المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مطلب في تخيير المرأة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتبرج النساء وتسترهن - بيان المعاني - جـ ٥

[ملا حويش]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الخامس]

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌تفسير سورة البقرة عدد 1- 87 و 2

- ‌مطلب الإيمان يزيد وينقص وحال المنافقين وفضيحتهم وأفعالهم:

- ‌مطلب في المثل لماذا يضرب وما هو الرعد والبرق وضمير مثله:

- ‌مطلب في ثمار الجنة ونسائها وأهلها وضرب المثل والعهود التي أخذها الله على خلقه:

- ‌مطلب في المخترعات الحديثة والتحليل والتحريم وبحث في الخلق وقصة الجنّ ومغزى اعتراضهم:

- ‌مطلب تفضيل الرسل على الملائكة وامتناع إبليس عن السجود وكونه ليس من الملائكة:

- ‌مطلب إغواء إبليس لآدم وحواء وخروجهما من الجنة وإسكانهما الأرض:

- ‌مطلب في العقل ومعناه وأحاديث ومواعظ في الصبر والتقوى وغيرهما والصلاة وما خوطب به بنو إسرائيل:

- ‌مطلب خروج بني إسرائيل من مصر وأخذهم ضريح يوسف وإنجائهم وإغراق فرعون والميقات الأول:

- ‌مطلب في الشكر وتوبة بني إسرائيل والميقات الثاني:

- ‌مطلب في التيه والمنّ والسلوى ومخالفتهم أمر الله ثانيا:

- ‌مطلب رفع الطور على بني إسرائيل وكيفية مسخهم قودة وخنازير:

- ‌مطلب ما قاله الإمام المراغي وقصة البقرة وإحياء الميت:

- ‌مطلب مثالب بني إسرائيل وتحويفهم كلام الله ونقضهم عهوده:

- ‌مطلب حرص اليهود على الدنيا وعداوتهم لجبريل عليه السلام وابن حوريا وعمر بن الخطاب وقوة إيمانه:

- ‌مطلب في السحرة وهاروت وماروت والحكم الشرعي في السحر والساحر وتعلمه وتعليمه والعمل به:

- ‌مطلب في النسخ وأسبابه وأنه لا يكون إلا بمثله أو خير منه:

- ‌مطلب الاختلاف في سبب نزول الآية 108 وتفنيد الأقوال فيها ومجهولية الفاعل:

- ‌مطلب مناظرة اليهود والنصارى، ولغز في ذلك:

- ‌مطلب فيما ابتلى به إبراهيم ربه والكلمات التي علمها له وبناء الكعبة وغيرها:

- ‌مطلب وصية يعقوب وبقية قصة إسماعيل عليهما السلام:

- ‌مطلب بناء البيت وحدوده من جهاته وتحريمه واحترام ما فيه وبدء بنائه:

- ‌مطلب كيفية الإيمان والإسلام والمعمودية ومن سنها وتحويل القبلة وأن الشهادة قد تكون بلا مشاهدة ومنها شهادة خزيمة:

- ‌مطلب آيات الصفات والشكر على النعم والذكر مفرد أو جماعة وثواب الشهيد:

- ‌مطلب في الصبر وثوابه وما يقوله المصاب عند المصيبة:

- ‌مطلب في السعي وأدلة السمعية والحكم الشرعي فيه وكتم العلم:

- ‌مطلب الدلائل العشر المحتوية عليها الآية 164 من هذه السورة:

- ‌مطلب في الأكل وأحكامه وأكل الميتة والدم وغيرهما من المحرمات:

- ‌مطلب أنواع البرّ والقصاص وما يتعلق بهما:

- ‌مطلب في الوصايا ومن يوصى له ومن لا وما على الوصي والموصى له والموصي:

- ‌مطلب في الصوم وفرضيته والأعذار الموجبة للفطو والكفارة وإثبات الهلال وإنزال الكتب السماوية:

- ‌مطلب الدعاء وشروطه والجمع بين الآيات الثلاث فيه وشروط الإجابة:

- ‌مطلب أخذ أموال الناس باطلا والقضاء لا يحلل ولا يحرم ومعنى الأهلة وما كان في الجاهلية وأنه القتال الأولى:

- ‌مطلب المقابلة بالمثل وفضل العفو والإنفاق في سبيل الله والإحسان:

- ‌مطلب في المحافظة على الأدب في الحج ولزوم التقوى فيه وجواز البيع والشراء في الموسم ودوام ذكر الله تعالى:

- ‌مطلب مقتل زيد بن الدثنة وخبيب الأنصاري وإظهار حبهم لحضرة الرسول والصلاة عند القتل وقصة صهيب:

- ‌مطلب لا يصح نزول الآية في عبد الله بن سلام وبحث قيم في آيات الصفات وأن المزين في الحقيقة هو الله تعالى:

- ‌مطلب الأنبياء والرسل المتفق عليهم والمختلف فيهم ورسالتهم وعددهم وعدد الكتب المنزلة عليهم:

- ‌مطلب في الإنفاق والجهاد وفوائدهما وما يترتب على القعود عنهما من البلاء:

- ‌مطلب في الخمر والميسر ومخالطة اليتامى والنظر إليهم وبحث في النفقة أيضا وحفظ بيت المال

- ‌مطلب في الحيض والنفاس وما يجوز معهما وما يمتنع وكفارة من يقرب الحائض وفي الإتيان في الدبر:

- ‌مطلب في الأيمان وكفّارتها والإيلاء والطلاق والعدة وكلمات من الأضداد وما يتعلق بحقوق الزوجين:

- ‌كراهة الطلاق وجواز الخلع على مال وحرمة أخذه إن كان لا يريدها ووقوع الطلاق الثلاث:

- ‌مطلب في الرضاع وعدة الوفاة والطلاق وما يجب فيهما ونفقة الأولاد والمعتدات:

- ‌مطلب قصة ذي الكفل ونادرة السلطان سليم وقصة أشمويل عليه السلام:

- ‌مطلب في التابوت ومسيرهم للجهاد ومخالفتهم توصية نبيهم بالشرب من النهر وقتل جالوت وتولية داود عليه السلام:

- ‌مطلب التفاضل بين الأنبياء واختصاص كل منهم بشيء وتفضيل محمد على الجميع وإعطائه ما أعطاهم كلهم من المعجزات:

- ‌مطلب عظمة العرش والكرسي وأفضل آية في القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والإكراه في الدين:

- ‌مطلب محاججة النمروذ مع إبراهيم عليه السلام وقصة عزير عليه السلام وسؤال إبراهيم عن كيفية إحياء الموتى وجوابه عليها:

- ‌مطلب في الصدقة الخالصة والتوبة وما يتعلق بهما وبيان أجرها وعكسه:

- ‌مطلب أدل آية على فرض الزكاة ومعنى الحكمة والحكم الشرعي في الزكاة والنذر:

- ‌مطلب الهداية من الله، وفضل إخفاء وإعلان الصدقة، والربا وما يتعلق به والحكم الشرعي فيه:

- ‌مطلب فائدة انظار المعسر وتحذير الموسر عن المماطلة بالأداء وأجر العافي عن الدين والتوبة عن الربا وآخر آية نزلت فيه:

- ‌مطلب في الكتابة والشهادة على الدين وتحذير الكاتب والشاهد من الإضرار بأحد المتعاقدين وحجر القاصر ومن هو بحكمه:

- ‌مطلب المحاسبة غير المعاقبة ومعنى الخطأ والنسيان والهمّ والطاقة والإصر وغيرهما:

- ‌تفسير سورة الأنفال عدد 2 و 98 و 8

- ‌تفسير سورة آل عمران عدد 3 و 89 و 3

- ‌مطلب في وفد نجران ومناظرته مع حضرة الرسول، وبيان المحكم والمتشابه في القرآن العظيم:

- ‌مطلب آيات الله في واقعة بدر. ومأخذ القياس في الأحكام الشرعية. وأن الله خلق الملاذ إلى عباده ليشكروه عليها ويعبدوه:

- ‌مطلب في معنى الحساب وعلامة رضاء الله على خلقه وموالاة الكفرة وتهديد من يواليهم أو يحبتهم:

- ‌مطلب من معجزات القرآن تماثيل الأعمال كالسينما وفي طاعة الله ورسوله التي لا تقبل الأولى إلا مع الثانية وهناك من الأمثال ما يقاربها:

- ‌مطلب ولادة مريم من حنة وتزويج زكريا من إيشاع وقصتهما وما يتعلق فيهما:

- ‌مطلب في الاصطفاء، ومن كمل من النساء، وما احتوت عليه هذه الآيات وما يتعلق بها:

- ‌مطلب معجزات عيسى عليه السلام وقصة رفعه إلى السماء وعمل حوارييه من بعده:

- ‌مطلب في المباهلة ما هي وعلى أي شيء صالح رسول الله وقد نجوان وحكاية أسير الروم

- ‌مطلب في الحلف الكاذب والمانّ بما أعطى والمسبل إزاره وخلف الوعد ونقض العهد:

- ‌مطلب وقت قبول التوبة وعدم قبولها. ومعنى البر والإثم. والتصديق بالطيب. والوقف الذري. وتبدل الأحكام بتبدل الأزمان:

- ‌مطلب في البيت الحوام والبيت المقدس وفرض الحج وسقوطه وتاريخ فرضه والزكاة والصوم والصلاة أيضا:

- ‌مطلب فتن اليهود وإلقائها بين المسلمين وسبب اتصال الأنصار بحضرة الرسول وألفتهم:

- ‌مطلب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاجتماع والفرقة وكون هذه الأمة خير الأهم ومعنى كان والتذكير والتأنيث:

- ‌مطلب حقد اليهود والمنافقين ورؤية حضرة الرسول وقصة أحد وما وقع فيها:

- ‌مطلب من أمي قديم، إلى حزن حادث وفي الربا ومفاسده. ووجود الجنة والنار والأوراق النقدية:

- ‌مطلب في التقوى وكظم الغيظ والعفو والإحسان، ومكارم الأخلاق والتنزه عن مذامتها:

- ‌مطلب الأيام دول بين الناس، وكون الجهاد لا يقرب الأجل، وكذب المنافقين، واللغات التي تجوز في كأين:

- ‌مطلب المقتول ميت بأجله، وأنواع العبادة ثلاثة، وبحث في الشورى ومن يشاور، وخطبة أبي طالب:

- ‌مطلب في حياة الشهداء، وخلق الجنة والنار، وقصة أهل بنو معونة، وما قاله معبد الخزاعي:

- ‌مطلب غزوة حمراء الأسد، وبدر الصغرى، وأحاديث في فضل الجهاد والرباط:

- ‌مطلب في الزكاة وعقاب تاركها، وتحذير العلماء من عدم قيامهم بعلمهم، وحقيقة النفس:

- ‌مطلب إخبار الله تعالى عما يقع على المؤمنين وقتل كعب بن الأشرف والاعتبار والتفكر والذكر وفضلهما وصلاة المريض:

- ‌مطلب فيما وقع للنجاشي مع أصحاب رسول الله ووفد قريش. ومأخذ قانون عدم تسليم المجرمين السياسيين. والصلاة على الغائب:

- ‌تفسير سورة الأحزاب عدد 4- 90 و 33

- ‌مطلب في غزوة الخندق وما سلط فيها على الأحزاب وهزيمتهم

- ‌مطلب لا يسمى ما وقع من حضرة الرسول وما في بعض آيات القرآن شعرا لفقد شروطه وقصة بني قريظة:

- ‌مطلب في تخيير المرأة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتبرج النساء وتسترهن

- ‌مطلب زواج حضرة الرسول بمطلقة زيد، وكونه خاتم الأنبياء، والطلاق قبل الدخول:

- ‌مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا:

- ‌مطلب كيفية الصلاة على النبي، وهل يجوز إطلاقها على غيره، والذين لعنهم الله ومن يؤذي أولياءه:

- ‌مطلب تفطية وجه المرأة، والنهي عن نقل القول، وما اتهم به موسى من قومه والأمانة:

- ‌تفسير سورة الممتحنة عدد 5- 91 و 60

- ‌مطلب الاخبار بالغيب في كتاب حاطب لأهل هكة ونصيحة الله للمؤمنين في ذلك:

- ‌مطلب من جحد عهد الحديبية وما يتعلق بالنسخ ونص المعاهدة وما وقع فيها من المعجزات:

- ‌تفسير سورة النساء عدد 6 و 92 و 4

- ‌مطلب في أخلاق الجاهلية وفوائد السلطان للبلاد والعباد. وأكل مال اليتيم:

- ‌مطلب في الوصايا وأموال الأيتام وحفظها وتنميتها ورخصة الأكل منها للمحتاج:

- ‌مطلب حد الزنى واللواطة. وأصول التشريع. والمراد بالنسخ. وإيمان اليأس والتوبة:

- ‌مطلب في المحرمات من النساء وفي نكاح الحرة والأمة ونكاح التبعة والتفاضل بين الناس:

- ‌مطلب أكل المال بالباطل وجواز البيع بالتراضي ومن يقتل نفسه وكبائر الذنوب وصغائرها وما يتعلق بهذا:

- ‌مطلب تفضيل الرجل على المرأة. وعدم مقاصصتهن لرجالهن. وأمر تأديبهن منوط برجالهن أيضا:

- ‌مطلب أجمع آية في القرآن لمصارف الصدقة. وحق القرابة والجوار وشبههما وذم البخل:

- ‌مطلب أن الخمر الثالثة ونزول آية التحويم والأصول المتممة في النطق، وعدم اعتبار ردة السكران وطلاقه:

- ‌مطلب طبايع اليهود أخزاهم الله واسلام عبد الله بن سلام وأصحابه وغفران ما دون الشرك وعلقة اليهود:

- ‌مطلب توصية الله الحكام بالعدل ومحافظة الأمانة والأحاديث الواردة فيها وتواصي الاصحاب في ذلك:

- ‌في مطلب معنى زعم قصة بشر واليهودي والزبير والأنصاري وامتثال أوامر الرسول:

- ‌مطلب ما فعله ابو نصير وفتح خيبر وتبوك وما وقع فيهما من المعجزات وظهور خير صلح الحديبية الذي لم يرض به الأصحاب

- ‌مطلب في قوله تعالى كل من عند الله، وكيفية حال المنافقين مع حضرة الرسول، وان كلام الله لا يضاهيه كلام خلقه محمد فمن سواه صلى الله عليه وسلم:

- ‌مطلب أمر حضرة الرسول بالقتال والآية المبشرة إلى واقعة أحد وبدر الصغرى والشفاعة والرجاء ومشروعية السلام ورده:

- ‌مطلب من يقتل ومن لا يقتل ومن يلزمة الكفارة للقتل ومن لا وما هو يلزم القاتل وأنواع القتل:

- ‌مطلب في قصر الصلاة وكيفيتها وهل مقيدة بالخوف أم لا ومدتها، وقصة سرقة طعيمة بن أبيرق وجواز الكذب أحيانا:

- ‌مطلب غفران مادون الشرك وتوبة الشيخ على يد رسول الله:

- ‌مطلب ارث النساء والقسم من الزوجات وجواز الفداء والعداء والظلم والعدل:

- ‌مطلب في التهكم والكتاب والنهي عن مجالسة الغواة وأفعال المنافقين وأقوال اليهود الباطلة:

- ‌مطلب عدم تيقن اليهود بان عيسى هو المصلوب، وآية الربا الرابعة، وعدد الأنبياء والرسل وفرق النصارى ونص الأقانيم الثلاث:

الفصل: ‌مطلب في تخيير المرأة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتبرج النساء وتسترهن

عن جابر بن عبد الله قال دخل ابو بكر يستأذن على رسول الله فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لأحد منهم، فأذن لأبي بكر فدخل، ثم اقبل عمر فاستأذن فأذن له، فوجد رسول الله جالسا وحوله نساؤه واجما مهتما ساكنا، فقال لأقولن شيئا اضحك به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله لقد وأتيت خارجة سألتني النفقة، فقمت إليها فوجأ عنقها، فضحك رسول الله فقال هنّ حولي كما ترى يسألنني النفقة، فقام ابو بكر إلى عائشة فوجا عنقها، وقام عمر إلى حفصة فوجأ عنقها، أي دقها، وكلاهما يقول تسألن رسول الله بما ليس عنده، قلن والله لا نسأل رسول الله شيئا أبدا ليس عنده، ثم اعتزلهن شهرا وتسعة وعشرين يوما، ولما نزلت هذه الآية بدأ بعائشة فقال إني أريد أن اعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حيث تستشيري أبويك، قالت وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية، قالت أفيك يا رسول الله استشير أبوي؟ بل اختار الله ورسوله والدار الآخرة واسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، قال لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها أن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا، بل بعثني معلما مبشرا. الحكم الشرعي إذا خيّر الرجل امرأته فاختارت نفسها يقع عليها طلقة بائنة، وإذا اختارت زوجها لا يقع عليها شيء ومن هذا القبيل التخيير الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية، فلو أنهن اخترن الدنيا لفارقهن رسول الله، ولكن هنّ لكمال عقلهن لم يخترن إلا رسول الله، فلم يفارقهن، وكذلك إذا جعل أمرها بيدها وطلقت نفسها يقع عليها طلقة بائنة فقط، وكذلك إذا تزوجها على أنه إذا تزوج عليها تكون طالقة فتزوج طلقت طلقة بائنة، وكذلك إذا جعل أمرها بيدها في صك العقد فلها أن تختار الطلاق متى شاءت إذا لم يقيد بقيد، وإذا قيد وجب اتباعه.

‌مطلب في تخيير المرأة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتبرج النساء وتسترهن

روى البخاري ومسلم عن مسروق قال ما أبالي خيّرت امرأتي واحدة أو مئة أو ألفا بعد أن تختارني، ولقد سألت عائشة فقالت خيرنا رسول الله فما كان طلاقا، وفي رواية فاخترناه فلم يعد ذلك شيئا، وعليه فلا وجه لقول من قال إذا اختارت نفسها يقع طلاق ثلاثا وإذا اختارت زوجها يقع واحدة، أما عدم قربانهن شهرا

ص: 472

فإنه صلى الله عليه وسلم آلى على ذلك وبرّ بيمينه. روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم اقسم أن لا يدخل على أزواجه شهرا وكن خمسا من قريش عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر وأم حبيبة بنت أبي سفيان وأم سلمة بنت أمية وسودة بنت زمعة وأربعا غير قرشيات زينب بنت جحش الأسدي وميمونة بنت الحارث الهلالية وصفية بنت حي بن اخطب الخيبرية وجويرية بنت الحارث المصطلقية وكلهن من لم يلدن له شيئا، وكل أولاده من خديجة رضي الله عنها التي كانت منفردة عنده حتى توفيت، وهي أول امرأة تزوجها ولم يتزوج عليها عدا ابراهيم، فإنه من الجارية مارية القبطية التي أهداها له عظيم القبط مع بغلة وطبيب فردّ الطبيب وقبلها والبغلة، فقيل له إنكم في بادية وتحتاجون للطبيب أكثر من غيركم، فقال لا حاجة لنا به إنا قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لم نشبع. أي أن الطبيب يحتاج له من يقترف ذلك، ولأن المرض يكون من الأكل والشرب والحر والقر قال الزهري فأخبرني عروة عن عائشة قالت لما مضى تسع وعشرون ليلة أعدهن دخل علي الرسول صلى الله عليه وسلم فقال (أي عروة قالت عائشة) تراني يا رسول الله قلت أقسمت أن لا تدخل شهرا وانك دخلت في تسع وعشرين أعدهن؟ قال الشهر تسع وعشرون. وسيأتي بحث الإيلاء أول سورة المجادلة إن شاء الله. قال تعالى «يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ» مطلق معصية من نشوز وغيره وإنما سميت معصية الزوج فاحشة من الزوجات هنا بالنسبة لمقام حضرة الرسول لأن كل ما يقع من خلافه فهو عظيم عند الله بالنسبة لمقام رسوله، وإلا فإن الله تعالى صان نساء الأنبياء عن كل فاحشة بمعناها الحقيقي الظاهري، وهذا جار مجرى قوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) الآية 66 من سورة الزمر ج 2، والشرك في حقه محال، لذلك صرف المفسرون الخطاب لغيره صلى الله عليه وسلم، أو أنه إليه والمراد به غيره، ثم وصف تلك الفاحشة بأنها «مُبَيِّنَةٍ» ظاهرة معلومة «يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ» وهذا أيضا بالنسبة لمقامه وشرفهن على غيرهن «وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً» (30) كغيره من أفعاله إذ لا يحول دونه أعوان ولا شفعاء ولا اخوان ولا أولياء ولا فرق فيه عنده بين الشريف والوضيع، فكونهن تحت رسوله لا يدفع عنهن

ص: 473

العذاب، كما أن صغر ذنوبهن لا يكون سببا في تقليل العقوبة عنهن أو تخفيفها، لأن الله تعالى له أن يعاقب عقابا كبيرا على ذنب صغير عندنا معشر أهل السنة والجماعة، وله أن يعفو عن أكبر ذنب لأنه لا يسأل عما يفعل

«وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً» في طاعته وتسليمها لأمر الرسول «نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ» الأول على الطاعة والثاني لشرف اقترانها بحضرة الرسول أي بنسبة العذاب على النشوز والمخالفة «وَأَعْتَدْنا لَها» زيادة على ذلك «رِزْقاً كَرِيماً» (31) في الجنة ورضوانا من الله «يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ» مخالفة أمر الرسول لأن قدر كن عنده أعظم من غيركن «فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ» لأحد غيره بأن ترققن أصواتكن وتعنجن إذا كلمكن أحد أو سألكن من شيء أو حاجة «فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ» من نفاق وريبة بل اغلظن له بالقول «وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً» (32) ملؤه الأدب والوقار حسنا في معناه خشنا في مبناه مقتصرا على الجواب الكافي لأن الزيادة ممنوعة كما أن اللين ممنوع، وإنما أمرهن الله بهذا لئلا ينسبن لقلة الأدب وهن منبعه وعنهن يؤخذ «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ» لا تبارحنها أبدا إلا لحاجة ماسة لأنه أوقركن «وَلا تَبَرَّجْنَ» فتظهرن محاسن أعضائكن وتبرزن معالم زينتكن وتلبسن ما يمثل أعضاءكن وتتبخترن في مشيتكن «تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى» مثل نسائهم إذ كنّ يفعلن ذلك كله قبل الإسلام وقد لا يزيد ذلك على التبرج الموجود الآن في زماننا الذي حلّ بنا منذ الاحتلال الإفرنسي إذ بلغ مبلغ الخلاعة، أجارنا الله وحفظ الإسلام منه، لأنه أدى لإفساد الأخلاق والآداب، وفكك عرى الزوجية عند بعض الجاهلين ولا حول ولا قوة إلا بالله.

كان زمن النمروذ الجبار على زمن إبراهيم عليه السلام تلبس المرأة الدرع (شلحة) موشى باللؤلؤ تمشي به وسط الطريق وتعرض نفسها للرجال، وكان زمن داود عليه السلام تلبس المرأة قميصا موشى بالدر غير مخيط الجانبين، فإذا مشت يرى منها كل شيء، وما بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام كذلك حتى ظهر الإسلام، ومنع ذلك كله، وهذا في غير المتدينات في الأزمان كلها، أما المندينات فلا يرى منهن حتى أطراف أناملهن، وقيل في مثلهم ممّن هن على شاكلتهن:

ص: 474

يغطين أطراف البنان من التقى

ويخرجن جنح الليل متّزرات

ومع الأسف قد عادت جاهلية الآن مثل أو أعظم من تلك في المتهتكات إذ يمشين الآن بالشلحة التي لا تغطي كتفيها وركبتيها وقد تمشي بلا سراويل عارية الصدر والكتفين والأرجل حتى الركبتين أما في محل الرقص واللعب على ما يقولون فيكن مجردات عدا ما يستر السوءتين فقط، وهذا لقبحهما لا لشيء آخر ليجذبن قلوب السفهاء إليهما والمتشبهات بهن اللاتي يزعمن أنهن متحجبات يلبسن السراويل بمقدار الشبر ولباسا يمثل أعضاءهن لا يصل إلى ركبتهن وبعضهن بلا جورب ويصبغن أيديهن وأرجلهن وأوجههن، ومنهن من يغطين وجوههن بشيء رقيق يغطي ما فيهن مما يحببن ستره وكتمه كالكف والنعش ويزيد في حسنهن، فقد نكصنا على أعقابنا، وقد نهانا رسول الله أن نرجع القهقرى. روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا فرطكم على الحوض وليرفعن إلي رجال منكم، حتى إذا هويت إليهم لأنالهم اختلجوا دوني، فأقول أي رب أصحابي، فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. ورويا عن أنس مثله بزيادة فأقول سحقا لمن يعدل بعدي. ورويا عن أبي هريرة مثله بزيادة أنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى. وجاء عنه صلى الله عليه وسلم إذا تعطرت المرأة فمرت بالقوم ليشموا ريحها فهي زانية. فيا أيها الأولياء اتقوا الله وحافظوا على أعراضكم وامنعوا نساءكم مما نهى الله عنه لئلا تكونوا في عداد من يعرض عنهم حضرة الرسول حين يرد الناس حوضه، كما في الأحاديث الصحيحة. واعلموا أنكم مؤاخذون عند الله لأن سكوتكم عليهن رضى، وقد يعاقب الراضي كالفاعل، راجع الآية 38 من سورة المائدة الآتية، لأن من المنكر عدم النهي عن المنكر. قال تعالى «وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» فيما يريدانه منكن «إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ» والرجس يشمل أنواع الإثم كلها يا أهل بيت محمد، ويا آل محمد، ويا أمة محمد، ونصب أهل هنا على النداء أحسن وأليق منه على الاختصاص لزيادة الشرف بندائهم من قبل ذي الجلال والإكرام الدال على التعظيم والتبجيل. ثم أكد انمحاق الرجس عنهم ومحوه بالكلية بقوله «وَيُطَهِّرَكُمْ

ص: 475

تَطْهِيراً»

(33)

رجالا ونساء ولذلك ذكر الضمير، وتدل هذه الآية على أن نسائه من أهل بيته وهو كذلك، ويراد بأهل البيت عند الإطلاق آله صلى الله عليه وسلم وهم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس، وتشير الأوامر أوائل هذه الآية إلى شمول نساء المؤمنين كافة لأن الأمر بالصلاة والزكاة والطاعة لا يختص بنساء النبي فقط بل يعم غيرهن من المسلمات أجمع، أما آخرها فهو خاص بنساء النبي وكذلك قوله تعالى «وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ» والنبوية وكل ما تسمعنه من حضرة الرسول وترونه من أفعاله مما يقتدى بهما لأنه من الحكمة «إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً» (34) وبعد أن أنزل الله هذه الآيات في نساء الرسول قال نساء المؤمنين ما أنزل الله فينا شيئا لأن الآية 195 في آل عمران كانت في حق الهجرة يردن عدم دخولهن في هذه الآية، فأنزل الله جل إنزاله «إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ» الذين سلم الناس من لسانهم وأيديهم وسلمت أشخاصهم من العيوب الحسية والمعنوية «وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ» بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى، وإنما ذكر الإسلام والإيمان لأنهما الأصل لمادة المدح الدنيوي والأخروي «وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ» المتواضعين لله الخاضعين لأوامره والطائعين عن رغبته «وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ» بأقوالهم وأفعالهم ونياتهم، وإنما وصفهم الله تعالى بالطاعة والصدق لأنهما عنصر الإسلام والإيمان وملاك مراد الأزواج «وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ» على المصائب كافة، فلا

يجزعن ولا يشكون بل يفوضون أمرهم إلى الله. والصبر نصف الإيمان وقد ذكره الله في القرآن ما يزيد على تسعين مرة لعظمه وعظم المتحلين به عنده، «وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ» المستكينات الطائعات المتذللات الساكنات.

واعلم أن ملاك الخضوع يكون في الصوت والبصر والجوارح وإنما وصفهن بالصبر والخضوع لأنهما من متممات الإيمان والإسلام، ومن دواعي السرور للأزواج «وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ» بما يفضل عن الحاجة وبما يؤثر على النفس «والصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ» الفرض والنفل وهاتان الصفتان من أركان قوام الهيئة الاجتماعية وأركان الدين القويم «وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ» من كل

ص: 476

سوء «وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ» لأن ذكر الله ينور القلب ويحمي من الوقوع في المنكر ودوامه يوجب التيقظ والمحافظة على هذه الأوصاف العشرة التي ما بعدها وصف، فهي جامعة لمحاسن الأخلاق والآداب وكمال أركان الدين ونهايته مع الله والناس أجمعين، وعنايته في العطف على الفقراء والأقارب والمساكين، وهؤلاء الذين يتصفون بهذه الأوصاف المزدوجة المحافظون عليها «أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً» سترا لذنوبهم وعفوا عن عيوبهم المتقدمة والمتخللة بينها، فلا يطلع عليها أحدا في الدنيا «وَأَجْراً عَظِيماً» (35) في الآخرة راجع الآية 59 الآتية، ولما أراد صلى الله عليه وسلم زواج بنت عمته زينب بنت جحش الأسدية لمولاه زيد المار ذكره في الآية 4 إذ بين للناس أنه ليس بغلامه وكان أخوها عبد الله وأمهما أمية بنت عبد المطلب كرها زواجها له لأنه شهر بأنه عبد وكرهت هي ذلك أيضا وكانت حديدة المزاج، فأنزل الله تعالى «وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» بل يكون لله ورسوله فقط لأن مخالفتهما عصيان «وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً» (36) فرضوا كلهم تسليما لأمر الله ورسوله وزوجها منه على ستين درهما وعشرة دنانير وخمارا ودرع وملحفة وخمسين مدا من طعام وثلاثين صاعا من تمر، لأنه في الحقيقة ليس بعبد كما مرت الإشارة إليه في الآية المذكورة آنفا، وإلا لما زوّجها إليه صلى الله عليه وسلم وهي بنت عمته ومن سنته الكفاءة بين الزوجين، ثم ألقى الله كراهتها في نفس زيد بسبب تعاظمها عليه وتباهيها بشرفها ولما تعلم عنه أنه كان خادما وصارت لا تحترمه ولا توقره بلسانها، فذكر ذلك لحضرة الرسول مرارا وهو يأمره بالصبر عليها علتها تتبدل إلى أحسن وهي لا تزداد إلا عدم مبالاة به، فقال يا رسول الله لا بد لي من طلاقها، فقال له هل رابك منها شيء؟ قال لا والله وإنما ما ذكرت لك من أذيتي وإهانتي بتكابرها علي، فأمره بإمساكها أولا وثانيا وثالثا وهو يصبر معها على مضض لما هو عليه من عزة النفس والمروءة والشهامة ويخشى غضب الرسول إن طلقها، ولم يزل يراجع الرسول حتى خيره بطلاقها وإمساكها، فطلقها، وكان الله أعلم رسوله بأنها ستكون

ص: 477