغة في طوله فملكه عليهم وكان قوام منك بني إسرائيل بالاجتماع على الملوك وطاعتهم طاعة أنبيائهم وكانت الملوك تنقاد