المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مطلب في الحيض والنفاس وما يجوز معهما وما يمتنع وكفارة من يقرب الحائض وفي الإتيان في الدبر: - بيان المعاني - جـ ٥

[ملا حويش]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الخامس]

- ‌[خطبة الكتاب]

- ‌تفسير سورة البقرة عدد 1- 87 و 2

- ‌مطلب الإيمان يزيد وينقص وحال المنافقين وفضيحتهم وأفعالهم:

- ‌مطلب في المثل لماذا يضرب وما هو الرعد والبرق وضمير مثله:

- ‌مطلب في ثمار الجنة ونسائها وأهلها وضرب المثل والعهود التي أخذها الله على خلقه:

- ‌مطلب في المخترعات الحديثة والتحليل والتحريم وبحث في الخلق وقصة الجنّ ومغزى اعتراضهم:

- ‌مطلب تفضيل الرسل على الملائكة وامتناع إبليس عن السجود وكونه ليس من الملائكة:

- ‌مطلب إغواء إبليس لآدم وحواء وخروجهما من الجنة وإسكانهما الأرض:

- ‌مطلب في العقل ومعناه وأحاديث ومواعظ في الصبر والتقوى وغيرهما والصلاة وما خوطب به بنو إسرائيل:

- ‌مطلب خروج بني إسرائيل من مصر وأخذهم ضريح يوسف وإنجائهم وإغراق فرعون والميقات الأول:

- ‌مطلب في الشكر وتوبة بني إسرائيل والميقات الثاني:

- ‌مطلب في التيه والمنّ والسلوى ومخالفتهم أمر الله ثانيا:

- ‌مطلب رفع الطور على بني إسرائيل وكيفية مسخهم قودة وخنازير:

- ‌مطلب ما قاله الإمام المراغي وقصة البقرة وإحياء الميت:

- ‌مطلب مثالب بني إسرائيل وتحويفهم كلام الله ونقضهم عهوده:

- ‌مطلب حرص اليهود على الدنيا وعداوتهم لجبريل عليه السلام وابن حوريا وعمر بن الخطاب وقوة إيمانه:

- ‌مطلب في السحرة وهاروت وماروت والحكم الشرعي في السحر والساحر وتعلمه وتعليمه والعمل به:

- ‌مطلب في النسخ وأسبابه وأنه لا يكون إلا بمثله أو خير منه:

- ‌مطلب الاختلاف في سبب نزول الآية 108 وتفنيد الأقوال فيها ومجهولية الفاعل:

- ‌مطلب مناظرة اليهود والنصارى، ولغز في ذلك:

- ‌مطلب فيما ابتلى به إبراهيم ربه والكلمات التي علمها له وبناء الكعبة وغيرها:

- ‌مطلب وصية يعقوب وبقية قصة إسماعيل عليهما السلام:

- ‌مطلب بناء البيت وحدوده من جهاته وتحريمه واحترام ما فيه وبدء بنائه:

- ‌مطلب كيفية الإيمان والإسلام والمعمودية ومن سنها وتحويل القبلة وأن الشهادة قد تكون بلا مشاهدة ومنها شهادة خزيمة:

- ‌مطلب آيات الصفات والشكر على النعم والذكر مفرد أو جماعة وثواب الشهيد:

- ‌مطلب في الصبر وثوابه وما يقوله المصاب عند المصيبة:

- ‌مطلب في السعي وأدلة السمعية والحكم الشرعي فيه وكتم العلم:

- ‌مطلب الدلائل العشر المحتوية عليها الآية 164 من هذه السورة:

- ‌مطلب في الأكل وأحكامه وأكل الميتة والدم وغيرهما من المحرمات:

- ‌مطلب أنواع البرّ والقصاص وما يتعلق بهما:

- ‌مطلب في الوصايا ومن يوصى له ومن لا وما على الوصي والموصى له والموصي:

- ‌مطلب في الصوم وفرضيته والأعذار الموجبة للفطو والكفارة وإثبات الهلال وإنزال الكتب السماوية:

- ‌مطلب الدعاء وشروطه والجمع بين الآيات الثلاث فيه وشروط الإجابة:

- ‌مطلب أخذ أموال الناس باطلا والقضاء لا يحلل ولا يحرم ومعنى الأهلة وما كان في الجاهلية وأنه القتال الأولى:

- ‌مطلب المقابلة بالمثل وفضل العفو والإنفاق في سبيل الله والإحسان:

- ‌مطلب في المحافظة على الأدب في الحج ولزوم التقوى فيه وجواز البيع والشراء في الموسم ودوام ذكر الله تعالى:

- ‌مطلب مقتل زيد بن الدثنة وخبيب الأنصاري وإظهار حبهم لحضرة الرسول والصلاة عند القتل وقصة صهيب:

- ‌مطلب لا يصح نزول الآية في عبد الله بن سلام وبحث قيم في آيات الصفات وأن المزين في الحقيقة هو الله تعالى:

- ‌مطلب الأنبياء والرسل المتفق عليهم والمختلف فيهم ورسالتهم وعددهم وعدد الكتب المنزلة عليهم:

- ‌مطلب في الإنفاق والجهاد وفوائدهما وما يترتب على القعود عنهما من البلاء:

- ‌مطلب في الخمر والميسر ومخالطة اليتامى والنظر إليهم وبحث في النفقة أيضا وحفظ بيت المال

- ‌مطلب في الحيض والنفاس وما يجوز معهما وما يمتنع وكفارة من يقرب الحائض وفي الإتيان في الدبر:

- ‌مطلب في الأيمان وكفّارتها والإيلاء والطلاق والعدة وكلمات من الأضداد وما يتعلق بحقوق الزوجين:

- ‌كراهة الطلاق وجواز الخلع على مال وحرمة أخذه إن كان لا يريدها ووقوع الطلاق الثلاث:

- ‌مطلب في الرضاع وعدة الوفاة والطلاق وما يجب فيهما ونفقة الأولاد والمعتدات:

- ‌مطلب قصة ذي الكفل ونادرة السلطان سليم وقصة أشمويل عليه السلام:

- ‌مطلب في التابوت ومسيرهم للجهاد ومخالفتهم توصية نبيهم بالشرب من النهر وقتل جالوت وتولية داود عليه السلام:

- ‌مطلب التفاضل بين الأنبياء واختصاص كل منهم بشيء وتفضيل محمد على الجميع وإعطائه ما أعطاهم كلهم من المعجزات:

- ‌مطلب عظمة العرش والكرسي وأفضل آية في القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والإكراه في الدين:

- ‌مطلب محاججة النمروذ مع إبراهيم عليه السلام وقصة عزير عليه السلام وسؤال إبراهيم عن كيفية إحياء الموتى وجوابه عليها:

- ‌مطلب في الصدقة الخالصة والتوبة وما يتعلق بهما وبيان أجرها وعكسه:

- ‌مطلب أدل آية على فرض الزكاة ومعنى الحكمة والحكم الشرعي في الزكاة والنذر:

- ‌مطلب الهداية من الله، وفضل إخفاء وإعلان الصدقة، والربا وما يتعلق به والحكم الشرعي فيه:

- ‌مطلب فائدة انظار المعسر وتحذير الموسر عن المماطلة بالأداء وأجر العافي عن الدين والتوبة عن الربا وآخر آية نزلت فيه:

- ‌مطلب في الكتابة والشهادة على الدين وتحذير الكاتب والشاهد من الإضرار بأحد المتعاقدين وحجر القاصر ومن هو بحكمه:

- ‌مطلب المحاسبة غير المعاقبة ومعنى الخطأ والنسيان والهمّ والطاقة والإصر وغيرهما:

- ‌تفسير سورة الأنفال عدد 2 و 98 و 8

- ‌تفسير سورة آل عمران عدد 3 و 89 و 3

- ‌مطلب في وفد نجران ومناظرته مع حضرة الرسول، وبيان المحكم والمتشابه في القرآن العظيم:

- ‌مطلب آيات الله في واقعة بدر. ومأخذ القياس في الأحكام الشرعية. وأن الله خلق الملاذ إلى عباده ليشكروه عليها ويعبدوه:

- ‌مطلب في معنى الحساب وعلامة رضاء الله على خلقه وموالاة الكفرة وتهديد من يواليهم أو يحبتهم:

- ‌مطلب من معجزات القرآن تماثيل الأعمال كالسينما وفي طاعة الله ورسوله التي لا تقبل الأولى إلا مع الثانية وهناك من الأمثال ما يقاربها:

- ‌مطلب ولادة مريم من حنة وتزويج زكريا من إيشاع وقصتهما وما يتعلق فيهما:

- ‌مطلب في الاصطفاء، ومن كمل من النساء، وما احتوت عليه هذه الآيات وما يتعلق بها:

- ‌مطلب معجزات عيسى عليه السلام وقصة رفعه إلى السماء وعمل حوارييه من بعده:

- ‌مطلب في المباهلة ما هي وعلى أي شيء صالح رسول الله وقد نجوان وحكاية أسير الروم

- ‌مطلب في الحلف الكاذب والمانّ بما أعطى والمسبل إزاره وخلف الوعد ونقض العهد:

- ‌مطلب وقت قبول التوبة وعدم قبولها. ومعنى البر والإثم. والتصديق بالطيب. والوقف الذري. وتبدل الأحكام بتبدل الأزمان:

- ‌مطلب في البيت الحوام والبيت المقدس وفرض الحج وسقوطه وتاريخ فرضه والزكاة والصوم والصلاة أيضا:

- ‌مطلب فتن اليهود وإلقائها بين المسلمين وسبب اتصال الأنصار بحضرة الرسول وألفتهم:

- ‌مطلب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والاجتماع والفرقة وكون هذه الأمة خير الأهم ومعنى كان والتذكير والتأنيث:

- ‌مطلب حقد اليهود والمنافقين ورؤية حضرة الرسول وقصة أحد وما وقع فيها:

- ‌مطلب من أمي قديم، إلى حزن حادث وفي الربا ومفاسده. ووجود الجنة والنار والأوراق النقدية:

- ‌مطلب في التقوى وكظم الغيظ والعفو والإحسان، ومكارم الأخلاق والتنزه عن مذامتها:

- ‌مطلب الأيام دول بين الناس، وكون الجهاد لا يقرب الأجل، وكذب المنافقين، واللغات التي تجوز في كأين:

- ‌مطلب المقتول ميت بأجله، وأنواع العبادة ثلاثة، وبحث في الشورى ومن يشاور، وخطبة أبي طالب:

- ‌مطلب في حياة الشهداء، وخلق الجنة والنار، وقصة أهل بنو معونة، وما قاله معبد الخزاعي:

- ‌مطلب غزوة حمراء الأسد، وبدر الصغرى، وأحاديث في فضل الجهاد والرباط:

- ‌مطلب في الزكاة وعقاب تاركها، وتحذير العلماء من عدم قيامهم بعلمهم، وحقيقة النفس:

- ‌مطلب إخبار الله تعالى عما يقع على المؤمنين وقتل كعب بن الأشرف والاعتبار والتفكر والذكر وفضلهما وصلاة المريض:

- ‌مطلب فيما وقع للنجاشي مع أصحاب رسول الله ووفد قريش. ومأخذ قانون عدم تسليم المجرمين السياسيين. والصلاة على الغائب:

- ‌تفسير سورة الأحزاب عدد 4- 90 و 33

- ‌مطلب في غزوة الخندق وما سلط فيها على الأحزاب وهزيمتهم

- ‌مطلب لا يسمى ما وقع من حضرة الرسول وما في بعض آيات القرآن شعرا لفقد شروطه وقصة بني قريظة:

- ‌مطلب في تخيير المرأة ونساء الرسول صلى الله عليه وسلم وتبرج النساء وتسترهن

- ‌مطلب زواج حضرة الرسول بمطلقة زيد، وكونه خاتم الأنبياء، والطلاق قبل الدخول:

- ‌مطلب منع النبي من الزواج والطلاق ورؤية المخطوبة وجواز الرؤية للمرأة في تسع مواضع وما أحدث في زماننا:

- ‌مطلب كيفية الصلاة على النبي، وهل يجوز إطلاقها على غيره، والذين لعنهم الله ومن يؤذي أولياءه:

- ‌مطلب تفطية وجه المرأة، والنهي عن نقل القول، وما اتهم به موسى من قومه والأمانة:

- ‌تفسير سورة الممتحنة عدد 5- 91 و 60

- ‌مطلب الاخبار بالغيب في كتاب حاطب لأهل هكة ونصيحة الله للمؤمنين في ذلك:

- ‌مطلب من جحد عهد الحديبية وما يتعلق بالنسخ ونص المعاهدة وما وقع فيها من المعجزات:

- ‌تفسير سورة النساء عدد 6 و 92 و 4

- ‌مطلب في أخلاق الجاهلية وفوائد السلطان للبلاد والعباد. وأكل مال اليتيم:

- ‌مطلب في الوصايا وأموال الأيتام وحفظها وتنميتها ورخصة الأكل منها للمحتاج:

- ‌مطلب حد الزنى واللواطة. وأصول التشريع. والمراد بالنسخ. وإيمان اليأس والتوبة:

- ‌مطلب في المحرمات من النساء وفي نكاح الحرة والأمة ونكاح التبعة والتفاضل بين الناس:

- ‌مطلب أكل المال بالباطل وجواز البيع بالتراضي ومن يقتل نفسه وكبائر الذنوب وصغائرها وما يتعلق بهذا:

- ‌مطلب تفضيل الرجل على المرأة. وعدم مقاصصتهن لرجالهن. وأمر تأديبهن منوط برجالهن أيضا:

- ‌مطلب أجمع آية في القرآن لمصارف الصدقة. وحق القرابة والجوار وشبههما وذم البخل:

- ‌مطلب أن الخمر الثالثة ونزول آية التحويم والأصول المتممة في النطق، وعدم اعتبار ردة السكران وطلاقه:

- ‌مطلب طبايع اليهود أخزاهم الله واسلام عبد الله بن سلام وأصحابه وغفران ما دون الشرك وعلقة اليهود:

- ‌مطلب توصية الله الحكام بالعدل ومحافظة الأمانة والأحاديث الواردة فيها وتواصي الاصحاب في ذلك:

- ‌في مطلب معنى زعم قصة بشر واليهودي والزبير والأنصاري وامتثال أوامر الرسول:

- ‌مطلب ما فعله ابو نصير وفتح خيبر وتبوك وما وقع فيهما من المعجزات وظهور خير صلح الحديبية الذي لم يرض به الأصحاب

- ‌مطلب في قوله تعالى كل من عند الله، وكيفية حال المنافقين مع حضرة الرسول، وان كلام الله لا يضاهيه كلام خلقه محمد فمن سواه صلى الله عليه وسلم:

- ‌مطلب أمر حضرة الرسول بالقتال والآية المبشرة إلى واقعة أحد وبدر الصغرى والشفاعة والرجاء ومشروعية السلام ورده:

- ‌مطلب من يقتل ومن لا يقتل ومن يلزمة الكفارة للقتل ومن لا وما هو يلزم القاتل وأنواع القتل:

- ‌مطلب في قصر الصلاة وكيفيتها وهل مقيدة بالخوف أم لا ومدتها، وقصة سرقة طعيمة بن أبيرق وجواز الكذب أحيانا:

- ‌مطلب غفران مادون الشرك وتوبة الشيخ على يد رسول الله:

- ‌مطلب ارث النساء والقسم من الزوجات وجواز الفداء والعداء والظلم والعدل:

- ‌مطلب في التهكم والكتاب والنهي عن مجالسة الغواة وأفعال المنافقين وأقوال اليهود الباطلة:

- ‌مطلب عدم تيقن اليهود بان عيسى هو المصلوب، وآية الربا الرابعة، وعدد الأنبياء والرسل وفرق النصارى ونص الأقانيم الثلاث:

الفصل: ‌مطلب في الحيض والنفاس وما يجوز معهما وما يمتنع وكفارة من يقرب الحائض وفي الإتيان في الدبر:

فاحذروا أيها الناس قربان نسائكم معه «وَلا تَقْرَبُوهُنَّ» مبالغة في عدم المجامعة، وإلا فالقربان بلا جماع غير ممنوع كما ستعلم فلا تجامعوهن «حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ» بانقضاء مدة الحيض واغتسلن منه «فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ» أي في القبل محل الحرث «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ» عما نهوا عنه بعد أن فعلوه جهلا أو عمدا ثمّ تابوا فتركوه، ولم يعودوا إليه امتثالا لأمره «وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ 222» من الأقذار الظاهرة والباطنة والمعاصي الحسية والمعنوية.

‌مطلب في الحيض والنفاس وما يجوز معهما وما يمتنع وكفارة من يقرب الحائض وفي الإتيان في الدبر:

روى مسلم عن أنس أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوها في البيوت، فسألوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية فقال صلى الله عليه وسلم: اصنعوا كل شيء إلا النكاح. فبلغ ذلك اليهود فقالوا ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه، فجاء أسيد بن حفير وعباد بن بشير فقالا يا رسول الله إن اليهود تقول كذا وكذا أفلا نجامعهن، فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لكراهة ما سمع منهما بعد نزول هذه الآية، فقال الحاضرون هذه الحادثة غضب رسول الله حتى ظننا أنه قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا أنه لم يجد عليهما أي لم يغضب، وإنما غضب من سؤالهما الأخير لمغايرته ما جاء في الآية الشريفة وهو لا يغضب إلا لله، لذلك أبان لهما بفعله هذا أنه لم يجد عليهما إلا أنه أفهمهما بأن سؤالا كهذا تجد قول الله يوجب غضبه، لينتهي الآخرون عن مثله، وليعلموا أن نهيه عن عدم قربان الحائض ليس لمخالفة اليهود وإنما هو اتباع لوحي الله الواجب إتباعه وافق شرع اليهود أم خالفه، لأن شرعنا ناسخ لما تقدمه من الشرائع كلها.

الحكم الشرعي: أجمع المسلمون على تحريم الجماع زمن الحيض وعلى كفر من يستحله لمخالفته القرآن، فقد أخرج الترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، أو كاهنا (أي أو جاء كاهنا يستشيره) فقد كفر بما أنزل على محمد. أي إذا استحل

ص: 181

ذلك ولم ير بأسا به. وأخرج الترمذي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل يقع على امرأته وهي حائض قال يتصدق بنصف دينار. وفي رواية إن كان دما أحمر (أي في أول الحيض) فدينار، وإن كان أصفر (أي في أواخره) فنصف دينار، وهذه كفارته إذا لم يستحل، أما إذا استحله فلا كفارة فيه، وإنما فيه الكفر والعياذ بالله وعليه التوبة والرجوع الى الله وإلا فيقتل. وأجمعوا على جواز الاستمتاع بالحائض بما فوق السرة ودون الركبة، وجواز مضاجعتها، فقد أخرج في الصحيحين عن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد وكلانا جنب وكان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض، أي يستمتع بي. وأجمعوا على أن الحائض يحرم عليها الصوم والصلاة ودخول المسجد وقراءة القرآن ومس المصحف وحمله، ووجوب قضاء الصوم لعدم تكرره، وعدم قضاء الصلاة لتكررها. وقد أخرج في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرها بقضاء الصوم دون الصلاة، وأجمعوا على عدم ارتفاع شيء مما حرمه الحيض عنها حتى تغتسل أو تتيمم الا الصوم فإنه إذا انقطع دمها بالليل ونوت صيام النهار صح. وقال أبو حنيفة يجوز جماعها بعد مضي أكثر مدة الحيض إذا فاتها وقت صلاة ولم تعتسل، وظاهر الآية يؤيد الإجماع وقراءة التشديد في يطهّرن يؤكده، وانما جعلت كفارة من يجامع زوجته وهي حائض دينارا أو نصف دينار، لأنه والله أعلم يقابله دفع البلاء المتوقع حدوثه الوارد بالحديث الشريف المار ذكره، لأن الصدقة تدفع البلاء. قال تعالى «نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ» مزرع ومنبت الولد كما أن الأرض مزرع ومنبت الحب شبه جل جلاله قبل المرأة بالأرض، والنطفة بالبذر، والولد بالنبات، تشبيها بليغا «فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ» من قيام وقعود واستلقاء وعلى طرف مقبلة أو مدبرة وعلى أي صورة وحالة ومكان وزمان شئتم، ولكن في القبل، لأنه محل الزرع المعبّر عنه بالحرث كالأرض الطيبة المنبتة، فإن الله تعالى أحل لكم ذلك كله كيف شئتم عدا أيام الصوم والحج والحيض والنفاس والأمكنة المحترمة. وتشير هذه الآية الى تحريم إتيان النساء في أدبارهن، ولهذا المغزى عبر عنه تعالى بالحرث ويؤيد هذا ما رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون من أتى المرأة في دبرها

ص: 182

- أخرجه أبو داود- راجع الآية 26 فما بعدها من العنكبوت في ج 2 وما ترشدك إليه من المواضع. وقد أجمع العلماء على تحريم إتيان النساء في أدبارهن لأن الله تعالى حرم الفرج حال الحيض للأذى العارض وهو الدم، فمن باب أولى أن يحرم الدبر الملازم للنجاسة دائما المولدة للأمراض التناسلية، أعاذنا الله من ذلك، وقاتل فاعليه ولأن الله تعالى نص على ذكر الحرث وهو محل النبات فلا يجوز العدول عنه الى غيره، ولا يجوز بل يحرم على القطع تأويل محل الحرث بالدبر، لأنه سباخ لا ينبت، ولقوله تعالى (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ) الآية السابقة، والله قد أمر أن يكون بالفرج دائما إلا وقت الحيض والنفاس للأذى والقذارة، والدبر محل الأرجاس دائما والأذى متحقق فيه، فالإتيان بالدبر مخالف للقرآن والحديث ويكفر مستحله وهذا هو الحكم الشرعي فيه. وما قيل إن الإمام مالك استدل في هذه الآية على جواز إتيان النساء في أدبارهن مكذوب عليه، وحاشاه من ذلك وتنزهت ساحته رضي الله عنه عما هنالك، وكذلك ما حكاه زيد بن أسلم عن نافع ومحمد بن المنكدر لا حقيقة له لمخالفته إجماع الفقهاء الذين أجمعوا على أن الحرث لا يكون الا بحيث يكون النسل فيجب أن يكون الوطء حيث يكون النسل، راجع تفسير هذه الآية في الجزء الأول، ص 321 في تفسير مجمع البيان للطبري.. وسبب نزول هذه الآية ما رواه البخاري ومسلم عن جابر قال: كانت اليهود تقول إذا جامعها فمن ورائها جاء الولد أحول، وفي

رواية للترمذي: كانت اليهود تقول من أتى المرأة في قبلها من دبرها وذكر الحديث، وما قيل إنها نزلت في إتيان النساء في أدبارهن يرده ما رواه عبد الله بن الحسن أنه لقي سالم بن عبد الله بن عمر فقال له يا عم ما حديث يحدثه نافع عن عبد الله أنه لم يكن ير بأسا في إتيان النساء في أدبارهن فقال كذب العبد وأخطأ وإنما قال عبد الله يؤتون في فروجهن من أدبارهن، وعلى هذا يؤول ما رواه ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم حينما قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم هلكت، قال وما أهلكك؟ قال حولت رحلي الليلة فلم يرد عليه حتى أوحى الله لرسوله في هذه الآية والحديث هذا أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وحاشا عمر أن يصدر منه غير الإتيان في القبل، إذ لا يميل الى ذلك المحل الخبيث عاقل فكيف

ص: 183

بمعدن العقل والمروءة؟ هذا واعلم أن كل ما ورد من الأحاديث في هذا الشأن محمول على هذا ولا يقول بغيره إلا منافق خبيث، وما قاله بعض الإمامية فهو من هذا القبيل استنادا على تأويل الحديث بما ليس مطلوب في معناه فلا يلتفت إليه والأكثر منهم على خلافه، وكل من له مكة من علم أو لمعة من إدراك أو ذرة من إيمان يقول بحرمته ولا يتردد في تأويل هذه الآية وتفسير هذه الأحاديث إلا على ما ذكرنا فضلا من أن الطبع السليم والغيرة الإنسانية يمجّانه ويقبحانه ويلعنان فاعله «وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ» الأولاد الذين هم مظنة الانتفاع بهم في الدنيا والآخرة بإتيان النساء في فروجهن كما أمركم الله وإياكم أن تجعلوا نطفكم في غير محل الحرث فتهلكوا في الدنيا بالأمراض السارية الناشئة عن قذارة المحل، وفي الآخرة بالطرد من رحمة الله والتعرض لعذابه الأليم. ومما يؤكد قوله تعالى «وَاتَّقُوا اللَّهَ» أن تتجاوزوا ما أمرتم به الى ما نهيتم عنه، وهذه الجملة مما تؤيد ما جرينا عليه في تفسير هذه الآية، إذ لا معنى للتقديم هنا غيره، لأنه معدوم في الأدبار. قال تعالى مهددا لمن خالف ذلك «وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ» أيها العصاة بعد الموت فيجازيكم على مجاوزة أوامره «وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ 223» الذين يمتثلون أوامر الله بالكرامة والرضوان. قال تعالى «وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) وهذه الآية جاءت كالمعترضة بين أحكام النساء التي هي من تنمة معاملات النكاح، وذلك أنه كان بين عبد الله بن رواحة وختنه بشير بن النعمان شيء، فحلف لا يدخل عليه ولا يكلمه، وكلما قيل له فيه يقول حلفت فلا أتداخل في أمره الا أن تبرّ يمني فأنزل الله هذه الآية له ولغيره الى قيام الساعة، أي لا تجعلوا أيها المؤمنون الحلف سببا مانعا للبر والتقوى والإصلاح بين الناس وموجبا للقطيعة بينكم ولا تحلفوا على شيء من ذلك ومن حلف فعليه أن يكفر عن يمينه ويفعل ما هو الأحسن لقوله جلّ قوله «أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ» لأقوالكم كلها الموثقة بالإيمان وغيرها «عَلِيمٌ 224» بما هو الأصلح لكم، ولذلك ينهاكم عن الحلف وعن أن تجعلوه سببا حائلا لأعمال البر والخير. تشير هذه الآية الى النهي عن الإقدام على كثرة الحلف لما فيه من

ص: 184